دور مراكز الدراسات في صناعة التوجهات السياسية


ملتقى النبأ الأسبوعي

 

موقع الإمام الشيرازي

حيدر الجراح/ شبكة النبأ: استضاف ملتقى النبأ الاسبوعي سماحة السيد جعفر الشيرازي نجل المرجع الديني آية الله العظمى الإمام محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) في جلسته الاسبوعية، وكان العراق وما يمر به من أحداث راهنة، وما ينبغي أن يكون عليه في المستقبل، هو الحاضر الأبرز في النقاشات التي دارت بين الحاضرين، إضافة الى ما طرحه السيد جعفر الشيرازي حول الدور المفترض أن تقوم به مراكز الدراسات والأبحاث، في تشخيصها للسلبيات والمعوقات، وتحديد أسباب الفشل وتقديم الحلول والمعالجات للواقع العراقي، مع التأكيد على فتح قنوات التواصل مع مراكز الدراسات والأبحاث في العالم، والتي تسهم في تقديم الصورة الحقيقية لما يجري في العراق، بعيداً عن الصخب الإعلامي الذي يرافق كل حدث فيه.

وتناول الحديث والمداخلات أيضاً، طبيعة المصالح الأمريكية في العراق، والدور الإيراني فيه كذلك، ومواقف الدول المجاورة وخصوصا الخليجية تجاه الحكومات المتعاقبة بعد العام 2003، بسبب بعض المواقف الطائفية ذات الطابع السياسي، والتي ادت الى الكثير من التداعيات والنتائج.

في البداية طرح تساؤلا محوريا وهو: ماذا يريد الأمريكان من العراق؟

والإجابة عن هذا التساؤل من خلال أربعة نقاط:

تكوين تحالف سياسي  كبير وواسع مع الفاعلين السياسيين العراقيين.

تأمين المصالح النفطية عبر التحكم في الانتاج، رفعه أو خفضه تبعا لحاجة السوق وتقلبات الأسعار، من خلال الاستثمار والانتاج، كما هو الحال في السعودية، أكبر حليف نفطي لها في المنطقة.

فسح المجال أمام شركاتها المتعددة للدخول الى السوق العراقية الواعدة، وتحقيق مصالح تلك الشركات، بما يخدم توجهات العراق في ما يتعلق بالسياسات الخارجية للحكومة الأمريكية، لما تملكه تلك الشركات من نفوذ على صاحب القرار الأمريكي.

الابتعاد عن الشعارات الجوفاء في ما يتعلق باسرائيل الطفل المدلل لامريكا.

وبالنسبة الى الموقف الإيراني فهو لا يتقاطع مع ما تطمح إليه أمريكا، والإيرانيون ليس لديهم مشكلة في التعامل مع الأمريكان كما حدث في افغانستان، وكذلك طبيعة تعاملهم مع اكراد العراق الذين يحتفظون بعلاقات حميمة مع امريكا...

وفي النقد للمرحلة السابقة من عمر الحكومة، فان السنة قد تم تهميشهم من قبل المالكي، لكنهم ليسوا الوحيدين في ذلك، فقد تم ايضا تهميش الاكراد، وتهميش التيار الصدري والمجلس الاعلى، مما كان السبب في الكثير من التداعيات على مجمل الواقع السياسي العراقي.

ومن الاسباب الاخرى لهذه التداعيات هو موقف الدول الخليجية من الحكومة العراقية، ويقترح على الحكومة العراقية القادمة تحييد مواقف تلك الدول.

هناك مجموعة من التصورات حول كيفية التعامل مع صانع القرار الأمريكي، من خلال معرفة آليات صناعة القرار فيها والتي كثيرا ما تمر عبر مراكز الدراسات والأبحاث من خلال ما تقدمه من افكار لصناع القرار، للوصول اليها واقناعها في الحفاظ على مصالحها المشتركة والتي تحقق القائدة للطرفين (العراق – امريكا).

الأكراد فهموا تلك الآلية، وأخذوا يدفعون أموالاً لكتاب الأعمدة في الصحف الأمريكية لتقديم رؤية مختلفة لصانع القرار بما يخدم طموحاتهم وتوجهاتهم السياسية.

على المراكز الشيعية البحثية، إن تفهم قواعد اللعبة تلك، وتنفتح على مراكز الدراسات الأمريكية وتقدم وجهات نظر ومقاربات جديدة للشأن الشيعي، من شأنها أن تزيل تلك التصورات غير الدقيقة عن الشيعة لدى صانع القرار الأمريكي والدوائر الحكومية هناك.

يعتمد ذلك على استثمار جهود المراكز البحثية الشيعية، مع القدرة على الوصول الى تلك المراكز، وايصال الافكار والطروحات الجديدة اليها، مع امكانية تسويق تلك الافكار الى جهات أعم وأشمل.

في مداخلته على تلك الأفكار والتصورات، انطلق مرتضى معاش، رئيس مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، من تثبيت تصور ورؤية تندرج ضمن السياق التاريخي للصراع الأوربي - الأمريكي، ويعتقد أن الصراع السني – الشيعي في المنطقة محكوم بهذا الطابع السياسي لصراع أوربا مع أمريكا في المنطقة، وهو أحد مظاهر ذلك الصراع، ويمكن رؤية ذلك من خلال الدعاية الأوربية التي تعتبر أمريكا متحالفة مع الشيعة على حساب السنة، وكذلك الصراع في ليبيا وسوريا، وحتى في أوكرانيا، ويعتقد معاش إن المحاولات المتكررة لضرب المصالح الأمريكية في العراق، تقف خلفها أوربا بشكل وآخر، وهي حقيقة لم تغب عن بال الأمريكيين الذين انتقموا من أوربا نتيجة تلك المواقف عبر ضرب اقتصاداتها، من خلال الأزمة المالية العالمية، المعروفة بتداعياتها التي أدت الى انهيارات في عدد من الاقتصادات الأوربية.

الصراع كما يرى معاش، هو بين استعمار جديد وآخر قديم، عمل على الذاكرة التاريخية للسنة والشيعة،  وحولها من ذاكرة تاريخية مجردة  الى ذاكرة متحاربة ومتصارعة بعنف.

يتحدث معاش عن مراكز الدراسات الأمريكية المعروفة والمؤثرة على صاحب القرار السياسي، ويرى أـنها تنقسم الى ثلاثة أقسام تبعا لتوجهاتها والأفكار التي تطرحها:

معهد واشنطن، ويسيطر عليه اللوبي اليهودي في أمريكا، وهو الذي وقف دائما بالضد من سياسات المالكي، وهو الذي قام ايضا بتضخيم قدرات داعش وتعظيمها.

معهد بروكنغز والذي تحتكر وكالته العربية دولة قطر المعروفة بتوجهاتها السياسية والفكرية الداعمة للحركات الجهادية وللاخوان المسلمين.

معهد كارنيغي والذي يقدم مساحة واسعة للكتاب السنة لطرح افكارهم وتوجهاتهم.

يؤكد معاش، ان السياسات الخاطئة لعدد من السياسيين الشيعة، قد ساهمت في تراجع النفوذ الشيعي الصاعد في المنطقة منذ العام 2003، وان تلك السياسات كثيرا ما افشلت الجهود الثقافية والفكرية لمراكز الابحاث والدراسات الشيعية، وهو يؤكد على تفعيل دور المؤسسات الثقافية في تصحيح تلك الاخطاء..

يشير عدنان الصالحي مدير مركز المستقبل للدراسات والبحوث في معرض مشاركته في هذا النقاش، الى قضيىة مهمة وهي قضية التواصل مع مراكز الدراسات، ويرى إن مايكتنفها من صعوبات أو عراقيل تخضع بالدرجة الأساس الى عوامل داخلية وليست خارجية، ويشير الى مواقف بعض الجهات الدينية التي ترى ان مثل هذا التواصل هو نوع من العمالة الى الامريكان، وقد يقود مثل هذا الاتهام الى تصفية من يطوله جسديا.

7/ذو القعدة/1435