المؤلفات |
حرية النكاح |
كل من الرجل والمرأة حر في أن يتزوج أو لا يتزوج وإن كان الزواج لهما أفضل، كما أن الأفضل اختيار كل واحد منهما الآخر إنساناً كاملاً، فالرجل يختار العاقلة الكريمة الأصل، التي لم تولد من الزنا أو الحــيض أو الشبهة، الباكرة العفيفة الولود كما يكره تزويج الحمقاء والمجنونة وما أشبه ذلك، وكذلك المرأة تختار الزوج المؤمن القادر على تلبية حاجاتها الجسدية والنفسية. وذكر الفقهاء أنه يستحب للمرأة وأهلها اختيار الزوج الذي يرضى خلقه ودينه وأمانته ويكون عفيفاً صاحب يسار، ويكره تزويج شارب الخمر وسيىء الخلق والمخنث، ومن أشبه ذلك. ثم إن مريد التزويج إن تزوج المرأة لجمالها واقتصر على ذلك رأى فيها ما يكره وإن تزوجها لمالها مقتصراً عليه وكله الله تعالى إليه، وإن تزوجها لدينها رزقه الله الجمال والمال، وقد فسرنا هذا الحديث في بعض مباحث الفقه. ومن المستحب أكيداً تعجيل تزويج البنت فإن من سعادة الرجل أن لا تطمث ابنته في بيته، وكذلك يستحب تعجيل تزويج الغلام إذا بلغ بل وحتى الصغيرين إذا كان خوف الوقوع في الحرام كما في أصحاب الخيام والزرع، وما أشبه حيث يخرج الكبار إلى الزرع والرعي ويبقى الصغار، وكثيراً ما يقع ما لا يحمد عقباه، وللرجل والمرأة إذا جاءه خاطب أو خاطبة يستحب الإجابة. والإنسان حر في أن يتزوج في أي شهر وفي أي يوم. نعم، من المكروه التزويج بالنسبة إلى أيام عاشوراء ووفيّات المعصومين (عليهم السّلام) ويوم الأربعين للإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام)، وما أشبه ذلك من باب (يحزنون لحزننا) فإن الزواج مناف لهذا الحديث ونحوه، كما أن كل واحد منهما حر في أن يتزوج الأكبر أو الأصغر أو المساوي سناً، وهكذا كل منهما حر في أن يتزوج من جنسه أو قومه أو غير جنسه وقومه مثلاً يتزوج العربي العجمية، وبالعكس، والكردي الهندية، وبالعكس، وهكذا (فإن المسلمون أخوة تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم)(1). |
مستحبات الزواج |
وإذا تزوج استحب له الوليمة وهو حر في أن يولم أو لا يولم وإذا أراد الوليمة فهو حر في أن يولم يوماً أو يومين، كما أن من حضر العرس حر في أن يأكل من الطعام أو لا يأكل أو يأخذ من نثر الأعراس أو لا يأخذ. والمستحبات والمكروهات المذكورة في باب النكاح كثيرة. والإنسان حر في أن يفعلها أو لا يفعلها وإن كان من الأفضل أن يفعل المستحبات ويترك المكروهات. |
تعدد الزوجات |
والرجل حر في أن يتزوج واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو أربع بالنكاح الدائم، كما أن المرأة حرة في أن تقبل أو لا تقبل من يريد زواجها وهو متزوج. وغير المسلمين الذين يستشكلون في تعدد الزوجات نسأل منهم هل الرجل الذي يأخذ الزوجة الثانية يأخذ زوجة متزوجة أو خلية؟ إذ قالوا بالأول قلنا ليس الفرض هذا لأنه في الشريعة يحرم أخذ المتزوجة وإنما هو يأخذ الخلية فإذا لم يتزوجها فإنها تبقى عانساً، فأيهما أفضل العنس أو تعدد الزوجات؟ والكلام في هذا المبحث ذكرناه في بعض كتبنا الفقهية وغيرها. والرجل حر في أن يجامع زوجته في أي وقت شاء غير مثل أيام الحيض وبأي قسم من أقسام الجماع، إلا أن هناك مســتحبات ومكروهات لها تأثير في الصحة أو في الولد أو في غير ذلك كما ذكرناه في الفقه، وفي غير الفقه. |
حدود طاعة الزوجة |
والواجب على المرأة إطاعة الزوج في الاستفراش وعدم الخروج من البيت خروجاً غير واجب وفي ما عدا ذلك فهي حرة بأن تخرج أو لا تخرج لصلة رحمها أو ما أشبه. كما أن الواجب عليها الخروج إلى الحج والعمرة الواجبين، وكذلك سائر الواجبات المتوقفة على الخروج. كما أنها حرة في الخروج وفي عدم الخروج، إذا لم ينفق عليها الزوج، فإن وجوب الإطاعة في قبال النفقة والحديث المروي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في تلك المرأة التي أرادت الخروج فأمرها النبي بالبقاء حكاية فعل ولذا لا دلالة فيها على الإطلاق، كما ذكرنا تفصيله في الفقه. كما أن كل واحد من الرجل والمرأة حر في أن ينظر إلى الآخر الذي يريد زواجه. |
حدود النظر |
والإنسان حر في أن ينظر إلى بني جنسه، النساء إلى النساء، والرجال إلى الرجال من غير العورة بشرط أن لا يكون ريبة وتلذذ وخوف فتنة من غير فرق بين الشيخ والشاب وقبيح الوجه وحسنه والملتحي والأمرد. كما أن الرجل حر في النظر إلى الوجه والكفين من المرأة الأجنبية، بشرط أن لا يكون ريبة وتلذذ. والمرأة حرة في النظر إلى ذلك من الرجل. نعم، لا إشكال في أن الاحتياط للمرأة الستر، وللرجل الغض أما بالنسبة إلى المحارم فينظر كل واحد إلى الآخر ما عدا العورة وما أشبه العورة إذا لم يكن بريبة وتلذذ وخوف افتتان، كما أن للرجل أن ينظر إلى الطفلة غير البالغة إذا لم يكن بريبة وتلذذ وخوف افتتان، وكذلك العكس بالنسبة إلى المرأة فهي حرة في أن تنظر إلى الطفل غير البالغ بذلك الشرط، ويجوز لكل من الرجل والمرأة الأجنبيين النظر إلى الآخر إذا كان العلاج في حال الاضطرار وحالة الغرق، وما أشبه ذلك. ثم إن المحرم من النظر إنما هو ما كان على وجه يتمكن الناظر التمييز بين الرجل والمرأة وأنه العضو الفلاني، فلو رأى الأجنبية من بعيد أو بالعكس في الأجنبية على وجه لا يمكنه تمييزها وتمييز أعضائها أو لا يمكنه تمييز كونها رجلاً أو امرأة أو لا يمكنه تمييز كونها إنساناً أو حيواناً أو جماداً لم يكن من المحرم. كما أن كل واحد من الرجل والمرأة حر في سماع صوت الآخر بشرط أن لا يكون بريبة وتلذذ. فقد قال سبحانه: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض)(2)، فالمحرم هو الخضوع بالقول. |
حدود اللمس |
وكل من الزوجين الرجل والمرأة حر في لمس جسم الآخر بكل أعضائه لكل أعضائه، نعم، لا يجوز مس الأجنبية والأجنبي إلا عند الضرورة كالطب، وإنقاذ الغريق وما أشبه ذلك. كما أن كلاً من الزوج والزوجة حر في العزل عنها وإسقاط المني بعد حملها من دون أن تنعقد نطفة، وكذلك الرجل حر في الوطء وترك الوطء إلا ما كان على خلاف (وعاشروهن بالمعروف)(3)، كما ذكرناه في الفقه والرجل المسافر إذا جاء إلى أهله حر في أن يدخل على أهله ليلاً أو لا يدخل لكنه مكروه أن يدخل بدون الإعلام السابق. وكل من الرجل والمرأة حر في أن يتزوج دائماً أو متعة. وفي المتعة كل واحد منهما حر في طول المدة طولاً عرفياً أو قصره إلا طولاً غير صحيح كألف سنة وما أشبه ذلك، كما هو واضح. والمرأة حرة في مباشرة العقد لنفسها، كما يجوز توكيلها غيرها، فإن باشرت هي قالت للرجل زوجتك نفسي، وإن عقد وكيلها قال: زوجتك موكلتي. والوكيل حر في أن يصرح بالوكالة أو لا يصرح، فلو قال: زوجتك فاطمة صح وكل واحد منهما حر في التزويج بالآخر بدون معرفته السن والأوصاف الكاملة وما أشبه ذلك، وحيث إن كل امرأة لها حرية أن تتزوج بمن تشاء، وكذلك العكس، فلو تصادق رجل وامرأة على الزوجية الشرعية حكم بها ظاهراً وترتب عليها آثارها من وجوب إنفاقه عليها أو تمكينها منه وتوارثهما وغير ذلك من الأحكام. ولا فرق في كونهما من أهل البلد أو من الغرباء أو بالاختلاف بأن يكون أحدهما من أهل البلد والآخر غريباً. |
الولاية في التزويج |
ثم إن الأب والجد حران في تزويج الصغيرة والصغير إذا كان التزويج لمصلحة أو لم تكن هناك مفسدة على الاختلاف بين الفقهاء في أنه هل يشترط في الولاية المصلحة أو عدم المفسدة. أما البكر الكبيرة التي لها أب وجد فالأحوط إجازتهما بالإضافة إلى إجازتها. نعم، البنت تستقل أن عضلها الولي عن التزويج بكفو مع رغبتها، أما الثيب فلا ولاية لأحد عليها فهي حرة في أن تتزوج أو لا تتزوج. كما أنه لا ولاية للأبوين على الولد البالغ بل هو حر في الاختيار لنفسه. والحاكم الشرعي حر في نكاح من بلغ رشيداً مع فساد عقله وكذلك حال سائر القاصرين الذين ليست لهم أولياء، فإن شاء زوج وإن شاء لم يزوج إلا إذا كانت ضرورة فالواجب الزواج. والمحجور عليه للتبذير حر في التزويج وعدم التزويج فيما لا يحتاج إلى المال، كما لو تزوج بتعليم سورة من القرآن أو تعليم صنعة أو ما أشبه ذلك. ولو وكلت البالغة الرشيدة إنساناً في تزويجها وأطلقت فإن كان الإطلاق شاملاً حتى لتزويج الوكيل إياها لنفسه حق للوكيل، وكان حراً أن يزوجها لنفسه أو لغيره وإن لم يكن إطلاق بهذا الحيث، فإن الوكيل حر في أن يزوجها بمن يراه صلاحاً. |
التزويج الفضولي |
ولو زوج إنسان رجل أو امرأة بدون إذنهما ورضايتهما فهما حران في الإجازة وعدم الإجازة، لأن العقد حينئذ يكون فضولياً والأخرس والأعمى والأصم أحرار في التزويج وعدم التزويج فإذا زوج الأخرس أو الخرساء تكون الصيغة بالإشارة، ويصح أن يكون طرفا العقد الفضوليان أو الأصيلان أو أصيل وفضولي، فإن كان الفضوليان احتاج إلى إجازة الأصيلين أما إذا كان فضولي وأصيل، فالمحتاج إليه هو الأصيل الذي عقده الفضولي، ولو زوج إنسان امرأة فضولة ثم تزوج المرأة بنفسها زوجاً آخر بطل الفضولي تلقائياً، وكذلك بالنسبة إلى الرجل فلو زوجه إنسان فضولة ثم تزوّج هو بأخت تلك المرأة أو أمها أو الرابعة بطل الفضولي تلقائياً وقد تقدم أن كل رجل حر في أن يتزوج امرأة وكل امرأة حرة في أن تتزوج رجلاً، لكن هناك محرمات نسبية أو رضاعية أو ما أشبه كالأم والأخت والبنت والخالة والعمة وبنات الأخ وبنات الأخت وما أشبه ذلك ممن حرّمهن الإسلام وقد ذكرنا تفصيله في كتاب الفقه، فلا حاجة إلى الإعادة والرجل حر في أن يتزوج بقابلته وابنتها وأن لا يتزوج واحدة منهما نعم، هناك كراهة في مثل هذا الزواج. |
المتعة |
والإنسان حر في عقد المتعة كما أن المرأة حرة في ذلك وتتقيد المتعة بالمهر والمدة. والمهر كل ما قل أو كثر ولو كف من طعام أو ما أشبه ذلك، كما أنه يصح الشرط في المتعة من الرجل على المرأة أو من المرأة على الرجل مثل اشتراطها ليلاً أو نهاراً، أو أن يشترط المرة والمرتين مع ضبط الخصوصيات حتى لا يكون غرر أو على شرط أن لا يطأها في القدام أو ما أشبه ذلك من الشروط المحللة. وإذا دخل الرجل بالمرأة دائمة أو متعة وجب بعد الطلاق أو تمام المدة أو هبة المدة العدة، أما إذا لم يدخل بها فلا عدة عليها فهي حرة أن تتزوج بمن شاءت، كما أن اليائسة لا عدة عليها أيضاً. والمتمتع بامرأة حر في أن يهب لها كل المدة أو بعض المدة لكن يجب أن يكون بعض المدة هو الأخير من المدة، أما لو وهب أول المدة ففي بقاء المتعة بعد ذلك إشكال كما أنه لو وهب وسط المدة ففي بقاء بعد الوسط إشكال. |
مبطلات النكاح |
والمرأة حرة في الفسخ والبقاء على العقد فيما إذا كان الرجل مجنوناً، أو خصياً أي منسل الأنثيين، أو عنيناً وهو مرض مخصوص تضعف معه القوة عن نشر العضو بحيث يعجز عن الإيلاج، أو الجب الذي هو عبارة عن قطع الذكر وذكر بعض الفقهاء أنها حرة في الفسخ أو البقاء فيما إذا كان الزوج أجذم أو أبرص أو أعمى أو أعرج أو زانياً أو فقد أي شرط من الشرائط المذكورة في العقد. كما أن الرجل حر في الفسخ واللافسخ بالنسبة إلى المرأة إذا كانت معيبة بجنون، أو جذام، أو برص، أو قرن وهو عظم ينبت في الفرج يمنع من الوطء، أو إفضاء وهو اتحاد مسلكي البول والحيض أو ما أشبه ذلك أو عرجاً بيناً، أو عمى، أو رتقاء وهو عبارة عن التحام الفرج على وجه لا يبقى للرجل مدخل فيه، وكذلك قال جمع باختياره في الفسخ أو اللافسخ وأنه حر في ذلك إذا شرط شرطاً فظهرت المرأة على خلاف ذلك الشرط كما إذا تزوجها على أن عمرها عشرون فظهر أربعين أو تزوجها على أنها بكر فظهرت ثيباً أو ثيباً فظهرت بكراً إلى غير ذلك، لكن الخيار في أي من الرجل والمرأة والحرية في الفسخ واللافسخ إنما يكون مع الجهل بالعيب حال العقد، فلا خيار في صورة العلم والعمد، كما أنه لا يبعد أن يكون ذو الخيار حراً في تأخير الفسخ أو تعجيله وإن قال جمع بلزوم تعجيله. والفسخ بالعيوب المذكورة من جانب كل من الزوجين ليس بطلاق فلا يفتقر إلى صيغة الطلاق ولا شروطه من طهر غير المواقعة ونحوه مما ذكر في كتاب الطلاق كما أن الفسخ لا يعد في الثلاث المحرمة ولا يطرد معه تنصيف المهر قبل الدخول على القول بعدم الانتصاف في الفراق بفسخ. نعم، دل النص على انتصاف المهر في العنن، لكن اللازم الاقتصار على مورده كما أن الرجل والمرأة اللذين يريدان الفسخ حران في مراجعة الحاكم وعدم مراجعة الحاكم إلا في العنن، فإنه بعد ثبوته يلزم المرأة أن ترجع إلى الحاكم لضرب الأجل وانقضائه، فإذا انقضى الأجل وتعذر الوطء حق لها الفسخ، وإذا كان في البين مدلس حق للزوج في الرجوع على المدلس بما غرم من المهر فهو حر في أن يأخذ المهر كله منه أو بعضه أو لا يأخذ منه شيئاً، سواء كان المدلس أجنبياً أو ولياً أو كانت الزوجة نفسها، أو لو كان بكل من الزوجين عيب كان لكل واحد منهما حرية الفسخ والبقاء، وإن اختار أحدهما الفسخ لم يكن للآخر البقاء. |
المهر |
والزوج حر في أن يجعل المهر ما يشاء مما يملكه ولو شيئاً قليلاً، كما يصح العقد على منفعة الحر بتعليم الصنعة والسورة من القرآن أو شيء من الأحاديث، أو ما أشبه ذلك، أو عمل محلل كالنساجة والخياطة والحدادة، وما أشبه ذلك. ويكفي في المهر مشاهدته إن كان حاضراً أو وصفه إن كان غائباً ولا يقدح جهالة كيله أو وزنه أو عده أو ذرعه أو ما أشبه ذلك في المهر الحاضر، كما إذا جعل المهر صبرة من الطعام أو قطعة من الذهب أو مقداراً من الجوز أو مساحة من الأرض أو ما أشبه ذلك أو غيرها، فيما لم يكن غرر. كما أن الإنسان حر في تزويج امرأتين بعقد واحد ومهر واحد كما ذكره المشهور، وحينئذ يسقط المهر بينهما حسب مهر أمثالهن، كما أنه حر في أن يتزوجها على أن يذهب بها إلى كربلاء أو إلى النجف أو إلى أحد المشاهد الأخرى أو إلى الحج أو العمرة أو القدس أو ما أشبه ذلك. ولو تزوجها على مجلد من القرآن الحكيم أو كتاب الشرائع أو كتاب المفاتيح أو على دار أو خادم أو ما أشبه ذلك صح ووجب إعطاؤها الوسط من الأمور المذكورة قالوا ولو تزوجها على كتاب الله وسنة نبيه (صلّى الله عليه وآله وسلم) ولم يسم مهراً صح العقد، وكان لها خمسمائة درهم إن قصد بكونه على كتاب الله وسنة نبيه العموم بحيث يشمل المهر فلو أراد بذلك أنه نكاح وليس بسفاح ولم يقصد المهر ثبت لها مهر المثل. ولو تزوجها وجعل صداقها مهرين مهراً سراً، ومهراً علانية لحفظ ماء وجهه عند الناس مثلاً كان لها الأول لأن العلانية ليست بمهر حقيقة ولم يقصده. ولو جعل المهر المعين فوجدت به عيباً سابقاً على العقد فهي حرة في قبوله مطلقاً أو قبوله بالأرش أو رده والرجوع على الزوج بمثله إن كان مثلياً وبقيمته إن كان قيمياً، وكذلك الحال لو حصل العيب في المهر بعد العقد وقبل القبض، أما إذا تجدد العيب بعد العقد والقبض فهو على المرأة وليس على الزوج شيء. ولو لم يسلم الزوج للمرأة المهر وكان المهر حاضراً كان لها الحرية في الامتناع عن عدم تسليم نفسها أو تسليم نفسها بدون قبض المهر من غير فرق بين أن يكون الزوج موسراً أو معسراً، وأن تكون هي بكراً أو ثيباً، ولو كانت الزوجة صغيرة غير قابلة للاستمتاع بوجه من الوجوه وجب على الزوج تسليم المهر الغير المؤجل إلى الولي، وكذا لو انعكس الفرض أو كانا صغيرين. ثم المهر ليس ركناً في النكاح الدائم فيجوز إخلاؤه من المهر فلو تزوجها ولم يذكر مهراً أو شرط أن لا مهر مسمى صح العقد وصار مهر المثل فهما حران في أن يجعلا مهراً أو لا يجعلا مهراً، ولو لم يجعل المهر وطلقها قبل الدخول صنعها بشيء. والمتعة عبارة عن شيء يعطيه الرجل للمرأة ويكون بحال الزوج في اليسار والإقتار. فالغني يمتع بالدابة أو الثور المرتفع أو عشرة دنانير، والمتوسط بخمسة دنانير أو الثور المتوسط، والفقير بالدينار أو الخاتم أو ما شاكل ذلك. وهما حران أن يتراضيا بعد العقد بفرض المهر وذلك لانحصار الحق فيهما سواء كان بقدر مهر المثل أو أزيد أو أقل وسواء كانا عالمين بقدر مهر أمثالها أو جاهلين أو متفرقين، والتفويض بالمعنى الذي ذكرناه إنما يتحقق في البالغة الرشيدة ولا يتحقق في الصغيرة ولا الكبيرة السفيهة ولا المجنونة. وهما حران أن يذكرا المهر في العقد مبهماً ويفوض تقديره إلى أحد الزوجين بعينه أو أحدهما لا على التعيين أو إليهما جميعاً أو إلى أجنبي معهما أو بدونهما أو مع أحدهما فلو كان التقدير إلى أحد الزوجين لا بعينه مضى تقدير من قدر أولاً ويكون تقدير الثاني باطلاً ولو كان إليهما جميعاً وقف على اتفاقهما معاً عليه. وهذا يسمى بمفوضة المهر، ولو طلق مفوضة المهر قبل الدخول أو بعده لم يبطل الحكم والتعيين وألزم من إليه الحكم أن يحكم مقدمة لإيصال الحق إلى صاحبه، فإذا حكم فإن كان الطلاق قبل الدخول استحقّت نصف المحكوم به وإن كان بعده استحقت تمامه. والزوجة حرة في أن تقبل دخول الزوج بها قبل تسليم المهر أو عدم دخوله بها قبل التسليم فإذا دخل الزوج قبل تسليم المهر كان ديناً عليه ولم يسقط بالدخول عاجلاً كان جميع المهر أو آجلاً أو بعضه عاجلاً أو بعضه آجلاً، وفي الآجل طالت مدته أو قصرت، طالبت به أو لم تطالب، وإذا طلق الرجل المرأة قبل الدخول كان للمرأة نصف المهر فإن كان المهر ديناً كان عليه نصفه وبرئت ذمته من النصف الآخر. وإن كان عيناً غير مسلمة إليها أو باقية إلى حين الطلاق بغير زيادة ولا نقصان استحق الرجل نصفها وسلم إليها النصف الآخر. والمرأة حرة في إبراء الرجل من الصداق كلاً أو بعضاً، فلو أبرأته من الصداق فيما إذا كان ديناً أو وهبته إياه فيما إذا كان عيناً ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصف مثله عليها إن كان مثلياً وبنصف قيمته إن كان قيمياً. والمرأة حرة في أن تقبل عوض المهر شيئاً خاصاً، مثلاً جعل المهر ألف دينار ثم سلمها الرجل داراً عوض ذلك الألف فإذا أعطاها الرجل عوض المهر، ثم طلقها قبل الدخول كان له الرجوع بنصف مثل المسمى أو قيمته دون العوض. وكذا هي حرة في أن تشترط أن يطلقها الزوج بعد الزوجية قبل الدخول أو بعد الدخول وهذا ينفع في مثل المحلل وكل شرط لم يمنعه الشارع جائز في باب النكاح، سواء تعلق به غرض العقلاء نوعاً أو شخصاً مثل اشتراطها أن لا يكون له منعها من الخروج حيث شاءت إلى الموارد المشروعة، واشتراط أن يقسم لها ثلاث ليال ولضرتها الواحدة ليلة واحدة واشتراط إعطائها المهر في أجل خاص، واشتراط أن لا يطأها قبلاً أو لا يطأها دبراً واشتراط أن لا يخرجها من بلدها أو البلد الفلاني، ولو أذنت بالوطي بعد العقد الذي اشترطت فيه المشروط بعدم الوطي جاز لأنه حقها وكذلك لو أذنت بالإخراج بعد العقد جاز، ولو تزوجها على مهر على أن تخرج معه إلى بلاده فإن لم تخرج معه فإن مهرها نصفه أو ثلثه مثلاً، وكان البلد بلد الإسلام لزم الشرط ووجبت عليها الإجابة فإن لم تجب كانت عاصية ونقص من مهرها المقدار المشترط. ولها الحرية في أن تهب للزوج نصف مهرها مشاعاً، فإن فعلت ذلك ثم طلقها قبل الدخول فله الباقي ولم يرجع عليها بشيء، وكذلك الحال في المهر الكلي أو المردد على ما ذكرناه من صحة المهر المردد وهي حرة في أن تعفو الزوج عن بعض المهر أو عن جميع المهر وإبراء الزوج منه أو هبتها إياه، ولو أصدقها قطعة من الذهب فصاغها، ثم طلقها قبل الدخول كانت بالخيار في إعطاء نصف العين أو نصف القيمة، لأنه لا يجب عليها بذل الصنعة، كذا قال جمع من الفقهاء، وكذلك لو كان المهر ثوباً فخاطته قميصاً لم يلزم الزوج أخذه وكان له إلزامها بنصف مثله إن كان مثلياً ونصف قيمته إن كانت قيمياً لخروجه للخياطة عما كان قابلاً له. وفي الكلام تفصيل ذكرناه في الفقه. وهما حران أن يجمعا بين نكاح وبيع في عقد واحد مع تعيين المهر والثمن، ولو عقد النكاح والبيع بعوض واحد يصح ويقسط العوض على الثمن ومهر المثل بالنسبة. والوالد حر في أن يزوج ولده أو لا يزوجه فيما إذا كان الولد صغيراً، لأنه ولي فإن كان للولد مال كان المهر على الولد، وإن كان فقيراً كان المهر في عهدة الوالد من غير فرق بين كون المهر حالاً أو مؤجلاً، ولا بين عقد الأب بنفسه أو وكيله، وهكذا حال ما لو عقده غيره فضولاً فأجاز الأب ذلك، ولو أدى الأب المهر عن ولده الكبير تبرعاً حيث إنه حر في أن يكون المهر من ماله أو من مال أبيه إذا رضي الأب ثم فرض طلاب الولد للزوجة قبل الدخول رجع بنصف المهر عليها ولم يكن للأب انتزاعه. ومن وطأ امرأة وكانت المرأة مشتبهة وجب على الرجل إعطاء مهر المثل لها، أما إذا كانت عالمة سواء كان الرجل عالماً أو جاهلاً فلا مهر لها لأنها بغية ولا مهر لبغي. |
قسمة الليالي |
ثم إن الواجب على الرجل نفقتها وهي حق لها عليه ويتخير الرجل بين أقسام النفقة التي هي مندرجة في كلي النفقة العرفية من المأكل والمشرب والمسكن والكسوة وتحت القسمة بين الزوجات فمن له زوجة واحدة فلها ليلة من أربع ليالي، وله ثلاث يضعها حيث يشاء ومن عنده اثنتان فلكل منهما ليلة من الأربع فتفضل له ليلتان يضعهما حيث شاء ومن عنده ثلاث فلكل منهن ليلة وله ليلة ومن كانت عنده أربع فلكل واحدة ليلة، ولا يبقى شيء. والقسم حق مشترك بين الزوجين فلو أسقطت حقها منه كان للزوج الحرية في قبول الإسقاط وعدمه، فإذا لم يقبل الإسقاط كان له المضاجعة معها وإن وهبت المرأة لياليها للزوجات الأخريات برضى الزوج وجــب قسمتها عليهن وإن وهبتها لبعضهن اختصت بالموهوبة، ولو وهبت ثلاث منهن فرضــاً لياليهن للرابعة برضى الزوج لزم الزوج المبيت عندها كل الليالي، ولو جار الرجــل في القسمة عمداً أو نسياناً أو جهلاً بالموضوع أو الحكم أو اضطراراً أو إكراهاً قضى لمن أخل بليلتها فيبيت عندها ليلة أو أكثر حسب ما فات منها. |
عندما يقع شقاق بينهما |
ثم لو وقع شقاق بين الزوجين بعث الحاكم الشرعي حكمين للاصطلاح بينهما كما في الآية الكريمة. والحكمان يبحثان ويفحصان عن حال الزوجين ويستكشفان السبب الباعث على وقوع الشقاق بينهما ويسعيان في التأليف بينهما مهما أمكن، والحاكم حينئذ مخير بين أن يبعث الحكمين من أفراد الأهل ومن الأجنبي أو حكماً من الأجنبي وحكماً من الأهل لكن الأهل أفضل فقد قال سبحانه: (فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها)(4) والحكمان حران في الإصلاح مع مواجهة الزوجين أو بدون المواجهة أو بمواجهة أحدهما دون الآخر، ولو كان الزوج منع شيئاً من حقوق الزوجة المندوبة فبذلت له بذلاً ليخلعها وخلعها صح الخلع فهي حرة في البذل وعدم البذل، أما إذا منع الزوج بعض الحقوق الواجبة لها فعل حراماً وإن صح بذل المرأة له بذلك ليخلعها، فإذا خلعها أيضاً رفع الخلع ولو زنى رجل بامرأة (والعياذ بالله) فهما بعد الزنا حران إن أرادا أن يتزوجا أو أرادا أن لا يتزوجا إذا لم يكن الزنا مانعاً عن الزواج على ما ذكر في أسباب التحريم. |
الولادة ومستحباتها |
والزوج حر في أن يقوم مقام القابلة سواء مع إمكان النساء أو عدمه لكن بشرط أن يكون الزوج عارفاً بالولادة حتى لا يوجب خطراً على الأم أو الولد، ثم إن هناك مستحبات بالنسبة إلى المولود. والإنسان حر في أن يفعلها أو لا يفعلها وإن كان الفعل أفضل. الأول: غسل المولود. الثاني: الأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى. الثالث: تحنيكه بماء الفرات وبتربة سيد الشهداء (عليه الصلاة والسلام) وبالتمر فإن لم يوجد ماء الفرات فبماء السماء أو بماء فرات. الرابع: تسمية المولود قبل الولادة وتسمية السقط كما ورد في الحديث. الخامس: أن يكنى المولود مخافة النبز أن يلحق به. السادس: حلق رأسه. السابع: الختان. الثامن: ثقب الأذن. التاسع: العقيقة ولكل من هذه الأمور خصوصيات ذكرت في الفقه مفصلاً. وهي حرة في أن تطالب الزوج بأجرة الرضاع أو لا. ومدة الرضاع المستحب حولان كاملان ويجوز الاقتصار على أحد وعشرين شهراً أو أقل منه. ولو طلبت الأم زيادة في الأجر مما لا تطالبه غيرها كان الأب حراً في إعطائها للأم أو لغيرها، كما أن الأم حرة في حضانة ولدها وعدم حضانته. والحضانة عبارة عن تعهد الأم بغسل بدن الطفل ورأسه وثيابه وخرقته وتبديل كل ذلك وتطهيره إلى غير ذلك من خدمات صحته ومرضه. والأب أحق بالولد، فإن مات كانت الأم أحق بالولد. قال سبحانه: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله)(5)، وحينئذ تكون هي أحق بالولد من وصي الأب ومن سائر الأقارب حتى من الجدة ولو فقد الأبوان يكون أب الأب أحق بالولد من غيره ولو فقد ذلك كان الترتيب على مراتب الإرث. ثم إن النفقة إنما هي في الزوجة الدائمة المطيعة. أما المتعة والناشزة فالزوج مخير بين الإنفاق عليها أو عدم الإنفاق ولو سافرت الدائمة بإذن الزوج لم تسقط نفقتها سواء كان في واجب أو مندوب أو مباح، وكذا لو سافر ضمن واجب بغير إذنه كالحج الواجب والعمرة الواجبة ونحوهما، أما لو سافرت في مندوب أو مباح بغير إذنه سقطت نفقتها. فالزوج حر في الإنفاق عليها أو عدم الإنفاق. ولو أعسر الزوج بحيث لم يتمكن من الإنفاق عليها ولم تتمكن هي من إدارة نفسها بأن كانت في عسر وحرج فلها الحق في مراجعة الحاكم الشرعي، وللحاكم الشرعي طلاقها إن رأى ذلك صلاحاً. كما أن المطلقة رجعية لها حق النفقة على الزوج، أما المطلقة بائناً فلا حق لها في النفقة عليه، ولو لم ينفق عليها الزوج مع استحقاقها للنفقة، واستقرضت وارتزقت بقصد الرجوع إلى الزوج، فلها الرجوع إلى الزوج فهي حرة في مثل ذلك، كما أن الواجب الإنفاق على الأبوين والأولاد والأجداد والأحفاد، وحيث تجب نفقتهم، والذي تجب النفقة عليه حر في الخصوصيات أما إذا أعطى النقود لهم فهم أحرار في خصوصيات النفقة، ويشترط في وجوب الإنفاق على الآباء وإن علوا وعلى الأولاد وإن سفلوا الفقر فلا يجب الإنفاق على الغني منهم بل هو حر في أن ينفق أو لا ينفق، كما أنه يشترط في وجوب الإنفاق على القريب القدرة، فلو لم يتمكن إلا من مقدار كفاية نفسه صرف على نفسه فإن فضل شيء فلزوجته، فإن فضل فللآباء والأولاد، ويكفي في القدرة التكسب اللائق بحالة وهو حر في أن يكتسب أي كسب شاء من الزراعة والتجارة والصناعة والحياكة والحدادة والنجارة والحلاقة وغيرها، ولا تقدير خاص في النفقة بل الواجب الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن وسائر ما يحتاج إليه حسب حال المنفق عليه المختلفة باختلاف البلاد والأزمان والأشخاص وحسب حال المنفق. والقريب الواجب عليه الإنفاق حر في إعفاء من يجب الإنفاق عليه بأن يزوجه أو يزوجها ويعطيه مهراً أو عدم الإنفاق وكما لا يجب الإعفاء كذلك لا يجب الإنفاق على زوجاتهم. نعم، يجب الإنفاق على أولادهم لأنهم أولاد الأولاد. أما أولاد الأب ومن عدا الأب من أولاد الجد وما أشبه ذلك فلا يجب الإنفاق عليهم، ومن كان له أب وجد موسران فله النفقة عليهما ولو كان له أب وابن موسران كانت نفقته عليهما بالسوية فيما إذا كان فقيراً نعم، لا يجب التنصيف بأن يعطي أحدهما ثلثه والآخر الثلثين وهكذا، ولو كان له ولدان لا يقدر إلا على نفقة أحدهما وله أب وجب على الأب نفقة الآخر، أما لو لم يكن له أب ولم يتمكن إلا من نفقة أحدهما فهل تحكم قاعدة العدل بالتنصيف أو ينفق على أحدهما فقط؟ احتمالان. ومن قصّر في دفع النفقة الواجبة مع قدرته أجبره الحاكم، فإن امتنع ولم يتمكن الحاكم من إجباره ولا من الأخذ من ماله تخير الحاكم في تأديبه بما يليق من أنواع التأديب لينفق بنفسه، كما أن نفقة الحيوان لازمة. والواجب القيام بما تحتاج إليه من علف وماء وتطبيب وما أشبه ذلك، ويطرد هذا الحكم إلى كل حيوان محترم فإن امتنع من ذلك أجبره الحاكم على الإنفاق أو البيع أو ما أشبه ذلك. والإنسان حر في أن يحمل دابته أي لون من ألوان البضائع المأكولة أو الملبوسة أو ما أشبه ذلك، نعم، لا يجوز تكليف الدابة ما لا تطيقه من تثقيل الحمل أو إدامة السير أو ما أشبه ذلك. أما الحلب فالإنسان مخير في أن يحلب دابته أو لا يحلبها إذا لم يكن عدم الحلب إسرافا. كما أن الإنسان حر في سقي الأشجار ونحوها إذا لم يكن الترك يوجب الإسراف وإلا وجب.
|
1 ـ الكافي: ج1، ص403، دار الكتب الإسلامية ـ طهران. 2 ـ سورة الأحزاب، الآية: 32. 3 ـ سورة النساء، الآية: 19. 4 ـ سورة النساء، الآية: 35. 5 ـ سورة الأنفال، الآية: 75. |