الفهرس

المؤلفات

 التاريخ

الصفحة الرئيسية

 

الخاتمة

كان هذا موجزاً عن أحوال اُمّهات المعصومين (صلوات الله عليهم أجمعين).

أمّا التفاصيل فغالبها اختفت علينا بسبب الظالمين الذين أحرقوا كتب أصحابنا إلى هذا اليوم، حيث أحرق صدام وأمثاله من ظلمة التاريخ كتب الشيعة(1).

أمّا الباقي فقد قال لي صاحب الغدير العلامة الأميني (رحمه الله): إنه لم يطبع من كتب الشيعة إلاّ العُشر.

وقال لي أحد العلماء الأعلام معلّقاً على كلام الأميني(قدس سره):

(إنه (رحمه الله) ذكر ما وجده في المكتبات، وإلاّ فإنه لم يطبع منها(99) في المائة، حيث لاحظت دور الشيعة ومكتباتهم في إيران واليمن والعراق والهند وغيرها).

أقول: والغالب لم أصل أنا إليه، والله المستعان.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

قم المقدسة    

محمّد الشيرازي

(1) ففي عام 448هـ حلت فتنة كبرى في بغداد أدت إلى حرق محلة الكرخ، وقتل الآلاف من الشيعة الأبرياء، ثم سعى الحاقدون إلى قتل الشيخ الطوسي، غير أن الشيخ هاجر إلى النجف، وعلى أثر ذلك أحرق كرسيه الدراسي ومكتبته الكبرى التي تعد من أكبر المكتبات في الدنيا آنذاك، لما فيها من نفائس الأثر. وقد سبقت هذه الفتنة فتن أخرى غيرها: ففي سنة 362 احترق الكرخ بما فيه من المحلات السكينة والتجارية والدكاكين والأبرياء من الناس، وقد أحصى التاريخ عدد الذين احترقوا في هذه الحادثة فكان عددهم 17000 شخصا، و300 محلا ، و33 مسجدا. هذا ومن الواضح اهتمام الشيعة الكبير بالعلوم والكتابة للحفاظ على آثار أهل البيت (عليهم السلام) فمثلاً ورد عن محمد بن مسعود العياشي أنه انفق على تدوين العلم ثلاثمائة ألف دينار ، وأن داره كانت تعج بالناس وهم بين ناسخ وقارئ ومقارن، ولو كتب البقاء لمؤلفات الشيعة في القرنين الثاني والثالث، لكانت دور الكتب أغنى ما تكون بالآثار الشيعية، ولكن الظروف التي أحاطت بهم، والحروب الدامية التي كانت قي الغالب تستهدف دمائهم وآثارهم كل ذلك قد ساهم في تبديد تلك الثورة الغنية بالكنوز والنفائس، وليس أدل على ذلك من إقدام الحكام والغزاة وبخاصة الأيوبيين منهم على حرق المكتبات الشيعية مباشرة . كمكتبة الطوسي، والوزير (نصر سابوربن اردشير) وزير بهاء الدولة، ومكتبة الأزهر التي أسسها الفاطميون في مصر وحشدوا فيها مئات الألوف من المجلدات في مختلف مواضيع وبقيت أكثر من قرنين من الزمن منهلا كريما لرواد العلم من مختلف الأقطار، إلى أن جاء صد الأيوبيين الذي استهدف الشيعة وآثارهم وأكثر من أي شئ آخر ذلك العهد الذي مثل فيه صلاح الدين وأبناؤه الجريمة بأقبح صورها وأشكالها إلى غير ذلك من دور الكتاب التي كانت أكثر محتوياتها من كتب الشيعة وآثارهم، وقد أحرق صلاح الدين الأيوبي مكتبات الشيعة، فإن الشيعة ـ كما هو معروف ـ كانوا مضطهدين في كل الحقب الإسلامية إلا قليلا، وإن الحوادث التي لقيها شيعة أهل البيت (عليهم السلام) من أعداء أهل البيت، والحرائق والبوائق التي منيت بها مكتبات الشيعة في مختلف العصور والقرون، حيث لعبت بهم أيدي الحدثان، وعبثت بآثارهم ومآثرهم الأهواء والأغراض، أملا في القضاء على سنة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)التي تمثلت في أهل بيته، وفي شيعتهم من بعدهم، وبغية القضاء على علومهم ومعالمهم، ولكن(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ( ـ سورة التوبة: 32 ـ وبالرغم من كل الكوارث والفواجع وحملات الإبادة نجد شيعة أهل البيت (عليهم السلام) في كل صقع من أصقاع العالم، وفي كل بقعة من بقاع المعمورة، ونرى آثارهم وعلومهم ملا السمع والبصر فإن ما كان لله ينمو، وحسبنا أن نشير الى حادثة واحدة مما يخص المؤلفات والمكتبات، فإن طغرل بك أول ملوك السلاجقة لما ورد بغداد في سنة 447 وشن حملته المشهورة على الشيعة أمر باحراق مكتبتهم التي أسسها أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي في محلة (بين السورين) في كرخ بغداد سنة 381 ه‍ . وقد كانت من دور العلم المهمة في بغداد بناها هذا الوزير الجليل والاديب الفاضل وقد جمع فيها ما تفرق من كتب فارس والعراق، واستكتب تأليف أهل الصين والروم ونافت كتبها على عشرة آلاف، من جلائل الاثار ومهام الاسفار، وأكثرها نسخ الاصل بخطوط المؤلفين، قال ياقوت الحموي: (وبها كانت خزانة الكتب التى أوقفها الوزير أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة بن عضد الدولة، ولم يكن في الدنيا أحسن كتبا منها، كانت كلها بخطوط الائمة المعتبرة واصولهم المحررة . . .) . وكان من جملتها مائة مصحف بخط ابن مقلة على ماذكره ابن الاثير. تلك حادثة واحدة مما تعرضت لـه آثار الشيعة من ضياع وتلف ، وقد ذهبت ضحيتها ألوف الاثار، وقد سبقتها ولحقتها حوادث مروعة يشيب لها الأطفال ، وفضائح مخزية يندى منها جبين الإنسان، غير أن عناية الله تعالى شأنه قد حفظت أصول المذهب الجعفري وفروعه من العبث وصانتها من الدنس.