الفهرس

المؤلفات

الاقتصاد

الصفحة الرئيسية

 

بيع الحيوان

مسألة: يجوز بيع وشراء الحيوان مأكولاً وغير مأكول، حتى حرام اللحم كالكلب إذا كان فيه منفعة عقلائية، كما إذا كان للصيد أو للإجرام أو الحراسة أو غيرها، لأنها منفعة عقلائية محلّلة، فالإطلاق يشمله.

ويجوز التشريك فيه بالنسبة أو بالمعيّن كرأسه ونحوه مع قصد عقلائي، سواء كان للركوب أم الأكل أم الزينة أم غيرها، ودليل المنع كخبري: السكوني والصدوق ضعيف سنداً خاف دلالة، وكذا في مثل الاشتراك في الكلية أو الكبد أو ما أشبه.

وعليه: فيصح اشتراء اثنين للحيوان كذلك، كما يصح بيع المالك لجزئه أو استثناء جزئه.

أما صحيح الغنوي: (عن الصادق (عليه السلام) في رجل شهد بعيراً مريضاً وهو يباع، فاشتراه رجل بعشرة دراهم، وأشرك فيه رجلاً بدرهمين بالرأس والجلد، فقضى ان البعير بريء، فبلغ ثمنه ثمانية دنانير؟ قال: فقال (عليه السلام): لصاحب الدرهمين خُمس ما بلغ، فإن قال: أريد الرأس والجلد، فليس له ذلك، هذا الضرار، وقد أعطي حقه إذا أعطي الخمس)(1).

فالسند وإن كان صحيحاً حسب توثيق الشهيد الثاني (قدّس سره) إلا ان الدلالة غير ظاهرة، بعد وضوح انه ليس من الضرار وأيّ ضرر في ذلك؟ والتعبّد بعيد عن مساق العلّة، وعلى القول به فالرواية مخالفة للقاعدة ثبت الحكم بالنص.

ولم يعلم وجه قول المهذب أنها مطابقة للقاعدة، خصوصاً ومقتضاها البطلان، لأن ما قصد لم يقع، ومن الواضح تبعية العقود للقصود، نعم الاحتياط في اتباع المشهور.

ومثل ذلك من الاختصاص، ما لو اشترك اثنان أو أكثر، وشرط أحدهم الرأس أو الجلد أو ما أشبه ذلك لنفسه، لإطلاق أدلة الشرط.

وكذا يصح الإشتراء ممّن له حيوانات متشابهة على نحو المشاع كعشر عشرة، أو الكلّي في المعيّن كواحد منها، أو المرد د ويكون التعيين باختيارهما، بخلافه في المعي ن حيث أن الاختيار بيد البائع.

كما ويصح الاشتراك في الحيوان المذبوح في مثل الرأس ونحوه بطريق أولى.

من أحكام بيع الحيوان

ثم إن الربا لا يأتي في الحيوان الحيّ إلا إذا كان موزوناً ـ كما يتعارف في بعض البلاد ـ كشاة في قبال شاتين، وأمّا في القرض فيأتي فيه مطلقاً.

أما الحيوان المذبوح حيث الموزونية، فلا اشكال في مجيء الربا المعاملي فيه، وكذلك حال الأجزاء مثل الكلية والقلب وما أشبه.

وهل الحرمة في الحيوان إذا وطيء يأتي فيما إذا كان الواطي كافراً أو مخالفاً لا يرى الحرمة ـ فرضاً ـ؟ احتمالان:

من: عموم قاعدة الإلزام، ومعناها هنا: ان المحلل عندهم حلال لنا، كما في المطلقة بدون الشروط، بل قد يكون هذا أقرب منه، للاحتياط في الفروج بما لا يكون في الطعام.

ومن: إطلاق الدليل(2).

والأول وإن كان أقرب صناعة، لكن الثاني هو المطابق للاحتياط.

وكذلك الحال فيما إذا وطئه حال كونه كافراً أو مخالفاً ثم أسلم وآمن، حاله حال ما إذا طلّق بدون شرط وأخذ أختها ثم تبدل دينه أو مذهبه إلى الصحيح، ولم أجد في كلماتهم تعرّضاً لهذين الفرعين.

ويأتي في المقام مسألة تبعيد الحيوان الموطوء.

ولو قال شخص لآخر: اشترِ حيواناً بشركتي، فالظاهر: النصف وانه توكيل له في ذلك، إلا أن يصرّح بالنسبة الأقل أو الأكثر.

ولو دفع المأمور عن الآمر ما عليه من الثمن رجع إليه، لأن عبارة الآمر ظاهرة في ذلك.

ولو قال: اشترِ حيواناً لي كان كذلك في الكل.

ولو قال: اشترِ لي شاة من هذا القطيع، فاشتراه كلّه كان للآمر شاة منه على نحو الكلّي في المعيّن.

ولو قال: وكلتك في شراء كذا، فقال: بل أكثر أو أقل، فالتداعي من جهة التباين بينهما، أمّا لو قال: وكلتك في إعطائه ديناراً، فقال: بل دينارين، أو نصف دينار، فالأصل مع من يقول بالأقل منهما.

لا يقال: استصحاب الأقل محكوم بالشك بالتوكيل.

لأنه يقال: قول الوكيل مسموع، كما حقّق في كتابه(3).

ولو قال: شركتك في الكلية، وقال: بل بالنصف ـ مثلاً ـ وكان الثمن فيهماً واحداً(4)، فالتشريك في كلية واحدة محل اتفاقهما، وإنما النزاع في كلية أخرى أو النصف ومقتضى قاعدة (العدل) التقسيم.

ولو قال: وكلتك في المشاع، وقال: في المعيّن، أو بالعكس، فحيث لهما جامع لا اشكال فيه، وفي غيره تجري القاعدة.

لا يقال: الأصل عدم الوكالة فيما يدّ عيه الموكّل.

لأنه يقال: هذا الأصل ـ كما مرّ ـ محكوم بالسماع لقول الوكيل.

ولو قال: وكلتك في اشتراء الشاة، وقال: بل في اشتراء البقرة، فالتحالف.

فروع

لو قال للموكل: بشرط أن يكون نتاجه أو لبنه المستقبلي لي، صح. لإطلاق دليل الشرط.

لا يقال: انه من شرط المعدوم، ولا يصح حيث يجب أن يكون له متعلّق حاله وليس له.

لأنّه يقال: انه اعتبار ولا حاجة فيه به حالاً، إذ هو ذهني وفي حينه يتعلّق بالمتعلّق، مثل الكلي حيث لا مصداق له في الخارج، وكذلك حال كل انشاء حالي لأمر استقبالي.

ولو قال: أعرضت عنهما، فهل يصح، لعدم الفرق بين الايجاب والسلب، أو لا يصح لأنه من اسقاط ما لم يجب، ولأنه لو جعله في قبال عوض كان من العوض في قبال لا شيء؟

وفيهما: انه صحيح كما ذكرناه في البيع، لأن اعتباره كعكسه لا يستلزم المحال، فبعد العقلائية يشمله الدليل، والعوض في قبال ما يجعله عوضاً له، فليس منه.

كما أنه ربما يقال(5) لأن شرط السقوط مستلزم للدور، فإنه إنما يجب الوفاء بالشرط إذا كان في ضمن عقد لازم كما قاله المشهور، أو حتى غير اللازم كما قاله المسالك، فلو توقّف لزوم عليه دار، ولأنه مخالف لمقتضى العقد إذ مقتضاه تبعية الآثار للمؤثر.

وفيهما: ان المتوقّف عليه غير المتوقّف عليه، وهو خلاف اطلاقه، لا مقتضاه.

وحيث يصح بيع اجزاء الحيوان الحي تصح المبادلة عليها، لإطلاق أدلة البيع وشمولها له، ولا ربا لأن الحي ليس بموزون، نعم بعد الذبح حيث الوزن أو فرض كونه حياً موزوناً لم يصح، وكون الكل موزوناً يجعل الجزء كذلك وإن لم يوزن بمفرده.

ولو باع أحد الكلّيتين صح عندنا حيث نرى صحّة المردّد، أمّا عند من لا يراه فيبطل، ولو اختلفا في أن البيع احداهما أو إحدى الأذُنين ـ مثلا ـ فقاعدة العدل.

ولو قال: كنت وكيلك في اشتراء النصف ـ مثلاً ـ، و: قال بالعدم فالأصل معه، نعم يصح له الإجازة الآن، لأنه من الفضولي، فعلى الكشف يملك ما سبق من نصف لبنه وصوفه وما أشبه ذلك، وعلى النقل يكون الكل للمشتري(6).

ولو اختلفا فقال: وكلتك في شراء نصف الشاة، وقال: بل في شراء نصف الأبيض من الحيوانات، فالجامع متيقّن والطرفان محل القاعدة(7) أو القرعة.

ولو قيل: بأصالة عدم الوكالة فيما يدعيه الوكيل، وانه إذا تحقّق ذلك لم يتحقّق الاشتراك في الجامع، لأنه إذا كانت ففي الكل وإلا فكذلك.

ففيه: انه قابل للتفكيك كسائر الأصول، مثل أصالة عدم الطهارة الحدثية مع الطهارة الخبثية، فيما لو توضّأ من اناء كان طرفاً للعلم الإجمالي، إلى غير ذلك.

ولو قال: شرّكني في جزء كذا معيّنا مما في الحيوان منه اثنان، ثم تبيّن ان ليس له، كان التشريك باطلاً، وإن تبيّن ان له واحداً صح فيه بالنسبة، كنصف الثمن إذا لم يكن للاجتماع مدخل ـ كمصرعي الباب ـ وإلا فكذلك محذوفاً منه النصف مع ما يقابل الاعتبار، لكن يكون للموكل خيار التبعّض، والظاهر: أن للوكيل أيضاً إذا قبل الوكالة مقيّدا كسائر ما يشبهه.

والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

سبحان ربّك ربِّ العز ة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين.

11 / محرم 1411/ هـ ق

قم المقدّسة        

محمد الشيرازي     

 

1 ـ وسائل الشيعة: 13 / 49 ب 22 ح 1.

2 ـ أي دليل الحرمة.

3 ـ راجع موسوعة الفقه: ج 59 كتاب الوكالة.

4 ـ فرضاً.

5 ـ أي بعدم الصحة.

6 ـ فتأمّل.

7 ـ أي قاعدة العدل.