الفهرس

المؤلفات

الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

الأمة الواحدة

هل نحن اليوم أمة واحدة ؟. أم أمم متفرقة مشتتة مبعثرة القوى كما قال الشاعر :

فتفرقوا شيعاً فـكــل قبيـــلة          فيهـا أمير المؤمنين ومنبر

حدّ لهذي لا يجـاوزها إلــى          مــا بعــده ولتلك حدُّ يذكر

وإذا تجــــاوز حـــدّه أحد له          حدّ الحســام وجلده يتسعر

نحن تفرقنا بعد أن كنّا أمة واحدة فالحدود الجغرافية التي نشاهدها اليوم لا يتجاوز عمرها ثلاثة أرباع القرن، وكان أول من وضع هذه الخطوط الوهيمة (لورانس العرب)(1) البريطاني، وبعد نصف قرن من خدماته لصالح الاستعمار جازاه سيده بأنّ قدمه إلى خشبة الإعدام لئلا يفشي الخبر، وكان أول من طبق الحدود في البلاد الإسلامية رضا خان في إيران، وأمان الله خان فـي أفغانستان وكمال أتاتورك في تركيا، وياسين الهاشمي فـي العراق وكلّهم عملاء لبريطانيا، ولم يكتفوا بهذا القدر فقد عمل هؤلاء الشرذمة علـى تمزيق العالم الإسلامي وتصنيفه إلى فئات وقوميات، فياسـين الهاشمي ابتدع قانون الشهادة الجنسية والذي قسّم العراقيين إلى ثلاث فئات وإلى ثلاث درجات.

كما وقام أتاتورك بإثارة النعرة القومية فـي الوسط الإسلامي في تركيا. وهكذا بقية الشرذمة الغربية التي تسلطت على مقاليد الأمور وأخذت تعمل بوحي من أوامر الغرب في تمزيق الأمة وخلق الفتن مرة باسم الطائفية وتارة باسـم القومية. فهم لـم يمزقوا العالم الإسلامي وحسب بل مزقوا الشعب الواحد الذي يسكن بلداً إسلامياً.

لقد خسرت الأمة الكثير عندما خسرت وحدتها، لقد كان المسلم يخرج من بيته إلى أي بلد إسلامي يريده دون أن يطالب بأي شيء، أمّا اليوم فقـد تغيرت الصـورة تماماً، وإنّي لأتذكر جيداً في إحدى سفراتي مـن كربلاء كنت متوجهاً إلى سامراء فقد لقيت في الطريق الذي لا يتجاوز (200) كيلومتراً (26) حاجزاً للمقاومة الشعبية ـ حيث كانت السفرة أيّام المد الشيوعي ـ فكانوا يفتشون كل من في السيارة.

وعلـى أي حال ؛ فعلى كتّابنا الإسلاميـين أن يكتبوا حول هذا الموضوع الحيوي ويذكروا المسلمين كيف كانوا وكيف أصبحوا وكم خسروا نتيجة ابتعادهم عن اتحادهم ووحدتهم الإسلامية.

كما وعليهـم أن يكتبوا حـول الصلاة والصيام وتاريخ الغزوات وأحوال المعصومـين (صلوات الله عليهم أجمعين) وليكن شعارهم الآية الكريمة: (وإنّ هذه أمتكم أمةً واحدةً وأنا ربكم فاعبدون)(2). 

 

1 ـ عن تقسيم الحدود الجغرافية فـي بلاد الإسلام راجع كتاب سبز آباد ورجال الدولة البهية للمؤلفة مي محمد الخليفة.

2 ـ سورة المؤمنون: الآية 52.