الفهرس

المؤلفات

 الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

المسؤول عن تضرر المسلمين 

قال الله تعالى: (وإذا أردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها، فحق عليها القول فدمرناها تدميرا)(1).

المصداق الأول للمترفين في هذا الزمان هم الحكام والرؤساء في الحكومات الإسلامية حيث تتوفر لهم كل الإمكانات المالية والعسكرية ويعيشون الترف على حساب فقر الشعب ومسكنته، وضره وفاقته..

فالمواطن إذا اراد السفر، أو أراد التجارة والعمل، أو الزراعة والعمران، أو غير ذلك، فأمامه ألف عقبة وعقبة.

بينما الحاكم تراه وكل شيء مسخر له، فالأموال يتصرف فيها بلا حساب، والخدمات بكل أنوعها من حشم وخدم، وسيارة وطائرة رهن إشارته، إلى غير ذلك مما هو مسخر للحكام، وهم يتحكمون فيها كما يشاؤون وبلا منازع، فأصبحوا بذلك المصداق الأول في زماننا هذا للمترفين الذين عنتهم الآية الكريمة، وزادهم مصداقية للآية فسقهم وعدم اهتمامهم بأحكام الله، وعدم رعايتهم لحقوق الناس، وليس هذا منا كلام بلا دليل، أو ادعاء بلا بينة، أو حديث بلا شاهد، فلقد كنا في العراق وكنا مطلعين على بعض الأحوال الجارية فيها، وكنا قريبين من ايران ونرى تردد الزائرين الإيرانيين إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة، وتردد الزائرين العراقيين إلى إيران لزيارة الإمام الرضا (عليه السلام)، وكنا نسمع من الشعبين المسلمين على حكامهم ما يوجب تأخير الصناعة والعلم في هذين البلدين الإسلاميين.

هذا مع عدم اطلاعي الكافي بمجريات الأمور في غير هذين البلدين من البلاد الإسلامية الأخرى وذلك على أثر ضعف الارتباطات ووهن الاتصالات وعدم تطور وسائل البث والنشر وبدائيتها في ذلك الزمان، فإن كل ذلك كان يساعد على عدم الاطلاع الكافي على ما يجري فيها، غير انه يمكن قياسها على ما يجري في هذين البلدين، لأن الطابع العام الذي كان يطبع البلاد الإسلامية كلها عربية وغير عربية كان طابعاً واحداً، وهو سيطرة الاستعمار على البلاد الإسلامية وتقسيمها بينهم وزرع حكومات مسيّرة فيهم، تسومهم سوء العذاب وتذيقهم أشد ألوان الحرمان والفقر، والكبت والاضطهاد، مما سببوا بذلك تأخر المسلمين وتضررهم تضرراً فادحاً.

فإن الشعب إنما يتقدم ويربح إذا أعطيت حقوقه، ومنحت له الحريات الإسلامية، ويتضرر ويخسر إذا ما منعت عنه حقوقه، وصودرت حرياته، ومن جملة تلك الحريات المسلوبة حرية الابتكار والاختراع في مجال الصناعة، فقد كانت الحكومات المسيرة تحارب التقدم الصناعي أشد المحاربة، وتقضي على المخترعين بألطف الوسائل وأعقدها.

 

1 ـ سورة الاسراء: 16.