فهرس القسم الرابع

المؤلفات

 الفقه والأحكام

الصفحة الرئيسية

 

نظافة النكاح

مسألة: يجب أو يستحب ـ كل في مورده ـ رعاية النظافة في باب النكاح، وقد ورد في مجال انتخاب الصالحات، واختيار الطيبات نصوص وروايات كثيرة نشير إلى بعضها:

قال الله تعالى: (والطيّبات للطيبين والطيبون للطيبات)(1).

وقال سبحانه: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم)(2).

وعن إبراهيم الكرخي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن صاحبتي هلكت وكانت لي موافقة، وقد هممت أن أتزوج، فقال لي: (أنظر أين تضع نفسك، ومن تشركه في مالك، وتطلعه على دينك وسرك، فإن كنت لابد فاعلاً فبكراً تنسب إلى الخير والى حسن الخلق، واعلم أنهن كما قال:

ألا أن الــنساء خلقن شـتى *** فمنهن الغنيمة والغــــرام

ومنــــهن الهلال إذا تــجلى *** لصاحبه ومنهن الظـــــلام

فمن يظفر بصالحهن يسعد *** ومن يغبن فليس له انتقام

وهن ثلاث: فامرأة ولود ودود تعين زوجها على دهره لدنياه وآخرته ولا تعين الدهر عليه، وامرأة عقيم لا ذات جمال ولا خلق ولا تعين زوجها على خير، وامرأة صخابة ولاجة همازة، تستقل الكثير ولا تقبل اليسير)(3).

 

النساء خيرهن وشرهن

عن جابر بن عبد الله قال: كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: (إن خير نسائكم الولود الودود، العفيفة العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها، الحصان على غيره، التي تسمع قوله، وتطيع أمره، وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها ولم تبذل كتبذل الرجل)(4).

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): (خير نسائكم الطيبة الريح، الطيبة الطبيخ، التي إذا أنفقت أنفقت بمعروف، وإن أمسكت أمسكت بمعروف، فتلك عامل من عمال الله، وعامل الله لا يخيب ولا يندم)(5).

وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ألا أخبركم بشرار نسائكم؟ الذليلة في أهلها، العزيزة مع بعلها، العقيم الحقود، التي لا تتورع من قبيح، المتبرجة إذا غاب عنها بعلها، الحصان معه إذا حضر، لا تسمع قوله ولا تطيع أمره، وإذا خلا بها بعلها تمنعت منه كما تمنع الصعبة عن ركوبها، ولا تقبل منه عذراً ولا تغفر له ذنباً)(6).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (شرار نساءكم المقفرة الدنسة، اللجوجة العاصية، الذليلة في قومها، العزيزة في نفسها، الحصان على زوجها، الهلوك على غيره)(7).

وقال (عليه السلام): (إذا أراد أحدكم أن يتزوج فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها فإن الشعر أحد الجمالين)(8).

وعن الرضا، عن آبائه (عليهم السلام) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (اطلبوا الخير عند حسان الوجوه، فإن فعالهم أحرى أن يكون حسناً)(9).

 

لا للعزوبة

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (شرار موتاكم العزاب)(10).

وقال (عليه السلام): (ركعتان يصليهما متزوج افضل من سبعين ركعة يصليها أعزب)(11)

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) النساء أن يتبتلن ويعطلن أنفسهم من الأزواج)(12).

وعن عبد الصمد بن بشير قال: (دخلت امرأة على أبي عبد الله (عليه السلام) فقالت: أصلحك الله إني امرأة متبتلة فقال: وما التبتل عندك؟ قالت: لا أتزوج، قال: ولمَ؟ قالت: ألتمس بذلك الفضل، فقال: انصرفي فلو كان ذلك فضلاً لكانت فاطمة (عليها السلام) أحق به منك، إنه ليس أحد يسبقها إلى الفضل)(13).

إلى غير ذلك من الروايات والأحكام الشرعية.

 

الزواج المبكر

مسألة: يحرّض الإسلام تحريضاً شديداً على النكاح والزواج إبان بلوغ البنين والبنات البلوغ الشرعي، وبذلك أغلق أبواب الفساد على الشباب والشابات، إضافة إلى ما في الزواج المبكّر من الفوائد الصحية والجسمية، وسلامة الروح والبدن حسب اعتراف علم الطب والأطباء، وفي ذلك روايات كثيرة.

قال (عليه السلام): (من سعادة المرء، أن لا تطمث ـ أي لا تحيض ـ ابنته في بيته)(14).

فمن جهة حرّض الإسلام كما في هذه الرواية على الزواج المبكّر، ومن جهة أخرى رفع القيود التي وضعت في الزواج، وحبذ اتخاذ النكاح بسيطاً يقدر عليه كل فرد، فأكد على حذف الزوائد والتشريفات، وعلى أن يكون المهر قليلاً.

قال (عليه السلام): (خير نسائكم أصبحهن وجهاً، وأقلهن مهراً)(15).

كما وحبذ أن لا يُرد المؤمن إذا طلب التزويج وان كان فقيراً، فالله تعالى يقول: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله)(16).

وقد أفتى بعض العلماء بحرمة رد المؤمن القادر على النفقة، قال العلامة المجلسي (رحمه الله): (ويجب إجابة المؤمن القادر على النفقة)(17).

 

نظافة الفرج وعفته

مسألة: يجب أن يعف الإنسان فرجه عن الحرام وينظفه عما لا يحل، وفي ذلك نصوص كريمة، وروايات شريفة.

قال الله تعالى في صفات المؤمنين: (والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)(18).

وقال سبحانه في صفات عباد الرحمان: (ولا يزنون)(19).

وقال تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله)(20).

وقال سبحانه: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً)(21).

وعن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: (من كف أذاه عن جاره أقاله الله عثرته يوم القيامة، ومن عف بطنه وفرجه كان في الجنة ملكاً محبوراً، ومن أعتق نسمة مؤمنة بنى الله له بيتاً في الجنة)(22).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (ما عبادة أفضل عند الله من عفة بطن وفرج)(23).

وقال أبو جعفر (عليه السلام): (أفضل العبادة عفة البطن والفرج)(24).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (ما عبد الله بشيء افضل من عفة بطن وفرج)(25).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: (أفضل العبادة العفاف)(26).

 

من آداب الزفاف ونظافته

مسألة: هناك آداب خاصة في ليلة الزفاف، وآداب للمقاربة والجماع، وكلها من مصاديق النظافة بالمعنى الأخص أو الأعم، ولهذه الآداب تأثير كبير في توثيق علاقة الزوجين، وتشديد الألفة والمحبة بينهما، إضافة إلى ما لها من بالغ التأثير في تكوين الولد وسلامة جسمه وعقله، بل وسعادته في دنياه وآخرته.

فعن أبي سعيد الخدري قال: أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال:

(يا علي إذا دخلت العروس بيتك، فاخلع خفيها حين تجلس، واغسل رجليها، وصب الماء من باب دارك إلى أقصى دارك، فإنك إذا فعلت ذلك، أخرج الله من بيتك سبعين ألف لون من الفقر، وأدخل فيه سبعين ألف لون من البركة، وأنزل عليه سبعين ألف رحمة ترفرف على رأس العروس حتى تنال بركتها كل زاوية في بيتك، وتأمن العروس من الجنون والجذام والبرص أن يصيبها مادامت تلك الدار)(27).

 

المقاربة وآدابها

وعن أبي سعيد الخدري في وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) أنه قال:

(يا علي لا تجامع امرأتك بعد الظهر فإنه إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، والشيطان يفرح بالحول في الإنسان، إلى أن قال:

يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الفطر، فإنه إن قضي بينكما ولد فيكبر ذلك الولد ولا يصيب ولداً إلا على كبر السن.

يا علي لا تجامع امرأتك في ليلة الأضحى فإنه إن قضي بينكما ولد يكون له ست أصابع أو أربع أصابع.

يا علي لا تجامع امرأتك تحت شجرة مثمرة فإنه إن قضي بينكما ولد يكون جلاداً قتالاً أو عريفاً.

يا علي لا تجامع امرأتك في وجه الشمس وتلألئها إلا أن ترخي ستراً فيستركما فإنه إن قضي بينكما ولد لا يزال في بؤس وفقر حتى يموت.

يا علي لا تجامع امرأتك بين الأذان والإقامة فإنه إن قضي بينكما ولد يكون حريصاً على إهراق الدماء.

يا علي لا تجامع أهلك في النصف من شعبان فإنه إن قضي بينكما ولد يكون مشؤوماُ ذا شامة في وجهه)(28).

 

وقائيات

وعن أبي سعيد الخدري في وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) أنه قال: (يا علي لاتجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك، فإني أخشى أن قضي بينكما ولد أن يكون مخنثاً مخبلاً.

يا علي من كان جنباً في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن، فإني أخشى أن تنزل عليهما نار من السماء فتحرقهما. (قال ابن بابويه: يعني به قراءة العزائم دون غيرها).

إلى أن قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي لا تجامع امرأتك إلا ومعك خرقة، ومع أهلك خرقة، ولا تمسها بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة فإن ذلك يعقب العداوة بينكما، ثم يؤديكما إلى الفرقة والطلاق.

يا علي لا تجامع امرأتك من قيام، فإن ذلك من فعل الحمير، فإن قضي بينكما ولد كان بوالاً في الفراش كالحمير البوالة في كل مكان.

إلى أن قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلا وأنت على وضوء فإنه إن قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب بخيل اليد.

إلى أن قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي لا تجامع امرأتك على سقوف البنيان، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون منافقاً مرائياً مبتدعاً.

يا علي إذا خرجت في سفر فلا تجامع أهلك من تلك الليلة، فإنه إن قضي بينكما ولد ينفق ماله في غير حق، وقرأ (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين)(29).

يا علي لا تجامع امرأتك إذا خرجت إلى سفر مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن، فإنه إن قضي بينكما ولد يكون عوناً لكل ظالم عليك.

إلى أن قال (صلى الله عليه وآله وسلم): لا تجامع أهلك في أول ساعة من الليل، فأنه إن قضي بينكما ولد لا يؤمن أن يكون ساحراً مؤثراً للدنيا على الآخرة.

يا علي احفظ وصيتي كما حفظتها عن جبرئيل (عليه السلام))(30).

 

نظافة العين

مسألة: يجب نظافة العين عما لا يحل النظر إليه، فإن النظر إلى ما لا يحل سهم مسموم من سهام إبليس، يسمّم الروح، ويعكّر صفاء القلب، ويرهق النفس، ويمرض الجسم، كما ثبت ذلك علمياً أيضاً، وقد دلت عليه الآيات والروايات.

قال الله تعالى: (قل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون)(31).

وقال سبحانه: (وقل للمؤمنات يغضضن أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)(32).

وقال (عليه السلام): (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها لله لا لغيره أعقبه الله إيماناً يجد طعمه)(33).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (كان المسيح (عليه السلام) يقول لأصحابه: … وإياكم والنظرة فإنها تزرع في قلب صاحبها الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة)(34).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (كل عين باكية يوم القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل الله، وعين فاضت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله)(35).

 

الاختلاط المحرّم والنظافة منه

مسألة: لا يجوز الاختلاط المحرم بين الرجال والنساء، فإن ذلك مفسدة للاجتماع، وممرضة للقلوب والأجسام، ومهزلة للعقول والأفكار، كما ثبت في علم النفس الاجتماعي، وأثبتته التجربة التاريخية والعملية، وقد حذّر الإسلام منها منذ بزوغ شمسه وطلوع فجره، في القرآن والسيرة المباركة.

قال الله تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب)(36).

وقال سبحانه: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن)(37).

وقال عزّ وجلّ: (ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الأولى)(38).

وقال تعالى: (ولا يبدين زينتهن…)(39).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (يا أهل العراق نبئت أن نسائكم يدافعن الرجال في الطريق، أما تستحيون)(40).

ورواه البرقي في (المحاسن) وزاد: وقال: (لعن الله من لا يغار)(41).

وفي حديث آخر أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (أما تستحيون ولا تغارون؟ نساؤكم يخرجن إلى الأسواق ويزاحمن العلوج)(42).

وفي رواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (من طيّبت من النساء فلا تخرج ولا تشهد الصلاة في المسجد)(43)، وقد ذكر الحاج النوري في تفسير هذا الحديث قوله: (يعني لئلا يشم رائحة الطيب منها من يقرب منها من الرجال، فيكون ذلك داعية إلى وساوس الشيطان)(44).

 

النساء والتجميل

مسألة: أكد الإسلام تأكيداً كبيراً ـ حسب النصوص والروايات ـ على أن تزين المرأة نفسها لزوجها، وكره لها حتى للمرأة العجوز أن تعطّل نفسها من الزينة لبعلها، وذلك من مصاديق النظافة والزينة والجمال.

فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (لا ينبغي للمرأة أن تعطل نفسها ولو أن تعلق في عنقها قلادة ولا ينبغي أن تدع يدها من الخضاب ولو أن تمسحها مسحاً بالحناء وان كانت مسنة)(45).

وعن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: (رخص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للمرأة أن تخضب رأسها بالسواد، قال: وأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) النساء بالخضاب ذات البعل وغير ذات البعل، أما ذات البعل فتزين لزوجها، وأما غير ذات البعل فلا تشبه يدها يد الرجال)(46).

وعن علي (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه، وطيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه)(47)، والظاهر أن المراد من هذه الرواية هو: فيما إذا كانت المرأة بين الرجال أو ما أشبه ذلك، لا ما إذا كانت بين النساء، وإلا فالاستحباب لها أيضاً، كما أنه إذا كان خفيف الريح بحيث لا يشمه الرجال من وراء الستر والحجاب لا بأس به ويشمله الاستحباب.

 

نظافة التعامل مع المرأة

مسألة: هناك نصوص وروايات كثيرة تؤكد على لزوم احترام المرأة كاحترام الرجل لاشتراكهما في الإنسانية، وفي جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل لحكمة رآها الشارع، وتوصي بحسن التعامل معها مطلقاً، زوجة أو أماً أو بنتاً أو أختاً أو خالة أو عمة أو ما أشبه.

قال الله تعالى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً)(48).

وقال سبحانه: (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى)(49).

وقال عزّ وجلّ: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياة طيبة)(50).

وقال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف)(51).

وقال سبحانه: (وبراً بوالديه)(52).

وقال تعالى: (وبراً بوالدتي)(53).

وقال سبحانه: (وبالوالدين إحساناً)(54).

وقال تعالى: (وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض)(55)، بلا فرق بين النساء والرجال، وكذلك قوله سبحانه: (واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام)(56).

وقال سبحانه: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيّقوا عليهن وإن كن أولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف)(57).

وروى الصدوق عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث: (ومازال يوصيني بالمرأة حتى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها)(58).

بل زاد الإسلام رعاية المرأة على الرجل في بعض الموارد، حيث إنه رفع عنها الجهاد في ساحات الحرب، ورفع عنها كلفة الإنفاق وجعلها في كفالة الرجل، وقدّمها في الأسرة على الولد عندما يريد الأب أن يقسم هديته وتحفته على أولاده، وغير ذلك.

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله… ليبدأ بالإناث قبل الذكور)(59).

 

التوسعة على العيال

مسألة: يستحب التوسعة على العيال، وذلك حسب النصوص والروايات الشريفة.

قال الله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته)(60).

وقال سبحانه: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم)(61).

وقال عزّ وجلّ: (ومتّعوهن على الموسع قدره)(62).

وقال تعالى: (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى)(63).

وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال: (ينبغي للرجل أن يوسع على عياله كيلا يتمنوا موته، وتلا هذه الآية: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً)(64) وقال: الأسير عيال الرجل ينبغي إذا زيد في النعمة أن يزيد أسراءه في السعة عليهم)(65).

وعن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: (أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله)(66).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعوله)(67).

 

شراء التحف للأهل والأولاد

مسألة: يستحب ـ كما في الروايات ـ شراء التحف والهدايا للعيال والأهل والأولاد.

فعن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج، وليبدأ بالإناث قبل الذكور فإن من فرح ابنة فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل مؤمنة في سبيل الله ومن أقر بعين ابن فكأنما بكى من خشية الله عزّ وجلّ، ومن بكى من خشية الله عزّ وجلّ أدخله الله جنات النعيم)(68).

 

تربية الأولاد وتعليمهم

مسألة: يستحب أو يجب ـ كل في مورده ـ الاهتمام بتربية الأولاد، وحسن كفالتهم، وتعليمهم، وتربيتهم تربية صالحة نظيفة وهناك الكثير من النصوص والروايات في هذا الباب.

قال الله تعالى: (وأنبتها نباتاً حسناً وكفّلها زكريا)(69).

وقال سبحانه: (وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيّهم يكفل مريم)(70).

وقال عزّ وجلّ: (إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله)(71).

وقال تعالى: (فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون)(72).

وعن الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في حديث الأربعمائة قال: (علموا صبيانكم ما ينفعهم الله به حتى لا تتغلب عليهم المرجئة برأيها)(73).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من كان عنده صبي فليتصاب له)(74). إلى غير ذلك.

 

نظافة الاسم

مسألة: يستحب للإنسان على ما جاء في النصوص والروايات الكثيرة، أن يختار الأسماء الحسنة لنفسه ولأولاده، قال الله تعالى: (هو سمّاكم المسلمين من قبل وفي هذا)(75).

وقال سبحانه: (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد)(76).

وقال عزّ وجلّ: (وإني سمّيتها مريم)(77).

وقال تعالى: (إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم)(78).

وقال سبحانه: (يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى)(79).

وفي الحديث: (خير الأسماء ما عبّد وحمّد).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية وأفضلها أسماء الأنبياء)(80).

وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال: (أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده)(81).

وعن أبيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (استحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة، قم يا فلان بن فلان إلى نورك، وقم يا فلان بن فلان لا نور لك)(82).

وعن جعفر، عن آبائه (عليهم السلام): (إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يغير الأسماء القبيحة في الرجال والبلدان)(83).

وقال رجل: يا رسول الله ما حق ابني هذا؟ قال: (تحسن اسمه وأدبه وتضعه موضعاً حسناً)(84).

 

المولود وسُنن ولادته

مسألة: يستحب كما في الروايات الشريفة حلق رأس المولود في اليوم السابع من ولادته وهو نظافة للرأس، كما يستحب التصدق بوزن شعره فضة، والعقيقه عنه، وهما نظافة للروح وسلامة للنفس.

فعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في المولود قال: (يسمى في اليوم السابع، ويعق عنه، ويحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره فضة، ويبعث إلى القابلة بالرجل مع الورك، ويطعم منه ويتصدق)(85).

وعن جميل بن دراج قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن العقيقة والحلق والتسمية بأيها يبدأ؟.

قال: (يصنع ذلك كله في ساعة واحدة يحلق ويذبح ويسمي، ثم ذكر ما صنعت فاطمة لولدها (عليهما السلام) ، ثم قال: يوزن الشعر ويتصدق بوزنه فضة)(86).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (كان ناس يلطخون رأس الصبي في دم العقيقة، وكان أبي يقول: ذلك شرك)(87).

أقول: لأنه عمل الجاهليين فهو شرك عملي، لا أنه شرك عقيدي بمعنى الإشراك بالله تعالى، وفي رواية: أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء ببديل لذلك، وهو أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر بأن يلطخوا رأس الصبي بالخلوق ـ وهو نوع من الطيب معظم أجزائه من الزعفران يصبغ الرأس بالحمرة ـ.

النظافة في الرضاع

مسألة: يستحب رعاية النظافة في رضاع الأولاد فإن اللبن يُعدي وينقل صفات المرضعة إلى الولد كما ثبت ذلك علمياً أيضاً، وبذلك أكد الإسلام على نظافة الرضاع مادياً ومعنوياً.

فعن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن (عليه السلام) قال: (سألته عن امرأة ولدت من زنا هل يصلح أن يسترضع بلبنها؟ قال: لا يصلح ولا لبن ابنتها التي ولدت من الزنا)(88).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (لا تسترضع للصبي المجوسية، وتسترضع اليهودية والنصرانية، ولا يشربن الخمر ويمنعن من ذلك)(89).

وعن الفضيل بن يسار قال: قال لي جعفر بن محمد (عليه السلام): (هذا رضاع اليهودية والنصرانية خير من رضاع الناصبية)(90).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (انظروا من ترضع أولادكم فإن الولد يشب عليه)(91).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا تسترضعوا الحمقاء فإن اللبن يعدي، وإن الغلام ينزع إلى اللبن، يعني: إلى الظئر في الرعونة والحمق)(92).

وعن جعفر، عن أبيه أن علياً (عليه السلام) كان يقول: (تخيروا للرضاع كما تخيرون للنكاح، فإن الرضاع يغير الطباع)(93).

وعن محمد بن مروان قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): (استرضع لولدك بلبن الحسان وإياك والقباح فإن اللبن قد يعدي)(94).

 

ختان الأولاد من النظافة

مسألة: الأحوط وجوباً لولي الطفل أن يختن الطفل قبل بلوغه، ولو لم يختنه حتى بلغ وجب على الطفل نفسه، وهو نظافة قد صرح به العلم الحديث أيضا، وقد مر بعض الروايات في هذا الباب، والتي كان منها: إن الختان من السنن التي سنّها النبيّ إبراهيم الخليل (عليه السلام) وتسمى بالحنيفية وقد أمر بها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً وجعلها من سنن الولادة وجندها في اليوم السابع من عمر المولود.

 

نظافة التعامل مع الوالدين

مسألة: من الواجبات الشرعية والأخلاقية معاً هو: بر الوالدين في الجملة، ويحرم عقوقهما، قال تعالى: (وبالوالدين إحسانا)(95).

وقال سبحانه: (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة)(96).

وقال عزّ وجلّ: (فلا تقل لهما أف)(97).

وقال تعالى: (وصاحبهما في الدنيا معروفاً)(98).

وعن معمر بن خلاد قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السلام): (أدعو لوالدي إذا كانا لا يعرفان الحق؟ قال: ادع لهما وتصدق عنهما، وإن كانا حيين لا يعرفان الحق فدارهما، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق)(99).

وعن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قلت أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبر الوالدين، والجهاد في سبيل الله)(100).

وعن زكريا بن إبراهيم في حديث أنه قال لأبي عبد الله (عليه السلام): (إني كنت نصرانياً فأسلمت ـ إلى قوله ـ وإن أبي وأمي على النصرانية وأهل بيتي وأمي مكفوفة البصر فأكون معهم وآكل في آنيتهم؟ قال: يأكلون لحم الخنزير؟ فقلت: لا ولا يمسونه، فقال: لا بأس، فانظر أمك فبرها، فإذا ماتت فلا تكلها إلى غيرك)(101)، ثم ذكر أنه زاد في برها على ما كان يفعله وهو نصراني، فسألته السبب؟ فأخبرها أن الإمام الصادق (عليه السلام) أمره بذلك، فأسلمت.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (كن باراً واقتصر على الجنة، وإن كنت عاقاً فظاً فأقتصر على النار)(102).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من نظر إلى أبويه نظر ماقت لهما وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة)(103).

وعن محمد بن سنان، عن الرضا (عليه السلام) فيما كتب إليه من جواب مسائله: (وحرم الله تبارك وتعالى عقوق الوالدين لما فيه: من الخروج من التوقير لله عزّ وجلّ، والتوقير للوالدين، وكفران النعمة، وإبطال الشكر، وما يدعو من ذلك إلى قلة النسل وانقطاعه، لما في العقوق من قلة توقير الوالدين، والعرفان بحقهما، وقطع الأرحام، والزهد من الوالدين في الولد، وترك التربية لعلة ترك الولد برهما)(104).

1ـ سورة النور: الآية 26.

2ـ سورة النور: الآية 32.

3ـ الكافي: ج5 ص323 ح3.

4ـ الكافي: ج5 ص324 ح1.

5ـ الكافي: ج5 ص325 ح6.

6ـ الكافي: ج5 ص325 ح1.

7ـ الكافي: ج5 ص326 ح2.

8ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص388 ب2 ح4364.

9ـ عيون الأخبار: ج2 ص74 ح344.

10ـ بحار الأنوار: ج100 ص220 ب1 ح19.

11ـ الكافي: ج5 ص328 ح1.

12ـ الكافي: ج5 ص509 ح1.

13ـ الكافي: ج5 ص509 ح3.

14ـ الكافي: ج5 ص336 ح1.

15ـ مستدرك الوسائل: ج14 ص161 ب5 ح16380.

16ـ سورة النور: الآية 32.

17ـ وانظر أيضا تبصرة المتعلمين، كتاب النكاح.

18ـ سورة المؤمنون: الآية 5-7.

19ـ سورة الفرقان: الآية 68.

20ـ سورة النور: الآية 33.

21ـ سورة الإسراء: الآية 32.

22ـ وسائل الشيعة: ج8 ص488 ب86 ح7.

23ـ الكافي: ج2 ص80 ح8.

24ـ الكافي: ج2 ص79 ح2.

25ـ الكافي: ج2 ص79 ح1.

26ـ الكافي: ج2 ص79 ح3.

27ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص551 ب2 ح4899.

28ـ وسائل الشيعة: ج14 ص187 ب149 ح1.

29ـ سورة الإسراء: الآية 27.

30ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص551 ب2 ح4899.

31ـ سورة النور: الآية 30.

32ـ سورة النور: الآية 31.

33ـ مستدرك الوسائل: ج14 ص268 ب81 ح1667.

34ـ مستدرك الوسائل: ج14 ص270 ب81 ح1684.

35ـ الكافي: ج2 ص80 ح2.

36ـ سورة الأحزاب: الآية 53.

37ـ سورة الأحزاب: الآية 59.

38ـ سورة الأحزاب: الآية 33.

39ـ سورة النور: الآية 31.

40ـ الكافي: ج5 ص536 ح6.

41ـ المحاسن: ص115.

42ـ مشكاة الأنوار: ص237.

43ـ مستدرك الوسائل: ج1 ص423 ب62 ح1059.

44ـ مستدرك الوسائل: ج1 ص423 ب62 ح1059.

45ـ الكافي: ج5 ص509 ح2. ومن لا يحضره الفقيه: 1 ص123 ص283.

46ـ وسائل الشيعة: ج1 ص410 ب52 ح2.

47ـ الكافي: ج6 ص512 ح17.

48ـ سورة النساء: الآية 1.

49ـ سورة آل عمران: الآية 195.

50ـ سورة النحل: الآية 97.

51ـ سورة النساء: الآية 19.

52ـ سورة مريم: الآية 14.

53ـ سورة مريم: الآية 32.

54ـ سورة البقرة: الآية 83.

55ـ سورة الأنفال: الآية 75.

56ـ سورة النساء: الآية 1.

57ـ سورة الطلاق: الآية 6.

58ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص52 ح108.

59ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص118 ب5 ح17715.

60ـ سورة الطلاق: الآية 7.

61ـ سورة الطلاق: الآية 6.

62ـ سورة البقرة: الآية 236.

63ـ سورة النور: الآية 22.

64ـ سورة الإنسان:8الآية .

65ـ الكافي: ج4 ص11 ح3.

66ـ الكافي: ج4 ص11 ح1.

67ـ الكافي: ج4 ص12 ح8.

68ـ أمالي الصدوق: ص577 المجلس الخامس والثمانون.

69ـ سورة آل عمران: الآية 37.

70ـ سورة آل عمران: الآية 44.

71ـ سورة طه: الآية 40.

72ـ سورة القصص: الآية 12.

73ـ الخصال: ص614.

74ـ من لا يحضره القفيه: ج3 ص483 ب2 ح4707.

75ـ سورة الحج: الآية 78.

76ـ سورة الصف: الآية 6.

77ـ سورة آل عمران: الآية 36.

78ـ سورة آل عمران: الآية 45.

79ـ سورة مريم: الآية 7.

80ـ بحار الأنوار: ج101 ص126 ب4 ح87.

81ـ الكافي: ج6 ص18 ح3.

82ـ الكافي: ج6 ص19 ح10.

83ـ مستدرك الوسائل: ج15 ص124 ب22 ح6.

84ـ عدة الداعي: ص86.

85ـ الكافي: ج6 ص29 ح10.

86ـ الكافي: ج6 ص33 ح4.

87ـ الكافي: ج6 ص33 ح2.

88ـ الكافي: ج6 ص44 ح11.

89ـ تهذيب الأحكام: ج8 ص110 ب36 ح23.

90ـ رجال النجاشي: ص309.

91ـ الكافي: ج6 ص44 ح10.

92ـ الكافي: ج6 ص43 ح8.

93ـ قرب الإسناد: ص45.

94ـ الكافي: ج6 ص44 ح12.

95ـ سورة البقرة: الآية 83.

96ـ سورة الإسراء: الآية 24.

97ـ سورة الإسراء: الآية 23.

98ـ سورة لقمان: الآية 15.

99ـ الكافي: ج2 ص159 ح8.

100ـ الكافي: ج2 ص158 ح4.

101ـ الكافي: ج2 ص160 ح11.

102ـ الكافي: ج2 ص348 ح2.

103ـ الكافي: ج2 ص349 ح5.

104ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص565 ب2 ح4934.