صدور (أجوبة المسائل الشرعية) العدد (254)




 

موقع الإمام الشيرازي

 

    مع أول شهر المحرّم الحرام، من كل عام هجري، يبدأ الشيعة موسم إحياء وقائع النهضة الإنسانية الكبرى التي انطلق بها سيد الشهداء، الإمام السبط، الحسين صلوات الله عليه، من أرض كربلاء، في يوم عاشوراء. فقد أخبر الإمام الحسين أخاه محمد بن الحنفية، لما دعاه إلى ترك الخروج إلى كربلاء، أنه رأى جده في المنام، فقال: أتاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعدما فارقتك، فقال: (يا حسين اخرج فإن الله قد شاء أن يراك قتيلاً). فقال له ابن الحنفية: (إنا لله وإنا له راجعون! فما معنى حملك هؤلاء النساء معك، وأنت تخرج على مثل هذا الحال؟). فقال له: (قد قال لي: إن الله قد شاء أن يراهن سبايا).

ولقد بذل آخر بنت نبي على وجه الأرض جهده في الله (ليستنقذ العباد من الجهالة وحيرة الضلالة)، ولخلاص الناس من ذل العبودية وقهر الاستبداد، وتحرير عقول تاهت عن الدين الحق الى الدين الباطل. وباستشهاد الإمام الحسين ومعه أهله وصحبه، كان بقاء اسم النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) يُرفَع على المآذن، ولولا فاجعة كربلاء لمحا هذا الذكر معاوية ويزيد وآل مروان بعدهما، ولعادت الجاهلية، فهكذا كان تخطيط معاوية، ولكن الله تعالى شاء أن يرى الإمام الحسين قتيلاً! لأنه تعالى يريد إنقاذ الدين بأساليب طبيعية وغير غيبية.

ومع أول شهر الحزن والأسى والوجع، وإطلالة العام الهجري الجديد (1440)، يصدر العدد (254) من (أجوبة المسائل الشرعية) في عام جديد لعمر هذا الإصدار، فقد صدر العدد الأول قبل (27) سنة.

كلمة هذا العدد بعنوان (من حقائق الواقعة) وفيها تأكيد أن أسباب نهضة كريلاء كانت بيّنة، كما كانت أهدافها واضحة جليّة، فقد كانت ثورة ضد حكم سفّاح فاجر، قد استشرت في حكم أبيه وحكمه مظاهر الظلم والقتل الجماعي والطغيان والانحراف والفساد، حتى عاشت الأمة أياماً مفجعة وشهدت وقائع موجعة، فكان لابد من المواجهة، حيث أراد الإمام الحسين عليه السلام أن يُخرِج الأمة من المنكر إلى المعروف، وينتشلها من الحضيض الذي أركست فيه إلى العز، وذلك عندما بررت الأمة سكوتها عن تسلط الظالمين والفاسدين.

مجموعة (استفتاءات)، على الصفحات (2 - 7)، وتشمل مسائل عقدية وفقهية وتاريخية واجتماعية واقتصادية وحقوقية وغيرها، يتفضل المؤمنون الأكارم والمؤمنات الفاضلات، من شتى بقاع العالم، بطرحها (عبر وسائل الاتصال المتنوعة)، للحصول على الإجابات الشرعية عنها، بما يتطابق مع فتاوى سماحة المرجع الشيرازي دام ظله.

(ثقافة عاشوراء؟) عمود الصفحة (7) وتشير سطوره إلى أن من ثقافة عاشوراء التي ينبغي للمؤمنين التزوّد منها والعمل بها، اليوم وفي كل زمان ومكان، أن الإيمان الذي يغمر قلوب المؤمنين والمؤمنات ينبغي أن يدفعهم الى التفقه بالدين، والتشبّث بالفضيلة، والتمسّك بمكارم الأخلاق في تعاملهم مع الجميع، ومدّ يد العون للمحتاج والمريض والضعيف، ورعاية الأيتام والأرامل، والنظر الى الناس على أنهم إما أخ في الدين أو نظير في الخلق. كما أن من ثقافة عاشوراء نهضة إصلاحية لم تتوقف منذ أن انطلقت في العام 61هـ، وإن ساحة العمل، ثم الفوز والخسارة، ما زالت مفتوحة للجميع.

الصفحتان (8 - 9) حملت إضاءات من محاضرة لسماحة المرجع الشيرازي دام ظله، بعنوان (عاشوراء.. ضمانة عزّنا وانتصارنا)، ويؤكد سماحته في جانب منها أن جلّ ما نملك من مُثُل وقيم هو من بركات تضحيات سيد الشهداء (عليه السلام)، فعاشوراء هي التي غرست في أعماقنا مبادئ الإنسانية والعبودية لله (عز وجل) والإيثار وخدمة الآخرين والعطف على المستخدمين والدفاع عن المظلومين، ولأجل هذا كلّه يجب أن نبقي على جذوة ملحمة عاشوراء متّقدة على الدوام، وأن نبذل مهجنا دونها، لنضمن الرفعة والشموخ لنا وللأجيال من بعدنا.

مقال الصفحة (10) بعنوان (على هامش عاشوراء)، ويتناول بعضاً مما دأب عليه الإعلام المضاد، مع حلول شهر محرم الحرام، فبعد أن فشلت أنظمة الجور على مدى قرون من ثني الشيعة عن إحياء واقعة عاشوراء، وبعد أن عجز التكفيريون بما يملكوه من وسائل إعلام وأموال ضخمة من فكّ تمسك الشيعة بمراسم عاشوراء، وبعد أن فشل الإرهابيون في تحجيم الحضور الواسع والكبير للشيعة في إقامة الشعائر الحسينية، خاصة الزيارة الأربعينة والشعبانية، رغم قيامهم بعشرات العمليات الإرهابية الفظيعة والغادرة، وبعد أن أدرك أصحاب الأفكار الرافضة للأديان أن ثقافة عاشوراء ملهمة للشيعة ولسائر الناس، سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين، فحاربوها تحت ذرائع شتى. بعد كل ذلك، لم يبقى لكل أولئك إلا القول بأن الشيعة هم من قتلوا الإمام الحسين (عليه السلام).

الصفحة (11) تحمل مقالاً بعنوان (الشعائر الحسينيّة .. قضية ومسؤوليّة)، ويذكّر بأن الشعائر الحسينية ليست تقليداً شعبياً، ولا من العادات التي درجت المجتمعات الشيعية على إحيائها، وهي ليست نزهة، ولا لقضاء الوقت أو الاستمتاع بتجمع الناس وتناول الطعام. وبالتالي فإن في عاشوراء انتصر الإسلام الصحيح على الإسلام المزيّف، وانتصر منطق العدل والحرية والفضيلة على همجية العنف والطغيان والرذيلة، وانتصر دم المظلوم على سيف الظالم، بالتالي فإن الشعائر الحسينية إنما هي قضية إحياء مبادئ الإسلام وقيم الإنسان، وهي أيضاً مسؤولية الإصلاح، إصلاح كل فاسدٍ من أمور المسلمين وغير المسلمين، والى آخر هذه الدنيا، وهذا هو من أسرار رسوخها وديمومتها وانتشارها في معظم أرجاء العالم.

ومقال (12–13)، هو (من كربلاء .. التاريخ والحاضر) ويشير إلى أن مما قدمه الإمام سيد الشهداء، أنه كتب على صفحات نهضته، الصفات الإجمالية للحاكم الشرعي في الأمة، كما أن كلماته في أثناء مواجهته السلطة الغاشمة تضمنت فضحاً ورفضاً لخلافة الطاغية يزيد، بل رفضاً لكل مَنْ سيأتي بعد يزيد مِنْ مثل يزيد، من طغاة ومستبدين أو فاشلين وفاسدين، في الوقت نفسه، الكلمات الحسينيّة تلك حمّلتْ المجتمع مسؤولية إنجاز التغيير وصولاً للإصلاح، بعد أن تحولت خلافة يزيد (ومعاوية قبله) المشؤومة إلى حكمٍ عاث في العباد ظلماً وقتلاً، وفي البلاد خراباً وفساداً.

وتحت عنوان (بنو أمية كـ "داعش" .. لا صلة لهم بالإسلام) تنقل الصفحة (14) جانباً من لقاءات سماحة السيد المرجع مع زائرين من دول إسلامية، وفيها يبين (دام ظله) أن بعض الدول غير الإسلامية فيها حريّات كثيرة، وهؤلاء لم يصلهم الإسلام، أو وصلهم إسلام بني أميّة وبني العباس والإسلام المزوّر، وغير الحقيقي، كإسلام داعش الذين يرفعون شعار (لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله)، ويقومون بذبح الأطفال، ويأسرون النساء ويبيعوهنّ في البلدان.

وفي آخر العدد، عمود يتضمن جانباً من رؤى وأفكار الإمام المجدد السيد محمد الحسيني الشيرازي، بعنوان (زين العابدين وخلود عاشوراء) وفيها يشير، أعلى الله مقامه، إلى أن للإمام عليّ زين العابدين (عليه السلام) كان الدور الأساسيّ في حفظ نهضة عاشوراء وديمومتها، حيث أدى كل ما بوسعه لإحياء ظلامة أبيه الحسين (عليه السلام)، حتى استمرت قضية عاشوراء إلى يومنا هذا، وستستمر إلى يوم القيامة بإذن الله تعالى. فقد سعى الإمام زين العابدين (عليه السلام) دائماً إلى تشكيل مجالس الحزن والعزاء على شهداء كربلاء، وبيان ما جرى فيها من ظلم وجور.

وكما في كل عدد، توجد فقرات أخرى، متنوعة، على الصفحات (9، 13، 15، 16) تتضمن ومضات وعظية وإرشادية وتاريخية، إضافة إلى صفحة (بحوث علمية) التي تحمل جانباً من الحوارات العلمية، التي يجريها جمع من أصحاب الفضيلة مع سماحة السيد المرجع، في بيته بمدينة قم المقدسة، حول مجمل المسائل الفقهية، لاسيما المستحدثة منها.

يُذكر أن (أجوبة المسائل الشرعية) تصدر عن قسم الاستفتاء في مكتب المرجع الديني، آية الله العظمى، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، ويصل هذا المطبوع إلى عدد من البلاد العربية والإسلامية، وكذلك أميركا وأوروبا واستراليا وأفريقيا.

1/ المحرّم الحرام/1440هـ

انقر على الصورة لتحميل العدد