الأمم المتحدة: قلق بالغ إزاء تأثير الأزمة المالية العالمية على الشعوب الفقيرة والمعوزة


 

متابعات – موقع الإمام الشيرازي

26/شوال/1429

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه البالغ إزاء تأثير الأزمة المالية العالمية على الشعوب التي تعاني الفقر والعوز، وقال في رسالته التي وجهها لمناسبة يوم الأمم المتحدة: "يجب أن نضمن عدم تراجع ما حققناه من إنجازات، ولا يمكن أن نسمح بأن تدفع الأزمة المالية الملايين من الناس للعودة مجدداً إلى خط الفقر المدقع، ولا يجب أن نسمح أن تعرقل هذه الأزمة ما وضعناه من حلول لمشكلة تغيّر المناخ."

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنه يتوجب على المنظمة الدولية أن تحقق النتائج الأفضل في سبيل عالم أكثر أمناً وعافية ورخاء، داعياً كافة الشركاء والزعماء أن يسهموا بنصيبهم وأن يفوا بوعدهم. وأعرب بان كي مون عن أمله في أن تؤدي القمة الاقتصادية العالمية التي تعقد في واشنطن منتصف الشهر المقبل إلى تحرك جماعي يفضي إلى تخفيف وطأة الأزمة، ودعا الأطراف المشاركة في جولة الدوحة لمحادثات التجارة الحرة إلى انجاز المحادثات لتوقيع الاتفاقية.

من جهته، قال الرئيس الأميركي جورج بوش إنه أجرى مشاورات مكثفة مع عدد من قادة دول العالم واتفق معهم على استضافة قمة عالمية في واشنطن منتصف تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وأضاف بوش في خطابه الإذاعي الأسبوعي: "ستكون هذه القمة فاتحة سلسلة من الاجتماعات التي تهدف إلى معالجة هذه الأزمة. وستجمع هذه القمة قادة الدول الـ20 وهي دول تمثل العالم المتطور والعالم النامي". وأوضح بوش أن المشاركين يشملون أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البنك الدولي والمدير العام لصندوق النقد الدولي، إضافة إلى منتدى الاستقرار المالي. وأضاف: "في خلال هذه القمة سنناقش أسباب المشاكل في أنظمتنا المالية ونراجع ما تحقق من تقدم في معالجة الأزمة الحالية ونبدأ ببلورة مبادئ الإصلاح للهيئات المنظمة والمؤسسات المتعلقة بقطاعاتنا المالية."

 

وقال بوش إن الحكومة الأميركية اتخذت العديد من الخطوات الفردية وبالتنسيق مع سائر الحكومات في العالم لمعالجة الأزمة الاقتصادية. وأضاف: "فيما نركز في القمة القادمة على التحديات القصيرة الأجل، فإن على حكوماتنا أيضاً أن تجدد التزامها بأساسيات النمو الاقتصادي الطويل الأمد أي الأسواق الحرة والمؤسسات الحرة والتجارة الحرة." وأعرب بوش عن ثقته الراسخة بحرية الأسواق التي أتاحت للملايين في العالم تجنب الفقر ورفع مستوى معيشتها. كذلك أعرب عن ثقته بقدرة الاقتصاد الأميركي على استعادة عافيته قائلاً: "رغم التقلبات التي شهدتها أسواقنا فإن لدى الشعب الأميركي أسباباً للتفاؤل في المستقبل الاقتصادي لبلدنا."

وقال الرئيس بوش، إن معظم الأميركيين ما زالوا يعانون من آثار الأزمة المالية والاقتصادية، حتى أن كثيرين منهم قلقون على قدرتهم على الاستمرار في ظل استمرار الجمود في سوق الإقراض. وإن الحكومة اتخذت مجموعة من القرارات والتدابير لتحريك سوق التسليف حيث تتخذ الحكومة الفدرالية تدابير جريئة لتثبيت اقتصادنا وقد عملت حكومتي مع الكونغرس في وقت سابق من هذا الشهر، لإقرار تشريع يساعد المصارف على إعادة بناء رساميلها واستئناف الإقراض".

وقال بوش إلى أن التدابير الجديدة التي اتخذتها الحكومة تحتاج إلى وقت لتعطي نتائجـها، وأشار إلى التنسيق الدولي لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية, وأضاف: "بالتنسيق مع الولايات المتحدة اتخذ العديد من الدول خطوات مماثلة لمواجهة الاضطراب في أسواقها المحلية. فهذه الأزمة تصل امتداداتـها إلى أسواق العالم كلـها، ومعالجتـها تحتاج الى مزيد من التعاون الدولي."

وفي السياق نفسه، قال رئيس وزراء الصين وين جياباو أمس السبت في مؤتمر صحفي في ختام قمة استمرت يومين في بكين بمشاركة 43 زعيماً أوروبياً وآسيوياً إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومات حول العالم حتى الآن لم تكن كافية لمواجهة الأزمة المالية العالمية وقال ان الثقة والتعاون والمسؤولية هي مفتاح حل الأزمة.

وأضاف "نحن بحاجة لتعزيز التعاون بين جميع الدول لأنه بالتعاون فقط سيكون بوسعنا إيجاد قوة للتغلب على الصعاب." وقال انه يتعين على الحكومات استخدام جميع الأدوات المتاحة لمنع الأزمة من إلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي. وتابع قائلا إن الثقة تعني ان جميع الدول خاصة المتقدمة منها بحاجة إلى الإسراع باتخاذ إجراءات حاسمة لجلب الاستقرار إلى الأسواق المالية لجعل الناس أكثر ثقة وليستعيدوا ثقتهم.

وقال وين إن الدول بحاجة إلى أن توازن بشكل صحيح بين الابتكار والتنظيم وبين الادخار والاستهلاك. وأضاف "نحن بحاجة إلى ابتكار مالي لكننا بحاجة إلى إشراف مالي ربما بدرجة أكبر".

ويذكر أن زعماء آسيويين وأوروبيين اجتمعوا لليوم الثاني السبت في بكين لمواجهة أزمة مالية هائلة ولتعزيز ثقة الأسواق التي يعصف بها الذعر خشية ركود عالمي، وقد أثارت هذه الأزمة إحساسا بالحاجة الملحة للتحرك في أجواء قمة آسيا وأوروبا التي تضم 27 عضواً بالاتحاد الأوروبي و16 دولة آسيوية .

وتعهد الزعماء أول أمس الجمعة بالتعاون في معالجة الاضطراب باتخاذ ما وصفه بيان بأنه إجراءات حاسمة وحازمة وفعالة بأسلوب مسؤول وفي الوقت المناسب. وقال البيان إنه من خلال مثل هذه الجهود المنسقة يعبر الزعماء عن الثقة الكاملة في امكانية التغلب على الأزمة.

 

من جانبه أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أمس السبت في بكين ان قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في 15 نوفمبر/تشرين الثاني في واشنطن ستتخذ قرارات بشأن الأزمة المالية العالمية. وقال ساركوزي لدى اختتام أعمال القمة الآسيوية الأوروبية – اسيم - في بكين التي خصص قسم كبير منها للبحث في الأزمة المالية العالمية إن ما قاله رئيس الوزراء الصيني وين جياباو يعبر بشكل واف عما يدور في ذهن زعماء آسيا. وتابع إنهم أعربوا جميعهم قبل الإعداد لقمة واشنطن عن عزمهم على أن تكون هذه القمة حاسمة وأن تتخذ قرارات. وختم ساركوزي الذي يتولى حالياً رئاسة الاتحاد الأوروبي ان "الكل أدرك بشكل جيد انه لا يمكن الاجتماع لمجرد تبادل الكلام .. سيتم اتخاذ قرارات".

وتضم مجموعة العشرين دول مجموعة الثماني الصناعية الكبرى وهي الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا وروسيا إضافة إلى 11 دولة ناشئة كبرى والاتحاد الأوروبي.

هذا وقد حذر وزير المالية الألماني بير شتاينبروك في مقابلة تنشرها صحيفة بيلد ام تسونتاغ الأحد من أن الأزمة المالية ستستمر حتى نهاية 2009 على الأقل. وقال الوزير الاجتماعي الديموقراطي – حسب راديو سوا - إن مخاطر حصول انهيار لم تتبدد إطلاقاً بعد وسيكون من الخطأ إلغاء حال الإنذار. وأشار إلى أن الخطة الحكومية لدعم القطاع المصرفي البالغة قيمتها 480 مليار يورو تستمر حتى نهاية 2009 مضيفا "من المؤكد إننا سنحتاج إليها لهذه الفترة من الوقت".

وكان شتاينبروك والمستشارة انجيلا ميركل شككا في 13 أكتوبر/ تشرين الأول في إمكانية تحقيق هدف تقديم ميزانية فدرالية خالية من العجز عام2011 .

وتمكنت ألمانيا من إزالة العجز في ميزانيتها العامة لحسابات الدولة الفدرالية والسلطات المحلية وأنظمة الضمان الاجتماعي لهذه السنة غير أن مالية الدولة الفدرالية وحدها تبقى في عجز.

واعتبر رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو انه من الممكن أن تصدر "قرارات ملموسة ومهمة" عن قمة مجموعة العشرين في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني في واشنطن حول الأزمة المالية، وذلك في ختام قمة آسيا- أوروبا المعروف اختصاراً بـ أسيم في بكين. وقال باروسو "انطلاقاً من الاتصالات الثنائية التي جرت خلال هذه القمة، أرى نشوء تفاهم سيجعل من قمة واشنطن مؤهلة لاتخاذ قرارات ملموسة ومهمة".

ورأى باروسو أن الأزمة الحالية تشكل فرصة لوضع اتفاقية "بريتون وودز جديدة"، في إشارة إلى الاتفاقيات التي حددت قواعد اللعبة في نظام مالي دولي جديد في يوليو/ تموز 1944 في بلدة بريتون وودز الأميركية. وأضاف رئيس المفوضية الأوروبية "قبل عام أو بضعة أشهر، لم تكن هذه الإمكانية أمراً واقعياً بصراحة".

 

وقال باروسو "الآن أرى أن هناك رغبة حقيقية. وان توافق كل القادة الآسيويين بهذه السرعة مع المبادئ التي قدمناها في هذه القمة في بكين يعتبر إثباتاً جيداً لإمكانية التوصل إلى تفاهم". لكن باروسو رأى انه ينبغي التحرك بسرعة.

ويريد الأوروبيون إصلاحاً حقيقياً وكاملاً وهم يعرضون تنظيماً أكثر حزماً، ونوعاً من المراقبة العالمية للأسواق يمكن إيلاؤها لصندوق النقد الدولي. إلا أن الأميركيين متحفظون على ما يبدو. وقد حذر الرئيس الأميركي بوش من أن أي إصلاح قد يهدد حسن سير الرأسمالية الديموقراطية.

من جهتهم، فقد أكد وزراء المالية ومحافظو المصارف المركزية الخليجيون أمس السبت متانة الوضع المالي والاقتصادي في دول مجلس التعاون وتوقعوا استمرار النمو بالرغم من الأزمة المالية الدولية ومن الانخفاض الكبير في سعر النفط.

وجاء في بيان صدر في ختام اجتماع استثنائي خصص لبحث تداعيات الأزمة المالية العالمية على دول المجلس أن المجتمعين أكدوا ثقتهم باستقرار القطاع المالي بدولهم إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية المحلية الجيدة وبإمكانية التعامل مع أية آثار محتملة للازمة.

وتوقع المجتمعون استمرار نمو اقتصادات دول المجلس بمعدلات جيدة مع استمرار مخصصات الإنفاق على المشاريع التنموية للدول الأعضاء وتسارع وتيرة الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية.

من ناحيته كان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية قد قال في بيان صحافي قبل الاجتماع إن المشاركين سيناقشون "آليات التنسيق والتعاون اللازمة لحماية اقتصاد دول المجلس من آثار الأزمة المالية العالمية والمحافظة على الوتيرة الإيجابية للنمو الاقتصادي لدول المجلس بما يعزز ويؤكد الثقة في الأسواق الخليجية".

وقال العطية إن الدول الأعضاء في المجلس وهي السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين ارتأت عقد هذا الاجتماع للتشاور في أوضاع الأزمة المالية العالمية.

وقال مسؤول كبير في مجلس التعاون الخليجي أمس السبت ان وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول الخليج العربية قلقون من انخفاض أسعار النفط.

وأضاف المسؤول الذي رفض ذكر اسمه أن المملكة العربية السعودية دعت إلى عقد الاجتماع الطارئ لدول الخليج لبحث كيفية تحسين تنسيق ردودها على الأزمة العالمية. وقال "لا يوجد جدول أعمال واضح. أعتقد أن الاجتماع لن يسفر عن قرارات مهمة." وأشار إلى أن صناع السياسات المالية في الخليج لن يناقشوا التأثير المحتمل للأزمة العالمية على الوحدة النقدية التي يعتزمون تطبيقها.

ويأتي هذا الاجتماع قبل ثلاثة أسابيع من قمة مجموعة العشرين التي تضم السعودية والمقررة في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني في واشنطن للبحث في سبل مواجهة الأزمة المالية العالمية.

ورغم قرار منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك الجمعة في فيينا خفض إنتاج المنظمة 1.5 مليون برميل يومياً، فإن دول مجلس التعاون التي تشهد ازدهاراً اقتصادياً تخشى من نقص السيولة في القطاع المصرفي وتباطؤ النمو الذي يمكن أن يؤثر على مشاريع بنى تحتية عملاقة.