المؤلفات |
الإدارة ، غريزة أم اكتساب |
الصفات النفسية،
كأعضاء البدن، في حالة (خامات) قابلة
للنمو، فكما أن اليد في
الطفل تنمو رويدا رويدا، حتى تنتهي إلى
قدرها المعين، في الطول والعرض، والكيفية
والمزايا.. كذلك علم الطفل، قابل لأن ينمو،.
حتى يصبح علما من كبار أعلام المعرفة. وهكذا
بالنسبة إلى سائر الصفات والغرائز. والصفة مثل ( العضو) في: 1- أن نموها يحتاج إلى الغذاء،
فكما أن اليد لا تنمو، إذا انقطع عنها
الغذاء، كذلك العلم لا ينمو إذا لم نتعلم. 2- إن لكل منهما قدرا خاصا من
النمو، وغاية إذا وصل إليها توقف، فكما أن
اليد لا تصير بالغذاء أذرعا، كذلك العلم،
لا يمكن أن ينتهي إلى علوم كثيرة مهما جد
المتعلم وتعب وطال عمره. بينما أن (الصفة) تخالف (العضو)
في: إن من الممكن بقاء الصفة في
حالة بدائية- فمن لم يتعلم يبقى جاهلا-
بخلاف العضو فانه إذا انقطع عنه معين
الغذاء ضمر، ومات وأحسن (الإدارة) من (
الصفات ). فهي بالنسبة إلى حدودها- في
الجملة غريزة فمثلها في مختلف الأفراد مثل
الفرق في الذكاء بين الإنسان الفطن
والبليد. بينما أن الإدارة بالنسبة
إلى البدائية و النمو الممكن اكتساب لكن
اكتساب (حسن الإدارة) يحتاج إلى طول جهاد،
وكثرة تعلم، وزيادة ممارسة، وإلا بقيت في
أواسط المراحل الممكنة. كالعلم- عينا- قابل للامتداد
، ان اتصل معينه،
وقابل للوقوف، في مراحل توسطية بين
المبدأ والمنتهي، بقدر ما زود من الوقود. و ها نذكر نقاط مهمة على من
يريد ،حسن الإدارة، أن يراعيها بكل شدة
وعناية، وبقدر مراعاة هذه النقاط، تتحسن
الإدارة، كما أن بقدر إهمالها، تسوء
الإدارة فعلى الإنسان إذا أراد ،حسن
الإدارة، أن يواظب مدة مديدة، بكل إلتفات
ودقة، هذه النقاط، حتى تصبح الإدارة
الحسنة، بمراعاة هذه النقاط، في كل مناسبة
ملكة له، يصدر الإنسان منها بكل عفوية،
كسائر الملكات، مثلا: الحفظ، إبتداء أمر
صعب، لكن الحافظ إذا واظب على قراءته،
وحفظه، مدة مديدة، يصبح المحفوظات ملكة
له، يصدر منها عفويا، ولو انشغل في أثناء
القراءة بشيء آخر، وذهل عن الإلتفات إلى
ما يقرأ. وإذا وصل الإنسان إلى هذه
المرتبة، لم يكن ضبط النفس وحسن الإدارة
يكلفه رهقا، بل يأتي منه، في كل مناسبة
عفوا، حتى يصبح خلاف ذلك أمرا شاقا صعبا
عنده. |