نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(يُقرِئُك السلام) (88)

إرسال السلام عبر الواسطة وأحكامه

مسألة: يستحب إرسال السلام، كما أرسل الله تعالى السلام بواسطة جبرائيل (عليه السلام)

وقد صدر ذلك من الأئمة (عليهم السلام) أيضاً كثيراً، حسب الروايات، والإرسال يصح أن يكون إلى فرد أو إلى جماعة، بواسطة فرد أو جماعة، وفي الحديث: (أقرِئ موالينا السلام)[1] وفي حديث (فاطمة سلام الله عليها) إبلاغ السلام إلى ذريتها، إلى غير ذلك.

والظاهر أن رد مثل هذا السلام ليس بواجب، لانصراف أدلة الوجوب عن مثله.

نعم يستحب قطعاً، للملاك، ولأنه من الخُلُق الكريم.

وهل يجب إبلاغ الواسطة لمثل هذا السلام؟

لا إشكال في عدم الوجوب إن لم يتعهد بالإبلاغ، أما إن تعهد فيحتمل الوجوب لأنه من الأمانة، كما يحتمل العدم لأنه ليس إلاّ وعداً، والمشهور عدم وجوب الوفاء، والثاني أقرب إلى الصناعة وإن احتملنا في الفقه: وجوب الوفاء بالوعد في الجملة، والأول إلى الاحتياط.

ثم لو قال جماعة لزيد: أبلغ فلاناً سلامنا، يكفي الموجز بأن يقول: إن جماعة أبلغوك السلام، لسيرة المتشرعة من غير نكير، بالإضافة إلى إن المستفاد من الأدلة لا دلالة له من حيث التنصيص.

والسلام المرسَل عبر الكتاب، حاله حال السلام المرسل بواسطة الرسول، ومثلهما السلام في التسجيلات الصوتية ونحوها، نعم لا يجب ردّ السلام على وسائل الإعلام العامة بلا إشكال[2].

جواز حذف بعض الحديث المنقول

مسألة: من المحتمل أن يكون جبرائيل (عليه السلام) قد سلم على النبي (صلى الله عليه وآله) فقط ـ على ما ربما يستظهر من اقتصار الزهراء (عليها الصلاة والسلام) في النقل على ذكر (يقرِئُك السلام) ـ فيعلل ذلك بأنه من جهة أنه (صلى الله عليه وآله) أعظم الموجودين تحت الكساء، فاقتضى إجلاله وإعظامه، تخصيص الخطاب والسلام به.

ومن المحتمل أن يكون جبرائيل (عليه السلام) قد سلم عليهم (عليهم السلام) ـ بعد سلامه على الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ وإنما ذكرت الزهراء (عليها الصلاة والسلام) بعد كلام جبرائيل، احتراماً واجلإلاّ لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، حيث إن تشريك غيره معه في النقل، ليس بذلك التعظيم له فيما إذا ذكر وحده.

ومن الواضح أن حذف ما يعلم وما هو بمنزلته جائز، كما نجد ذلك في كثير من الروايات، حيث لا تتعرض صراحة لكثير من المطالب والحوادث الواقعة، وذلك لوجود القرائن الحالية أو المقالية الأخرى، فيمكن استكشافها كثيراً من أماكن أخرى.

كما أن الزهراء (عليها السلام) حين نقلها كلام الله تعالى، لم تقل (بأن الله أمر جبرائيل (عليه السلام) أن يُقرِئ نبيه السلام، ويخصه بالتحية والإكرام، ويقول له وعزتي وجلالي) وقد استنبط ذلك بالملازمة العرفية من كلامه.

وهذا جار عند البلغاء، حيث يكتفون بذكر بعض الكلام في الكثير من المواقع، كما هو شأن القرآن الحكيم في نقله للقصص فإنه يذكر بعضاً ويترك بعضاً آخر، ويعلل ذلك ـ فيما يعلل به ـ بـ: لكي يُحدث في النفس منطقة فراغ، لتذهب النفس في ذلك الفراغ كل مذهب، من قبيل ما ذكروه في قوله سبحانه: ((وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً))[3] حيث إن الفراغ محل لتجوّل الخواطر، وتقليب وجوه الرأي، والتعود على التدبر والإستنباط، بينما إذا كان ممثلاً لم يكن له إلاّ وجه واحد وهو ما ملأه.

وقد يكون ذلك السبب ـ أو جزء السبب ـ أحياناً في تقطيع بعض المحدثين الأحاديث وذكرهم بعضها دون بعض، وإن كان الغالب في التقطيع: كونه لأجل الاقتصار على محل الحاجة.

[1] بحار الأنوار: 1/200 ب4 ح7.

[2] راجع في هذا المبحث: (ألف مسألة متجددة)، (الفقه: المسائل المتجددة)، (الفقه: الواجبات والمحرمات)، (الفقه: الآداب والسنن).

[3] القصص 10.