الفهرس

المؤلفات

  الإدارة

الصفحة الرئيسية

 

رعاية الحاجات الروحيّة للموظف

هذا بالإضافة إلى ما عرفت في الأمر الخامس من أن للإنسان حاجات روحانية تتعلق بالكون خالقاً وخلقاً بدءاً وإعادة وما أشبه، ولهذا فكل الناس حتى المشركين والملحدين يفرضون لهم حاجات من هذا القبيل، وحيث إن الإنسان محتاج إلى هذه الحاجات الخمس ويعجز بمفرده عن تحقيقها فإنه يضع في فكرته اللجوء إلى التعاون مع الآخرين في سبيل تحقيقها، ومن هذه الجهة نرى أن الأفراد يتعاونون مع بعضهم البعض بالقدر الذي تتحقق فيه حاجاتهم، وعليه فإذا كانت المنشأة غير قادرة على إيجاد مشجعات كافية لإحداث التعاون والمساهمة المطلوبة بين الأفراد، فإن المؤسسة ستأخذ في الضمور إلى أن تتلاشى، إلاّ إذا تمكنت الإدارة من إنقاذ الأمر وتحقيق حاجات الأفراد بشكل يكون كافياً لإحداث العزيمة والتعاون للعمل، حتى يمكن تحويل اللامبالاة الى المبالاة، والسلب إلى الإيجاب، والكسل إلى النشاط، وعليه فعلى المدير أو الإدارة مهما كانت أن ينظر إلى الفرد في المنظمة على أنه إنسان، لا أنه حيوان أو شجر أو حجر، ولا أنه كسلعة تباع وتشترى مثل السلع الأخرى يخضع لقانون العرض والطلب ولا يزيد ولا ينقص، وإنما يستجيب لإرادة المدير، وقد مثلنا سابقاً بأن البستاني يتمكن أن يأخذ منشاره ويدخل البستان فيقطع ما يشاء من الشجر ويشذب ما يشاء ويزيد وينقص، لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى المدير وأفراده.

صحيح أنه إذا زاد عرض الأفراد العاملين في السوق قلّت أُجورهم وساءت شروط استخدامهم،، لكن هنالك فارق بين الإنسان وبين سائر السلع، فإن الإنسان بالإضافة إلى ذلك إنسان يريد أن يتعامل كإنسان، لا أن يتعامل كسلعة، وإذا لم يتمكن المدير من هذا التعامل كان مديراً فاشلاً، وإذا بقي في الإدارة اضمحلت إدارته ودخلت في حيز العدم، وعليه فالأفراد في المنظمة يحتاجون إلى التخطيط الخاص بهم، بالإضافة إلى التخطيط للأجهزة والآلات والبناية والنظام وغير ذلك، والتخطيط للأفراد يشمل معرفة سابقاتهم والتنبؤ بما ستكون عليه شؤونهم في المستقبل، مع الاستعداد لمواجهة ذلك المستقبل.