المؤلفات |
الدخول
إلى المدينة |
ثم
جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
إلى المدينة وكل قوم يقولون: يا رسول الله
أنزل إلينا.. لكن
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
دعوها فإنها مأمورة، فجاءت الناقة حتى
بركت بباب أبي أيوب الأنصاري، وجاء أبو
أيوب والقوم يكلّمونه في النزول عليهم،
فأخذ رحله فأدخله بيته، فنظر رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) إلى رحله وقد حطّ
فقال: (المرء مع رحله) وبيته أقرب البيوت
بمحل المسجد، فنزل رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) في منزل أبي أيوب وقرّ
قراره، وفرح أهل المدينة بمقدمه (صلى
الله عليه وآله وسلم) إليهم فرحاً شديداً.
ومن
حديث البراء: ما رأيت أهل المدينة فرحوا
بشيء مثل فرحهم برسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) وصعد البعض على سطح المنازل
قائلين: طلع
البـدر علينــا
من ثنيّات الــوداع وجب
الشكـر علينـا
ما دعـــا لله داع أيّها
المبعـوث فينــا
جئت بالأمر المطـاع وخرج علي (عليه السلام) إلى المدينة ماشياً على رجليه، فتورمّت قدماه، فلمّا قدم المدينة رآه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فاعتنقه وبكى رحمة مما رأى بقدميه من الورم وهما يقطران دماً، فدعا له بالعافية ومسح رجليه فلم يشكهما بعد ذلك . |
بناء
المسجد النبوي |
وكان
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في
المربد بأصحابه، فقال لأسعد بن زرارة:
اشتر هذا المربد من أصحابه، فساوم
اليتيمين المالكين عليه فقالا: هو لرسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم): لا إلاّ
بثمن، فاشتراه بعشرة دنانير.. وأمر
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بناء
المسجد، فكان رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) بنفسه ينقل الحجر، وعمل فيه
المهاجرون والأنصار. وبنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منازله ومنازل أصحابه حول المسجد، وخط لأصحابه خططاً فبنوا فيه منازلهم، وكلّ شرع منه باباً إلى المسجد، وخطّ لحمزة وشرع بابه إلى المسجد، وخطّ لعلي (عليه السلام) مثل ما خطّ لهم، وكانوا يخرجون من منازلهم فيدخلون المسجد، إلى أن أمر الله نبيه بسد الأبواب إلاّ باب علي (عليه السلام). |
زيارة
الرسول (ص) |
عن
صفوان بن سليمان عن النبي (صلى الله عليه
وآله وسلم) قال: (من زارني في حياتي وبعد
موتي كان في جواري يوم القيامة)(1).
وعنه
(صلى الله عليه وآله وسلم): (من زار قبري
بعد موتي كان كمن هاجر إليّ في حياتي، فإن
لم تستطيعوا فابعثوا إليّ السلام فإنّه
يبلغني)(2). وعن
عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (أتمّوا
برسول الله حجّكم إذا خرجتم إلى بيت الله
الحرام، فإنّ تركه جفاء وبذلك أمرتم)(3). وعن
الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: (من
أتى مكّة حاجاً ولم يزرني إلى المدينة
جفوته يوم القيامة، ومن أتاني زائراً
وجبت له شفاعتي، ومن وجبت له شفاعتي وجبت
له الجنة)(4). وعن
عليّ بن يقطين: (سألت أبا الحسن (عليه
السلام) عن الممرّ بالمدينة في البدأة
أفضل أو في الرجعة، قال: لا بأس بذلك أية
كان)(5). وعن
الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إنّ
زيارة قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) تعدل حجّة مع رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) مبرورة)(6). |
الروضة
الشريفة |
عن
مرا زم: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام)
عمّا يقول الناس في الروضة؟ فقال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): فيما
بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة،
ومنبري على ترعة من ترع الجنة، فقلت له:
جعلت فداك فما حدّ الروضة، فقال: بعد أربع
أساطين من المنبر إلى الظلال)(7). وعنه
(صلى الله عليه وآله وسلم): ( إنّ مكّة حرم
الله حرمّها إبراهيم (عليه السلام) وإنّ
المدينة حرمي ما بين لابتيها حرم، لايعضد
شجرها، وهو ما بين ظل عاير إلى ظل وعير،
وليس صيدها كصيد مكّة، يؤكل هذا ولا يؤكل
ذلك وهو بريد)(8). وعن
الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (ائت
مقام جبرائيل وهو تحت الميزاب، فإنه كان
مقامه إذا استأذن على رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) وقل: أي جواد أي كريم أي
قريب أي بعيد أسألك أن تصلّي على محمّد
وأهل بيته وأسألك أن ترد عليّ نعمتك)(9). وعن
علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: مكة
حرم الله، والمدينة حرم رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) والكوفة حرمي لا
يريدها جبار بحادثة إلاّ قصمه الله)(10). ثم
اللازم على المسلمين كافة أن يهتموا
بهذين البلدين المباركين: مكة المكرمة
والمدينة المنورة: ببناء
المساجد والمدارس والحسينيّات
والمكتبات والمبرّات وما أشبه فيهما،
كما كان السابق كذلك قبل زهاء ثمانين
سنة، واللازم ترك النزاعات المذهبيّة
إطلاقاً، ومن ذلك تعمير قباب البقيع
الغرقد وسائر القباب الطاهرة في مكة
والمدينة وحواليهما. ولا
يخفى أن إعادة بناء تلك القباب الزاكية
ينتفع منه المسلمون جميعاً من ناحية،
والحكومة من ناحية ثانية، فإن
الديمقراطية نفع لكل الأطراف، أما أن
يبقى هذا البلد الطاهر جزيرة مستقلة في
بحر العالم الإسلامي المتموّج بجميع
أطرافه، فذلك ما يضرّ الجميع وهو خلاف
القرآن الكريم الذي يصرح بقوله تعالى: (ان
هذه امتكم أمّة واحدة )(11)
و(إنمّا
المؤمنون اخوة)(12). |
سد
الأبواب |
وفي
حديث سعد بن أبي وقاص، قال: أمر رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) بسدّ الأبواب
الشارعة في المسجد، وترك باب علي (عليه
السلام). فقالوا:
يا رسول الله سددت أبوابنا. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنا سددتها ولكن الله سدّها. |
الحجرات
الطاهرات |
قال
العطاء الخراساني: فيما بين القبر
والمنبر أدركت حجرات أزواج النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) من جريد على أبوابها
المسوح من شعر أسود، فحضرت كتاب الوليد
بن عبد الملك يقرأ ويأمر بهدم حجر أزواج
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فما
رأيت يوماً كان أكثر باكياً من ذلك اليوم. وعن
سعيد بن المسيب: يقول: والله لوددت أنّه
تركوها على حالها ينشأ ناشىء من المدينة،
ويقدم قادم من الآفاق فيرى ما اكتفى به
رسول الله في حياته، ويكون ذلك مما يزهد
الناس في التكاثر والتفاخر فيها. ومن
الباكين على تخريب الحجرات أبو أمامة بن
سهل، قال: يومئذ: ليتها تركت حتى ينقص
الناس من البنيان ويروا ما رضي الله
لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ومفاتيح
خزائن الدنيا بيده. |
الصفّة |
الصفّة:
مكان في مؤخر المسجد النبوي (صلى الله
عليه وآله وسلم) مظلّل، أعدّه رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) لنزول الغرباء فيه
ممن لا مأوى له ولا أهل، وكانوا يكثرون
فيه ويقّلون بحسب من يتزوج منهم أو يموت
أو يسافر، وقد ذكر المؤرخّون: أنّ أصحاب
الصفة وصلوا إلى أربعمائة. وعن
فضالة: كنّا نصلّي مع رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) فيخرّ قوم من قامتهم من
الخصاصة حتى يقول الأعرابي: مجانين وهم
أهل الصفة، فإذا صلّى رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) أتاهم فوقف عليهم، فقال:
لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن
تزدادوا فقراً وحاجة، وكان يقول (صلى
الله عليه وآله وسلم): من كان عنده طعام
اثنين فليذهب بثالث، ومن كان عنده طعام
أربعة فليذهب بخامس. وروى
بعضهم فقال: لقد رأيت سبعين من أهل الصفة
ما منهم رجل عليه رداء إمّا إزار وإمّا
كساء، قد ربطوه، فمنها ما يبلغ نصف
الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه
بيده كراهية أن ترى عورته. وعن
الإمام (عليه السلام): كان رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) يأتي أهل الصفة ـ
وكانوا ضيوفاً على رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) وقد هاجروا من أهاليهم
وأموالهم إلى المدينة فأسكنهم رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) صفة المسجد وهم
أربعمائة رجل ـ وكان يسلم عليهم بالغداة
والعشي، فأتاهم ذات يوم فمنهم من يخصف
نعله ومنهم من يرقع ثوبه، ومنهم من يتفلى
ـ ينقي ثوبه أو رأسه من الدواب ـ وكان
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
يرزقهم مداً مداً من تمر في كل يوم، فقام
رجل منهم فقال: يا رسول الله التمر الذي
ترزقنا قد أحرق بطوننا. فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أما
أنيّ لو استطعت أن أطعمكم الدنيا
لأطعمتكم ولكن من عاش منكم من بعدي
فسيغدى عليه بالجفان، ويراح عليه
بالجفان، ويغدو أحدكم في قميصه ويروح في
أخرى، وتنجدون بيوتكم كما تنجد الكعبة. فقام
رجل فقال: يا رسول الله إنّا إلى ذلك
الزمان بالأشواق فمتى هو؟ قال
(صلى الله عليه وآله وسلم): زمانكم هذا خير
من ذلك الزمان، انكم إن ملأتم بطونكم من
الحلال توشكون أن تملؤوها من الحرام(13).
وكان
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
يعلمهم القرآن والأحكام وهم يصلّون خلفه
أو يحضرون جهاده ويكونون المنادين له في
الناس إذا شاء. وروي
انه مرّ الملأ من قريش على رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وهو قاعد مع جمع من
ضعفاء المؤمنين وفقرائهم مثل: بلال وصهيب
وعمّار وسلمان فحقروهم، قالوا: يا رسول
الله لو نحيّت هؤلاء عنك حتى نخلوا بك
فإنّ وفود العرب تأتيك فنستحي أن يرونا
مع هؤلاء الأعبد. فنزل
جبرائيل بقوله سبحانه: (ولا
تطرد الذين يدعون ربّهم)الآية(14). |
الاسطوانات |
1:
اسطوان المخلّق: وهو الذي
وقع موقع المصلّى الشريف. 2:
اسطوان القرعة: ويعرف
باسطوان المهاجرين، قيل: إن الدعاء عندها
مستجاب وهي الأسطوانة التي هي واسطة بين
القبر والمنبر، عن يمينها إلى المنبر
إسطوانتان، وبينها وبين القبر اسطوانتان.
3:
اسطوان التوبة: ويعرف باسطوان أبي لبابة،
سميت به لأنه ربط نفسه في السارية، وحلف
أن لا يحلّ نفسه حتى يحلّه رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم)، وكان سببه قضيّة
بني قريظة واستشارتهم إياه. أقول:
للصلاة عند الأسطوانة والدعاء عندها
آداب مذكورة في محالّها(15). 4:
اسطوان السرير: وهذه الإسطوانة هي
اللاصقة بالشباك اليوم في شرقي اسطوان
التوبة، فإنه كان للنبي (صلى الله عليه
وآله وسلم) سرير من جريد فيه سعفة يوضع
هناك ويضطجع عليه. 5:
اسطوان المحرس: ويسمّى اسطوان أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)،
قيل في وجه التسمية: إن هذه المحرس كان
علي بن أبي طالب (عليه السلام) يجلس في
صفحتها التي تلي القبر مما يلي باب رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحرس
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). 6:
اسطوان الوفود: هي خلف اسطوان المحرس من
جهة الشمال، كان رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) يجلس إليها لوفود العرب إذا
جاءته، وكانت مما يلي رحبة المسجد. 7:
اسطوان مربّعة القبر: ويقال له أيضاً:
مقام جبرائيل (عليه السلام) وكان باب بيت
فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) في المربعة التي في القبر. قال
سليمان بن سالم: قال لي مسلم بن أبي مريم:
لا تنس حظّك من الصلاة إليها، فإنها باب
فاطمة الذي كان علي (عليه السلام) يدخل
عليها منه. وعن
أبي الحمراء قال: شهدت رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) أربعين صباحاً يجيء
إلى باب علي وفاطمة وحسن وحسين (عليه
السلام) يأخذ بعضادتي الباب، ويقول:
السلام عليكم أهل البيت، (إنمّا
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيراً)(16).
وفي
رواية أخرى سبعة أشهر، يقول: الصلاة
الصلاة ثلاث مرات (إنمّا
يريد الله)(17)الآية
. 8:
اسطوان التهجد: وجه التسمية أنه كان رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يخرج
حصيراً كلّ ليلة إذا انصرف الناس إلى
منازلهم، فيطرح وراء بيت علي (عليه
السلام) ثم يصلّي صلاة الليل، وهي خلف بيت
فاطمة (عليه السلام) والواقف إليها يكون
باب جبرائيل وقد كتب فيها بالرخام: هذا
متهجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). |
مساجد
أخرى |
مسجد
الجمعة: فإن النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) لما خرج من قبا
مقدمة المدينة أدركته الجمعة في بني سالم
بن عوف فصلاّها في بطن الوادي. قال
بعض: إن المسجد الموجود في غرب مسجد النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) هو مسجد
الجمعة، ويسمّى فعلاً بمسجد الغمامة. مسجد
الفضيخ: ويعرف اليوم بمسجد
الشمس، وهو شرقي مسجد قبا، فلمّا نزلت
حرمة الخمر، خرج الخبر إلى عدّة من
الأنصار وهم يشربون فيه فضيخاً، فحلّوا
وكاء السقاء، وكبوها فبذلك سمّي الفضيخ. مسجد
الشمس: قد كان رأس النبي (صلى
الله عليه وآله وسلم) في حجر علي (عليه
السلام) وهو يوحى إليه، فغربت الشمس ولم
يكن علي (عليه السلام) صلّى العصر، فقال
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أصلّيت
يا علي؟ فقال:
لا. فقال
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
اللّهم إنّه كان في طاعتك وطاعة رسولك،
فاردد عليه الشمس، فطلعت بعد ما غربت
ووقعت على الجبال والأرض وذلك بالصهباء
في خيبر(18). أقول:
الكون كلّه تحت إرادته سبحانه، فلا مانع
من ذلك وقد تواتر الخبر بذلك وتأخير صلاة
علي (عليه السلام) كان لأمرأهم وكان في
طاعة الله تبارك وتعالى. مسجد
الإجابة: وهو مسجد وقع في
شمالي البقيع، قيل في وجه التسمية: إنّه
صلى فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) ودعا طويلاً ثم انصرف، وقال لمن
صحبه: (سألت ربّي ثلاثاُ فأعطاني اثنين
ومنعني واحدة، سألته أن لا يهلك أمتّي ـ
أي: كلّهم ـ بالسنة فأعطاني، وسألته أن لا
يهلك أمتّي بالغرق ـ كقصة نوح عليه
السلام ـ
فأعطاني، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم
فمنعنيها). فينبغي
فيه الدعاء والمسألة فإن فيه مظان
الإجابة إن شاء الله. (مسجد
الفتح): ويقال له: مسجد
الأحزاب أيضاً، وهذا المسجد واقع على
قطعة من جبل سلع، وقيل في وجه التسمية
بالفتح: إنه نزل خبر الفتح على الأحزاب،
والنصر للمسلمين هناك. وفي
قبلة مسجد الفتح في سفح الجبل مسجد
سلمان (رضوان الله عليه)
وفي قبلته على التلّ مسجد
أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب (عليه السلام)، وعن يمينه مسجد صغير
يقال له: مسجد
فاطمة (سلام الله عليها)،
ينبغي للزائر أن يصلي في كلّ هذه المساجد
صلاة التحية. مسجد
القبلتين: هذا هو المسجد
الذي وقع فيه تحويل القبلة فقيل: إنّ رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) صلّى صلاة
الظهر بأصحابه في مسجد القبلتين، فلمّا
أن صلّى ركعتين أمر أن يتوجه إلى الكعبة
فاستدار رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) إلى الكعبة، واستقبل الميزاب، فهي
القبلة التي قال الله تعالى: (فلنولينّك
قبلة ترضاها)(19). فسمّي
ذلك المسجد مسجد القبلتين، وكان هذا في
طائفة بني سلمة، ووقع هذا المسجد في
الجانب الغربي من مسجد الفتح. مسجد
العسكر: يقال: إن هذا
المسجد مصرع حمزة (عليه السلام) وإنه مشى
بطعنته من الموضع الأول إلى هناك فصرع،
وقد ورد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم) وقف على حمزة وقد قتل ومثّل به، فلم
ير منظراً كان أوجع لقلبه منه، فقال: رحمك
الله يا عمّ فلقد كنت وصولاً للرحم
فعولاً للخيرات. مسجد
أبي ذر الغفاري: مسجد صغير
على يمين السالك إلى أحد بعد ما جاوز
البقيع. مسجد
الشجرة: ويقال له: مسجد ذي
الحليفة ويعرف اليوم ببئر علي (عليه
السلام). مسجد
غدير خم: وهو واقع على
أربعة أميال من الجحفة، وفي هذا المكان
نصب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
علياً أميراً للمؤمنين من بعده وخليفة
للمسلمين. وقيل:
إن المسجد الشريف لم يكن له محراب في عهده
(صلى الله عليه وآله وسلم) ولا في عهد من
بعده، وأن أول من أحدثه عمر ابن عبد
العزيز في عمارة الوليد. |
مسجد قبا |
وعن
الشموس بنت نعمان، قالت: (نظرت إلى رسول
الله فرأيته
يأخذ الحجر أو الصخرة حتى يصهره الحجر،
وأنظر إلى بياض التراب على بطنه أو
سرتّه، فيأتي الرجل فيقول
(صلى الله عليه وآله وسلم): لا، خذ مثله،
حتى أسسه. |
الهجرة |
قيل:
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
هاجر في أول ليلة من شهر ربيع الأول إلى
المدينة المنورة سنة 13 من مبعثه، وفيها
كان مبيت علي (عليه السلام) على فراشه،
وكانت ليلة الخميس. وفي
ليلة الرابع منه كان خروجه (صلى الله عليه
وآله وسلم) من الغار متوجهاً إلى
المدينة، وخلّف علياً (عليه السلام)
لقضاء ديونه وردّ الودائع التي كانت عنده.
ودخل
(صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة يوم
الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول مع
زوال الشمس، فنزل بـ (قبا) وأقام عندهم
بضعة عشر يوماً وكان ينتظر علياً (عليه
السلام)، وكتب إليه كتاباً يأمره فيه
بالمسير إليه، ولما وصل إليه الكتاب
تهيّأ (عليه
السلام) للخروج والهجرة،
وخرج (عليه السلام) بفاطمة بنت رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وأمّه فاطمة بنت
أسد، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب
وتبعهم أيمن بن أم أيمن مولى رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلم) وأبو واقد رسولُ
رسولِ الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
فساروا منزلاً بعد منزل حتى قدموا
المدينة، ونزلوا على رسول الله (صلى الله
عليه وآله وسلم). وبقي
رســــول الله (صلى الله عليه وآلــــه
وسلم) بعد قدوم عــــلي (عليه السلام)
يوماً أو يومين ثم عزم على الذهاب إلى
المدينة(20). وعن
الطبرسي في قوله تعالى: (وإذ
يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو
يخرجوك)(21):
أنها نزلت في قصة دار الندوة، وذلك أنّ
نفراً من قريش اجتمعوا فيها وتشاوروا في
أمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأظهر
كلّ رأيه، فقال أبو جهل: ما هذا برأي، ولكن
اقتلوه بأن يجتمع عليه من كل بطن رجل
فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فترضى
حينئذ بنو هاشم بالدية، فصوّب إبليس هذا
الرأي، ودخل معهم في ذلك أبو لهب عمّ النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) فاتفقوا على هذا
الرأي، وأعدّوا الرجال والسلاح فجاء
جبرائيل فأخبر رسول الله (صلى الله عليه
وآله وسلم) فخرج إلى الغار، وأمر علياً (عليه
السلام) فبات على فراشه وفيه(عليه السلام)
نزلت الآية: (ومن
الناس من يشري نفسه إبتغاء مرضات الله)(22). أما
قوله تعالى: (ثاني
اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا
تحزن إنّ الله معنا)(23): فأراد
بالغار هنا غار ثور وهو جبل بمكة، ولمّا
دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
وأبو بكر الغار(24)، أرسل الله
زوجاً من الحمام حتى باضا في أسفل الثقب
والعنكبوت حتى نسج بيتاً. فلمّا جاء الذي
يقفوا الآثار ـ كما ذكرنا سابقاً ـ وقف
بقريش على باب الغار، ثم قال: ما جازوا
هذا المكان، إمّا أن يكونوا صعدوا إلى
السماء أو دخلوا تحت الأرض، فلمّا نظروا
إلى بيض الحمام وبيت العنكبوت قالوا: لو
دخله أحد لأنكسر البيض، وتفسّخ بيت
العنكبوت، فانصرفوا وجعلوا يضربون يميناً
وشمالاً حول الغار، وصرفهم الله عن رسول
الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم أذن
لنبيه في الهجرة. ثم
إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مقامه في
الغار ثلاثاً، حتى سكن عنه الطلب فخرج
متوجّهاً إلى المدينة، ونزل في قبا قريب
من المدينة في جهة الجنوب الغربي، القصة.
|
1
ـ التهذيب ج6 ص3
باب16 ح2، ووسائل الشيعة ج14 ص334 باب3 ح19339. 2
ـ
التهذيب ج6 ص3 باب16 ح1، ووسائل الشيعة ج14 ص337
باب4 ح19334. 3
ـ
بحار الانوار ج10 ص94 باب7 ح1، والبحار ج97 ص139
باب ح3. 4
ـ
الكافي ج4 ص548 ح5، والتهذيب ج6 ص4 باب16 ح5،
ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص565 باب2 ح3157. 5
ـ
الاستبصار ج2 ص329 باب226 ح3، والتهذيب ج5 ص440
باب16 ح174. 6
ـ
وسائل الشيعة ج14 ص335 باب3 ح19341. 7
ـ
الكافي ج4 ص554 ح5، ووسائل الشيعة ج14 ص345 باب7
ح19360. 8
ـ
وسائل الشيعة ج14 ص362 باب17 ح19391، والكافي ج4
ص564 ح5، والتهذيب ج6 ص12 باب16 ح3. 9
ـ
الكافي ج4 ص557 ح1، والتهذيب ج6 ص8 باب16 ح10،
ومن لايحضره الفقيه ج2 ص568 باب2 ح3158. 10
ـ
الكافي ج4 ص563 ح1، والتهذيب ج6 ص12 باب16 ح15. 11
ـ
سورة الأنبياء: 92. 12
ـ
سورة الحجرات: 10. 13
ـ
مستدرك الوسائل ج15 ص203 باب77 ح18014، ومستدرك
الوسائل ج16 ص302 باب72 ح19953. 14
ـ
سورة الأنعام: 52. 15
ـ
راجع (الحاج في مكة والمدينة) للامام
المؤلف (دام ظله). 16
ـ
سورة الأحزاب: 33. 17
ـ
بحار الانوار ج35 ص207 باب5 ح2، والبحار ج35 ص209
باب5 ح 8، والبحار ج35 ص214 باب5 ح 18، والبحار
ج35 ص223 باب5 ح30. 18
ـ
راجع بحار الأنوار ج17 ص358 باب3 ح13 وفيه: (اللّهم
إنه كان في طاعتك وفي طاعة رسولك فاردد
عليه الشمس قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم
رأيتها طلعت بعد ما غربت ووقعت على الأرض
وذلك بالصهباء في خيبر). ومن لايحضره
الفقيه ج1 ص203 ح610، والبحارج21 ص43 باب23 ح2،
والبحار ج41 ص170 باب109 ح6، والبحار ج41 ص174
باب109 ح10، والبحار ج41 ص184 باب109 ح22. 19
ـ
سورة البقرة: 144. 20
ـ
راجع الكافي ج1 ص439 ح1، والكافي ج8 ص339 باب8
ح536. 21
ـ
سورة الأنفال: 30. 22
ـ
سورة البقرة: 207. 23
ـ
سورة التوبة: 40. 24
ـ
وعلة اصطحاب رسول الله (ص) لأبي بكر
مذكورة في المفصلات فراجع. |