الفهرس

المؤلفات

 التاريخ

الصفحة الرئيسية

 

الفصل الرابع والخامس

الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام) والدة الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)

النسب الشريف

هي السيدة فاطمة بنت محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)بن عبد الله بن عبد المطّلب.

اُمّها: السيدة خديجة سيدة نساء العرب، وأبوها سيد البشرية أجمعين من الأولين والآخرين محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

ولدت الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) في العشرين من جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين من مولد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وكان بعد مبعثه بخمس سنين.

أمّا فضائلها ومناقبها (سلام الله عليها)، فهي كثيرة لا يمكن استقصاؤها، وبيان شيء منها بحاجة إلى كتاب مستقل إلاّ أنّنا نقتصر على ما يلي:

عند ما خلق الله آدم (عليه السلام)

الروايات المتواترة تنصّ على أنّ أهل البيت (عليهم السلام)خلقوا قبل سائر الخلق وكانوا أنواراً محدقين حول العرش يسبّحون الله تعالى ويهللونه ويمجدونه، وهناك روايات اُخرى تصرّح بمكانة الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) الرفيعة ومرتبتها العالية وجاهها العظيم عند الله عزوجل، منها:

ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لمّا خلق الله آدم وحواء تبخترا في الجنّة، فقال آدم لحواء: ما خلق الله خلقاً هو أحسن منّا، فأوحى الله إلى جبرئيل: ائت بعبدي الفردوس الأعلى، فلمّا دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على درنوك من درانيك(1) الجنة وعلى رأسها تاج من نور وفي اُذنيها قرطان من نور قد أشرقت الجنان من نور وجهها، فقال آدم: حبيبي جبرئيل من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنان من حسن وجهها؟

فقال: هذه فاطمة بنت محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)نبي من ولدك يكون في آخر الزمان.

قال: فما هذا التاج الذي على رأسها؟

قال: بعلها علي بن أبي طالب (عليه السلام)(2).

قال: فما القرطان اللذان في اُذنيها؟

قال: ولداها الحسن والحسين (عليهما السلام).

قال آدم: حبيبي أخلقوا قبلي؟

قال: هم موجودون في غامض علم الله قبل أن تخلق بأربعة آلاف سنة»(3).

نور الكون

ويستفاد من الأخبار الشريفة أنّ الصدّيقة فاطمة (عليها السلام) كانت نوراً قبل أن يخلق الله سبحانه الكون، وقد نور الله بها السماوات والأرضين، ثم جعل ثواب تسبيح الملائكة وتقديسهم لها ولمحبّيها، وهذه الروايات ممّا تدلّ على عظمتها وعظمة محبّتها وفضيلة المحبّين لها (عليها السلام).

فقد ورد عن سلمان الفارسي أنّه قال: كنت جالساً عند النبي المكرّم(صلى الله عليه وآله وسلم)إذ دخل العباس بن عبد المطّلب فسلّم، فردّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)عليه ورحّب به، فقال: يا رسول الله! بم فضّل علينا أهل البيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) والمعادن واحدة؟

فقال لـه النبي المكرّم (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذاً اُخبرك ياعم، إنّ الله تبارك وتعالى خلقني وخلق علياً ولا سماء ولا أرض، ولا جنّة ولا نار، ولا لوح ولا قلم، ولمّا أراد الله تعالى بدو خلقنا فتكلّم بكلمة فكانت نوراً، ثم تكلّم بكلمة ثانية فكانت روحاً، فمزج فيما بينهما فاعتدلا فخلقني وعلياً منهما، ثم فتق من نوري نور العرش فأنا أجلّ من نور العرش، ثم فتق من نور علي(عليه السلام) نور السماوات فعلي أجلّ من نور السماوات، ثم فتق من نور الحسن (عليه السلام) نور الشمس، ومن نور الحسين (عليه السلام) نور القمر، فهما أجلّ من نور الشمس ومن نور القمر، وكانت الملائكة تسبّح الله وتقدّسه وتقول في تسبيحها: سبّوح قدّوس من أنوار ما أكرمها على الله تعالى، فلمّا أراد الله جلّ جلاله أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمة فكانت الملائكة لا ينظر أولها من آخرها ولا آخرها من أولها، فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا منذ خلقنا ما رأينا مثل ما نحن فيه فنسألك بحق هذه الأنوار إلاّ ما كشفت عنّا.

فقال الله تبارك وتعالى: وعزّتي وجلالي لأفعلنّ، فخلق نور فاطمة (عليها السلام) يومئذ كالقنديل وعلّقه في قرط العرش، فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع، ومن أجل ذلك سمّيت فاطمة الزهراء، وكانت الملائكة تسبّح الله وتقدّسه.

فقال الله عزّوجلّ: وعزّتي وجلالي لأجعلنّ ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبّي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها».

قال سلمان: فخرج العباس فلقيه أمير المؤمنين (عليه السلام) فضمّه إلى صدره فقبّل ما بين عينيه، فقال بأبي عترة المصطفى من أهل بيت ما أكرمكم على الله(4).

حوراء إنسية

عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أنه قال: «خلق نور فاطمة (عليها السلام) قبل أن يخلق الأرض والسماء».

فقال بعض الناس: يا نبي الله فليست هي إنسية؟.

فقال: «فاطمة حوراء إنسية».

قالوا: يا نبي الله، وكيف هي حوراء إنسية؟

قال: «خلقها الله عزّوجلّ من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الأرواح، فلمّا خلق الله عزّوجلّ آدم عرضت على آدم».

قيل: يا نبي الله وأين كانت فاطمة؟

قال: «كانت في حقّة تحت ساق العرش».

قالوا: يا نبي الله فما كان طعامها؟

قال: «التسبيح والتقديس والتهليل والتحميد»

تفاحة الجنة

قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في حديث عن فاطمة (عليها السلام): «فلمّا خلق الله عزوجل آدم وأخرجني من صلبه وأحبّ الله عزوجل أن يخرجها من صلبي جعلها تفاحة في الجنة وأتاني بها جبرئيل (عليه السلام)، فقال لي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا محمد.

قلت: وعليك السلام ورحمة الله حبيبي جبرئيل.

فقال: يا محمد! إنّ ربّك يقرؤك السلام.

قلت: منه السلام وإليه يعود السلام.

قال: يا محمد! إنّ هذه تفاحة أهداها الله عزوجل إليك من الجنّة، فأخذتها وضممتها إلى صدري.

قال: يا محمد يقول الله جلّ جلاله: كلها.

ففلقتها فرأيت نوراً ساطعاً وفزعت منه.

فقال: يا محمد ما لك لا تأكل؟ كلها ولا تخف، فإنّ ذلك النور للمنصورة في السماء وهي في الأرض فاطمة.

قلت: حبيبي جبرئيل، ولِمَ سمّيت في السماء المنصورة وفي الأرض فاطمة؟

قال: سمّيت في الأرض فاطمة لأنّها فطمت شيعتها من النار وفطم أعداؤها عن حبّها، وهي في السماء المنصورة وذلك قول الله عزوجل:{وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ( بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ} يعني نصر فاطمة لمحبّيها»(5)،(6).

وفي حديث آخر عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: «معاشر الناس تدرون لما خلقت فاطمة»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم.

قال: «خلقت فاطمة حوراء إنسية لا إنسية، قال: خلقت من عرق جبرئيل ومن زغبه»(7).

قالوا: يا رسول الله اشتكل ذلك علينا تقول حوراء إنسية لا إنسية ثم تقول من عرق جبرئيل ومن زغبه؟

قال: «إذاً أنبئكم، أهدى إليّ ربّي تفاحة من الجنّة أتاني بها جبرئيل (عليه السلام) فضمّها إلى صدره فعرق جبرئيل (عليه السلام) وعرقت التفاحة فصار عرقهما شيئاً واحداً ثم قال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته.

قلت: وعليك السلام يا جبرئيل.

فقال: إنّ الله أهدى إليك تفاحة من الجنة فأخذتها فقبّلتها ووضعتها على عيني وضممتها إلى صدري ثم قال: يا محمد كلها.

قلت: يا حبيبي يا جبرئيل هدية ربّي تؤكل.

قال: نعم قد أمرت بأكلها، فأفلقتها فرأيت منها نوراً ساطعاً ففزعت من ذلك النور.

قال: كل، فإنّ ذلك نور المنصورة فاطمة.

قلت: ياجبرئيل ومن المنصورة؟

قال: جارية تخرج من صلبك واسمها في السماء منصورة وفي الأرض فاطمة.

فقلت: ياجبرئيل ولِمَ سمّيت في السماء منصورة وفي الأرض فاطمة؟

قال: سمّيت فاطمة في الأرض لأنه فطمت شيعتها من النار وفطموا أعداؤها عن حبّها وذلك قول الله في كتابه (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله((8) بنصر فاطمة (عليها السلام)»(9).

إنها (عليها السلام) هدية السماء

من الخصائص المهمة للسيدة الزهراء (عليها السلام) هو اصطفاء الباري تعالى لنطفتها واستخلاصه لها وانتخابها من صفوة ثمار الجنة.

فقد تميّزت الصدّيقة فاطمة (سلام الله عليها) عمن سواها من النساء حتى في نطفتها، حيث إنّ الله تعالى أتحف رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم)بها من الجنة.

فعن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «لمّا عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل (عليه السلام) فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته، فتحوّل ذلك نطفة في صلبي، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة (عليها السلام) فحملت بفاطمة(عليها السلام)، ففاطمة حوراء إنسية فكلّما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة»(10).

وعن ابن عباس قال: دخلت عائشة على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو يقبّل فاطمة(عليها السلام)، فقالت له: أتحبّها يا رسول الله؟

قال: أما والله لو علمت حبي لها لأزددت لها حباً، إنه لما عرج بي إلى السماء الرابعة أذّن جبرئيل وأقام ميكائيل، ثم قيل لي: أذّن يا محمد.

فقلت: أتقدّم وأنت بحضرتي ياجبرئيل؟

قال: نعم إنّ الله عزّوجلّ فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين وفضّلك أنت خاصة.

فدنوت فصلّيت بأهل السماء الرابعة، ثم التفت عن يميني فإذا أنا بإبراهيم(عليه السلام) في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة، ثم إني صرت إلى السماء الخامسة ومنها إلى السادسة فنوديت: يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك علي..

فلمّا صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل (عليه السلام) بيدي فأدخلني الجنة، فإذا أنا بشجرة من نور أصلها ملكان يطويان الحلل والحلي فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟

فقال: هذه لأخيك علي بن أبي طالب(عليه السلام)، وهذان الملكان يطويان لـه الحلي والحلل إلى يوم القيامة.

ثم تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها فتحوّلت الرطبة نطفة في صلبي، فلمّا أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة (عليها السلام)(11).

وعن جابر بن عبد الله قال: قيل يا رسول الله إنك تلثم(12) فاطمة وتلتزمها وتدنيها منك وتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك؟

فقال: «إنّ جبرئيل (عليه السلام) أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها فتحوّلت ماء في صلبي ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة فأنا أشم منها رائحة الجنة»(13).

الذرية الطاهرة

إن الله تعالى قد منح الصديقة الطاهرة (عليها السلام) تلك الذرية المباركة، حيث جعل منها الأئمة المعصومين الأطهار (عليهم السلام)وهذا مما يدل على شرافتها.

عن سلمان الفارسي أنّه قال: دخلت على فاطمة (عليها السلام) والحسن والحسين(عليهما السلام) يلعبان بين يديها، ففرحت بهما فرحاً شديداً، فلم ألبث حتى دخل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فقلت: يا رسول الله أخبرني بفضيلة هؤلاء لأزداد لهم حباً.

فقال: يا سلمان ليلة اُسري بي إلى السماء أدارني جبرئيل في سماواته وجنّاته، فبينا أنا أدور قصورها وبساتينها ومقاصيرها(14) إذ شممت رائحة طيبة فأعجبتني تلك الرائحة، فقلت: يا حبيبي ما هذه الرائحة التي غلبت على روائح الجنة كلّها؟

فقال: يا محمد تفاحة خلقها الله تبارك وتعالى بيده(15) منذ ثلاثمائة ألف عام ما ندري ما يريد بها.

فبينا أنا كذلك إذ رأيت ملائكة ومعهم تلك التفاحة، فقالوا: يا محمد ربنا السلام يقرأ عليك السلام وقد أتحفك بهذه التفاحة.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فأخذت تلك التفاحة فوضعتها تحت جناح جبرئيل، فلمّا هبط بي إلى الأرض أكلت تلك التفاحة فجمع الله ماءها في ظهري، فغشيت خديجة بنت خويلد فحملت بفاطمة من ماء تلك التفاحة، فأوحى الله عزّوجلّ إلي أن قد ولد لك حوراء إنسية فزوّج النور من النور، فاطمة من علي، فإني قد زوجتها في السماء وجعلت خمس الأرض مهرها وستخرج فيما بينهما ذرية طيبة وهما سراجا الجنة الحسن والحسين ويخرج من صلب الحسين أئمة يُقتلون ويُخذلون فالويل لقاتلهم وخاذلهم(16).

وفي خبر طويل نذكر محل الحاجة منه، قال هارون العباسي للإمام الكاظم(عليه السلام): اُريد أن أسألك عن العباس وعلي، بم صار علي (عليه السلام) أولى بميراث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)من العباس والعباس عم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وصنو أبيه؟

فقال لـه موسى (عليه السلام) : اعفني.

قال: والله لا أعفيتك فأجبني.

قال: فإن لم تعفني فآمني.

قال: آمنتك.

قال موسى (عليه السلام): إنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر، إنّ أباك العباس آمن ولم يهاجر وإنّ علياً (عليه السلام) آمن وهاجر وقال الله: (الذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا((17).

فالتمع(18) لون هارون وتغيّر وقال: ما لكم لا تنسبون إلى علي وهو أبوكم وتنسبون إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو جدّكم؟

فقال موسى (عليه السلام): «إنّ الله نسب المسيح عيسى ابن مريم (عليه السلام) إلى خليله إبراهيم (عليه السلام) باُمّه مريم البكر البتول التي لم يمسّها بشر في قوله (ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين((19) فنسبه باُمّه وحدها إلى خليله إبراهيم (عليه السلام) كما نسب داود وسليمان وأيوب وموسى وهارون (عليهم السلام)بآبائهم واُمهاتهم فضيلة لعيسى (عليه السلام) ومنزلة رفيعة باُمّه وحدها، وذلك قوله في قصة مريم (عليها السلام) (إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين((20) بالمسيح من غير بشر، وكذلك اصطفى ربنا فاطمة (عليها السلام) وطهّرها وفضّلها على نساء العالمين بالحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة»(21).

كيفية ولادتها (عليها السلام)

بعد أن صدع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بما أمره الله تعالى به أخذ مشركو قريش في أذيته وعكفوا على تفريق الناس من حوله، حتى آل الأمر بهم إلى فرض حصار شديد عليه وعلى جماعته وذلك في شعب أبي طالب.

ولم يكن الأمر مقتصراً على الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)فحسب، بل شمل كل من انتمى إليه وإلى دينه وعلى رأسهم السيدة خديجة صاحبة الجاه الرفيع والمقام العالي.

فقد هجرتها نساء قريش لنصرتها لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وتضحيتها الجليلة من أجل إعلاء راية الحق خفّاقة.

وتشاء إرادة السماء أن تبقى هذه السيدة الجليلة وحيدة فريدة بلا مؤنس سوى جنينها «الزهراء (عليها السلام)» التي كانت تؤنس وحشتها بحديثها إيّاها.

بل في أشدّ الأوقات حين أخذ المخاض من بنت خويلد مأخذاً عظيماً بعثت إلى بعض نساء قريش كي يلينها ما تلي النساء من النساء فأبين أن يأتين إليها..

عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام) كيف كان ولادة فاطمة (عليها السلام) ؟

قال: «نعم إنّ خديجة (عليها السلام) لمّا تزوّج بها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)هجرتها نسوة مكة فكن لا يدخلن عليها ولا يسلّمن عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة لذلك وكان جزعها وغمّها حذراً عليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمّا حملت بفاطمة كانت فاطمة (عليها السلام) تحدّثها من بطنها وتصبّرها، وكانت تكتم ذلك من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فدخل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يوماً فسمع خديجة (عليها السلام) تحدّث فاطمة(عليها السلام)، فقال لها: يا خديجة من تحدّثين؟

قالت: الجنين الذي في بطني يحدّثني ويؤنسني.

قال: ياخديجة هذا جبرئيل يخبرني أنها اُنثى، وأنها النسلة الطاهرة الميمونة، وأنّ الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمّة ويجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه.

فلم تزل خديجة (عليها السلام) على ذلك إلى أن حضرت ولادتها، فوجّهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين مني ما تلي النساء، فأرسلن إليها أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوّجت محمداً يتيم أبي طالب فقير لا مال لـه فلسنا نجيء ولا نلي من أمرك شيئاً.

فاغتمّت خديجة (عليها السلام) لذلك، فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن لما رأتهن.

فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة، أرسلنا ربك إليك ونحن أخواتك، أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنّة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه كلثوم اُخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء.

فجلست واحدة عن يمينها واُخرى عن يسارها والثالثة بين يديها والرابعة من خلفها فوضعت فاطمة (عليها السلام) طاهرة مطهّرة.

فلمّا سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الأرض ولا غربها موضع إلاّ أشرق فيه ذلك النور، ودخل عشر من الحور العين كل واحدة منهن معها طست من الجنة وإبريق من الجنة، وفي الإبريق ماء من الكوثر، فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضاً من اللبن وأطيب ريحاً من المسك والعنبر، فلفّتها بواحدة وقنعتها بالثانية، ثم استنطقتها فنطقت فاطمة (عليها السلام) بالشهادتين وقالت: أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ أبي رسول الله سيد الأنبياء وأنّ بعلي سيد الأوصياء وولدي سادة الأسباط، ثم سلّمت عليهن وسمّت كل واحدة منهن باسمها، وأقبلن يضحكن إليها، وتباشرت الحور العين، وبشّر أهل السماء بعضهم بعضاً بولادة فاطمة (عليها السلام)، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهّرة، زكية ميمونة، بورك فيها وفي نسلها، فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدر عليها، فكانت فاطمة (عليها السلام) تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر، وتنمي في الشهر كما ينمي الصبي في السنة»(22).

لماذا سمّيت بفاطمة؟

لا يخفى أنّ الأسماء لها دلالاتها وآثارها الخاصة على النفوس والنفسيات، ولذا أمر الشارع المقدس بانتخاب الأسماء الحسنة، وجعله من مسؤولية الوالد بالذات(23).

وبالرغم من أنّ انتخاب أسماء الأبناء ـ للناس العاديين ـ يكون من مسؤولية الوالدين إلاّ أنّ الأئمة المعصومين (عليهم السلام)يختلفون عن غيرهم في ذلك، إذ أنّ السماء تختار أسماءهم، وقد تم انتخاب هذه الأسماء الطاهرة قبل خلق الخليقة وهذا ما تؤكّده الروايات الشريفة.

فعن ابن يونس بن ظبيان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لفاطمة (عليها السلام) تسعة أسماء عند الله عزّوجلّ: فاطمة، والصدّيقة، والمباركة، والطاهرة، والزكية، والراضية، والمرضية، والمحدّثة، والزهراء، ثم قال: أتدري أي شيء تفسير فاطمة (عليها السلام)؟

قلت: أخبرني يا سيدي؟

قال: فطمت من الشر.

قال: ثم قال: لولا أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) تزوّجها ما كان لها كفؤ إلى يوم القيامة على وجه الأرض، آدم فمن دونه»(24).

وذكر ابن شيرويه في الفردوس عن جابر الأنصاري قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنما سمّيت ابنتي فاطمة لأنّ الله فطمها وفطم محبيها عن النار»(25).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا فاطمة أتدرين لِمَ سمّيت فاطمة؟

فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله لِمَ سمّيت؟

قال: لأنها فطمت هي وشيعتها من النار»(26).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «لمّا ولدت فاطمة (عليها السلام) أوحى الله إلى ملك فأنطق به لسان محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)فسمّاها فاطمة، ثم قال: إني فطمتك بالعلم وفطمتك من الطمث، ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): والله لقد فطمها الله بالعلم وعن الطمث في الميثاق»(27).

كما روي عن عبد الله بن الحسن بن الحسن أنّه قال: قال لي أبو الحسن لِمَ سمّيت فاطمة فاطمة؟

قلت: فرقاً بينه وبين الأسماء.

قال: إنّ ذلك لمن الأسماء ولكن الاسم الذي سمّيت به، إنّ الله تبارك وتعالى علم ما كان قبل كونه فعلم أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يتزوّج في الأحياء وأنهم يطمعون في وراثة هذا الأمر من قبله فلمّا ولدت فاطمة سمّاها الله تبارك وتعالى فاطمة لما أخرج منها وجعل في ولدها ففطمهم عمّا طمعوا فبهذا سمّيت فاطمة لأنها فطمت طمعهم ومعنى فطمت قطعت»(28).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول: «إني سمّيت فاطمة لأنها فطمت وذريتها من النار، من لقي الله منهم بالتوحيد والإيمان بما جئت به»(29).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال:{إنا أنزلناه في ليلة القدر}(30) (رحمه الله)الليلة فاطمة والقدر الله فمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها((31).

لماذا سمّيت بالزهراء؟

من سيرة العقلاء المتداولة أنهم يضعون الألفاظ بإزاء المعاني عند وجود علقة بينهما، فترى أن هناك علقة خاصة بين الألفاظ ومعانيها عادة، بحيث تصل هذه العلقة إلى مرحلة يذوب اللفظ في المعنى ويندك فيه حتّى أنّ الناس ينظرون إلى المعنى ويهملون اللفظ.

وفي أسماء الأشخاص كذلك، فلوجود مثل هذه العلقة المتينة نجد أنّ كثيراً من الأسماء توضع.

ومن هنا سميت الصديقة فاطمة، بالزهراء (عليها الصلاة والسلام).

وقد سئل الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)عن هذه العلقة فأجابوا وأشاروا به إلى عظمة السيدة فاطمة (عليها السلام).

فعن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن فاطمة لِمَ سمّيت الزهراء؟

فقال: «لأنها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض»(32).

وعن أبان بن تغلب قال: قلت: لأبي عبد الله (عليه السلام) يا بن رسول الله لِمَ سمّيت الزهراء (عليها السلام) زهراء؟

فقال: «لأنها تزهر لأمير المؤمنين (عليه السلام) في النهار ثلاث مرات بالنور، كان يزهر نور وجهها صلاة الغداة والناس في فرشهم فيدخل بياض ذلك النور إلى حجراتهم بالمدينة فتبيض حيطانهم فيعجبون من ذلك فيأتون النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فيسألونه عمّا رأوا فيرسلهم إلى منزل فاطمة (عليها السلام)، فيأتون منزلها فيرونها قاعدة في محرابها تصلّي والنور يسطع من محرابها من وجهها فيعلمون أنّ الذي رأوه كان من نور فاطمة، فإذا نصف النهار وترتبت للصلاة زهر وجهها (عليها السلام) بالصفرة فتدخل الصفرة حجرات الناس فتصفر ثيابهم وألوانهم فيأتون النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فيسألونه عمّا رأوا فيرسلهم إلى منزل فاطمة (عليها السلام) فيرونها قائمة في محرابها وقد زهر نور وجهها صلوات الله عليها، فإذا كان آخر النهار وغربت الشمس احمرّ وجه فاطمة (عليها السلام) فأشرق وجهها بالحمرة فرحاً وشكر لله عزّوجلّ فكان يدخل حمرة وجهها حجرات القوم وتحمرّ حيطانهم فيعجبون من ذلك ويأتون النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ويسألونه عن ذلك، فيرسلهم إلى منزل فاطمة فيرونها جالسة تسبّح الله وتمجّده ونور وجهها يزهر بالحمرة فيعلمون أنّ الذي رأوا كان من نور وجه فاطمة (عليها السلام)، فلم يزل ذلك النور في وجهها حتى ولد الحسين (عليه السلام) فهو يتقلّب في وجوهنا إلى يوم القيامة في الأئمّة منّا أهل البيت إمام بعد إمام»(33).

وعن ابن مسعود أنّه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله خلقني وخلق علياً والحسن والحسين (عليهم السلام)من نور قدسه، فلمّا أراد أن ينشئ الصنعة فتق نوري وخلق منه السماوات والأرض وأنا والله أجلّ من السماوات والأرض، وفتق نور علي وخلق منه العرش والكرسي وعلي والله أجلّ من العرش والكرسي، وفتق نور الحسن وخلق منه الحور العين والملائكة والحسن والله أجلّ من الحور العين والملائكة، وفتق نور الحسين وخلق منه اللوح والقلم والحسين والله أجلّ من اللوح والقلم، فعند ذلك أظلمت المشارق والمغارب فضجّت الملائكة ونادت إلهنا: وسيدنا بحق الأشباح التي خلقتها إلاّ ما فرّجت عنّا هذه الظلمة، فعند ذلك تكلّم الله لكلمة اُخرى فخلق منها روحاً فاحتمل النور الروح فخلق منه الزهراء فاطمة فأقامها أمام العرش فأزهرت المشارق والمغارب فلأجل ذلك سمّيت الزهراء»(34).

وعن جابر، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت: لِمَ سمّيت فاطمة الزهراء زهراء؟

فقال: لأنّ الله عزّوجلّ خلقها من نور عظمته، فلمّا أشرقت أضاءت السماوات والأرض بنورها وغشيت أبصار الملائكة وخرّت الملائكة لله ساجدين وقالوا: إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟

فأوحى الله إليهم: هذا نور من نوري، أسكنته في سمائي، خلقته من عظمتي، أخرجه من صلب نبي من أنبيائي اُفضّله على جميع الأنبياء، واُخرج من ذلك النور أئمّة يقومون بأمري، يهدون إلى حقّي، وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي»(35).

وعن أبي هاشم العسكري قال: سألت صاحب العسكر (عليه السلام) لِمَ سمّيت فاطمة (عليها السلام) الزهراء؟

فقال: «كان وجهها يزهر لأمير المؤمنين (عليه السلام) من أول النهار كالشمس الضاحية، وعند الزوال كالقمر المنير، وعند الغروب غروب الشمس كالكوكب الدرّي»(36).

إلى غيرها من الروايات.

من فضائلها وكراماتها (عليها السلام)

مائدة من السماء

بين الفترة والاُخرى كانت تصدر من الزهراء (عليها السلام) كرامات ومعاجز تدلّ على عظمتها ومدى قداستها وعلوّ شأنها عند الله تعالى.

ومنها: ما روي عن أبي سعيد الخدري أنه قال: أصبح علي(عليه السلام) ذات يوم فقال: «يا فاطمة عندك شيء تغذينيه؟».

قالت: «لا والذي أكرم أبي بالنبوّة وأكرمك بالوصية، ما أصبح اليوم عندي شيء اُغذيكاه، وما كان عندي شيء منذ يومين إلاّ شيء كنت اُوثرك به على نفسي وعلى ابني هذين حسن وحسين».

فقال علي (عليه السلام): «يا فاطمة ألا كنت أعلمتني فأبغيكم شيئاً؟».

فقالت: «يا أبا الحسن، إني لأستحيي من إلهي أن تكلّف نفسك ما لا تقدر عليه».

فخرج علي(عليه السلام) من عند فاطمة (عليها السلام) واثقاً بالله، حسن الظنّ به عزّوجلّ فاستقرض ديناراً فأخذه ليشتري لعياله ما يصلحهم، فعرض لـه المقداد بن الأسود في يوم شديد الحر قد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته.

فلمّا رآه علي (عليه السلام) أنكر شأنه، فقال: «يا مقداد ما أزعجك هذه الساعة من رحلك»؟

فقال: يا أبا الحسن (عليه السلام) خلّ سبيلي ولا تسألني عمّا ورائي.

قال: «يا أخي لا يسعني أن تجاوزني حتى أعلم علمك».

فقال: يا أبا الحسن رغبت إلى الله وإليك أن تخلّي سبيلي ولا تكشفني عن حالي.

فقال: «يا أخي إنه لا يسعك أن تكتمني حالك».

فقال: يا أبا الحسن أما إذا أبيت فوالذي أكرم محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم)بالنبوة وأكرمك بالوصية ما أزعجني من رحلي إلاّ الجهد وقد تركت عيالي جياعاً، فلمّا سمعت بكاءهم لم تحملني الأرض فخرجت مهموماً راكباً رأسي هذه حالي وقصتي.

فانهملت عينا علي(عليه السلام) بالبكاء حتى بلّت دمعته لحيته، فقال له: «أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني إلاّ الذي أزعجك، وقد اقترضت ديناراً فهاكه، فقد آثرتك على نفسي». فدفع الدينار إليه ورجع حتى دخل المسجد فصلّى الظهر والعصر والمغرب، فلمّا قضى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)المغرب مرّ بعلي(عليه السلام) وهو في الصف الأول فغمزه برجله، فقام علي(عليه السلام) فلحقه في باب المسجد فسلّم عليه فردّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: «يا أبا الحسن! هل عندك عشاء تعشّيناه فنميل معك». فمكث مطرقاً لا يحير جواباً حياءً من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وقد عرف(صلى الله عليه وآله وسلم)ما كان من أمر الدينار ومن أين أخذه وأين وجّهه بوحي من الله إلى نبيه وأمره أن يتعشّى عند علي عليه السلام تلك الليلة، فلمّا نظر إلى سكوته قال: «يا أبا الحسن ما لك لا تقول لا فأنصرف أو تقول نعم فأمضي معك»؟

فقال حياءً وتكرّماً: «فاذهب بنا».

فأخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بيد علي(عليه السلام) فانطلقا حتى دخلا على فاطمة (عليها السلام) وهي في مصلاّها قد قضت صلاتها وخلفها جفنة(37) تفور دخاناً، فلمّا سمعت كلام رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)خرجت من مصلاّها فسلّمت عليه، وكانت أعزّ الناس عليه، فردّ السلام ومسح بيده على رأسها وقال لها: «يا بنتاه كيف أمسيت رحمك الله»؟

قالت: «بخير».

قال: «عشّينا رحمك الله وقد فعل، فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وعلي (عليه السلام)، فلمّا نظر علي (عليه السلام) إلى الطعام وشمّ ريحه رمى فاطمة (عليها السلام) ببصره رمياً شحيحاً...

قال: فنظرت إلى السماء، فقالت: «إلهي يعلم ما في سمائه وأرضه أنّي لم أقل إلاّ حقاً».

فقال لها: «يا فاطمة أنّى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه ولم أشم مثل رائحته قط ولم آكل أطيب منه»؟

قال: فوضع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)كفّه الطيبة المباركة بين كتفي علي (عليه السلام) فغمزها ثم قال: «يا علي هذا بدل عن دينارك، هذا جزاء دينارك من عند الله، إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب».

ثم استعبر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)باكياً ثم قال: «الحمد لله الذي أبى لكم أن تخرجا من الدنيا حتى يجريك يا علي مجرى زكريا، ويجري فاطمة مجرى مريم بنت عمران»(38).

إسلام اليهود

على الرغم أنّ أهل البيت (عليهم السلام)كانوا يملكون الكثير من الخيرات إلاّ أنهم كانوا لا يبقون شيئاً منها لأنفسهم وإنما ينفقونها للآخرين كما ورد في الآية الشريفة (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة((39).

بل إنهم (عليهم السلام)في بعض الأحيان كانوا يضطرون إلى الاقتراض وما أشبه ليسدّوا به حاجتهم ويحافظوا على أنفسهم من التلف والعطب. ومثل هذه الأخلاقيات الرفيعة عند أهل البيت (عليهم السلام)عادة كانت تؤثر في نفوس الآخرين وتجعلهم يسيرون على نهج الحق الذي ضحّى أهل البيت (عليهم السلام)من أجله.

فقد روي أنّ علياً (عليه السلام) استقرض شعيراً من يهودي فاسترهنه شيئاً فدفع إليه ملاءة فاطمة (عليها السلام) رهناً وكانت من الصوف، فأدخلها اليهودي إلى داره ووضعها في بيت. فلمّا كانت الليلة دخلت زوجته البيت الذي فيه الملاءة لشغل فرأت نوراً ساطعاً أضاء به البيت، فانصرفت إلى زوجها وأخبرته بأنها رأت في ذلك البيت ضوءً عظيماً، فتعجّب زوجها اليهودي من ذلك وقد نسي أنّ في بيتهم ملاءة فاطمة(عليها السلام)، فنهض مسرعاً ودخل البيت، فإذا ضياء الملاءة ينتشر شعاعها كأنه يشتعل من بدر منير يلمع من قريب، فتعجب من ذلك فأنعم النظر في موضع الملاءة فعلم أنّ ذلك النور من ملاءة فاطمة (عليها السلام) فخرج اليهودي يعدو إلى أقربائه وزوجته تعدو إلى أقربائها واستحضرهم دارهما، فاستجمع نيف وثمانون نفراً من اليهود، فرأوا ذلك وأسلموا كلّهم(40).

فضائل تجلّت لإبراهيم الخليل (عليه السلام)

إنّ الله تعالى كان يعرض على أنبيائه وخاصته من رسله أنوار أهل البيت(عليهم السلام)ويبيّن لهم مدى عظمتهم وارتفاع منزلتهم لديه، ومن ذلك هو ما حصل لنبي الله إبراهيم(عليه السلام) عند خلقته، ففي الحديث:

عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أنه قال: «لمّا خلق الله إبراهيم الخليل (عليه السلام) كشف الله عن بصره فنظر إلى جانب العرش فرأى نوراً، فقال: إلهي وسيدي ما هذا النور؟

قال: يا إبراهيم هذا محمد صفيي.

فقال: إلهي وسيدي أرى إلى جانبه نوراً آخر؟.

فقال: يا إبراهيم هذا علي ناصر ديني.

فقال: إلهي وسيدي أرى إلى جانبهما نوراً ثالثاً؟

قال: يا إبراهيم هذه فاطمة تلي أباها وبعلها، فطمت محبيها من النار.

قال: إلهي وسيدي أرى نورين يليان الثلاثة الأنوار؟

قال: يا إبراهيم هذان الحسن والحسين يليان أباهما وجدّهما واُمّهما.

فقال: إلهي وسيدي أرى تسعة أنوار أحدقوا بالخمسة الأنوار؟

قال: يا إبراهيم هؤلاء الأئمة من ولدهم.

فقال: إلهي وسيدي فبمن يعرفون؟

قال: يا إبراهيم أولهم: علي بن الحسين، ومحمد ولد علي، وجعفر ولد محمد، وموسى ولد جعفر، وعلي ولد موسى، ومحمد ولد علي، وعلي ولد محمد، والحسن ولد علي، ومحمد ولد الحسن القائم المهدي (عليهم السلام).

قال: إلهي وسيدي أرى عدة أنوار حولهم لا يحصي عدتهم إلاّ أنت؟

قال: يا إبراهيم هؤلاء شيعتهم ومحبوهم.

قال: إلهي وبما يعرفون شيعتهم ومحبيهم؟

قال: بصلاة الإحدى والخمسين، والجهر ب‍ «بسم الله الرحمن الرحيم»، والقنوت قبل الركوع، وسجدة الشكر، والتختم باليمين.

قال إبراهيم: اللهم اجعلني من شيعتهم ومحبيهم.

قال: قد جعلتك، فأنزل الله فيه: (وإنّ من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم((41)،(42).

التوسّل بالزهراء (عليها السلام)

بلغ قداسة الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) وارتفاع مقامها عند الله تعالى بحيث إنّ كل من يتوسل بها إلى الله تعالى بنية صافية، ويقدّمها بين يدي حوائجه، فإنه لايرد خائباً خالي اليدين، والشواهد الدالة على ذلك كثيرة، ولو أردنا استقصاءها لاحتاج إلى مصنّف ضخم.

ونقرأ في دعاء التوسل: «يا فاطمة الزهراء، يا بنت محمد، يا قرة عين الرسول، يا سيدتنا ومولاتنا، إنا توجهنا واستشفعنا وتوسلنا بك إلى الله، وقدمناك بين يدي حاجاتنا، يا وجيهة عند الله اشفعي لنا عند الله»(43).

وصلاة الاستغاثة بالصديقة الطاهرة (عليها السلام) معروفة.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): «إذا كانت لك حاجة إلى الله وضقت بها ذرعاً فصل ركعتين، فإذا سلمت كبّر الله ثلاثاً، وسبح تسبيح فاطمة (عليها السلام) ، ثم اسجد وقل مائة مرة: (يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني) ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وقل مثل ذلك، ثم عد إلى السجود وقل ذلك مائة مرة وعشر مرات، واذكر حاجتك فإن الله يقضيها»(44).

ونذكر هنا قصة أم أيمن كشاهد على ذلك:

أنا خادمة فاطمة (عليها السلام)

روي أنّ اُمّ أيمن لمّا توفّيت فاطمة (عليها السلام) حلفت أن لا تكون بالمدينة إذ لاتطيق النظر إلى مواضع كانت (عليها السلام) فيها، فخرجت إلى مكة، فلمّا كانت في بعض الطريق عطشت عطشاً شديداً، فرفعت يديها وقالت: يا رب أنا خادمة فاطمة تقتلني عطشاً؟!

فأنزل الله عليها دلواً من السماء فشربت، فلم تحتج إلى الطعام والشراب سبع سنين وكان الناس يبعثونها في اليوم الشديد الحرّ فما يصيبها عطش(45).

إنه من عند الله

على الرغم من إنّ التاريخ لم ينقل لنا إلاّ القليل من مناقب وفضائل أهل البيت (عليهم السلام)إلاّ أنّ الذي وصلنا منها كافٍ وواف لمعرفة أفضليتهم وشرافتهم على غيرهم من الناس، فإنهم أفضل الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

إنّ التاريخ لم ينقل لنا إلا القليل من فضائل الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) إلاّ أنّ فضائلها التي وصلتنا كافية في معرفة قداستها.

يقول أبو سعيد الخدري: أهديت إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)قطيفة(46) منسوجة بالذهب أهداها لـه ملك الحبشة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لأعطيها رجلاً يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله».

فمدّ أصحاب محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أعناقهم إليها.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أين علي»؟

قال عمار بن ياسر: فلما سمعت ذلك وثبت حتى أتيت علياً (عليه السلام) فأخبرته، فجاء، فدفع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)القطيفة إليه فقال: أنت لها.

فخرج بها إلى سوق المدينة فنقضها سلكاً سلكاً، فقسّمها في المهاجرين والأنصار، ثم رجع (عليه السلام) إلى منزله وما معه منها دينار.

فلما كان من غد استقبله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فقال: يا أبا الحسن أخذت أمس ثلاثة آلاف مثقال من ذهب فأنا والمهاجرون والأنصار نتغدى غداً عندك.

فقال علي (عليه السلام): نعم يا رسول الله.

فلمّا كان الغد أقبل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في المهاجرين والأنصار حتى قرعوا الباب، فخرج إليهم وقد عرق من الحياء لأنه ليس في منزله قليل ولا كثير، فدخل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ودخل المهاجرون والأنصار حتى جلسوا، ودخل علي وفاطمة (عليهما السلام) فإذا هم بجفنة مملوءة ثريداً عليها عراق(47)، يفور منها ريح المسك الأذفر، فضرب علي (عليه السلام) بيده عليها فلم يقدر على حملها، فعاونته فاطمة(عليها السلام) على حملها حتى أخرجها فوضعها بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فدخل(صلى الله عليه وآله وسلم)على فاطمة فقال: أي بنية أنّى لك هذا؟

قالت: يا أبت هو من عند الله إنّ الله يرزق من يشاء بغير حساب.

فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): الحمد لله الذي لم يخرجني من الدنيا حتى رأيت في ابنتي ما رأى زكريا في مريم بنت عمران(48).

من آذاها فقد آذى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

الروايات الشريفة تؤكد على أنّ من آذى الصديقة فاطمة (عليها السلام) فقد آذى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأنها (عليها الصلاة والسلام) بضعته وروحه التي بين جنبيه.

وفي الروايات أيضاً أنّ سخط الله تبارك وتعالى ورضاه منوط بسخط ورضا الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) الأمر الذي يدلّ على جلالة قدرها (سلام الله عليها) عند الباري سبحانه ومدى علو شأنها.

فعن مجاهد قال: خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وقد أخذ بيد فاطمة (عليها السلام) وقال: «من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمّد، وهي بضعة منّي، وهي قلبي الذي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله»(49).

وعليه فإنّ مثل هذه الروايات تدلّ بوضوح على سخط الله ورسوله على الذين آذوا الصديقة فاطمة (عليها السلام) بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فضربوها وكسروا ضلعها وأسقطوا جنينها، وغصبوا نحلتها وحرموها إرثها، ومنعوها حتى من البكاء على أبيها(50).

ومن ذلك ما رواه علي بن أسباط رفعه إلى الرضا (عليه السلام) أنّ رجلاً من أولاد البرامكة عرض لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقال لـه ما تقول في أبي بكر؟ قال له: (رحمه الله)سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر(، فألحّ السائل عليه في كشف الجواب، فقال (عليه السلام): (رحمه الله)كانت لنا اُم صالحة ماتت وهي عليهما ساخطة ولم يأتنا بعد موتها خبر أنها رضيت عنهما((51).

يؤذيني من آذاها

ومن المسلّمات عند كافة المسلمين أنّ أذية الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)محرّمة وأنّ فيها أذية لله عزّوجلّ، ومن تلك الموارد التي صرّح رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)نفسه أنها تؤذيه هي أذية ابنته الصديقة الزهراء (عليها السلام) ففي الحديث أنّ سهل بن عبد الله جاء إلى عمر بن عبد العزيز فقال: إنّ قومك يقولون إنك تؤثر عليهم ولد فاطمة؟

فقال عمر: سمعت الثقة من الصحابة أنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: فاطمة بضعة منّي، يرضيني ما أرضاها، ويسخطني ما أسخطها، فوالله إني لحقيق أن أطلب رضى رسول الله ورضاه ورضاها في رضى ولدها.

مسرّتها جدّاً ويشني اغتمامها

وقد علموا أنّ النبي يسرّه وقوله(صلى الله عليه وآله وسلم)هذا يدلّ على عصمتها (عليها السلام)، لأنها لو كانت ممّن تقارف الذنوب ـ والعياذ بالله من هذا القول ـ لم يكن مؤذيها مؤذياً لـه(صلى الله عليه وآله وسلم)على كل حال.

عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

«ياعلي إنّ فاطمة بضعة مني، وهي نور عيني، وثمرة فؤادي، يسوءني ما ساءها، ويسرّني ما سرّها»(52).

وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ فاطمة (عليها السلام) شعرة مني، فمن آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله لعنه ملأ السماوات والأرض»(53).

إن الله يرضى لرضاها ويسخط لسخطها

لقد كان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)شديد المحبة لفاطمة (عليها السلام) وكان(صلى الله عليه وآله وسلم)بين الحين والآخر يشيد بفضائلها أمام الآخرين، ويؤكّد على أنّ رضاها (سلام الله عليها) من رضا الله وسخطها من سخطه.

عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أنه قال: «يا فاطمة إنّ الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك».

قال: فجاء صندل فقال لجعفر بن محمد (عليه السلام): إنّ هؤلاء الشباب يجيئونا عنك بأحاديث منكرة.

فقال لـه جعفر (عليه السلام): وما ذاك يا صندل؟

قال: جاءنا عنك أنك حدّثتهم أنّ الله يغضب لغضب فاطمة (عليها السلام) ويرضى لرضاها.

قال: فقال جعفر (عليه السلام): يا صندل ألستم رويتم فيما تروون إنّ الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه.

قال بلى.

قال: فما تنكرون أن تكون فاطمة (عليها السلام) مؤمنة يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها.

قال: فقال (الله أعلم حيث يجعل رسالته((54).

النبي يقبل فاطمة (عليهما السلام)

عن حذيفة بن اليمان قال: دخلت عائشة على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو يقبّل فاطمة (صلوات الله عليها) وقالت: يا رسول الله أتقبلها وهي ذات بعل؟

فقال لها: «أما والله لو عرفت ودّي لها لأزددت لها ودّاً، إنه لمّا عرج بي إلى السماء الرابعة أذّن جبرئيل (عليه السلام) وأقام ميكائيل ثم قال لي: أذّن قلت أؤذّن، وأنت حاضر؟

فقال: نعم إنّ الله عزّوجلّ فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقرّبين، وفضّلت أنت خاصة يا محمّد، فدنوت، فصلّيت بأهل السماء الرابعة، فلمّا صرت إلى السماء السادسة إذا أنا بملك من نور على سرير من نور وحوله صف من الملائكة فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام وهو متكئ، فأوحى الله تعالى إليه أيّها الملك سلّم عليك حبيبي وخيرتي من خلقي، فرددت عليه السلام وأنت متكئ؟ فوعزّتي وجلالي لتقومنّ ولتسلّمن عليه ولا تقعد إلى يوم القيامة، فقام الملك وعانقني ثمّ قال: ما أكرمك على ربّ العالمين.

فلمّا صرت إلى الحجب نوديت (آمن الرسول بما اُنزل إليه مِن ربّه( فألهمت وقلت (والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله((55) ثم أخذ جبرئيل (عليه السلام) بيدي فأدخلني الجنة وأنا مسرور، فإذا أنا بشجرة من نور مكلّلة بالنور في أصلها ملكان يطويان الحلي والحلل إلى يوم القيامة، ثم تقدّمت أمامي فإذا أنا بتفاح لم أر تفاحاً أعظم منه، فأخذت واحدة ففلقتها فخرجت عليّ منها حوراء كان أجناحها مقاديم أجنحة النسور، فقلت لمن أنت؟ فبكت وقالت: لابنك المقتول ظلماً الحسين بن علي بن أبي طالب.

ثم تقدّمت أمامي فإذا أنا برطب ألين من الزبد وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها وأنا أشتهيها، فتحوّلت الرطبة نطفة في صلبي، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديحة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية فإذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة صلوات الله عليها(56).

سيّدة نساء العالمين

تظافرت الأخبار عن الخاصة والعامة بأنّ الصديقة الزهراء (عليها السلام) هي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، ولم يشكك في مثل هذه المنقبة أحد حتى المخالفين، فعن أبي الحسن الأول (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله تبارك وتعالى اختار من النساء أربعاً: مريم وآسية وخديجة وفاطمة»(57).

وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّه قال: «اشتاقت الجنة إلى أربع من النساء: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون وهي زوجة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)في الجنة، وخديجة بنت خويلد زوجة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)في الدنيا والآخرة، وفاطمة بنت محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)»(58).

وعن ابن عباس قال: خطّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في الأرض أربعة خطوط ثم قال: «أتدرون ما هذا»؟

قالوا: الله ورسوله أعلم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون»(59).

وعن عائشة قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأنّ مشيتها مشية رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)قال النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): «مرحباً يا بنتي» فأجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسرّ إليها حديثاً فبكت، ثم أسرّ إليها حديثاً فضحكت.

فقلت لها: حدّثك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بحديث فبكيت، ثمّ حدّثك بحديث فضحكت، فما رأيت كاليوم أقرب فرحاً من حزن من فرحك؟

فقالت: «ما كنت لأفشي سرّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)».

حتى انّه إذا قُبض سألتها فقالت: «أسرّ إليّ فقال: إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة وإنه عارضني به العام مرتين ولا أراني إلاّ قد حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقاً بي ونعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك، ثمّ قال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الاُمة أو سيّدة نساء المؤمنين، فضحكت لذلك»(60).

فاطمة (عليها السلام) في القرآن

مما يدل على عظم شأن الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) وارتفاع مكانتها عند الله جل جلاله، هو نزول الكثير من آيات القرآن الكريم في شأنها، وأشادت العديد منها إلى فضائلها وخصالها الحميدة.

ففي الحديث عن أنس بن مالك قال: بينا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)صلّى صلاة الفجر ثم استوى في محرابه كالبدر في تمامه، فقلنا: يا رسول الله إن رأيت أن تفسّر لنا هذه الآية، قوله تعالى: (فاُولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين((61).

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «أمّا النبيون فأنا، وأمّا الصدّيقون فعلي بن أبي طالب، وأمّا الشهداء فعمّي حمزة، وأمّا الصالحون فابنتي فاطمة وولداها الحسن والحسين (عليهم السلام)». فنهض العباس من زاوية المسجد إلى بين يديه(صلى الله عليه وآله وسلم)وقال: يا رسول الله ألست أنا وأنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين من ينبوع واحد؟

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «وما وراء ذلك يا عمّاه»؟

قال: لأنك لم تذكرني حين ذكرتهم، ولم تشرّفني حين شرّفتهم.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «يا عمّاه أمّا قولك أنا وأنت وعلي والحسن والحسين من ينبوع واحد فصدقت، ولكن خلقنا الله نحن حيث لا سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا عرش ولا جنة ولا نار، كنا نسبّحه حين لا تسبيح، ونقدّسه حين لا تقديس، فلمّا أراد الله بدء الصنعة فتق نوري فخلق منه العرش، فنور العرش من نوري ونوري من نور الله وأنا أفضل من العرش، ثم فتق نور ابن أبي طالب فخلق منه الملائكة، فنور الملائكة من نور ابن أبي طالب ونور ابن أبي طالب من نور الله ونور ابن أبي طالب أفضل من الملائكة، وفتق نور ابنتي فاطمة منه فخلق السماوات والأرض، فنور السماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة ونور فاطمة من نور الله وفاطمة أفضل من السماوات والأرض، ثم فتق نور الحسن فخلق منه الشمس والقمر، فنور الشمس والقمر من نور الحسن ونور الحسن من نور الله والحسن أفضل من الشمس والقمر، ثم فتق نور الحسين فخلق منه الجنة والحور العين، فنور الجنة والحور العين من نور الحسين ونور الحسين من نور الله والحسين أفضل من الجنة والحور العين، ثم إنّ الله خلق الظلمة بالقدرة فأرسلها في سحائب البصر، فقالت الملائكة: سبّوح قدّوس ربنا مذ عرفنا هذه الأشباح ما رأينا سوءً فبحرمتهم إلاّ كشفت ما نزل بنا. فهنالك خلق الله تعالى قناديل الرحمة وعلّقها على سرادق العرش. فقالت: إلهنا لمن هذه الفضيلة وهذه الأنوار؟ فقال: هذا نور أمتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) فلذلك سمّيت أمتي الزهراء لأنّ السماوات والأرضين بنورها ظهرت، وهي ابنة نبيي وزوجة وصيي وحجّتي على خلقي، اُشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها إلى يوم القيامة.

فعند ذلك نهض العباس إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقبّل ما بين عينيه وقال: يا علي لقد جعلك الله حجّة بالغة على العباد إلى يوم القيامة (62).

عالمة آل محمد (عليهم السلام)

إنّ الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) كانت عالمة بالعلم اللدني من الله فقد اُوتيت من العلم والمعرفة قدراً لا يضاهيها فيه أحد سوى والدها الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)وبعلها أمير المؤمنين (عليه السلام).

كانت (سلام الله عليها) على قدر من المعرفة بحيث إنها تخبر عمّا هو كائن وما كان وما سيكون في المستقبل، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على سعة علمها(عليها السلام) وارتفاع مقامها.

فعن سلمان قال: حدّثني عمّار وقال: اُخبرك عجباً.

قلت: حدّثني يا عمّار.

قال: نعم شهدت علي بن أبي طالب(عليه السلام) وقد ولج على فاطمة(عليها السلام) فلمّا أبصرت به نادت: ادن لاُحدّثك بما كان وبما هو كائن وبما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة.

قال عمّار: فرأيت أمير المؤمنين(عليه السلام) يرجع القهقرى(63)، فرجعت برجوعه إذ دخل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقال له: ادن يا أبا الحسن.

فدنا، فلمّا اطمأن به المجلس قال له: تحدّثني أم اُحدّثك؟

قال: الحديث منك أحسن يا رسول الله.

فقال: كأنّي بك وقد دخلت على فاطمة وقالت لك كيت وكيت فرجعت.

فقال علي (عليه السلام): نور فاطمة من نورنا.

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أو لا تعلم.

فسجد علي (عليه السلام) شكراً لله تعالى.

قال عمّار: فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) وخرجت بخروجه، فولج على فاطمة(عليها السلام) وولجت معه، فقالت: كأنّك رجعت إلى أبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فأخبرته بما قلته لك؟

قال: كان كذلك يا فاطمة.

فقالت: اعلم يا أبا الحسن أنّ الله تعالى خلق نوري وكان يسبّح الله جلّ جلاله ثم أودعه شجرة من شجر الجنة فأضاءت، فلمّا دخل أبي الجنة أوحى الله تعالى إليه إلهاماً أن اقتطف الثمرة من تلك الشجرة وأدرها في لهواتك ففعل، فأودعني الله سبحانه صلب أبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ثم أودعني خديجة بنت خويلد (عليها السلام) فوضعتني وأنا من ذلك النور، أعلم ما كان وما يكون وما لم يكن، يا أبا الحسن المؤمن ينظر بنور الله تعالى(64).

ومما يدل على عظيم علم الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) خطبتها الغرّاء التي ضمّت بين طيّاتها العديد من الأحكام الشرعية وفلسفتها والكثير من المفاهيم الغزيرة التي لا يدرك غورها إلاّ من أجهد نفسه من أجل فهمها.

كما كانت (عليها السلام) تعلم النساء المسائل الشرعية والمعارف الإسلامية، ففي الحديث المعروف الوارد عن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) قال:

حضرت امرأة عند الصدّيقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فقالت: إنّ لي والدة ضعيفة وقد لُبس عليها في أمر صلاتها شيء وقد بعثتني إليك أسألك.

فأجابتها فاطمة (عليها السلام) عن ذلك.

فثنّت، فأجابت.

ثم ثلّثت إلى أن عشّرت، فأجابت.

ثم خجلت من الكثرة، فقالت: لا أشقّ عليك يا ابنة رسول الله؟

قالت فاطمة (عليها السلام): هاتي وسلي عمّا بدا لك، أرأيت من اكترى يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل وكراه مائة ألف دينار يثقل عليه؟

فقالت: لا.

فقالت: اكتريت أنا لكل مسألة بأكثر من ملء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً فأحرى أن لا يثقل عليّ، سمعت أبي(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول: إنّ علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على كثرة علومهم وجدّهم في إرشاد عباد الله حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلّة من نور، ثم ينادي منادي ربنا عزّوجلّ: أيّها الكافلون لأيتام آل محمد (عليهم السلام)الناعشون(65) لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمّتهم، هؤلاء تلامذتكم والأيتام الذين كفلتموهم ونعشتموهم فاخلعوا عليهم خلع العلوم في الدنيا فيخلعون على كل واحد من اُولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم إلى آخره»(66).

مصحف فاطمة (عليها السلام)

وقد بقى منها (عليها السلام) كتاب فيه علوم آل محمد (عليهم السلام)اسمه (مصحف فاطمة (عليها السلام)) وهو الآن عند الإمام الحجّة (عليه السلام) وفيه تفسير القرآن وعلم ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة(67).

أما ما يتهم به بعض المخالفين من أنه قرآن غير هذا القرآن فهو باطل، فإن القرآن عند الشيعة الإمامية هو هذا القرآن الموجود اليوم في أيدي جميع المسلمين لم ينقص منه حرف ولم يزد فيه شيء، وقد أمر الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)بجمعه وترتيب سوره وآياته على هذا النحو الموجود، فجمع القرآن بهذه الكيفية الموجودة اليوم في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)(68).

وقد كان هناك أيضاً مصحف لأم سلمة وعائشة وحفصة وغيرهن(69).

الأمير يخطب الصدّيقة (عليهما السلام)

عندما عرض بعض الأنصار على أمير المؤمنين (عليه السلام) الزواج من الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) جاء (سلام الله عليه) إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وعرض عليه حاجته، فرحّب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)كثيراً وأبدى استيناسه بطلب أمير المؤمنين (عليه السلام).

فعن ابن بريدة عن أبيه قال: قال نفر من الأنصار لعلي بن أبي طالب(عليه السلام): اخطب فاطمة (عليها السلام).

فأتى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فسلّم عليه.

فقال له: ما حاجة علي بن أبي طالب؟

قال: يا رسول الله، ذكرت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقال: مرحباً وأهلاً، لم يزد عليها.

فخرج علي على اُولئك الرهط من الأنصار وكانوا ينتظرونه، قالوا: ما وراءك؟

قال: ما أدري غير أنه قال: مرحباً وأهلاً.

قالوا: يكفيك من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أحدهما، أعطاك الأهل والرحب.

فلمّا كان بعد ذلك قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي إنه لابدّ للعرس من وليمة.

فقال سعد: عندي كبش وجمع لـه رهط من الأنصار آصعا من ذرة، فلمّا كان ليلة البناء قال لعلي: لا تحدثنّ شيئاً حتى تلقاني.

فدعا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علي (عليه السلام) وقال: اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في شبليهما.

وقال ابن ناصر: في نسليهما(70).

السماء تزوّج فاطمة (عليها السلام)

على خلاف كل نساء العالم اللواتي يكون أمر زواجهنّ بيد آبائهن أو بيدهنّ خاصّة كان أمر الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) بيد الله تعالى فهو الذي اختار الكفؤ لها.

فقد ورد في الكثير من الأخبار أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)بعد أن ردّ الكثير ممّن خطبوا الزهراء (عليها السلام) جاءه الأمر الإلهي بأن: زوّج فاطمة من علي (عليهما السلام).

عن أنس قال: كنت عند النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فغشيه الوحي، فلمّا أفاق قال لي: يا أنس أتدري ما جاءني به جبرئيل من عند صاحب العرش؟

قال: قلت: الله ورسوله أعلم.

قال: أمرني أن اُزوّج فاطمة من علي (عليهما السلام).

فانطلق فادع لي أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وطلحة والزبير وبعددهم من الأنصار.

قال: فانطلقت فدعوتهم له.

فلمّا أن أخذوا مجالسهم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه، المرغوب إليه فيما عنده، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الذي خلق الخلق بقدرته، وميّزهم بأحكامه، وأعزّهم بدينه، وأكرمهم بنبيّه محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). ثم إنّ الله جعل المصاهرة نسباً لاحقاً وأمراً مفترضاً، وشبح بها الأرحام وألزمها الأنام، فقال تبارك اسمه وتعالى جدّه: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً((71) فأمر الله يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، فلكل قضاء قدر، ولكل قدر أجل، ولكل أجل كتاب، (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ((72) ثم إنّي اُشهدكم أني قد زوّجت فاطمة من علي (عليهما السلام) على أربعمائة مثقال فضة إن رضي علي بذلك، وكان غائباً قد بعثه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في حاجة.

ثم أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بطبق فيه بسر(73) فوضع بين أيديها ثم قال: انتهبوا، فبينا نحن كذلك إذ أقبل علي (عليه السلام) فتبسّم إليه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ثم قال: يا علي إنّ الله أمرني أن اُزوّجك فاطمة وقد زوجتكها على أربعمائة مثقال فضة أرضيت؟

قال: رضيت يا رسول الله.

ثم قام علي (عليه السلام) فخرّ لله ساجداً.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): جعل الله فيكما الكثير الطيّب وبارك فيكما.

قال أنس: والله لقد أخرج منهما الكثير الطيّب(74).

وعن الضحّاك بن مزاحم، قال: سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: «أتاني أبو بكر وعمر فقالا: لو أتيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فذكرت لـه فاطمة.

قال: فأتيته، فلمّا رآني رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ضحك، ثم قال: ما جاء بك يا أبا الحسن وما حاجتك؟

قال: فذكرت لـه قرابتي وقدمي في الإسلام ونصرتي لـه وجهادي.

فقال: يا علي، صدقت، فأنت أفضل ممّا تذكر.

فقلت: يا رسول الله، فاطمة تزوّجنيها؟

فقال: يا علي، إنه قد ذكرها قبلك رجال، فذكرت ذلك لها، فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رسلك حتى أخرج إليك.

فدخل(صلى الله عليه وآله وسلم)عليها فقامت إليه، فأخذت رداءه ونزعت نعليه، وأتته بالوضوء، فوضّأته بيدها وغسلت رجليه، ثم قعدت، فقال لها: يا فاطمة.

فقالت: لبّيك، حاجتك يا رسول الله؟

قال: إنّ علي بن أبي طالب (عليه السلام) من قد عرفت قرابته وفضله وإسلامه، وإنّي قد سألت ربي أن يزوّجك خير خلقه وأحبّهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً فما ترين؟

فسكتت ولم تولّ وجهاً ولم ير فيه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)كراهة، فقام وهو يقول: الله أكبر، سكوتها إقرارها، فأتاه جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد، زوّجها علي بن أبي طالب، فإنّ الله قد رضيها لـه ورضيه لها.

قال علي(عليه السلام): فزوّجني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم أتاني فأخذ بيدي، فقال: «قم بسم الله، وقل على بركة الله، وما شاء الله، لا قوّة إلاّ بالله، توكّلت على الله».

ثم جاءني حين أقعدني عندها (عليها السلام) ، ثم قال: «اللهمّ إنّهما أحبّ خلقك إليّ فأحبّهما، وبارك في ذريّتهما، واجعل عليهما منك حافظاً، وإنّي اُعيذهما وذريتهما بك من الشيطان الرجيم»(75).

والمستفاد من بعض الأخبار أنه لولا علي أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن للصدّيقة الزهراء (عليها السلام) كفؤ أبداً(76).

الله زوّجها (عليها السلام) من علي (عليه السلام)

عن ابن عباس وأنس بن مالك قالا: بينما رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)جالس إذ جاء علي، فقال: يا علي ما جاء بك؟

قال: جئت اُسلّم عليك.

قال: هذا جبرئيل يخبرني أنّ الله زوّجك فاطمة وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك،وأوحى الله إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدرّ والياقوت، فنثرت عليهم الدرّ والياقوت فابتدرن إليه الحور العين يلتقطن في أطباق الدرّ والياقوت وهنّ يتهادينّه بينهن إلى يوم القيامة، وكانوا يتهادون ويقولون: هذه تحفة خير النساء(77).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أتاني ملك، فقال: يا محمد، إنّ الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: إنّي قد زوّجت فاطمة ابنتك من علي بن أبي طالب في الملأ الأعلى، فزوّجها منه في الأرض»(78).

وعن أنس قال: كنت عند النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فغشيه الوحي، فلمّا أفاق قال لي: «يا أنس أتدري ما جاءني به جبريل من عند صاحب العرش»؟

قلت: الله ورسوله أعلم.

قال: «أمرني أن اُزوّج فاطمة من علي»(79).

راحيل يخطب في أهل السماوات

وقد خطب الملك «راحيل» يوم تزويج الصديقة الزهراء (عليها السلام) خطبة بليغة أشار فيها إلى اختيار الباري تعالى أمير المؤمنين (عليه السلام) للسيدة الزهراء (عليها السلام) فقال:

«الحمد لله الأول قبل أولية الأولين، الباقي بعد فناء الباقين، نحمده إذ جعلنا ملائكة روحانيين، وبربوبيته مذعنين، وله على ما أنعم علينا شاكرين، حجبنا من الذنوب وسترنا من العيوب، وأسكننا في السماوات، وقرّبنا إلى السرادقات، وحجب عنّا النهم للشهوات، وجعل نهمتنا وشهوتنا في تهليله وتسبيحه، الباسط رحمته، الواهب نعمته، جلّ عن إلحاد أهل الأرض من المشركين، وتعالى بعظمته عن إفك الملحدين، أنذرنا بأسه وعرّفنا سلطانه، توحّد فعلاً في الملكوت الأعلى، واحتجب عن الأبصار، وأظلم نور عزّته الأنوار، وكان من إسباغ نعمته وإتمام قضيته أن ركّب الشهوات في بني آدم وخصّهم بالأمر اللازم، ينشر لهم الأولاد وينشئ لهم البلاد، فجعل الحياة سبيل اُلفتهم والموت غاية فرقتهم، وإلى الله المصير، اختار الملك الجبّار صفوة كرمه وعظمته لأمته سيدة النساء، بنت خير النبيين وسيد المرسلين وإمام المتقين، صاحب المقام المحمود واليوم المشهود والحوض المورود، فوصل حبله بحبل رجل من أهله، صاحبه المصدّق دعوته، المبادر إلى كلمته، علي الوصول بفاطمة البتول بنت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال الله عزّوجلّ: زوّجت عبدي من أمتي فاشهدوا ملائكتي»(80).

خطبة الإمام علي (عليه السلام)

وفي نفس مجلس العقد خطب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بخطبة شريفة، ثمّ قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): تكلّم خطيباً لنفسك.

فقال(عليه السلام): «الحمد لله الذي قرّب من حامديه، ودنا من سائليه، ووعد الجنّة من يتّقيه، وأنذر بالنار من يعصيه، نحمده على قديم إحسانه وأياديه، حمد من يعلم أنه خالقه وباريه، ومميته ومحييه، ومسائله عن مساويه، ونستعينه ونستهديه ونؤمن به ونستكفيه، ونشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك لـه شهاده تبلغه وترضيه، وأنّ محمداً عبده ورسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) صلاة تزلفه وتحظيه وترفعه وتصطفيه، والنكاح ما أمر الله به ويرضيه، واجتماعنا ممّا قدّره الله وأذن فيه، وهذا رسول الله زوّجني ابنته فاطمة على خمسمائة درهم وقد رضيت فاسألوه واشهدوا»(81).

مهر فاطمة (عليها السلام)

في الروايات الكثيرة أن قلة المهر دليل على خير المرأة وبركتها، وكان مهر الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كذلك، فالمشهور على أن مهرها خمسمائة درهم فقط، كما سبق.

وفي بعض الروايات أنه ثلاثون درهماً، ولا يستبعد ذلك.

عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «زوّج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)علياً فاطمة(عليهما السلام) على درع حطمية يساوي ثلاثين درهماً»(82)

وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «كان صداق فاطمة (عليها السلام) جرد برد حبرة ودرع حطمية وكان فراشها إهاب كبش يلقيانه ويفرشانه وينامان عليه»(83).

وأما المهر المعنوي فقد جعله الله الشفاعة للمذنبين من اُمّة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)من شيعة علي وأولاده الطاهرين (عليهم السلام).

فعن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إنّ الله تبارك وتعالى أمهر فاطمة (عليها السلام) ربع الدنيا فربعها لها، وأمهرها الجنة والنار تدخل أعداءها النار وتدخل أولياءها الجنة، وهي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأُولى»(84).

الإمام يتباهى بالزهراء (عليهما السلام)

لقد فضّل الله أمير المؤمنين علياً (عليه السلام) على من سواه بكل شيء، وفاق الناس فضلاً وعلماً ومرتبة إلاّ ابن عمّه النبي الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم).

بل إنه (عليه السلام) في بعض الاُمور اختص بخصائص لم تكن للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)نفسه، وهذا لا يدلّ على شرافته عليه كما هو واضح، وإنما هي خصائص انفرد بها الإمام (عليه السلام).

وقد أشار رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)نفسه إلى بعض هذه الخصائص، فقال:

«يا علي اُعطيت ثلاثاً لم اُعطها: اُعطيت صهراً مثلي، واُعطيت مثل زوجتك فاطمة(عليها السلام)، واُعطيت مثل ولديك الحسن والحسين (عليهما السلام)»(85).

وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّه قال: «يا علي لك أشياء ليست لي منها: إنّ لك زوجة مثل فاطمة (عليها السلام) وليس لي مثلها، ولك ولدين من صلبك وليس لي مثلهما من صلبي، ولك مثل خديجة اُمّ أهلك وليس لي مثلها حماة، ولك صهر مثلي وليس لي صهر مثلي، ولك أخ في النسب مثل جعفر وليس لي مثله في النسب، ولك اُمّ مثل فاطمة بنت أسد الهاشمية المهاجرة وليس لي مثلها»(86).

نعم، فقد اُختصّ أمير المؤمنين (عليه السلام) بتزويجه من الزهراء (عليها السلام) وبقي (عليه السلام) يتباهى بمثّل هذه الخصلة، فمن كتاب لـه (عليه السلام) إلى معاوية قال فيه:

(رحمه الله)ومنّا النبي ومنكم المكذّب، ومنّا أسد الله ومنكم أسد الأحلاف، ومنّا سيدا شباب أهل الجنة ومنكم صبية النار، ومنّا خير نساء العالمين ومنكم حمّالة الحطب(. قال (عليه السلام):

وحمزة سيد الشهداء عمّي

محمد النبي أخي وصنوي يطير مع الملائكة ابن اُمّي

وجعفر الذي يمسي ويضحي منوط لحمها بدمي ولحمي(87)

وبنت محمد سكني وعرسي

تربية الحسنين (عليهما السلام)

من الواضح أنّ الأئمّة المعصومين (عليهم السلام)أدّبهم الله تعالى وأحسن تربيتهم، ففي الحديث أنه قيل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مَن أدّبك؟ قال: «أدّبني ربّي».

وفي حديث آخر قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «أدّبني ربّي فأحسن تأديبي»(88).

بالإضافة إلى ذلك فإنّ المعصومين (عليهم السلام)كانوا يؤدبون أولادهم وذويهم، فكل إمام يأخذ العلم ممن كان قبله أيضاً، فأمير المؤمنين والسيدة الزهراء (عليهما السلام) تأدّبا بآداب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما أنّ الحسنين (عليهما السلام) تأدّبا بآداب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وفاطمة وأمير المؤمنين (عليهما السلام).

وكانت الصديقة الطاهرة فاطمة (عليها السلام) تبذل جهدها في تربية وتعليم الحسنين وسائر أولادها (عليهم السلام)بالتربية الإيمانية والإسلامية التي تليق بالمعصومين وذويهم منذ الصغر.

ففي التاريخ: أنّ الحسن بن علي (عليه السلام) كان يحضر مجلس رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو ابن سبع سنين فيسمع الوحي فيحفظه، فيأتي اُمّه فيلقي إليها ما حفظه، وكلّما دخل علي (عليه السلام) وجد عندها علماً بالتنزيل فيسألها عن ذلك؟

فقالت: من ولدك الحسن.

فتخفّى يوماً في الدار وقد دخل الحسن وقد سمع الوحي فأراد أن يلقيه إليها فارتجّ عليه، فعجبت اُمّه من ذلك، فقال: لا تعجبين يا اُمّاه فإنّ كبيراً يسمعني، فاستماعه قد أوقفني.

فخرج علي (عليه السلام) فقبّله.

وفي رواية قال: (رحمه الله)يا اُمّاه قلّ بياني وكَلّ لساني لعلّ سيّداً يرعاني((89).

الذرية الطاهرة

إن الله تعالى قد وهب الصديقة الطاهرة (عليها السلام) تلك الذرية المباركة، حيث جعل منها الأئمة المعصومين الأطهار (عليهم السلام)وهذا خير دليل على شرافتها.

عن سلمان الفارسي أنّه قال: دخلت على فاطمة (عليها السلام) والحسن والحسين (عليهما السلام) يلعبان بين يديها، ففرحت بهما فرحاً شديداً، فلم ألبث حتى دخل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فقلت: يا رسول الله أخبرني بفضيلة هؤلاء لأزداد لهم حباً.

فقال: يا سلمان ليلة اُسري بي إلى السماء أدارني جبرئيل في سماواته وجنّاته، فبينا أنا أدور قصورها وبساتينها ومقاصيرها(90) إذ شممت رائحة طيبة فأعجبتني تلك الرائحة، فقلت: يا حبيبي ما هذه الرائحة التي غلبت على روائح الجنة كلّها؟

فقال: يا محمد تفاحة خلقها الله تبارك وتعالى بيده(91) منذ ثلاثمائة ألف عام ما ندري ما يريد بها.

فبينا أنا كذلك إذ رأيت ملائكة ومعهم تلك التفاحة، فقالوا: يا محمد ربنا السلام يقرأ عليك السلام وقد أتحفك بهذه التفاحة.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فأخذت تلك التفاحة فوضعتها تحت جناح جبرئيل فلمّا هبط بي إلى الأرض أكلت تلك التفاحة فجمع الله ماءها في ظهري فغشيت خديجة بنت خويلد فحملت بفاطمة من ماء تلك التفاحة، فأوحى الله عزّوجلّ إليّ أن قد ولد لك حوراء إنسية فزوّج النور من النور، فاطمة من علي، فإني قد زوجتها في السماء وجعلت خمس الأرض مهرها، وستخرج فيما بينهما ذرية طيبة وهما سراجا الجنة الحسن والحسين، ويخرج من صلب الحسين أئمة يُقتلون ويُخذلون فالويل لقاتلهم وخاذلهم(92).

وفي خبر طويل نذكر محل الحاجة منه، قال هارون العباسي للإمام الكاظم(عليه السلام): اُريد أن أسألك عن العباس وعلي، بم صار علي أولى بميراث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)من العباس والعباس عم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وصنو أبيه؟

فقال لـه موسى (عليه السلام) : اعفني.

قال: والله لا أعفيتك فأجبني.

قال: فإن لم تعفني فآمني.

قال: آمنتك.

قال موسى (عليه السلام): إنّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر، إنّ أباك العباس آمن ولم يهاجر، وإنّ علياً (عليه السلام) آمن وهاجر وقال الله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا((93).

فالتمع(94) لون هارون وتغيّر وقال: ما لكم لا تنسبون إلى علي (عليه السلام) هو أبوكم وتنسبون إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو جدّكم؟

فقال موسى (عليه السلام): «إنّ الله نسب المسيح عيسى ابن مريم (عليها السلام) إلى خليله إبراهيم (عليه السلام) باُمّه مريم البكر البتول التي لم يمسّها بشر في قوله (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ((95) فنسبه باُمّه وحدها إلى خليله إبراهيم (عليه السلام) كما نسب داود وسليمان وأيوب وموسى وهارون (عليهم السلام)بآبائهم واُمهاتهم فضيلة لعيسى (عليه السلام) ومنزلة رفيعة باُمّه وحدها، وذلك قوله في قصة مريم (عليها السلام): (إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ((96) بالمسيح من غير بشر، وكذلك اصطفى ربنا فاطمة (عليها السلام) وطهّرها وفضّلها على نساء العالمين بالحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة»(97).

يتبع

(1) الدرانيك تكون ستراً وفرشاً والدرنوك فيه الصفرة والحضرة، (لسان العرب) مادّة درنك.

(2) قال ابن خالويه: البعل في كلام العرب خمسة أشياء: الزوج والصنم منه قوله: «أتدعون بعلاً» سورة الصافات: 125، والبعل اسم امرأة وبها سمّيت بعلبك، والبعل من النخل ما شرب بعروقه من غير سقي، والبعل السماء، والعرب تقول السماء بعل الأرض.

(3) كشف الغمّة: ج1 ص456.

(4) إرشاد القلوب: ج2 ص403.

(5) سورة الروم: 4.

(6) بحار الأنوار: ج43 ص4.

(7) زغب: صغار الريش، كتاب العين مادّة: زغب.

(8) سورة الروم: 4.

(9) بحار الأنوار: ج43 ص18.

(10) عيون أخبار الرضا (: ج1 ص115 ح3.

(11) علل الشرائع: ج1 ص183 ب147 ح2.

(12) اللثم: القبلة، (لسان العرب) مادّة لثم.

(13) بحار الأنوار: ج43 ص5 ب1 ح4.

(14) مقاصير: نواحي، (لسان العرب) مادّة قصر.

(15) اليد: القدرة، (لسان العرب) مادّة يدي.

(16) تأويل الآيات الظاهرة: ص240.

(17) سورة الأنفال: 72.

(18) التمع لونه: ذهب وتغيّر، (لسان العرب) مادّة لمع.

(19) سورة الأنعام: 84 ـ 85.

(20) سورة آل عمران: 42.

(21) تحف العقول: ص404.

(22) الأمالي للصدوق: ص594 مجلس87 ح1.

(23) في وصية النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لعلي ( قال: (يا علي حقّ الولد على والده أن يُحسِّن اسمه(، وسائل الشيعة: ج21 ص389 ح27377.

(24) علل الشرائع: ج1 ص178 ح3 ب142.

(25) مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام): ج3 ص330.

(26) علل الشرائع: ج1 ص179 ب142 ح5.

(27) الكافي: ج1 ص460 باب مولد الزهراء (عليها السلام) ح6.

(28) بحار الأنوار: ج43 ص13 ب2 ح7.

(29) الأمالي للطوسي: ص570 المجلس22 ح1179.

(30) سورة القدر: الآية1.

(31) تفسير فرات الكوفي: ص581 ح747.

(32) معاني الأخبار: ص65 باب معاني أسماء محمّد وعلي وفاطمة (عليهم السلام) ح15.

(33) علل الشرائع: ج1 ص180 ب143 ح2.

(34) تأويل الآيات الظاهرة: ص591.

(35) بحار الأنوار: ج43 ص12 ح5.

(36) مناقب آل أبي طالب: ج3 ص330 فصل في منزلتها عند الله تعالى.

(37) الجفنة: أعظم ما يكون من القصاع، (لسان العرب) مادّة جفن.

(38) كشف الغمّة: ج1 ص469.

(39) سورة الحشر: 9.

(40) الخرائج والجرائح: ج2 ص537.

(41) سورة الصافات: 83 ـ 84.

(42) بحار الأنوار: ج36 ص213.

(43) البلد الأمين: ص325.

(44) مستدرك الوسائل: ج6 ص313 ب22 ح6891.

(45) الخرائج والجرائح: ج2 ص530.

(46) القطيفة: كساء لـه خمل، والخمل: ريش النعام، (لسان العرب) مادّة قطف وخمل.

(47) العُراق: العظام إذا لم يكن عليها شيء من اللحم، (لسان العرب) مادّة: عرق.

(48) سعد السعود: ص90.

(49) كشف الغمّة: ج1 ص467.

(50) راجع كتاب بحار الأنوار: ج43 ص178، وكتاب الخصال: ج2 ص607.

(51) الطرائف: ج1 ص252 ح351.

(52) الأمالي للصدوق: ص486 المجلس الثالث والسبعون ح18.

(53) كشف الغمّة: ج1 ص467.

(54) الأمالي للصدوق: ص383 المجلس الحادي والستون ح1.

(55) سورة البقرة: 285.

(56) تفسير فرات الكوفي: ص75 ح49.

(57) الخصال: ج1 ص225 ح58.

(58) كشف الغمّة: ج1 ص466.

(59) بحار الأنوار: ج29 ص345.

(60) روضة الواعظين: ج1 ص151، مجلس في ذكر وفاة فاطمة (عليها السلام).

(61) سورة النساء: 69.

(62) بحار الأنوار: ج25 ص16 ب1 ح3، وللمزيد راجع كتاب فاطمة الزهراء (عليها السلام) في القرآن، لسماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (دام ظله الوارف).

(63) القهقرى: يتراجع على قفاه، كتاب (العين) مادّة قهقر.

(64) بحار الأنوار: ج43 ص8 ب1 ح11.

(65) تنعش الضعيف: أي تقوّيه وتقيمه، (مجمع البحرين) مادّة نعش.

(66) مستدرك الوسائل: ج17 ص318 ب11 ح21460.

(67) انظر الكافي: ج1 ص238 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة ح1.

(68) للتفصيل انظر كتاب (متى جمع القرآن) للإمام المؤلف ( .

(69) انظر فلاح السائل: ص94.

(70) كشف الغمّة: ج1 ص365.

(71) سورة الفرقان: 54.

(72) سورة الرعد: 39.

(73) البُسْر: ثمر النخل قبل أن يرطب، (مجمع البحرين) مادّة بسر.

(74) كشف الغمّة: ج1 ص348.

(75) الأمالي للطوسي: ص39 المجلس2 ح43.

(76) راجع تهذيب الأحكام: ج7 ص470 ب41 ح90.

(77) مناقب آل أبي طالب: ج3 ص346.

(78) صحيفة الرضا (عليه السلام): ص94 ح32.

(79) كشف الغمّة: ج1 ص348.

(80) مستدرك الوسائل: ج14 ص209 ب33 ح16517.

(81) مناقب آل أبي طالب: ج3 ص350.

(82) الكافي: ج5 ص377 باب ما تزوج عليه أمير المؤمنين فاطمة (عليهما السلام) ح2و4.

(83) الكافي: ج5 ص378 باب ما تزوج عليه أمير المؤمنين فاطمة (عليهما السلام) ح5.

(84) الأمالي للطوسي: ص686 المجلس 36 ح1399.

(85) بحار الأنوار: ج39 ص76.

(86) مناقب آل أبي طالب: ج2 ص170.

(87) بحار الأنوار: ج38 ص238 ح11.

(88) راجع مستدرك الوسائل: ج8 ص397 ح9785، وبحار الأنوار: ج68 ص382.

(89) بحار الأنوار: ج43 ص338 ح11.

(90) مقاصير: نواحي، (لسان العرب) مادّة قصر.

(91) اليد: القدرة، (لسان العرب) مادّة يدي.

(92) تأويل الآيات الظاهرة: ص240.

(93) سورة الأنفال: 72.

(94) التمع لونه: ذهب وتغيّر، (لسان العرب) مادّة لمع.

(95) سورة الأنعام: 84 ـ 85.

(96) سورة آل عمران: 42.

(97) تحف العقول: ص404.

يتبع