فهرس القسم الرابع

المؤلفات

 الفقه والأحكام

الصفحة الرئيسية

 

النظافة من الفقر

مسألة: ينبغي للحاكم الإسلامي والحكومة الإسلامية العمل على توفير الفيء، ونفي الفقر والحرمان، ومكافحة الجهل والمرض، وذلك بتطبيق النظام الاقتصادي الذي جاء به الإسلام، فإن الاقتصاد الإسلامي أنظف اقتصاد عرفه البشر، وقد فصلنا ذلك في كتبنا الاقتصادية(1).

قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يبيّن حقوق الشعب على الحكومة والحاكم، وحقوق الحاكم والحكومة على الشعب: (أيها الناس إن لي عليكم حقاً، ولكم عليّ حق، فأما حقكم عليَّ: فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم عليكم، وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كيما تعلموا…)(2).

علماً بأن سلامة الاقتصاد في الحياة، له ارتباط وثيق بسلامة دين الشعب، وصلاح دنياهم وآخرتهم، فإن: (الفقر سواد الوجه في الدارين)(3) وإنه (كاد الفقر أن يكون كفراً) وإنه (من لا معاش له لا معاد له) كما ورد في الحديث الشريف.

هذا ولا يخفى أن الاستقلال الاقتصادي، والاكتفاء الذاتي، ونفي الفقر والحرمان، وحرية رؤوس الأموال، وحرية التجارة والصناعة وما أشبه، وعدم فرض الضرائب غير الشرعية، وعدم وجود الجمارك والمكوس، وقلة الموظفين، والقضاء على البطالة، ورعاية البساطة في الأمور وخاصة لدى الحكومة والحاكم، وتوفير الحاجات الأساسية، وأمانة بيت المال، وزهد الحكام، وإبعاد الناس عن الجرائم، وترغيبهم في الخير، وحرمة أكل أموال الناس بالباطل، وحرمة السرقة، وحرمة الاحتكار في الجملة، وحرمة الغش، وما أشبه، كلها من النظافة الاقتصادية التي أمر بها الإسلام.

قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يصف عوائد ما طبقه، وثمار ما حققه من الاقتصاد الإسلامي بين الناس، ويعرب عن تقرير اقتصادي، ومرسوم مالي في ظل حكومته العادلة: (إنه ما أصبح بالكوفة أحد إلا ناعماً، إن أدناهم منزلة ليأكل البر، ويجلس في الظل، ويشرب من ماء الفرات)(4).

وتوفير هذه الأمور الثلاثة: الرزق، والسكن، والماء، على جميع الناس، وكل أفراد الشعب، من أصعب الأمور وأشدها في يومنا هذا، فإنها التي قد عجزت عن توفيرها أقوى الدول، وأدق الأنظمة الاقتصادية، بينما الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قد وفّره لجميع أهل الكوفة التي كان يسكنها الملايين، تحت ظلال النظام الاقتصادي العادل في الإسلام.

ويؤيد صحة هذه التقرير الاقتصادي ما مر سابقاً من حديث رؤية الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في أسواق الكوفة نصرانياً يستجدي الناس، وتعجبّه من وجود رؤية فقير واحد في حكومته حيث قال (عليه السلام) لمن حوله متسائلاً: ما هذا؟ ولم يقل من هذا، فإن تعجبه (عليه السلام) وإتيانه بكلمة (ما) بدل (من) دليل غياب الفقر في ظل حكمه العادل ثم أمر له براتب من بيت مال المسلمين(5).

الحرية الاقتصادية

مسألة: يجب على الحاكم الإسلامي والحكومة الإسلامية، إعطاء الحرية الاقتصادية التي قررها الإسلام لكل الناس، وذلك بأن تسمح لهم، بل وتساعدهم في إنتاج وتصنيع كل ما يحتاجونه أو يريدونه من مواد غذائية وإنشائية وخدماتية، وفي مجال الزراعة، وفي مجال الصناعة، وفي مجال الفنون والتقنيات اللازمة، فتفتح عليهم أبواب العلوم، والحِرف، والمهن، والكسب، والاكتساب، والتصدير والاستيراد، وغير ذلك.

ولعل من أهم القواعد الفقهية الدالة على ذلك، هي قاعدة السلطنة والتسلط أي (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم) وقد فصلناه في الفقه(6).

وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وسائر أئمة أهل البيت (عليهم السلام) قد منحوا الحرية الاقتصادية التي قررها الإسلام للناس، وبذلك توفّر عليهم الفيء، وانعدم عنهم الفقر، وتقلّص بينهم الجهل والمرض، وانتعشت حالتهم الاقتصادية، وازدهرت أمورهم المالية، وتقدّموا في كل شيء.

كما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يشجّع المسلمين على الاكتفاء الذاتي، وكان يبعث أفراداً أقوياء وأذكياء من المسلمين إلى البلاد غير الإسلامية التي تمتاز بإنتاج وصناعة بعض ما يحتاجه المسلمون في أمورهم العادية، أو غير العادية، ليتعلموا كيفية إنتاجه وصنع ذلك الشيء، ثم يأتون إلى بلادهم ويقومون بصنعه وإنتاجه، وذلك كما في قصة صنع المرآة التي كانت تصنع في الحبشة، وصنع بعض المعدّات والأسلحة الحربية، التي كانت من الأمور الدفاعية وغير ذلك.

كما كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يشجع المسلمين على تطوير الصنعة وتحسينها، ويقول: (رحم الله امرءاً عمل عملاً فأتقنه)(7).

إضافة إلى تشجيعه (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين بالاكتفاء الذاتي في مجال اللحوم والألبان، والطعام والفاكهة، وما إلى ذلك، حتى قال الإمام الصادق (عليه السلام): (من وجد ماءً وتراباً ثم افتقر، فأبعده الله)(8)، وغير ذلك مما يدل على أن الحرية الاقتصادية في الإسلام هي من أنظف الحريات التي شهدها الاقتصاد في الأنظمة المختلفة، وعلى مدى الأجيال والزمان.

 

الملكية الشخصية

مسألة: يقر الإسلام الملكية الشخصية بشكل نظيف ونزيه، ويحترم أموال الناس كما يحترم أعراضهم ودماءهم، ولا يسمح لأحد ولا لجهة بالتصرف فيها إلا عن تراض حاصل بين الطرفين، أو عن طيب نفس من المالك، وذلك لما في تقرير هذه الملكية من منافع يتوقف عليها تقدم المجتمع ورقيّه، إضافة إلى ما فيه من احترام للإنسان واحترام لما يرتبط به.

قال الله تعالى: (لها ما اكتسبت)(9).

وقال سبحانه: (فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون)(10).

وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم)(11).

وقال سبحانه: (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن)(12).

وقال تعالى: (فادفعوا إليهم أموالهم)(13).

وقال (عليه السلام): (لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه)(14).

وقال (عليه السلام) أيضاً: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة نفسه)(15).

وقال (عليه السلام): (لا يتوى حق امرئ مسلم)(16).

إلى غيرها وغيرها.

 

المسؤول عن ديون الشعب

مسألة: يجب على الحاكم الإسلامي والحكومة الإسلامية تسديد ديون المغرمين المثقلين، فإنه هو المسؤول عن ديون الشعب إذا لم يقدروا على الأداء، وبذلك روايات كثيرة.

فقد روى أبو عبد الله (عليه السلام) عن جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من ترك ديناً أو ضياعاً فعلي، ومن ترك مالاً فلورثته)(17).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (من مات وترك ديناً، فعلينا دينه، وإلينا عياله، ومن مات وترك مالاً، فلورثته)(18).

وعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال: ما كان رسول الله ينزل من منبره إلا قال: (من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً أو ضياعاً، فعلي)(19).

 

قانون الضمان الاجتماعي

روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري (رضوان الله عليه) قال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان لا يصلي على رجل يموت وعليه دين، فأتي بجنازة، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هل على صاحبكم دين؟

فقالوا: نعم، ديناران.

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): صلوا على صاحبكم.

فقال أبو قتادة: هما عليَّ يا رسول الله.

قال: فصلى عليه.

فلما فتح الله على رسوله، قال: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً فعلي)(20).

ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما من غريم ذهب بغريمه إلى وال من ولاة المسلمين واستبان للوالي عسرته إلا برأ هذا المعسر من دينه، وصار دينه على والي المسلمين فيما في يديه من أموال المسلمين)(21).

قال الإمام الصادق (عليه السلام) بعد نقل هذا الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (وما كان سبب إسلام عامة اليهود إلا من بعد هذا القول من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأنهم أمنوا على أنفسهم وعلى عيالاتهم)(22).

 

على الإمام قضاء الديون

وعن أبن الحسن الكاظم (عليه السلام) أنه قال: (من طلب هذا الرزق من حله، ليعود به على نفسه وعياله كان كالمجاهد في سبيل الله، فإن غلب عليه، فليستدن على الله وعلى رسوله ما يقوت به عياله، فإن مات ولم يقضه كان على الإمام قضاؤه، فإن لم يقضه كان عليه وزره)(23).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (الإمام يقضي عن المؤمنين الديون)(24).

كفالة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ديون الناس

وعن أبي جعفر (عليه السلام): أنه قال له (عطاء): جعلت فداك، إن علي ديناً إذا ذكرته فسد على ما أنا فيه، فقال (عليه السلام): (سبحان الله! وما بلغك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يقول في خطبته: من ترك ضياعاً فعليَّ ضياعه، ومن ترك ديناً فعلي دينه، ومن ترك مالا فلأهله، فكفالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ميتاً ككفالته حياً، وكفالته حياً ككفالته ميتاً).

فقال الرجل: نفّست عني جعلني الله فداك(25).

وقال العياشي في تفسيره عن عمر بن سليمان، عن رجل من أهل الحويزة، قال: سأل الإمام أبي الحسن الرضا (عليه السلام) رجل فقال له: جعلت فداك إن الله تبارك وتعالى يقول: (فنظرة إلى ميسرة..)(26)، فأخبرني عن هذه (النظرة) التي ذكرها الله، لها حد يعرف إذا صار هذا المعسر لابد له من أن ينظر وقد أخذ مال هذا الرجل وأنفق على عياله، وليس له غلة ينتظر إدراكها، ولا دين ينتظر محله، ولا مال غائب ينتظر قدومه. قال (عليه السلام): (نعم، ينتظر بقدر ما ينتهي خبره إلى الإمام، فيقضي عنه ما عليه من سهم الغارمين)(27).

 

من أسباب الأولوية

وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: (صعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر، فقال: من ترك ديناً أو ضياعاً فعليّ وإليّ، ومن ترك مالا فلورثته، فصار بذلك أولى بهم من آبائهم وأمهاتهم، وصاروا أولى بهم منهم بأنفسهم وكذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) بعده، جرى ذلك له مثل ما جرى لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم))(28).

على الإمام ما ضمنه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنبر، فتغيرت وجنتاه والتمع لونه، ثم أقبل بوجهه، فقال: يا معشر المسلمين! إنما بعثت أنا والساعة كهاتين ـ إلى أن قال: ـ أيها الناس من ترك مالا فلأهله وورثته، ومن ترك كلأ أو ضياعاً، فعلي والي)(29).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (ومن كان له على رجل مال أخذه ولم ينفقه في إسراف أو في معصية، فعسر عليه أن يقضيه، فعلى من له المال أن ينظره حتى يرزقه الله فيقضيه، وإذا كان الإمام العادل قائماً، فعليه أن يقضي عنه دينه، لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً أو ضياعاً، فعليّ وإليّ وعلى الإمام ما ضمنه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم))(30).

بيت المال

مسألة: يجب على الحكومة الإسلامية والحاكم الإسلامي أن يكون أميناً على بيت مال المسلمين، وأن يراعي سلامة بيت المال ونظافته بكل جهده ووسعه، فإن بيت المال المقرّر في الشرع الإسلامي هو من أنظف المؤسسات الاقتصادية في العالم، مما لم يوجد مثله في النظافة والنزاهة في سائر الأديان والمبادئ، إذ بيت المال في الإسلام ليس فقط مما يجب مراعاة النظافة في مصارفه، بل يجب مراعاة النظافة في موارده ومداخله أيضاً، حيث يجب تطهير موارده من الربا، ومن الغش، ومن الغصب، ومن المصادرة، ومن الإجحاف، ومن الضرائب غير الشرعية، ومن غير ذلك مما حرّمه الإسلام.

كما يجب تطهير مصروفه من الاختلاس والخيانة، ومن الزيادة والنقصان، للحاكم نفسه، ولغير الحاكم، حيث إن على الحكومة والحاكم أن لا يأخذه لنفسه ما لا يستحقه، ولا يتصرف عدواناً حتى في فلس واحد منه، ولا يهب شيئاً منه بلا استحقاق لأحد من ذويه ولا لأحد من الناس.

كما أن عليه أن يصرف حتى الفلس الأخير منه في الموارد التي قرر الشارع أن يصرفه فيها، فإن من موارده: إسعاف الفقراء، وقضاء ديون المديونين، وتزويج العزّاب، ومنح رأس مال للعاملين، وتشغيل العاطلين، وعمران البلاد، والترفيه عن العباد، وتثقيف الناس وغير ذلك مما يساعد على تقدم البلاد والعباد كما دلت عليه الروايات.

فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه إلى مالك الأشتر يقول: (ثم الله الله في الطبقة السفلى، من الذين لا حيلة لهم، من المساكين والمحتاجين، وأهل البؤس والزمنى، فإن في هذه الطبقة قانعاً ومعتراً، واحفظ الله ما استحفظك من حقه فيهم، واجعل لهم قسماً من بيت مالك، وقسماً من غلات صوافِ الإسلام في كل بلد، فإن للأقصى منهم مثل الذي للأدنى…)(31).

إلى غير ذلك من النصوص الإسلامية الدالة على نظافة بيت المال في الإسلام ونزاهته، وقيامه بسدّ كل عوز اقتصادي، وترميم كل المهام الاقتصادية، التي تغني الناس، وترفع عنهم الفقر، وتبعدهم من الجهل والمرض، وتكسبهم التقدم والرشد، والانتصار والازدهار.

 

الجمارك

مسألة: يحرّم الإسلام كل أمر يتنافى مع ما شرّعه من قانون السلطنة القائل: (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم) والجمارك والمكوس من أبرز مصاديق المنافيات لهذا القانون، إضافة إلى ما تستعقبه من تبعات مالية واقتصادية، مضافاً إلى النصوص الواردة فيها بلفظ (العشار) وما أشبه، ولذلك فهي من أشد المحرمات في الإسلام، رغم أنها قد راجت اليوم في البلاد الإسلامية وغيرها.

فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال: (لا يدخل الجنة عشرة) وعدّ (صلى الله عليه وآله وسلم) منهم: (العشار)(32).

وعن نوف قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (يا نوف إياك أن تكون عشاراً)(33).

 

النظافة من المكر والغش والخيانة

مسألة: يحرم الغش والتدليس، والمكر والخيانة مطلقاً، وخاصة في المعاملات.

فعن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

(من كان مسلماً فلا يمكر ولا يخدع فإني سمعت جبرئيل يقول: إن المكر والخديعة في النار، ثم قال: ليس منا من غش مسلماً، وليس منا من خان مسلماً)(34).

وعن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ليس منا من ماكر مسلماً)(35).

ومن المعلوم أن مضمون هذين الحديثين يعم البيع وغير البيع، ويشمل حتى مثل مكر الحكام مع شعوبهم، وخيانتهم في بيت المال، وغشهم للمسلمين، مما أشرنا إليه سابقا.

وعن هشام بن الحكم قال: كنت أبيع السابري في الظلال، فمر بي أبو الحسن الأول (عليه السلام) راكباً، فقال لي: (يا هشام إن البيع في الظلال غش، والغش لا يحل)(36).

وذلك لأن تحت الظلال والسقف يقلّ النور فيه عادة، فلا يرى المتاع جيداً.

 

لا تحلف في معاملتك

مسألة: يكره الحلف في المعاملة، أما الكذب منها فلا يجوز، وقد ورد أنه قام أمير المؤمنين (عليه السلام) على دار ابن أبي معيط وكان يقام فيها الإبل، فقال: (يا معشر السماسرة أقلّوا الإيمان، فإنها منفقة للسلعة، ممحقة للربح)(37).

وعن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: (ثلاثة لا ينظر الله تعالى إليهم أحدهم: رجل اتخذ الله بضاعة لا يشتري إلا بيمين، ولا يبيع إلا بيمين)(38).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (إياكم والحلف فإنه ينفق السلعة، ويمحق البركة)(39).

 

النظافة من الاحتكار

مسألة: لا يجوز الاحتكار في موارده المحرمة، ويكره في غير ذلك، وقد وردت فيه روايات عديدة.

فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الجالب مرزوق والمحتكر ملعون)(40).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (أيما رجل اشترى طعاما فكبسه أربعين صباحاً يريد به غلاء المسلمين ثم باعه فتصدق بثمنه لم يكن كفارة لما صنع)(41).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا يحتكر الطعام إلا خاطئ)(42).

 

من مستحبات البيع والشراء

مسألة: يستحب أن يتحلى الإنسان المسلم بالسهولة في معاملاته، فيكون سهل البيع والشراء، وسهل القضاء والاقتضاء وفي ذلك روايات كثيرة.

فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): بارك الله على سهل البيع سهل الشراء، سهل القضاء سهل الاقتضاء)(43).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن الله تبارك وتعالى يحب العبد أن يكون سهل البيع، سهل الشراء، سهل القضاء، سهل الاقتضاء)(44).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلاً إذا باع، سهلاً إذا اشترى، سهلا إذا قضى، سهلاً إذا استقضى)(45).

نظافة النفقات والصدقات

مسألة: من آداب الصدقة أن تكون نظيفة عن المن، فإنه يهدم الصنيعة، كما دلت عليه النصوص الشرعية، والروايات الإسلامية.

قال تعالى: (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منّاً ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)(46).

وقال سبحانه: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى)(47).

وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى)(48).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن الله كره لي ست خصال وكرهتها للأوصياء من ولدي وأتباعهم من بعدي، منها: المن بعد الصدقة)(49).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (المن يهدم الصنيعة)(50).

وعن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)(في حديث المناهي) قال: (ومن اصطنع إلى أخيه معروفاً فامتن به أحبط الله عمله، وثبت وزره، ولم يشكر له سعيه، ثم قال (عليه السلام): يقول الله عزّ وجلّ: حرمت الجنة على المنان، والبخيل، والقتات وهو النمام، ألا ومن تصدق بصدقة فله بوزن كل درهم مثل جبل أحد من نعيم الجنة، ومن مشى بصدقة إلى محتاج كان له كأجر صاحبها من غير أن ينقص من أجره شيء)(51).

وعن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله كره لكم أيتها الأمة أربعاً وعشرين خصلة ونهاكم عنها، وعدَّ منها المنّ بعد الصدقة)(52).

1ـ راجع كتاب: (الفقه: الاقتصاد)، (الفقه: آداب المال)، (الاقتصاد الإسلامي المقارن)، (الاقتصاد الإسلامي في خمسين سؤالاً وجواباً)، (الاقتصاد الإسلامي في سطور)، (الاقتصاد عصب الحياة)، (الاقتصاد للجميع)، (أنفقوا لكي تتقدموا)، (الفقه: البيع ج1-5)، (الفقه: التجارة)، (الفقه: المكاسب المحرمة ج1-2)، (الفقه: الخيارات ج1-2)، (حل المشكلة الاقتصادية على ضوء القوانين الإسلامية)، (الفقه: الخمس)، (الفقه: الزكاة)، (كيف يمكن علاج الغلاء)، (الكسب النـزيه)، (لمحة عن البنك الإسلامي) و… للإمام المؤلف دام ظله.

2ـ نهج البلاغة، الخطبة 34.، وعنه بحار الأنوار: ج27 ص251 ب13 ح12.

3ـ الكافي: ج2 ص307 ح4.

4ـ بحار الأنوار: ج40 ص327 ب98 ح9.

5ـ بحار الأنوار: ج69 ص30 ب94 ح26.

6ـ راجع موسوعة الفقه: كتاب القواعد الفقهية، مبحث قاعدة السلطنة.

7ـ راجع وسائل الشيعة: ج2 ص883 ب60 ح2، وفيه: (الله يحب عبداً إذا عمل عملا أحكمه).

8ـ وسائل الشيعة: ج17 ص40 ب9 ح21930.

9ـ سورة البقرة: الآية 286.

10ـ سورة البقرة: الآية 279.

11ـ سورة النساء: الآية 29.

12ـ سورة النساء: الآية 32.

13ـ سورة النساء: الآية 6.

14ـ وسائل الشيعة: ج17 ص309 ب1 ح4.

15ـ وسائل الشيعة: ج19 ص3 ب1 ح3.

16ـ راجع فقه الإمام الرضا (عليه السلام): ص308.

17ـ تفسير نور الثقلين: ج4 ص237، في تفسير سورة الأحزاب: 6.

18ـ الكافي: ج7 ص168 ح1.

19ـ مستدرك الوسائل: ج17 ص207 ب2 ح21158.

20ـ وسائل الشيعة: ج13 ص151 ب3 ح3.

21ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص400 ب9 ح15723، وفيه عن سعيد بن المسيب عن عائشة أنها قالت…

22ـ الكافي: ج1 ص406 ح6.

23ـ الكافي: ج5 ص93 ح3.

24ـ الكافي: ج5 ص94 ح7.

25ـ وسائل الشيعة: ج13 ص92 ب9 ح5.

26ـ سورة البقرة: الآية 280.

27ـ تفسير العياشي: ج1 ص155.

28ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص398 ب9 ح15718.

29ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص399 ب9 ح15721.

30ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص400 ب9 ح15723.

31ـ نهج البلاغة: الكتاب 53.

32ـ الخصال: ص435.

33ـ الخصال: ص338.

34ـ وسائل الشيعة: ج8 ص570 ب137 ح1.

35ـ الكافي: ج2 ص337 ح3.

36ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص271 ب2 ح3980.

37ـ الكافي: ج5 ص162 ح2.

38ـ الكافي: ج5 ص162 ح3.

39ـ الكافي: ج5 ص162 ح4.

40ـ الكافي: ج5 ص165 ح6.

41ـ وسائل الشيعة: ج12 ص314 ب27 ح6.

42ـ تهذيب الأحكام: ج7 ص159 ب22 ح6.

43ـ تهذيب الأحكام: ج7 ص18 ب22 ح79.

44ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص196 ب2 ح3737.

45ـ وسائل الشيعة: ج12 ص332 ب42 ح3.

46ـ سورة البقرة: الآية 262.

47ـ سورة البقرة: الآية 263.

48ـ سورة البقرة: الآية 264.

49ـ الكافي: ج4 ص22 ح1. ووسائل الشيعة: ج1 ص488 ب15 ح19.

50ـ الكافي: ج4 ص22 ح2.

51ـ من لا يحضره الفقيه: ج4 ص16 ب2 ح16.

52ـ وسائل الشيعة: ج6 ص317 ب37 ح7.