الفهرس |
روايات في محبة أهل البيت (ع)[1] |
في البدء لابد أن نقوم باستعراض سريع وعابر، لبعض الروايات الشريفة التي تشير إلى محورية (محبة آل الرسول ومودتهم)، وموضوعيتها وتؤكد أنها هي المدار وبها الاعتبار[2] وإن محبهم سيدخل الجنة وإن كان عاصياً، ومبغضهم يدخل النار وإن أطاع الله وعبده حتى تنكسر رقبته. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ولو اجتمع الناس على حبه لما خلق الله جهنم).[3] وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما من عبد ولا أمة تموت وفي قلبه مثقال حبة خردل من حب علي ابن أبي طالب إلا أدخله الله الجنة).[4] وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (لو اجتمع الناس على حب علي ابن أبي طالب لما خلق الله عز وجل النار).[5] وعن علي (عليه السلام): (عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إن أول من يدخل الجنة أنا وأنت وفاطمة والحسن والحسين، قال علي (عليه السلام): فمحبونا؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من ورائكم).[6] وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن الله له الحمد عرض حب علي وفاطمة وذريتها على البرية فمن بادر منهم بالإجابة جعل منهم الرسل، ومن أجاب بعد ذلك جعل منهم الشيعة وإن الله جمعهم في الجنة).[7] وعن ابن عباس قال: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا علي إن فاطمة بضعة مني، هي نور عيني وثمرة فؤادي، يسوؤني ما ساءها ويسرني ما سرها، ثم رفع يديه إلى السماء فقال: اللهم إني اشهدك أني محب لمن أحبهم، مبغض لمن أبغضهم، سلم لمن سالمهم، حرب لمن حاربهم، عدو لمن عاداهم، ولي لمن والاهم).[8] وفي (الهداية الإلهية) التي هبط بها جبرائيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي تضمنت رسالة من خالق الأكوان إلى سيد المرسلين نجد: (... فإذا عليها سطران مكتوبان: بسم الله الرحمن الرحيم، تحية من الله تعالى إلى محمد المصطفى وعلي المرتضى وفاطمة الزهراء والحسن والحسين سبطي رسول الله وأمان لمحبيهم يوم القيمة من النار).[9] وعن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: (لفاطمة وقفة على باب جهنم، فإذا كان يوم القيمة كتب بين عيني كل رجل: مؤمن أو كافر، فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه إلى النار، فتقرأ بين عينيه: محباً، فتقول: الهي وسيدي سميتني فاطمة، وفطمت بي من تولاني وتولى ذريتي من النار، ووعدك الحق وأنت لا تخلف الميعاد، فيقول عز وجل، صدقت يا فاطمة، إني سميتك فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولاك وأحب ذريتك وتولاهم من النار، ووعدي الحق وأنا لا أخلف الميعاد، وإنما أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه؟ فأشفعك، ليتبين لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك مني ومكانتك عندي، فمن قرأت بين عينيه مؤمناً فجذبت بيده وأدخلته الجنة).[10] وقال الحسين بن علي (عليه السلام): حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: (أخذ النبي بيد الحسن والحسين فقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وامهما كان معي في درجتي يوم القيامة).[11] وعن نصر بن مزاحم عن زياد بن المنذر عن زاذان عن سلمان قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا سلمان من أحب فاطمة بنتي فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النار، يا سلمان حب فاطمة ينفع في مائة من المواطن، أيسر ذلك المواطن الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة، رضيت عنه، ومن رضيت عنه، رضي الله عنه، ومن غضبَت عليه غضبت عليه، ومن غضبت عليه، غضب الله عليه، يا سلمان ويـل لمن يظلمها ويظلم بعلها أمير المؤمنين علياً، وويل لمن يظلم ذريتها وشيعتها).[12] وعن فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت: (خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (إن الله عز وجل باهى بكم فغفر لكم عامة وغفر لعلي خاصة، وإني رسول الله إليكم غير هائب لقومي ومحاب لقرابتي، هذا جبرائيل (عليه السلام) يخبرني: إن السعيد كل السعيد حق السعيد: من أحب علياً في حياتي وبعد وفاتي).[13] وعن زينب ابنة علي، عن فاطمة، بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قالت: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): أما إنك يا علي وشيعتك في الجنة).[14] وعن النبي قال: (حب علي براءة من النار).[15] وعن ابن مسعود قال، قال رسول (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي إنك قسيم الجنة والنار، وأنت تقرع باب الجنة، وتدخلها أحباءك بغير حساب).[16] وعن ابن عباس قال سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (... ثم يقول جبرائيل يا فاطمة سلي حاجتك، فتقولين، يا رب شيعتي، فيقول الله: قد غفرت لهم، فتقولين: يا رب شيعة ولدي، فيقول الله: قد غفرت لهم، فتقولين: يا رب شيعة شيعتي، فيقول الله: انطلقي، فمن إعتصم بك فهو معك في الجنة، فعند ذلك، تود الخلائق أنهم كانوا فاطميين، فتسيرين ومعك شيعتك وشيعة ولدك وشيعة أمير المؤمنين، آمنة روعاتهم، مستورة عوراتهم، قد ذهبت عنهم الشدائد، وسهلت لهم الموارد، يخاف الناس وهم لا يخافون، ويظمأ الناس وهم لايظمأون).[17] وفي حديث طويل: قال الله عز وجل (يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السماوات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار).[18] وقال (صلى الله عليه وآله وسلم)... فيوحي الله عز وجل إليها: (يا فاطمة، سليني اعطك، وتمني علي ارضك، فتقول: الهي أنت المنى وفوق المنى، اسألك أن لا تعذب محبي ومحب عترتي بالنار).[19] وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (... يا علي إن هذا النهر (الكوثر) لي ولك ولمحبيك من بعدي).[20] وفي حديث: (... فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق، فلا يبقى محب لأهل البيت إلا رفعت إليه صكاً فيه فكاكه من النار، فصار أخي وابن عمي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء من امتي من النار).[21] وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (معرفة آل محمد براءة من النار، وحب آل محمد جواز على الصراط، والولاية لآل محمد أمان من العذاب).[22] وفي الحديث: إنه صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر وقال (... والذي بعثني بالنبوة واصطفاني بالرسالة، لقد حرم الله عز وجل النار على لحم فاطمة ودمها وعصبها وشعرها، وفطم من النار ذريتها وشيعتها،... الويل ثم الويل. الويل لمن شك في فضل فاطمة ولعنة الله ثم لعنة الله على من يبغض بعلها علي ابن أبى يطالب ولم يرض بإمامة ولديها، إن لفاطمة موقفا ولشيعتها أحسن موقف، وإن فاطمة تدعو قبلي وتشفع وتشفع على رغم كل راغم).[23] وفي الحديث (... فينادي منادي ربنا: يا أيها المحبون لفاطمة تعلقوا بأهداب مرط فاطمة سيدة نساء العالمين، فلا يبقى محب لفاطمة إلا تعلق بهدبة من أهداب مرطها، حتى يتعلق بها أكثر من ألف فئام وألف فئام، قالوا: وكم فئام واحد؟ قال: ألف ألف، ينجون بها من النار).[24] وعن أبي الصلت الهروى قال: قال المأمون لعلي الرضا ابن موسى الكاظم (عليه السلام): اخبرني عن جدك أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بأي وجه هو قسيم الجنة والنار، فقال له الرضا (عليه السلام): (ألم ترو عن آبائك عن عبد الله بن عباس أنه قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: حب علي إيمان وبغضه كفر؟ فقال بلى، فقـال الرضا (عليه السلام): لما كانت الجنة للمؤمن والنار للكافر فقسمة الجنة والنار إذا كان على حبه وبغضه فهو قسيم الجنة والنار، فقال المأمون: لا أبقاني الله بعدك، إنك وارث جدك رسول الله).[25] وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (أنا شجرة وفاطمة فرعها، وعلي لقاحها، وحسن وحسين ثمرها، ومحبوهم من امتى أوراقها، ثم قال: هم في جنة عدن والذي بعثتي بالحق).[26] وفي رواية أخرى: (... وحيث ينبت الشجر تساقط ورقها، ثم قال: في جنة عدن والذي بعثتي بالحق).[27] وفي حديث الإسراء: (يا محمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين من نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين، ومن جحدها كان عندي من الضالين (الظالمين خ ل) يا محمد لو أن عبداً عبدني حتى ينقطع، أو يصير كالشن البالي ثم أتاني جاحداً لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم).[28] |
تلامذة في مدرسة اهل البيت (ع) |
في البداية لابد أن نشير إلى أننا يجب أن نكون (تلامذة) صغاراً في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) وأن نعتبر كلماتهم هي القول الفصل، وهي الحكم وهي المرجع. فالاجتهاد في مقابل النص ـ كتاباً وسنة ـ لا يكشف إلا عن جهل أو تجاهل بـ (العلم الشمولي المحيط) لهم (عليهم السلام) الذي تنطلق منه النصوص كاشفة عن الحقائق كما هي، وهو إلى جوار حرمته شرعا والردع عنه عقلاً[29] يعد ذلك المدخل الكبير الذي ضل بسببه الكثير، من فحول الفلاسفة والعلماء، بل وغيرهم، عند ما بعقلهم وحكمتهم، حكموا عقولهم وجعلوها المقياس، فأولوا على ضوئها النصوص أو طرحوها رأساً لعدم انسجامها مع قناعاتهم وآرائهم.[30] إن استغراب الحقائق، طبيعية كانت أم ميتافيزيقية، وعدم المقدرة على هضمها أو إدراك أبعادها، لا يصح أن يعد سبباً للرفض،.. وإذا كنا نستنكر على جاهل بالفيزياء أو الذرة أو الفضاء اعتراضه على نظرية تبدو له في غاية الغرابة[31] فإن الاستنكار على من يعترض في القضايا الميتافيزيقية (ألماورائية) ويستنكر رغم صدورها لا من أفلاطون أو انشتاين، بل من حجج الله على كافة الخلاق، أكبر وأشد، وتدل هذه الرواية على ذلك: فعن الحذاء عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: (أما والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأكتمهم لحديثنا، وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم إلي الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يعقله ولم يقبله قلبه، اشمأز منه وجحده وكفر بمن دان به وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج والينا أسند فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا).[32] إضافة إلى إننا لو فتحنا باب (تحكيم العقل البشري الناقص) في الماورائيات، لأعطينا الشرعية والحجية لكافة التناقضات التي تنتهي إليها تلك العقول الناقصة، ولأضعنا أول مفتاح حقيقي لـ (المعرفة)، خاصة إذا لاحظنا إلى جوار محدودية إدراكات العقل ومدركاته: معادلة (العقل المشوب بشبهة أو هوى أو ما أشبه ذلك). إن (المقياس) و (المرجع) في كل التناقضات التي يقع فيها العقل البشري، هو (الوحي الإلهي) وتلك العقول الكاملة التي اعتبرها خالق الكون وسائطه إلى خلقه وعباده. |
ما يحكم به العقل |
إن العقل هو المحكم في الإمكان والامتناع ولاشك في (الإمكان الذاتي) لكون محبة آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) سبباً للدخول في الجنة، وبغضهم سبباً للدخول في النار ولاشك في إمكان أن يتفضل الله تعالى على (فاطمة عليها السلام) بأن تفطم محبيها وشيعتها من النار[33]، ولا شك في إمكان أن يغفر الله ذنوب كل محب لعلي وفاطمة وأبناهما (عليهم صلوات المصلين). وقد دلت الروايات المتواترة ـ تواتراً معنوياً أو تواتراً إجمالياً ـ على تحقق كل ذلك، كما سبق وكما سيأتي مما هو غيض من فيض ومما هو مذكور في كتب الحديث والكلام والتفسير. ولإزالة الاستغراب وكإشارة عابرة إلى بعض الأدلة على محورية المحبة وموضوعيتها وتوضيحاً للصورة وكرسم مبدئي لأبعاد المعادلة نقول: |
الاستغفار ومحو الذنوب |
1: لقد جعل الله تعالى (الاستغفار) سبباً لمحو الذنوب كلها، صغيرها وكبيرها، فـ (لحظة توبة) تغسل ذنوب عشرات السنين، قال تعالى: ((ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجدِ الله غفوراً رحيماً)).[34] وقال سبحانه: ((وما كانَ الله معذبهم وهم يَستغفرون))[35]. وقال عز وجل: ((أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم)).[36] وقال سبحانه: ((واستغفروا الله إن الله غفور رحيم)).[37] وقال تعالي: ((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا)).[38] وقال عز وجل: ((فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً)).[39] وقال (عليه السلام): (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).[40] أفيستغرب بعد ذلك أن تكون (محبة آل البيت) (عليهم افضل الصلاة والسلام) سبباً لمحو الذنوب وغفران الخطايا؟ وقد دلت الروايات على ذلك، منها: ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام): (بحبنا يغفر لكم).[41] وعن الرضا (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (حبنا أهل البيت يكفر الذنوب ويضاعف الحسنات، وان الله تعالى ليتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد إلا ما كان منهم فيها على إضرار وظلم للمؤمنين[42]، فيقول: للسيئات كوني حسنات).[43] وعن أبي بصير قال: قال لي الصادق (عليه السلام): (يا أبا محمد، إن الميت على هذا الأمر شهيد، قال: قلت: جعلني فداك، وان مات على فراشه؟ قال: وإن مات على فراشه فإنه حي يرزق).[44] وعن أبي عبد الله (عليه السلام)، من أحبنا ولقى الله وعليه مثل زبد البحر ذنوباً كان حقاً على الله أن يغفر له.[45] وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (إن حبنا أهل البيت ليحط الذنوب عن العباد كما تحط الريح الشديدة الورق عن الشجر).[46] |
الشهادة وغفران الخطايا |
2: و (الشهادة) في سبيل الله أيضاً اعتبرت سبباً لغفران الذنوب، كما قال الامام الباقر (عليه السلام): (اول قطرة من دم الشهيد كفارة لذنوبه الا الدين فان كفارته قضاؤه)[47]. فهل يستغرب أن تكون محبة، من خلق الله الكون لأجلهم وفي محبتهم[48]، سبباً لذلك؟ إضافة إلى أن الروايات تعمم مفهوم الشهادة ومصداقها لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من مات على حب آل محمد مات شهيدا).[49] فهو شهيد له ما له من الدرجات والمنزلة، ولا يضر بذلك عدم اجراء احكام الشهيد من حيث الغسل وما أشبه ذلك عليه، اذ ان المنصرف عن (مات شهيدا) غير ذلك، او ان الادلة دلت على استثناء ذلك، وعلى كل حال فليس ذلك مخلا بالمقصود، بل قد يؤكده، فتدبر جيداً. |
الشفاعة ومحو السيئات |
3: (والشفاعة) هي الأخرى سبب. وحكم الأمثال فيما يجوز وفيما لا يحوز واحد، وهذه القاعدة تنطبق على (المحبة)[50] من جهة وعلى (الاستغفار) و (الشهادة) و (الشفاعة) من جهة أخرى، بل الأمر فيها أولى من بعض الجهات كما لا يخفى، بل إن مآل الشفاعة إلى المحبة كما تدل عليه الروايات ومنها: (... انه إذا كان ذلك واحتضر، حضره رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي وجبرئيل وملك الموت (عليهم السلام) فيدنو منه علي (عليه السلام) فيقول: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن هذا كان يحبنا أهل البيت فأحبه، ويقول رسول الله (ص): يا جبرئيل، إن هذا كان يحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه، ويقول جبرئيل لملك الموت: إن هذا كان يحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه وأرفق به، فيدنو منه ملك الموت فيقول: يا عبد الله أخذت فكاك رقبتك، أخذت أمان براءتك، تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا...).[51] |
النقاط الثلاث |
4: هذه النقطة تنحل في حقيقة الأمر إلى ثلاث نقاط: 1: فضل الله تعالى بالنسبة لآل البيت (عليهم السلام). 2: مكانتهم وقدرهم ومنزلتهم عليهم السلام عنده تعالى. 3: فضله تعالى على عامة الناس. و (فضل الله تعالى) بالنسبة لآل البيت ومكانتهم عند الله تعالى، يقتضي منح آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك المكرمة وهذه المنقبة أفيستكثر على الله تعالى أن يمنحهم ذلك وهم أفضل مخلوقاته، وهم ((عباده المكرمون[52] الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون)).[53] وفضل الله على عباده أيضاً يقتضي أن يتفضل عليهم بالعفو عن ذنوبهم، لأنهم أحبوا من أحبه وكرّمه وفضّله ومن أراد منهم محبته. قال أبوجعفر (عليه السلام): (والله يا جابر إنها (أي: فاطمة عليها السلام) ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من الحب الرديء، فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنة يلقى الله في قلوبهم أن يلتفتوا، فإذا التفتوا يقول الله: يا أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة بنت حبيبي؟ فيقولون: يا رب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم، فيقول الله: يا أحبائي ارجعوا وانظروا من احبكم لحب فاطمة، انظروا من أطعمكم لحب فاطمة، انظروا من كساكم لحب فاطمة، انظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة، انظروا من رد عنكم غيبة في حب فاطمة، فخذوا بيده وادخلوه الجنة، قال ابوجعفر (عليه السلام): والله لا يبقى في الناس إلا شاك أو كافر أو منافق).[54] وفي حديث طويل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (وأما ابنتي فاطمة سلام الله عليها، فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي بضعة مني، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبي، وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربها، جل جلاله، زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عز وجل لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي، قائمة بين يدي، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أشهدكم أني قد آمنت شيعتها من النار).[55] ومقتضى قوله تعالى: ((كتبَ على نفسِه الرحمة))[56] أن يجعل: الاستغفار، الشفاعة، المحبة... أسباب محو الذنوب والدخول في الجنة. |
المشاكل وغفران الذنوب |
5: وإذا كانت الأمراض والعوارض والمشاكل والمآسي سبباً لتطهير المؤمن وغفران ذنوبه ومحو وسيئاته فـ (حمى ليلة كفارة سنة)[57] وقد قال أبو عبدالله (عليه السلام): (والله لا يصف عبد هذا الأمر فتطعمه النار، قلت: إن فيهم من يفعل ويفعل، فقال: انه إذا كان ذلك ابتلى الله تبارك وتعالى أحدهم في جسده، فان كان ذلك كفارة لذنوبه، وإلا ضيق الله عليه في رزقه، فان كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا شدد الله عليه عند موته حتى يأتي الله ولا ذنب له ثم يدخله الجنة).[58] وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: قال الله تعالى: ما من عبد اريد أن ادخله الجنة إلا ابتليته في جسده، فان كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا سلطت عليه سلطاناً، فان كان ذلك كفارة لذنوبه، وإلا ضيقت عليه في رزقه، فان كان ذلك كفارة لذنوبه وإلا شددت عليه عند الموت حتى يأتيني ولا ذنب له ثم ادخله الجنة).[59] و...[60] فكيف لا تكون محبة خيرة أولياء الله ومحال معرفة الله ومعادن حكمة الله (عليهم افضل الصلاة والسلام) كذلك؟ خاصة وإن تلك[61] تستبطن الجانب السلبي وهذه (المحبة) هي ذلك الجانب الإيجابي، وتلك هي البعد العرضي وهذه هي البعد الذاتي وتلك ترتبط بالجوارح وهذه بالجوانح. |
[1] راجع بحار الأنوار ج 39 ص 246 ب 87: حبه وبغضه صلوات الله عليه وإن حبه إيمان وبغضه كفر ونفاق وإن ولايته ولاية الله ورسوله وان عداوته عداوة الله ورسوله وإن ولايته (عليه السلام) حصن من عذاب الجبار وإنه لو اجتمع الناس على حبه ما خلق الله النار. [2] في معادلة الدخول الى الجنة وعدم الخلود في النار على أقل التقادير. [3] إحقاق الحق ج17 ص 244. [4] بحار الأنوار ج39 ص 246 ب87 ح2. [5] بحار الأنوار ج39 ص 248 ب 78 ح 12. [6] مسند فاطمة الزهراء للسيوطي ص 45. وبحار الأنوار ج 65 ص 127 ب8 ح 56 عن بشارة المصطفى. [7] المناقب المرتضوية، للعلامة الكشفي ص97. [8] (أهل البيت) توفيق أبو علم ص 124. [9] مقتل الحسين للخوارزمي ص 95. ومثله في بحار الأنوار ج 37 ص 99 ب1 ح1. والبحار ج 43 ص 308 ب 12 ح 72. [10] بحار الأنوار ج43 ص14-15 ب2 ح11. والبحار ج8 ص51 ب21 ح58. [11] المناقب لابن المغازلي ص370. وفي بحار الأنوار ج3 ص 116 ب 7 ح 27. وفي البحار ج 37 ص 37 ب 50 ح 5. والجمع بين هذه الروايات ودليل العقل قد يقتضي تفسيرها على حسب درجة المحبة أو يقال بأن لدرجته (صلى الله عليه وآله وسلم) عرضاً عريضاً ومراتب عديدة ككل حقيقة تشكيكية. [12] فرائد السمطين ج2 ص67 و (مقتل الحسين) للخوارزمي ص59 و (ينابيع المودة) ص263. [13] أسنى المطالب لشمس الدين الجزري ص66. وراجع بحار الأنوار ج 39 ص57 ب 87 ح 34 مثله. [14] دلائل الإمامة ص32 وإحقاق الحق ج7 ص 307. ومثله في بحار الأنوار ج39 ص 268 ب 87 ح 45. والبحار ج 41 ص 169 ب 109 ح 5. والبحار ج 65 ص 135 ب 18 ح 72. [15] كنوز الحقائق للمناوي ص 26. وينابيع المودة ص 257. وبحار الأنوار ج 39 ص 258 ب 87 ح 34 عن عمر بن الخطاب. والبحار ج 39 ص 304 ب 7 ح120. [16] ينابيع المودة ص 85. وفي بحار الأنوار ج 39 ص 209 ب 84 ح 31: ابن المغازلي باسناده قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): أنت قسيم الجنة والنار وإنك تقرع باب الجنة وتدخلها بغير حساب. [17] بحار الأنوار ج 43 ص 227 ب 8 ح 13. [18] سفينة البحار ج2 ص 375. وبحار الأنوار ج 27 ص 140 ب 4 ح 144. [19] تأويل الآيات ج2 ص 484. وبحار الأنوار ج 27 ص 140 ب 4 ح 144. [20] حق اليقين ج2 ص 199 نقلا عن مجالس المفيد وأمالي الشيخ وبشارة المصطفى. وبحار الأنوار ج 8 ص 18 ب 20 ح 2، وبحار الأنوار ج 8 ص 27 ب 20 ح 29. والبحار ج 39 ص 299 ب 87 ح 106. [21] الصواعق المحرقة ص173 وينابيع المودة ص88. وشبهه في بحار الأنوار ج 43 ص 123 ب 5 ح 31. [22] ينابيع المودة ص22 نقلاً عن جواهر العقدين والشفاء والإتـحاف للشبراوى ص4 ط القاهرة. [23] وفاة فاطمة الزهراء للبلادي البحراني ص 12. [24] بحار الأنوار ج8 ص 68 ب22 ح12. والبحار ج17 ص243 ب2 ح2. [25] ينابيع المودة ص 85. وشبهه في بحار الأنوار ج 39 ص 193 ب 84 ح 3. [26] شواهد التنزيل ج1 ص 312. وشبهه في بحار الأنوار ج 27 ص 103 ب4 ح68. والبحار ج 35 ص 31 ب 1 ح 27. [27] شواهد التنزيل ج1 ص312-313. [28] تأويل الآيات ج1 ص 98. وشبهه في بحار الأنوار ج 8 ص 357 ب 27 ح18. والبحار ج16 ص361 ب11 ح61. والبحار ج27 ص 199 ب7 ح67. [29] أو ادارك العقل لذلك، على المبنيين. [30] ومن هنا نشأت نظريات تـخالف النقل والعقل الصريح الخالي عن شوب الشبهات، كنظرية وحدة الوجود ووحدة الموجود، وكرأي السوفسطائيين، والعقول العشرة وكثير من نظريات المتصوفة، وإنكار الشفاعة والعصمة و... ومن هاهنا أيضا نشأ الكثير من مصاديق التفسير بالرأي لآيات القران الحكيم، ونشأ الكثير من رفض التأويلات الصادرة عمن نزل القران الكريم في بيوتهم والذين أودعوا ظاهره وباطنه وسره ومكنونه. [31] كبعض مباني ونتائج النظرية النسبية مثلا. [32] بحار الأنوار ج65 ص 176. وشبهه في البحار ج 2 ص 186 ب 26 ح 12، والبحار ج 25 ص 365 ب 13 ح 6. [33] إشارة إلى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنما سميت فاطمة لأنها فطمت وشيعتها من النار. [34] النساء: 110. [35] الأنفال: 33. [36] المائدة: 74. [37] المزمل: 20. [38] الزمر: 53. [39] النساء: 64. [40] بحار الأنوار ج6 ص 41 ب 20 ح 75 عن الإمام الباقر (عليه السلام). والبحار ج90 ص 281 ب 15 ح 22 عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). [41] بشارة المصطفى ص 81. وبحار الأنوار ج 65 ص 129 ب 18 ح 59. [42] وسيأتي تحت عنوان (وماذا عن حقوق الناس) أن الأئمة (عليهم السلام) سيتكفلون بإرضاء الخصماء في بعض الأحيان، وببعض الدقة يستضح ان لا تعارض بين الروايتين هنا وهناك، بل احداهما تعضد الأخرى، اذ هنا تصريح بان الله يتحمل عن محبي اهل البيت (عليهم السلام) ما عليهم من المظالم، الا ما كان فيه اضرار وظلم للمؤمنين، فانه لا يتحمله، وهناك تصرح الرواية بان الله يتحمل عنهم ما له من الحقوق، اما ظلامات العباد فلا يتحملها الله ـ كما ذكر في هذه الرواية تماماً ـ بل يحولها الى الامام امير المؤمنين (عليه السلام) ليتحملها هو، وهذه هي الاضافة التوضيحية في تلك الرواية فراجع. [43] أمالي الطوسي ج1 ص166. وبحار الأنوار ج 65 ص 100 ب 18 ح 5. [44] بحار الأنوار ج27 ص 138 ب 4 ح 142. وشبهه في البحار ج 6 ص 245 ب 8 ح 74. [45] بحار الأنوار ج27 ص 121 ب 4 ح103. [46] بحار الأنوار ج 27 ص 77 ب4 ح 9. [47] من لا يحضره الفقيه ج3 ص183 ب2 ح3688. [48] كما ورد في أحاديث كثيرة، ومنها حديث الكساء، راجع للإطلاع التفصيلي على أن الكون خلق لأجلهم وفي محبتهم، كتاب (من فقه الزهراء عليها السلام) المجلد الاول للإمام الشيرازي (دام ظله). [49] عوالم المعارف ومستدركاتها ج21 ص354/355. وبحار الأنوار ج 23 ص233 ب 13، والبحار ج 65 ص 137 ب 18 ح 76، وقد نقله العلامة المجلسي في بحاره ج 27 ص 111 ب 4 ح 84 عن صاحب الكشاف والثعلبي في تفسير قوله تعالى) قل لا أسألكم عليه أجراً (الآية. هكذا: بإسناده الى جرير بن عبد الله البجلي قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من مات على حب آل محمد مات شهيدا. [50] أي انهم (عليهم السلام) يشفعون للإنسان لأنه اتسم بصفة (المحبة) لآل بيت الرسول الاطهار. [51] بحار الأنوار ج6 ص 197ب7 ح 51. [52] وقد عبر في الروايات عن أهل البيت (عليهم السلام) بـ (عباده المكرمون) راجع بحار الأنوار ج 99 ص 162 ب 8 ح6 وفيه: (أنتم أولياؤه النجباء وعباده المكرمون..). [53] الأنبياء: 26-27. [54] بحار الأنوار ج 8 ص 52 ب 21 ح 59. ومثله في البحار ج 43 ص 65 ب3 ح 57. [55] أمالي الصدوق، المجلس ج24 - ص100. وبحار الأنوار ج 28 ص 38 ب 2 ح 1. [56] الأنعام: 12. [57] بحار الانوار ج78 ص 182 ب1 ح32 عن ابي عبد الله (عليه السلام). والبحار ج78 ص185 ب1 ح39 عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). والبحار ج78 ص187 ب1 ح44. وشبهه في البحار ج78 ص209 ب2 ح25 وفيه: (حمى يوم كفارة سنة). [58] بحار الأنوار ج 6 ص 160 ب 6 ح 26. [59] بحار الأنوار ج 6 ص 172 ب 6 ح 49. [60] وقد ورد بالنسبة إلى بعض العبادات أنها كفارة سنة أو أكثر، وفي بعضها كفارة الذنوب والخطايا وما أشبه، ففي بعض الروايات: (إن الموت كفارة لذنوب المؤمنين) راجع البحار ج 6 ص 151 ب 6 ح 3. وفي الحديث: (.. وأدنى ما يصنع بولينا أن يريه الله رؤيا مهولة فيصبح حزينا لما رآه فيكون ذلك كفارة له) الحديث. راجع البحار ج 27 ص 137 ب 4 ح139. وفي حديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (عجباً للمؤمن لا يقضي الله عليه قضاء إلا كان خيراً له، سره أم ساءه، ان ابتلاه كان كفارة لذنبه وان أعطاه وأكرمه كان قد حباه) بحار الأنوار ح 68 ص 152 ب 63 ح 54. وفي الحديث عن علي (عليه السلام): (... فأما الوجع خاصة فهو تطهير وكفارة) البحار ج78 ص 185 ب 1 ح 39. وعن الصادق (عليه السلام): (من اشتكى ليلة فقبلها بقبولها وأدى إلى الله شكرها كانت له كفارة ستين سنة) البحار ج 78 ص205 ب 2 ح 11. [61] أي الأمراض والعوارض والمشاكل والمآسي. |