![]() |
فريدم هاوس والأمم المتحدة .. العراق بلد "مأزوم" و"فاشل إدارياً"
موقع الإمام الشيرازي 19/ربيع الثاني/1447
مسؤول أممي: "العراق فاشل إدارياً، يطفو على النفط ويستورد الكهرباء، فيه نهرين ويعاني العطش، فيه 8 مليون موظف مقابل 2.5 مليون موظف فقط في دولة بحجم الولايات المتحدة!" 9/أكتوبر/2025
في ظل واقع مأزوم يلازم العراق، منذ أكثر من عقدين، أثار الدكتور عبد الله الدردري، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) للدول العربية، جدلاً واسعاً بتصريحاته الحادة عن "الفشل الإداري" في البلاد. في لقاء تلفزيوني على برنامج "حوار وقرار" التابع لشبكة CNN العربية، وصف الدردري العراق بأنه "يطفو على النفط ويستورد الكهرباء، فيه نهرين ويعاني العطش، فيه 8 ملايين موظف مقابل 2.5 مليون موظف فقط في دولة بحجم الولايات المتحدة". هذه الكلمات، التي انتشرت بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، ليست مجرد نقد اقتصادي، بل تعكس أزمة هيكلية أعمق تشمل الفساد السياسي، وسيطرة أحزاب على السلطة، يرافق ذلك تدهور ملحوظ بحرية التعبير . نقد يتجاوز الأرقام جاء التصريح ضمن مناقشة أوسع حول التحديات الاقتصادية في المنطقة العربية، حيث أكد الدردري أن العراق "رغم الإيرادات الكبيرة من النفط، لا يمكن الاستمرار بالوضع الحالي للمالية العامة"، مشيراً إلى أن الاعتماد شبه الكامل على النفط ورواتب 8 ملايين موظف حكومي يعطل أي مسار حقيقي للتنمية المستدامة. وأضاف الدردري، الذي سبق له أن شغل مناصب اقتصادية رفيعة في الأمم المتحدة، أن هذا الانتفاخ في القطاع العام يعكس فشلاً إدارياً يمنع الاستثمار في البنية التحتية، مثل إنتاج الكهرباء محلياً رغم وجود نهري دجلة والفرات. هذه التفاصيل ليست جديدة على الدردري؛ فقد زار العراق سابقاً عام 2023، حيث دعا إلى "تحديد الأولويات بشكل مشترك" مع الشركاء الدوليين لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية. كما أعرب في سبتمبر 2025 عن دعمه لجهود العراق في تحديث مساهماته الوطنية للنهوض بالمناخ، مشدداً على أهمية التعاون الدولي لتحويل الإيرادات النفطية إلى استثمارات مستدامة. هذا، وقد انتشر التصريح الأممي على منصة إكس (تويتر سابقاً)، حيث وصفه نشطاء بـ"الفضيحة الدولية"، مع هاشتاج "#متصيرون_دولة" الذي يعبر عن إحباط الشباب من الفشل الحكومي. معاناة متعددة يأتي نقد المسؤول الأممي، الدردري، في وقت يعاني العراق من تضخم في القطاع العام يصل إلى 8 ملايين موظف، أي أكثر من ثلث السكان البالغين، مقابل 2.5 مليون في الولايات المتحدة التي تضم 330 مليون نسمة. هذا الانتفاخ، الذي يستهلك نحو 40% من الميزانية، يعود جزئياً إلى سياسات "التوظيف السياسي" التي تُستَخدَم لشراء الولاءات، مما يفاقم الفساد الذي يُقدر بمليارات الدولارات سنوياً. وفقاً لتقارير الأمم المتحدة، يُعتبر الفساد "المحرك الرئيسي للنزاعات الطائفية والفشل الحكومي"، حيث تسحب الأحزاب السياسية أموالاً من الوزارات لتمويل جماعاتها المسلحة. رغم إيرادات النفط التي تجاوزت 100 مليار دولار عام 2024، يستورد العراق 50% من احتياجاته الكهربائية، ويعاني من نقص مائي حاد رغم نهريه الرئيسيين، بسبب الجفاف والإهمال الإداري. بالإضافة الى نسب عالية بالفقر والبطالة والأمية، وضعف خدمات الصحة والتعليم والبلدية. تدهور حرية التعبير رغم الدستور الذي يضمن حرية التعبير، أعادت الحكومة العراقية تقديم مشاريع قوانين إلى البرلمان تهدد هذا الحق، مثل مشروع "حماية المجتمع" وقانون الإعلام، اللذين يُعاقبان "الإساءة" بسنوات سجن. هذه التشريعات، التي تُدعَم من قبل أحزاب إسلاموية ومجاميع مسلحة، تُستَخدم لقمع الناشطين، كما حدث في اعتقال عشرات المتظاهرين من حركة تشرين. تقرير "هيومن رايتس ووتش" لعام 2024 يصف كيف تُستَخدَم الدعاوى القضائية "الخبيثة" من قبل هذه الجماعات لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان. كما أشارت "منظمة العفو الدولية" إلى أن هذه القوانين "تشكل انتهاكاً جوهرياً لحرية الرأي". في الوقت نفسه، تحولت "الفصائل المسلحة" إلى حملات منسقة ضد الإعلام، مستهدفة الناشطين غير المسلحين، مما يجعل العراق واحداً من أخطر الدول للصحفيين. لا أمل بالإصلاح تصريحات المسؤول الأممي تشخيص دقيق وعميق، وفي نفس الوقت هو دعوة لإصلاح جذري يتجاوز الاقتصاد إلى بناء دولة مدنية تحمي الحقوق. واضح، ما زال العراق ومنذ 22 عاماً "بلداً مأزوماً"، كما يصفه التقرير السنوي لـ"بيت الحرية Freedom House "، حيث يساهم الفساد في عدم الاستقرار وتعويق بناء مؤسسات الدولة، وتعطيل التنمية، وإضعاف القانون، وتهميش العدالة. بالتالي، فإن التحدي الآن هو هل ستشكل هذه التصريحات الدولية ضغطاً يدفع الأحزاب الحاكمة الى التغيير والإصلاح؟!
|