الفهرس

الثقافة الاسلامية

الصفحة الرئيسية

 

مكروهات الصوم

للصوم مكروهات، تضعف معنويته وتأثيره، فإذا أتى بها الصائم لا يكسب من صومه، سوى سقوط الفريضة عنه، وإنْ تركها يتيح لصومه، إمكانية إنقاذه من كثير من الانحرفات الاجتماعية والنفسية والصحية، ونقتصر على ذكر بعضها كما يلي:

1: الشِعر

لأنّ الشعر ـ بطبيعته ـ نوع من الزخرفة والتجميل للحياة، وألوان الزخرفة وإنْ اختلفت في بواعثها وأهدافها، إلاّ أنّها تتفق في تأكيد صلة الإنسان بالحياة، وإغرائه إلى الجمال ـ وإنْ كان الجمال اللفظي البريء ـ فإنّه على أي حال، لون من التسويل، الذي يزيد جشع المرء في الدنيا، فهو يعمل من أجل الترغيب في الحياة، بينما الصوم يسعى للتنزيهه في الحياة فيناقض هدف الصوم، ويعرقل زحفه الأكيد، فكره الشعر وإنْ كان حقاً، لأنَّ الشعر الحق، لا يفقد طبيعة الشعر المغرية المسوّلة.

قال حمّاد بن عثمان، سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:

(يكره رواية الشعر للصائم، والمحرم، وفي الحرم، وفي يوم الجمعة وأنْ يروى بالليل).

قلت: وإنْ كان شعرَ حق. قال:

(وإنْ كان شعر حق).

2: الرياحين

ولقد سبق: إنّ التعطر مستحب، ولكن شم الرياحين مكروه، لأنّ التعطر لا يزيد على تنزيه المؤمن من نفسه من الرائحة الكريهة، وهذا ينفع لتأليف القلوب، وتحابب الأخوان، بينما الرياحين من مفاتن الحياة، التي تغري إلى الخلود إليها، فتعاكس محاولة الصوم، لتخليص من الدنيا وتوجيهها إلى الله والدار الآخرة.

روى حسن بن راشد، عن الإمام الصادق (عليه السلام):

(الصائم لا يشم الرياحين).

روى الصدوق:

(كان الإمام الصادق (عليه السلام) إذا صام لا يشم الرَّيحان، فسئل عن ذلك، فقال: (إني أكره إن أخلط صومي بلذة).

قال المفيد (رحمه الله) في المقنعة: إنَّ ملوك الفرس، كان لهم يوم في السنة، يصومونه، فكانوا في ذلك اليوم، يعدون (النرجس) ويكثرون من شمّه، ليذهب عنهم العطش، فصار كالسنَّة لهم، فنهى آل محمد عن شمّه، خلافاً على القوم، وإنْ كان شمّه لا يفسد الصوم.

3: المغريات

فيكره للإنسان ممارسة كل شيء مثير لأمرين:

الأول: ـ إنّ الصوم ـ كما سبق يحاول تفريغ الذهنية الصائمة من حب الحياة، والمغريات تنشط فيها حب الحياة،

الثاني: إنَّ الإنسان ما دام يعيش في عزلة عن الأشياء المثيرة، يكون أبعد عن المحرمات، أما لو عاش المغريات، لا يأمن إنْ يستحوذ عليه الإغراء فيقتحم المحرمات فيفسد عليه صيامه.

سئل علي بن جعفر (عليه السلام) أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام):

(عن الرجل، هل يصلح أنْ يُقبّل أو يلمس، وهو يقضي شهر رمضان؟ قال: لا).

عن الحلبي، عن أبي عبد الله (عليه السلام):

(سئل عن الرجل، يمسّ من المرأة شيئاً، أيفسد ذلك صومه؟ فقال: إن ذلك ليكره للرجل الشاب، مخافة أنْ يسبقه المني).

4: المضعفات

ويكره للصائم ممارسة كل شيء مضعف، لأنّه إذا أضيف إلى الصوم، فقد يفرط الضعف إلى حيث ينهك قواه، ويضر بصحته، والإسلام إنّما شرع الصوم، لأغراض منها الصحة الجسدية، فيكره أنْ يفعل الصائم، ما يؤدي إلى الإخلال بصحته.

روى الإمام الرضا (عليه السلام) عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام):

(ثلاثة لا يعرّض أحدكم نفسه لهن، وهو صائم: الحمّام، والحجامة، والمرأة الحسناء).

روى الحلبي: عن الإمام الصادق (عليه السلام)

(سألته عن الصائم، أيحتجم؟)

(فقال: إني أتخوف عليه، ما يتخوّف به على نفسه)

(قلت: ماذا يتخوّف عليه؟)

(قال: الغثيان، أو تثور به مرة)

(قلت: أرأيت، إنْ قوى على ذلك، ولم يخش؟)

(قال: نعم: إنْ شاء الله).

روى عمّار بن موسى، عن الصادق (عليه السلام):

(في الصائم، ينزع ضرسه).

(قال: لا، ولا يدمي فاه، ولا يستاك بعود رطب).

روى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام):

(إنّه سئل عن الرجل، يدخل الحمام، وهو صائم).

(فقال: لا بأس، ما لم يخش ضعفاً)

(جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: أقبّل وأنا صائم؟)

فقال (عليه السلام): أعفَّ صومك، فإنَّ بَدءَ القتال اللِّطام).