الفهرس

المؤلفات

 الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

  الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.

ورد في الأدعية: (اللهم ارزقني حج بيتك الحرام في عامي هذا وفي كل عام)(1).

وجاء في بعض الإحصاءات الأخيرة: ان عدد المسلمين ناهز (2000000000) نفر(2).

إضافة إلى أن التطور الصناعي وما أشبه سهل الكثير من الأمور، في سرعة نقل الحجاج وإعادتهم وترتيب شؤونهم وتلبية متطلباتهم.

خاصة وان بعض الدول الإسلامية تعيش حاليا فترة من الوفرة في الميزانية، بحيث يمكنها إجراء العديد من المشاريع الإنمائية والتطويرية.

هذا بالإضافة إلى أن تبرعات المحسنين لتوسعة وعمارة الأماكن المقدسة لا زالت تغطي العديد من المشاريع.

فلكل ذلك.. دعونا إلى إمكانية حج عشرة ملايين سابقا عندما كانت الظروف غير اليوم في كتابنا (لكي يستوعب الحج عشرة ملايين)(3).

واليوم ندعو (ليحج خمسون مليونا كل عام) نظرا للتطورات العظيمة التي حصلت في مختلف الوسائل، والتزايد المطرد في نفوس العالم الإسلامي، والطلبات الملحة من جموع الأمة الإسلامية لأداء مناسك الحج.

ويمكن تحقق ذلك إذا اخذ العالم الإسلامي بالسير نحو مبادئ الإسلام، وتجاوز الفواصل المادية والمعنوية التي تحول دون ذلك، حيث يحثنا القرآن الحكيم إلى:

(وحدة الأمة) والتلاحم بين المسلمين، قال تعالى:  (إن هذه أمتكم أمة واحدة )(4) فلا حدود جغرافية تفصل بين المسلمين.

وإلى (الحرية)، قال سبحانه:  (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم) (5) فلا ضغط ولا قيود تمنع من عمل المسلمين وتقدمهم، ولا كبت في شيء من المباحات.

وإلى (الاخوة)، قال تعالى:  (إنما المؤمنون اخوة) (6) فلا فرق بين مسلم ومسلم إلا بالتقوى، قال سبحانه:  (ان أكرمكم عند الله اتقاكم) (7) ولا تمايز بين العربي والعجمي والهندي والتركي و… في أي بلد من بلاد الإسلام، وفي جميع المجالات: من البيع والشراء والتزويج والتزوج والإقامة والسفر وكل شيء وشيء. كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (أيها الناس ان ربكم واحد وان أباكم واحد، لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على احمر إلا بالتقوى)(8).

ومن الواضح اننا إن تمسكنا بقوانين الاسلام، وأخذنا بأساليبه، وألغينا القوانين والأساليب الأخرى.. يهدنا الأسباب لكي ينهمر الناس الى الحج فيما لا يقل من خمسين مليونا كل عام.

ولعل سؤالا يطرح هنا ليقول: كيف تستوعب تلك المشاهد المشرفة المحدودة هذا السيل من البشر؟

والجواب: إن الأمر غير محال بل ممكن بعد الالتفات الى النقاط التالية:

1: فالمواقيت يمكن المرور منها فقط(9).

2: وإذا وسعنا المطارات ونقاط الدخول البرية والبحرية ويسرنا من الإجراءات ...

3: وإذا جعلنا المطاف طوابق متعددة، بحيث تستوعب العدد المذكور، وكذلك مقام إبراهيم (عليه السلام) (واتخذوا من مقام   إبراهيم مصلى) (10) حيث تجوز الصلاة خلف الكعبة عند المقام أو خلفه في مختلف الطوابق.

5: وأيضا إذا جعلنا كلا من المسعى وعرفات والمشعر ومنى طبقات، ولعل مما يسهل الأمر جواز الوقوف خارجها عند الاضطرار كما في النص(11).

6: وكذلك إذا جعلنا الجمرات طبقات، وتوفر الجمار في جميعها.

7: وإذا أوفرنا الشياه من مختلف البلاد، إضافة الى إمكان توسعة تربية المواشي في البلد، ولو فرض عدم هذه الكثرة من الشياه (فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم   )(12).

8: وخاصة مع الروح الإسلامية التي يتمتع بها الحجاج حيث يختلط بعضهم ببعض كما شاهدته قبل نيف وأربعين سنة(13)، ويكون هناك وحدة عالمية، قال تعالى: (سواء العاكف فيه والباد )(14).

9: والخيام ـ ان لم تبن مدن الحجاج ـ تضرب في أطراف البلدين المقدسين بقدر يستوعب الحجيج .

10: وتوفر وسائل النقل الكافية لنقل الجميع، وهذا أمر ميسور في تقدم الصناعة والتجارة الحاصلة في العالم اليوم .

إضافة الى لزوم التسهيل في أمور الحجاج ورفع القيود المصطنعة كالتأشيرة والجواز و‎ما أشبه، كما كان أمر الحج قبل عهد الاستعمار.          

ولا يستغرب من ذلك ففي زمان الإمام السجاد (عليه السلام) حج ما يزيد على 5/4 مليون، فكيف بهذا اليوم الذي تتمتع فيه الدولة بالإمكانات النفطية الكبيرة، وخاصة اذا اهتمت البلاد الإسلامية ـ خليجية وغيرها ـ في ذلك وساهمت في هذه المهمة التي قد لا يستوعب إيجادها اكثر من سنوات معدودات بسبب التقنية الحديثة، مضافا الى المحسنين من تجار المسلمين وكفاءاتهم.

فإجراء هذا المشروع الحيوي ضروري، قال سبحانه: (ليشهدوا منافع لهم)(15) بما ينفع كل البشرية، والذي يحمل الهمة العالية لا تقف أمامه الحواجز والموانع (فان المرء يطير بهمته كما يطير الطائر بجناحيه) .. والله الموفق والمستعان.

 

قم المقدسة       

ذي القعدة / 1418 هـ ق

محمد الشيرازي    

 

1 ـ من أدعية شهر رمضان بعد كل فريضة: راجع (الإقبال) ص 24 و(مفاتيح الجنان) و(الدعاء والزيارة) في أعمال شهر رمضان.

2 ـ راجع كتاب (عندما يحكم الإسلام) الصفحة الأخيرة لعبد الله فهد النفيسي، فانه يذكر ان عدد المسلمين بلغ المليارين.

3 ـ (لكي يستوعب الحج عشرة ملايين) كراس كتبه الإمام الشيرازي في الكويت 20 /  ذي الحجة / 1394 هـ وطبع مكررا،  كما طبع ضمن كتاب (الحاج في مكة والمدينة) الطبعة الثالثة 1399هـ دار القرآن الحكيم قم المقدسة.

يشتمل هذا الكراس على فصول خمسة:

الفصل الأول: (تطوير العمران في المشاعر) وفيه 30 نقطة.

الفصل الثاني: (تعمير المشاهد المتبركة) وفيه 15 نقطة.

الفصل الثالث: (إعطاء الحريات لكافة المسلمين) وفيه نقطتان.

الفصل الرابع: (التبليغ في الحج) وفيه 10 نقاط.

الفصل الخامس: (مساعدة المسلمين لأجل الحج) وفيه 12 نقطة.

4 ـ سورة الأنبياء : الآية 92.

5 ـ سورة الأعراف : الآية 157.

6 ـ سورة الحجرات : الآية 10.

7 ـ سورة الحجرات : الآية 13.

8 ـ معدن الجواهر: ص21 لأبي الفتح محمد بن علي الكراجكي. وفي تحف العقول عنه (صلى الله عليه وآله): (أيها الناس ان ربكم واحد وان أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب ان أكرمكم عند الله اتقاكم وليس لعربي على عجمي فضل الا بالتقوى).

9 ـ عند الضرورة. راجع (مناسك الحج) و(جامع مناسك الحج) و(الحاج في مكة والمدينة) و.. للإمام المؤلف (دام ظله).

10 ـ سورة البقرة : الآية 125.

11 ـ راجع موسوعة الفقه: كتاب الحج، للإمام المؤلف (دام ظله).

12 ـ سورة البقرة : الآية 196.

13 ـ وهذا أمر قد يسهّل مسالة السكن، بالإضافة إلى لزوم بناء الفنادق الكبيرة بحيث يحتوي كل فندق على عشرة آلاف غرفة او ما أشبه، مع ملاحظة ان تكون الأجور زهيدة والأسعار رخيصة بما يتناسب مع حال الزائرين الكرام، فان رخص الأسعار وانخفاض قيمة الأجور يوجب كثرة المقبلين، كما يوجب ارتفاع الاقتصاد أيضا.

14 ـ سورة الحج : الآية 25.

15 ـ سورة الحج : الآية 28.