مشروع شرعة لحياتنا المشتركة (٢)

السيد هاني فحص

  

موقـع الإمـام الشيرازي

17/ربيع الثاني/1430

من أجل ترسيخ وتعميم المحبة والمودة، وتلافي الكره المفضي الى العنف، ومن أجل النهضة ومواجهة الاستحقاقات العظمى، أمام الانقسام المتمادي للعالم الى شمال غني ومستأثر وطامع وقوي ومنتج وقادر على انتاج الأزمات وتصديرها، وعلاجها في داخله .. وجنوب فقير وضعيف وباحث في موروثه عما يغطي التخلف ويشرّعه ويجعله في المحصلة تخليفاً، أي عقيدة في التخلف، جنوب مستهلك بِشَرَهٍ عظيم وزهد في الانتاج. بين أفق مفتوح، وإن كان على شيء من القلق الضار أحياناً والضروري أحياناً، على الآمال المشروعة وغير المشروعة, وأفق مغلف بالقلق اليومي التفصيلي الذي يجفف احتمالات الإبداع والتغيير .. ومغلف بالإحباط وانعدام الرؤية وسطحية الشعور بالتحدي والإصرار على الاستقالة من النقد والاستشراف، مع إدمان الاستذكار والاسترجاع واختراع كل ما من شأنه أن يبعث على الرضا الخدّاع بأبلسة الآخر وتقديس الذات! يصبح الحوار بين أهل الأديان وأهل الحضارات التي لا تتصارع، بل يتصارع أهلها، كما بين الأجناس والأوطان والأمم والشعوب والجماعات والدول والمجتمعات، خياراً منهجياً أولاً ومشروعاً عملياً سياسياً وثقافياً وتنموياً دائماً.

بعد دم كثير لا مع هذا الدم الكثير الجاري والذي سيجري .. والخراب العميم، لم يقصر متدينون وأعداء للدين في التوهم أو الإيهام بأن الاختلاف في الدين سببه، أو من أسبابه (أي الدم) نحن معنيون بأن نتفق ونؤمن ونبشر بما يلي:

1- إن التعصب الطائفي أو الديني أو العرقي والانغلاق يأكل الدين ويأكل الوطن والمواطن.

2- إن أي بلد في العالم من دون بعض مكوناته لا داعي له ومن دون الأخرى لا طعم له.

3- إن غلبة أي طرف على الآخر هي غلبة لطرف ثالث عدو للطرفين وعليهما معاً.

4- إن التماسك الداخلي شرط للحد من تأثير المؤثرات الخارجية أو ايقافها او منعها.

5- إن الوطن يُبنى بالجميع من أجل الجميع، وإلا فلن يكون لأحد فيه نفع أو كرامة.

6- إن التنازل سلماً هو أقل ضرراً من نتائج الصراع والحرب التي تضاعف الخسائر والتنازلات.

7- إن العروبة والإسلام والمسيحية والسنية والشيعية والكردية والتركمانية والإيزيدية والأمازيغية والأباضية والكثلكة والأرثوذكسية والإنجيلية والوطنية والجهوية والإنسانية، كلها مكونات ليس من الضروري أن تتصارع بل من الممكن والمطلوب أن تتكامل وتتناغم.

8- إن الحوار لا بد أن تقوم له وبه مؤسسات مرنة رحبة وأن يكون محكوماً بثوابت ويتضمن مساحات مرنة ويتجنب الأطروحات المسبقة ويبقى مشروعاً مفتوحاً على الغد.

9- إن الالتزام بالحوار وقيمه، قيم التوسط والاعتدال والتسوية، خيار أخلاقي أولاً.

10- إنه لا بد للحوار من مشروع واقعي يحمله، فليكن مشروعنا هو الوطن والدولة والمجتمع المدني الموازي والمكمل لها والضامن لعدالتها.

11- إن الحوار في مستواه العقدي واللاهوتي مقبول، شرط أن لا يتحول الى مجال لإعادة انتاج الفوارق التي تعيد تأسيس الصراع.

12- إن المشروع الوطني ليس استقالة من المشروعات الأعم منه، عربياً واسلامياً.

13- إننا مكلفون بتقديم أمثولة إيجابية في السلم الأهلي كما قدمنا أمثولة سلبية في الاحتراب الداخلي.

14- إننا معنيون ومطالبون بإثبات إمكان بناء قواعد الحياة المشتركة في اللحظة التي يسود فيها احتمال هدمها بين الأقوام وأهل الأديان والمذاهب والأوطان. 

 الأسبوعية العراقية