رفض واسع لمشروع إنشاء ثلاث فيدراليات في العراق على أسس عرقية وطائفية


 

متابعات – موقع الإمام الشيرازي

18/رمضان/1428هـ

يقول المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي في آخر لقاء صحفي اجري مع سماحته حول محنة العراق وآفاق الانتصار والتقدم والازدهار:

"إن خطر التقسيم في العراق قائم حتى دون إقرار الفدرالية، وذلك لفقدان الثقة بين مكونات الشعب، بسبب سوء تصرف بعض الأطراف وتاريخها الدموي واتخاذها الإرهاب وسيلة، ويلزم إزالة أسباب عدم الثقة بقبول الآخر، وقبول صناديق الاقتراع حكماً وعدم محاولة إرجاع الأمر الى الأمر السابق"

---------------------------------------------

رفض البيت الأبيض يوم الخميس الماضي مشروع النائب الديمقراطي جوزيف بايدن الذي أقره الكونغرس الأمريكي والداعي الى إنشاء ثلاث فيدراليات في العراق على أسس عرقية وطائفية.

وقال الناطق باسم البيت الأبيض توني فراتو "لا أعتقد انه تصويت بمثل الأهمية التي أراد البعض تصويرها"، مضيفاً "انه تعديل يتضمن رأي مجلس الشيوخ وليس هناك أي شيء ملزم فيه".

وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية توم كايسي ان هذا المشروع "ليس لديه أي نوع من الإلزام أو أثر قانوني" مشيراً الى ان أي قرار في هذا الشأن "يتخذه الشعب العراقي" قائلاً: "من الواضح ان الأمر يعود لهم لتحديد ما هي الهيكلة التي يتمنوها لحكومتهم".

وعلى الصعيد العراقي، شدد رئيس وزراء العراق نوري المالكي يوم الجمعة على رفضه لمشروع بايدن معتبراً انه كارثة للعراق والمنطقة برمتها.

وقال المالكي الذي دعا مجلس النواب الى جلسة طارئة للرد على القرار في تصريح لتلفزيون (العراقية) الرسمي لدى عودته الى بغداد يوم الجمعة بعد مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك "إن قرار مجلس الشيوخ الأمريكي غريب لأن وحدة العراق وسيادته وأمنه وشكل نظامه أمر يعود للعراقيين وهو شأن داخلي وليس شأناً يخص الكونغرس الأمريكي".

وأضاف "المطلوب من الكونغرس الوقوف الى جانب العراق لتعزيز وحدته ومساعدته لتثبيت سيادته وليس طرح مشاريع تشكل كارثة على العراق وعلى المنطقة برمتها".

وطلب المالكي من البرلمان العراقي أن يناقش قرار مجلس الشيوخ و"يرد عليه بما يؤكد وحدة العراق وأرضه وشعبه".

من جهته أكد وزير خارجية العراق هوشيار زيباري يوم الجمعة ان "كل القيادات العراقية الأساسية متفقة على المحافظة على وحدة وسلامة وسيادة العراق وليس هناك أي مجموعة أو فئة تطالب بتجزئة أو تقسيم أو تفتيت العراق".

وأضاف: "إن إصرارنا على استمرار الوجود العسكري الأمريكي الى أن تنمو القدرات والإمكانات العسكرية العراقية ولا سمح الله إذا حدث فراغ كبير آنذاك يمكن أن تصبح عملية التقسيم حقيقة", ماضياً الى القول: "ان الأمر ليس بهذا الشكل فالدستور العراقي طالب بأن يكون العراق دولة ديموقرطية اتحادية موحدة, ونحن لا نرى تناقضاً بين النظام الفيدرالي وبين الدولة الموحدة ودولة الإمارات نموذج ناجح جداً كما أن هناك عشرات الأمثلة حول هذا الموضوع".

وأوضح "ربما الفكرة ليست بهذا الشكل أن تكون هناك ثلاثة أقاليم ربما أكثر من ثلاثة وهذا يعطي انطباعاً بأن العراق سيقسم الى دولة كردية وأخرى سنية وثالثة شيعية وهذا أمر مرفوض من كل القيادات العراقية الموجودة فالفيدرالية غير التقسيم وهي حتى في اللغة العربية تعني اتحادية".

وأكدت حكومة إقليم كردستان العراق يوم الجمعة رفضها لمشروع الكونغرس الأمريكي والداعي الى صيغة تقسم عراق فيها الى ثلاثة مناطق على أساس عرقي ومذهبي.

وقال المتحدث باسم الحكومة جمال عبد الله في تصريحات صحافية "إن حكومة الإقليم تعارض تقسيم العراق أرضاً وشعباً الا أنها تؤيد مبدأ تقاسم السلطات والثروات".

وأضاف عبد الله ان سياسات الإقليم الرسمية حتى الآن تتمثل بعراق فدرالي موحد ومستقر لكن مقسم من الناحية الدستورية والسياسية مثل توزيع الثروة والصلاحيات.

من جهته قال الشيخ عبد المهدي الكربلائي الوكيل الشرعي للمرجع الديني السيد السيستاني في خطبة صلاة الجمعة في الروضة الحسينية في كربلاء: "اعتبر مقدمو هذه المشروع انه الحل الأفضل لإخراج العراق من الفوضى التي تعمه وانه يقدم حلاً سياسيا لهذا البلد لكنه ليس من مصلحته".

وأضاف: "أود التوجه بالدعوة الى جميع الأخوة سواء كانوا من المسؤولين والكتل السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وجميع الكيانات الدينية والثقافية بعدم الإصغاء والالتفات لأي مشروع يتضمن تقسيم العراق على أساس طائفي أو عرقي".

من جهته رفض السيد صدر الدين القبنجي إمام صلاة الجمعة في الحسينية الفاطمية في النجف القرار قائلاً: "انه قرار غير طبيعي فهو يقر بمبدأ التقسيم وهو مبدأ مرفوض".

وأضاف السيد القبنجي القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي أمام مئات المصلين ان "الفدرالية أمر مقبول بالنسبة إلينا ولكن عندما يعرض المشروع كمشروع تقسيم فهو عرض سلبي", مؤكداً ان "الدستور العراقي يقر مبدأ الفدرالية وليس مبدأ التقسيم".

كما أكد د. عادل عبد المهدي نائب رئيس جمهورية العراق في تصريح صحافي في القاهرة أن الدولة العراقية لديها الآن مجموعة من التصورات تقوم ببحثها لاختيار الأفضل في النظام الفيدرالي، واحدى هذه التصورات تدور حول النموذج الإماراتي، أي مجموعة من الفيدراليات داخل دولة موحدة.

واتهم النائب مثال الآلوسي رئيس حزب الأمة العراقية بعض الجهات السياسية داخل العراق من دون أن يذكرها بالاسم بمساعدة السناتور الديموقراطي جوزف بادين في صياغة مشروعه الذي تبناه مجلس الشيوخ الأميركي الأربعاء.

ودعا الآلوسي في مؤتمر صحافي بمقر حزبه الخميس الرئاسات العراقية الثلاث والكتل النيابية الى تحديد موقفها من هذا المشروع بأسرع وقت ممكن.

كما شدد النائب الشيخ حميد معلة عن كتلة الائتلاف العراقي الموحد على حق الشعب العراقي في اختيار النظام الذي يناسبه، قائلاً في حديث مع (راديو سوا) ان قانون المحافظات هو قانون معروض على مجلس النواب، والعراقيون يستطيعون عبر هذا القانون أن يتركوا الفرصة الواسعة لأبناء الشعب لكي يختاروا طبيعة الفيدرالية التي يريدونها.

ويذكر ان مجلس الشيوخ الاميركي قد صوت الاسبوع الماضي على قرار غير ملزم حول خطة لإقامة اتحاد فدرالي في العراق على غرار خطة تقسيم البوسنة يعتبر الذين قدموها انها الحل الوحيد لوضع حد لأعمال العنف التي تجتاح العراق.

ورغم ان هذا القرار غير ملزم ولن يجبر الرئيس الأميركي جورج بوش على تغيير استراتيجيته في العراق حتى لو تمت الموافقة عليه إلا انه سيكون اختباراً رئيسياً لفكرة تستقطب اهتماماً متزايداً في واشنطن.

ويقول مؤيدو هذا القرار الذي تقدم به السيناتور الديموقراطي جوزف بيدن المرشح الى البيت الأبيض انه يقدم حلاً سياسياً في العراق يمكن أن يسمح بانسحاب القوات الأميركية دون ترك البلاد في حالة من الفوضى.

وأكد بيدن "يقول الناقدون (لا تعجبنا هذه الخطة)، إذاً لم تعجبكم هذه الخطة هل عندكم أفكار أخرى؟".

وتنص الخطة التي صاغها ليزلي غيلب خبير السياسة الخارجية في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر على وضع نظام فدرالي حسبما يسمح الدستور العراقي والحيلولة دون أن يتحول العراق الى دولة تعمها الفوضى.

وتنص الخطة على تقسيم العراق الى كيانات كردية وشيعية وسنية مع حكومة فدرالية في بغداد تتولى أمن الحدود وعائدات النفط.

وتهدف الخطة الى نزع فتيل العنف الطائفي بتقديم حصة من عائدات النفط الى السنة. كما تنص الخطة على زيادة المساعدات لإعادة الإعمار وتخفيف الديون إضافة الى إطلاق جهود دبلوماسية دولية لحشد دعم الدول الكبرى في العالم والدول المجاورة للعراق للحكومة الفدرالية العراقية الجديدة.

وقد وقع على الخطة العديد من الجمهوريين الذين يدعمون خطة بوش لزيادة عديد القوات الأميركية في العراق والمستائين من الأزمة السياسية في بغداد.

وقال السناتور الجمهوري سام براونباك أحد 11 من أعضاء مجلس الشيوخ الداعمين للخطة: "نحن نسعى الى تطبيق خطة سياسية مليئة بالعيوب في بغداد حاليا".

ومن ناحيتها أعربت الجمهورية كاي بايلاي هوتشينسون عن أملها في أن يحقق هذا القرار ما نجحت في تحقيقه اتفاقات دايتون حول البوسنة التي أقرت التقسيم بين المتخاصمين الصرب والكروات والبوسنيين.. وأوضحت "ما رأيناه في البوسنة هو تقليص للتوتر عندما تكون لدى قوات الأمن قدرات وعندما تكون لدى الطوائف الدينية القدرة على حكم نفسها بنفسها".

ورأى البيت الأبيض ان خطة بيدن ستزيد الفوضى في العراق, وخلال شهادته أمام الكونغرس هذا الشهر أيد السفير الاميركي في بغداد ريان كروكر منح مناطق عراقية بعض السلطات إلا انها عارض تقسيماً رسمياً للبلاد.

وقال:"ان بغداد ورغم كل العنف الذي شهدته وكل عمليات تشريد السكان لا تزال مدينة يسكنها خليط من الطوائف العراقية المختلفة من سنة وشيعة".

وأضاف:"ان أية فكرة بأنه يمكن تقسيم هذه المدينة التي يسكنها خمسة ملايين شخص بشكل تام أو تطهيرها بشكل سلمي من أعداد كبيرة من الناس هي فكرة غير صحيحة".

وحذرت مجموعة دراسات حول العراق مؤلفة من أعضاء من الحزبين في توصيات قدمتها في ديسمبر من ان تقسيم العراق يمكن أن يتسبب في هجرة جماعية للسكان وانهيار قوات الأمن العراقية الهشة وعمليات تطهير عرقي على أيدي المليشيات.

إلا ان بيدن قال ان كافة الخيارات الأخرى فشلت مؤكداً ان الطوائف العراقية بدأت تنفصل بالفعل.

وأضاف في حملة من الرسائل البريدية بعث بها الى أنصاره خلال الأيام القليلة الماضية ان "الرئيس بوش والعديد من الديموقراطيين يواصلون التمسك بالخيار الأول إلا وهو ان القوات الاميركية لا يمكنها بناء الوحدة أو إجبار (العراقيين) على بناء الوحدة غير الموجودة".