المؤلفات |
النظافة من الكذب |
مسألة: يجب النظافة فؤاداً ولساناً من الكذب، إلا في مستثنياته، وبذلك نصوص وروايات كثيرة. قال الله تعالى: (ما كذب الفؤاد ما رأى)(1). وقال سبحانه: (انظر كيف كذبوا على أنفسهم)(2). وقال عزّ وجلّ: (ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون)(3). وقال تعالى: (فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون)(4). وقال سبحانه: (والله يشهد أن المنافقين لكاذبون)(5). وقال تعالى: (إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار)(6). وقال سبحانه: (ويحلفون على الكذب وهم يعلمون أعدّ الله لهم عذاباً شديداً)(7). وقال تعالى: (وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون)(8). وعن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن الله عزّ وجلّ جعل للشر أقفالاً، وجعل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، والكذب شر من الشراب)(9). وقال (عليه السلام): (لا سوء أسوأ من الكذب)(10). وقال علي (عليه السلام): (الكذب شين الأخلاق)(11). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (آفة الحديث الكذب)(12).
|
الكذب على الله ورسوله والأئمة (عليهم السلام) |
مسألة: لا يجوز الكذب على الله ورسوله والأئمة، ويجب على الإنسان أن ينظف قلبه ولسانه منه، فإنه أشد حرمة وأكثر عقاباً. قال الله تعالى: (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودّة)(13). وقال سبحانه: (فمن أظلم ممن كذب على الله)(14). وقال تعالى: (ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)(15). وقال سبحانه: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام)(16). وقال تعالى: (إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون)(17). وقال سبحانه: (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء)(18). وقال تعالى: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً ليضلّ الناس بغير علم)(19) وهذا من مصاديق البدعة التي قال عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)(20). وعن أبي النعمان قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): (يا أبا النعمان لا تكذب علينا كذبة فتسلب الحنيفية، ولا تطلبن أن تكون رأسا فتكون ذنباً، ولا تستأكل الناس بنا فتفتقر، فإنك موقوف لا محالة ومسؤول، فإن صدقت صدقناك، وإن كذبت كذبناك)(21). وعن أبي عبد الله (عليه السلام)(في حديث) أنه قال لرجل من أهل الشام: (يا أخا أهل الشام اسمع حديثنا ولا تكذب علينا فإنه من كذب علينا في شيء فقد كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد كذب على الله ومن كذب على الله عذبه الله عزّ وجلّ)(22). وعن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) في وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): (يا علي من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)(23).
|
المحافظة على نظافة اللسان |
مسألة: يجب تنظيف اللسان عن معاصيه، فإن له عشرات المعاصي كما ذكروه في كتب الأخلاق، وينبغي تطييبه بذكر الله، وتزيينه بحسن القول وطيب الكلام. قال الله تعالى: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون)(24). وقال سبحانه: (واذكر ربك كثيراً وسبّح بالعشي والإبكار)(25). وقال عزّ وجلّ: (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام)(26). وقال تعالى: (واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون)(27). وقال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً)(28). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (فتنة اللسان أشد من ضرب السيف)(29). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (راحة الإنسان في حبس اللسان)(30). وقال علي بن الحسين (عليه السلام): (حق اللسان إلزامه عن الخنا وتعويده الخير وترك الفضول التي لا فائدة لها والبر بالناس وحسن القول فيهم)(31).
|
النظافة من لعن من لا يستحق |
مسألة: لا يجوز لعن من لا يستحق اللعن، أما المستحق له فيستحب كما ورد في لعن من لعنه الله والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) واللاعنون. قال الله تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة)(32). وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (إن اللعنة إذا خرجت من صاحبها ترددت بينها وبين الذي يلعن، فإن وجدت مساغاً وإلا عادت إلى صاحبها وكان أحق بها، فاحذروا أن تلعنوا مؤمناً فيحل لكم)(33).
|
لا تكن ذا وجهين ولسانين |
مسألة: يحرم أن يكون الإنسان ذا وجهين ولسانين في الجملة ويلزم التنظيف منها والتنزه عنها. قال الله تعالى: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون)(34) وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من لقي المسلمين بوجهين ولسانين جاء يوم القيامة وله لسانان من نار)(35). وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهداً، ويأكله غائباً، إن أعطي حسده، وإن ابتلي خذله)(36).
|
ستر الذنوب نظافة ظاهرية |
مسألة: يستحب للإنسان ستر الذنوب وتغطيتها، وذلك حفاظاً على النظافة الظاهرية، فإن الإسلام يؤكد على نظافة ظاهر الفرد والمجتمع كما يؤكد على نظافة باطنهما، وقد يجب الستر فيما إذا صدق على الإباحة بها إشاعة الفاحشة، قال الله تعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة)(37). وقال الإمام الرضا (عليه السلام): (المذيع بالسيئة مخذول، والمستتر بالسيئة مغفور له)(38).
|
التوبة والندم طهارة روحية |
مسألة: يجب التوبة من الذنوب والآثام الصادرة من الإنسان كما يلزم الندم عليها، وهي نظافة للروح، وطهارة للقلب، وانطلاق للعقل وتحرر للإنسان. قال الله عزّ وجلّ: (كل امرئ بما كسب رهين)(39). وقال تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة)(40). وقال سبحانه: (كفّر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم)(41). وقال تعالى: (أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم)(42). وقال سبحانه: (غافر الذنب وقابل التوب)(43). وقال تعالى: (لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم)(44). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)(45). وقال أبو عبد الله (عليه السلام): (لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين: رجل يزداد في كل يوم إحساناً، ورجل يتدارك ذنبه بالتوبة)(46). وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم): (اعترفوا بنعمة الله ربكم عزّ وجلّ، وتوبوا إليه من جميع ذنوبكم، فإن الله يحب الشاكرين من عباده)(47). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا أبا ذر إن العبد ليذنب الذنب فيدخل بذنبه ذلك الجنة. قلت: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: يكون ذلك الذنب نصب عينيه تائباً منه فاراً إلى الله حتى يدخل الجنة)(48). وقال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا شفيع أنجح من التوبة)(49). وعن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في عهده إلى أهل مصر قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (من سرته حسناته وساءته سيئاته، فذلك المؤمن حقاً)(50). وقال (عليه السلام): (الندم على الخطيئة استغفار)(51). وقال (عليه السلام): (الندم على الذنب يمنع عن معاودته)(52) وقال (عليه السلام): (الندم أحد التوبتين)(53). وقال (عليه السلام): (إذا فارقت ذنباً فكن عليه ندماً)(54). وقال (عليه السلام): (طوبى لكل نادم على زلته، مستدرك فارط عثرته)(55). وقال (عليه السلام): (من ندم فقد تاب)(56). وقال (عليه السلام): (ندم القلب يكفر الذنب)(57).
|
التزيّن بالتقوى والورع |
مسألة: يجب التحلّي بالتقوى، والتزين بالورع عن المحرمات واجتنابها وعدم التلوث بها، كما يستحب ذلك في الشبهات وما أشبه، نعم في الشبهة التي عليها العلم الإجمالي يجب الاجتناب كما ذكر في الأصول، وقد دل على لزوم التقوى نصوص وأخبار كثيرة. قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حتى تقاته)(58). وقال سبحانه: (إنما يتقبل الله من المتقين)(59). وقال عزّ وجلّ: (إن الله يحب المتقين)(60). وقال تعالى: (وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين)(61). وقال سبحانه: (فاصبر إن العاقبة للمتقين)(62). وقال تعالى: (وأزلفت الجنة للمتقين)(63). وقال سبحانه: (إن المتقين في جنات وعيون)(64). وقال تعالى: (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً)(65). وقال سبحانه: (إن للمتقين مفازاً)(66). وقال تعالى: (الأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)(67). وقال سبحانه: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين)(68). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إنا لا نعد الرجل مؤمناُ حتى يكون بجميع أمرنا متبعاً مريداً، ألا وإن من اتباع أمرنا وإرادته الورع، فتزينوا به يرحمكم الله، وكيدوا أعداءنا به ينعشكم الله)(69). وقال أبو جعفر (عليه السلام): (إن أشد العبادة الورع)(70). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من قال لا اله إلا الله مخلصاً دخل الجنة، وإخلاصه أن يحجزه لا إله إلا الله عما حرم الله)(71). وعن جعفر بن محمد (عليه السلام): (من أقام فرائض الله، واجتنب محارم الله، وأحسن الولاية لأهل بيتي، وتبرأ من أعداء الله، فليدخل من أي أبواب الجنة الثمانية شاء)(72). وعن عمرو بن سعيد بن هلال الثقفي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أوصني قال: (أوصيك بتقوى الله، والورع، والاجتهاد، واعلم أنه لا ينفع اجتهاد لا ورع فيه)(73). وعن حفص بن غياث قال: سالت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الورع من الناس فقال: (الذي يتورع عن محارم الله عزّ وجلّ)(74). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (قال الله عزّ وجلّ: إذا عصاني من خلقي من يعرفني، سلطت عليه من خلقي من لا يعرفني)(75). وعن ابن أبي عمير، عمن سمع أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) يقول: (ما أحب الله من عصاه) ثم تمثل: تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا لعــمرك في الفعال بديع لو كان حبك صادقاً لأطــــعته *** إن المحب لمن يحب مطيع(76)
|
احذر الشهوات المحرمة |
مسألة: لا يجوز ارتكاب الشهوات المحرمة ويجب الابتعاد منها والنزاهة عنها، وقد أكد على ذلك كثير من النصوص والروايات. قال الله تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غياً)(77). وقال سبحانه: (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)(78). وقال تعالى: (إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون)(79). وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (الجنة محفوفة بالمكاره والصبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة، وجهنم محفوفة باللذات والشهوات، فمن أعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار)(80). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وكم من شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً، والموت فضح الدنيا فلم يترك لذي لب فرحاً)(81).
|
النظافة من الكبائر |
مسألة: لا يجوز ارتكاب المعاصي صغيرة أو كبيرة ولكن الكبائر أشد حرمة فيجب على الإنسان اجتنابها والابتعاد عنها. قال سبحانه في وصف المؤمنين: (والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش)(82). وقال تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيئاتكم)(83). وقال سبحانه: (ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى الذين يجتبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة)(84). وهناك آيات تشير إلى بعض الكبائر منها قوله قال الله تعالى: (والذي تولّى كبره منهم له عذاب عظيم)(85). وقوله سبحانه: (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً)(86). وقوله عزّ وجلّ: (إن قتلهم كان خطئاً كبيراً)(87). وعن عبد العظيم بن عبد الله الحسني قال: حدثني أبو جعفر الثاني (عليه السلام) قال: سمعت أبي يقول: سمعت موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول: (دخل عمرو بن عبيد البصري على أبي عبد الله (عليه السلام) فلما سلم وجلس تلا هذه الآية: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش)(88) ثم أمسك. فقال أبو عبد الله (عليه السلام) ما أسكتك؟ قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله عزّ وجلّ. فقال: نعم يا عمرو، أكبر الكبائر الإشراك بالله، يقول الله: (ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة)(89). وبعده الأياس من روح الله لأن الله عزّ وجلّ يقول: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)(90). ثم الأمن لمكر الله لأن الله عزّ وجلّ يقول: (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون)(91). ومنها: عقوق الوالدين لأن الله سبحانه جعل العاق جباراً شقياً. وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق لأن الله عزّ وجلّ يقول: (فجزاؤه جهنم خالداً فيها)(92). وقذف المحصنة لأن الله عزّ وجلّ يقول: (لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم)(93). وأكل مال اليتيم لأن الله عزّ وجلّ يقول: (إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً)(94). والفرار من الزحف لأن الله عزّ وجلّ يقول: (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير)(95). وأكل الربا لأن الله عزّ وجلّ يقول: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس)(96). والسحر لأن الله عزّ وجلّ يقول: (ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق)(97). والزنا لأن الله عزّ وجلّ يقول: (ومن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً)(98). واليمين الغموس الفاجرة لأن الله عزّ وجلّ يقول: (الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة)(99). والغلول لأن الله عزّ وجلّ يقول: (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة)(100). ومنع الزكاة المفروضة لأن الله عزّ وجلّ يقول: (فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم)(101). وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأن الله عزّ وجلّ يقول: (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)(102). وشرب الخمر لأن الله عزّ وجلّ نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان. وترك الصلاة متعمداً أو شيئاً مما فرض الله عزّ وجلّ لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (من ترك الصلاة متعمداً فقد برء من ذمة الله وذمة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم)). ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله عزّ وجلّ يقول: (لهم اللعنة ولهم سوء الدار)(103). قال: فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول: هلك من قال برأيه، ونازعكم في الفضل والعلم)(104).
|
النظافة من الصغائر |
مسألة: كما أنه يجب ترك الكبائر من الذنوب ـ وقد مرّ بعض الكلام حوله ـ فكذلك يجب ترك الصغائر من الذنوب أيضاً، وخاصة الإصرار عليها، فإن الإصرار على الصغيرة يقلبها إلى كبيرة. قال الله تعالى: (وكل صغير وكبير مستطر)(105) أي: مسطور ومكتوب. وقال سبحانه: (يا ويلتنا مالِ هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً)(106). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة، وكم من شهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً، والموت فضح الدنيا فلم يترك لذي لب فرحاً)(107). وقال أبو عبد الله (عليه السلام): (اتقوا المحقرات من الذنوب فإنها لا تغفر. قلت: وما المحقرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب فيقول: طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك)(108). وقال (عليه السلام): (إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل بأرض قرعاء فقال لأصحابه: ائتوا بحطب. فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب. فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): فليأت كل إنسان بما قدر عليه. فجاءوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): هكذا تجتمع الذنوب، ثم قال: إياكم والمحقرات من الذنوب، فإن لكل شيء طالباً، ألا وإن طالبها يكتب (ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)(109))(110). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (لا تنظروا إلى صغير الذنب ولكن انظروا إلى ما اجترأتم)(111).
|
الرضا بقضاء الله |
مسألة: يلزم تطبيع النفس على الرضا بقضاء الله وقدره، كما يلزم تنظيفها عن الكراهة لقضائه عزّ وجلّ وقدره، وبذلك نصوص وروايات كثيرة. قال الله تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً)(112). وقال سبحانه: (وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً)(113). وقال عزّ وجلّ: (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليماً)(114). وقال تعالى: (وخلق كل شيء فقدّره تقديراً)(115). وقال سبحانه: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)(116). وقال تعالى: (وكان أمر الله قدراً مقدوراً)(117). وقال سبحانه: (ذلك تقدير العزيز العليم)(118). وقال تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)(119). وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بعض أسفاره إذ لقيه ركب فقالوا: السلام عليك يا رسول الله. فقال: ما أنتم؟ فقالوا: نحن مؤمنون يا رسول الله. فقال: فما حقيقة إيمانكم؟ فقالوا: الرضا بقضاء الله، والتفويض إلى الله، والتسليم لأمر الله. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): علماء حكماء كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء، فإن كنتم صادقين فلا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تجمعوا ما لا تأكلون، واتقوا الله الذي إليه تحشرون)(120). وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (أوحى الله تعالى إلى داود: يا داود تريد وأريد، ولا يكون إلا ما أريد، فإن أسلمت لما أريد أعطيتك ما تريد، وإن لم تسلم لما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد)(121). وروي: (ما قضى الله على عبده قضاءً فرضي به إلا جعل الخير فيه)(122). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن الله بعدله وحكمته وعلمه، جعل الروح والفرج في اليقين والرضا عن الله تعالى، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط، فارضوا من الله، وسلّموا لأمره)(123).
|
النظافة من الشكوى |
مسألة: يكره أن يشكو الإنسان ربه وربما كانت محرمة، فيلزم على الإنسان أن ينظف قلبه من ذلك، ويتحلى بطابع الشكوى إلى ربه. قال الله تعالى عن لسان يعقوب: (إنما أشكو بثّي وحزني إلى الله)(124). وقال سبحانه: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله)(125). وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يأتي على الناس زمان يشكون فيه ربهم. قلت: وكيف يشكون فيه ربهم؟ قال: يقول الرجل والله ما ربحت شيئاً منذ كذا وكذا، ولا آكل ولا أشرب إلا من رأس مالي، ويحك وهل أصل مالك وذروته إلا من ربك)(126). وعن أبي عبد الله (عليه السلام): (عجبت للمرء المسلم لا يقضي الله عزّ وجلّ له قضاءاً إلا كان خيراً له، وإن قرض بالمقاريض كان خيراً له، وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له)(127).
|
تنظيف القلب عما سوى الله |
مسألة: يلزم تنزيه القلب وتنظيفه عن كل ما سوى الله، فيكون القلب مشتغلاً بالله سبحانه وتعالى ومنشغلاً عن غيره، حيث إن القلب إذا اشتغل بغير الله سبحانه وتعالى قذُر معنوياً كما يقذر البدن مادياً، فيكون تطهيره بالاستغفار والرجوع إليه عزّ وجلّ. قال الله تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)(128). وقال سبحانه: (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)(129). وقال عزّ وجلّ: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)(130). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إعراب القلوب على أربعة أنواع: رفع وفتح وخفض ووقف، فرفع القلب في ذكر الله تعالى، وفتح القلب في الرضى عن الله، وخفض القلب في الاشتغال بغير الله، ووقف القلب في الغفلة عن الله تعالى، ألا ترى أن العبد إذ ذكر الله بالتعظيم خالصاً ارتفع كل حجاب كان بينه وبين الله تعالى من قبل ذلك، فإذا انقاد القلب لمورد قضاء الله بشرط الرضى عنه كيف ينفتح بالسرور بالروح والراحة وإذا اشتغل قلبه بشيء من أسباب الدنيا كيف تجده إذا ذكر الله بعد ذلك وأناب منخفضاً مظلماً خراب خاو ليس فيه عمران ولا مؤنس، وإذا غفل عن ذكر الله تعالى كيف تراه بعد ذلك موقوفاً ومحجوباً قد قسا وأظلم منذ فارق نور التعظيم، فعلامة الرفع ثلاثة أشياء: وجود الموافقة وفقد المخالفة ودوام الشوق، وعلامة الفتح ثلاثة أشياء: التوكل والصدق واليقين، وعلامة الخفض ثلاثة أشياء: العجب والرياء والحرص، وعلامة الوقف ثلاثة أشياء: زوال حلاوة الطاعة وعدم مرارة المعصية والتباس علم الحلال والحرام)(131).
|
النظافة من قسوة القلب وجمود العين |
مسألة: ينبغي تنظيف القلب من القسوة، والعين من الجمود، بل ينبغي تزيين القلب باللين والرقة، والعين بالدمع والعبرة، وبذلك روايات ونصوص كثيرة. قال الله تعالى في وصف الخاشعين: (ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)(132). وقال سبحانه: (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة)(133). وقال عزّ وجلّ: (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع)(134). وقال تعالى: (تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألاّ يجدوا ما ينفقون)(135). وعن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: (ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب)(136). وعن الباقر (عليه السلام) أنه قال لجابر: (وإياك والغفلة ففيها تكون قساوة القلب)(137) وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال في حديث: (إن أبعد الناس من الله القاسي القلب)(138).
من علامات الشقاء وعن الإمام علي (عليه السلام): (أربعة من علامة الشقاء: جمود العين، وقسوة القلب، وشدة الحرص لطلب الدنيا، والإصرار على الذنب)(139). وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (من كثر طمعه سقم بدنه، وقسا قلبه)(140). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (وليس شيء أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل، وهي مورثة قسوة القلب، وهيجان الشهوة)(141). وقال عيسى بن مريم (عليه السلام): (ما مرض قلب بأشد من القسوة)(142). وعن بعضهم (عليهم السلام): (إياكم وفضول المطعم فإنه يسم القلب بالقسوة)(143). وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): في حديث وعظ به أبا ذر، قال:(يا أبا ذر إن القلب القاسي بعيد من الله ولكن لا يشعرون)(144). وعن علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال: (والذنوب التي تحبس غيث السماء جور الحكام في القضاء ـ إلى أن قال (عليه السلام): ـ وقساوة القلوب على أهل الفقر والفاقة)(145). وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إن الله عزّ وجلّ لا يستجيب دعاءً بظهر قلب قاس)(146). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن الله تبارك وتعالى جعل الرحمة في قلوب رحماء خلقه فاطلبوا الحوائج منهم ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم، فإن الله تبارك وتعالى أحل غضبه بهم)(147). وعن عيسى (عليه السلام) قال: (قسوة القلوب من جفوة العيون وجفوة العيون من كثرة الذنوب، وكثرة الذنوب من حب الدنيا، وحب الدنيا رأس كل خطيئة)(148). وقال الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (ضادوا القسوة بالرقة)(149). وقال (عليه السلام): (من أعظم الشقاوة القساوة)(150).
|
التحلي بالصبر |
مسألة: يستحب التحلي بالصبر وقد يجب، وفي ذلك نصوص وروايات كثيرة. قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا)(151). وقال سبحانه: (واستعينوا بالصبر والصلاة)(152). وقال عزّ وجلّ: (فاصبر صبراً جميلاً)(153). وقال تعالى: (إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب)(154). وقال سبحانه: (واصبروا إن الله مع الصابرين)(155). وقال تعالى: (أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا)(156). وقال سبحانه: (إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أوّاب)(157). وقال تعالى: (والله يحب الصابرين)(158). وقال سبحانه: (ولنجزينّ الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون)(159). وقال تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا)(160). وقال سبحانه: (وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً)(161). وقال تعالى: (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين)(162).
الصبر والصابرون وعن جعفر بن محمد عن آبائه عن علي (صلوات الله عليهم أجمعين) أنه قال في حديث: (الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد)(163). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الصبر خير مركب)(164). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): (أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة: بدناً صابراً، ولساناً ذاكراً، وقلباً شاكراً، وزوجة صالحة)(165). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (إن قوماً يأتون يوم القيامة يتخللون رقاب الناس حتى يضربوا باب الجنة قبل الحساب، فيقولون لهم: بم تستحقون الدخول إلى الجنة قبل الحساب؟ فيقولون: كنا من الصابرين في الدنيا)(166). وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (الإيمان شطران: شطر صبر، وشطر شكر)(167). ولا يخفى أن الصبر غير الحلم، فيكون غالباً في النفس، صبراً على الطاعة أو عن المعصية أو عن الشهوات، أو على المصائب.
|
التزيّن بالحلم |
مسألة: يستحب التحلي بالحلم، وقد يجب، كل في مورده، وبذلك نصوص كثيرة. قال الله تعالى: (إن إبراهيم لحليم أوّاه منيب)(168). وقال سبحانه: (فبشرناه بغلام حليم)(169). وقال عزّ وجلّ: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)(170). وقال سبحانه: (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور)(171). وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (كان علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول: إنه ليعجبني الرجل أن يدركه حلمه عند غضبه)(172). وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إن الله يحب الحيي الحليم، العفيف المتعفف)(173). وعنه (عليه السلام) قال: (إن الله يحب الحيي الحليم)(174). وعن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)(في وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام)) قال: (ألا أخبركم بأشبهكم بي خلقاً؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: أحسنكم خلقاً، وأعظمكم حلماً، وأبرّكم بقرابته، وأشدكم من نفسه إنصافاً)(175).
|
النظافة من سوء الخلق |
مسألة: ينبغي للإنسان أن يُطهّر نفسه من سوء الخلق، وأن ينظفها من التلوث به، فإنه بين محرم ومكروه، مضافاً إلى ما فيه من شقاء روحي، وعذاب جسمي، وخسارة للدنيا والآخرة، فإن سوء الخلق كما في الروايات في النار لا محالة. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (إن سوء الخلق ليفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل)(176). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من ساء خلقه عذب نفسه)(177). وعن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام)(في وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) قال: (يا علي لكل ذنب توبة إلا سوء الخلق، فإن صاحبه كلما خرج من ذنب دخل في ذنب)(178).
|
البغي والحذر من التلوث به |
مسألة: يحرم البغي وهو الظلم، مطلقاً، وعلى الإنسان أن يبتعد منه ويحذر التلوث به، فإنه يدع الديار بلاقع، ويكون أسرع شيء على الإنسان عقوبة، وفي ذلك نصوص وروايات كثيرة. قال الله تعالى: (ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بُغي عليه لينصرنّه الله)(179). وقال سبحانه: (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله)(180). وقال عزّ وجلّ: (قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق)(181). وقال تعالى: (وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي)(182). وقال سبحانه: (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم)(183). وقال تعالى: (ذلك جزيناهم ببغيهم)(184). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (يقول إبليس لجنوده: ألقوا بينهم الحسد والبغي، فإنهما يعدلان عند الله الشرك)(185). وعن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن أعجل الشر عقوبة البغي)(186). وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن أسرع الخير ثواباً البر، وإن أسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، أو يعيّر الناس بما لا يستطيع تركه، أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه)(187). وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: (قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لو بغى جبل على جبل لجعل الله الباغي منهما دكاً)(188).
|
اجتنب التبجّح والتفاخر |
مسألة: ينبغي أن ينظف الإنسان نفسه عن كل ما فيه شائبة التبجّح والافتخار، والنخوة والتكبّر، وقد نددّت به النصوص والروايات الكريمة. قال الله تعالى: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق)(189). وقال سبحانه: (فاستكبروا وكانوا قوماً مجرمين)(190). وقال عزّ وجلّ: (كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار)(191). وقال تعالى: (إن الله لا يحب كل مختال فخور)(192). وقال سبحانه: (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر)(193). ومن كلام لأمير المؤمنين (عليه السلام) قال بعد تلاوة (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر): (يا له مراماً ما أبعده، وزوراً ما أغفله، وخطراً ما أفزعه؟ أفبمصارع آبائهم يفتخرون، أم بعديد الهلكى يتكاثرون؟ يرتجعون فيهم أجساداً خوت، وحركات سكنت، ولأن يكونوا عبراً أحق من أن يكونوا مفتخراً، ولأن يهبطوا بهم جناب ذلّة أحجى من أن يقوموا بهم مقام عزّة)(194). وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (لما كان يوم فتح مكة قام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الناس خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس ليبلّغ الشاهد الغائب، إن الله تبارك وتعالى قد أذهب عنكم بالإسلام نخوة الجاهلية، والتفاخر بآبائها وعشائرها، أيها الناس: إنكم من آدم، وآدم من طين، ألا وأن خيركم عند الله وأكرمكم عليه اليوم أتقاكم وأطوعكم له)(195). وعن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): (عجباً للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة، ثم هو غداً جيفة)(196). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): آفة الحسب الافتخار والعجب)(197). وعن جعفر بن محمد، عن آبائه في وصية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام) قال: (يا علي آفة الحسب الافتخار، ثم قال: يا علي إن الله أذهب بالإسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إن الناس من آدم، وآدم من تراب، وأكرمهم عند الله أتقاهم)(198).
|
التحلي بالجود والسخاء |
مسألة: يستحب التحلي بالجود والسخاء والتخلّي عن الشح والبخل، وتنظيف النفس عن التلوث به. قال الله تعالى: (ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون)(199). وقال سبحانه: (فأما من أعطى واتقى وصدّق بالحسنى فسنُيسّره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذّب بالحسنى فسنيسّره للعسرى)(200). وقال عزّ وجلّ: (سيطوّقون ما بخلوا به يوم القيامة)(201). وقال تعالى: (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء)(202). وقال سبحانه: (فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولّوا وهم معرضون)(203). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (أتى رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا رسول الله أي الناس أفضل إيماناً؟ قال: أبسطهم كفاً)(204). وعن الحسن بن علي الوشاء قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول: (السخي قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، وسمعته يقول: السخاء شجرة في الجنة، من تعلق بغصن من أغصانها دخل الجنة)(205). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الأيدي ثلاثة: سائلة ومنفقة وممسكة، وخير الأيدي المنفقة)(206). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من يضمن لي أربعة بأربعة أبيات في الجنة: أنفق ولا تخف فقراً، وأنصف الناس من نفسك، وأفش السلام في العالم، واترك المراء وإن كنت محقاً)(207).
|
النظافة من العجب |
مسألة: يلزم تنظيف النفس من العجب وتطهير القلب من هذا الداء الروحي، وللعجب درجات وهي مهلكة لدنيا الإنسان وآخرته، وفي ذلك روايات كثيرة. فعن أبي عبيدة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله عزّ وجلّ: (إن من عبادي المؤمنين لمن يجتهد في عبادتي، فيقوم من رقاده، ولذيذ وساده، فيجتهد لي الليالي، فيتعب نفسه في عبادتي، فأضر به بالنعاس الليلة والليلتين نظراً مني له، وإبقاءً عليه فينام حتى يصبح، فيقوم وهو ماقت لنفسه، زارئ عليها، ولو أخلى بينه وبين ما يريد من عبادتي لدخله العجب من ذلك، فيصيّره العجب إلى الفتنة بأعماله، فيأتيه من ذلك ما فيه هلاكه، لعجبه بأعماله، ورضاه عن نفسه، حتى يظن أنه قد فاق العابدين، وجاز في عبادته حد التقصير، فيتباعد مني عند ذلك وهو يظن أنه يتقرب إلي)(208). وعن علي بن سويد، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: (سألته عن العجب الذي يفسد العمل؟ فقال: العجب درجات: منها: أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسناً، فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعاً. ومنها: أن يؤمن العبد بربه فيمن على الله عزّ وجلّ، ولله عليه فيه المن)(209). وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من دخله العجب هلك)(210). وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حديث: (ثلاث منجيات ـ إلى قوله ـ قالوا: فما المهلكات؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه(211).وقال (عليه السلام): (الإعجاب يمنع الازدياد)(212). وقال (عليه السلام): (عجب المرء بنفسه أحد حساد عقله)(213). |
1ـ سورة النجم: الآية 11. 2ـ سورة الأنعام: الآية 24. 3ـ سورة البقرة: الآية 10. 4ـ سورة التوبة: الآية 77. 5ـ سورة المنافقون: الآية 1. 6ـ سورة الزمر: الآية 3. 7ـ سورة المجادلة: الآية 14-15. 8ـ سورة العنكبوت: الآية 12. 9ـ الكافي: ج2 ص338 ح3. 10ـ التوحيد: ص74. 11ـ غرر الحكم ودرر الكلم: ص219 ح4362. 12ـ معدن الجواهر: ص59 باب ذكر ما جاء في سبعة. 13ـ سورة الزمر: الآية 60. 14ـ سورة الزمر: الآية 32. 15ـ سورة آل عمران: الآية 61. 16ـ سورة النحل: الآية 116. 17ـ سورة يونس: الآية 69. 18ـ سورة الأنعام: الآية 93. 19ـ سورة الأنعام: الآية 144. 20ـ مستدرك الوسائل: ج10 ص295 ب42 ح12046. 21ـ الكافي: ج2 ص338 ح1. 22ـ وسائل الشيعة: ج8 ص575 ب139 ح4. 23ـ وسائل الشيعة: ج8 ص576 ب139 ح5. 24ـ سورة البقرة: الآية 152. 25ـ سورة آل عمران: الآية 41. 26ـ سورة البقرة: الآية 198. 27ـ سورة الأنفال: الآية 45. 28ـ سورة الأحزاب: الآية 41-42. 29ـ جامع الأخبار: ص93 ب52. 30ـ جامع الأخبار: ص93 ب52. 31ـ مشكاة الأنوار: ص 173 الفصل 19. 32ـ سورة الأحزاب: الآية 57. 33ـ قرب الإسناد: ص7. 34ـ سورة البقرة: الآية 14. 35ـ وسائل الشيعة: ج8 ص581 ب143 ح1. 36ـ الكافي: ج2 ص343 ح2. 37ـ سورة النور: الآية 19. 38ـ الكافي: ج2 ص428 ح1. 39ـ سورة الطور: الآية 21. 40ـ سورة المدثر: الآية 38. 41ـ سورة محمد: الآية 2. 42ـ سورة المائدة: الآية 74. 43ـ سورة غافر: الآية 3. 44ـ سورة الزمر: الآية 53. 45ـ عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج2 ص74. 46ـ الخصال: ص41. 47ـ مهج الدعوات: ص227. 48ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص117 ب83 ح13672. 49ـ من لا يحضره الفقيه: ج3 ص574 ب2 ح4965. 50ـ مستدرك الوسائل: ج1 ص143 ب22 ح212. 51ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص117 ب83 ح13674. 52ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص117 ب83 ح13674. 53ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص117 ب83 ح13674. 54ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص117 ب83 ح13674. 55ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص117 ب83 ح13674. 56ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص117 ب83 ح13674. 57ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص117 ب83 ح13674. 58ـ سورة آل عمران: الآية 102. 59ـ سورة المائدة: الآية 27. 60ـ سورة التوبة: الآية 4. 61ـ سورة آل عمران: الآية 133. 62ـ سورة هود: الآية 49. 63ـ سورة الشعراء: الآية 90. 64ـ سورة الحجر: الآية 45. 65ـ سورة مريم: الآية 85. 66ـ سورة النبأ: الآية 31. 67ـ سورة الزخرف: الآية 67. 68ـ سورة البقرة: الآية 2. 69ـ الكافي: ج2 ص78 ح13. 70ـ الكافي: ج2 ص77 ح5. 71ـ وسائل الشيعة: ج11 ص203 ي23 ح12. 72ـ وسائل الشيعة: ج11 ص204 ب23 ح16. 73ـ الكافي: ج2 ص78 ح11. 74ـ الكافي: ج2 ص77 ح8. 75ـ من لا يحضره الفقيه: ج4 ص404 ب2 ح5871. 76ـ وسائل الشيعة: ج11 ص243 ب41 ح9. وفيه: (هذا محال في الفعال بديع). 77ـ سورة مريم: الآية 59. 78ـ سورة النساء: الآية 27. 79ـ سورة الأعراف: الآية 81. 80ـ وسائل الشيعة: ج11 ص244 ب42 ح1. 81ـ وسائل الشيعة: ج11 ص244 ب42 ح2. 82ـ سورة الشورى: الآية 37. 83ـ سورة النساء: الآية 31. 84ـ سورة النجم: الآية 31-32. 85ـ سورة النور: الآية 11. 86ـ سورة النساء: الآية 2. 87ـ سورة الإسراء: الآية 31. 88ـ سورة الشورى: الآية 37. 89ـ سورة المائدة: الآية 72. 90ـ سورة يوسف: الآية 87. 91ـ سورة الأعراف: الآية 99. 92ـ سورة النساء: الآية 93. 93ـ سورة النور: الآية 23. 94ـ سورة النساء: الآية 10. 95ـ سورة الأنفال: الآية 16. 96ـ سورة البقرة: الآية 275. 97ـ سورة البقرة: الآية 102. 98ـ سورة الفرقان: الآية 68 ـ 69. 99ـ سورة آل عمران: الآية 77. 100ـ سورة آل عمران: الآية 161. 101ـ سورة التوبة: الآية 35. 102ـ سورة البقرة: الآية 283. 103ـ سورة الرعد: الآية 25. 104ـ الكافي: ج2 ص285 ح24. 105ـ سورة القمر: الآية 53. 106ـ سورة الكهف: الآية 49. 107ـ الكافي: ج2 ص451 ح1. 108ـ الكافي: ج2 ص287 ح1. 109ـ سورة يس: الآية 12. 110ـ الكافي: ج2 ص288 ح3. 111ـ وسائل الشيعة: ج11 ص247 ب43 ح3. 112ـ سورة الأحزاب: الآية 36. 113ـ سورة الإسراء: الآية 23. 114ـ سورة النساء: الآية 65. 115ـ سورة الفرقان: الآية 2. 116ـ سورة القمر: الآية 49. 117ـ سورة الأحزاب: الآية 38. 118ـ سورة يس: الآية 38. 119ـ سورة التوبة: الآية 51. 120ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص167 ب101 ح13795. 121ـ سفينة البحار: ج1 ص524 مادة: رضا، الطبعة القديمة. 122ـ سفينة البحار: ج1 ص524 مادة: رضا، الطبعة القديمة. 123ـ سفينة البحار: ج1 ص524 مادة: رضا، الطبعة القديمة. 124ـ سورة يوسف: الآية 86. 125ـ سورة المجادلة: الآية 1. 126ـ الكافي: ج5 ص12 ح37. 127ـ سفينة البحار: ج1 ص524 مادة: رضا. ط القديمة. 128ـ سورة الرعد: الآية 28. 129ـ سورة الشعراء: الآية 88-89. 130ـ سورة الحج: الآية 32. 131ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص169 ب101 ح13799. 132ـ سورة الزمر: الآية 23. 133ـ سورة الحديد: الآية 27. 134ـ سورة المائدة: الآية 83. 135ـ سورة التوبة: الآية 92. 136ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص93 ب76 ح13608. 137ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص93 ب76 ح13610. 138ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص93 ب76 ح13611. 139ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص94 ب76 ح13612. 140ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص94 ب76 ح13614. 141ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص94 ب76 ح13615. 142ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص94 ب76 ح13615. 143ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص95 ب76 ح13616. 144ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص95 ب76 ح13617. 145ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص95 ب76 ح13618. 146ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص95 ب76 ح13618. 147ـ مستدرك الوسائل: ج7 ص227 ب32 ح8103. 148ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص39 ب61 ح13458. 149ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص96 ب76 ح13621. 150ـ مستدرك الوسائل: ج12 ص96 ب76 ح13621. 151ـ سورة آل عمران: الآية 200. 152ـ سورة البقرة: الآية 45. 153ـ سورة المعارج: الآية 5. 154ـ سورة الزمر: الآية 10. 155ـ سورة الأنفال: الآية 46. 156ـ سورة القصص: الآية 54. 157ـ سورة ص: الآية 44. 158ـ سورة آل عمران: الآية 146. 159ـ سورة النحل: الآية 96. 160ـ سورة السجدة: الآية 24. 161ـ سورة الإنسان: الآية 12. 162ـ سورة النحل: الآية 126. 163ـ مستدرك الوسائل: ج11 ص283 ب25 ح13026. 164ـ مستدرك الوسائل: ج11 ص283 ب25 ح13027. 165ـ مستدرك الوسائل: ج2 ص414 ب64 ح2338. 166ـ مستدرك الوسائل: ج11 ص283 ب25 ح13030. 167ـ مستدرك الوسائل: ج11 ص287 ب25 ح13039. 168ـ سورة هود: الآية 75. 169ـ سورة الصافات: الآية 101. 170ـ سورة آل عمران: الآية 134. 171ـ سورة الشورى: الآية 43. 172ـ الكافي: ج2 ص112 ح3. 173ـ الكافي: ج2 ص112 ح8. 174ـ الكافي: ج2 ص112 ح4. 175ـ وسائل الشيعة: ج11 ص211 ب26 ح9. 176ـ الكافي: ج2 ص321 ح3. 177ـ الكافي: ج2 ص321 ح4. 178ـ من لا يحضره الفقيه: ج4 ص352 ب2 ح5762. 179ـ سورة الحج: الآية 60. 180ـ سورة الحجرات: الآية 9. 181ـ سورة الأعراف: الآية 33. 182ـ سورة النحل: الآية 90. 183ـ سورة يونس: الآية 23. 184ـ سورة الأنعام: الآية 146. 185ـ الكافي: ج2 ص327 ح2. 186ـ الكافي: ج2 ص327 ح1. 187ـ الكافي: ج2 ص459 ح1. 188ـ وسائل الشيعة: ج11 ص334 ب74 ح10. 189ـ سورة الأعراف: الآية 146. 190ـ سورة الأعراف: الآية 133. 191ـ سورة غافر: الآية 35. 192ـ سورة لقمان: الآية 18. 193ـ سورة التكاثر: الآية 1 ـ 2. 194ـ سفينة البحار: ج2 ص347 مادة: فخر. ط القديمة. 195ـ سفينة البحار: ج2 ص348 مادة: فخر. ط القديمة. 196ـ الكافي: ج2 ص328 ح1. 197ـ الكافي: ج2 ص328 ح2. 198ـ وسائل الشيعة: ج11 ص335 ح75 ح6. 199ـ سورة الحشر: الآية 9. 200ـ سورة الليل: الآية 5-10. 201ـ سورة آل عمران: الآية 180. 202ـ سورة محمد: الآية 38. 203ـ سورة التوبة: الآية 76. 204ـ الكافي: ج4 ص40 ص7. 205ـ الكافي: ج4 ص40 ص9. 206ـ الكافي: ج4 ص43 ح6. 207ـ الكافي: ج4 ص44 ح10. 208ـ الكافي: ج2 ص60 ح4. 209ـ الكافي: ج2 ص313 ح3. 210ـ الكافي: ج2 ص313 ح2. 211ـ المحاسن: ص3. 212ـ نهج البلاغة: ج18 ص391 ب169. 213ـ نهج البلاغة: ج19 ص33 ح208. |