مصر: تحديات خطيرة تهدد بقاء النظام القادم
موقع الإمام الشيرازي 7/رجب/1429 مرحلة الرئيس مبارك في المشهد السياسي المصري تقترب من نهايتها، لكن مع ان هوية النظام السياسي القادم فى علم اليقين الا انه سيكون أمام إرث شاق من تحديات لا يستطيع الفرار منها .. سيتعين على القيادة الجديدة التعامل مع عدد من المشاكل الأساسية المهمة والخطيرة، أهميتها تكمن في أنها إذا لم تعالج على النحو السليم سيؤدي ذلك الى تفاقمها في المستقبل وتحولها إلى أزمات كاملة وشديدة ومن ثم آثار وخيمة على الأمة كما أن حلها يتطلب أساليب إبداعيه غير تقليدية. ويأتي على رأس هذه التحديات أو المشكلات شبح الفتنة الطائفية فالاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين الآن صارت من الأخبار اليومية وتعكس عمق الجذور وسوء المشاعر بين المسلمين والمسيحيين ومن المتوقع أن يزيد تواتر وكثافة هذه المواجهات في المستقبل. ومن المؤكد ان التجانس الاجتماعي في مصر وبالتالي الأمن القومي، سوف يعاني أزمة إذا لم يتم التصدي لها بكفاءة.. المهمة ليست سهلة . وإذا كان التقدم الاقتصادي يعتمد على تحديث الآلات واستخدام التكنولوجيا، الا أن تخفيف حدة التوترات الاجتماعية يعتمد على القلوب والعقول وهو ما يتطلب الوقت والمثابرة وقدرا كبيرا من الصبر. ومن الأهمية أيضاً الاهتمام بالعلاقة التكافلية بين المال والسلطة. فالمصريون كانوا يعتقدون ان " من لم يجنى المال أبان عصر السادات ، لن يكون أبدا قادرا على ان يفعل ذلك " لكن هذا الاعتقاد تبين انه خاطئا. فتجميع الثروات في السبعينات يبدو انه لا شيء مقارنة بتجميع وتراكم الثروات الهائلة على مدى العقدين الماضيين. والى جانب رأس المال جاء النفوذ الاقتصادي والسلطة السياسية بمستويات لم يسبق لها مثيل منذ قيام الثورة عام 1952. وأكثر سمة تميز هيكل البيروقراطية والاقتصاد المصري هي أن الخطوط التي تفصل بين القوى الاقتصادية والسياسية أصبحت واضحة أكثر من أي وقت مضى والنتيجة التي ترتبت على ذلك فساد في السياسات وتقويض في المنافسة. وإذا استمر اندماج مصالح العديد من الدوائر السياسية والاقتصادية بدون عوائق مع الإفلات من العقاب عن ممارسة أنشطة الفساد سيكون ذلك بمثابة سباحه ضد التيار. علاوة على ذلك المستقبل يحمل عددا من مصادر الانزعاج الاقتصادية . منها على سبيل المثال قضية الأمن الغذائي التي تعتبر أيضاً على المحك. فالأشهر السابقة اتسمت بالنقص الحاد في الخبز وارتفاع التضخم، وأكد الخبراء استمرار أسعار المواد الغذائية في الارتفاع لعدة سنوات. وبالتأكيد الذي يدفع فاتورة ذلك المستهلكين الأشد تضرراً من الارتفاع، ونسبتهم لا تقل عن 40 ٪ من سكان مصر .. وقد قال جارى بيكر الحائز على جائزة نوبل للاقتصاد إن 30 ٪ زيادة في أسعار المواد الغذائية يؤدي على الفور الى انخفاض بنسبة 20 ٪ في مستويات المعيشة في البلدان الفقيرة. إضافة الى ذلك، زيادة الأسعار العالمية سوف تطارد الميزان التجاري المصري . ففي الوقت الحاضر تستورد مصر معظم ضرورياتها من المواد الغذائية الأساسية. واستمرار الزيادة السكانية مع ندرة أو تناقص الأراضي الزراعية يضمن استمرار التبعية الغذائية وبالتالي زيادة إجهاد مصر من فاتورة الواردات. ومن أهم التحديات المستقبلية "موارد الطاقة" التي تبدو أنها لن تكون بمنأى عن سيطرة القوى المحركة الأخرى . فاحتياطيات مصر من النفط قاربت على الاستنفاذ وموارد الغاز الطبيعي من المتوقع أن تتبعها في غضون بضعة عقود. ويتفق الخبراء على أن عصر النفط الرخيص قد انتهى . وقد توقع "اوليفييه ابريه" رئيس المعهد الفرنسي للنفط وصول سعر برميل البترول الى 300 دولار في عام 2015 ، وهو "سيناريو مرعب للدول المستوردة للنفط و منها مصر" كما قال. وأخيراً فإن الآثار الضارة الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمية تشكل أحلك التحديات، إنها تتلقى قدر قليلا من اهتمام المثقفين المصريين. ويرى البنك الدولي إن مصر أكثر عرضة لعواقب الاحتباس العالمي، ويمكن أن تواجه "مصير كارثي". ويتوقع العلماء ارتفاع منسوب المياه في البحر المتوسط بحلول نهاية القرن وبالتالي غرق المناطق الساحلية والمناطق الممتدة بطول نهر النيل والدلتا، مما يضطر الملايين من المصريين الى النزوح عن منازلهم مسببة أسوأ كارثة إنسانية في التاريخ الحديث لمصر. إن التقديرات تؤكد أن البحر الأبيض المتوسط يرتفع بنحو 0،8 بوصة سنوياً طوال العقد الماضي مسبباً غرق أجزاء من شاطئ البحر. وسبق أن أكد باحث بيئي عالمي للاسوشيتد برس "إن الحالة خطيرة وتتطلب اهتماماً فورياً مشيراً الى ان أي تأخير يعني خسائر إضافية". إن مستقبل مصر ما بعد مبارك "في علم اليقين". والقيادة الموعودة يجب عليها التعامل مع هذه التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والايكولوجية بسرعة وفعالية وإلا مصر اليوم من الممكن أن تكون نعيماً بالمقارنة بمصر الغد. المصدر: إيـــلاف |