الفهرس

المؤلفات

 الثقافة الإسلامية

الصفحة الرئيسية

 

سوق الليل

ويستحب زيارة مولد سيّدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو بمكّة المكرمة في المكان المعروف بسوق الليل، وهو مشهور بمولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وفي زماننا صار المولد بصورة بناء مربع مسقّف قدّام الصفا وفي أعلى جدارها المقابل للصفا مكتوب (مكتبة مكة المكرمّة).

دار خديجة (عليها السلام)

كما يستحب زيارة مولد السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو في دار أمّها خديجة (عليها السلام) بمكّة المكرمة في الزقاق الحجر، وسماها الطبري دار خزيمة.

قال الأزرقي: وهذه الدار كان يسكنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مع خديجة وفيها ابتنى بها، وولدت جميع أولادها وتوفّيت بها، ولم يزل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ساكناً بها حتّى هاجر إلى المدينة، وغالب هذه الدار الآن على صفة المسجد، وبها قبة يقال لها: قبّة الوحي، ودار خديجة هذه أفضل موضع بمكة بعد المسجد الحرام.

وقال بعض العلماء: إنه زار هذه على صفة المسجد قبل ثلاثين سنة، وقد نصب في جدار الزقاق معرق ومعلم منقوش عليه: (شارع فاطمة الزهراء) في السوق الذي يسمّى بسوق الذهب ملاصقاً لـ(سوق أبي سفيان) وفي السنوات الأخيرة تبدّلت وانطمست كما تبدّلت وانطمست كثير من الآثار القيّمة من الدور والمساجد والأماكن المقّدسة والمزارات الشريفة.

ولا يخفى أن هذه الأماكن في مكة المكرمة وفي المدينة المنورة وفي الطرق والمشاعر من أهم ما يلزم الاحتفاظ بها للتبرك والتماس الأجر، قال سبحانه: (فقبضت قبضة من أثر الرسول )(1). فإذا كان أثر قدم فرس جبرائيل له ذلك الأثر المحيي حتّى صار(عجلاً جسداً له خوار) (2) فآثارهم (عليه السلام) أفضل من ذلك وأكثر تأثيراً بكثير.

فاللازم على المسلمين إحياؤها كيفما تمكنوا حتّى لا تحرم الأجيال الآتية من أجرها وآثارها وثوابها.

ومن الواضح أن الزمان يمر مر السحاب ويبقى الواقع، إنّ خلفاء الجور زعموا أنهم قابلوا الأئمة الأطهار (عليه السلام) علماً بمثل ابن أكثم وابن سماك ومن أشبه، وأعجازاً بمثل ذلك الهندي الساحر(3) ونحوه، وزهداً بمثل سفيان الثوري وغيره لكن أبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو بعد ألوف السنوات.

وقد اكتشف بعض علماء الغرب ألواح سفينة نوح (عليه السلام) التي ظهرت بعد الملايين من السنين ، فهل سفينة نوح (عليه السلام) بعد هذا الزمان المتطاول إلاّ أثراً من آثار الله التي أظهرها لعباده سبحانه وتعالى:  (فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)(4).

وسيأتي يوم يظهر كل ذلك بإذن الله سبحانه فلا يكون إلاّ الذكر والثواب لأولئك، والله المستعان.

غار حراء

أول ما نزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل عليه وهو في غار حراء في جبل يسمّى بجبل النور.

وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيراً ما يجاور فيه ويتعبد الله فيه منعزلاً عن الناس، والغار الذي في جبل النور يكون مستقبلاً الكعبة من غير انحراف، وليس غيره كذلك، وبه نزلت أول سورة من القرآن الذي هو نور وهدى للناس وفيه شفاء لما في الصدور، وهذا الغار عبارة عن فجوة بابها نحو الشمال، تَسَع نحو خمسة أشخاص جلوساً، وارتفاعه قامة متوسّطة، والواقف فوق هذا الجبل يرى مكة المكرمة وأبنيتها العظيمة كما يرى جبل ثور.

غار ثور

يقع هذا الغار في الجبل الذي يقال له جبل ثور، لنزول ثور ابن مناف فيه، وقد صحّ أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اختفى في غاره الذي ذكره الله في كتابه: (ثاني اثنين إذ هما في الغار) (5) وقد أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علياً (عليه السلام) لينام في مكانه حتىّ يشتبه الأمر على الكفّار الذين أرادوا قتله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وروي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا دخل الغار أمر الله العنكبوت فنسجت على بابه، وأمر شجرة فنبتت، وإلى حمامتين فعششتا على بابه، وكان مكثه في الغار المذكور ثلاثاُ.

فلمّا أصبحت قريش، وثبوا إلى حجرة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وقصدوا الفراش، فوثب علي (عليه السلام) في وجوههم فقال (عليه السلام): ما شأنكم؟

قالوا له: أين محمد؟

قال: ألستم قلتم: نخرجه من بلادنا، فقد خرج عنكم.

فتفرقّوا في الجبال، وكان فيهم رجل من خزاعة، يقال له:أبوكرز يقفو الآثار.

فقالوا: يا أبا كرز اليوم اليوم، فوقف بهم على باب حجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: هذه قدم محمّد، والله أنها لأخت القدم التي في المقام، وهذه قدم أبي قحافة أو ابنه فمازال بهم حتّى أوقفهم على باب الغار، ثمّ قال: ما جازوا هذا المكان  إمّا يكونوا صعدوا إلى السماء، أو دخلوا تحت الأرض، فلمّا رأوا على باب الغار نسج العنكبوت والحمامتين انصرفوا، وتفرقّوا في الشعاب وصرفهم الله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وكان أبو جهل قد أمر منادياً ينادي بأعلى مكّة وأسفلها: من جاء بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أو دل عليه فله مائة بعير.

فدعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للحمام وفرض جزاء لهن وانحدرن في الحرم، ونهى عن قتل العنكبوت وقال: هي جند من جنود الله تعالى.

محل انشقاق القمر

قال تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر* وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر )(6).

وقعت هذه الآية العظيمة في جبل أبي قبيس، وهذا الجبل مشرف على الصفا وهو مشهور.

قيل: إنّ قبر آدم (عليه السلام) في هذا الجبل، ولكن الظاهر أن آدم (عليه السلام) مدفون في النجف الأشرف كما نقرأ في زيارة  أمير المؤمنين (عليه السلام): (وعلى ضجيعيك آدم ونوح عليهما السلام)(7).

وهناك الأخبار الكثيرة التي تنقل هذه المعجزة متواتراً في كل الطبقات: انه انشق القمر على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، فقالوا: انتظروا ما يأتيكم به السفار فإن محمداً لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار فسألوهم، فقالوا: نعم رأيناه فأنزل الله:  (اقتربت الساعة وانشق القمر )(8).

أقول: أبان كنت في الكويت رأيت جريدة كويتية نقلت: إنّ الذين وصلوا إلى القمر رأوا آثار التصاق نصف القمر بنصفه الآخر مما تدل على الانشقاق والالتيام.

مشربة ام إبراهيم (عليه السلام)

ومن الآثار: مشربة ام ابراهيم، وإنمّا سمّيت مشربة أمّ إبراهيم (عليه السلام) لأن أم إبراهيم ولدت إبراهيم في تلك المشربة.

وهذا الموضع بالعوالي من المدينة بين النخيل والمشربة البستان وانه كان بستاناً لمارية القبطية أم إبراهيم بن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

الملتزم والمستجار

وفي الجامع اللطيف لابن ظهيرة: أمّا الملتزم، فهو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة كما ثبت عن ابن عباس(9).

وأمّا المستجار، فهو ما بين الركن اليماني والباب المسدود في دبر الكعبة والدعاء عنده مستجاب.

أمّا الحطيم، والحطيم هو الحِجر بكسر الحاء وسكون الجيم، وهو الموضع الذي نصب فيه ميزاب البيت، وإنّما سمّي بالحطيم، لأنه حطم من البيت أيّ كسر(10).

أقول: تقدم بعض المقال فيه.

والمستجار هو الموضع الذي دخلت فاطمة بنت أسد إلى الكعبة عندما أرادت أن تلد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقد جعل فيه اليوم الفضة.

وأمّا المتعوذّ والمدعي، فروي عن أبن عباس: إن الملتزم والمتعوذّ والمدعي، ما بين الحجر الأسود والباب.

آثار أخرى

هناك آثار كثيرة في مكة المكرمة وحولها، ذكرناها في كتاب (الحاج في مكة والمدينة)..

منها: (المعلاة) مقبرة أهل مكّة، ويشقّها الطريق شقّين عن اليمين والشمال، وبها قبور كثيرة من الصحابة، وبالشّق الأيسر قّبة شاهقة على قبر السيّدة خديجة أمّ المؤمنين (عليها السلام) وبه أيضاً جملة قباب، مثل: مقابر عبد مناف، وعبد المطلب، وهاشم، أجداد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك قبّة على قبر عمّه:  أبي طالب (عليه السلام).

ومنها: قبر ميمونة بنت الحارث زوجة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقبرها في مقابر سرف على بعد فرسخين من مكّة.

ومنها: وقبر آمنة بنت وهب، والدة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقبرها في أبواء، وهي قرية بين مكّة والمدينة، وقيل غير ذلك.

ومنها: قبر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وقبره في الطائف.

ومنها:وقبر السيد الطاهر والسيد الطيب، ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دفنا في الطائف.

ومنها: قبر عبد الله بن إسماعيل بن بزيغ من أصحاب الباقر والصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام) وقبره في (فيل) قرية قرب مكة المكرمة.

ومنها: قبر الشهيد حسين بن علي (عليه السلام) الحسني، الشهيد في أرض فخ، مع من استشهد معه.

وعن الإمام الجواد (عليه السلام) أنه قال: (لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخّ)(11).

ومشهده واقع في طريق التنعيم والحال داخل في مكّة المكرمة.

فضل ماء زمزم

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة)(12).

وعنه (عليه السلام) قال: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (ماء زمزم دواء عما شرب له)(13).

وفي خبر آخر: (شفاء لما شرب له)(14).

وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (ماء زمزم شفاء من كل داء وسقم، وأمان من كلّ خوف وحزن)(15).

المساجد في مكة وحولها

1: المسجد الحرام: وهو أشرف المساجد وتعدّ الصلاة فيه بمائة ألف صلاة(16).

2: مسجد الراية: هذا المسجد يقع بأعلى مكة عند الردم ـ الردم: الحاجز للسيل ـ وقد أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بنصب راية النصر في هذا المكان، ثمّ أسس في موضعه مسجداً سمي بمسجد الراية، وهذا المسجد الآن وقع في طريق المعابدة قبل أن تدخل ميدان المعابدة.

3: مسجد الجنّ: يقع بالقرب من مقبرة الحجون، وهو محل نزول سورة الجن على الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث تكلّم (صلى الله عليه وآله وسلم) مع الجن، ويسمّيه أهل مكّة: مسجد الحرس، لأنّ صاحب الحرس كان يطوف بمكّة حتّى إذا انتهى إليه وقف حتّى يتوافى عنده حرسه وعرفاؤه، فإذا توافوا رجع منحدراً إلى مكّة.

4: مسجد المختبى: هو مسجد بسوق الليل بالقرب من مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، يقال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يختبي فيه من الكفّار.

5: مسجد الإجابة: هذا المسجد يقع الآن في ميدان المعابدة على يسار الذاهب إلى منى، يقال: إنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) صلى فيه.

6: مسجد النوق: سمي بذلك لأن ناقة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بركت في هذا المكان، وهو أيضاً واقع في المعابدة على يمين الذاهب إلى منى وعرفات، وقد ذكرنا المساجد في مكّة في كتاب (الحاج في مكة والمدينة).

7: مسجد التنعيم: واشتهر في عصرنا بمسجد العمرة، وقيل وجه التسمية بالتنعيم: لأن على يمينه جبلاً يقال له: نعيم، وعن يساره جبلاً يقال له: ناعم، والوادي بينهما: نعمان.

8: مسجد الجعرانة: وهو الذي أحرم منه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعمرة عند مرجعه من الطائف بعد فتح مكّة المكرمة.

قيل: احرم من هذا المسجد ثلاثمائة نبيّ.

ونقل أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غرز رمحه في ذلك المحل فنبع الماء، فشرب منه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسقى الناس.

وقيل في وجه التسمية: إنّ جعرانة اسم امرأة من قريش، وعن ابن عباس: أنها هي التي نزل فيها قوله تعالى: (ولا تكونوا كالتّي نقضت غزلها من بعد قوّة أنكاثاً)(17).  

9: مسجد الخيف: هذا المسجد بمنى في الجهة الجنوبية، وهو مسجد وسيع، وفي صحن المسجد قبّة عظيمة أقيمت على ثمانية عقود، وبها محراب، وهي موضع خيمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حجّة الوداع، وقد صلّى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكانها، ويقال: إنه صلّى فيه سبعمائة نبّي، وفي بعض الآثار: دفن في هذه الأرض جمّ غفير من الأنبياء (عليه السلام).

10: مسجد البيعة: وهي التي بايع فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأنصار بحضرة عمّه العباس، وهو بقرب العقبة التي هي حدّ منى من جهة مكّة المكرمة.

11: مسجد النحر: الذي وقع بين الجمرتين، الأولى والوسطى، يقال: نحر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هديه عنده، وربما يقال: إنّ هذا هو مسجد الكبش، والمراد بالكبش: هو الذي فدى به الذبيح إسماعيل(عليه السلام)، ويؤيّد ذلك ما رواه ابن عباس بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نحر هديه في منحر الخليل (عليه السلام) الذي نحر فيه الكبش المفدى به(18).

12: مسجد الجنّ: وهو مسجد آخر غير ما ذكرناه أولاً، كما ذكرناه في كتاب(الحاج في مكة والمدينة)(19).

 

1 ـ سورة طه: 96.

2 ـ سورة الأعراف: 148.

3 ـ في قصة الإمام الرضا (ع) والمأمون، راجع: بحار الانوار ج49 ص182 باب14 ح16.

4 ـ سورة الرعد: 17.

5 ـ سورة التوبة: 40.

6 ـ سورة القمر: 1-2.

7 ـ جمال الأسبوع: ص31 زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام).

8 ـ سورة القمر: 1.

9 ـ بحار الأنوار ج71 ص327 باب20 ح97 . ودعائم الإسلام ج1 ص314 فصل في ذكر الطواف.

10 ـ علل الشرائع ص400 باب141 العلة التي من أجلها سمي الحطيم حطيماً.

11 ـ بحار الانوار ج 48 ص165 باب7 ح6.

12 ـ التهذيب ج5 ص471 باب16 ح302، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص208 باب2 ح2166، ووسائل الشيعة ج13 ص245 باب20 ح 17658، والوسائل ج13 ص245 باب20 ح17661.

13 ـ الكافي ج6 ص387 ح5 . ووسائل الشيعة ج25 ص261 باب16 ح31861.

14 ـ من لا يحضره الفقيه ج2 ص208 باب2 ح2164 ووسائل الشيعة ج13 ص245 باب20 ح17659.

15 ـ مستدرك الوسائل ج9 ص347 باب14 ح11050. ومستدرك الوسائل ج17 ص17 باب13 ح20616.

16 ـ الكافي ج4 ص526 وح5و6، والتهذيب ج6 ص21 باب16 ح2.

17 ـ سورة النحل: 92.

18 ـ مستدرك الوسائل ج10 ص82 باب3 ح1517 .ومستدرك الوسائل ج10 ص128 باب53 ح11667.

19 ـ الحاج في مكة والمدينة: ص91 الطبعة الثالثة دار القرآن الحكيم، قم المقدسة، 1399هـ. وفيه: (15-16: مسجدان كل واحد منهما يعرف بـ (مسجد الجن) حيث تكلم الرسول الأعظم (ص) مع الجن في هذا الموضع.