الفهرس

موسوعة الكلمة

الصفحة الرئيسية

 

11

سلمان المحمدي

إلهيات

لا قربان لغير الله(1)

إنَّ رجلاً دخل الجنة في ذباب، وآخر دخل النار في ذباب، فقيل له: وكيف ذلك يا أبا عبد الله؟

قال: مرَّا على قوم في عيد لهم، وقد وضعوا أصناماً لهم لا يجوز بهم أحد حتَّى يقرِّب إلى أصنامهم قرباناً قلَّ أم كثر، فقالوا لهما: لا تجوزا حتَّى تقرِّبا كما يقرِّب كل من مرَّ.

فقال أحدهما: ما معي شيء أقرِّبه، وأخذ أحدهما ذباباً فقرَّبه، ولم يقرِّب الآخر، فقال: لا أقرب إلى غير الله جل وعز شيئاً. فقتلوه، فدخل الجنة ودخل الآخر النار.

نبويات

النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في المدينة(2)

لَمَّا قدم النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إلى المدينة تعلَّق الناس بزمام الناقة، فقال النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): يا قوم دعوا الناقة فهي مأمورة فعلى باب من بركت فأنا عنده. فأطلقوا زمامها وهي تهفُّ في السير حتَّى دخلت المدينة فبركت على باب أبي أيوب الأنصاري، ولم يكن في المدينة أفقر منه، فانقطعت قلوب الناس حسرة على مفارقة النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، فنادى أبو أيوب: يا أماه افتحي الباب، فقد قدم سيد البشر، وأكرم ربيعة ومضر، مُحَمَّد المصطفى، والرسول المجتبى. فخرجت وفتحت الباب وكانت عمياء فقالت: وا حسرتا ليت كان لي عين أبصر بها إلى وجه سيدي رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ). فكان أول معجزة النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في المدينة أنَّه وضع كفه على وجه أم أبي أيوب فانفتحت عيناها.

النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وصاحب العنزة(3)

كنت صائماً فلم أقدر إلا على الماء ثلاثاً، فأخبرت رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) بذلك.

فقال: إذهب بنا. قال: فمررنا فلم نصب شيئاً إلا عنزة. فقال رسول الله لصاحبها: قرِّبها.

قال: حائل.

قال: قرِّبها. فقربها فمسح موضع ضرعها فانسدلت.

قال لصاحبها: قرِّب قعبك، [فجاء به]، فملأه لبناً، فأعطاه صاحب العنز.

فقال: إشرب، فشرب، ثُمَّ ملأ القدح فناولني [إياه] فشربته، ثُمَّ أخذ القدح فملأه فشرب.

لَمَّا خلق الله آدم(4)

إنَّ الله لما خلق آدم وكان أول ما خلق عيناه، فجعل ينظر إلى جسده كيف يخلق، فلمَّا حانت أن يتبالغ الخلق في رجليه فأراد القيام فلم يقدر، وهو قول الله (وَكَاْنَ الإِنْسَاْنُ عَجُوْلاً((5)، وإنَّ الله لَمَّا خلق آدم ونفخ فيه لم يلبث أنْ تناول عنقود العنب فأكله.

ولائيات

في كف علي (عليهِ السَّلام)(6)

كنا جلوساً عند النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إذ أقبل علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) فناوله حصاة فما استقرَّت الحصاة في كفّ علي (عليهِ السَّلام) حتَّى نطقت، وهي تقول: ((لا إله إلا الله، مُحَمَّد (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) رسول الله، رضيت بالله رباً، وبمُحَمَّد نبياً، وبعلي بن أبي طالب ولياً))، ثُمَّ قال النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): من أصبح منكم راضياً بالله وبولاية علي بن أبي طالب فقد أمن خوف الله وعقابه.

ربان الأرض(7)

عن زر بن حبيش قال: مرَّ عليٌّ (عليهِ السَّلام) على بغلة رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في ملأ، فقال سلمان رحمة الله عليه:

ألا تقومون تأخذون بحجزته تسألونه؟ فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنَّه لا يخبركم بسرِّ نبيكم (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) أحد غيره، وإنَّه لعالم الأرض وربانيها، وإليه تسكن، لو فقدتموه لفقدتم العلم وأنكرتم الناس.

لو ولَّيتموها علياً(8)

الحمد لله الذي هداني لدينه بعد جحودي له، إذ أنا مذك لنار الكفر، أهلّ لها نصيباً، أو أثبت لها رزقاً حتَّى ألقى الله عزَّ وجلَّ في قلبي حبَّ تهامة، فخرجت جائعاً ظمآن، قد طردني قومي وأخرجت من مالي، ولا حمولة تحملني، ولا متاع يجهزني، ولا مال يقويني، وكان من شأني ما قد كان، حتَّى أتيت مُحَمَّداً (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فعرفت من العرفان ما كنت أعلمه، ورأيت من العلامة ما أخبرت بها، فأنقذني من النار، فنلت من الدنيا على المعرفة التي دخلت عليها في الإسلام، ألا أيها الناس اسمعوا من حديثي ثُمَّ اعقلوا عني، قد أوتيت العلم كثيراً، ولو أخبرتكم بكل ما أعلم لقالت طائفة: لمجنون، وقالت طائفة أخرى: اللهم اغفر لقاتل سلمان، ألا إنَّ لكم منايا تتبعها بلايا، فإنَّ عند علي (عليهِ السَّلام) علم المنايا وعلم الوصايا وفصل الخطاب، على منهاج هارون بن عمران، قال له رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): أنت وصيي وخليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى، ولكنكم أصبتم سُنَّة الأولين، وأخطأتم سبيلكم، والذي نفس سلمان بيده لتركبن طبقاً عن طبق، سُنَّة بني إسرائيل، القذَّة بالقذَّة، أما والله لو وليتموها علياً لأكلتم من فوقكم، ومن تحت أرجلكم، فأبشروا بالبلاء واقنطوا من الرجاء، ونابذتكم على سواء، وانقطعت العصمة فيما بيني وبينكم من الولاء، أما والله لو أني أدفع ضيماً أو أعز لله ديناً لوضعت سيفي على عاتقي ثُمَّ لضربت به قدماً قدماً، ألا إني أحدثكم بما تعلمون وبما لا تعلمون، فخذوها من سنة السبعين بما فيها، ألا إنَّ لبني أمية في بني هاشم نطحات، ألا إنَّ بني أمية كناقة الضروس تعض بفيها، وتخبط بيديها، وتضرب برجليها، وتمنع درَّها، ألا إنَّه حق على الله أنْ يذلَّ باديها وأنْ يظهر عليها عدوها، ومع قذف من السماء وخسف ومسخ وشوه الخلق(9) حتَّى أنَّ الرجل ليخرج من جانب حجلته إلى صلاة فيمسخه الله قرداً، ألا وفئتان تلتقيان بتهامة كلتاهما كافرتان، ألا وخسف بكلب وما أنا وكلب، والله لولا ما لأريتكم مصارعهم، ألا وهو البيداء، ثُمَّ يجيء ما تعرفون، فإذا رأيتم أيها الناس الفتن كقطع الليل المظلم يهلك فيها الراكب الموضع والخطيب المصقع والرأس المتبوع، فعليكم بآل مُحَمَّد، فإنَّهم القادة إلى الجنة، والدعاة إليها يوم القيامة، وعليكم بعلي فوالله لقد سلمنا عليه بالولاء مع نبينا، فما بال اليوم؟ أحسدٌ؟ قد حسد قابيل هابيل، أو كفر؟ فقد ارتدَّ قوم موسى عن الأسباط ويوشع وشمعون وابني هارون شبر وشبير، والسبعين الذين اتهموا موسى على قتل هارون فأخذتهم الرجفة من بغيهم، ثُمَّ بعثهم الله أنبياء مرسلين وغير مرسلين وأمر هذه الأمة كأمر بني إسرائيل، فأين يذهب بكم، ما أنا وفلان وفلان، ويحكم، والله، ما أدري أتجهلون أم تتجاهلون، أم نسيتم أم تتناسون، أنزلوا آل مُحَمَّد منكم منزلة الرأس من الجسد، بل منزلة العينين من الرأس.

النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يودِّع فاطمة (عليها السَّلام)(10)

لَمَّا مرض النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) المرضة التي قبضه الله فيها دخلتُ فجلست بين يديه، ودخلت عليه فاطمة الزهراء (عليها السَّلام) فلما رأت ما به خنقتها العبرة حتَّى فاضت دموعها على خدَّيها.

فلما أنْ رآها رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) قال: ما يبكيك يا بنية؟

فقالت: كيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف، فمن لنا بعدك يا رسول الله؟

قال لها: لكم الله فتوكَّلي عليه واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء وأمهاتك من أزواجهم. يا فاطمة أوَما علمت أنَّ الله تبارك وتعالى اختار أباك فجعله نبياً وبعثه رسولاً، ثُمَّ علياً فزوجك إياه وجعله وصياً، فهو أعظم الناس حقاً على المسلمين بعد أبيك، وأقدمهم سلماً، وأعزهم خطراً، وأجملهم خلقاً، وأشدهم في الله غضباً، وأشجعهم قلباً،،وأثبتهم وأربطهم جأشاً، وأسخاهم كفاً، ففرحت بذلك فاطمة (عليها السَّلام) فرحاً شديداً.

فقال لها رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): هل سررتِك يا بنية؟

قالت: نعم يا رسول الله لقد سررتني وأحزنتني.

قال: كذلك أمور الدنيا يشوب سرورها بحزنها، قال: أفلا أزيدك في زوجكِ من مزيد الخير كله؟

قالت: بلى يا رسول الله.

قال: إنَّ علياً (عليهِ السَّلام) أول من آمن بالله، وهو ابن عم رسول الله، وأخو الرسول، ووصي رسول الله، وزوج بنت رسول الله، وابناه سبطا رسول الله، وعمه سيد الشهداء عم رسول الله، وأخوه جعفر الطيار في الجنة ابن عم رسول الله، والمهدي الذي يصلي عيسى خلفه منك ومنه، فهذه خصال لم يعطها أحد قبله، ولا أحد بعده، يا بنية هل سررتكِ؟

قالت: نعم يا أبت.

قال: أولا أزيدك في زوجكِ من مزيد الخير كله؟

قالت: بلى يا رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ).

قال: إنَّ الله تبارك وتعالى خلق الخلق قسمين، فجعلني وزوجكِ في أخْيَرِها قسماً، وذلك قوله عزَّ وجلَّ: (وَأَصْحَاْبُ الْيَمِيْنِ مَاْ أَصْحَاْبُ الْيَمِيْنِ((11)، ثُمَّ جعل الإثنين ثلاثاً فجعلني وزوجكِ في أخْيَرِهما ثلاثاً وذلك قوله: (وَأَصْحَاْبُ الْمَيْمَنَةِ * مَاْ أَصْحَاْبُ الْمَيْمَنَةِ... وَالسَّاْبِقُوْنَ السَّاْبِقُوْنَ * أُولَئِكَ الَمُقَرَّبُوْنَ * فِيْ جَنَّاْتِ النَّعِيْمِ((12).

هؤلاء المفلحون(13)

يا أبا الحسن ما طلعت على رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إلا وضرب بين كتفي وقال: يا سلمان هذا وحزبه (هُمُ الْمُفْلِحُوْنَ((14).

محبُّ عليٍّ (عليهِ السَّلام)(15)

لا أزال أحبُّ علياً (عليهِ السَّلام) فإني رأيت رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يضرب فخذه ويقول: محبُّك لي محبٌّ، ومحبي لله محب، ومبغضك لي مبغض، ومبغضي لله تعالى مبغض.

لماذا نحبُّ علياً(16)

كنا عند رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إذ جاء أعرابي من بني عامر فوقف وسلَّم فقال: يا رسول الله جاء منك رسول يدعونا إلى الإسلام فأسلمنا، ثُمَّ إلى الصلاة والصيام والجهاد فرأيناه حسناً، ثُمَّ نهيتنا عن الزنا والسرقة والغيبة والمنكر فانتهينا.

فقال لنا رسولك: علينا أنَّ نحبَّ صهرك علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) فما السرُّ في ذلك وما نراه عبادة.

قال رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): لخمس خصال: أولها أني كنت يوم بدر جالساً بعد أنْ غزونا إذ هبط جبرئيل (عليهِ السَّلام) وقال: إنَّ الله يقرئك السلام ويقول: باهيت اليوم بعلي ملائكتي وهو يجول بين الصفوف ويقول: الله أكبر، والملائكة تكبِّر معه، وعزَّتي وجلالي لا ألهم حبَّه إلا من أحبَّه، ولا ألهم بغضه إلا من أبغضه.

والثانية: أني كنت يوم أُحُدٍ جالساً وقد فرغنا من جهاز عمي حمزة إذ أتاني جبرئيل (عليهِ السَّلام) وقال: يا مُحَمَّد إنَّ الله يقول: فرضتُ الصلاة ووضعتها عن المريض، وفرضتُ الصوم ووضعته عن المريض والمسافر، وفرضتُ الحج ووضعته عن المقل المدقع، وفرضت الزكاة ووضعتها عمن لا يملك النصاب، وجعلت حبَّ علي بن أبي طالب ليس فيه رخصة.

الثالثة: أنَّه ما أنزل الله كتاباً ولا خلق خلقاً إلا جعل له سيداً، فالقرآن سيد الكتب المنزلة، وجبرئيل سيد الملائكة – أو قال: إسرافيل –، وأنا سيد الأنبياء، وعليٌّ سيد الأوصياء، ولكل أمر سيد، وحبي وحب علي سيد ما تقرب به المتقربون من طاعة ربهم.

الرابعة: أنَّ الله تعالى ألقى في روعي أنَّ حبَّه شجرة طوبى التي غرسها الله تعالى بيده.

الخامسة: أنَّ جبرئيل (عليهِ السَّلام) قال: إذا كان يوم القيامة نصب لك منبر عن يمين العرش والنبيّون كلهم عن يسار العرش وبين يديه، ونصب لعليّ (عليهِ السَّلام) كرسي إلى جانبك إكراماً له، فمن هذه خصائصه يجب عليكم أنْ تحبوه. فقال الأعرابي: سمعاً وطاعة.

خيرة الله في أرضه(17)

كنت جالساً بين يدي رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في مرضته التي قبض فيها، فدخلتْ فاطمة (عليها السَّلام) فلمَّا رأت ما بأبيها [صلوات الله عليه وآلهِ] من الضعف، بكت حتَّى جرت دموعها على خدَّيها.

فقال لها رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): ما يبكيك يا فاطمة؟

قالت: يا رسول الله أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك.

فاغرورقت عينا رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) بالبكاء، ثُمَّ قال: يا فاطمة أما علمت أنَّا أهل بيت اختار الله عزَّ وجلَّ لنا الآخرة على الدنيا، وأنَّه حتم الفناء على جميع خلقه، وأنَّ الله تبارك وتعالى اطَّلع إلى الأرض اطلاعة فاختارني من خلقه فجعلني نبياً، ثُمَّ اطَّلع إلى الأرض اطلاعة ثانية فاختار منها زوجك، وأوحى [الله] إليَّ أنْ أزوَّجك إياه، و[أنْ] أتخذه ولياً ووزيراً، وأنْ أجعله خليفتي في أمتي، فأبوك خير أنبياء الله ورسله، وبعلك خير الأوصياء، وأنت أول من يلحق بي من أهلي، ثُمَّ اطَّلع إلى الأرض اطلاعة ثالثة فاختارك وولديك، فأنت سيدة نساء أهل الجنة، وابناك حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة، كلهم هادون مهديون، وأول الأوصياء بعدي أخي علي، ثُمَّ الحسن، ثُمَّ الحسين، ثُمَّ تسعة من ولد الحسين، في درجتي، وليس في الجنة درجة أقرب إلى الله [عزَّ وجلَّ] من درجتي [ودرجة أوصيائي و] أبي إبراهيم.

أما تعلمين يا بنية أنَّ من كرامة الله [عزَّ وجلَّ] إياك أنْ زوَّجك خير أمتي، وخير أهل بيتي، أقدمهم سلماً وأعظمهم حلماً وأكثرهم علماً. فاستبشرت فاطمة (عليها السَّلام) وفرحت بما قال لها رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ).

ثُمَّ قال [لها]: يا بنية إنَّ لبعلك مناقب: إيمانه بالله ورسوله قبل كل أحد، فلم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي، وعلمه بكتاب الله عزَّ وجلَّ وسُنَّتي وليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي غير علي (عليهِ السَّلام)، وأن الله عزَّ وجلَّ علمني علماً لا يعلمه غيري، وعلم ملائكته ورسله علماً فكلُّ ما علَّمه ملائكته ورسله فأنا أعلمه، وأمرني الله [عزَّ وجلَّ] أنْ أعلِّمه إياه، ففعلت، فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره، وإنَّك يا بنية زوجته، وابناه سبطاي حسن وحسين، وهما سبطا أمتي، وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ آتاه الحكمة وفصل الخطاب.

يا بنية إنَّا أهل البيت أعطانا الله عزَّ وجلَّ خصالاً لم يعطها أحداً من الأولين كان قبلكم، ولم يعطها أحداً من الآخرين غيرنا.

نبينا سيد الأنبياء والمرسلين وهو أبوك، ووصينا سيد الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة بن عبد المطلب [وهو] عم أبيك. قالت: يا رسول الله هو سيد الشهداء الذين قتلوا معه؟ قال: لا بل سيد شهداء الأولين والآخرين ما خلا الأنبياء والأوصياء، وجعفر بن ابي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائكة، وابناك حسن وحسين سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة، ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.

قالت: وأي هؤلاء الذين سميتهم أفضل؟ قال: عليّ بعدي أفضل أمتي، وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد علي (عليهِ السَّلام) وبعدك وبعد ابني وسبطي حسن وحسين وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا – وأشار إلى الحسين – [و] منهم المهدي، إنَّا أهل بيت اختار الله [عزَّ وجلَّ] لنا الآخرة على الدنيا.

ثُمَّ نظر رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إليها وإلى بعلها وإلى ابنيها فقال: يا سلمان أُشهِدُ اللهَ أني سلمٌ لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم، أما إنَّهم معي في الجنة. ثُمَّ أقبل على عليٍّ (عليهِ السَّلام) فقال: يا أخي أنت ستبقى بعدي، وستلقى من قريش شدَّة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فإنْ وجدت عليهم أعواناً فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وإنْ لم تجد أعواناً فاصبر وكُفَّ يدك ولا تلق بها إلى التهلكة، فإنَّك مني بمنزلة هارون من موسى ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك، فإنَّك [مني] بمنزلة هارون [من موسى] ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه.

يا عليُّ إنَّ الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة ولو شاء الله لجمعهم على الهدى حتَّى لا يختلف اثنان من هذه الأمة ولا ينازع في شيء من أمره، ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله، ولو شاء لعجَّل النقمة وكان منه التغيير حتَّى يكذب الظالم ويعلم الحق أين مصيره، ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال وجعل الآخرة دار القرار (لِيَجْزِيَ الَّذِيْنَ أَسَاْؤُوْا بِمَاْ عَمِلُوْا وَيَجْزِيَ الَّذِيْنَ أَحْسَنُوْا بِالْحُسْنَىْ((18).

فقال عليٌّ (عليهِ السَّلام): الحمد لله شكراً على نعمائه وصبراً على بلائه.

النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يوصي بعترته (عليهِم السَّلام)(19)

خطبنا رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فقال: معاشر الناس إنِّي راحل [عنكم] عن قريب، ومنطلق إلى المغيب، أوصيكم في عترتي خيراً، وإياكم والبدع فإنَّ كلَّ بدعة ضلالة والضلالة وأهلها في النار.

معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر، ومن افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين، ومن افتقد الفرقدين فليتمسك بالنجوم الزاهرة بعدي، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.

قال: فلما نزل (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) عن المنبر تبعته حتَّى دخل بيت عائشة، فدخلت إليه وقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله سمعتك تقول: ((إذا افتقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر، وإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين، وإذا افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزاهرة))، فما الشمس؟ وما القمر؟ وما الفرقدان؟ وما النجوم الزاهرة؟

فقال: أما الشمس فأنا، وأما القمر فعلي (عليهِ السَّلام)، فإذا افتقدتموني فتمسكوا به بعدي، وأما الفرقدان فالحسن والحسين (عليهما السَّلام) فإذا افتقدتم القمر فتمسكوا بهما، وأما النجوم الزاهرة فهم الأئمة التسعة من صلب الحسين (عليهِ السَّلام)، تاسعهم مهديهم.

ثُمَّ قال: إنَّهم هم الأوصياء والخلفاء بعدي، أئمة أبرار عدد أسباط يعقوب وحواري عيسى.

قلت: فسمِّهم لي يا رسول الله.

قال: أولهم [وسيدهم] علي بن أبي طالب، وبعده سبطاي، وبعدهما علي زين العابدين، وبعده مُحَمَّد بن علي باقر علم النبيّين، والصادق جعفر بن مُحَمَّد، وابنه الكاظم سميّ موسى بن عمران، والذي يقتل بأرض الغربة ابنه علي، ثُمَّ ابنه مُحَمَّد، والصادقان علي والحسن، والحجة القائم المنتظر في غيبته، فإنَّهم عترتي من دمي ولحمي، علمهم علمي، وحكمهم حكمي، من آذاني فيهم فلا أناله الله شفاعتي.

هؤلاء أهل البيت (عليهِم السَّلام)(20)

دخلتُ على فاطمة (عليها السَّلام) والحسن والحسين (عليهِما السَّلام) يلعبان بين يديها ففرحت بهما فرحاً شديداً، فلم ألبث حتَّى دخل الرسول (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فقلت: يا رسول الله أخبرني بفضيلة هؤلاء لأزداد لهم حباً. فقال: يا سلمان ليلة أسري بي إلى السماء أدارني جبرئيل في سماواته وجناته، فبينا أنا أدور قصورها وبساتينها ومقاصيرها إذ شممت رائحة طيبة، فأعجبتني تلك الرائحة فقلت: يا حبيبي ما هذه الرائحة التي غلبت على روائح الجنة كلها؟ فقال: يا مُحَمَّد تفاحة خلقها الله تبارك وتعالى بيده منذ ثلاثمئة ألف عام ما ندري ما يريد بها. فبينا أنا كذلك إذ رأيت ملائكة ومعهم تلك التفاحة فقالوا: يا مُحَمَّد ربنا السلام يقرأ عليك السلام وقد أتحفك بهذه التفاحة. قال رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): فأخذت تلك التفاحة فوضعتها تحت جناح جبرئيل، فلما هبط بي إلى الأرض أكلت تلك التفاحة، فجمع الله ماءها في ظهري، فغشيت خديجة بنت خويلد فحملت بفاطمة من ماء التفاحة، فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليَّ أنْ قد ولد لك حوراء إنسية فزوِّج النور من النور: فاطمة من علي فإني قد زوجتها في السماء وجعلت خمس الأرض مهرها، وستخرج فيما بينهما ذرية طيبة وهما سراجا الجنة: الحسن والحسين، ويخرج من صلب الحسين أئمة يُقتَلون ويُخذلون، فالويل لقاتلهم وخاذلهم.

سلمان وأهل البيت(21)

يا معاشر المسلمين أنشدكم بالله وبحق رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ألستم تشهدون أنَّ النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): قال: سلمان منا أهل البيت؟

فقالوا: بلى والله نشهد بذلك.

قال: فأنا أشهد به أني سمعت رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يقول: عليٌّ إمام المتقين وقائد الغر المحجلين وهو الأمير من بعدي.

فريضة السماء(22)

كنا عند رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إذ دخل [علينا] أعرابي فوقف وسلَّم علينا فرددنا عليه السلام.

فقال: أيكم البدر التمام ومصباح الظلام مُحَمَّد رسول الله الملكِ العلاَّم؟ أ هذا هو الصبيح الوجه؟

فقلنا: نعم يا أخا العرب اجلس.

فجلس فقال له: يا مُحَمَّد آمنتُ بك ولم أركَ وصدَّقتك قبل أنْ ألقاك غير أنَّه بلغني عنك أمر.

فقال (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): وأيُّ شيء هو الذي بلغك عني؟

فقال: دعوتَنا إلى شهادة أنْ لا إله إلا الله وأنَّك مُحَمَّد رسول الله فأجبناك، ثُمَّ دعوتنا إلى الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد فأجبناك، ثُمَّ لم ترض عنا حتَّى دعوتنا إلى موالاة ابن عمك علي بن أبي طالب ومحبته، أأنت فرضته في الأرض أم الله تعالى فرضه في السماء؟

فقال النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): بل فرضه الله تعالى من السماوات على أهل السماوات والأرض. فلمَّا سمع الأعرابي كلامه قال: سمعنا لما أمرتنا به يا نبيَّ الله، فإنَّه الحق من عند ربنا.

قال النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): يا أخا العرب أعطى الله علياً خمس خصال فواحدة منهنَّ خير من الدنيا وما فيها، ألا أنبئك بها يا أخا العرب؟

قال: بلى يا رسول الله.

قال: أخا العرب كنتُ جالساً يوم بدر فقد انقضت عنا الغزاة فهبط جبرئيل (عليهِ السَّلام) وقال لي: إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقرئك السلام ويقول لك: يا مُحَمَّد آليت على نفسي بنفسي وأقسمتُ عليَّ بي أني لا أُلهِم حب علي بن أبي طالب إلا من أحببته أنا، فمن أحببته ألهمته حب علي.

يا أخا العرب ألا أنبئك بالثانية؟

قال: بلى يا رسول الله.

قال (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): كنتُ جالساً بعدما فرغت من جهاز عمي حمزة إذ هبط [عليَّ] جبرئيل (عليهِ السَّلام) فقال: يا مُحَمَّد إنَّ الله تعالى يقرئك السلام ويقول لك: قد فرضتُ الصلاة ووضعتها عن المجنون والصبي، وفرضت الصوم ووضعته عن المسافر، وفرضت الحج ووضعته عن المعتل، وفرضت الزكاة ووضعتها عن المعدم، وفرضتُ حب علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) على أهل السماوات والأرض فلم أعط فيه أحداً رخصة.

يا أعرابي ألا أنبئك بالثالثة؟

قال: بلى يا رسول الله.

قال: ما خلق الله خلقاً إلا وجعل له سيداً، فالنسر سيد الطيور، والثور سيد البهائم، والأسد سيد الوحوش، والجمعة سيد الأيام، ورمضان سيد الشهور، وإسرافيل سيد الملائكة، وآدم سيد البشر، وأنا سيد الأنبياء، وعلي سيد الأوصياء.

يا أخا العرب ألا أنبئك بالرابعة؟

قال: بلى يا رسول الله.

قال: حبُّ عليٍّ بن أبي طالب شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا فمن تعلَّق من أمتي بغصن من أغصانها أوقعته في الجنة، وبغض عليٍّ بن أبي طالب شجرة أصلها في النار وأغصانها في الدنيا فمن تعلَّق بغصن من أغصانها أدخلته النار.

ثُمَّ قال (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): يا أعرابي ألا أنبئك بالخامسة؟

قال: بلى يا رسول الله.

قال: إذا كان يوم القيامة نصب لي منبر عن يمين العرش، ثُمَّ نصب لإبراهيم (عليهِ السَّلام) منبر يحاذي منبري عن يمين العرش، ثُمَّ يؤتى بكرسي عالٍ مشرق زاهر يعرف بكرسي الكرامة فينصب لعلي بين منبري ومنبر إبراهيم (عليهِ السَّلام) فما رأت عيناي بأحسن من حبيب بين خليلين.

ثُمَّ قال (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): يا أعرابي حب علي بن أبي طالب حق [فأحبَّه] فإن الله تعالى يحب محبيه، وعليٌّ (عليهِ السَّلام) معي [يوم القيامة] في قصر واحد.

فعند ذلك قال الأعرابي: سمعاً وطاعة لله ولرسوله ولابن عمه علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام).

فاطمة (عليهِا السَّلام) تعود أباها(23)

دخلتُ على رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في مرضه الذي قُبِضَ فيه، فجلستُ بين يديه وسألته عما يجد، وقمت لأخرج فقال لي: اجلس يا سلمان فسيشهدك الله عزَّ وجلَّ أمراً إنَّه لمن خير الأمور.

فجلست، فبينا أنا كذلك إذ دخل رجال من أهل بيته ورجال من أصحابه، ودخلت فاطمة ابنته فيمن دخل.

فلما رأت ما برسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) من الضعف خنقتها العبرة حتَّى فاض دمعها على خدِّها، فأبصر ذلك رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فقال: ما يبكيك يا بنية أقرَّ الله عينك ولا أبكاها؟

قالت: وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف؟

قال لها: يا فاطمة توكَّلي على الله، واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء وأمهاتك من أزواجهم، ألا أبشرك يا فاطمة؟

قالت: بلى يا نبي الله – أو قالت: يا أبت –.

قال: أما علمت أنَّ الله تبارك وتعالى اختار أباك فجعله نبياً وبعثه إلى كافة الخلق رسولاً، ثُمَّ اختار علياً فأمرني فزوجتك إياه، واتخذته بأمر ربي وزيراً ووصياً، يا فاطمة إنَّ علياً أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقاً، وأقدمهم سلماً، وأعلمهم علماً، وأحلمهم حلماً، وأثبتهم في الميزان قدراً. فاستبشرت فاطمة (عليهِا السَّلام).

فأقبل عليها رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فقال: هل سررتك يا فاطمة؟

قالت: نعم يا أبت.

قال: أفلا أزيدك في بعلك وابن عمك من مزيد الخير وفواضله؟

قالت: بلى يا نبي الله.

قال: إنَّ علياً أول من آمن بالله عزَّ وجلَّ ورسوله من هذه الأمة، هو وخديجة أمك، وأول من وازرني على ما جئت [به]، يا فاطمة إنَّ علياً أخي وصفيي وأبو ولدي.

إنَّ علياً أعطي خصالاً من الخير لم يُعطَها أحدٌ قبله ولا يعطاها أحد بعده، فأحسني عزاك واعلمي أنَّ أباك لاحقٌ بالله عزَّ وجلَّ.

قالت: يا أبتاه [قد] فرحتني وأحزنتني.

قال: كذلك يا بنية أمور الدنيا يشوب سرورها حزنها، وصفوها كدرها. أفلا أزيدك يا بنية؟

قالت: بلى يا رسول الله.

قال: إنَّ الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين، فجعلني وعلياً في خيرهما قسماً، وذلك قوله تعالى: (وَأَصْحَاْبُ الْيَمِيْنِ مَاْ أَصْحَاْبُ الْيَمِيْنِ((24) ثُمَّ جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة، وذلك قوله عزَّ وجلَّ: (وَجَعَلْنَاْكُمْ شُعُوْبَاً وَقَبَاْئِلَ لِتَعَاْرَفُوْا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاْكُمْ((25)، ثُمَّ جعل القبائل بيوتاً فجعلنا في خيرها بيتاً في قوله سبحانه: (إِنَّمَاْ يُرِيْدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيْرَاً((26).

ثُمَّ إنَّ الله تعالى اختارني من أهل بيتي واختار علياً والحسن والحسين واختارك، فأنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب، وأنت سيدة النساء، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ومن ذريتكما المهدي يملأ الله عز وجل الأرض به عدلاً كما ملئت من قبله جوراً.

خدام أهل البيت (عليهِم السَّلام)(27)

كانت فاطمة (عليها السَّلام) جالسة، قدَّامها رحىً تطحن بها الشعير، وعلى عمود الرحى دم سائل والحسين في ناحية الدار يبكي.

فقلت: يا بنت رسول الله دبرت كفاك وهذه فضة.

فقالت: أوصاني رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) أنْ تكون الخدمة لها يوماً ولي يوماً، فكان أمس يوم خدمتها.

قال سلمان: [قلت: ] إني مولى عتاقة إما أنا أطحن الشعير أو أسكِّت لك الحسين؟

فقالت: أنا بتسكيته أرفق وأنت تطحن الشعير. فطحنت شيئاً من الشعير فإذا أنا بالإقامة، فمضيت وصليت مع رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، فلما فرغت قلت لعليّ ما رأيت، فبكى وخرج ثُمَّ عاد يتبسَّم فسأله عن ذلك رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)؟

قال: دخلت على فاطمة وهي مستلقية لقفاها والحسين نائم على صدرها، وقدامها الرحى تدور من غير يد.

فتبسَّم رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وقال: يا علي أما علمت أنَّ لله ملائكة سيارة في الأرض يخدمون مُحَمَّدا وآل مُحَمَّد إلى أن تقوم الساعة.

محب علي (عليهِ السَّلام) عند الموت(28)

كنت ذات يوم جالساً عند رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إذ أقبل علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) فقال له:

ألا أبشرك يا علي؟

قال: بلى يا رسول الله.

قال: هذا حبيبي جبرائيل يخبرني عن الله جل جلاله أنَّه قد أعطى محبيك وشيعتك سبع خصال:

الرفق عند الموت، والأنس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والأمن عند الفزع، والقسط عند الميزان، والجواز على الصراط، ودخول الجنة قبل سائر الناس من الأمم بثمانين عاماً.

عقائد

أبو الأئمة (عليهِم السَّلام)(29)

دخلت على النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وإذا الحسين (عليهِ السَّلام) على فخذيه، وهو يقبِّل عينيه ويلثم فاه، وهو يقول: أنت سيد ابن سيد، أنت إمام ابن إمام أبو الأئمة، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.

النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وسبطاه(30)

دخلت على رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وعنده الحسن والحسين يتغذيان والنبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يضع اللقمة تارة في فم الحسن وتارة في فم الحسين (عليهِما السَّلام).

فلمَّا فرغا من الطعام أخذ رسول الله ((صلى الله عليه وآله وسلم)) الحسن على عاتقه والحسين على فخذه، ثُمَّ قال: يا سلمان أتحبُّهم؟

قلت: يا رسول الله كيف لا أحبهم ومكانهم منك مكانهم؟

قال: يا سلمان من أحبهم فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ثُمَّ وضع يده على كتف الحسين (عليهِ السَّلام) فقال: إنَّه الإمام ابن الإمام، تسعة من صلبه أئمة أبرار أمناء معصومون، والتاسع قائمهم.

علي (عليهِ السَّلام): الصِّدِّيق والفاروق(31)

قال سليم بن قيس: جلست إلى سلمان وأبي ذر والمقداد فجاء رجل من أهل الكوفة فجلس إليهم مسترشداً، فقال له سلمان:

عليك بكتاب الله فالزمه وعلي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) فإنه مع القرآن لا يفارقه، فإنَّا نشهد أنَّا سمعنا رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يقول: إنَّ علياً يدور مع الحق حيث دار، وإنَّ علياً هو الصديق والفاروق، يفرق بين الحق والباطل.

قال: فما بال القوم يسمون أبا بكر الصديق وعمر الفاروق؟

قال: نحلهما الناس اسم غيرهما كما نحلوهما خلافة رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وإمرة المؤمنين، لقد أمرنا رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وأمرهما معنا فسلمنا جميعاً على علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) بإمرة المؤمنين.

هذا عليٌّ خليفتي(32)

سمعت رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يقول: يا معشر المهاجرين والأنصار ألا أدلكم على ما إنْ تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً؟

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: هذا عليٌّ أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي إمامكم فأحبوه لحبي وأكرموه لكرامتي، فإنَّ جبرائيل أمرني أنْ أقوله لكم.

الله فضَّل علياً(33)

دخل أبو بكر وعمر وعثمان على رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فقالوا: يا رسول الله ما بالك تفضِّل علياً علينا في كل حال؟

فقال: ما أنا فضَّلته بل الله تعالى فضَّله.

فقالوا: وما الدليل؟

فقال (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): إذا لم تقبلوا مني فليس من الموتى عندكم أصدق من أهل الكهف، وأنا أبعثكم وعلياً وأجعل سلماناً شاهداً عليكم إلى أصحاب الكهف، حتَّى تسلموا عليهم، فمن أحياهم الله له وأجابوه كان الأفضل.

قالوا: رضينا. فأمر فبسط بساطاً له، ودعا بعلي (عليهِ السَّلام) فأجلسه في وسط البساط، وأجلس كل واحد منهم على قرنة من البساط وأجلس سلمان على القرنة الرابعة، ثُمَّ قال: يا ريح احمليهم إلى أصحاب الكهف ورديهم إليَّ.

قال سلمان: فدخلت الريح تحت البساط وسارت بنا، وإذا نحن بكهف عظيم فحططنا.

فقال أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام): يا سلمان هذا الكهف والرقيم، فقل للقوم يتقدَّمون أو نتقدَّم؟

فقالوا: نحن نتقدَّم، فقام كل واحد منهم وصلى [ركعتين] ودعا وقال: السلام عليكم يا أصحاب الكهف. فلم يجبهم أحد.

فقام أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام) بعدهم فصلى ركعتين ودعا ونادى: يا أصحاب الكهف. فصاح الكهف وصاح القوم من داخله بالتلبية.

فقال أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام): السلام عليكم أيها الفتية الذين آمنوا بربهم فزادهم هدىً.

فقالوا: وعليك السلام يا أخا رسول الله ووصيه وأمير المؤمنين، لقد أخذ الله علينا العهد بعد إيماننا بالله وبرسوله مُحَمَّد (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) لك يا أمير المؤمنين بالولاية إلى يوم القيامة يوم الدين. فسقط القوم على وجوههم وقالوا لسلمان: يا أبا عبد الله ردَّنا.

فقال: وما ذاك إليَّ.

فقالوا: يا أبا الحسن ردَّنا.

فقال (عليهِ السَّلام): يا ريح ردينا إلى رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فحملتنا فإذا نحن بين يديه فقصَّ عليهم رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) كل ما جرى، وقال: هذا حبيبي جبرائيل (عليهِ السَّلام) أخبرني به.

فقالوا: الآن علمنا أنَّ فضل عليٍّ علينا من أمر الله عزَّ وجلَّ لا منك.

النور الواحد(34)

قال النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): كنتُ أنا وعلي نوراً بين يدي الله عزَّ وجلَّ مطبقاً، يسبِّح الله ذلك النور ويقدِّسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق آدم ركَّب ذلك النور في صلبه، فلم نزل في شيء واحد حتَّى افترقنا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي.

فضل أهل البيت (عليهِم السَّلام)(35)

كنت جالساً عند النبيّ المكرم (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) [في المسجد] إذ دخل العباس بن عبد المطلب فسلَّم، فردَّ النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) ورحَّب به.

فقال: يا رسول الله بِمَ فضَّل [الله] علينا أهل البيت علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) والمعادن واحدة؟

فقال له النبيّ المكرم (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): إذن أخبرك يا عم، إنَّ الله تبارك وتعالى خلقني وخلق علياً، ولا سماء ولا أرض ولا جنة ولا نار ولا لوح ولا قلم.

ولَمَّا أراد الله عزَّ وجلَّ بدء خلقنا فتكلَّم بكلمة فكانت نوراً ثُمَّ تكلم بكلمة ثانية فكانت روحاً فمزج فيما بينهما فاعتدلا فخلقني وعلياً منهما ثُمَّ فتق من نوري نور العرش فأنا أجل من نور العرش، ثُمَّ فتق من نور علي نور السماوات فعلي أجل من نور السماوات، ثُمَّ فتق من نور الحسن (عليهِ السَّلام) نور الشمس ومن نور الحسين نور القمر، فهما أجل من نور الشمس ومن نور القمر، وكانت الملائكة تسبِّح الله وتقدِّسه وتقول في تسبيحها: سبُّوح قدُّوس من أنوار ما أكرمها على الله تعالى.

فلمَّا أراد الله تعالى أنْ يبلو الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمة فكانت الملائكة لا ينظر أولها من آخرها ولا آخرها من أولها، فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا منذ خلقنا ما رأينا مثل ما نحن فيه، فنسألك بحق هذه الأنوار إلا ما كشفت عنا.

فقال الله عزَّ وجلَّ: وعزتي وجلالي لأفعلنَّ، فخلق نور فاطمة (عليها السَّلام) يومئذ كالقنديل وعلَّقه في قرط العرش فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع ومن أجل ذلك سميت فاطمة الزهراء.

وكانت الملائكة تسبِّح الله وتقدِّسه فقال عزَّ وجلَّ: وعزتي وجلالي لأجعلنَّ ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها.

قال سلمان: فخرج العباس فلقيه أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام) فضمَّه إلى صدره فقبَّل ما بين عينيه وقال: بأبي عترة المصطفى من أهل بيت ما أكرمكم على الله.

أخلاق

هكذا اختتم المخاصمة(36)

وقع بين سلمان الفارسي رحمه الله وبين رجل كلام وخصومة، فقال له الرجل: من أنت يا سلمان؟ فقال سلمان:

أمَّا أوَّلي واوَّلك فنطفة قذرة، وأمَّا آخري وآخرك فجيفة منتنة، فإذا كان يوم القيامة ووضعت الموازين فمن ثقل ميزانه فهو الكريم، ومن خفَّ ميزانه فهو اللئيم.

عجيب بستّ(37)

عجيب بست، ثلاث أضحكتني، وثلاث أبكتني. فأمَّا التي أبكتني فـفراق الأحبة: مُحَمَّد وحزبه، وهول المطَّلع، والوقوف بين يدي الله عزَّ وجلَّ.

وأمَّا التي أضحكتني فـطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه، وضاحك ملء فيه لا يدري أرضي الله عنه أم سخط.

عبادات

المسلم حين الصلاة(38)

كنا مع سلمان الفارسي – رحمه الله – تحت شجرة فأخذ غصناً منها فنفضه فتساقط ورقه، فقال:

ألا تسألوني عما صنعت؟

فقلنا: أخبرنا:

فقال: كنا مع رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) في ظل شجرة فأخذ غصناً منها فنفضه فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألوني عما صنعت؟

قلنا: أخبرنا يا رسول الله!

قال: إنَّ العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاطت عنه خطاياه كما تحاطت ورق هذه الشجرة.

معوقات صلاة الليل(39)

يا أبا عبد الله إني لا أقوى على الصلاة بالليل.

فقال: لا تعص الله بالنهار.

مواعظ

أعدَّ لمنكر ونكير(40)

عن زيد الشحام قال: سُئل أبو عبد الله (عليهِ السَّلام) عن عذاب القبر، قال: إنَّ أبا جعفر (عليهِ السَّلام) حدَّثنا أنَّ رجلاً أتى سلمان الفارسي فقال: حدَّثني. فسكت عنه، ثُمَّ عاد فسكت، فأدبر الرجل وهو يقول ويتلو هذه الآية: (إِنَّ الَّذِيْنَ يَكْتُمُوْنَ مَاْ أَنْزَلْنَاْ مِنَ الْبَيِّنَاْتِ وَالْهُدَىْ مِنْ بَعْدِ مَاْ بَيَّنَاْهُ لِلنَّاْسِ فِيْ الْكِتَاْبِ((41) فقال له:

أقبل، إنَّا لو وجدنا أميناً لحدَّثناه، ولكن أعدَّ لمنكر ونكير إذا أتياك في القبر فسألاك عن رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، فإنْ شككت أو التويت ضرباك على رأسك بمطرقة معهما تصير منه رماداً.

فقلت: ثُمَّ مه؟

قال: تعود ثُمَّ تعذَّب.

قلت: وما منكر ونكير؟

قال: هما قعيدا القبر.

قلت: أملكان يعذِّبان الناس في قبورهم؟

فقال: نعم.

بين الأهوال(42)

قيل لسلمان الفارسي: كيف أصبحت؟ قال:

كيف يصبح من كان الموت غايته، والقبر منزله، والديدان جواره، وإنْ لم يغفر له فالنار مسكنه.

اجتماعيات

سلمان يعود صاحبه(43)

مرض رجل من أصحاب سلمان رحمه الله فافتقده. فقال: أين صاحبكم؟ قالوا: مريض، قال: امشوا بنا نعوده. فقاموا معه، فلمَّا دخلوا عليه فإذا هو يجود بنفسه، فقال سلمان:

يا ملك الموت ارفق بوليِّ الله.

فقال ملك الموت بكلام يسمعه من حضر: يا أبا عبد الله إنِّي أرفق بالمؤمنين ولو ظهرت لأحد لظهرت لك.

الفقر وآثاره في النفس(44)

إنَّ النفس قد تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه، فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنَّت.

النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يعود سلماناً(45)

دخل عليَّ رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يعودني وأنا مريض فقال: كشف الله ضرَّك، وعظَّم أجرك، وعافاك في دينك وجسدك، إلى مدَّة أجلك.

أدعية

بعد الطعام(46)

عن أبي جعفر (عليهِ السَّلام) قال: كان سلمان إذا رفع يده من الطعام قال:

اللهمَّ أكثرت وأطبت فزد، وأشبعت وأرويت فهنِّئه.

حين الإصباح(47)

ما من عبد يقول حين يصبح ثلاثاً: ((الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً)) إلا صرف الله عنه سبعين نوعاً من البلاء أدناها الهم.

مناقضات

أضلُّ من إبليس(48)

مرَّ إبليس لعنه الله بنفر يتناولون أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام) فوقف أمامهم، فقال القوم: من الذي وقف أمامنا؟ فقال: أنا أبو مرَّة. فقالوا: يا أبا مرة أما تسمع كلامنا؟ فقال: سوأة لكم تسبون مولاكم علي بن أبي طالب؟ فقالوا له: من أين علمت أنَّه مولانا؟ فقال: من قول نبيكم: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله)). فقالوا له: فأنت من مواليه وشيعته؟ فقال: ما أنا من مواليه ولا من شيعته ولكني أحبه، وما يبغضه أحد إلا شاركته في المال والولد. فقالوا له: يا أبا مرة فتقول في علي شيئاً؟ فقال لهم: اسمعوا مني معاشر الناكثين والقاسطين والمارقينن عبدت الله عزَّ وجلَّ في الجانّ اثنتي عشرة ألف سنة، فلمَّا أهلك الله الجانَّ شكوت إلى الله عزَّ وجلَّ الوحدة، فعرج بي إلى السماء الدنيا، فعبدت الله في السماء الدنيا اثنتي عشرة ألف سنة أخرى في جملة الملائكة، فبينا نحن كذلك نسبِّح الله عزَّ وجلَّ ونقدِّسه إذ مرَّ بنا نور شعشعاني، فخرت الملائكة لذلك النور سجَّداً فقالوا: سُبُّوح قدُّوس، نور ملك مقرَّب أو نبي مرسل، فإذا النداء من قِبل الله جلَّ جلاله: لا نور ملك مقرَّب ولا نبي مرسل، هذا نور طينة علي بن أبي طالب صلوات الله عليه.

الويل لمن ظلمها(49)

قال رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): يا سلمان من أحبَّ فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي، ومن أبغضها فهو في النار، يا سلمان حبُّ فاطمة ينفع في مئة موطن أيسر تلك المواطن الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة، فمن رضيت عنه ابنتي فاطمة رضيتُ عنه، ومن رضيتُ عنه رضي الله عنه، ومن غضبتْ عليه فاطمة غضبتُ عليه، ومن غضبتُ عليه غضب الله عليه.

يا سلمان ويل لمن ظلمها ويظلم ذرِّيَّتها وشيعتها.

طوائف ممقوتة(50)

ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: الأشمط الزاني، ورجل مفلس مرخ مختال، ورجل اتَّخذ يمينه بضاعة فلا يشتري إلا بيمين ولا يبيع إلا بيمين.

سياسيات

الظلم ينزل البلاء(51)

أنَّه كان في ملوك فارس ملك يقال له: روذين، جبَّار عنيد عاتٍ، فلمَّا اشتدَّ في ملكه فساده في الأرض ابتلاه الله بالصداع في شقِّ رأسه الأيمن، حتَّى منعه من المطعم والمشرب، فاستغاث وذلَّ ودعا وزراءه فشكا إليهم ذلك، فأسقوه الأدوية، وأيس من سكونه، فعند ذلك بعث الله نبياً فقال له: اذهب إلى روذين عبدي الجبار في هيئة الأطباء، وابتدئه بالتعظيم له، والرفق به ومنِّهِ سرعة الشفاء بلا دواء تسقيه ولا كيٍّ تكويه، فإذا رأيته قد أقبل بوجهه إليك فقل: إنَّ شفاء دائك في دم صبي رضيع بين أبويه يذبحانه لك طائعين غير مكرهين، فتأخذ من دمه ثلاث قطرات، فتسعط به في منخرك الأيمن تبرأ من ساعتك. ففعل النبيّ ذلك، فقال الملك: ما أعرف في الناس هذا. قال: إنْ بذلت العطية وجدت البغية. قال: فبعث الملك بالرسل في ذلك فوجدوا جنيناً بين أبويه محتاجين فأرغبهما في العطية، فانطلقا بالصبي إلى الملك فدعا بطاس من فضَّة وشفرة، وقال لأمَِّه: أمسكي ابنك في حجرك، فأنطق الله الصبي وقال: أيها الملك كفهما عن ذبحي، فبئس الوالدان هما، أيها الملك إنَّ الصبي الضعيف إذا ضيم كان أبواه يدفعان عنه، وإنَّ أبواي ظلماني، فإياك أنْ تعينهما على ظلمي. ففزع الملك فزعاً شديداً أذهب عنه الداء، ونام روذين في تلك الحالة فرأى في النوم من يقول له: إنَّ الإله الأعظم أنطق الصبي ومنعك ومنع أبويه من ذبحه، وهو ابتلاك بالشقيقة لنزعك من سوء السيرة في البلاد، وهو الذي ردَّك إلى الصحة، وقد وعظك بما أسمعك. فانتبهَ ولم يجد وجعاً، وعلم أنَّ كله من الله تعالى فسار في البلاد بالعدل.

اقضِ ما أنت قاضٍ(52)

احتجاج سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب في جواب كتاب كتبه إليه، حين كان عامله على المدائن بعد حذيفة بن اليمان:

بسم الله الرحمن الرحيم، من سلمان مولى رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إلى عمر بن الخطاب، أما بعد: فإنَّه أتاني منك كتاب يا عمر تؤنِّبني(53) فيه وتعيِّرني وتذكر فيه أنَّك بعثتني أميراً على أهل المدائن، وأمرتني أنْ أقصَّ أثر حذيفة، وأستقصي أيام أعماله وسيره، ثُمَّ أعلمك قبيحها، وقد نهاني الله عن ذلك يا عمر في محكم كتابه، حيث قال: (يَاْ أَيُّهَاْ الَّذِيْنَ آمَنُوْا اجْتَنِبُوْا كَثِيْرَاً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاْ تَجَسَّسُوْا وَلاْ يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضَاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيْهِ مَيْتَاً فَكَرِهْتُمُوْهُ وَاتَّقُوْا اللهَ((54).

وما كنتُ لأعصي الله في أثر حذيفة وأطيعك، وأمَّا ما ذكرتَ أني أقبلتُ على سفِّ الخوص وأكل الشعير فما هما مما يعيَّر به مؤمن ويؤنَّب عليه، وأيم الله يا عمر لأكل الشعير وسف الخوص والاستغناء به عن رفيع المطعم والمشرب وعن غصب مؤمن حقه وادِّعاء ما ليس له بحق، أفضل وأحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ، وأقرب للتقوى، ولقد رأيت رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) إذا أصاب الشعير أكل وفرح به ولم يسخطه.

وأمَّا ما ذكرت من إعطائي، فإني قدَّمته ليوم فاقتي وحاجتي، ورب العزة يا عمر ما أبالي إذا جاز طعامي لهواتي، وانساغ في حلقي لباب البر ومخ المعزة كان أو خشارة الشعير.

وأمَّا قولك: إني ضعَّفت سلطان الله ووهَّنته وأذللت نفسي وامتهنتها(55) حتَّى جهل أهل المدائن إمارتي واتَّخذوني جسراً يمشون فوقي، ويحملون عليَّ ثقل حمولتهم، وزعمت أنَّ ذلك مما يوهن سلطان الله ويذله، فاعلم أنَّ التذلل في طاعة الله أحب إليَّ من التعزز في معصيته، وقد علمت أنَّ رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يتألف الناس ويتقرَّب منهم ويتقرَّبون منه في نبوته وسلطانه، حتَّى كأنه بعضهم في الدنوّ منهم، وقد كان يأكل الجشب ويلبس الخشن، وكان الناس عنده قرشيهم وعربيهم وأبيضهم وأسودهم سواء في الدين.

وأشهد أني سمعته يقول: ((من وُلِّي سبعة من المسلمين بعدي ثُمَّ لم يعدل فيهم لقي الله وهو عليه غضبان)) فليتني يا عمر أسلم من عَمارة(56) المدائن مع ما ذكرت أني أذللت نفسي وامتهنتها، فكيف يا عمر حال من وُلِّي الأمة بعد رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)؟

وإني سمعت الله يقول: (تِلْكَ الدَّاْرُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَاْ لِلَّذِيْنَ لاْ يُرِيْدُوْنَ عُلُوَّاً فِيْ الأَرْضِ وَلاْ فَسَاْدَاً وَالْعَاْقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ((57).

إعلمْ أني لم أتوجَّه أسوسهم وأقيم حدود الله فيهم إلا بإرشاد دليل عالم فنهجت فيهم بنهجه وسرت فيهم بسيرته.

واعلم أنَّ الله تبارك وتعالى لو أراد بهذه الأمة خيراً أو أراد بهم رشداً لولَّى عليهم أعلمهم وأفضلهم، ولو كانت هذه الأمة من الله خائفين ولقول نبي الله متبعين وبالحق عاملين ما سمَّوك أمير المؤمنين، فاقض ما أنت قاض إنَّما تقضي هذه الحياة الدنيا، ولا تغترَّ بطول عفو الله عنك وتمديده بذلك من تعجيل عقوبته، واعلم أنَّه ستدركك عواقب ظلمك في دنياك وآخرتك، وسوف تُسأل عما قدَّمت وأخَّرت، والحمد لله وحده.

النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وعهده إلينا(58)

روي أنَّ سعد بن أبي وقاص دخل على سلمان الفارسي يعوده فبكى سلمان، فقال له سعد: ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ توفي رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وهو عنك راض وترد عليه الحوض؟ فقال سلمان:

أما إني لا أبكي جزعاً من الموت، ولا حرصاً على الدنيا، ولكن رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) عهد إلينا فقال: لتكن بلغة أحدكم كزاد الراكب، وحولي هذه الأساود. وإنَّما حوله إجانة وجفنة ومطهرة.

متفرقات

هكذا بدأت أمري(59)

عن موسى بن جعفر (عليهِ السَّلام) قال: قلت: يا ابن رسول الله ألا تخبرنا كيف كان سبب إسلام سلمان الفارسي؟ قال: حدَّثني أبي صلوات الله عليه أنَّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله، وسلمان الفارسي، وأبا ذر، وجماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لسلمان: يا أبا عبد الله ألا تخبرنا بمبدأ أمرك؟ فقال سلمان:

والله يا أمير المؤمنين لو أنَّ غيرك سألني ما أخبرته، أنا كنت رجلاً من أهل شيراز من أبناء الدهاقين، وكنت عزيزاً على والديَّ، فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذ أنا بصومعة، وإذا فيها رجل ينادي:

أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ عيسى روح الله، وأنَّ مُحَمَّداً حبيب الله، فرسخ وصف [فرصف حب، خ ل] مُحَمَّد في لحمي ودمي، فلم يهنئني طعام ولا شراب.

فقالت لي أمي: يا بني ما لك اليوم لم تسجد لمطلع الشمس؟

قال: فكابرتها حتَّى سكتت، فلمَّا انصرفت إلى منزلي إذا أنا بكتاب معلَّق في السقف.

فقلت لأمي: ما هذا الكتاب؟

فقالت: يا روزبة إنَّ هذا الكتاب لَمَّا رجعنا من عيدنا رأيناه معلَّقاً، فلا تقرب ذلك المكان، فإنَّك إنْ قربته قتلك أبوك.

قال: فجاهدتها حتَّى جنَّ الليل ونام أبي وأمي، فقمت وأخذت الكتاب فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا عهد من الله إلى آدم، إنَّه خالق من صلبه نبياً يقال له: مُحَمَّد، يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن عبادة الأوثان، يا روزبة ائت وصيَّ عيسى وآمن واترك المجوسية.

قال: فصعقت صعقة وزادني شدة، قال: فعلم بذلك أبي وأمي فأخذوني وجعلوني في بئر عميقة.

وقالوا لي: إنْ رجعت وإلا قتلناك.

فقلت لهم: افعلوا بي ما شئتم، حب مُحَمَّد لا يذهب من صدري. قال سلمان: [والله] ما كنت أعرف العربية قبل قراءتي الكتاب ولقد فهَّمني الله عزَّ وجلَّ العربية من ذلك اليوم.

قال: فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون في البئر إليَّ أقراصاً صغاراً.

قال: فلمَّا طال أمري رفعت يدي إلى السماء، فقلت: يا رب إنَّك حبَّبت مُحَمَّداً ووصيه إليَّ، فبحق وسيلته عجِّلْ فرجي وأرحني مما أنا فيه، فأتاني آتٍ عليه ثياب بيض فقال: قم يا روزبة، فأخذ بيدي وأتى بي إلى الصومعة، فأنشأت أقول: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ عيسى روح الله، وأنَّ مُحَمَّداً حبيب الله، فأشرف عليَّ الديراني.

فقال: أنت روزبة؟

فقلت: نعم.

فقال: إصعد. فأصعدني إليه، وخدمته حولين كاملين، فلمَّا حضرته الوفاة قال: إني ميِّت.

فقلت له: فعلى من تخلِّفي؟

فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلا راهباً بأنطاكية، فإذا لقيته فأقرئه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح. وناولني لوحاً.

فلمَّا مات غسَّلته وكفَّنته ودفنته، وأخذت اللوح وسرت به إلى أنطاكية، وأتيت الصومعة وأنشأت أقول: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ عيسى روح الله، وأنَّ مُحَمَّداً حبيب الله.

فأشرف عليَّ الديراني فقال: أنت روزبة؟

فقلت: نعم.

فقال: إصعد، فصعدت إليه، فخدمته حولين كاملين.

فلمَّا حضرته الوفاة قال لي: إني ميت، فقلت: على من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه إلا راهباً بالإسكندرية، فإذا أتيته فأقرئه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح. فلما توفي غسلته وكفنته ودفنته وأخذت اللوح وأتيت الصومعة، وأنشأت أقول: أشهد أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ عيسى روح الله، وأنَّ مُحَمَّداً حبيب الله.

فأشرف عليَّ الديراني فقال: أنت روزبة؟

فقلت: نعم.

فقال: إصعد. فصعدت إليه، فخدمته حولين كاملين.

فلمَّا حضرته الوفاة قال لي: إني ميت. فقلت: على من تخلفني؟ فقال: لا أعرف أحداً يقول بمقالتي هذه في الدنيا، وإنَّ مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب قد حانت ولادته، فإذا أتيته فأقرئه مني السلام وادفع إليه هذا اللوح. فلما توفي غسلته وكفنته ودفنته وأخذت اللوح وخرجت، فصحبت قوماً فقلت لهم: يا قوم اكفوني الطعام والشراب أكفكم الخدمة؟ قالوا: نعم. قال: فلما أرادوا أنَّ يأكلوا شدُّوا على شاة فقتلوها بالضرب، ثُمَّ جعلوا بعضها كباباً وبعضها شواءً، فامتنعت من الأكل، فقالوا: كُلْ. فقلت: إني غلام ديراني وإنَّ الديرانيين لا يأكلون اللحم. فضربوني وكادوا يقتلونني، فقال بعضهم: أمسكوا عنه حتَّى يأتيكم شرابكم، فإنه لا يشرب. فلما أتوا بالشراب قالوا: إشرب. فقلت: إني غلام ديراني وإن الديرانيين لا يشربون الخمر. فشدُّوا عليَّ وأرادوا قتلي، فقلت لهم: يا قوم لا تضربوني ولا تقتلوني، فإني أقرُّ لكم بالعبودية. فأقررت لواحد منهم فأخرجني وباعني بثلاثمئة درهم من رجل يهوديّ، قال: فسألني عن قصتي فأخبرته وقلت: ليس لي ذنب إلا أني أحببت مُحَمَّداً ووصيه. فقال اليهودي: إني لأبغضك وأبغض مُحَمَّداً. ثُمَّ أخرجني إلى خارج داره وإذا رمل كثير على بابه، فقال: والله يا روزبة لئن أصبحت ولم تنقل هذا الرمل كله من هذا الموضع لأقتلنَّك. قال: فجعلت أحمل طول ليلتي، فلما أجهدني التعب رفعت يدي إلى السماء وقلت: يا رب إنَّك حببت محمداً ووصيه إليَّ، فبحق وسيلته عجِّلْ فرجي وأرحني مما أنا فيه. فبعث الله عزَّ وجلَّ ريحاً فقلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي، فلمَّا أصبح نظر إلى الرمل قد نقل كله، فقال: يا روزبة أنت ساحر وأنا لا أعلم، فلأخرجنك من هذه القرية لئلا تهلكها. قال: فأخرجني وباعني من امرأة سليمية فأحبتني حباً شديداً، وكان لها حائط، فقالت: هذا الحائط لك، كلْ منه ما شئت، وهب وتصدَّق. قال: فبقيت في ذلك الحائط ما شاء الله فبينا أنا ذات يوم في الحائط إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلهم غمامة، فقلت في نفسي: والله ما هؤلاء كلهم أنبياء ولكنَّ فيهم نبياً، قال: فأقبلوا حتَّى دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم، فلما دخلوا إذا فيهم رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وأمير المؤمنين (عليهِ السَّلام) وأبو ذر والمقداد وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل، ورسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) يقول لهم: كلوا الحشف، ولا تفسدوا على القوم شيئاً، فدخلت على مولاتي فقلت لها: يا مولاتي هبي لي طبقاً من رطب. فقالت: لك ستة أطباق. قال: فجئت فحملت طبقاً من رطب، فقلت في نفسي: إنْ كان فيهم نبي فإنه لا يأكل الصدقة، ويأكل الهدية، فوضعته بين يديه فقلت: هذه صدقة. فقال رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ): كلوا. وأمسك رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) وأمير المؤمنين وعقيل بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب، وقال لزيد: مُدَّ يدك وكُلْ. فقلت في نفسي: هذه علامة، فدخلت إلى مولاتي فقلت لها: هبي لي طبقاً آخر. فقالت: لك ستة أطباق. قال: فجئت فحملت طبقاً من رطب فوضعته بين يديه فقلت: هذه هدية، فمدَّ يده وقال: بسم الله كلوا. ومدَّ القوم جميعاً أيديهم فأكلوا، فقلت في نفسي: هذه أيضاً علامة، قال: فبينا أنا أدور خلفه إذ حانت من النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) التفاتة فقال: يا روزبة تطلب خاتم النُّبوَّة؟ فقلت: نعم. فكشف عن كتفيه فإذا أنا بخاتم النُّبوَّة معجون بين كتفيه عليه شعرات ((صلى الله عليه وآله وسلم)) قال: فسقطت على قدم رسول الله (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) أقبلها، فقال لي: يا روزبة ادخل إلى هذه المرأة وقل لها: يقول لك مُحَمَّد بن عبد الله: تبيعيننا هذا الغلام؟ فدخلت فقلت لها: يا مولاتي إنَّ مُحَمَّد بن عبد الله يقول لك: تبيعيننا هذا الغلام؟

فقالت: قل له: لا أبيعكه إلا بأربعمائة نخلة: مائتي نخلة منها صفراء ومائتي نخلة منها حمراء.

قال: فجئت إلى النبيّ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ) فأخبرته.

فقال: وما أهون ما سألت.

ثُمَّ قال: قم يا علي فاجمع هذا النوى كله. فجمعه وأخذه، فغرسه.

ثُمَّ قال: اسقه. فسقاه أمير المؤمنين (عليهِ السَّلام)، فما بلغ آخره حتَّى خرج النخل ولحق بعضه بعضاً.

فقال لي: أدخل إليها وقل لها: يقول لك مُحَمَّد بن عبد الله: خذي شيئك.

 

(1) ثواب الأعمال 267 – 268 ب26 ح1: أبي رحمه الله، قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبي الجوزاء، عن الحسين بن علوان، عن منذر، عن أبي عبد الله (عليهِ السَّلام)، قال: ذكر أنَّ سلمان قال: ...

(2) المناقب لابن شهر آشوب 1/ 133: سلمان قال:...

(3) الخرائج والجرائح 1/102 – 103 ح166: روي عن سلمان قال: ...

(4) تفسير العياشي 2/283 ح26: عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: ...

(5) سورة الإسراء: 11.

(6) بحار الأنوار 17/372 – 373 ح27، عن أمالي الشيخ الطوسي: الفحام، عن عمه عمر بن يحيى، عن مُحَمَّد بن سليمان بن عاصم، عن أحمد بن مُحَمَّد العبدي، عن علي بن الحسن الأموي، عن جعفر الأموي، عن عباس بن عبد الله، عن سعد بن ظريف عن الأصبغ بن نباتة، عن أبي مريم، عن سلمان، قال: ...

(7) أمالي الصدوق 440 مجلس 81 ح19: حدَّثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه، قال: حدَّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن جعفر بن سلمة الأهوازي، عن إبراهيم بن مُحَمَّد الثقفي، قال: حدَّثني المسعودي، قال: حدَّثنا يحيى بن سالم العبدي، عن إسرائيل، عن ميسرة، عن المنهال بن عمرو، ...

(8) رجال الكشي 1/75 – 89 ح47: مُحَمَّد بن مسعود، قال: حدَّثنا أبو عبد الله الحسين بن إشكيب، قال: أخبرني الحسن بن خرزاذ القمي، قال: أخبرنا مُحَمَّد بن حماد الساسي، عن صالح بن فرج، عن زيد بن المعدل، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليهِ السَّلام) قال: خطب سلمان فقال: ...

(9) شوه الخلق: قبحه.

(10) تفسير فرات الكوفي 179: فرات قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن القاسم بن عبيد معنعناً عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه وهو يقول: ...

(11) سورة الواقعة: 27.

(12) سورة الواقعة: 8 و10 – 12.

(13) تأويل الآيات الظاهرة 651: روى أبو نعيم الحافظ، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن حميد بإسناده عن عيسى بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليهِ السَّلام) قال: حدَّثني أبي، عن جده، عن علي (عليهِ السَّلام) أنَّه قال: قال سلمان الفارسي: ...

(14) سورة المجادلة: 22.

(15) أمالي الشيخ الطوسي 1/132 ح26: ابن الشيخ الطوسي، عن والده، عن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن النعمان، عن علي بن خالد المراغي، عن علي بن العباس، عن جعفر بن محمد بن الحسين، عن موسى بن زياد، عن يحيى بن يعلى، عن أبي خالد الواسطي، عن أبي هاشم الخولاني، عن زاذان، قال: سمعت سلمان رحمة الله عليه يقول: ...

(16) بحار الأنوار 27/128 – 129 ح119: عن كتاب المحتضر للحسن بن سليمان، مما رواه من الأربعين رواية سعد الأربلي يرفعه إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: ...

(17) كمال الدين 1/262 ب24 ح10: حدَّثنا مُحَمَّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عن، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن أذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول: ...

(18) سورة النجم: 31.

(19) كفاية الأثر 40 – 42: حدَّثنا [أبو المفضل] مُحَمَّد بن عبد الله بن المطلب، وأبو عبد الله مُحَمَّد بن أحمد بن عبد الله الجوهري، قالا: حدَّثنا [مُحَمَّد بن] لاحق اليماني عن إدريس بن زياد، قال: حدَّثنا إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: ...

(20) تأويل الآيات الظاهرة 241: روى الشيخ أبو جعفر الطوسي رحمه الله، عن رجاله، عن المفضل بن شاذان يرفعه إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: ...

(21) اليقين في إمرة أمير المؤمنين 183 ب187: مُحَمَّد بن جرير الطبري صاحب التاريخ عن أبي جعفر، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، ثُمَّ ذكر فيه عن سلمان الفارسي ما هذا لفظه: وقام سلمان رحمة الله عليه فقال: ...

(22) فضائل ابن شاذان 147 – 148: بالإسناد يرفعه إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه أنَّه قال: ...

(23) أمالي الشيخ الطوسي: ج2 219 – 221 ح 2: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، عن مُحَمَّد بن فيروز بن غياث الجلاب، عن مُحَمَّد بن الفضل بن المختار، عن أبي الفضل بن مختار، عن الحكم بن ظهير الفزاري، عن ثابت بن أبي صفية أبي حمزة، عن القاسم بن عوف، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: ...

(24) سورة الواقعة: 27.

(25) سورة الحجرات: 13.

(26) سورة الأحزاب: 33.

(27) الخرائج والجرائح 2/ 530 ـ 531 ح6: روي أن سلمان قال:

(28) أمالي الصدوق 276، المجلس 54، ح15: حدَّثنا أبي قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن مُحَمَّد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن حمران بن أعين، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين (عليهِ السَّلام) قال: قال سلمان الفارسي [رحمة الله عليه]: ...

(29) الخصال 2/475 ح38، وعيون أخبار الرضا (عليهِ السَّلام) 1/52 ب6 ح17، وكمال الدين 1/262 ب24 ح9: حدَّثنا أبي رضي الله عنه قال: حدَّثنا سعد بن عبد الله بن ابي خلف، قال: حدَّثني يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبان بن تغلب، عن سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي قال: ...

(30) كفاية الأثر 44 – 45: حدَّثنا علي بن الحسين بن مُحَمَّد قال: حدَّثنا هارون بن موسى رضي الله عنه، عن أحمد بن مُحَمَّد بن سعيد، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن عامر [عن الحجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة عن عطاء] بن السائب الثقفي، عن أبيه، عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه قال: ...

(31) الاحتجاج 1/230: ...

(32) أمالي الصدوق 385، المجلس 72، ح21: حدَّثنا أبي قال: حدَّثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الأصبهاني، عن إبراهيم بن مُحَمَّد الثقفي، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم، عن يحيى بن الحسين، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن سلمان الفارسي قال: ...

(33) إرشاد القلوب للديلمي 2/268 – 269: روي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: ...

(34) بحار الأنوار 40/77، عن سلمان قال: ...

(35) إرشاد القلوب 2/403: مرفوعاً إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: ...

(36) أمالي الصدوق 488 – 489 المجلس 89، ح7: حدَّثنا حمزة بن مُحَمَّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهِم السَّلام)، قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدَّثنا أبي، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن أبي عمير، عن حفص بن البختري، عن الصادق جعفر بن مُحَمَّد، عن أبيه، عن جده (عليهِم السَّلام)، قال: ...

(37) الخصال 1/326 ح17: حدَّثنا أبي رضي الله عه، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن يحيى العطّار، عن مُحَمَّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن إسحاق الضحّاك، عن منذر الجوان، عن أبي عبد الله (عليهِ السَّلام) قال: قال سلمان رحمة الله عليه: ...

(38) أمالي الطوسي 1/170 ب6 ح33: ابن الشيخ الطوسي، عن أبيه، عن المفيد، عن عمر بن مُحَمَّد بن علي الزيات، عن الحسين بن يحيى بن العباس التمار، عن الحسن بن عبيد الله، عن يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان، قال: ...

(39) التوحيد 96 – 97 ب5 صدر ح3: حدَّثنا علي بن أحمد النسابة، عن أحمد بن سلمان بن الحسن، عن جعفر بن مُحَمَّد الصائغ، عن خالد العرني، عن هيثم، عن أبي سفيان مولى مزينة، عمَّن حدَّث، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنَّه أتاه رجل فقال: ...

(40) تفسير العياشي 1/71 ح138: ...

(41) سورة البقرة: 159.

(42) جامع الأخبار 91 الفصل 49: ...

(43) بحار الأنوار 22/360 ح3: عن أمالي الشيخ الطوسي: المفيد، عن الجعابي، عن إبن عقدة، عن أحمد بن سلمة، عن إبراهيم بن مُحَمَّد، عن الحسن بن حذيفة، عن أبي عبد الله (عليهِ السَّلام) قال: ...

(44) فروع الكافي 3/89 ح3: علي بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر (عليهِ السَّلام) قال: قال سلمان رضي الله عنه: ...

(45) أمالي الطوسي 2/244 – 245 ب31 ح3: الشيخ الطوسي عن جماعة، عن أبي المفضل، عن الحسن بن مُحَمَّد ابن علي بن شاذان، عن الحسن بن أحمد بن عبد الله، عن إسماعيل بن صبيح، عن أبي خالد الواسطي، عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن سلمان رضي الله عنه قال: ...

(46) المحاسن 437 ب34 ح282: أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن مُحَمَّد بن مسلم، ...

(47) بحار الأنوار 86/283 ح46، عن البلد الأمين: من أمالي سعد بن نصر، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: ...

(48) أمالي الصدوق 284 – 285 المجلس 55، ح6، وعلل الشرائع 1/143 – 144، ب120، ح9: حدَّثنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد العلوي من ولد مُحَمَّد بن علي بن أبي طالب، قال: حدَّثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى، عن أحمد بن علي، عن الحسن بن إبراهيم بن علي العباسي، عن عمير بن مرداس الدولقي، عن جعفر بن بشير المكي، عن وكيع، عن المسعودي، رفعه، عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: ...

(49) بحار الأنوار 27/116، ح94: عن إيضاح دفائن النواصب: عن سلمان الفارسي قال: ...

(50) تفسير العياشي 1/179 – 180 ح71: عن سلمان قال: ...

(51) بحار الأنوار 14/514 – 515، ح3: عن قصص الأنبياء، بالإسناد إلى الصدوق، عن ابن المتوكل، عن الحميري، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطية، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر، عن أبيه (عليهِما السَّلام)، عن جابر، عن سلمان الفارسي رضي الله عنهما يحدِّث: ...

(52) الاحتجاج 1/185 – 188: ...

(53) أنَّبهُ: عنَّفه ولامه.

(54) سورة الحجرات: 12.

(55) أي: وضعتها موضع الإهانة.

(56) العمارة بالفتح: الحي العظيم.

(57) سورة القصص: 83.

(58) روضة الواعظين 2/490: ...

(59) كمال الدين 1/161 – 166 ب9 ح21: حدَّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدَّثنا مُحَمَّد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعاً، عن أحمد بن مُحَمَّد بن عيسى، عن مُحَمَّد بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عمن ذكره، ...