المؤلفات |
تقسيم آخر للخبر |
ثم إنهم ذكروا للخبر أقساماً ـ غير الأصول الأربعة المتقدمة ـ لبيان خصوصياته: فالمسند: ما اتصل سنده بالمعصوم من غير قطع، والمتصل أعم فيشمل المتصل السند الذي لا ينتهي إلى المعصوم، والمرفوع وهو ما أُضيف إلى المعصوم. والغالب إطلاقه فيما اعتراه قطع أو إرسال أو نحونهما. والمعلق: ما حذف من أول إسناده. والعالي الإسناد: هو قليل الوسائط. والمعنعن: ما يُقال في سنده: فلان عن فلان، وهكذا. والمدّرج: هو أن يُدرج في الحديث كلام بعض الرواة فيُظن أنه من الحديث. والمشهور: هو الشائع عند أهل الحديث. والشاذ: خلاف المشهور، وإن كان ثقة. والغريب الإسناد: ما ينفرد بروايته واحد، مع أنه محل الابتلاء مما ينبغي تعدد الرواة فيه. والغريب المتن: ما ليس على طبق سائر الروايات في مضمونه. والمصحّف في السند: أن يبدل لفظ بلفظ، مثل تبديل (بريد) بالباء والراء بـ(يزيد) بالياء والزاء. والمصحّف في المتن: مثل تصحيف (ستاً) أي ستة أيام بـ(شيئاً) في حديث صيام شوال بعد رمضان. والمسلسل: وهو تسلسل الإسناد على صفةٍ أو حالةٍ، مثل: روى محمد، عن أبيه، عن زيد، عن أبيه. وهكذا. والمقطوع: وهو ما قطع بعض سنده. والمضمر: وهو ما لم يذكر فيه الإمام بالصراحة بل بالضمير، مثل: سألته. والموقوف: وهو ما روي عن صاحب المعصوم ولم يسند إلى المعصوم. والمدلَّس ـ بالفتح ـ : وهو ما دلّسه الراوي، مثلاً: قال سمعت عن أبي ذر. وهو لم يدركه، أو ما أشبه ذلك. والمضطرب: وهو ما ذكره الراوي تارة عن زيد، وأخرى عن عمرو مثلاً، أو اضطرب متنه كأن قال مرة: إن الحيض من الأيمن، ومرة: إنه من الأيسر. والموضوع: وهو ما وضع كذباً. إلى غيرها مما ذكر في المفصلات. |
تطبيق العصر على السنة |
من المباحث المهمة في باب السنة ـ وإن كان هذا المبحث أعم منها ومن الكتاب إلا أن غلبة السنة في الأحكام المفروضة أوجب ذكره هنا ـ بحث كيفية تطبيق السنة على الظرف الحاضر، وبعبارة أقرب: تطبيق العصر على السنة، فإن كليات السنة وملاكاتها قابلة الانطباق على كل مصر وعصر. وذلك ما فعله فقهاؤنا في عصورهم السابقة، فمثلاً شيخ الطائفة طبق عصره على السنة، والعلامة في (القواعد) فعل ذلك، وهكذا الأمر حتى إلى صاحب الجواهر. لكن حيث تغير العصر في هذا القرن احتاج الأمر إلى تجديد التطبيق، مثلاً كيف يمكن التحرز عن قانون الجمارك المحرمة، مع إنه لو رفع ربما غزا البلاد الأجانب، وربما خرجت حاجات البلاد إلى الأجانب؟ لكن ذلك ممكن، بأن يجمع بين عدم غزو البلاد وبين عدم جعل الجمارك، بتطبيق قانون (لا ضرر). وكذلك بالنسبة إلى قانون البنوك حيث أن عدمها تحطيم الاقتصاد ووجودها إنعاش للربا. لكن من الممكن وجودها بدون ربا وبدون سائر القوانين المحرمة التي توجد فيها ـ على ما ألمعنا إليه في كتابنا (البنك الإسلامي) ـ . هكذا بالنسبة إلى تحديد النسل حيث الانفجار السكاني، فإن حُدّد كان خلاف (تناسلوا)(1) ، وإن لم يحدد كان تضييقاً في الاقتصاد والمسكن وغيرهما. لكن الظاهر أن التهويل في غير موضعه، حيث كبت الحريات الموجب لركود الاقتصاد بل تأخره، فاللازم تطبيق سائر القوانين الإسلامية الموجب لعدم تضييق كثرة النسل على الاقتصاد، إلى غيرها من المسائل المتصدرة التي تتوقف تطبيق السنة على معرفة الحلول الصحيحة.
|
1 ـ عوالي اللآلي: ج 3 ص 288 ح 38. |