في أمسيته الثانية والمتوهجة بعطر عشق الامام علي (ع) مركز الفردوس للإعلام والثقافة يحيي مهرجانه العالمي الخامس في الحوزة العلمية الزينبية احتفاء بالمولد العلوي المبارك




 

خاص – موقع الامام الشيرازي

في مصلى الحوزة العلمية الزينبية في منطقة السيدة زينب (ع)وأروقتها والقاعة المخصصة للنساء ومساحة الرصيف الواسعة والمقابلة لواجهة مبنى الحوزة افتتح الحفل البهيج في أمسيته الثانية والذي يقام تحت شعار " الامام أمير المؤمنين وثقافة التعايش) بكلمة مركزالفردوس للثقافة والاعلام المشرف على اقامة مهرجان الامام علي بن أبي طالب (ع) العالمي الخامس والتي ألقاها الاستاذ سليم عرفة أحد أعضاء المركز المنظم .

وذلك في يوم الخميس المصادف للرابع عشر من شهر رجب للعام الهجري الجاري 1426هـ .

وبعد مباركة العالم الاسلامي والانسانية جمعاء بمولد رجل الانسانية الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) وآلاف الحضور من الرجال والنساء من السوريين الذين جاؤا من محافظات شتى ومدن مختلفة اضافة الى الجاليات العراقية واللبنانية والخليجية والافريقية قال الاستاذ عرفة في مقطع من كلمته :

لقد تم تأسيس مركز الفردوس للإعلام والثقافة بتوجيهات من سماحة الامام السيد محمد الحسيني الشيرازي الراحل (رحمه الله ) وبإشراف السيد فاضل الطباطبائي ( حفظه الله ) وذلك من أجل تمتين روابط الإخوة بين الشعوب المسلمة فيما بينها من جهة وما بين إخوتهم في الإنسانية من خلال المشاركات الهادفة والحوارات الهادئة .

وأضاف :

لقد قام المركز بأربعة مهرجانات سنوية سابقة وهذا هو المهرجان الخامس وقد حاولنا منذ البدء أن نركز على القضايا الساخنة في عالمنا العربي والإسلامي وقد تكللت مهرجاناتنا السابقة بنجاح بفضل جهود المشاركين والمنظمين ودعوات الأخوة المؤمنين ونرجو من الله أن  يوفقنا في إتمام المسيرة .

وقال :

لم يكن من الصعب التفكير بعنوان لهذا المهرجان وخاصة ونحن نمر في فترة من الزمن الصعب , تآمر فيه الاستكبار العالمي وأعوانه على عالمنا العربي والإسلامي لإشعار نار الفتنة الطائفية والمذهبية ليسهل عليها النيل منا والسيطرة علينا , لذلك اجتمع رأي المنظمون لهذا المهرجان على هذا العنوان :

( الإمام علي وثقافة التعايش ) حيث يقول (ع) : ( لا يصلح شان الناس إلا  بالتعايش والتعاشر )بالتزامن مع عدة مهرجانات في لندن والمنامة والكويت بنفس الوقت وتحت نفس العنوان .

وقال : نعم أيها الأخوة إن الاستكبار يحاول أن  يبث الفرقة والحق والضغينة بين أبناء الدين والواحد وبين الأديان الأخرى .والغاية من هذا المهرجان أن  نحيا بذكرى مولد أمير المؤمنين عليه السلام ونقتبس من كلامه ونركب سفينته لتأخذنا إلى شاطئ السلام بسلام . وتكون رسالتنا لإخواننا في الدين و إخواننا في الإنسانية المحبة والسلام حيث قال تعالى  : " يَأَيّهَا النّاسُ إِنّا خَلَقْنَاكُم مّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىَ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوَاْ إِنّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ إِنّ اللّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "( سورة الحجرات /13)

يقول السيد المسيح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة و السلام :

" أحبوا أعداءكم , باركوا لاعنيكم , أحسنوا إلى  مبغضيكم , وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم " ( مت 5 : 44) .

وقد علم تلاميذه أن يقولوا في الصلاة " اغفر لنا ذنوبنا , كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا " ( مت 6: 12 ) .

وقد قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : " وهو يوصي مالك الأشتر بالرحمة بالناس مسلمهم وذميهم بقوله :

ولا تكونن عليهم سبعاَ ضارياً تغتنم أكلهم فإنهم صنفان : إما أخ لك في الدين و إما نظير لك في الخلق ) .

استهل كلمات الحفل المشركة في احياء هذه المناسبة العطرة فضيلة الدكتور الشيخ حسان مجذوب الذي أشار الى ان ثروة كل أمة , ومعينها الذي لا ينضب , إنما هم أولئك الذين سطروا تاريخها بأحرف من نور, فبذكراهم  والوقوف على آثارهم يتجدد شباب الأمة ...

وقال : ما أظن أن  تاريخاً لأمة خلت ...أوعاصرت تملك رجالات عمالقة , تنحني هامة الدهر احتراماً ... وتقديراً وتقديساً .... كهذه الأمة الإسلامية , التي جعلها الله خير امة أخرجت للناس ... وما دامت أمة هذا شأنها , فلا يمكن أن تخبو شموسها , أو  تصمت أجيالها ... ولو أردنا أن  ننظر إلى تاريخ امة مضت .... نرى عظمتها ذهب بذهابها فلم  تبق إلا آثارهم  من حجر أو  طين ... إلا  هذه الأمة فعظمتها تتجدد ... وبخلود رسالتها يبلى الدهر ولا تبلى ..

وأضاف فضيلته : إننا إذ نحتفل اليوم بذكرى عملاق من عمالقة هذه الأمة .. إلا  وهو سيدنا و أميرنا علي بن أبي طالب , فإنما ذلك اعترافا من بعظمة هذا الرجل الذي سكن قلب كل مسلم .. فحبه يسري بدمائنا ... كيف لا ... وهو الذي حبه دليل الإيمان , وبغضه , نفاق .. حبه إنما هو دليل حب رسول الله وبغضه إنما هو بغض لرسول الله .. وها نحن يا رب نشهدك إننا نحبه , ومحب آله الطيبين الطاهرين ... و أحينا الله على حبهم ... وتوفنا على نهجهم ...

وقال د. الشيخ حسان مجذوب :

كم نحن في هذه الأيام العصيبة , والأحداث القاتمة بحاجة إلى أن  نتلمس شموساً نستهدي بها مما يحيط بنا ... وليس القصد من هذه اللقاءات التباري والمفاضلة بين أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم ) , ولا أن  نورد النصوص لكل طرف أحقيته الآخر بالخلافة .... فتلك حقبة من تاريخ الأمة قد مضت و أسيادنا جميعاً في بحبوحة من رحمة الله ..  أو أنصفنا فأطللنا بأرواح الصدق والعبودية إذن لما رأينا من أولئك في دياجير الظلم والظلام إلا  سلسلة من أكف  تتصافح وسواعد تتعانق ... فأولئك قوم رضى الله عنهم ورضوا عنه .

ولو أردنا أن  نميط الستار عن جانب من جوانب عظمة سيدنا علي كرم الله وجهه إذن لرأينا حياته كله عليه السلام دون استثناء إشراقات تستحق الوقوف عندها والتأمل فيها والري من معينها ... ولكن الذي نريد أن ننوه إليه ونقف عنده فكلما  ذكرناه لتشرق نفوسنا بآيات من الفخر والاعتزاز .

وقال : مما أجمع عليه المسلمون كل المسلمين بكافة طوائفهم ... ونظراتهم , وتحليلاتهم وثقافاتهم على حقائق ثابته لا لبس فيها , هو أن علياً رضوان الله عليه لم تنحن جبهته لغير الله أبداً , ولم تشب غير حلاوة التوحيد قلبه .... و أن فيه تجسدت وترعرعت مبادئ الإسلام العظيمة , كيف لا ؟! وهو الذي فتح عينيه في أحضان النبوة طفلاً ... ثم رباه سيد البشر على مائدة الوحي ينابيع الحكمة والبلاغة والعلم على حاله ولسانه ... يؤكد ذلك ما قاله سيد البشر محمد بن عبد الله بعلي عليه السلام : أنا مدينة العلم وعلي بابها .

ثم ألقى فضيلته قصيدة كتبها أباه يقول في مقطع منها :

 

أين القصور أبا يزيد ولهوها

والصافنات وزهوها والسؤدد

أين الدهاء نحرت عزمه على

أعتاب دنيا سحرها لا ينفد

آثرت فانيها على الحق الذي

هو لو علمت على الزمان يخلد

تلك البهارج قد مضت لسبيلها

وبقيت وحدك عبرة تتجدد

هذا ضريحك لو بصر ببؤسه

لأسال مدمعك المصير الأسود

كتل من التراب المهين بخربة

سكر الذباب بها فراح يعربد

أأبا يزيد لتلك حكمة خالق

تجلى على قلب الحكيم فيرشد

أغررت بالدنيا فرحت تشنها

حربا على الحق الصراح وتوقد

تغدو بها ظلما على من حبه

دين وبغضته الشقاء السرمد

علم الهدى وإمام كل مطهر

ومثابة العلم الذي الذي لا تجحد

ورثت شمائله براءة أحمد

 فيكاد من برديه يشرق أحمد

 

 

ثم ألقى فضيلة بولس دلاليو كلمة رائعة استهلها :

أيها  السادة الكرام , و أيتها السيدات الفاضلات اللواتي تستمعن إلى هذا الكلمة من القاعة الخاصة بكن , إني أجد نفسي غير كفء للحديث عن الإمام علي بن أبي طالب , كرم الله وجهه , والتعايش , إذ لست مختصا في سيرته وتاريخ زمانه . بيد أن  هناك وسيلة لمعرفة القدماء مختلفة عن العلم التاريخي النقدي وغير متناقضة معه , بل شاهدة لمستوى من المعرفة متعالي عن علم الأخبار وإن مبني عليه إلى حد بعيد , أقصد هنا معرفة الخلف للسلف والنابعة من انتمائه الروحي اليه , ومن لجوئه إلى مرجعيته , , من سره إلى سره , وعند كون هذه الظاهرة جماعية وهذا الإجماع جماهيريا فهناك دليل على كون هذا الشخص من عداد المقربين إلى  الله أو  من أولياء الله أو  أنبياء الله  ورسله , فإن الله لا يسمح بسقوط جمهور من الأتقياء المصلين العباد الأسخياء معاً  في الضلال , ومن هنا شعوري بالخشوع والفرح والدهشة أمام تقواكم , أيها الحضور الكرام , و أمام حبكم للإمام علي زوج الزهراء وللسيدة زينب التي تستضيفنا اليوم في هذا المسجد المبارك وفقا وطبقا لأخلاق أهل البيت .

وقال :

استقبالكم لي يحدثني عن استقبال النبي محمد , صلوات الله عليه لنصارى نجران , إنني أعتقد أننا عندما نلتقي أمام الله في الاحترام والتقدير والاهتمام المشترك بخير الإنسان والمجتمع , نقوم بنوع من مباهلة مباركة نطلب من خلالها نزول نار الحب الإلهي علينا جميعا, تحرق فينا وفيما بيننا كافة الشوائب التي تحرم قلوبنا من  الشفافية الأولى الفطرية أننا نتوق أن  تحولنا هذه النار إلى أداة طيعة بيد الرب الذي اسمه السلام .

وأضاف :

ما يلفت انتباهنا ويثير إعجابي بالحركة الشيعية هو كونها حركة ذات ديناميكية وقدرة على التطور والتكيف مع الظروف  دون فقدان القيم الأخلاقية وباسترداد مستمر لهذه القيم الأساسية التي في سبيلها كلنا نطلب الشهادة وبالأخص قيمتي العدل والإنصاف .

وقال :

أعتقد اليوم أننا مدعوون أن  نستوعب الهويات المختلفة ليس بناء على كونها متناقضة متنازعة تعتبر كل منها نفسها أكثر صحة من انتماءات أخرى ,إنما المطلوب منا اليوم أن  ننتمي إلى دين وإلى مذهب والى تقليد والى عشيرة وقوم لا بنزعة الانغلاق والعصبية بل بنفحة التكامل والتبادل والتحاول والتعاون والتشاور والتضامن . إن التعايش ممكن ومثمر ومعز إذا كان مبنيا على هويات توافقية لا تناقضية أو تنافرية على هوية " لأجل " لاهوية " ضد " .

وقال :

ليست روح هذا المهرجان الاحتفال بحيوية الحركة الشيعية من لبنان إلى باكستان ضد أهل السنة والجماعة ولا حتى ضد أي انتماء وهوية دينية حضارية ثقافية اخرى هذا المهرجان يحتفل  بفرح وعزة بحركة تريد أن  تشترك مع حركات وتيارات أخرى في المعركة الكبرى وبالجهاد الأكبر في سبيل الإصلاح والأنسنة والتعايش ومكافحة الفساد وإدخال مبدأ الشفافية ورفض منطق الضغينة والاستبداد والاستعباد والاحتلال , إنما الجبهة بين التوحيد والكفر تشطر قلوبنا ومجتمعاتنا وقاراتنا,ولكن ليس على حدود الانتماءات بل داخل كل انتماء وكل هوية تكاد تنغلق على ذاتها

 

بعد ذلك ألقى الاستاذ الشاعرغازي سليمان قصيدة استهلها بكلمات في حب علي(ع) :

الكلام أبلغ الكلام أيكون قادراً على التعبير في هذا المقام أم يعجز اللسان ولا مناص ... لا لست أدري ولكن في يقيني أن مشاعر النفوس وسرائر القلوب أبلغ من كل شعر وكلام ... ماذا يدور ... وجاء في أبيات القصيدة الأولى :

فاستمسكي بالعروة الوثقى كما

 

 

حض الإمام ومبدع الأكوان

إني وقفت بباب خيبر مؤمناً

 

 

ومجاهداً بالدم والعرفان

مهد النبوة والحضارة الوطني

 

 

وعراقتي من سالف الأزمان

للمجد للفجر الخليق بأمتي

 

 

أمضي و أحمل راية الإيمان

و أصون عهداً للنبي و آله

 

 

عهد الوفاء للخالق الديان

الله حسبي والرسول وسادتي

 

 

آل النبي المصطفى العدنان

 

ثم ألقى الاستاذ نبيه حمود السعدي كلمة قيمة حيا فيها المنظمون للمهرجان والمشاركون فيه والحاضرون معللا تحيته تلك لما يشهده العالم الآن من جوع مؤلم في القيم والمبادئ الانسانية التي دعى اليها الامام علي بن أبي طالب (ع) حتى مضى الى ربه مضرجا بدمه الطاهر وعلى طريق حرية الانسان وكرامته وحفظ حقه في الوجود والحياة والانسانية .

كما أكد الاستاذ نبيه حمود السعدي في جانب من كلمته أهمية وعي علي وفهم علي ومعايشة علي والاقتداء بعلي وعشق علي للوصول الى مراتب انسانية علي السامقة في نوعها وفرادتها وسموها وتألقها وتوهجها ونبوغها وخلودها وحبها وسلامها .  

ثم ألقى الملا جليل أناشيد وموشحات من وحي المناسبة المباركة .

وكما في الأمسية الأولى من المهرجان أغنى حضور سماحة العلامة الشيخ عبدالحميد المهاجر الحفل في ليلته الثانية بمشاركته المباركة والذي لفت فيها الانظار الى أهمية انعقاد مثل هذه المهرجانات في تنمية الجوانب الايمانية والمعنوية للانسان (الفرد- المجتمع) منبها فضيلته على ضرورة حضور ذلك في دائرة الاخلاص والجدية وعمق الاتصال بالمصدر (اهل البيت عليهم السلام) والتمسك بالهدف الاسمى الذي يتجسد بنشر فكرهم عليهم السلام.

كما أكد سماحته ان اهم واعظم ما يمكن استفادته من هذه المهرجانات الطيبة والمباركة هو فهم و وعي شخصية المحتفى به ومن خلال ذلك حسن الاقتداء والتمسك باخلاق الامام علي عليه السلام وادابه وكل ما يقوله ويفعله.

ثم دعى سماحة الشيخ المهاجر الحضور من النساء والرجال الى التأمل الدقيق في شخصية سيد الاوصياء من خلال قراءة كتاب نهج البلاغة الذي حوى من فكر علي عليه السلام الكثير ولا يحوى فكر علي الكون بأكمله كما انه – نهج البلاغة – تضمن مواقف علي عليه السلام السياسية والاجتماعية وكل ما يهم الانسان في ارتقاءه بذاته والى السماء والمجتمع في تغيره على طريق الاصلاح والصلاح وبناء الامم والحضارات .

وختام الحفل البهيج كان مع مسرحية رائعة نصا وأداء واخراجا قدمها ثلة من الشباب بصورة جذابة نالت اعجاب واستحسان الحاضرين .

وقد أشارت مضامين المسرحية الى مواقف عديدة من حياة الامام علي (ع) التي قضاها في تبليغ روح رسالة السماء واحقاق الحق ونصرة أنصاره وازهاق الباطل ومحاربة أهله .

كما تناولت المسرحية المواقف والمآثر الانسانية النبيلة التي حفلت بها حياة أمير المؤمنين علي (ع) حيث اعانة المظلوم وسد حاجة المحتاج والفقير ومشاركة الناس من المساكين والمستضعفين والمقهورين آلامهم وأحلامهم وأمنياتهم .

 


مراسل موقع الامام الشيرازي - دمشق