فهرس القسم الاول

المؤلفات

 الفقه والأحكام

الصفحة الرئيسية

 

النظافة الإسلامية وشموليتها

مسألة: النظافة بالمعنى الأعم هي من أهم المسائل التي أكد عليها الإسلام في مختلف جوانب الحياة، وقد أوجب قسماً منها وندب إلى الآخر، وسنتطرق إليها إجمالا قبل ذكر شيء من التفصيل لمعرفة شموليتها، وهي مستفادة من الأدلة الأربعة كتاباً وسنة وإجماعاً وعقلاً.

منها: النظافة الخبثية، وهي واجبة تارة ومستحبة أخرى حسب الموارد المذكورة في الفقه.

ومنها: النظافة الحدثية وهي أيضاً كذلك.

ومن الواجب الاجتناب عن النجاسات بأقسامها المتعددة مما ذكرت في الفقه.

كما يلزم التطهير منها.

وهناك مسائل في كيفية التطهير أو التنظيف للنجس أو المتنجس على ما ذكر تفصيله في الفقه.

والتنظيف قد يكون بالانقلاب أو الاستحالة وهذا شامل للنجس والمتنجس، وقد يكون للمتنجس بسبب الماء أو الشمس أو التراب أو ما أشبه ذلك.

ومن أقسام التنظيف ما ذكر في مباحث المطهرات بأقسامها من الماء والأرض والشمس وغيرها.

ومن النظافة أيضاً مباحث الوضوء الواجب والمستحب.

ومنها مباحث الغسل واجباً ومستحباً بأقسامه المختلفة.

ومنها مباحث التيمم الذي هول بدل من الغسل أو الوضوء حسب الموارد.

ومن اللازم رعاية النظافة بالنسبة إلى ميت الإنسان أيضاً، فإن حرمته ميتا كحرمته حياً.

ومن المستحب أيضاً غسل المولود، وغسله عند ولادته على ما هو مذكور في الفقه.

ومن مباحث النجاسات التي تحتاج إلى التطهير سؤر الحيوانات النجسة العين كالكلب والخنزير كما أن بعض الأسآر مكروهة.

ومنها: مراعاتها في الصلاة نظافة واجبة أو مستحبة، مثل نظافة مكان المصلي ونظافة بدنه ونظافة ملابسه.

وكذلك نظافة المساجد بين واجب ومستحب.

ويجب طهارة الحرمين الشريفين من النجاسات كما يستحب نظافتهما.

وهكذا بالنسبة إلى نظافة القرآن الكريم وحرمة تنجيسه، كما أنه يشترط الوضوء أو الغسل في مس القرآن الحكيم.

وهكذا بالنسبة إلى نظافة لباس الإحرام وبدن المحرم في الطواف، وفي صلاته، فإن الطواف وصلاته مشترطان بالطهارة الشرعية الحدثية والخبثية والنظافة في الجملة.

كما أن من اللازم نظافة الجسم بجوارحه المختلفة.

ومنه نظافة العين ونظافة الفم ومنه نظافة الأسنان، ونظافة الأذن، ونظافة الأنف، ونظافة اليد، ونظافة الرجل، ونظافة المعدة من الطعام الحرام أو المكروه، ونظافة الفرج.

ومنها نظافة البيئة بمختلف أشكالها براً وبحراً وجواً.

ومنها النظافة المادية كبعض ما ذكرناه من النجاسات والأوساخ مطلقاً في بعض الأحوال، طهارة أو غير طهارة، واجبة أو مستحبة، وقد تكون معنوية وروحية، ويشترط بعضها في الصلاة مفردة وجماعة، فإنه يشترط في إمام الجماعة أن يكون عادلاً وهو من النظافة الروحية.

وتلزم النظافة للصائم من الكذب على الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما أشبه ذلك، ونظافته من المفطرات والمحرمات مما ذكر في الروايات حيث جاء صوم العين واللسان واليد والسمع وما أشبه، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده ـ إلى قوله (عليه السلام): ـ فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا) (1).

وهكذا يلزم نظافة الصلاة من الرياء والسمعة وما أشبه ذلك.

ونظافة الزكاة كذلك بأن تكون قربة إلى الله سبحانه وتعالى، لا لرياء أو سمعة.

ونظافة الخمس كذلك.

وكذلك تنظيف المال بالخمس كما لو اختلط بالحرام حيث يكون سبباً لتطهير بقية المال، أي: الأخماس الأربعة الأخرى فقد قال سبحانه: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم)(2).

ونظافة الحج المعنوية ونظافة المشاعر المادية.

ونظافة الإنسان في الإحرام من التروك الموجبة للتلوث مادياً أو معنوياً، وكذلك نظافة الإنسان بالكفارات عند ارتكاب محرماته ودورها في نظافة الروح فإنها مكفرة عن الذنب أو نحوه.

وهكذا نظافة الإنسان والمجتمع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير قال سبحانه: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)(3).

ونظافة الجهاد الدفاعي والابتدائي عما يسبب تلوثه وتقذّره بالشهوات والماديات، حتى لا يكون كشهيد الحمار وشهيد أم جميل.

وهكذا نظافة الحرب عما نهى عنه الإسلام، ويدل على ذلك ما وقع من الحروب الإسلامية، وهناك آداب مذكورة في الفقه، كعدم إلقاء السم في الماء للقضاء على الكفار أو عدم قطع الأشجار مما ذكر في كتاب الجهاد.

والنظافة في التعامل مع الأسرى.

والنظافة في التعامل مع الكفار بصورة عامة وخصوصاً أهل الكتاب كاليهود والنصارى والمجوس.

وهكذا يجب على الإنسان مراعاة النظافة في التعامل مع المؤمنين بصورة خاصة ومع المسلمين عامة بل نظافة التعامل مع الإنسان بما هو إنسان كما قال علي أمير المؤمنين (عليه السلام): (إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) (4).

وقبل ذلك نظافة تعامل الإنسان مع ربه بالإخلاص والتوجه إليه سبحانه وتعالى.

وكذلك نظافة تعامل الإنسان مع نفسه.

ونظافة تعامله مع جاره.

ونظافة تعامله مع صديقه.

ونظافة تعامله مع زوجته وأولاده بنين وبنات.

ومع والديه.

ومع أقربائه.

وحتى نظافة تعامله مع عدوه كما قال سبحانه (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)(5).

ونظافة تعامل الزوجة مع زوجها.

ونظافة تعامل الأم مع الطفل

ونظافة تعامل الإنسان مع من هو أكبر منه.

ومع من هو أصغر منه.

ومع من يقارنه في السن، كما ورد من أن تجعل الأكبر أباً، والأصغر ابناً، والمساوي أخاً.

ونظافة تعامل الإنسان مع الحيوان مما يصطلح عليه في الحال الحاضر بحقوق الحيوان، والإسلام قد أكد على ذلك من قبل.

كما يلزم مراعاة النظافة في المجتهد والقاضي بلزوم العدالة وغيرها، بل وترك منافيات المروءة في الجملة وهكذا.

ومنها: النظافة في المعاملات، كنظافة البيع بصورة عامة من الربا والغش والمحرمات في المكاسب.

ونظافة التعامل مع الأموات بمختلف مصاديقه وقصة بهلول النباش مشهورة.

والنظافة من مختلف المحرمات كالنظافة من الخمر والميسر والأوثان وغيرها مما ذكرنا جملةً منها في كتاب (الواجبات والمحرمات).

والنظافة في عقد الإجارة وعقد الشركة والشفعة والصلح والمضاربة والمزارعة والمساقات والجعالة والوكالة والإقرار والهبة، عما ذكره الفقهاء في الفقه.

ونظافة الصدقة عن مثل المن، كما قال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى)(6).

والنظافة في القرض والحوالة والرهن والحجر والضمان والوديعة كأن لا يتصرف الإنسان فيما أودع عنده بل يكون أميناً.

والنظافة في العارية بأن لا يفرط فيها.

وفي العقود الجديدة كعقد التأمين والعقود السابحة.

ومن النظافات ما يرتبط بالنظر، فلا ينظر إلى ما حرم الله النظر إليه.

وهكذا يلزم رعاية النظافة في النكاح دائماً ومتعة، ومنها اجتناب الزواج بمن يحرم الزواج منه أو منها.

ومنها: النظافة برعاية آداب النكاح بالنسبة إلى الزوج والزوجة، وهناك نظافات واجبة ومستحبة كما فصلناه في كتاب النكاح.

والنظافة في المباضعة وفي الحمل وأيام الرضاع بآدابها المشهورة.

ونظافة الطلاق كما قال سبحانه: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)(7) حيث قد يكون تسريحاً بدون إحسان.

ومنها: النظافة في المسابقة.

ومنها: ما يشترط أو يستحسن في مختلف أبواب القضاء من القاضي ومجلسه والشهود حيث تشترط العدالة فيهم، وما يلزم في المدعي والمدعى عليه.

ومنها: ما ذكر في باب اللقطة.

ومنها: ما جاء في الذبح والنحر والصيد وما أشبه.

ومنها: نظافة الأكل والشرب وما أشبه ذلك.

ومنها: نظافة الحدود والتعزيرات والقصاص.

ومنها: النظافة في رعاية حقوق الإنسان، فإن الحقوق لها عرض عريض منها واجب ومنها آداب، وقد تعرّض الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلى جملة منها في رسالته الشريفة المعروفة بـ (رسالة الحقوق) (8).

وهكذا يلزم النظافة بالنسبة إلى الجنين في المأكل والمشرب والعناية والرعاية وحرمة إسقاطه وما أشبه ذلك.

والنظافة في ممارسة الجنس.

والنظافة في الشهوة الجنسية فيحرم الاستمناء وما أشبه.

والنظافة في التعامل مع أموال الناس حيث احترامها وحرمة مصادرتها وما أشبه ذلك، قال الله تعالى: (لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم)(9).

ومنها نظافة الحكومات في تعاملها مع الشعب بمنح الحريات وغيرها فالناس أحرار في الأطر الإسلامية.

والنظافة في الأخلاق مع الناس بحرمة العنف أحياناً وبكراهته أحياناً.

ولزوم رعاية النظافة بالنسبة إلى أصل الإسلام وسمعته وذلك بعدم جواز عمل شيء يشوه سمعة الإسلام من أعمال العنف والإرهاب.

والنظافة في الطب.

والنظافة في الجانب الاقتصادي.

والنظافة في الجانب الاجتماعي حيث الأخوة الإسلامية وغيرها، فلا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي إلا بالتقوى(10).

والنظافة بالنسبة إلى الأمة الإسلامية جمعاء، حيث إن المسلمين أمة واحدة، فلا حدود جغرافية بينهم.

والنظافة بالنسبة إلى البلاد الإسلامية.

والنظافة بالنسبة إلى الأسلحة، حيث يجب التجرد من أسلحة الدمار الشامل، والتوسط في الباقي فلا الإفراط ولا التفريط.

والنظافة في إجراء التجارب العلمية بحيث لا تسبب فساد الجو أو البر، أو البحر.

والنظافة في مختلف مراحل العمر من بلوغه وكونه شاباً، ثم شيخاً بعدم ارتكاب المحرمات فيها.

والنظافة في اليانصيب حتى لا يعمل عملاً يكون من القمار كما ذكرناه في الفقه.

والنظافة في عالم الاتصالات كالهواتف واللاسلكي برعاية الأمانة وما أشبه.

ونظافة التعامل مع الحكومات العادلة والجائرة.

ونظافة التعامل مع الدول المجاورة.

ونظافة التعامل مع سائر الدول المسلمة أو الكافرة.

والنظافة في مجلس الأمن الدولي ولجنة حقوق الإنسان وما أشبه من المنظمات العالمية.

والنظافة في الفكر.

والنظافة في القول.

والنظافة في العمل.

والنظافة في المسائل الاعتقادية، بخلوها عن الخرافات وما أشبه.

والنظافة في الرياضة البدنية، وما أشبه ذلك.

والنظافة في النوم.

والنظافة في الحوار العلمي

والنظافة في الحوزات العلمية بحفظ استقلاليتها وعدم خضوعها للحكومات.

والنظافة في الجامعات، والمعاهد العلمية وما أشبه.

والنظافة فيما يرتبط بالإنسان من البيت إلى المعمل والمصنع

ومسألة الحمام وما يرتبط به من النظافات.

ونظافة الروح بصورة عامة.

والنظافة بالنسبة إلى النذر والعهد واليمين.

والنظافة بالنسبة إلى الوقف

والنظافة في الوصية.

والنظافة في الإرث.

ونظافة الدولة من الاستبداد بل من كل المحرمات الشرعية.

ونظافة الشعب.

ونظافة الأحزاب.

ونظافة الجمعيات.

ونظافة الهيئات.

ونظافة السياسة بصورة عامة.

ونظافة الإعلام.

ونظافة القلم.

ونظافة البيان.

ونظافة الأمن بحرمة التجسس على الشعب على تفصيل ذكرناه في كتاب (الدولة الإسلامية) من الفقه.

ونظافة السجن برعاية كافة حقوق السجين.

والنظافة من التعذيب والإهانة وما أشبه في السجن وغيره.

والنظافة من القذف.

والنظافة من اتهام الأبرياء.

والنظافة من الفتنة.

ونظافة السفر ونظافة الحضر.

ونظافة التأليف ونظافة الكلام ونظافة المنبر ونظافة الكتب والمجلات والجرائد وما أشبه ذلك، ونظافة الإذاعات والتلفزيونات والأقمار الصناعية والفيديوهات والأشرطة ونحوها.

والنظافة الثقافية والنظافة في التعليم، ونظافة العلم باجتناب العلوم المحرمة وما أشبه ذلك.

والنظافة من أخذ الضرائب غير الشرعية ونظافة الجمارك وإنما اللازم تطبيق قانون (لا ضرر) لا قانون المكوس والجمارك.

والنظافة مما جاء به الاستعمار من الجواز والإقامة والهوية والرخصة وما أشبه.

ونظافة الحكم وتطبيقها حسب قانون الشورى لا الاستبداد.

ونظافة التعامل مع الأقليات الدينية.

ونظافة التعامل مع المرتد الفطري والملي بقبول توبته والسعي لهدايته.

ونظافة التعامل مع المجرمين حسب ما أمر به الشرع.

ونظافة التعامل مع الجاهلين حيث قال (عليه السلام): (رفع ما لا يعلمون) (11).

ونظافة التعامل مع المعارضة.

ونظافة كتابة التاريخ وعدم الزيادة والنقيصة فيها.

إلى غير ذلك من أقسام النظافة وهي كثيرة جداً فإن الإنسان قد يكون نظيفاً فيها أو لا يكون، وقد تكون واجبة وقد تكون مندوبة.

وهذه النظافات وإن كان بعضها متداخلاً مع بعض أو بينها عموم مطلق أو من وجه لكن الجامع هو (النظافة) والطهارة والنزاهة، وهناك نظافات أخرى نعرفها عموماً مما ذكرناه.

1ـ الكافي: ج4 ص87 ح3.

2ـ سورة التوبة: الآية 103.

3ـ سورة النحل: الآية 125.

4ـ بحار الأنوار: ج33 ص599 ب3 ح744، ونهج البلاغة في عهده (عليه السلام) إلى مالك الأشتر.

5ـ سورة المائدة: الآية 8.

6ـ سورة البقرة: الآية 264.

7ـ سورة البقرة: الآية 229.

8 ـ راجع بحار الأنوار: ج71 ص2 ب10 ح1، عن أبي حمزة الثمالي قال: (هذه رسالة علي بن الحسين (عليه السلام) ) الحديث.

9ـ سورة النساء: الآية 29.

10ـ راجع بحار الأنوار: ج73 ص348 ب67 ح13، وفيه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى) الحديث.

11ـ راجع الكافي: ج3 ص463 ح2. عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وضع عن أمتي تسع خصال الخطأ والنسيان وما لا يعلمون…) الحديث.