المؤلفات |
التنظيف بالأغسال |
مسألة: ورد في الشرع الإسلامي التنظيف بالأغسال، وهو بين واجب ومستحب، على تفصيل مذكور في الفقه. وعن الرضوي (عليه السلام) قال: (والغسل ثلاثة وعشرون: من الجنابة، والإحرام، وغسل الميت، ومن غَسَل الميت، وغسل الجمعة، وغسل دخول المدينة، وغسل دخول الحرم، وغسل دخول مكة، وغسل زيارة البيت، ويوم عرفة، وخمس ليال من شهر رمضان أول ليلة منه وليلة سبعة عشر وليلة تسعة عشر وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، ودخول البيت، والعيدين، وليلة النصف من شعبان، وغسل الزيارات، وغسل الاستخارة، وغسل طلب الحوائج من الله تبارك وتعالى، وغسل يوم غدير خم، الفرض من ذلك غسل الجنابة والواجب غسل الميت وغسل الإحرام، والباقي سنة)(1).
|
لا تغتسل بماء اغتسل فيه غيرك |
مسألة: من المكروه أن يغتسل الإنسان بماء اغتسل فيه غيره، فعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: (من اغتسل من الماء الذي قد اغتسل فيه فأصابه الجذام فلا يلومن إلا نفسه، فقلت لأبي الحسن (عليه السلام): إن أهل المدينة يقولون إن فيه شفاء من العين، فقال: كذبوا يغتسل فيه الجنب من الحرام والزاني والناصب الذي هو شرهما وكل خلق من خلق الله ثم يكون فيه شفاءٌ من العين)(2).
|
المياه الساخنة والحارة |
مسألة: المياه الساخنة والحارة من العيون وما أشبه، إن كانت مضافاً عرفاً، لم يصح الغسل ولا التطهير بها، وإلا جاز مع كراهة، وفي الفقيه: (أما ماء الحمات فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما نهى أن يستشفى بها ولم ينه عن التوضؤ بها، وهي المياه الحارة التي تكون في الجبال يشم منها رائحة الكبريت)(3). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام): (النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى أن يستشفى بالحمات التي توجد في الجبال)(4). أقول: لعل وجه النهي أنها غالباً توجب بعض الأمراض الجلدية أو غيرها، فإنها وإن كانت شفاءً من بعض الأمراض لكنها توجب بعض الأمراض الأُخر.
|
النظافة في غسل الجنابة |
مسألة: يجب غسل الجنابة في الجملة(5)، سواء للرجل أو المرأة، فاعلاً أو مفعولاً، قبلاً أو دبراً، بإنزال أو بغير إنزال، وكذلك يجب الغسل على المنزل وان لم يكن بدخول لأنه أجنب بالإنزال، والأغسال بشكل عام من مصاديق النظافة في الإسلام، وهي تنظيف جسدي وروحي كما لا يخفى. وعن موسى بن جعفر (عليهم السلام) قال: (الغسل من الجنابة فريضة)(6). وفي رواية: أنه (من ترك شعرة متعمداً لم يغسلها من الجنابة فهو في النار)(7). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (غسل الجنابة واجب، وغسل الحائض إذا طهرت واجب، وغسل المستحاضة واجب، إلى أن قال: وغسل النفساء واجب، وغسل المولود واجب وغسل الميت واجب)(8). وعن سعد الأشعري قال: (سألت الرضا (عليه السلام) عن الرجل يلمس فرج جاريته حتى تنزل الماء من غير أن يباشر، يعبث بها بيده حتى تنزل، قال: إذا أنزلت من شهوة فعليها الغسل)(9). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث: (فأما المني فهو الذي تسترخي له العظام ويفتر به الجسد وفيه الغسل)(10). وسأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام)(عن رجل يأتي أهله من خلفها، قال: هو أحد المأتيين فيه الغسل)(11).
|
أحكام الجنابة وأبوابها |
مسألة: هناك أحكام كثيرة ترتبط بالجنابة وغسلها وكيفيته، نكتفي بذكر الأبواب فقط، ومن أراد رواياتها فعليه بالوسائل ومستدركاتها: باب وجوب الغسل من الجنابة وعدم وجوبه من البول والغائط. باب وجوب الغسل بإنزال المني يقظة أو نوماً رجلاً كان أو امرأة بجماع أو غيره وعدم وجوب غسل الجنابة بغير الجماع والإنزال. باب اعتبار المني بالدفق وفتور الجسد عند الاشتباه فإن كان كذلك وجب الغسل وإلا فلا إلا أن يكون مريضاً فتكفي الشهوة من غير دفق. باب وجوب الغسل على من وجد المني على جسده أو ثوبه الذي ينفرد به خاصة. باب حكم الوطء في الدبر من غير إنزال. باب أن غسل الجنابة إنما يجب للصلاة ونحوها لا لنفسه. باب عدم جواز وضع الجنب والحائض شيئاً في المسجد وجواز أخذهما منه. باب حكم لمس الجنب شيئاً عليه اسم الله والدراهم البيض ولمسه لكتابة القرآن وما عداها من المصحف. باب جواز قراءة الجنب والحائض والنفساء القرآن ما عدا العزائم الأربع وكراهة ما زاد على سبع آيات للجنب وتأكدها فيما زاد على سبعين آية. باب كراهة الأكل والشرب للجنب إلا بعد الوضوء والمضمضة وغسل الوجه واليد. باب كراهة الإدهان للجنب قبل الغسل. باب جواز خضاب الجنب والحائض والنفساء وجنابة المختضب على كراهية في غير النفساء إلا أن يأخذ الخضاب ويذهب. باب جواز إطلاء الجنب بالنورة وحجامته وتذكيته وذكر الله عز وجل. باب استحباب المضمضة والاستنشاق قبل الغسل، وعدم وجوبهما وعدم وجوب غسل شيء من البواطن. باب كراهة النوم للجنب إلا بعد الوضوء أو الغسل أو التيمم أو إرادة العود إلى الوطء وعدم تحريم نوم الجنب رجلاً كان أو امرأة من غير غسل ولا وضوء ولا تيمم. باب كيفية غسل الجنابة ترتيباً وارتماساً وجملة من أحكامه. باب حكم غسل الرجلين بعد الغسل. باب وجوب الترتيب في الغسل بغير الارتماس ووجوب الإعادة مع المخالفة. باب عدم وجوب الموالاة والمتابعة بين الأعضاء في الغسل وجواز التراخي بينها ووجوب إعادته لو أحدث حدثاً أصغر أو أكبر في أثنائه وجواز أمر الغير بإحضار ماء الغسل وجواز تقديم الغسل وبعضه قبل دخول وقت الصلاة. باب جواز بقاء أثر الطيب والخلوق والزعفران والعلك ونحوها على البدن وقت الغسل. باب أنه يجزئ في الغسل مسماه ولو كالدهن ويستحب الغسل بصاع. باب استحباب الوضوء قبل الغسل في غير الجنابة. باب حكم البلل المشتبه بعد الغسل. باب استحباب الدعاء بالمأثور عند الغسل. باب وجوب إيصال الماء إلى أصول الشعر وجميع البدن في الغسل وعدم وجوب غسل الشعر ولا نقضه. باب حكم من نسي غسل الجنابة أو لم يعلم بها حتى صلى وصام. باب استحباب الصب على الرأس ثلاثاً وعلى كل جانب مرتين. باب حكم الخاتم والسوار والدملج والجبائر والجرح ونحوه في الغسل. باب إجزاء الغسل الواحد عن الأسباب المتعددة وحكم اجتماع الجنب والميت والمحدث وهناك ماء يكفي أحدهم. باب استحباب غسل اليدين من الجنابة ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء.
|
غسل الحيض: نظافة |
مسألة: يجب غسل الحيض عند انقطاعه بشروط مقررة في الفقه، وقد ذكرها الفقهاء في الرسائل العملية، وذلك أيضاً من مصاديق النظافة، أصلاً وخصوصية، كتغيير القطنة وما أشبه.فقد روى سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (وغسل الحيض واجب)(12). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن طهرت بليل من حيضتها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت، عليها قضاء ذلك اليوم)(13). وفي دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمد (عليهما السلام) أنه قال: (إذا طهرت المرأة في وقت صلاة فضيعت الغسل كان عليها قضاء تلك الصلاة وما ضيعته بعدها)(14). وعن الرضوي (عليه السلام): (فإذا دخلت المستحاضة في حد حيضتها الثانية تركت الصلاة حتى تخرج الأيام التي تقعد في حيضها فإذا ذهب عنها الدم، اغتسلت وصلت)(15). وروى القطب الراوندي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال في حديث: (وإذا اغتسلت من حيضها كفّر لها كل ذنب ولم يكتب لها خطيئة إلى الحيضة الأخرى)(16). أقول: المراد بمثل هذه الأحاديث الاقتضاء، لا العلية التامة كما حققنا ذلك في كتاب (الآداب والسنن)(17) وغيره.
|
الحائض وأحكامها |
مسألة: من المعلوم أن الإدخال بالمرأة الحائض التي هي في أيام الحيض حرام وذلك من النظافة، أما في أيام الاستحاضة فيجوز بشروط من الغسل وما أشبه. وما في بعض الروايات من أن الذي يبغض علياً (عليه السلام) حملته أمه في وقت الحيض(18) فالظاهر أنه يراد بالحيض التلوث الذي يبقى بعد الحيض أو يراد بالحيض الأعم من الاستحاضة على ما سبق، فإن الطب المعاصر يرى أنه لا تحمل المرأة أيام الحيض والله العالم. ثم لا يخفى إن الحيض قد يطلق على الدم الخارج منها مطلقاً وان كان غير حيض في الفقه، والفرق بين الحيض والاستحاضة حسب ما ثبت من ان زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى إنها دم زائدة عليه الذي خلق هو بالأصل لمنافع خاصة. هذا مضافاً إلى التروك الأخرى.
|
من أحكام دم الحيض |
مسألة: يجب غسل الثوب الذي فيه دم الحيض للصلاة ونحوها وذلك لأجل الطهارة والنظافة أيضاً. وإذا لم يذهب عن الثوب أثر الدم يستحب صبغ الثوب بلون لا يظهر معه لون الحيض فإنه أيضاً من النظافة، فعن علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح (عليه السلام) قال: (سألته أم ولد لأبيه فقالت: أصاب ثوبي دم الحيض وغسلته فلم يذهب أثره، فقال: اصبغيه بمشق حتى يختلط ويذهب)(19). والمشق نوع من اللون.
|
استبراء الحائض |
مسألة: يجب الاستبراء على الحائض عند انقطاع الدم قبل العشرة وذلك بالكيفية المذكورة في الفقه، فعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فإن خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل، وإن لم تر شيئاً فلتغتسل، وإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ ولتصل)(20). وروى الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله.
|
غسل الاستحاضة |
مسألة: يجب غسل الاستحاضة على التفصيل الذي ذكره الفقهاء في الكتب الفقهية وذلك من النظافة كما لا يخفى. فعن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: قلت له: (إذا مكثت المرأة عشرة أيام ترى الدم ثم طهرت فمكثت ثلاثة أيام طاهرة ثم رأت الدم بعد ذلك أتمسك عن الصلاة؟ قال: لا، هذه مستحاضة تغتسل وتستدخل قطنةً بعد قطنة وتجمع بين الصلاتين بغسل ويأتيها زوجها إن أراد)(21). وفي حديث قال (عليه السلام): (تغتسل المرأة الدمية بين كل صلاتين)(22). وعن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول عن المرأة المستحاضة التي لا تطهر: (تغتسل عند صلاة الظهر فتصلي الظهر والعصر، ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب والعتمة، ثم تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر، ولا بأس بأن يأتيها زوجها متى شاء إلا أيام قرئها، وقال: لم تفعله امرأة قط احتساباً إلا عوفيت من ذلك)(23). وعن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، قال: قال: (المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلاتين وللفجر غسلا. وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل يوم مرة، والوضوء لكل صلاة. وإن أراد زوجها أن يأتيها فحين تغتسل، هذا إن كان دمها عبيطاً، وان كانت صفرة فعليها الوضوء)(24). ومحمد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم، عن عباس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن المستحاضة أيطأها زوجها؟ وهل تطوف بالبيت؟ قال: تقعد قرؤها الذي كانت تحيض فيه، فإن كان قرؤها مستقيماً فلتأخذ به، وإن كان فيه خلاف فلتحتط بيوم أو يومين، ولتغتسل ولتستدخل كرسفاً فإذا ظهر على الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفاً آخر، ثم تصلي فإذا كان دماً سائلاً فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة، ثم تصلي صلاتين بغسل واحد، وكل شيء استحلت به الصلاة فليأتها زوجها ولتطف بالبيت)(25). وفقه الرضا (عليه السلام): (فإذا زاد عليها الدم على أيامها اغتسلت في كل يوم مع الفجر، واستدخلت الكرسف وشدت وصلت، ثم لا تزال تصلي يومها ما لم يظهر الدم فوق الكرسف، والخرقة، فإذا ظهر أعادت الغسل، وهذه صفة ما تعمله المستحاضة، بعد أن تجلس أيام الحيض)(26).
|
نظافة المستحاضة |
مسألة: هناك مسائل ترتبط بنظافة المستحاضة وجوبا أو استحبابا، فيجب الوضوء أو الغسل على المستحاضة على ما سبق، كما يستحب لها التطيب لإزالة رائحة الدم وهو الذي يسمى بالاستذفار، فقد قال (عليه السلام): (والاستذفار أن تطيب وتستجمر بالدخنة وغير ذلك)(27). وقال أبو جعفر (عليه السلام): (سئل رسول الله عن المرأة تستحاض؟ فأمرها أن تمكث أيام حيضها لا تصل فيها ثم تغتسل وتستدخل قطنةً وتستثغر)(28). والاستثغار أن تجعل مثل ثغر الدابة.
|
غسل النفاس |
مسألة: يجب على النفساء الغسل بعد تمام النفاس وهذا من النظافة أيضاً. فعن يونس ابن يعقوب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (تجلس النفساء أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر وتغتسل وتصلي)(29). وفي حديث سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (غسل النفساء واجب)(30).
|
إذا ماتت النفساء |
مسألة: إذا ماتت النفساء وكثر دمها، فعن محمد بن الحسن بإسناده: عن الحسن بن محبوب ـ رفعه ـ قال: (المرأة إذا ماتت نفساء وكثر دمها أدخلت إلى السرة في الأديم، أو مثل الأديم نظيف ثم تكفن بعد ذلك ويحشى القبل والدبر بالقطن)( 31). ومحمد بن علي بن الحسين قال: (قال الصادق (عليه السلام) وذكر مثله، إلا أنه قال: وتنظف ثم يحشى القبل والدبر، ثم تكفن بعد ذلك)(32).
|
غسل مس الميت: نظافة |
مسألة: يجب الغسل على من مس الميت في الجملة، أي بعد البرد وقبل التغسيل، وهو من النظافة أيضاً كما ورد في الروايات. ففي (عيون الأخبار) وفي (العلل) بأسانيده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه السلام) قال: (إنما أمر من يغسل الميت بالغسل لعلة الطهارة مما أصابه من نضح الميت إذا خرج منه الروح بقي منه أكثر آفته)(33). وبأسانيده: عن محمد بن سنان، عن الرضا (عليه السلام) قال: (وعلة اغتسال من غسّل الميت أو مسه: الطهارة لما أصابه من نضح الميت: لأن الميت إذا خرج منه الروح بقي أكثر آفته، فلذلك يتطهر منه ويطهر)(34). وقد روى ابن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: (أيغتسل من غسَّل الميت؟ قال: نعم)(35). أقول: لا فرق في الميت بين الرجل والمرأة وكذلك الماس. وعن ابن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من غسل ميتاً وكفنه اغتسل غسل الجنابة)(36) والمراد أنه مثل غسل الجنابة في الكيفية والخصوصيات. وفي الفقه الرضوي (عليه السلام): (وان مسست ميتة فاغسل يديك وليس عليك غسل، إنما يجب عليك ذلك في الإنسان وحده)(37). وفيه أيضاً: (متى مسست ميتاً قبل الغسل بحرارته فلا غسل عليك)(38). وفيه أيضاً: (الغسل ثلاثة وعشرون ـ إلى أن قال: ـ ومن غسَّل الميت)(39). وفي تحف العقول عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (من مس جسد ميت بعد ما يبرد لزمه الغسل، من غسَّل مؤمناً فليغتسل بعد ما يلبسه أكفانه)(40). وفي (الخصال) بإسناده: عن علي (عليه السلام)(في حديث الأربعمائة) قال: (ومن غسل منكم ميتاً فليغتسل بعد ما يلبسه أكفانه)(41). وعن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: (قلت: الرجل يغمض الميت أعليه غسل؟ قال: إذا مسه بحرارته فلا: ولكن إذا مسه بعد ما يبرد فليغتسل، قلت: فالذي يغسله يغتسل؟ قال: نعم، قلت: فيغسله ثم يلبسه أكفانه قبل أن يغتسل؟ قال: يغسله ثم يغسل يديه من العاتق، ثم يلبسه أكفانه ثم يغتسل، قلت: فمن حمله عليه غسل؟ قال: لا، قلت: فمن أدخله القبر عليه وضوء؟ قال: لا، إلا أن يتوضأ من تراب القبر إن شاء)(42). ورواه الكليني أيضاً: عن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى عن العلاء بن رزين، مثله(43). وعن إسماعيل بن جابر، قال: (دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) حين مات ابنه إسماعيل الأكبر، فجعل يقبله وهو ميت فقلت: جعلت فداك، أليس لا ينبغي أن يمس الميت بعد ما يموت، ومن مسه فعليه الغسل؟ فقال: أما بحرارته فلا بأس، إنما ذاك إذا برد)(44). وعن عاصم بن حميد قال: (سألته عن الميت إذا مسه الإنسان أفيه غسل؟ قال: فقال: إذا مسست جسده حين يبرد فاغتسل)(45). وعن معاوية ابن عمار قال: (قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الذي يغسل الميت عليه غسل؟ قال: نعم، قلت: فإذا مسه وهو سخن؟ قال: لا غسل عليه، فإذا برد فعليه الغسل، قلت: والبهائم والطير إذا مسها عليه غسل؟ قال: لا، ليس هذا كالإنسان)(46). وعن محمد بن الحسن الصفار قال: (كتبت إليه: رجل أصاب يديه أو بدنه ثوب الميت الذي يلي جلده قبل أن يغسل، هل يجب عليه غسل يديه أو بدنه؟ فوقع (عليه السلام): إذا أصاب يدك جسد الميت قبل أن يغسل فقد يجب عليك الغسل)(47). وعنه: عن الحسن بن عبيد قال: (كتبت إلى الصادق (عليه السلام): هل اغتسل أمير المؤمنين (عليه السلام) حين غسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند موته، فأجابه: النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) طاهر مطهر، ولكن أمير المؤمنين (عليه السلام) فعل وجرت به السنة)(48). وقد سبق في الجنابة حديث سماعة: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (وغسل من مس ميتاً واجب)(49). وفقه الرضا (عليه السلام): (فإن مسست بعد ما برد فعليك الغسل)(50).
|
مس القطعة المنفصلة |
مسألة: يجب الغسل أيضا على من مس قطعة منفصلة من آدمي إن كان فيها عظم. فعن محمد بن الحسن بإسناده عن سعد بن عبد الله، عن أيوب بن نوح عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة، فإذا مسه إنسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسه الغسل فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه)(51).
|
حكمة غسل الميت وكيفيته |
مسألة: يجب غسل الميت على التفصيل المذكور في الفقه وهذا يدل على كبير اهتمام الشرع بأمر النظافة حتى بالنسبة إلى الميت، فالإسلام دين الطهارة والنظافة سواء في حياة الإنسان أو قبلها(52) أو بعدها. فعن محمد بن سنان: (إن الرضا (عليه السلام) كتب إليه في جواب مسائله ـ إلى أن قال ـ وعلة غسل الميت أنه يغسل لأنه يطهر وينظف من أدناس أمراضه وما أصابه من صنوف علله لأنه يلقى الملائكة ويباشر أهل الآخرة فيستحب إذا ورد على الله وأهل الطهارة فيماسونه ويماسهم أن يكون طاهراً نظيفاً موجهاً به إلى الله عز وجل ليطلب به ويشفع له)(53). أقول: وان كان الروح يلاقي الملائكة لكن جسد الميت أيضا يلاقيهم، هذا بالإضافة إلى أن كلاً من الروح والجسد يؤثر أحدهما في الآخر حتى بعد الموت. وعن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (غسل الجنابة واجب ـ إلى أن قال: ـ وغسل الميت واجب)(54). وعن ابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (سألته عن غسل الميت، فقال: اغسله بماء وسدر ثم اغسله على أثر ذلك غسلة أخرى بماء وكافور وذريرة ان كانت واغسله الثالثة بماء قراح، قلت: ثلاث غسلات لجسده كله، قال: نعم)(55). وهناك أيضا تعليمات خاصة بالنسبة إلى الغاسل والمغتسل وما أشبه وكلها من النظافة. ففي رواية عنهم (عليهم السلام): (ثم اغسل يديه ثلاث مرات كما يغتسل الإنسان من الجنابة إلى نصف الذراع ثم اغسل فرجه وأنفه ثم اغسل رأسه بالرغوة وبالغ في ذلك ـ إلى أن قال: ـ وادلك بدنه دلكاً رفيقاً وكذلك ظهره وبطنه ـ إلى أن قال: ـ فإن خرج شيء فانقه)(56). وعن الحلبي قال: قال الصادق (عليه السلام): (يغسل الميت ثلاث غسلات: مرة بالسدر ومرة بالماء يطرح فيه الكافور ومرة أخرى بالماء القراح ثم يكفن)(57).
|
هل يوضّأ الميت؟ |
مسألة: يستحب وضوء الميت وضوء الصلاة زيادة في التنظيف، فعن حماد عن حريز عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (الميت يبدأ بفرجه ثم يوضأ وضوء الصلاة)(58). وعن عبد الله بن عبيد قال: (سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن غسل الميت قال: يطرح عليه خرقة ثم يغسل فرجه ويوضأ وضوء الصلاة ثم يغسل رأسه بالسدر والأشنان ثم بالماء والكافور ثم بالماء القراح ويطرح فيه سبع ورقات صحاح من ورق السدر في الماء)(59). |
1ـ مستدرك الوسائل: ج2 ص497 ب1 ح2551. 2ـ الكافي: ج6 ص503 ح38. 3ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص19 ح25. 4ـ كتاب المحاسن: ص579. 5ـ أي وان كان وجوبه لأجل الصلاة وما أشبه. 6ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص109 ب5 ح17. 7ـ راجع تهذيب الأحكام: ج1 ص135 ب6 ح64، وفيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من ترك شعرة من الجنابة متعمداً فهو في النار). 8ـ الكافي: ج3 ص40 ح2. 9ـ الكافي: ج3 ص47 ح5. 10ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص20 ب1 ح48. 11ـ تهذيب الأحكام: ج7 ص414 ب36 ح30. 12ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص78 ح176. 13ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص393 ب9 ح36. 14ـ دعائم الإسلام: ج1 ص128. 15ـ فقه الإمام الرضا (عليه السلام): ص192 باب الحيض والاستحاضة. ومستدرك الوسائل: ج2 ص5 ب1 ح1246. 16ـ مستدرك الوسائل: ج2 ص6 ب1 ح1250. 17ـ موسوعة الفقه: ج94-97 كتاب الآداب والسنن. 18ـ راجع إرشاد القلوب: ص433، وفيه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا يحبك إلا مؤمن تقي ولا يبغضك إلا كافر شقي ولد زنية أو حيضة). 19ـ الكافي: ج3 ص59 ح6. 20ـ الكافي: ج3 ص80 ح2. 21ـ الكافي: ج3 ص90 ح6. 22ـ الكافي: ج3 ص89 ح3. 23ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص401 ب19 ح77. 24ـ الكافي: ج3 ص89 ح4. 25ـ تهذيب الأحكام: ج5 ص400 ب16 ح36. 26ـ مستدرك الوسائل: ج2 ص8 ب5 ح1257. 27ـ الكافي: ج3 ص89 ح3. 28ـ الكافي: ج3 ص89 ح3. 29ـ الكافي: ج3 ص99 ح5. 30ـ الكافي: ج3 ص40 ح2. 31ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص324 ب13 ح115، ووسائل الشيعة: ج2 ص754 ب25 ح1. 32ـ وسائل الشيعة: ج2 ص754 ب25 ح1. 33ـ وسائل الشيعة: ج2 ص929 ب1 ح11. 34ـ وسائل الشيعة: ج2 ص929 ب1 ح12. 35ـ الكافي: ج3 ص161 ح8. 36ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص447 ب23 ح91. 37ـ فقه الرضا (عليه السلام): ص174، باب غسل الميت. 38ـ فقه الرضا (عليه السلام): ص171، باب غسل الميت. 39ـ فقه الرضا (عليه السلام): ص81، باب الغسل. 40ـ تحف العقول: ص108. 41ـ وسائل الشيعة: ج2 ص929 ب1 ح13. 42ـ وسائل الشيعة: ج2 ص927 ب1 ح1. 43ـ الكافي: ج3 ص160 ح2. 44ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص429 ب11 ح11، ومثله في وسائل الشيعة: ج2 ص927 ب1 ح2. 45ـ وسائل الشيعة: ج2 ص928 ب1 ح3. 46ـ وسائل الشيعة: ج2 ص928 ب1 ح4. 47ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص429 ب23 ح13. 48ـ وسائل الشيعة: ج2 ص928 ب1 ح7. 49ـ وسائل الشيعة: ج1 ص462 ب1 ح3. 50ـ مستدرك الوسائل: ج2 ص491 ب1 ح2538. 51ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص429 ب23 ح14. 52ـ كاختيار الرحم الطاهر وما أشبه. 53ـ عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج2 ص89. 54ـ الكافي: ج3 ص40 ح2. 55ـ الكافي: ج3 ص139 ح2. 56ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص301 ب13 ح45. 57ـ الكافي: ج3 ص140 ح3. 58ـ تهذيب الأحكام: ج1 ص302 ب13 ح47. 59ـ الاستبصار: ج1 ص206 ب120 ح1. |