المهديّ .. من وِلْدِ فاطمة


 

موقع الإمام الشيرازي

 

في كتب جميع "المذاهب الإسلامية" تواترت الأحاديث النبوية الشريفة حول قدوم الإمام المهدي في آخر الزمان، وإنه من وِلْدِ فاطمة الزهراء (عليها السلام). يقول الحافظ أبو الحسين محمد بن الحسين الآمدي السجستاني (ت 363هـ): "تواترت الأخبار واستفاضت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذكر المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملأ الأرض عدلاً، وأن عيسى (عليه السلام) يصلّي خلفه".

ويذكر محمد البرزنجي في كتابه (الإشاعة): "قد علمت أن أحاديث وجود المهدي وخروجه آخر الزمان، وأنه من عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من ولد فاطمة، بلغت حدّ التواتر المعنوي فلا معنى لإنكارها".

وفي ما يعقب الساعة، يقول الشيخ صدّيق حسن القنوجي البخاري، يسموه أتباعه بـ"محيي السنة وقامع البدعة"، في كتابه (الإذاعة): "المهدي الموعود المنتظر الفاطمي وهو أولها، والأحاديث الواردة فيه، على اختلاف رواياتها، كثيرة جداً تبلغ حد التواتر". ورداً على ما قاله ابن خلدون في كتاب (العبر) يقول: "لا معنى للريب في أمر ذلك الفاطمي الموعود المنتظر المدلول عليه بالأدلّة، بل إنكار ذلك جرأة عظيمة في مقابل النصوص المستفيضة المشهورة البالغة إلى حد التواتر".

وقال القرطبي في تفسير الآية 33 من سورة التوبة: "الأخبار الصحاح قد تواترت على أن المهدي من عترة الرسول (صلى الله عليه وآله)". وأورد أبو داود في صحيحه عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة".

وروي في ذخائر العقبى عن حذيفة أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: "لو لم يبق من الدينا إلا يوم واحد لطُوَّل ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً من ولدي اسمه كإسمي"، فقال سلمان من أيِّ ولدك يا رسول الله؟ قال: "من ولد هذا وضرب بيده على الحسين".

حين جاء يوم ولادة المخلص العظيم، كتم أبوه الامام العسكري (عليه السلام) ولادة ولده الحجة (عليه السلام)، خوفاً عليه من الاعداء، فأمر بعض خاصة شيعته، كـ(أحمد بن إسحاق) وغيره، بأن يكتموا أمره ‏ويستروا ولادته عن الآخرين، بقوله: "ولد لنا مولود، فليكن عندك مستوراً، وعن جميع الناس ‏مكتوماً".

لقد شاء الله (عزوجل) أنْ يُغَيِّب وليَّه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) عن أنظار الناس إلى ساعة معلومة عِلْمُها عنده وحده (لا يُجلّيها لوقتها إلا هو). ومهما طالت غيبته فهو في حماية الله، حتى يأذن له بالخروج، وحمل راية الحقِّ في مقابل تجمُّع الكفر تحت راية المسيح الدجّال.

يقول الأستاذ الأعظم لأئمة المذاهب الأربعة، الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): "أما والله ليغيبنّ عنكم مهديكم حتى يقول الجاهل منكم: ما لله في آل محمد حاجة، ثم يقبل كالشهاب الثاقب فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً". وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "المهدي من ولدي، تكون له غيبة وحيرة وتضل فيها الأمم، يأتي بذخيرة الأنبياء فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً". فهل من شك بعد ذلك؟!

الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) الذي يقول: (أما والله، ليغيبنّ عنكم مهديكم، حتى يقول الجاهل منكم: ما لله في آل محمد حاجة، ثم يقبل كالشهاب الثاقب، فيملأها عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً)(كمال الدين: ص321 ب33 ح22).

وعن السيد ابن محمد الحميري _في حديث طويل_ يقول فيه: قلت للصادق جعفر بن محمد (عليهم السلام): يا ابن رسول الله، قد رويت لنا أخبار عن آبائك في الغيبة وصحة كونها، فأخبرني بمن تقع؟

فقال (عليه السلام): (إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي، وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله، أولهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وآخرهم القائم بالحق، بقية الله في الأرض، وصاحب الزمان، والله، لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه، لم يخرج من الدنيا، حتى يظهر، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت جوراً وظلماً)(كمال الدين: ص321 ب33 ح23).

وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (إن سنن الأنبياء بما وقع بهم من الغيبات، حادثة في القائم منّا أهل البيت، حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة). قال أبو بصير: فقلت: يا ابن رسول الله، ومن القائم منكم أهل البيت؟

فقال (عليه السلام): (يا أبا بصير، هو الخامس من ولد ابني موسى، ذلك ابن سيدة الإماء، يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون، ثم يظهره الله، فيفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها، وينزل روح الله عيسى بن مريم، فيصلي خلفه، وتشرق الأرض بنور ربها، ولا يبقى في الأرض بقعة عُبد فيها غير الله، إلا عُبد الله فيها، ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون)(كمال الدين: ص324 ب33 ح31).

8/ شعبان/1439هـ