|
في ذكرى ميلاد الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف
علماء الدين مسوليتهم مضاعفة * |
|
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين. في هذه الأيام المباركة المنتسبة لولي الله الأعظم صاحب العصر والزمان الإمام الحجّة المنتظر (صلوات الله وسلامه عليه) من المناسب أن نذكر كلمات نعرب فيها عن حبّنا له وتكون تذكيراً لنا جميعاً إن شاء الله. أعرض لموضوعين على نحو الاختصار؛ الأول يتعلّق بالإمام نفسه، والثاني بنا. أمّا الموضوع الأول فقد روي في رواية متواترة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: ((مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية))[1] أي مات على الكفر.
معرفة الله والنبي متوقّفة على معرفة الإمام فكما أن معرفة الله هي شرط الإيمان ولكنها لا تكفي ما لم تقترن بمعرفة النبي، فكذلك معرفة النبي لا تكفي وحدها من دون معرفة الإمام. أي أنّ معرفة الله والنبي لا تنفع من دون معرفة الإمام، بل ليس بمعرفة من دونها بالمعنى الدقّيق. كلّ قوى الكون تحت تصرّف الإمام لقد جعل الله تبارك وتعالى كل قوى الكون تحت تصرّف الإمام، وهذا الأمر مستدلّ عليه من كلمات المعصومين (عليهم السلام) أنفسهم. هناك زيارة لسيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) مروية عن الإمام الصادق عليه السلام، وهي رواية صحيحة رواها الشيخ الصدوق في كتابه ((من لا يحضره الفقيه)) وقال: ((وقد أخرجت في كتاب الزيارات وفي كتاب مقتل الحسين (عليه السلام) أنواعاً من الزيارات واخترت هذه لهذا الكتاب لأنها أصح الزيارات عندي من طريق الرواية وفيها بلاغ وكفاية))[2]. وفيها يقول الإمام الصادق عليه السلام: ((من أراد الله بدأ بكم)) . وفي الزيارة التي رواها الشيخ الكليني في الكافي وابن قولويه في كامل الزيارات ولها أسانيد متعددة وهي رواية صحيحة، يقول الإمام الصادق عليه السلام: ((إرادة الربّ في مقادير أموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم، والصادر عمّا فُصِّل من أحكام العباد…))[3]. إنّ أهل العلم الأفاضل يعلمون جيداً أنّ الجمع المضاف يفيد العموم، أي له ظهور في العموم. وكلمة ((الأمور)) جمع وقد أُضيفت إلى ضمير مرجعه ((الرب)) (إرادة الربّ في مقادير أموره…). ما هي أمور الله؟ هل يوجد شيء في الكون ليس من أموره عزّ وجلّ؟ إنّ كلّ ما سوى الله هو مصداق لأمور الله. فخلق الإنسان والحيوان والأفلاك والملائكة والجنّ والحور والجنّة والنار… كلّها من مصاديق ((أموره)). أمّا المقادير فهي مصدر ميمي وهي جمع مقدار. فيكون معناها إعطاء كلّ شيء قدره. مثلاً: مَن يأتي إلى الدنيا ومتى؟ ما هي الأمور التي تجري عليه؟ وما مصيره؟ متى يموت، ومَن ذرّيته، وإلامَ ستستمرّ؟ وهكذا تقديرات غير الإنسان كالحيوانات والصحاري والبحار والملائكة وجبرئيل وميكائيل وحملة العرش وعزرائيل والجنّ والجنّة والنار ووقت ظهور الإمام نفسه (سلام الله عليه) و… هذه كلّها مصاديق لمقادير أموره. ولو كانت العبارة هكذا: (إرادة الربّ في مقادير أمور عباده) لم يكن لها هذه العمومية، لأنّها كانت في إطار أمور العباد، ولكن العبارة ((في مقادير أموره)) أي أمور الربّ. أمّا لماذا لم يقل إرادة الله، فتلك قضية دقيقة ولكن لندع الآن البحث الأدبي، ولنعد إلى القضية المهمّة وهي أنّ إرادة الله تعالى في كلّ ما هو مصداق لأموره، أي كلّ الأمور التي تصدر عنه (سبحانه) تهبط إلى الأئمة (عليهم السلام) وتصدر من بيوتهم. وهذا معناه: إنّ كلّ ما يريده الله تعالى بالنسبة إلى أموره - التكوينية والتشريعية - لم يجعل له إلاّ طريقاً واحداً وهو طريق أهل البيت عليهم السلام؛ لأنّ أمور الله تشمل التكوينيات والتشريعيات. ولو قلنا إنّ الجملة الأولى تتحدّث عن التكوينيات ظاهراً بقرينة ما بعدها، فإنّ الجملة التالية ستشمل التشريعيات أيضاً، يقول الإمام عليه السلام: ((والصادر عمّا فُصِّل من أحكام العباد…)). وهذه هي التشريعيات، فيكون معنى الجملتين: إنّ كلّ ما يرتبط بالله تعالى من التكوين والتشريع - ولا وجود لتكوين أو تشريع (صحيح) واحد لا يرتبط بالله وليس من أمره - لم يجعل الله له إلاّ طريقاً واحداً وهم المعصومون الأربعة عشر، وفي عصرنا الإمام الحجّة بقيّة الله المنتظر صلوات الله وسلامه عليه. إذن كل ما يتعلّق بمقدّراتنا - فرداً فرداً - وتبدّلها أو نقصانها وزيادتها فيما يخصّ العائلة والمجتمع والإقليميات والقوميات وكلّ ما يتعلّق بنا يشكّل صغرى من صغريات هذا الحديث الصحيح الشريف. ويتبيّن مما مرّ أنّ كلّ شؤون الكون وقواه جعلها الله تعالى بيد الإمام المعصوم سواء فيما يتعلّق بالأشخاص أو الأشياء بالنسبة إلى الماضي أو المستقبل. وتوجد عندنا روايات متواترة على هذا الأمر، والرواية التي عرضنا لها آنفاً إحدى تلك الروايات الصحيحة. المعصومون أعرف منا بفضلهم ولا ينقص منهم شيء مهما أعطوا هذا من جهة، ومن جهة أخرى، إن ّالمعصومين (عليهم السلام) هم أعرف منّا بفضلهم وأنّه لا يقلّ من شأنهم مهما أعطوا . إذا كان أحدنا يملك مليون دينار وأعطى منه ديناراً واحداً فإن المليون سينقص بمقدار الواحد، ولا يعود مليوناً بتمامه. ولو كان يملك ملياراً وأعطى واحداً نقص المليار وكسر بذلك المقدار، وهكذا حتى لو كان المبلغ ألف مليار فإنّه ينقص بالعطاء، بل حتى المحيطات والبحار لو أدخلت فيها إبرة - بل رأس إبرة صغيرة ودقيقة - وأخرجتها فإنّ شيئاً ولو قليلاً من الرطوبة سيعلق بها وينقص من ماء البحر بذلك المقدار. صحيح أنّ ذلك لا يصدق بالحمل الشائع عرفا لأنّه لا يظهر ولكنّه نقص حقيقةً. أمّا أهل البيت عليهم السلام - ومنهم بقيّة الله الأعظم صاحب الأمر عجّل الله تعالى فرجه - فهم يعلمون أفضل منك أنّك لو سألتهم ألف حاجة كبيرة وأعطوكها فإنّه لا ينقص منهم شيء أبداً، بل لو أنّ كلّ البشر المتجاوز عددهم ستّة مليارات نسمة سألوا الإمام كلٌّ آلاف الحاجات فهو (عليه السلام) قادر على إعطائها دون أن ينقص منه بمقدار الرطوبة العالقة من ماء البحار برأس الإبرة. المشكلة فينا فليكن طلبنا بالنحو المقتضي ولكن المشكلة فينا نحن. فكلّ منّا - مع احترامي لكم - فيه ما يمنع المعصوم من أن يفيض عليه، لأنّ الإمام المعصوم حكيم ولا يضع الشيء في غير موضعه. ينبغي أن يكون إدراكنا ونوع حاجاتنا وأسئلتنا وكيفيتها بنحو بحيث تقتضي الحكمة استجابتها. هذا مختصر عن الإمام وقطرة من ملايين الملايين ممّا ينبغي الحديث عنه وعن عظمته صلوات الله عليه. طالب العلم الديني إمّا جندي الإمام أو وكيله أمّا الموضوع الآخر المتعلّق بنا نحن أهل العلم الذين نعدّ أنفسنا من المنتسبين إلى الإمام ولا نعلم هل انتسابنا مقبول، وهذه هي المسألة المهمّة بالنسبة لنا، والتي تستحقّ أن نبذل الوقت والجهد من أجلها لكي نصل إلى نتيجة، وإلاّ فلسنا على شيء، ومهما يكن عندنا فهو مساوق للعدم إن لم يكن أسوأ من العدم؛ فإنّ علماً لا ينتفع به صاحبه لا يزيده إلاّ بعداً عن الله تعالى؛ ((العلم إذا لم يُعمل به لم يزد صاحبه إلاّ كفراً ولم يزدد من الله إلاّ بعداً))[4] والعياذ بالله. نحن - طلبة العلوم الدينية - على قسمين؛ القسم الأول أولئك الذين لم يبلغوا مقام الاجتهاد والتقوى والعدالة اللازمة، فهؤلاء مازالوا في مرتبة جنود الإمام. أمّا القسم الآخر فهم الذين وُفّقوا لبلوغ مقام العدالة والاجتهاد، وهؤلاء هم الوكلاء العامّون للحجّة عجّل الله فرجه. وتعرفون أنّ الوكيل إذا تصرّف بالنحو اللائق فأهمّيته عند موكّله أكثر من تصرّف الإنسان العادي. وكذا الجندي بالطبع إذا أحسن التصرّف بين يدي قائده ومولاه كان جديراً بالاحترام أكثر من غيره من الأشخاص العاديين. ولكن عكس الحالة صحيح أيضاً، فلو كان تصرّف الوكيل والجندي غير صحيح والعياذ بالله كان استحقاقهما للعقوبة أشدّ وآكد. الفضل بن شاذان نموذج للوكيل الجيّد من بين الأمثلة الكثيرة أذكر لكم نموذجين فقط؛ الأوّل: الفضل بن شاذان رضوان الله تعالى عليه مثالاً للوكيل الجيد، والنموذح الآخر المضادّ: علي بن أبي حمزة البطائني، ومثله الحسين بن منصور الحلاّج ومن على شاكلتهما. كان الفضل بن شاذان من الوكلاء الجيّدين للأئمة، فقد روي في وسائل الشيعة والكافي وأمثالهما أنّ الفضل بن شاذان أرسل مبعوثاً إلى الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وقال مبعوث الفضل بعد ذلك إنّ الإمام العسكري (عليه السلام) قال له: ((أغبطُ أهل خراسان لمكان الفضل بن شاذان بمكانه بين أظهرهم))[5]. إنّكم أهل علم وتعرفون ماذا تعني الغبطة هنا؛ فإنّه ينبغي القول إنّ المقصود بالغبطة هنا معناها المجازي وليس الحقيقي لأنّ الغبطة تقابل الحسد، فالحسد هو تمنّي زوال نعمة الغير وهو من الرذائل، أمّا الغبطة فليس فيها تمنٍّ لزوال نعمة الغير بل هو تمنّي مثلها للنفس. وهي من الفضائل، ولكن حتى الغبطة لا يمكن أن تكون من شأن الإمام المعصوم. فما هو ذلك الشيء الجيّد الذين يتوفّر عليه أحد الناس ولا يوجد أحسن منه عند المعصوم ليكون مثار غبطة المعصوم؟ بل أيّ فضائل المعصومين توجد عند غيرهم من الناس؟! فلاشكّ إذن أنّ الغبطة هنا غير مقصودة بمعناها الحقيقي بل لابدّ أن تكون بالمعنى المجازي لها، ويُعرف أقرب المجازات عن طريق القرائن الخارجية، فهنا - مثلاً - يكون معنى قول الإمام عليه السلام (أغبط أهل خراسان): أنّ من شأن مَن لم يكن في خراسان أن يغبط أهلها على نعمة الاستفادة من جوار الفضل بن شاذان - وكانت خراسان يومذاك تعني معظم بلاد إيران اليوم - وهذا يعني أن عمل الوكيل بواجبه جيّداً يوصله إلى هذه الدرجة. علي بن حمزة البطائني من الوكلاء الذين ساءت عاقبتهم أمّا إذا كان عمل الوكيل سيّئاً والعياذ بالله فستكون عاقبته كعاقبة علي بن أبي حمزة البطائني؛ فرغم أنّه كان وكيلاً لأكثر من معصوم وكان هو السبب في هداية بعض عمّال بني أميّة، فعندما قدم أحدهم إلى الإمام الصادق (عليه السلام) للتوبة فقال ذلك الشخص للإمام: ((جُعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالاً كثيراً وأغمضت في مطالبه. فقال أبو عبد الله عليه السلام: لولا أنّ بني أمية وجدوا مَن يكتب لهم ويجبي لهم الفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبونا حقّنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئاً إلاّ ما وقع في أيديهم. قال: فقال الفتى: جُعلت فداك فهل لي مخرج منه؟ قال: إن قلت لك تفعل؟ قال: أفعل. قال: فاخرج من جميع ما كسبت في ديوانهم فمَن عرفت منهم رددت عليه ماله ومَن لم تعرف تصدّقت به وأنا أضمن لك على الله الجنة. فأطرق الفتى طويلا ثمّ قال له: قد فعلت جُعلك فداك)) [6]. فهذا ممن صار ابن أبي حمزة سبباً في هدايتهم ولكن انظروا إلى عاقبة أمره هو. يقول الراوي كنت عند الإمام الرضا في خراسان فقال عليه السلام: ((مات علي بن أبي حمزة البطائني في هذا اليوم وأُدخل في قبره الساعة ودخلا عليه ملكا القبر فساءلاه مَن ربك؟ فقال: الله. ثم قالا: مَن نبيّك؟ فقال: محمّد. فقالا: مَن وليّك؟ فقال: علي بن أبي طالب. قالا: ثمّ مَن؟ قال: الحسن. قالا: ثمّ مَن؟ قال: الحسين. قالا: ثم مَن؟ قال علي بن الحسين. قالا: ثمّ مَن؟ قال: محمّد بن علي. قالا: ثم مَن؟ قال: جعفر بن محمّد. قالا: ثمّ مَن؟ قال: موسى بن جعفر. قالا: ثمّ مَن؟ فلجلج فزجراه وقالا: ثمّ مَن؟ فسكت فقالا له: أفموسى بن جعفر أمرك بهذا؟ ثمّ ضرباه بمقعمة من نار فألهبا عليه قبره إلى يوم القيامة))[7]. ونحن في سنة 1423هـ مازال علي بن أبي حمزة معذّباً إلى الآن؛ فالإمام قال: ((إلى يوم القيامة)). لقد كان وكيلاً للإمام الصادق والكاظم (عليهما السلام) ولكنّه مازال يُضرب بمقمعة من نار، والمقمعة عمود من حديد ولكن قد يكثّف الله تلك النار حتى يكون لها سمك[8]، والله أعلم، فهذه أيضاً من مقادير أموره. لنكن حذرين جدّاً هذا حال وكيل الإمام المعصوم الحاضر، فلنكن يقظين وحذرين جدّاً فإنّ المسألة دقيقة جدّاً وذات حدّين قاطعين. فلو أنّ المرء كان يجد العذر الشرعي لاعتزال هذا الأمر لاختار كلّ مَن يملك العقل أدنى درجة من العقل طريق التخلّي والاعتزال، ولكن كما قلت إنّ الحدّين قاطعين فلا يمكن الاعتزال والتخلّي عن هذا الأمر ولا عذر للمرء في ذلك. ومن جهة أخرى فإنّ العالِم مسؤول وكما في الحديث: ((لنحملنّ ذنوب سفهائكم على علمائكم))[9]. وليس المراد من العلماء هنا المراجع وحدهم، بل العالِم بالمعنى اللغوي وهو يشمل كلّ مَن يتحمّل مسؤولية هداية الناس. الحلاّج مثال آخر للوكيل السيّئ لقد كان الحلاّج أحد العلماء المهمّين ولكن انظروا عاقبته وماذا يقول عنه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة، وكذلك النعماني والشيخ المفيد؛ وهؤلاء كانوا معاصرين له أو مقاربين لعصره. يقول الطوسي عنه: ((الحلاّج الحيّال الصوفي المتصنّع)). مسؤوليتنا مضاعفة فنحن أهل العلم إمّا أن نكون ضمن جنود الإمام سلام الله عليه، أو ممن حصل على مقام الوكالة والنيابة العامّة وكما قال الإمام عليه السلام: ((انهم حجّتي عليكم))[10]. وكلا المقامين رفيع إذا تصرّف الإنسان فيهما تصرّفاً صحيحاً، وإلاّ فمشكل جدّاً. قال الإمام الصادق (عليه السلام) لأحد أصحابه: ((الحسن من كلّ أحدٍ حسن ومنك أحسن لمكانك منّا، والقبيح من كلّ أحد قبيح لمكانك منّا))[11]. أعمالنا تعرض على الإمام فلنحسن التصرّف، فإنّ الإمام عالِم بأعمالنا ونيّاتنا. ففي الكافي وغيره أنّه في كلّ يوم تُعرض قائمة أعمالنا وأقوالنا ونيّاتنا على الله تعالى وعلى النبي الأكرم وعلى الإمام المعصوم، أي هناك ثلاثة قوائم أو قائمة واحدة تُعرض على الله فالرسول فالإمام. ففي بعض الروايات أنّها تُعرض كلّ صباح[12] فلا تسوءوه. السقوط من القمّة مهلك إنّ ارتقاء المدارج العالية يشبه صعود الجبل. فلو أنّ شخصاً سقط من ارتفاع متر جرح جرحاً بسيطاً ولكن كلّما كان صعوده من مكان أعلى كانت إصابته أشدّ ونتائجها أسوأ. فمَن سقط من ارتفاع 200م ليس كمن سقط من ارتفاع مترين مثلاً، فكيف بمن يسقط من قمّة الجبل؟! مَن بلغ إلى قمّة الجبل يشار إليه بالبنان، لكن السقوط منها يقضي على الإنسان تماماً. وكذلك السقوط من المقامات العالية ينتج أمثال الحلاّج والهلالي والشريعي والبطائني وغيرهم ممن خرجت اللعنة عليهم. فما أسوأ حال من تناله اللعنة من صاحب أرأف قلب في الوجود! وختاماً لنحاول في هذه المناسبة تحصيل رضا الإمام فإنّه رضا الله. ورضا الإمام هو في أن نعمل بوظائفنا وعقائدنا. فنحن - ولله الحمد - نعرف وظائفنا ولو سألَنا شخص لأجبناه ولكن علينا بالعمل. أرجو من الله تعالى ببركة المولى صاحب العصر (عجّل الله فرجه الشريف وصلوات الله وسلامه عليه) أن يزيد في توفيق العاملين، ويوفّق الباقين، وصلّى الله على محمّد وآله. [1] بحار الأنوار ج32، ص331. [2] من لا يحضره الفقيه ج3، ص598. كما رواها الشيخ الكليني في الكافي وابن قولويه في كامل الزيارات، ولها أسناد متعدّدة. [3] الكافي ج4، ص576. [4] الكافي ج1، ص44. [5] تهذيب الأحكام ج10، ص49، جامع الرواة ج2، ص5. وكان الفضل بن شاذان آنذاك في نيسابور ومزاره اليوم هناك، وقد وفّقت لزيارته مراراً، ونيسابور تقع على طريق مشهد وحريّ للذاهبين إلى مشهد لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام) أن يعرّجوا على نيسابور لزيارة الفضل، بل إنّه حتى لو لم يكن في طريق مشهد كان يستحقّ أن تُشدّ الرحال لزيارته. [6] بحار الأنوار ج47, ص382. [7] بحارالأنوار ج49، ص58. [8] وفي الروايات أنّها مقمعة طويلة ذات 360 عقدة في كلّ عقدة 360 حلقة من نار. [9] بحارالأنوار ج2، ص22. [10] غيبة الطوسي، ص290. [11] شرح نهج البلاغة ج18، ص205. [12] انظر: بحار الأنوار ج17، ص131. |
|
* من محاضرات لسماحة المرجع الديني آية الله العظمى الحاج السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله الوارف). |