الاجتهاد والتقليد 2

س101: الأظهر والأقوى مصطلحان يراد بهما الفتوى، لكن هل يراد بهما الأظهر والأقوى من فتاوى وأقوال العلماء، بحيث تكون المسألة المشتملة على أحدهما خلافية بين الفقهاء، أم يراد بهما شيء آخر؟

ج: كلا اللفظين يدلان على الفتوى، وأنه يوجد قول آخر لجماعة آخرين من العلماء أو أنه يوجد احتمال آخر في المسألة.

س102: إذا كان المجتهد الميت أعلم من الأحياء، فهل البقاء على تقليده يكون واجباً؟

ج: الظاهر جواز الرجوع إلى الحيّ مطلقاً والله العالم.

س103: ما حكم تقليد الميت ابتداءً؟ وإذا كان لا يجوز، فما هي أدلة المنع؟

ج: لا يجوز تقليد الميت ابتداءً، وذلك للإجماع المنقول مستفيضاً،وأصالة عدم الحجيّة وأصالة التعيين عند الدوران بين اليقين والتخيير وللسيرة المستمرة، ولأن تقليد الميت دوريّ، ولانصراف أدلة التقليد إلى المجتهد الحي، وتفصيل الكلام والنقض والإبرام موكول إلى محله.

س104: الرجوع إلى الأعلم أمر مسلم به لدى العقلاء، ولكني أرى من الصعوبة جداً تحديد الأعلم على الجميع- في هذا الزمان- فهل من مقياس آخر؟

ج: يعرف الأعلم بشهادة عدلين من أهل الخبرة وبالشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان وبالعلم الوجداني، كما إذا كان الشخص نفسه من أهل الخبرة وعلم بأعلمية شخص.

س105: لو وصل المكلف إلى أن احتمال الأعلمية متساوٍ في خمسة مراجع مثلاً، ولم يتمكن من ترجيح مرجع على آخر في أعلميته، هل يجوز له في هذه الحالة التبعيض بينهم، بأن يأخذ من كل مرجع منهم بعض المسائل؟

ج: لا بأس بذلك، لكن الأحوط استحباباً الاحتياط بين الأقوال.

س106: في مسائل الاحتياط، هل الرجوع إلى الأعلم فالأعلم واجب أم مستحب؟

ج: مخيّر بالعمل بالاحتياط أو أن يرجع إلى الأعلم فالأعلم على الأحوط وجوباً.

س107: إذا أردت العدول من مجتهد إلى مجتهد آخر، هل يجب أخذ الرخصة حتى يمكن العدول؟

ج: يجوز العدول إلى الحي الأعلم.

س108: هل الأعلمية شرط من شروط المرجع، كما هي العدالة والرجولة وغيرها؟

ج: الأحوط أنها شرط.

س109: هل يجوز تقليد غير الأعلم مع وجود الأعلم ولكن دون معرفته لصعوبة التحديد؟

ج: خلاف الاحتياط.

س110: لو أراد المكلف أن يبحث عن الأعلم، ما هو الطريق؟ وما هي حدود الطاقة المبذولة الكافية لتحقيق عنوان الفحص؟

ج: يسأل الثقات من أهل الخبرة، وقد مرت الإشارة إلى سائر الطرق آنفاً.

س111: في أي زمان أطلق لفظ (المرجع) على العالم المجتهد المقلَّّد ومن هو أول من أطلق عليه هذا اللقب؟

ج: المرجع هو من يرجع إليه، وقد أرجع الأئمةb الناس إلى بعض أصحابهم مثل أبان بن تغلب وغيره، إلا انه لم يصطلح إطلاق المرجع في ذلك الزمان، وفي زمان الغيبة حيث أرجع إمام زماننا f الناس إلى العلماء والفقهاء ورواة الحديث صحّ إطلاق لفظ المراجع عليهم، وقد كتب الكليني (رحمه الله) كتاب (الكافي) الشريف حتى يرجع إليه، وكذلك كتاب الفقيه للصدوق6 ، وأول من أطلق عليه لقب المرجع من بعد النواب الأربعة من علماء الشيعة هو العماني على ما يبدو.

س112: من هو أول من أطلق عليه لقب (آية الله العظمى)؟

ج: يقال إن لقب (آية الله) أطلق أولاً على العلامة الحلي6 وبعد ذلك أطلق (آية الله العظمى) على السيد بحر العلوم 6 وجرى بعده على المراجع.

س113:إذا توفي المرجع المقلَّد، وكان العلماء المطروحون للتقليد في الساحة يجيزون البقاء على تقليد الميت، وقد عملت بفتواهم جميعاً دون تحديد أحد معين لعدم التمكن من معرفة الأعلم (حسب رأي أهل الخبرة)، هل بقائي على تقليد الميت مبرئ للذمة؟

ج: يكفي ذلك.

س114: هل يجوز (التبعيض) في تقليد من لا يرى وجوب الخمس في المال الذي يجمع لشراء بيت للسكن؟

ج: كل مكلف يعمل حسب فتوى مرجعه، ويمكن التصالح في الأمر مع المرجع أو وكيله المفوّض، أو دفع الخمس على شكل أقساط لا تضر بحاله.

س115: ما هي المسائل التي يجوز التبعيض فيها؟

ج: المسائل التي يحتاط فيها الفقيه احتياطاً وجوبياً، كما يمكنه التبعيض فيما لو انحصرت الأعلمية بين مجموعة من الفقهاء ولم يعرف الأعلم منهم على التعيين وذلك في ابتداء التقليد، وأما العدول بعد تحقق التقليد فهو خلاف الاحتياط الوجوبي.

س116: ترد في الكتب الفقهية والرسائل العملية عبارات مثل: الأقوى، الأظهر، الأفضل، لا إشكال، مشكل، الاحتياطات.. ولا أفهم المقصود منها بالضبط فأرجو توضيحها؟

ج: الأقوى والأظهر: (فتوى)، الأفضل: (مستحب)، لا إشكال: (يجوز)، (مشكل): لا يجوز، والاحتياطات إن كان قبلها فتوى أو بعدها فتوى مضادة لمفادها كانت الاحتياطات مستحبة وإلا كانت واجبة.

س117: كيف يمكن لنا أن نميّز بين الاحتياط الوجوبي والاستحبابي إذا لم تكن المسألة ملحوقة بكلمة وجوباً أو استحباباً؟

ج: الاحتياط إن لم تسبقه أو تلحقه فتوى فهو وجوبي، وفيه يمكن الرجوع إلى فقيه آخر مع مراعاة الأعلم فالأعلم على الأحوط، وإن سبقته أو لحقته فتوى مضادة لمؤداه فهو احتياط استحبابي، وفيه يتخير المقلد بين العمل بالفتوى أو الاحتياط.

س118: هل يجب الرجوع إلى فتوى الفقيه الحي فيما يخص البقاء على تقليد الميت لو أراد البقاء على تقليد الميت؟

ج: يكفي إطلاعه على الفتوى بجواز البقاء واستناده إليها في بقائه.

س119: ما حكم الأعمال التي عمل بها المكلف بعد وفاة مرجعه استناداً لفتواه بجواز البقاء على تقليد الميت؟

ج: يرجع فعلاً إلى المجتهد الحي في جواز البقاء وعدمه، وحيث إن المختار جواز البقاء، تصح بذلك أعماله السابقة مع استجماعها للشرائط المعتبرة.

س120: كنت أقلد مرجعاً ثم مات وبقيت على تقليده فترة، ثم عدلت إلى غيره، وبعد ذلك أردت الرجوع إليه، أي إلى المرجع الميت، فهل يجوز ذلك؟

ج: لا يجوز ذلك على الأحوط.

س121: الأظهر والأقوى مصطلحان يراد بهما الفتوى، لكن هل يراد بهما الأظهر والأقوى من فتاوى وأقوال العلماء، بحيث تكون المسألة المشتملة على أحدهما خلافية بين الفقهاء، أم يراد بهما شيء آخر؟

ج: كلا اللفظين يدلان على الفتوى، وأنه يوجد قول آخر لجماعة آخرين من العلماء أو أنه يوجد احتمال آخر في المسألة.

س122: إذا كان المجتهد الميت أعلم من الأحياء، فهل البقاء على تقليده يكون واجباً؟

ج: الظاهر جواز الرجوع إلى الحيّ مطلقاً.

س123: حول تقليد المراجع، كيف تكون البداية بتقليد أحدهم، هل هنالك نية معينة، وعلى أي أساس نستطيع أن نختار أحد المراجع للتقليد؟

ج: التقليد هو العمل برأي أحد المجتهدين الجامعين للشرائط ويتم من خلال الالتزام قلبياً بفتواه والعمل طبقاً لها، علماً بأنه يجب تقليد الأعلم على الأحوط.

س124: ما المقصود من أهل الخبرة؟

ج: المراد من أهل الخبرة من يكون عارفاً بتشخيص المجتهد أو الأعلم ونحوهما كما لو كان بنفسه مجتهداً أو فاضلاً قريباً من ذلك.

س125: ما الحكم لو أفتى غير الأعلم بعدم وجوب تقليد الأعلم؟

ج: لا يصح الاعتماد عليه، بل يرجع في مثل  ذلك إلى قول الأعلم على الأحوط وجوباً.

س126: هل يجب العمل بالاحتياط أم لا؟

ج: الاحتياط المستحب لا يجب العمل به، ولا يجوز الرجوع فيه إلى الغير – احتياطاً- (إذا كان مرجعه أعلم، ولم تكن فتوى الغير موافقة للاحتياط)، والاحتياط الواجب يجوز العمل به ويجوز الرجوع إلى الغير مع مراعاة الأعلم فالأعلم احتياطاً.

س127: إذا كان هناك فتوى للأعلم هل يجوز الرجوع إلى غيره؟

ج: لا يجوز على الاحوط وجوباً.

مصطلحات فقهية

س128: ما معنى النية؟

ج1: النية هي القصد القلبي نحو الفعل، وفي العبادات يشترط مضافاً إلى ذلك (قصد التقرب) و(الخلوص).

س129: ما معنى الهجرة؟

ج: الهجرة هي الإعراض عن البلد الذي استوطنه إلى غيره.

س130: ما معنى على الأحوط وجوباً؟

ج: معناه عدمُ الجزم بالفتوى، وحينها على المكلف إما العمل بهذا الاحتياط أو الرجوع إلى فقيه آخر في تلك المسألة مع مراعاة الأعلم فالأعلم على الأحوط وجوباً.

س131: ما هو الاحتياط المطلق؟

ج: المراد منه الاحتياط الوجوبي.

س132: ما هو الاحتياط المسبوق بالفتوى؟

ج: هو الاحتياط الاستحبابي الذي تسبقه أو تلحقه فتوى بخلافه.

س133: ما الفرق بين الحكم بعدم الجواز وبين الحكم بالتحريم؟

ج: لا فرق إنما هو اختلاف ألفاظ فقط.

 

* * * * * * * * *

س134: كيف تعرف الأعلمية؟

ج: للأعلمية في أحكام الله تعالى مقاييس يعرفها أهل الاختصاص والخبرة في ذلك، فعلى المقلدين مراجعتهم في ذلك، وهذا نظير الأعلمية في جميع العلوم والفنون كالطب والهندسة وغيرها.

س135: هل التقليد أو الرجوع إلى مرجع تقليده يكون بالنية أم هناك شروط لمن يريد أن يقلّد؟

ج: الإمام الراحل(أعلى الله درجاته): التقليد: هو الاستناد إلى فتوى مرجع التقليد الجامع للشرائط في العمل.

السيد المرجع(دام ظله): التقليد: هو العمل برأي أحد المجتهدين الذين توفرت فيهم شرائط التقليد المذكورة في أول الرسالة العملية.

س136: من هو المجتهد؟

ج: الاجتهاد ملكة نفسانية، يستطيع المجتهد من خلالها استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة الأربعة، فإذا اجتاز الإنسان كل المراحل الدراسية التي يتوقف عليها الاجتهاد، وحصل على هذه الملكة كان مجتهداً.

س137: عندما يبلغ الطفل سن التكليف، فهل يقلد في أعماله مباشرة؟

ج: يجب عليه التقليد بمجرد البلوغ، ويتحقق التقليد بأن يلتزم نفسياً بتقليد الفقيه الجامع للشرائط، ويسير في أعماله طبقاً لفتواه.

س138: سمعت من بعض الإخوة المؤمنين أنّ المرجع أو المجتهد إذا أفتى، فإن أخطأ في الفتوى فيكون له أجر واحد، وإن كانت الفتوى صحيحة فله أجران، يعني في الطرفين يحصل على الثواب والأجر فما قولكم؟

ج: المجتهد هو من يفرغ كل وسعه، ويعمل بكل جهده في سبيل استنباط الأحكام الشرعية في كل واقعة من الوقائع وكل فعل من الأفعال من مصادرها الصحيحة كالقرآن الكريم وأحاديث أهل البيت (عليهم السلام)، ثم يفتي - حسب ما توصل إليه بعد الجهد الكبير- لمقلديه، فمثل هذا المجتهد الذي سعى غاية سعيه - على فرض الخطأ - له أجر سعيه وتعبه، وإن أصاب فله أجران: أجر لسعيه، وأجر لإفتائه للآخرين بالصواب، مما يستلزم تحصيلهم الثواب بسببه.

س139: أنا فتاة أبلغ 20 سنة، أسرتي تقلد مرجعاً دينياً، هل يمكنني تقليد مرجع آخر غير مرجعهم؟

ج: التقليد يجب أن يكون عن قناعة شخصية وبحسب الشروط الشرعية، ولا يشترط في التقليد إتباع الغير.

س140: هل يجوز لي أن أعمل بفتوى أي مقلَّد، مع أنه لم يبلغ درجة الاجتهاد؟
ج: إنما يجوز تقليد المجتهد الجامع للشرائط دون غيره.

س141: هل الاحتياط الوارد في هذه العبارة: (فالأحوط الجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض) وجوبيّ أم استحبابي؟
ج: السيد المرجع: القاعدة في معرفة أنَّ الاحتياط وجوبي أو استحبابي هو: إذا كان قبله أو بعده فتوى على الخلاف كان الاحتياط استحبابياً، وإن لم يكن فتوى لا قبله ولا بعده كان وجوبياً.

س142: اذا كان مرجعي يفتي في مسألة بالاحتياط الوجوبي، فهل يجوز لي أن أرجع إلى مرجع يفتي بالجواز؟ وهل يلزم مراعاة الأعلمية أم لا؟
ج: يجوز الرجوع في خصوص تلك المسألة إلى مجتهد جامع للشرائط له فتوى فيها مع مراعاة الأعلم فالأعلم.

س143: إذا قال مرجع التقليد: إني أرى الأعلم من بعدي فلاناً من المجتهدين. فهل يكون إخباره هذا حجة شرعية مثل شهادة أهل الخبرة, على قول من يقول بحجية الواحد من أهل الخبرة؟
ج: نعم هو بمثابة إخبار الثقة الخبير ـ في فرض السؤال .

س144: شخص بلغ سن التكليف ويريد أن يقلد، ولا يدري من هو الأعلم, وأهل الخبرة اختلفوا في تحديده, والفقهاء يقولون بسقوط الشهادتين إن تعارضتا، ومنهم من يقول بالرجوع حينها إلى من هو أكثر خبروية, ومنهم من يقول باختيار الأورع، وربما غير ذلك, مما لا طاقة للمكلف بإحرازه بل يكاد يكون ممتنعاً إلاّ لأهل الخبرة أنفسهم, خاصة أن الوسيلة لإدراك هذه الحقائق هم علماء الدين، فما عمل المكلف، إذ هو ليس بمقلد حتى يرجع إلى من يقلده في هذه المسألة؟
ج: إذا تعسّر تشخيص الأعلم - لتعارض البيّنات ونحوه - لزم على الأحوط وجوباً أن يقلّد من يظن أنه الأعلم، وإن لم يظنّ فمن يحتمل أعلميته ولو احتمالاً ضعيفاً، وإلاّ قلّد أحدهم.
س145: هل كثرة عدد أهل الخبرة الذين يقولون بأعلمية مرجع معين توجب تقليده, أم يكفي في مقابله شهادة واحد أو اثنين من أهل الخبرة للانتقال إلى تقليد مجتهد آخر أو البدء بتقليده؟
ج2: يعرف من الجواب السابق.

س146: من كان يقلد الأعلم قبل التكليف بحكم ارتباطه الاجتماعي أو العائلي، ثم قبل التكليف توفي الأعلم، هل يجب عليه البقاء على تقليده لقول الحي الأعلم بوجوب البقاء على تقليد الميت إذا كان أعلم من الحي، ولم تحصل لديه شهادة خبروية بأن الحي أعلم من الميت؟
ج: يجوز له في فرض السؤال البقاء لكن بفتوى مجتهد حي جامع للشرائط يفتي بجواز البقاء، كما ويجوز له العدول إلى الأعلم الحي أيضاً.

س147: ما المراد من هذه الاصطلاحات: (على الأقوى)، (على الأظهر)، (محل إشكال)؟
ج: المراد من «على الأقوى» أو «على الأظهر» هو الفتوى في المسألة، وأما المراد من «محل إشكال» هو عدم الفتوى والاحتياط في المسألة، وفي مورد الاحتياط الواجب يجوز للمقلد أن يرجع إلى مجتهد جامع للشرائط له فتوى في ذلك المورد.

س148: هل في المسائل الاحتياطية نستطيع الرجوع إلى المرجع الأعلم في هذه المسألة، وهل هناك موارد أخرى يمكن الرجوع فيها غير الاحتياط؟
ج: نعم، وكذا يجوز التبعيض عند تساوي الفقهاء في العلم.

س149: إذا كنت أقلد مرجعاً، ولكن حقوقي الشرعية أدفعها لمرجع آخر، هل يحق لي ذلك؟
ج: يعطى للمرجع أو وكيله.

س150: ما تكليف المقلّد في المسائل التي تحكمون فيها بالاحتياط الوجوبيّ؟ وهل يجوز له _ في حال الرغبة _ الرجوع إلى من له فتوى صريحة في هذه المسألة من المجتهدين؟ وهل لابدّ للمجتهد المذكور أن يكون الأعلم بعد المرجع الذي يقلّده المكلّف؟ وإذا كان كذلك، فكيف يمكنه تشخيص مثل هذا المجتهد؟
ج: يجوز للمقلد العمل بمقتضى الاحتياط الوجوبي، كما ويجوز له فيما إذا كان هناك مجتهد جامع للشرائط له فتوى في خصوص المسألة أن يرجع إليه فيها، ويختار الأعلم فالأعلم على الأحوط وجوباً، وطرق معرفة الأعلم فالأعلم هي الطرق نفسها التي من خلالها يعرف المجتهد والأعلم.

س151: هل يجوز بعد الرجوع إلى غير الأعلم في المسائل الاحتياطية أن يعود إلى الأعلم مرّة ثانية؟
ج: في الاحتياط الواجب يجوز للمقلد العمل وفقه، ويجوز أيضاً الرجوع إلى من له فتوى في نفس المسألة الأعلم فالأعلم، كما ويجوز أيضاً أن يعود ويعمل وفق الاحتياط الواجب.

س152: هل تعتقدون أن الفقه المعاصر يعيش أزمة في ظل ما يُقال إنه جمود أمام النصوص التي أبدع في صياغتها علماء الإسلام في فترات تاريخية ماضية؟
ج: لا، فإن الفقه عند العلماء من مذهب أهل البيت(ع) متطلع للأحداث حتى المستقبلية، وله مواقف متوافقة مع العصر والزمن، وذلك كما قال الإمام الصادق(ع): بأن علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع.

س153: ماذا لو أحبّ شخص تغيير مقلَّده بسبب بعض الملاحظات، فهل من الواجب عليه استحصال إذن من مرجع بذلك أم لا؟
ج: لا يجوز العدول من الحي، إلاّ إذا اطمأن إلى أن الثاني أعلم، ومعه لا حاجة للإذن.

س154: بعد العدول من الأعلم إلى من يفتي بالمسألة، هل يجوز الرجوع إلى الأعلم للعمل بفتواه الاحتياطيّة؟
ج: يجوز في فرض السؤال

س155: تبرز أحياناً مشكلة في الأوساط الاجتماعية فيما يتعلق بتصريحات وكلاء الفقهاء ومراجع الدين، حيث يصعب التمييز بين آراء الوكيل الشخصية وبين وصايا موكله التي تُعتبر حُجّة شرعية على مقلديه، ما هي الضابطة التي بموجبها يتم التمييز بين الرأي الشخصي للوكيل (في المسائل السياسية أو الاجتماعية) وبين وصايا وبيانات المرجع الموكل له؟
ج: إذا نسب الوكيل شيئاً إلى موكّله، وقال بأن هذا هو قول الموكل ورأيه، فيجب على الوكيل الأمانة في القول، كما ويجب على الآخرين القبول، وكذا لو أطلق القول بلا نسبة إلى الموكل ولا إلى نفسه. وأما إذا صرح الوكيل بأن هذا قوله ورأيه هو (أي الوكيل)، فمن الواضح هنا بأنه ليس قول الموكل ولا يجب قبوله.

س156: أنا متزوجة حديثاً، ومقلدة لمرجع، وزوجي يقلد مرجعاً آخر، وهو يأمرني دائماً بتقليد المرجع الذي يقلده هو، ما الذي يجب علي فعله الآن؟
ج: إذا حصل لك الاطمئنان بأن مرجع الزوج أعلم، فالأحوط وجوباً الرجوع إليه، كما أن الزوج لو اطمأن إلى أن مرجعك أعلم، فالأحوط وجوباً الرجوع إليه، وإلا فلا يجوز الرجوع.

س157: في الحكومة الإسلامية، هل يجب أمر النساء مثلاً بالحجاب الكامل أن هن مخيرات في ذلك؟
ج: من وظائف الحكومة الإسلامية الحفاظ على المظاهر الإسلامية ولو تدريجاً، ولكن عن طريق التثقيف والإقناع، وبوسيلة العلاج السليم والمثمر، مثل تهيئة العباءة وإهدائها، والترغيب في ارتدائها، واعطاء الجوائز عليها ونحو ذلك.

س158: هل يجوز للفقيه بالنسبة لعمله هو أن يقلد فقيهاً آخر في مجال التحيّر، وكيف لو كان لمقلديه؟

ج: إذا كان قد فحص ورأى كل الأدلة المرتبطة بتلك المسألة ولم يقطع بالحكم فيها فيجوز، هذا بالنسبة لمقلديه إذا أراد أن يفتيهم، وأما بالنسبة لعمله هو فيجوز في صورة عدم الفحص واليأس أيضاً.

س159: في تاريخها الطويل، تميزت المرجعية الشيرازية، من ضمن ما تميزت به فكراً وتنظيراً، بمبادئ ما يعرف بـ(شورى الفقهاء)، وشورى الفقهاء المراجع، والتي على مر السنين، ومن خلال الجهد المتوارث في البحث فيها، قد استوفت الجوانب النظرية فيها بامتياز، غير أن الجوانب العملية لها غير متحققة، وذلك ما يجعل مسألة تطبيقها مؤجلة الى حين، في الوقت الذي تتعاظم الحاجة لها، خاصة لجهة إنسجامها، مع الأنظمة السياسية الحديثة التي يتطلع المسلم للفلاح فيها، والتي تحظى بهندسة سياسية، تتماهى وطروحات شورى المراجع، وبذا فهي ليست حاجة فكرية بحثية، تنحصر في محددات الدراسة، وإنما باتت حاجة إنسانية وإجتماعية، فهل للمرجعية رؤية عملية، لوضع شورى الفقهاء المراجع، على جادة التطبيق؟
ج: كان الإمام الشيرازي الراحل يطبّقها عملياً ليكون قدوة في العمل بها وخاصة حينما كان في الكويت، فإنه كان إذا جاء الشهود إليه يشهدون له بالرؤية، كان يرجو منهم أن يشهدوا عند باقي العلماء الموجودين هناك أيضاً، ثم كان يتصل بهم ويأخذ رأيهم ونظرهم في ذلك، ومع التنسيق مع الجميع والاتفاق على إعلان ثبوت الرؤية أو عدم ثبوته كان يتمّ الإعلان بكلمة واحدة ومن الجميع، وبذلك كان قدّس سرّه قد طبّق ما دعى إليه، وسعى في رفع الاختلاف بالنسبة إلى الهلال. وأما بالنسبة إلى سائر الأمور، فكان سماحته (قدس سره) يرى لزوم تطبيق الآية الكريمة «وشاورهم في الأمر» آل عمران/159، والآية الكريمة «وأمرهم شورى بينهم» الشورى/38 عملاً وفي كافة مجالات الحياة، ابتداءً من الأبوين مع أولادهم في الأسرة الواحدة ومروراً بالمدرسة والجامعة وانتهاءً بالحكم والقضاء، وبكلمة واحدة كان سماحته (قدس سرّه) يرى تعميم ثقافة التشاور في الأمور بين المجتمع حتى تسود هذه الثقافة كل الأوساط الاجتماعية والسياسية، وقد كتب سماحته في ذلك كتباً عديدة منها: «قم المقدسة رائدة الحضارة» وطرح فيها الطريقة العملية لتطبيق الشورى في كل مجالات الحوزة العلمية حتى تكون الرائدة في هذا المجال أيضاً.
ويرى المرجع الشيرازي (دام ظله) أن نظرية (شورى الفقهاء) لها مستنداتها الشرعية والموضوعية. أما المستندات الشرعية فجملة من النصوص الدينية مثل قوله تعالى: (و أمرهم شورى بينهم) وغير ذلك من الآيات الكريمة والروايات الشريفة. هذا مضافاً إلى أن ولاية المجتهد إنما تقع في إطار حوزته التقليدية ولا ولاية له في خارج ذلك الإطار، فلا ولاية له على المجتهدين الآخرين، كما لا ولاية له على أتباع المرجعيات الأخرى، كما ذكر الفقهاء العظام ذلك في كتاب البيع، فكيف يمكنه أن يفرض قراراً عاماً يرتبط بمجموع الأمة وتنعكس آثاره على جميع الأمة دون أن يشترك في اتخاذ هذا القرار سائر الفقهاء. وأما المستندات الموضوعية فمنها: إن هذا العصر الذي نعيشه هو عصر التجمعات الكبرى، فإذا أردنا أن نكون في مستوى التحدي فلابد من اجتماع المراجع كي يشكلوا قوة كبيرة تستطيع الوقوف في وجه التحدي العالمي، بل والتفوق عليه.

س160: أنا مقلّد للإمام الراحل. هل يجوز لي _ عند اللزوم _ الرجوع في بعض المسائل الجديدة إلى المراجع الآخرين مع بقائي على تقليد الإمام الراحل؟
ج: يجوز الرجوع في المسائل المستجدّة إلى المرجع الذي أجاز لكم البقاء.

س161: أنا مقلد للإمام الراحل السيد محمد الشيرازي(رحمه الله)، وأرجع في المستجدات إلى سماحة السيد صادق الشيرازي (حفظه الله). في الحج لم توفر لنا الحملة باصاً غير مسقوف، فاضطررت للركوب في الباص المسقّف في الليل. وكانت نيتي أن أبعّض في التقليد، وذلك بالعودة إلى فتوى الاحتياط للسيد محمد الشيرازي (قدس سره)، فهل عملي صحيح؟ وهل تجب عليّ كفارة في هذه الحالة؟
ج: العودة إلى فتوى الاحتياط إن كان بمعنى أنك قد عملت في هذه المسألة وفق فتوى السيد المرجع (دام ظله)، فلا يصح أن تعود إلى احتياط الإمام الراحل (قدّس سرّه)، وأما إذا لم تكن قد عملت وفقها فيجوز لك أن تبقى على الاحتياط، ولا تجب الكفارة مع التبعيض فيما إذا رجعت في خصوص المسألة إلى مرجع جامع للشرائط له فتوى بعدم الكفارة في التظليل ليلاً.

س162: ما الفرق بين الفتوى بالاحتياط والاحتياط بالفتوى؟
ج: الفرق هو أن الأول نوع من أنواع الفتوى، ولا يجوز فيه الرجوع للأعلم فالأعلم، بينما الثاني هو احتياط واجب، وفيه يجوز الرجوع إلى الأعلم فالأعلم ممن له فتوى في خصوص المسألة.

س163: أنا إنسان بسيط، أصوم وأصلي وأعطي الخمس، وبار بوالديّ، ولا أنقطع عن زيارة أهل البيت (صلوات عليهم)، فهم هداي في الدنيا وزادي في الآخرة، لكن ما يحيرني كيف لي أن أختار – بشكل واضح - مرجع التقليد الأعلم؟
ج: يكفي لاختيار الأعلم أن يخبره بذلك من يثق به من أهل العلم، فإذا قال له الثقة بأن فلاناً أعلم جاز له أن يعتمد عليه ويقلّده.

س164: ما هو الفرق بين المستحب والجائز؟
ج: الفرق بينهما أن الجائز هو ما لا يؤثم الإنسان على ارتكابه، وهو يشمل (الواجب والمستحب والمباح والمكروه)، أما المستحب فهو خاص بما ينبغي للإنسان فعله، مثل صلوات النوافل، وصوم رجب وشعبان، وزيارة مراقد الأئمة(عليهم السلام)، ونحوها.

س165: الشيعة يلقبون المجتهدين بـ(آية الله) والمراجع بـ(آية الله العظمى)، ماذا تعني تلك العبارات، ومتى ظهرت أول مرة؟
ج: هذا اللقب قد اصطلح عليه في الآونة الأخيرة على مراجع التقليد الجامعين للشرائط، ولعل أول من أطلق عليه هو الميرزا الشيرازي (قدس سره) صاحب نهضة التنباك، ويعني هذا اللقب بأن صاحبه قد بلغ الدرجة القصوى في الاجتهاد في المعارف الدينية، والاستنباط للأحكام الشرعية.

س166: هل دعا الإمام الصادق (عليه السلام) إلى النقل الصحيح دون الضعيف، وإلى العقل في الاستنباط، دون التمثيل المعتمد على الرأي والقياس؟
ج: نعم، إن الإمام الصادق (عليه السلام) الذي استمدّ علمه من جدّه الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) المستمدّ علمه من الوحي، كشف عن الطريق الصحيح الذي يحفظ الإسلام وأحكامه النيّرة من الانحراف والتشويه، مثل أحاديثهم الشريفة الواصلة إلينا بنقل الثقات، ومثل التفريع واستنباط الأحكام الشرعية من الأصول التي بيّنوها (عليهم السلام) لنا، وحذّر من الطرق التي تعتمد على الوهم والظن من مثل الرأي والقياس.

س167: هل يمكن أن أعرف ما هي الأدلة النقلية والعقلية على موضوع التقليد؟
ج: الأدلة النقلية والعقلية على ذلك كثيرة، فمن الأدلة النقلية قول الله تعالى: «فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون». النحل:43. ومنها قول المعصوم (عليه السلام): «من كان من الفقهاء حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه». ومن الأدلة العقلية: رجوع الجاهل إلى العالم، فالجاهل بالطب يرجع في العلاج إلى الطبيب، والجاهل بالهندسة يرجع في بناء الدار إلى المهندس وهكذا، والدِّين هو أهم الأشياء وأعظمها ويرتبط بمسير الإنسان ومصيره من جنة ونار، فكيف لا يقلّد الإنسان في مسائل دينه، ولا يرجع فيما يجهله إلى العالم الجامع للشرائط الخبير في الدين؟!.

س168: بالنسبة لقضاء فوائت الميّت من صوم وصلاة وحجّ وحقوق شرعيّة، هل يكون على تقليد الميّت أم على تقليد الوارث؟
ج: يكون على تقليد الذي يقوم بالقضاء عن الميت بلا فرق بين الوارث والأجير، إلاّ إذا اشتُرط عليه غير ذلك، فيجب حينئذ القضاء عن الميت وفق الشروط المتوافق عليها.

س169: المجنون أو الذي يطرأ عليه الجنون أو الذي يطرأ عليه الشلل النصفي أو الكلي الذي يسبب خللاً في تفكيره، وكذلك الغائب، أو المفقود، أو المحبوس الذي لا يمكن الاتصال به، إذا لم يكن لهؤلاء ولي شرعي، فهل يجب على ذويهم نصب قيّم بواسطة الحاكم الشرعي لغرض التصرف في أموالهم بحسب المصلحة؟ ثم كيف يمكن للقيّم أن يتصرف بأموالهم؟ هل يجوز الإنفاق منها على بعض ذويهم دون بعض بحسب حاجتهم أم يجب صرفها على الجميع بحسب حصصهم من الإرث أم غير ذلك؟
ج: إذا لم يكن لواحد من هؤلاء المذكورين في السؤال ولي شرعي، يجب نصب قيّم عليه بإذن الحاكم الشرعي، والقيّم له حق التصرف في مال المولّى عليه مؤطّراً بإطار مصلحة المولّى عليه، فينفق من ماله على من كان قد وجبت نفقته عليه من الوالدين والأولاد مع حاجتهم، وبمقدار النفقة الواجبة للزوجة وبحسب شأنها، والنفقة الواجبة تقدّر بقدر شأن المنفق عليه، لا بالتساوي.

س170: في أحكام الجهاد هل تكره (المحاربة بقطع الأشجار، وتسليط الماء، والإحراق، وتسميم الماء والهواء، وإلقاء القنابل الميكروبية وغيرها، والإغارة على العدو ليلاً) أم تحرم؟
ج: يحرم ذلك وبشدّة، فقد جاء في كتاب «المسائل الإسلامية» لسماحة السيد المرجع (دام ظله) في أحكام الجهاد ما يلي: «لا محاربة في الإسلام بقطع الأشجار، وتسليط الماء، والإحراق، وتسميم الماء والهواء، وإلقاء القنابل الميكروبية ونحوها»، وجاء فيه أيضاً: «إنّ الحرب في الإسلام محدودة جداً، ونزيهة تماماً، وتكون بشروط خاصة، وجميع حروب النبي (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام) كانت دفاعية»، وجاء فيه أيضاً: «لا عنف في الإسلام، ولا يجوز أيّ نوع من أعمال العنف والإرهاب الذي يوجب إيذاء الناس أو تشويه سمعة الإسلام والمسلمين».

س171: حتى يكون التقليد مبرئاً للذمّة لابدّ أن يسعى المكلّف بنفسه وبكل جهده لتحصيل المجتهد والمرجع الأعلم، فما الحكم في تقليد العوام الذين لا يلتفتون إلى ذلك، فهم يقلّدون تقليداً للآباء أو العلماء؟
ج: التّقليد كما يقع صحيحاً إذا كان بتحقيق من الإنسان نفسه والتوصل إلى المرجع الأعلم، فكذلك يقع صحيحاً إذا اعتمد الإنسان على ما توصل إليه والده أو العالِم الموثوق عنده واطمأنّ إلى صحة ذلك.