الفهرس

المؤلفات

 الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

 البقيع

البقيع: محل مستطيل شرقي المدينة: كان خارجاً عن سورها وطوله 150 متراً في عرض 100 متر، ويقال له: بقيع الغرقد، لأن هذا النوع من الشجر كان كثيراً فيه ولكنه قطع.

وهذا المكان المقدس به قبور كثير من الصحابة، ولا يعرف قبور كثير منهم إلاّ أفراد معدودة أقيمت على قبور بعضهم قباب، ومن أهمها قبور الأئمة الطاهرين (عليهم افضل الصلاة والسلام) كما سيأتي.

وعن أبي هريرة: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خرج إلى المقبرة، فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنّي قد رأيت إخواننا.

قالوا: يا رسول الله ألسنا إخوانك؟

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أنتم أصحابي، وإخواننا لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض.

قالوا: يا رسول الله كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتّك؟

قال: أريتم لو كان لرجل خيل غرّ محجّلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟

قالوا: بلى.

قال (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنهّم يأتون يوم القيامة غرّاً محجّلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، وليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، فأناديهم ألا هلمّ ألا هلمّ ألا هلمّ فيقال: إنهم قد بدّلوا فأقول: فسحقاً فسحقاً.      

وعن أبي مويهبة مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أهبني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من جوف الليل، فقال: إني أمرت أن استغفر لأهل البقيع فانطلق معي، فانطلقت معه، فلمّا وقف بين أظهرهم، قال: (السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم) ثم استغفر لهم طويلاً ورجع، ثم قال: يا أبا مويهبة انّي قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربّي ثم الجنة، قلت: بأبي وأميّ خذ مفاتيح الدنيا والخلد ثم الجنة، قال: لا، والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربّي ثم الجنة، ثم رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فبدأ به وجعه الذي قبض فيه(1).

وذكر الطبراني في الكبير، عن أم قيس: أنها خرجت مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى البقيع، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): يحشر من هذه المقبرة سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب وكأن وجوههم القمر ليلة البدر، فقام رجل، فقال: يا رسول الله وأنا، فقال: وأنت، فقام آخر، فقال: يا رسول الله وأنا، قال: سبقك بها عكاشة، قال الراوي: قلت لها: لم لم يقل للآخر؟ فقالت: أراه كان منافقاً.

أقول: الظاهر أن السبعين كان من باب المثال، مثل ما ورد في وادي السلام في النجف الأشرف(2).

أعلام قبور البقيع

منهم: الإمام الحسن بن علي (عليه السلام)، وفي قبة الحسن (عليه السلام) ابن أخيه الإمام زين العابدين والإمام أبو جعفر الباقر والإمام جعفر الصادق (عليهم السلام).

وقبة إبراهيم بن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

وفاطمة بنت أسد.

وعبد الله بن مسعود. 

وممن علم قبره العباس بن عبد المطلب وأخته صفية.

وأبوسفيان ابن الحارث، وسعد بن معاذ، وأبو سعيد الخدري.

وزوجات الرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ خديجة وميمونة.

وبنات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) زينب ورقية وأم كلثوم.

وإسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).

وقد هدّمها الوهابيون.

وإليك بعض التفصيل عمن دفنوا في البقيع:

1: إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): مات إبراهيم ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو ابن ستة عشر شهراً، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ادفنوه في البقيع فإن له مرضعة في الجنة تتم رضاعه(3).

2: عثمان بن مظعون، فقد ورد أن أول من دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالبقيع عثمان بن مظعون، فلمّا توفّى ابنه إبراهيم قالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أين نحفر له؟ فقال: عند فرطنا عثمان بن مظعون(4).

وكان عثمان بن مظعون أول من مات من المهاجرين، قالوا: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أين ندفنه؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): بالبقيع، قال: فلحّد له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفضل حجر من حجارة لحده، فحمله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوضعه عند رجليه، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أتعلّم به قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي، فلمّا ولّى مروان بن الحكم المدينة مرّ على ذلك الحجر، فأمر به فرمي به، وقال: والله لا يكون على قبر عثمان بن مظعون حجر يعرف به، فأتته بنو أميّة فقالوا: بئس ما صنعت، عمدت إلى حجر وضعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فرميت به(5).

3: بنات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): زينب ورقيّة وأم كلثوم، وكانت عليهنّ قبّة وقد هدموها.

4: ومن القباب: قبّة كبيرة لآل البيت، وبها قبر العبّاس بن عبد المطلب، والإمام الحسن بن علي، والإمام عليّ بن الحسين زين العابدين، والإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر، والإمام جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام)، تجمعهم قبّة واحدة هي أعلى القباب.

وهناك قبّة لزوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكلّ زوجات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) دفنّ بالمدينة إلاّ خديجة فبمكّة المكرمة، وإلاّ ميمونة فبسرف.

وهناك قبّة إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام).

وهناك قبّة تسمّى (قبّة الحزن) يقال: إنها البيت الذي آوت إليه فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتزمت الحزن فيه بعد وفاة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وكانت بالبقيع قباب كثيرة هدمّت كلها.

5: قبر فاطمة بنت أسد، قيل: دفنت في موضع المسجد الذي يقال له اليوم: قبر فاطمة، في أول مقابر بني هاشم التي في دار عقيل، أما قبر فاطمة الزهراء (عليها السلام) فهو مجهول.

6: قبر عبد الله بن مسعود، روي أن ابن مسعود قال: ادفنوني عند قبر عثمان بن مظعون.

7: قبر أبي سفيان بن عبد المطلب، وهو الذي حفر قبره بنفسه قبل موته بثلاثة أيّام، رآه عقيل بن أبي طالب يجول بين المقابر، فقال: يا بن عم مالي أراك هنا؟ قال: أطلب موضع قبر، فأدخله داره وأمر بقبر فحفر، وقعد عليه ساعة، ثمّ انصرف فلم يلبث إلاّ يومين حتّى دفن فيه، والظاهر أنّه في المشهد المنسوب إلى عقيل اليوم، وفيه قبر ابن أخيه عبد الله بن جعفر الطيّار وهو الجواد المشهور، وهذه البقعة وقعت في أوّل البقيع.

8: قبر سعد بن معاذ: صلّى عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ودفنه في طرف الزقاق المجاور لدار المقداد بن الأسود في أقصى البقيع.

9: قبر إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، وقد كان مشهد إسماعيل (عليه السلام) خارج البقيع قبل سنوات، ولكن في العصر الحاضر لم يبق من المشهد والمسجد أثراً، ويقال: إنّهم نقلوا مشهده إلى داخل البقيع قريباً من بقعة الحليمة السعديّة (رضوان الله عليها).

ولا يخفى أنّ هناك روضتين أيضاً:

10: روضة منسوبة إلى أمّهات المؤمنين.

11: وأخرى منسوبة إلى بنات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهما غربي مشهد عقيل.

ثمّ إن روضة بنات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقعت في عصرنا بين قبور أمهّات المؤمنين وبقعة العباس والأئمةّ (عليهم السلام) مقابل الباب الكبير، وهّن زينب وأم كلثوم ورقيّة  (رضوان الله تعالى عليهن) ولا يخفى إنهّن تشرفّن بشرف الإسلام، وكنّ من النساء الطاهرات المؤمنات، ويشهد على ذلك عناية الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والصدّيقة الطاهرة بهنّ وفي الدعاء ذكرهنّ بإجلال، كما في أدعية شهر رمضان.

ومن أمّهات المؤمنين وزوجات الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في البقيع:

(أمّ سلمة) بنت عاتكة بنت عبد المطلب عمّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنها من أفضل أمهات المؤمنين.

و(زينب بنت جحش) وكانت قديمة الإسلام، ومن المهاجرات، وكانت كثيرة الخير والصدقة، كانت تعمل بيدها، وتتصّدق به في سبيل الله.

و(مارية القبطية) وهي أمّ ولده إبراهيم بن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أهداها المقوقس صاحب الإسكندريّة، وأهدى معها أختها سيرين وخصيّاً وبغلة شهباء وحلّة من حرير، وتوفيّت في المدينة سنة ستّ عشرة.

و(صفيّة بنت حي) بن أخطب من بني إسرائيل، من سبط لاوي بن يعقوب، وهي من سبايا خيبر، فقيل: إنّها سيدّة قريظة والنضير، لا تصلح إلاّ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واصطفاها وحجبّها وأعتقها وزوجّها وقسّم لها، وكانت عاقلة من عقلاء النساء.

و(سودة) بنت زمعة بن قيس، تزوجّها رسول الله (صلى الله     عليه وآله وسلم) بمكّة بعد وفاة خديجة (عليه السلام)، وكانت سودة عفيفة أشدّ العفاف، ومن عفافها أنّه قيل لها: لم لم تحجّين؟ فقالت: قد أدّيت الواجب، والواجب بعد ذلك القعود في البيت، كما قال الله تعالى: (وقرن في بيوتكنّ)(6) وإني عزمت أن لا أخرج من حجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى أموت، وكانت على هذا حتّى ماتت.

و(جويرية) بنت الحارث الخزاعية، سابها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة بني المصطلق.

و(أم حبيبة) بنت أبي سفيان بن حرب، خرجت من مكّة مهاجرة إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش، فتنصّر ومات في الحبشة، وثبتت هي على الإسلام، وتزوجّها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد موت زوجها.

ومن المدفونين فيها: عائشة وحفصة.

ومن المدفونين في البقيع أيضاً: صفيّة بنت بعد المطلب، وقد ذكر أهل السير أن من القباب المنهدمة في البقيع قبّة عمتّي الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) صفيّة وعاتكة.

وأم البنين (عليه السلام) والدة أبي الفضل العباس (عليه السلام) فإنها مدفونة في البقعة المنسوبة إلى صفيّة بنت عبد المطلب.

وحليمة السعديّة وهي أمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الرضاعية، كانت لها بقعة معروفة في أقصى البقيع.

وشهداء أحد: خنيس بن حذاقة، نالته جراحة يوم أحد، فمات بسببها بالمدينة ودفن بالبقيع عند عثمان بن مظعون وكان ناس من المسلمين قد احتملوا قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم بها، فنهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن ذلك وقال: ادفنوهم حيث صرعوا.

شهداء اُحد

وأكثر شهداء أحد مدفونون في أحد كما أنّ هناك قبر حمزة سيّد الشهداء، وقبر النفس الزكية، وهو السيدّ الشريف محمّد الملّقب بالمهدي من أولاد عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قتل في أيّام المنصور، وهذا المشهد في شرقي جبل سلع، وهو داخل مسجد كبير مهجور، وهذا المشهد معروف بين أهل المدينة.

ومشهد مالك بن سنان والد أبي سعيد الخدري في غربي المدينة، قيل: إنّه ممّن استشهد في أحد ونقل جسده إلى هذا المكان.

وقد أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بدفن حمزة في الربوة التي هو بها اليوم، وكفّنه في بردة، وكفّن مصعب بن عمير في أخرى،و قيل: إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) دفنهما في قبر واحد.

وعمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصارييّن كانا في قبر واحد، وكانا ممّن استشهدا يوم أحد، وكان قبرهما ممّا يلي السيل، فحفر عنهما ليغيرا عن مكانهما، فوجدوهما لم يتغيرا كأنمّا ماتا بالأمس(7).

مدفن أبي ذر (رض)

ومدفن أبي ذر الغفاري (رضوان الله تعالى عليه) بالربذة، وقد سميت في الحال بالواسط، وهو أشهر من أن يذكر.

 مدفن آمنة أم الرسول (صلى الله عليه وآله)

وفي مجمع البحرين: أبواء مكان بين الحرمين سمّي بذلك لتبوّء السيل ونزوله فيه، وفيه قبّة آمنة أم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وفي سفينة البحار: توفيّت آمنة في الأبواء بين مكّة والمدينة ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابن ستّ سنين، وكانت قدمت به إلى المدنية على أخواله من بني النجّار، ومعها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأم أيمن حاضنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وكانت آمنة (عليها السلام) مؤمنة بدين إبراهيم (عليه السلام) كما هو الحال في الصالحين والصالحات من أقرباء الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).

مدفن عبدالله والد النبي (ص)

وقد كانت في جانب الغربي من الحرم النبوي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبّة على قبر والد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت حجرته الشريفة قريبة من السوق السابق، ولكن في التوسعة الأخيرة وقعت في عرصة المصلّى قريباً من باب السلام ولم يبق منها أثر.

 

1 ـ راجع بحار الأنوار ج21 ص409 باب36 ح41 وفيه: (روي عن أبي مويهبة مولى رسول الله (ص) قال أهبني رسول (ص) في المحرم مرجعه من حجه ولم أدر ما مضى من الليل أو ما بقي فقال انطلق فإني أمرت أن استغفر لأهل هذا البقيع فخرجت معه فاستغفر لهم طويلاً ثم قال ليهنكم ما أصبحتم فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الآخرة شر من الأولى، يا أبا مويهبة أعطيت خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فخيرت بين ذلك والجنة وبين لقاء ربي والجنة فقلت بأبي أنت وأمي خذ خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة).

2 ـ روى أبو عبد الله العلوي الحسني في كتاب فضل الكوفة بإسناده إلى عقبة بن علقمة قال: (اشترى أمير المؤمنين (ع) أرضاً ما بين الخورنق إلى الحيرة إلى الكوفة، وفي خبر آخر ما بين النجف الأشرف إلى الحيرة إلى الكوفة من الدهاقين بأربعبين ألف درهم وأشهد على شرائه، قال فقلت يا أمير المؤمنين تشتري هذا بهذا المال وليس ينبت حظاً، فقال سمعت رسول الله (ص) يقول كوفان كوفان يرد أولها على آخرها يحشر من ظهرها سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب فاشتهيت أن يحشروا على ملكي)، وسائل الشيعة ج3 ص161 باب12 ح3290.

3 ـ راجع بحار الأنوار ج21 ص409 باب36 ح41 وفيه: (إبراهيم بن رسول الله (ص) ولد في ذي الحجة من سنة ثمان وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة ودفن بالبقيع) الحديث.

4 ـ بحار الأنوار ج19 ص132 باب7 ح9، والبحار ج 48 ص297.

5 ـ بحار الانوار ج19 ص132 باب7 ح9 والبحار ج48 ص297.

6 ـ سورة الأحزاب: 33.

7 ـ راجع كتاب (تاريخ المدينة المنورة) لأبن شبه النميري وكنز الفوائد ج1 ص383 مما روي في القبور والدفائن.