الفهرس

المؤلفات

التاريخ

الصفحة الرئيسية

 

كلمة أخيرة

يعيش عالمنا الإسلامي اليوم في صراعات مدمرة أثارها الأعداء بتخطيط مسبق، حتى لا يتفرغ الإنسان المؤمن لهدفه الأسمى، وهو نشر الإسلام، فأججوا الحروب هنا وهناك في عالمنا الإسلامي: في لبنان، وأفغانستان، والعراق، ومصر، والجزائر وتونس، وكشمير، وغيرها[1].

وكذلك عملوا على زرع الخلافات السياسية والدينية بين شعوبنا الإسلامية.

وكذلك نصبوا على بلادنا الحكام العملاء الظلمة، فتسلطوا على رقاب المسلمين، ونهبوا خيراتهم، ومارسوا بحقهم أبشع أنواع الجرائم والكبت ومصادرة الحريات والاعتقال والتعذيب، فنتج من هذا وغيره ملايين المشردين، بل الأكثر من ذلك.

إن الأعداء لم يكتفوا بتشريد هؤلاء، بل عملوا على تشديد الخناق، وضيقوا عليهم سبل العيش بشتى أنواع المضايقات، كما فعل أعداء الإسلام بالمسلمين الأوائل، ولكن في ذلك الوقت استطاع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يحبط جميع مخططات الأعداء، وذلك بإيجاد الحلول المناسبة لها فتمكن (صلّى الله عليه وآله) بذلك من حفظ المسلمين ونشر الرسالة.

لذا فاللازم علينا أن نهتدي بسيرة المصطفى (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) والمسلمين الأوائل، في كيفية التعامل مع الأعداء، ومع الظروف التي عاشوها في المهجر والاستفادة من تجاربهم التي مروا بها فنوظفها لصالح الأمة؛ حتى نتجاوز المحنة فنوفق لخدمة هذا الدين الحق.

قال تعالى: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة))[2].

فالرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) خطط وأعد المسلمين فكرياً وعسكرياً، في سبيل تجاوز المحن، والظفر في عمله، فباشر أولاً بتثبيت كيان المسلمين في المهجر، وإعدادهم تعبوياً ونفسياً، ومن ثم قام بنشر الدين في الآفاق، فعلينا أن نستفيد من هذا الدرس العظيم ونقوم بمراجعة تفاصيله مراجعة دقيقة، مبنية على أساس التجارب والعبر، وبطرق علمية سليمة، وندرس جميع الظروف المحيطة بنا، سواء كان في طرفنا أو في الطرف الآخر، حتى نرزق النصر إن شاء الله تعالى.

«اللهم إني أسألك بنور وجهك المشرق الحي الباقي الكريم، وأسألك بنور وجهك القدّوس، الذي أشرقت به السماوات وانكشفت به الظلمات، وصلح عليه الأولون والآخرون، أن تصلي على محمد وآله وأن تصلح لي شأني كله»[3].

[1] يشير (أعلى الله درجاته) إلى الأحداث التي كانت جارية عام (1408 هـ) تاريخ إلقائه هذه المحاضرة، حيث كانت تعصف بلبنان الحروب الداخلية ويرزخ جزء كبير منه تحت الاحتلال الصهيوني، وأفغانستان وما تعانيه من الحرب الأهلية والطائفية المدمرة بين أفراد الشعب الواحد إضافة للاحتلال السوفيتي لها، مما نجم عنه خسائر هائلة بالأرواح والأموال والطاقات، أما العراق الجريح الذي هو من الهموم الكبرى للإمام الراحل (رحمه الله) فيعاني ومنذ عام (1968م) أي بعد انقلاب (17تموز) المشؤوم من أسوأ نظام مر على تاريخ هذا البلد؛ حيث أدخل البلد في حربين شرستين: الأولى عندما شن النظام حربه على جارة العراق الشرقية إيران واستمرت الحرب ما يزيد على ثمان سنوات، تكبد خلالها الشعبين المسلمين مئات الآلاف من القتلى مضافاً إلى مئات الآلاف من الأسرى والمشردين وجيش من اليتامى والأرامل، والحرب الثانية اقدامه على احتلال دولة الكويت فسببت للعراق وللعالم الإسلامي أقسى الخسائر والمصائب

[2] سورة الأحزاب: 21.

[3] البلد الأمين: ص146 فقرة من أدعية الساعات.