النبوة

النبي هو الشخص الذي يوحي إليه الله تعالى. والأنبياء على قسمين:

النبي المرسل: وهو المبعوث لإنقاذ الناس، من الظلمات إلى النور، ومن الباطل إلى الحق، ومن الخرافة إلى الحقيقة، ومن الجهل إلى العلم.

النبي غير المرسل: وهو الذي يوحى إليه لنفسه، ولم يؤمر بتبليغ الأحكام إلى الناس.

وعدد الأنبياء: مائة وأربعة وعشرون ألف نبي (124000) والمرسلون منهم قليلون.

وأول الأنبياء آدم (عليه السلام)، وآخرهم محمد (صلى الله عليه وآله).والأنبياء المرسلون على قسمين:

الأول: أولو العزم. الثاني: غير أولي العزم.

وأولو العزم: هم الذين بعثهم الله تعالى إلى شرق الأرض وغربها، وغير أولي العزم من لم يرسلوا للشرق والغرب. وأولو العزم خمسة: 1: إبراهيم (عليه السلام) 2: نوح (عليه السلام) 3: موسى (عليه السلام) 4: عيسى (عليه السلام) 5: محمد (صلى الله عليه وآله).

واليهود من أتباع موسى (عليه السلام). والنصارى من أتباع عيسى (عليه السلام). والمسلمون من أتباع محمد (صلى الله عليه وآله). لكن الإسلام نسخ الأديان السابقة، فلا يجوز البقاء عليها، بل يلزم على جميع الناس أن يتبعوا تعاليم الإسلام، كما قال الله تعالى: ((ومن يبتغِ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)) (1). فاليهودية والنصرانية باطلة، والإسلام يبقى شريعة الله إلى يوم القيامة، ولا ينسخ أبداً.

 

بعض أحوال النبي (صلى الله عليه وآله)

هذا وقد عرفت أن محمداً (صلى الله عليه وآله) آخر الأنبياء، وإن دينه ـ وهو الإسلام ـ ناسخ للأديان، وأن شريعته باقية إلى يوم القيامة.

فلا بأس بالإشارة إلى بعض أحواله الكريمة (2): فهو محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) وأمّه آمنة بنت وهب. ولد (صلى الله عليه وآله) يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأول بعد طلوع الفجر، عام الفيل، بمكة المعظّمة، في زمن الملك العادل(3) (كسرى)، وبعث بالرسالة في السابع والعشرين من شهر رجب، بعد ما مضى من عمره الشريف أربعين سنة، إذ نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) و هو ملك عظيم، وكان (صلى الله عليه وآله) حينئذ في غار (حراء) وهوجبل بمكة، فأنزل عليه سورة من القرآن وهي: ((بسم الله الرحمن الرحيم * إقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق)) (4) إلى آخر السورة. فقام (صلى الله عليه وآله) بتبليغ رسالات ربه، وأخذ يدور في الشوارع والأزقة، وهو يقول: (أيها الناس قولوا لا اله إلا الله تفلحوا) (5). وحيث إن أهل مكة كانوا مشركين جعلوا يستهزؤون به، ويضحكون منه ويؤذونه، حتى قال (صلى الله عليه وآله): (ما أوذي نبي مثل ما أوذيت) (6). ولم يؤمن به إلا نفر قليل، أوّلهم الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم زوجته خديجة (عليها السلام) ثم جمع آخر. ولما كثر اضطهاد المشركين له، هاجر إلى (المدينة)، وهذه الهجرة هي بدء تاريخ المسلمين، وهناك كثر المسلمون وشرعت الدولة الإسلامية تعتز بالعدة والعدد، حتى فاقت حضارات العالم، والأديان سماويها وغير سماويها. واتفقت للنبي (صلى الله عليه وآله) أثناء كونه في المدينة المنورة حروب وغزوات، وكلها كانت بسبب اعتداءات المشركين واليهود والنصارى على المسلمين، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) في جميعها يأخذ جانب السلم والرحمة والفضيلة، ولذا لم يكن قتلى الطرفين، المسلمين وغيرهم، في حروبه (صلى الله عليه وآله) التي بلغت نيفا وثمانين، اكثر من ألف وأربعمائة، كما حفظها التاريخ.

ومنذ أن بعث محمد (صلى الله عليه وآله) بالرسالة إلى أن توفي، كان القرآن الحكيم ينزل عليه من جانب الله تعالى شيئا فشيئا وفي مناسبات مختلفة حتى اكتمل هذا الكتاب العظيم في ظرف ثلاث وعشرين سنة. فكان النبي (صلى الله عليه وآله) ينظم دين المسلمين ودنياهم، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويشرع لهم قوانين العبادة، والمعاملة والمعاشرة والسياسة وما إليها..

وبعدما كمل الدين ونصب (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب (عليه السلام) خليفة من بعده ونزل قوله تعالى: ((اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)) (7)، مرض النبي (صلى الله عليه وآله) مرضاً طفيفاً، لكنه اشتد حتى لحق بالرفيق الأعلى في اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر سنة 11 من الهجرة، وقام بغسله وكفنه والصلاة عليه ودفنه أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، ودُفن بالمدينة المنورة ـ حيث قبره ـ. وقد كان (صلى الله عليه وآله) في جميع حالاته مثالا أعلى للأمانة والإخلاص، والصدق وحسن الخلق، والعلم والحلم، والسماح والعفو، والكرم والشجاعة، والورع والتقوى، والزهد والفضيلة، والعدل والتواضع، والجهاد و.. وكان جسمه الشريف كأحسن ما يكون، في الاعتدال والتناسب، ووجهه أزهر كالبدر ليلة التمام. وبالجملة، فقد كان (صلى الله عليه وآله) مجمع الفضائل، ومعقد الشرف والكرامة، وموطن العلم والعدل والفضيلة، ومدار الدين والدنيا، لم يأت مثله فيما مضى، ولا يأتي إلى الأبد. هذا هو نبي المسلمين، وهذا هو شرع الإسلام، ودينه خير الاديان، وكتابه خير الكتب، ((لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد)) (8).

1ـ سورة آل عمران: 85.

2ـ راجع للتفصيل كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم ج 1-2) و (باقة عطرة في أحوال خاتم النبيين) و (السيرة الفواحة) و (محمد (صلى الله عليه وآله) والقرآن) للإمام الراحل (قدس سره).

3ـ أي العادل نسبيا، أي بالنسبة إلى غيره.

4ـ سورة العلق:1و2.

5ـ المناقب: ج1 ص 56 فصل فيما لاقى من الكفار في رسالته.

6ـ كشف الغمة: ج2 ص537 فصل4 باب5.

7ـ سورة المائدة: 3.

8ـ سورة فصلت: 42.