الفهرس

المؤلفات

 الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

المجتمع الإسلامي واللاعنف

أعوام طويلة والمجتمع الجاهلي يئنّ من ويلات العنف ومآسي البطش الذي يصبّه عليه أوباش المشركين ممّن لم تعرف الرأفة والرحمة إلى قلوبهم سبيلا.

فقد كانت الحرب الضروس والغارات الدامية هي الشغل الشاغل للناس آنذاك، فلا تكاد تنقضي فترة من الزمن تخلو من المناوشات المشجية والحروب الطاحنة التي عادةً ما كان يذهب ضحيّتها المئات من الأبرياء.

في مثل تلك الظروف الحالكة ومع تأزّم أوضاع الناس جاء الإسلام العزيز ونادى باللاعنف في المجتمع ودعا إلى اللين في التعامل السلمي الاجتماعي..

فكيف كانت دعوة الإسلام إلى اللاعنف في المجتمع؟

وما هي آثار هذه الدعوة؟

هذا ما سيأتي البحث عنه في المباحث الآتية بإذن الله تعالى.

اللاعنف مع الأفراد

كما هي عادة الإسلام العزيز إزاء أيّة مشكلة، فهو يطرح الحلّ الجذري لها ويتناول كلّ شاردة وواردة تتعلّق بها.

والسؤال هنا: ما هي حلول الإسلام مقابل مشكلة العنف والقوة التي ألفها المجتمع الجاهلي وعاش تحت تأثيراتها؟

الجواب: لقد عمد الإسلام إلى تربية أفراد المجتمع وإعدادهم بالشكل المؤاتي بحيث أصبح الكثير منهم آية في اللين والرفق حتّى مع ألدّ مناوئيه، وقد تطرّقنا إلى بعض شواهد ذلك[1].

نعم إنه قد بالغ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمّة الأطهار (عليهم السلام) في تأكيداتهم على مسألة اللين واللاعنف مع الأفراد حتّى أنّهم راحوا يتّخذون المواقف الحكيمة إزاء كلّ من يتجاسر على الآخرين ويضايق حرّياتهم عبر العنف وما شابه.

فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إنّ سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، وكان يمرّ به إلى نخلته ولا يستأذن، فكلّمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء، فأبى سمرة، فلمّا تأبّى جاء الأنصاري إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فشكا إليه وأخبره الخبر.

فأرسل إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخبّره بقول الأنصاري، وما شكا وقال: إن أردت الدخول فاستأذن.

فأبى.

فلمّا أبى، ساومه حتّى بلغ به من الثمن ما شاء الله.

فأبى أن يبيع.

فقال (صلى الله عليه وآله): لك بها عذق يمدّ في الجنّة.

فأبى أن يقبل.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للأنصاري: اذهب فاقلعها وارم بها إليه فإنّه لا ضرر ولا ضرار»[2].

لا تضرّ أخاك المؤمن

ومما يدل على ما ذكرنا من نبذ العنف والضرر على الآخرين، ما ورد من أنّ محمّد بن الحسين قال: كتبت إلى أبي محمّد (عليه السلام) رجلٌ كانت له قناة في قرية فأراد رجل أن يحفر قناة أخرى إلى قرية له كم يكون بينهما في البعد حتّى لا يضرّ بالأخرى في الأرض إذا كانت صلبة أو رخوة؟

فوقّع (عليه السلام): على حسب أن لا يضرّ إحداهما بالأخرى إن شاء الله.

وقال: كتبت إليه (عليه السلام): رجل كانت له رحى على نهر قرية والقرية لرجل فأراد صاحب القرية أن يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر ويعطّل هذه الرحى أله ذلك أم لا؟

فوقّع (عليه السلام) يتّقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف ولا يضرّ أخاه المؤمن[3].

وقد سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوم كانت لهم عيون في أرض قريبة بعضها من بعض فأراد الرجل أن يجعل عينه أسفل من موضعها التي كانت عليه بعض العيون وإذا فعل ذلك أضرّ بالبقيّة من العيون وبعض لا يضرّ من شدّة الأرض؟

قال: فقال (عليه السلام): ما كان في مكان شديد فلا يضرّ وما كان في أرض رخوة بطحاء فإنّه يضرّ.

وإن عرض على جاره أن يضع عينه كما وضعها وهو على مقدار واحد؟

قال: إن تراضيا فلا يضرّ، وقال: يكون بين العينين ألف ذراع[4].

اللاعنف مع الصغار

من مصاديق التربية الاجتماعية على اللاعنف: الروايات الشريفة التي يستفاد منها أنّ الإسلام يحرص بشدّة على رحم الصغار والعطف عليهم، ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انّه قال: «ليس منّا من لم يوقّر كبيرنا ويرحم صغيرنا»[5].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ليس منّا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقّر كبيرنا ولم يأمر بالمعروف وينه عن المنكر»[6].

وقال الإمام علي بن الحسين (عليه السلام): «.. وحقّ الصغير رحمته في تعليمه والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له»[7].

اللاعنف مع الكبار

مقابل تأكيدات الشارع المقدّس على رحم الصغار والتعامل باللاعنف معهم فقد دعت الكثير من الأخبار إلى توقير الكبار والتعامل باللاعنف واللين معهم سيّما الطاعنين منهم في السنّ ممّن قد ذهبت قواهم وضعفت حيلتهم في هذه الحياة الدنيا.

ففي الحديث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «عظّموا كبراءكم، وصلوا أرحامكم، وليس تصلونهم بشيء أفضل من كفّ الأذى عنهم»[8].

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «وقّروا كباركم، يوقّركم صغاركم»[9].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في خطبته لاستقبال شهر رمضان المبارك: «وقّروا كباركم وارحموا صغاركم»[10].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم»[11].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من عرف فضل شيخ كبير فوقّره لسنّه آمنه الله من فزع يوم القيامة، وقال: من تعظيم الله عز وجل إجلال ذي الشيبة المؤمن»[12].

اللاعنف مع الأيتام

ومن مصاديق اللاعنف الاجتماعي في الإسلام التأكيد الكبير على رعاية الأيتام والفقراء والمساكين وذوي الحاجة والسعي في قضاء حوائجهم:

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما من مؤمن ولا مؤمنة يضع يده على رأس اليتيم ترحّماً له إلاّ كتب الله له بكلّ شعرة مرّت يده عليها حسنة»[13].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم رحمة له إلاّ أعطاه الله بكلّ شعرة نوراً يوم القيامة»[14].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من أنكر منكم قساوة قلبه فليدن يتيماً فيلاطفه وليمسح رأسه يلين قلبه بإذن الله»[15].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إنّ اليتيم إذا بكى اهتزّ له العرش، فيقول الربُّ تبارك وتعالى: من هذا الذي أبكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره؟ فوعزّتي وجلالي لا يسكته أحد إلاّ أوجبت له الجنّة»[16].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «حثّ الله عز وجل على برّ اليتامى لانقطاعهم عن آبائهم، فمن صانهم صانه الله، ومن أكرمهم أكرمه الله، ومن مسح يده برأس يتيم رفقاً به جعل الله له في الجنّة بكلّ شعرة مرّت تحت يده قصراً أوسع من الدنيا بما فيها، وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، وهم فيها خالدون»[17].

قضاء الحوائج

عن المفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال لي: «يا مفضل اسمع ما أقول لك واعلم أنه الحق وافعله وأخبر به علية إخوانك، قلت: جعلت فداك وما علية إخواني؟ قال: الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم، قال: ثم قال: ومن قضى لأخيه المؤمن حاجةً قضى الله عز وجل له يوم القيامة مائة ألف حاجة من ذلك أولها الجنة، ومن ذلك أن يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنة بعد أن لا يكونوا نصاباً وكان المفضل إذا سأل الحاجة أخاً من إخوانه قال له: أما تشتهي أن تكون من علية الإخوان»[18].

وعن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن الله عز وجل خلق خلقاً من خلقه انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا ليثيبهم على ذلك الجنة، فإن استطعت أن تكون منهم فكن، ثم قال: لنا والله رب نعبده لا نشرك به شيئاً»[19].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قضاء حاجة المؤمن خير من عتق ألف رقبة وخير من حملان ألف فرس في سبيل الله»[20].

وعن أبي الصباح الكناني قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لقضاء حاجة امرئ مؤمن أحب إلى الله من عشرين حجةً كل حجة ينفق فيها صاحبها مائة ألف»[21].

وعن إسماعيل بن عمار الصيرفي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك المؤمن رحمة على المؤمن؟

قال: نعم.

قلت: وكيف ذاك؟

قال: «أيما مؤمن أتى أخاه في حاجة فإنما ذلك رحمة من الله ساقها إليه وسببها له، فإن قضى حاجته كان قد قبل الرحمة بقبولها، وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها فإنما رد عن نفسه رحمة الله جل وعز ساقها إليه وسببها له وذخر الله عز وجل تلك الرحمة إلى يوم القيامة حتى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها إن شاء صرفها إلى نفسه وإن شاء صرفها إلى غيره، يا إسماعيل فإذا كان يوم القيامة وهو الحاكم في رحمة من الله قد شرعت له فإلى من ترى يصرفها؟

قلت: لا أظن يصرفها عن نفسه.

قال: «لا تظن ولكن استيقن فإنه لن يردها عن نفسه، يا إسماعيل من أتاه أخوه في حاجة يقدر على قضائها فلم يقضها له سلط الله عليه شجاعاً ينهش إبهامه في قبره إلى يوم القيامة مغفوراً له أو معذباً»[22].

وعن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في حديث: «وقضاء حاجة المؤمن أفضل من طواف وطواف حتى عد عشراً»[23].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ما قضى مسلم لمسلم حاجةً إلا ناداه الله تبارك وتعالى علي ثوابك ولا أرضى لك بدون الجنة»[24].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من طاف بهذا البيت طوافاً واحداً كتب الله له ستة آلاف حسنة ومحا عنه ستة آلاف سيئة ورفع الله له ستة آلاف درجة حتى إذا كان عند الملتزم فتح له سبعة أبواب من أبواب الجنة.

قلت: جعلت فداك هذا الفضل كله في الطواف؟

قال: نعم، وأخبرك بأفضل من ذلك، قضاء حاجة المسلم أفضل من طواف وطواف حتى بلغ عشراً»[25].

وروي انه «كان النبي (صلى الله عليه وآله) يرقع ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويأكل مع العبد، ويجلس على الأرض، ويركب الحمار ويردف، ولا يمنعه الحياء أن يحمل حاجته من السوق إلى أهله، ويصافح الغني والفقير، ولا ينزع يده من يد أحد حتى ينزعها، ويسلم على من استقبله من كبير وصغير، وغني وفقير، ولا يحقر ما دعي إليه ولو إلى حشف التمرة، وكان خفيف المئونة، كريم الطبيعة، جميل المعاشرة، طلق الوجه، بشاشاً من غير ضحك، محزوناً من غير عبوس، متواضعاً من غير مذلة، جواداً من غير سرف، رقيق القلب، رحيماً بكل مسلم، ولم يتجشأ من شبع قط، ولم يمد يده إلى طمع، وكفاه مدحاً قوله تعالى: ((وإنك لعلى خلق عظيم))[26]»[27].

وعن ابن مسعود عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أنه رأى ليلة الإسراء هذه الكلمات مكتوبةً على الباب الثاني من الجنة: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله، لكل شيء حيلة وحيلة السرور في الآخرة أربع خصال: مسح رأس اليتامى والتعطف على الأرامل والسعي في حوائج المؤمنين وتعهد الفقراء والمساكين»[28].

من حقوق المؤمن على أخيه

ومن مصاديق اللاعنف الاجتماعي الإسلامي هو الحث الكبير على لزوم المحبة بين المؤمنين والتزاور بينهم، وقد جعلهم إخوة حيث قال تعالى: ((إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم))[29].

وعن شعيب العقرقوفي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول لأصحابه: «اتقوا الله وكونوا إخوةً بررةً متحابين في الله متواصلين متراحمين، تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا أمرنا وأحيوه»[30].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «تواصلوا وتباروا وتراحموا وكونوا إخوةً بررةً كما أمركم الله عز وجل»[31].

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن المؤمن ليخرج إلى أخيه يزوره فيوكل الله عز وجل به ملكاً فيضع جناحاً في الأرض وجناحاً في السماء يظله، فإذا دخل إلى منزله نادى الجبار تبارك وتعالى: أيها العبد المعظم لحقي المتبع لآثار نبيي حق علي إعظامك، سلني أعطك، ادعني أجبك، اسكت أبتدؤك، فإذا انصرف شيعه الملك يظله بجناحه حتى يدخل إلى منزله ثم يناديه تبارك وتعالى: أيها العبد المعظم لحقي حق علي إكرامك قد أوجبت لك جنتي وشفعتك في عبادي»[32].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لزيارة المؤمن في الله خير من عتق عشر رقاب مؤمنات، ومن أعتق رقبةً مؤمنةً وقى كل عضو عضواً من النار حتى أن الفرج يقي الفرج»[33].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لقاء الإخوان مغنم جسيم وإن قلوا»[34].

وعن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من سر مؤمناً فقد سرني ومن سرني فقد سر الله»[35].

وعن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «تبسم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرف القذى عنه حسنة، وما عبد الله بشيء أحب إلى الله من إدخال السرور على المؤمن»[36].

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن أحب الأعمال إلى الله عز وجل إدخال السرور على المؤمن شبعة مسلم أو قضاء دينه»[37].

وعن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا يرى أحدكم إذا أدخل على مؤمن سروراً أنه عليه أدخله فقط، بل والله علينا، بل والله على رسول الله (صلى الله عليه وآله)»[38].

اللاعنف مع الجار

ومن المسائل التي حظيت باعتناء الشارع المقدّس هي مسألة اللاعنف مع الجار، والحرص الشديد على أداء حقوقه التي طالما أكّدت عليها الروايات الشريفة.

ففي الحديث: «إنّهم قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتتصدّق وتؤذي جارها بلسانها، قال (صلى الله عليه وآله): لا خير فيها هي من أهل النار، قالوا: وفلانة تصلّي المكتوبة وتصوم شهر رمضان ولا تؤذي جارها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هي من أهل الجنّة»[39].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من آذى جاره فقد آذاني، ومن حاربه فقد حاربني»[40].

وقال (صلى الله عليه وآله): «إذا ضربت كلب جارك فقد آذيته»[41].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ليس حسن الجوار كفّ الأذى، ولكن حسن الجوار صبرك على الأذى»[42].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «المؤمن من آمن جاره بوائقه» قلت: ما بوائقه؟ قال: «ظلمه وغشّه»[43].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث قال: «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه رجل من الأنصار، فقال: إنّي اشتريت داراً من بني فلان، وإنّ أقرب جيراني منّي جواراً من لا أرجو خيره ولا آمن شرّه قال: فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً وسلمان وأبا ذرّ.. أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم بأنّه: لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه، فنادوا بها ثلاثاً، ثمّ أومأ بيده إلى كلّ أربعين داراً من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله»[44].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «تحشر عشرة أصناف من اُمّتي أشتاتاً قد ميّزهم الله تعالى من بين المسلمين وبدّل صورهم، فبعضهم على صورة القردة» إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): «وبعضهم مقطّعة أيديهم وأرجلهم»، وساق الحديث إلى أن قال: «والمقطّعة أيديهم وأرجلهم الذين يؤذون الجيران»[45].

وقال (صلى الله عليه وآله): «من كان يؤمن بالله فلا يؤذينّ جاره»[46].

وقال (صلى الله عليه وآله): «ليس يدخل الجنّة من يؤذي جاره ومن لم يأمن جاره بوائقه»[47].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ملعون ملعون من آذى جاره»[48].

وعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «من مات وله جيران ثلاثة كلّهم راضون عنه غُفِرَ له»[49].

وقال (صلى الله عليه وآله): «ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتّى ظننت أنّه يُورّث بشيء»[50].

وقال (صلى الله عليه وآله): «حرمة الجار على الجار كحرمة اُمّه»[51].

وقال (صلى الله عليه وآله): «من آذى جاره بقتار قدره فليس منّا»[52].

وقال (صلى الله عليه وآله): «من خان جاره بشبر من الأرض طوّقه الله يوم القيامة إلى الأرض السابعة حتّى يدخل النار»[53].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «هل تدرون ما حقّ الجار؟ ما تدرون حقّ الجار إلاّ قليلا، ألا لا يؤمن بالله واليوم الآخر من لا يأمن جاره بوائقه، فإذا استقرضه أن يقرضه، وإذا أصابه شرّ عزّاه، لا يستطيل عليه في البناء يحجب عنه الريح إلاّ بإذنه، وإذا اشترى فاكهة فليهد له فإن لم يهد له فليدخلها سرّاً ولا يعطي صبيانه منها شيئاً يغايظون صبيانه، ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الجيران ثلاثة: فمنهم من له ثلاثة حقوق، حقّ الإسلام وحقّ الجوار وحقّ القرابة، ومنهم من له حقّان، حقّ الإسلام وحقّ الجوار، ومنهم من له حقّ واحد، الكافر له حقّ الجوار»[54].

وعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «إذا طبخت فأكثر المرق وقسّموا على الجيران، ومن آذى جاره فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين»[55].

اللاعنف الاُسري

من أهم قواعد اللاعنف الاجتماعي الإسلامي هو التأكيد على اللاعنف في الأسرة، سواء بالنسبة إلى الزوجين أم الأولاد أم الأبوين أم سائر الأرحام والأقارب.

فإن الاُسر كانت في عهد الجاهلية الاُولى تئنّ من ويلات البطش والعنف الذي يصبّه بعض الرجال على عيالهم، فجاء الإسلام الحنيف ورفع قيود العنف من على الاُسر وأخذ يدعو إلى اللين والرفق في التعامل الاُسري، فالإسلام جاء وطرح اُسلوبه الإلهي في تنظيم الاُسرة، الأمر الذي أخذ بيدها نحو التكامل والسداد، والرأفة والمحبة، بعد أن كانت غارقة في أوحال الرذيلة والفساد، والخشونة والعنف..

ففي العهد الجاهلي ـ وكما ورد في التاريخ ـ لم يكن هناك شيء اسمه النظام الاُسري بالشكل الصحيح، أو الحقوق المتبادلة بين أعضاء العائلة، وإنّما كانت أزمّة الاُمور قاطبة بيد الرجل وكان عادة خشناً في تعامله، عنيفاً في مواقفه، أما البقية فكانوا كالعبيد الذين لا مولى لهم ولا حامي يذود عن حقوقهم المهدورة.

ولعلّ خير شاهد على أنّ النظام الاُسري قبل الإسلام لم يكن يمتلك أيّة مبادئ أو قيم تقوده نحو الكمال هي مسألة وأد البنات وما كان يحلّ بالمرأة من امتهان للحقوق وسحق للكرامة.

بين الإسلام والجاهلية

وبعد أن جاء الإسلام وأخرج الناس من ظلمات الجاهلية إلى نور الهداية حدثت في تاريخ الاُسر تحوّلات عظيمة على خلاف ما كانت عليه في العهد الجاهلي البائد.

ففي العهد الجاهلي كانت المرأة لا تمتلك أيّة حقوق وإنّما هي مجرّد آلة ووسيلة للاستمتاع وقضاء الوطر وما أشبه، أمّا بعد أن أشرقت شمس الإسلام فوق أرجاء الجزيرة العربية أصبحت المرأة تمتلك الكثير من الحقوق، نشير إلى بعضها:

الرأفة بها:

فضلا عن الحقوق الشرعية التي افترضها الشارع المقدّس للزوجة على الزوج، فإنّ هناك حقوقاً أخرى أكّد عليها الإسلام بكلّ حثاثة، منها مسألة الرأفة بالزوجة والعفو عن أخطائها والتعامل معها بالتي هي أحسن، فإنّها ـ وكما تعبّر الروايات ـ ريحانة وليست بقهرمانة، وهي أسيرة المرء فلا يليق بها أن يكون الرجل عليها جبّاراً يمتهن حقوقها ويبطش بها كيف شاء وكما يشاء.

ففي الحديث عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «... وأمّا حقّ الزوجة فأن تعلم أنّ الله عز وجل جعلها لك سكناً واُنساً، فتعلم أنّ ذلك نعمة من الله عز وجل عليك، فتكرمها وترفق بها وإن كان حقّك عليها أوجب، فإنّ لها عليك أن ترحمها لأنّها أسيرك، وتطعمها وتكسوها، وإذا جهلت عفوت عنها»[56].

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «من كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتّى تعينه وترضيه وإن صامت الدهر وقامت وأعتقت الرقاب وأنفقت الأموال في سبيل الله وكانت أوّل من ترد النار»، ثمّ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «وعلى الرجل مثل ذلك الوزر والعذاب إذا كان لها مؤذياً، ومن صبر على سوء خُلُق امرأته واحتسبه أعطاه الله بكلّ مرّة يصبر عليها من الثواب مثل ما أعطى أيّوب على بلائه، وكان عليها من الوزر كلّ يوم وليلة مثل رمل عالج فإن مات قبل أن تعتبه وقبل أن يرضى عنها حشرت يوم القيامة منكوسة مع المنافقين في الدرك الأسفل من النار، ومن كانت له امرأة لم توافقه وصبر على ما رزقه الله وشقّت عليه وحملته ما لم يقدر عليه لم يقبل الله لها حسنة تتّقي بها النار وغضب الله عليها ما دامت كذلك»[57].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «اتّقوا الله في الضعيفين، يعني بذلك اليتيم والنساء»[58].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «عيال الرجل اُسراؤه، وأحبّ العباد إلى الله عز وجل أحسنهم صنعاً إلى اُسرائه»[59].

الإحسان إليها:

فضلا عن الروايات الداعية إلى مطلق الإحسان إلى الإنسان رجلاً كان أو امرأة، مسلماً كان أو كافراً، فقد وردت روايات عديدة في الإحسان إلى الزوجة وعدم الإساءة إليها.

فإنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) راح يوضّح للبشرية على مرّ التاريخ مَن هو خير الناس، فقال (صلى الله عليه وآله): «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»[60].

وقال (صلى الله عليه وآله): «ألا خيركم خيركم لنسائه وأنا خيركم لنسائي»[61].

وقال (صلى الله عليه وآله): «أحسن الناس إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله وأنا ألطفكم بأهلي»[62].

مداراتها:

لا يخفى إنّ للمداراة أثراً كبيراً في حفظ النظام الاُسري، فالاُسرة التي تسودها المداراة تجدها غالباً ما تتجاوز المشاكل والمشاحنات... من هنا، فإنّ الروايات راحت تؤكّد على مسألة المداراة في الاُسرة خاصّة مع الزوجة.

فعن أبي عبد الله (عليه السلام) انّه قال: شكا رجل من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) نساءه فقام (عليه السلام) خطيباً فقال في حديثه: «فداروهنّ على كلّ حال، وأحسنوا لهنّ المقال، لعلّهنّ يحسن الفعال»[63].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ومن صبر على خُلُق امرأة سيّئة الخُلُق واحتسب في ذلك الأجر أعطاه ثواب الشاكرين»[64].

المغفرة لها:

إنّ الإسلام أكّد على أن يتعامل الزوج مع زوجته باللين والرحمة وترك العنف وأساليبه، كما دعاه إلى التغاضي عن أخطائها والمغفرة لها حتّى وإن كانت سيّئة الخلق، فانّ اللاعنف واللين يقودانها في النهاية إلى التراجع نحو الخير والمحبة.

فعن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): ما حقّ المرأة على زوجها الذي إذا فعله كان محسناً؟ قال: «يشبعها ويكسوها وإن جهلت غفر لها»[65].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «كانت امرأة عند أبي تؤذيه فيغفر لها»[66].

لا يضربها:

ومن أبرز المصاديق الجليّة الدالّة على أنّ الإسلام يذمّ العنف في التعامل الاُسري هي تأكيداته الكثيرة الداعية إلى عدم التجاسر على الزوجة عبر الخشونة أو الضرب الذي يهدّ أركان الاُسرة ويذهب بمودّتها وصفائها.

فقد روي أنّ امرأة معاذ قالت: يا رسول الله، ما حقّ الزوجة على زوجها؟ قال: «أن لا يضرب وجهها، ولا يقبّحها، وأن يطعمها ممّا يأكل ويلبسها ممّا يلبس ولا يهجرها»[67].

فضرب الزوجة من المحرمات الشرعية، أما قوله تعالى: ((وَاللاَتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً))[68]، فهذا تفسيره:

((وَاللاَتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ)) من نشز إذا ارتفع، أي عصيانهن، فكأنها ارتفعت عن حدها ((فَعِظُوهُنَّ)) من الوعظ، بالنصح والإرشاد، وما أشبهها ((وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ)) إن لم يفد الوعظ، والمضاجع جمع مضجع، وهو محل النوم وفراشه، وذلك بتحويل الظهر، أو بعزل فرشه عن فرشها ((وَاضْرِبُوهُنَّ)) وفي بعض الأخبار أن الضرب بالسواك، ولا يخفى أن هذه المراتب بالتدرج، ((فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ)) ومن المقرر في الشريعة أن الإطاعة الواجبة على المرأة ليست إلا عدم الخروج بدون إذنه واستعدادها لتلبية الاستمتاعات متى أراد (( فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً)) أي لا تطلبوا لضررهن طريقاً، بإيذائهن وعدم القيام باللطف والعطف المترتب من الزوج، بل سامحوهن، فقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله): «إن من حق المرأة على الرجل أن يغفر لها إذا جهلت» ((إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)) فلا يتعال عليه أحد بقوته ((كَبِيراً)) فلا أكبر منه[69].

ومن هنا وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن من يضرب أهله فإنه شر الرجال.

شرّ الرجال

روي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «ألا اُخبركم بشرّ رجالكم؟

فقلنا: بلى.

فقال: إنّ من شرّ رجالكم البهّات البخيل الفاحش، الآكل وحده، المانع رفده، الضارب أهله وعبده، الملجئ عياله إلى غيره، العاقّ بوالديه»[70].

روايات أخرى

مضافاً إلى عشرات الروايات الواردة في تكريم الأم والبنت والأخت ومن أشبه من النساء.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نعم الولد البنات ملطفات مجهزات مونسات مباركات مفليات»[71].

وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الله تبارك وتعالى على الإناث أرأف منه على الذكور وما من رجل يدخل فرحةً على امرأة بينه وبينها حرمة إلا فرحه الله تعالى يوم القيامة»[72].

وعن الجارود بن المنذر قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «بلغني أنه ولد لك ابنة فتسخطها وما عليك منها ريحانة تشمها وقد كفيت رزقها وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) أبا بنات»[73].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وجبت له الجنة.

فقيل: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) واثنتين؟

فقال: واثنتين.

فقيل: يا رسول الله وواحدةً؟

فقال: وواحدةً»[74].

وعن الحسن بن سعيد اللخمي قال: ولد لرجل من أصحابنا جارية فدخل على أبي عبد الله (عليه السلام) فرآه متسخطاً، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «أرأيت لو أن الله تبارك وتعالى أوحى إليك أن أختار لك أو تختار لنفسك ما كنت تقول؟

قال: كنت أقول يا رب تختار لي.

قال: فإن الله قد اختار لك.

قال: ثم قال: إن الغلام الذي قتله العالم الذي كان مع موسى (عليه السلام) وهو قول الله عز وجل ((فأردنا أن يبدلهما ربهما خيراً منه زكاةً وأقرب رحماً))[75] أبدلهما الله به جاريةً ولدت سبعين نبياً»[76].

وفي فقه الرضا (عليه السلام): «واعلم أن حق الأم ألزم الحقوق وأوجب، لأنها حملت حيث لا يحمل أحد أحداً ووقت بالسمع والبصر وجميع الجوارح مسرورةً مستبشرةً بذلك فحملته بما فيه من المكروه الذي لا يصبر عليه أحد، ورضيت بأن تجوع ويشبع، وتظمأ ويروى، وتعرى ويكتسي، ويظل وتضحى، فليكن الشكر لها والبر والرفق بها على قدر ذلك، وإن كنتم لا تطيقون بأدنى حقها إلا بعون الله»[77].

وقال رجل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن والدتي بلغها الكبر وهي عندي الآن أحملها على ظهري وأطعمها من كسبي وأميط عنها الأذى بيدي وأصرف عنها مع ذلك وجهي استحياءً منها وإعظاماً لها، فهل كافأتها؟

قال: لا لأن بطنها كان لك وعاءً وثديها كان لك سقاءً وقدمها لك حذاءً ويدها لك وقاءً وحجرها لك حواءً وكانت تصنع ذلك لك وهي تمنى حياتك وأنت تصنع هذا بها وتحب مماتها»[78].

وعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «الجنة تحت أقدام الأمهات»[79].

قال (صلى الله عليه وآله): «تحت أقدام الأمهات روضة من رياض الجنة»[80].

وقال (صلى الله عليه وآله): «إذا كنت في صلاة التطوع فإن دعاك والدك فلا تقطعها وإن دعتك والدتك فاقطعها»[81].

وعن الباقر (عليه السلام) أنه قال: «قال موسى بن عمران (عليه السلام): يا رب أوصني.

قال: أوصيك بي.

قال: فقال: رب أوصني.

قال: أوصيك بي، ثلاثاً.

قال: يا رب أوصني.

قال: أوصيك بأمك.

قال: رب أوصني.

قال: أوصيك بأمك.

قال: رب أوصني.

قال: أوصيك بأبيك.

قال: فكان يقال لأجل ذلك: إن للأم ثلثي البر وللأب الثلث»[82].

وعن الصادق (عليه السلام) قال: «جاء رجل وسأل النبي (صلى الله عليه وآله) عن بر الوالدين، فقال: ابرر أمك، ابرر أمك، ابرر أمك، ابرر أباك، ابرر أباك، ابرر أباك، وبدأ بالأم قبل الأب»[83].

وعن مهنى بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت للنبي (صلى الله عليه وآله): «يا رسول الله من أبرر؟

قال: أمك.

قلت: ثم من؟

قال: ثم أمك.

قلت: ثم من؟

قال: ثم أمك.

قلت: ثم من؟

قال: ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب»[84].

وقال رجل لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟

قال: أمك.

قال: ثم من؟

قال: أمك.

قال: ثم من؟

قال: أبوك»[85].

وفي رواية أخرى: «أنه جعل ثلاثاً للأم والرابعة للأب»[86].

وفي الحديث انه قيل للنبي (صلى الله عليه وآله): «يا رسول الله ما حق الوالد؟

قال: أن تطيعه ما عاش.

قيل: وما حق الوالدة؟

فقال: هيهات هيهات لو أنه عدد رمل عالج وقطر المطر أيام الدنيا قام بين يديها ما عدل ذلك يوم حملته في بطنها»[87].

وروي: «أن رجلا قال للنبي (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله أي الوالدين أعظم؟

قال: التي حملته بين الجنبين وأرضعته بين الثديين وحضنته على الفخذين وفدته بالوالدين»[88].

وقيل للإمام زين العابدين (عليه السلام): «أنت أبر الناس ولا نراك تؤاكل أمك؟ قال: أخاف أن أمد يدي إلى شيء وقد سبقت عينها عليه فأكون قد عققتها»[89].

اللاعنف مع الأولاد

من وصايا الإسلام الخالدة في مسألة اللاعنف في الاُسرة هو أن تتعامل الاُسر مع أطفالها بالمودّة والرحمة وما أشبه من أساليب اللين التي غالباً ما تربّي الصغار على الطريق السليم وتأخذ بيدهم نحو الصواب والسداد.

فمن الطبيعي جدّاً أنّ الأطفال إذا شعروا أنّ الوالدين يكنّان لهم خالص العطف والحنان، وهم لا يلجؤون إلى الأساليب العنيفة في ردعهم والحدّ من أخطائهم فإنّهم ـ الأطفال ـ سوف ينسجمون مع اُسرهم ويتفاعلون مع الأجواء السائدة فيها ويتقبلون الكلام من والديهم ويتربون تربية حسنة.

أمّا إذا لجأ الوالدان إلى أساليب العنف والقوّة في تعاملهم مع أطفالهم، فانّ ذلك عادة ما يخلق للاُسرة مشاكل لا أوّل لها ولا آخر، كما يشاهد ذلك في بعض الأسر في مختلف البلاد، وخاصة الغربية منها.

من هنا فانّ الشارع المقدّس دعا إلى اللاعنف في التعامل مع الأطفال.

ففي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «أحبّوا الصبيان وارحموهم، وإذا وعدتموهم شيئاً ففوا لهم، فإنّهم لا يدرون إلاّ أنّكم ترزقونهم»[90].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام) في بيان الكبائر: «والذي إذا دعاه أبوه لعن أباه، والذي إذا أجابه ابنه يضربه»[91].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإنّ بكائهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله) وآله (عليهم السلام)، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه»[92].

[1] ـ راجع التربية على اللاّعنف.

[2] ـ الكافي: ج5 ص292 ـ 293 باب الضرار ح2.

[3] ـ الكافي: ج5 ص293 باب الضرار ح5.

[4] ـ الكافي: ج5 ص293 باب الضرار ح3.

[5] ـ الكافي: ج2 ص165 باب إجلال الكبير ح2.

[6] ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص185 ب1 ح13836.

[7] ـ من لا يحضره الفقيه: ج2 ص625 باب الحقوق ح3214.

[8] ـ وسائل الشيعة: ج12 ص98 ب67 ح15745 وح15746.

[9] ـ غرر الحكم: ص482 ق6 ب6 ح11132 متفرقات اجتماعي.

[10] ـ عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج1 ص295 ب28 ح53.

[11] ـ الكافي: ج2 ص165 باب إجلال الكبير ح1.

[12] ـ ثواب الأعمال، للشيخ الصدوق: ص189 ثواب من عرف فضل شيخ كبير فوقره.

[13] ـ بحار الأنوار: ج72 ص4 ـ 5 ب31 ح9.

[14] ـ بحار الأنوار: ج72 ص5 ب31 ح10.

[15] ـ بحار الأنوار: ج72 ص5 ب31 ح11.

[16] ـ بحار الأنوار: ج72 ص5 ب31 ح12.

[17] ـ بحار الأنوار: ج72 ص12 ح44.

[18] ـ الكافي: ج2 ص192 باب قضاء حاجة المؤمن ح1.

[19] ـ بحار الأنوار: ج71 ص323 ب20 ح91.

[20] ـ وسائل الشيعة: ج16 ص373 ب26 ح21768.

[21] ـ الكافي: ج2 ص193 باب قضاء حاجة المؤمن ح4.

[22] ـ بحار الأنوار: ج71 ص324 ب20 ح94.

[23] ـ وسائل الشيعة: ج16 ص363 ب26 ح21770.

[24] ـ قرب الإسناد: ص19.

[25] ـ وسائل الشيعة: ج16 ص364 ب26 ح21771.

[26] ـ سورة القلم: 4.

[27] ـ إرشاد القلوب: ج1 ص115 ب32.

[28] ـ مستدرك الوسائل: ج2 ص474 ب78 ح2411.

[29] ـ سورة الحجرات: 10.

[30] ـ الكافي: ج2 ص175 باب التراحم والتعاطف ح1.

[31] ـ وسائل الشيعة: ج12 ص216 ب124 ح16120.

[32] ـ وسائل الشيعة: ج14 ص589 ب99 ح19877.

[33] ـ الكافي: ج2 ص178 باب زيارة الإخوان ح13.

[34] ـ بحار الأنوار: ج71 ص350 ب21 ح16.

[35] ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص394 ب24 ح14393.

[36] ـ الكافي: ج2 ص188 باب إدخال السرور على المؤمنين ح2.

[37] ـ بحار الأنوار: ج71 ص290 ب20 ح20.

[38] ـ وسائل الشيعة: ج16 ص349 ب24 ح21735.

[39] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص423 ب72 ح9877.

[40] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص424 ب72 ح9879.

[41] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص423 ب72 ح9874.

[42] ـ مشكاة الأنوار: ص213 ب4 ف10 في حق الجار.

[43] ـ مشكاة الأنوار: ص213 ب4 ف10 في حق الجار.

[44] ـ وسائل الشيعة: ج12 ص125 ب86 ح15837.

[45] ـ مستدرك الوسائل: ج3 ص469 ب20 ح4018.

[46] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص421 ب72 ح9865.

[47] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص421 ب72 ح9866.

[48] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص421 ب72 ح9867.

[49] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص422 ب72 ح9868.

[50] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص422 ب72 ح9869.

[51] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص422 ب72 ح9870.

[52] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص422 ب72 ح9871.

[53] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص422 ب72 ح9872.

[54] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص424 ب72 ح9878.

[55] ـ مستدرك الوسائل: ج8 ص425 ب72 ح9883.

[56] ـ من لا يحضره الفقيه: ج2 ص621 باب الحقوق ح3214.

[57] ـ وسائل الشيعة: ج20 ص163 ب82 ح25315.

[58] ـ وسائل الشيعة: ج20 ص170 ب88 ح25331.

[59] ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص555 باب النوادر ح4909.

[60] ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص443 باب حق المرأة على الزوج ح4538.

[61] ـ وسائل الشيعة: ج20 ص171 ب88 ح25340.

[62] ـ وسائل الشيعة: ج12 ص153 ب104 ح15928.

[63] ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص554 باب النوادر ح4900.

[64] ـ وسائل الشيعة: ج20 ص174 ب90 ح25348.

[65] ـ وسائل الشيعة: ج20 ص169 ب88 ح25330.

[66] ـ وسائل الشيعة: ج20 ص169 ب88 ح25330.

[67] ـ غوالي اللآلي: ج2 ص142 المسلك الرابع ح396.

[68] ـ سورة النساء: 34.

[69] ـ راجع تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان، لسماحة الإمام الشيرازي (قدس سره): ج5 ص26 ط1 سورة النساء الآية 34.

[70] ـ وسائل الشيعة: ج20 ص34 ب7 ح24958.

[71] ـ وسائل الشيعة: ج21 ص362 ب4 ح27306.

[72] ـ الكافي: ج6 ص6 باب فضل البنات ح7.

[73] ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص481 باب فضل الأولاد ح4692.

[74] ـ وسائل الشيعة: ج21 ص361 ب4 ح27305.

[75] ـ سورة الكهف: 81.

[76] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص116 ب4 ح17711.

[77] ـ فقه الرضا (عليه السلام): ص334 ب86.

[78] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص180 ب70 ح17932.

[79] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص180 ب70 ح17933.

[80] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص180 ب70 ضمن ح17933.

[81] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص180 ب70 ضمن ح17933.

[82] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص181 ب70 ح17934.

[83] ـ الكافي: ج2 ص162 باب البر بالوالدين ح17.

[84] ـ مشكاة الأنوار: ص159 ب3 ف14.

[85] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص182 ب70 ح17938.

[86] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص182 ب70 ضمن ح17938.

[87] ـ غوالي اللآلي: ج1 ص269 ف10 ح77.

[88] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص182 ب70 ح17939.

[89] ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص182 ب70 ح17940.

[90] ـ الكافي: ج6 ص49 باب بر الأولاد ح3.

[91] ـ الكافي: ج2 ص281 باب الكبائر ح15.

[92] ـ وسائل الشيعة: ج21 ص447 ب63 ح27544.