الفهرس

المؤلفات

 الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

ابتلاء المسلمين بالعملاء

كان في دار أحد قطٌّ يؤذي أهل الدار أذىً شديداً، فطردوه إلى الصحراء.

ومن الصدفة أن الحاكم خرج للصيد فرأى القط مريضاً مطروحاً في زاوية، فسأل عن حاله فأخبروه بالأمر.

فكتب سنداً أمر فيه بلزوم احترام هذا القط وأنه لا يحق لأحد أن يؤذيه أو يخرجه عن داره، وأرجع القط إلى داره.

فلما رأى صاحب الدار القط والسند معلق في رقبته، أخذ أهله وخرج عن الدار عازماً لسكنى دار أخرى، فقال أهله: لماذا تركنا الدار؟

قال: كنا في هذه الدار غير آمنين عن أذية القط ولم يكن له سند، فكيف نتمكن من البقاء فيها وقد جاءنا من الحاكم بالسند؟

وهذا مثل المسلمين في يومنا هذا حيث ابتلوا بحكام عملاء، لايرون إلا مصالح أنفسهم وأسيادهم، ويمنعون من الإصلاح.

ففي زمان الحكومتين القاجارية والعثمانية لم يتمكن المسلمون من تطوير بلادهم، وكان ذلك بسبب عدم تهيؤ فرص التقدم وما أشبه، فكيف بهذا اليوم وفي بلادنا من يمنع عن أي تقدم بدافع من الغرب، حيث إنّ كثيراً من الحكام عملاء جاء بهم الغرب إلى بلاد الإسلام وجعل من مهمتهم الحيلولة دون الإصلاح والمنع من عمل المسلمين ما يوجب تقدمهم، وذلك شرط لبقائهم في سدة الحكم وإلا جاؤوا بشخص آخر مكانه.

قال غلادستون الزعيم البريطاني[1]: إذا أردتم أن ترسخوا أقدامكم في بلاد الإسلام فامنعوا المسلمين من شيئين:

الأول: العمل بالقرآن.

والثاني: انطلاقهم في الحج.

على عكس ما قرّره الإسلام من الحرية في جميع المجالات ومنها موضوع الحج.

وإني قبل نصف قرن في العراق رأيت نماذج من حضارة الإسلام وقوانينه وحرياته وموضوع الحج وانطلاق المسلمين فيه كما قرره الله سبحانه، وفي هذا النصف الثاني من القرن العشرين رأيت الحكام قد طبقوا وصية غلادستون حرفياً، فلا قرآن معمول به، ولا حج حر.

وهذا الموضوع من موانع الإصلاح ومعوقاته في المجتمع.

[1] وليم إيوارت غلادستون (1809 - 1898م): سياسي انجليزي، ولد في ليفربول، زعيم حزب الأحرار ورئيس الوزراء للفترات (1868-1874) و (1880-1885) و (عام 1886) و (1892 - 1894) اعتبره بعض المؤرخين أعظم سياسي بريطاني في القرن التاسع عشر، جعل الاقتراع سرياً عام 1872.