الفهرس

المؤلفات

السياسة والدولة

الصفحة الرئيسية

 

تتمة........  1  2  3

المعاملات الربوية

مسألة: يحرم الربا وتحرم المعاملات الربوية.

كتب علي بن موسى الرضا (عليه السلام) إلى محمد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله:

«علة تحريم الربا انما نهى الله عزوجل عنه لما فيه من فساد الأموال، لأن الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهماً وثمن الآخر باطلا فبيع الربا وشراؤه وكس على كل حال على المشتري وعلى البائع، فحظر الله تبارك وتعالى على العباد الربا لعلة فساد الأموال، كما حظر على السفيه أن يدفع إليه ماله لما يتخوف عليه من إفساده حتى يؤنس منه رشداً، فلهذه العلة حرم الله الربا وبيع الربا بيع الدرهم بدرهمين، وعلة تحريم الربا بعد البينة لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله تعالى لها لم يكن ذلك منه إلا استخفافاً بالمحرم للحرام والاستخفاف بذلك دخول في الكفر، وعلة تحريم الربا بالنسيئة لعلة ذهاب المعروف وتلف الأموال ورغبة الناس في الربح وتركهم القرض وصنائع المعروف ولما في ذلك من الفساد والظلم وفناء الأموال»[1].

وسأل هشام بن الحكم أبا عبد الله (عليه السلام) عن علة تحريم الربا؟ فقال: «إنه لو كان الربا حلالا لترك الناس التجارات وما يحتاجون إليه فحرم الله الربا ليفر الناس من الحرام إلى الحلال وإلى التجارات وإلى البيع والشراء فيبقى ذلك بينهم في القرض»[2].

وعن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قلت له: إني سمعت الله يقول: ((يمحق الله الربا ويربي الصدقات)) [3] وقد أرى من يأكل الربا يربو ماله؟ فقال: «أي محق أمحق من درهم ربا يمحق الدين وإن تاب منه ذهب ماله وافتقر»[4].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «درهم واحد ربا أعظم من عشرين زنيةً كلها بذات محرم»[5].

تعاطي الربا

مسألة: يحرم إعطاء الربا كما يحرم أخذه.

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهده فيه سواء»[6].

وعن زيد بن علي عن آبائه عن علي (عليهم السلام) قال: «لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الربا وآكله وبائعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه»[7].

وعن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) في مناهي النبي (صلى الله عليه وآله): «أنه نهى عن أكل الربا وشهادة الزور وكتابة الربا وقال إن الله عزوجل لعن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه»[8].

وفي تفسير القمي: أنه لما أنزل الله ((الذين يأكلون الربا)) [9] الآية فقام خالد بن الوليد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله ربا أبي في ثقيف وقد أوصاني عند موته بأخذه، فأنزل الله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله)) [10] قال: «من أخذ الربا وجب عليه القتل وكل من أربى وجب عليه القتل»[11].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما خلق الله حلالا ولا حراما إلا وله حدود كحدود الدار فما كان من حدود الدار فهو من الدار، حتى أرش الخدش فما سواه، والجلدة ونصف الجلدة، وإن رجلا أربى دهرا من الدهر فخرج قاصدا أبا جعفر (عليه السلام) فسأله عن ذلك فقال له مخرجك من كتاب الله يقول الله: ((فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف)) [12] والموعظة هي التوبة فجهله بتحريمه ثم معرفته به فما مضى فحلال وما بقي فليحفظ»[13].

استحباب الإقراض

مسألة: يستحب إعطاء القرض لمن يطلب القرض وثوابه يفوق ثواب الصدقة، فان الصدقة بعشرة، والقرض بثمانية عشر.

عن النبي (صلى الله عليه وآله): «من أقرض مؤمناً قرضاً ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة، وكان هو في صلاة مع الملائكة حتى يؤديه»[14] «وان رفق به في طلبه تعدى على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب، ومن شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه، حرم الله عزوجل عليه الجنة يوم يجزي المحسنين»[15].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما من مؤمن أقرض مؤمناً يلتمس به وجه الله إلا حسب الله له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع إليه ماله»[16].

وقال (عليه السلام): «مكتوب على باب الجنة الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر»[17].

وفي رواية أخرى: «بخمسة عشر»[18].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قرض المؤمن غنيمة وتعجيل خير، إن أيسر أداه وإن مات احتسب من الزكاة»[19].

وعن عقبة بن خالد قال: دخلت أنا والمعلى وعثمان بن عمران على أبي عبد الله (عليه السلام) فلما رآنا قال: «مرحباً مرحباً بكم وجوه تحبنا ونحبها جعلكم الله معنا في الدنيا والآخرة».

فقال له عثمان: جعلت فداك.

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «نعم مه».

قال: إني رجل موسر.

فقال له: «بارك الله لك في يسارك».

قال: ويجيء الرجل فيسألني الشيء وليس هو إبان زكاتي.

فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): «القرض عندنا بثمانية عشر والصدقة بعشرة وما ذا عليك إذا كنت كما تقول موسراً أعطيته فإذا كان إبان زكاتك احتسبت بها من الزكاة، يا عثمان لا ترده فإن رده عند الله عظيم، يا عثمان إنك لو علمت ما منزلة المؤمن من ربه ما توانيت في حاجته، ومن أدخل على مؤمن سروراً فقد أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقضاء حاجة المؤمن يدفع الجنون والجذام والبرص»[20].

الشرط في القرض

مسألة: يحرم القرض الربوي وكذا كل شرط يجرّ نفعاً إلى المقرض، سواء كان الشرط يرتبط بالمال والمتاع، أو بالعمل والخدمات، نعم إذا أحب أن يعطيه الزائد من دون شرط فلا بأس. ومن أخذ قرضاً ربوياً لم يملكه ولم يجز له التصرف فيه.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الربا رباءان، أحدهما ربا حلال والآخر حرام، فأما الحلال فهو أن يقرض الرجل قرضاً طمعاً أن يزيده ويعوضه بأكثر مما أخذه بلا شرط بينهما، فإن أعطاه أكثر مما أخذه بلا شرط بينهما فهو مباح له وليس له عند الله ثواب فيما أقرضه، وهو قوله عزوجل: ((فلا يربوا عند الله)) [21]، وأما الربا الحرام فهو الرجل يقرض قرضاً ويشترط أن يرد أكثر مما أخذه فهذا هو الحرام»[22].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «لا بأس أن يقرض الرجل الدراهم ويأخذ أجود منهما إذا لم يكن بينهما شرط»[23].

وقال الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى: ((لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف)) [24]، قال: «يعني بالمعروف القرض وإنما حرم الربا ليتقارض الناس»[25].

الاشتغال في المعاملات الربوية

مسألة: يحرم الاشتغال بالمعاملات الربوية، ويحرم الأجرة عليها.

عن سعد بن طريف عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أخبث المكاسب كسب الربا»[26].

وروي عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جعلت فداك إن الناس يزعمون أن الربح على المضطر حرام وهو من الربا، فقال: «وهل رأيت أحداً اشترى غنياً أو فقيراً إلا من ضرورة، يا عمر قد أحل الله البيع وحرم الربا فاربح ولا تربه» قلت: وما الربا؟ قال: «دراهم بدراهم مثلان بمثل»[27].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لما أسري بي إلى السماء رأيت قوما يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر أن يقوم من عظم بطنه، فقلت: من هؤلاء يا جبرئيل؟ قال: هؤلاء ((الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس)) [28] وإذا هم بسبيل آل فرعون يعرضون على النار ((غدوا وعشيا)) [29] يقولون ربنا متى تقوم الساعة»[30].

إذا تأخر الدين

مسألة: يحرم أخذ الزيادة مقابل التأخير الحاصل في تسديد الديون وأداء القروض، فإنها من الربا.

عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: «الكبائر سبعة، منها قتل النفس متعمداً، والشرك بالله العظيم، وقذف المحصنة، وأكل الربا بعد البينة»[31].

وقال أمير المؤمنين (صلى الله عليه وآله): «لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الربا وآكله ومؤكله وبائعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه»[32].

وفي الحديث: «إن علياً (عليه السلام) أتي بآكل الربا فاستتابه فتاب ثم خلى سبيله، ثم قال: يستتاب آكل الربا من الربا كما يستتاب من الشرك»[33].

إنظار المعسر

مسألة: يجب إمهال المقترض إذا لم يكن عنده ما يدفع به قرضه على تفصيل مذكور في الفقه، ولم يجز أن يشدد عليه ناهيك عن توقيفه أو سجنه أو نحو ذلك.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «من أراد أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، قالها ثلاثاً فهابه الناس أن يسألوه، فقال: فلينظر معسراً أو ليدع له من حقه»[34].

وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال في يوم حار وحنا كفه: من أحب أن يستظل من فور جهنم، قالها ثلاث مرات فقال الناس في كل مرة: نحن يا رسول الله، فقال: من أنظر غريماً أو ترك المعسر»، ثم قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «قال عبد الله بن كعب بن مالك: إن أبي أخبرني أنه لزم غريماً له في المسجد فأقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله) فدخل بيته ونحن جالسان ثم خرج في الهاجرة فكشف رسول الله (صلى الله عليه وآله) ستره فقال: يا كعب ما زلتما جالسين، قال: نعم بأبي وأمي، قال: فأشار رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكفه خذ النصف، قال: فقلت بأبي وأمي، ثم قال: أتبعه ببقية حقك، قال فأخذت النصف ووضعت له النصف»[35].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر ذات يوم فحمد الله وأثنى عليه وصلى على أنبيائه (صلى الله عليهم) ثم قال: أيها الناس ليبلغ الشاهد منكم الغائب، من أنظر معسراً كان له على الله عزوجل في كل يوم صدقة بمثل ماله حتى يستوفيه، وقال أبو عبد الله (عليه السلام): ((وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون)) [36] أنه معسر فتصدقوا عليه بمالكم فهو خير لكم»[37].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خلوا سبيل المعسر كما خلاه الله عزوجل»[38].

وقال أبو جعفر (عليه السلام): «من أقرض قرضاً إلى ميسرة كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يقبضه»[39].

عن أبي عبد الله (عليه السلام) في وصية طويلة كتبها إلى أصحابه قال: «وإياكم وإعسار أحد من إخوانكم المسلمين أن تعسروه بشي‏ء يكون لكم قبله وهو معسر، فإن أبانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول ليس لمسلم أن يعسر مسلماً ومن أنظر معسراً أظله الله بظله يوم لا ظل إلا ظله»[40]. وعن عبد الله بن سنان قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): «ألف درهم أقرضها مرتين أحب إليّ من أن أتصدق بها مرةً وكما لا يحل لغريمك أن يمطلك وهو موسر فكذلك لا يحل لك أن تعسره إذا علمت أنه معسر»[41].

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «يبعث يوم القيامة قوم تحت ظل العرش وجوههم من نور ورياشهم من نور جلوس على كراسي من نور فتشرف لهم الخلائق فيقولون: هؤلاء الأنبياء فينادي منادٍ من تحت العرش أن ليس هؤلاء بأنبياء، قال: فيقولون: هؤلاء شهداء، فينادي منادٍ من تحت العرش ليس هؤلاء بشهداء ولكن هؤلاء قوم كانوا ييسرون على المؤمنين وينظرون المعسر حتى ييسر»[42].

وعن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن رجل لي عليه مال فغاب عني زماناً فرأيته يطوف حول الكعبة فأتقاضاه؟ قال: قال: «لا تسلم عليه ولا تروعه حتى يخرج من الحرم»[43].

وعن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنه ذكر لنا أن رجلا من الأنصار مات وعليه ديناران ديناً فلم يصل عليه النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: «صلوا على أخيكم» حتى ضمنهما عنه بعض قراباته، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ذاك الحق» ثم قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إنما فعل ذلك ليتعظوا وليرد بعضهم على بعض ولئلا يستخفوا بالدين وقد مات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعليه دين، وقتل أمير المؤمنين (عليه السلام) وعليه دين، ومات الحسن (عليه السلام) وعليه دين، وقتل الحسين (عليه السلام) وعليه دين»[44].

وفي فقه الرضا (عليه السلام): «اعلم أنه من استدان دينا ونوى قضاءه فهو في أمان الله حتى يقضيه، فإن لم ينو قضاءه فهو سارق، فاتق الله وأد إلى من له عليك، وارفق بمن لك عليه حتى تأخذه منه في عفاف وكفاف، فإن كان غريمك معسرا وكان أنفق ما أخذ منك في طاعة الله فأنظره إلى ميسرة وهو أن يبلغ خبره إلى الإمام فيقضي عنه، أو يجد الرجل طولا فيقضي دينه، وإن كان ما أنفق ما أخذه منك في معصية الله فطالبه بحقك فليس هو من أهل هذه الآية»[45].

مستثنيات الدين

مسألة: لا يجبر المديون على بيع مستثنيات الدين وهو مسكنه وأثاث منزله وغير ذلك مما يحتاج إليه، ولا يجب عليه البيع، وأما إذا رضي هو بذلك فباعها وقضى بها دينه فلا بأس.

قال المحقق الأردبيلي: «مستثنيات الدين مثل دست الثوب وبيت السكنى وقوت يوم وليلة»[46].

والدست من الثياب: «ما يلبسه الإنسان ويكفيه لتردده في حوائجه، وقيل: كلما يلبس من العمامة إلى النعل، والجمع دسوت مثل فلس وفلوس»[47].

وقال المحقق النراقي في المستند: «مستثنيات الدين كفرس ركوبه وثياب بدنه ونحوهما»[48].

وعن الحلبي عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: «لا تباع الدار ولا الجارية في الدين، وذلك لأنه لابد للرجل المسلم من ظل يسكنه وخادم يخدمه»[49].

وعن عثمان بن زياد قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن لي على رجل ديناً وقد أراد أن يبيع داره فيقضيني؟ قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «أعيذك بالله أن تخرجه من ظل رأسه»[50].

وعن بريد العجلي قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن عليّ ديناً لأيتام وأخاف إن بعت ضيعتي بقيت و ما لي شيء، قال: «لا تبع ضيعتك و لكن أعط بعضاً و أمسك بعضاً»[51].

وجاء في تفسير القمي: دخل رجل على أبي عبد الله فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «ما لفلان يشكوك؟ » قال: طالبته بحقي، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «وترى أنك إذا استقصيت عليه لم تسئ به أترى الذي حكى الله عزوجل في قوله ((ويخافون سوء الحساب)) [52] أي يجور الله عليهم والله ما خافوا ذلك ولكنهم خافوا الاستقصاء فسماه الله سوء الحساب»[53].

أداء الدين

مسألة: يجب على المقترض الأداء كلما طالبه المقرض وهو قادر على القضاء إذا لم يعين للقرض أجل، كما يجب الأداء إذا حل وقت الأداء وهو يتمكن منه، ولو تأخر عصى.

روي: «لا يحل للغريم المطل وهو موسر »[54].

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «أول قطرة من دم الشهيد كفارة لذنوبه إلا الدين فإن كفارته قضاؤه»[55].

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إياكم والدين فإنه مذلة بالنهار ومهمة بالليل وقضاء في الدنيا وقضاء في الآخرة»[56].

وعن محمد بن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «قال النبي (صلى الله عليه وآله): ليس من غريم ينطلق من عند غريمه راضياً إلا صلت عليه دواب الأرض ونون البحر، وليس من غريم ينطلق صاحبه غضبان وهو ملي إلا كتب الله عز وجل بكل يوم يحبسه وليلة ظلماً»[57].

الكسب لأداء الدين

مسألة: يجب الاكتساب على المقترض إذا لم يمكنه تسديد دينه إلا به، وكان قادراً على الاكتساب.

عن أبي تمامه قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): إني أريد أن ألزم مكة والمدينة وعليّ دين فما تقول، فقال: «ارجع إلى مؤدى دينك وانظر أن تلقى الله عز وجل وليس عليك دين إن المؤمن لا يخون»[58].

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله عزوجل إلا الدين لا كفارة له إلا أداؤه أو يقضي صاحبه أو يعفو الذي له الحق»[59].

الكسب لنفقة العيال

مسألة: يجب الاكتساب على من لم يكن له مال، ووجبت عليه نفقة العيال من زوجة وأولاد وأبوين وغيرهم.

عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إذا كان الرجل معسراً يعمل بقدر ما يقوت به نفسه وأهله ولا يطلب حراماً فهو كالمجاهد في سبيل الله»[60].

وقال (عليه السلام): «ملعون ملعون من ضيع من يعول»[61].

وقال (عليه السلام) «كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول»[62].

وقال أبو الحسن (عليه السلام): «من طلب هذا الرزق من حله ليعود به على نفسه وعياله كان كالمجاهد في سبيل الله فإن غلب عليه فليستدن على الله وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله) ما يقوت به عياله»[63] الحديث.

وقال (صلى الله عليه وآله): «الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله»[64].

وفي حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله): «الكاد على عياله من حلال كالمجاهد في سبيل الله»[65].

وقال (عليه السلام): «الذي يطلب من فضل الله عزوجل ما يكف به عياله أعظم أجرا من المجاهد في سبيل الله عزوجل»[66].

وعن هشام بن المثنى قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزوجل ((وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين)) [67]، فقال: «كان فلان بن فلان الأنصاري سماه وكان له حرث فكان إذا أخذ يتصدق به فيبقى هو وعياله بغير شيء فجعل الله عز وجل ذلك سرفاً»[68].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): كل معروف صدقة وأفضل الصدقة عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى ولا يلوم الله على الكفاف»[69].

وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال: «ينبغي للرجل أن يوسع على عياله لئلا يتمنوا موته، وتلا هذه الآية: ((ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً)) [70] قال: الأسير عيال الرجل ينبغي إذا زيد في النعمة أن يزيد أسراءه في السعة عليهم»[71] الحديث.

وعن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: «أرضاكم عند الله أسبغكم على عياله»[72].

وعن الرضا (عليه السلام) قال: «صاحب النعمة يجب عليه التوسعة على عياله»[73].

وقال أبو الحسن (عليه السلام): «إن عيال الرجل أسراؤه فمن أنعم الله عليه بنعمة فليوسع على أسرائه فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك النعمة»[74].

استحباب الكسب والتجارة

مسألة: يستحب الكسب للأمور المستحبة، مثل التوسعة على الأهل والعيال، ومساعدة الفقراء والمساكين، وتأسيس المؤسسات الخيرية والاجتماعية، وإنشاء المدارس والمعاهد الدينية، ونشر الكتب والمقالات التثقيفية.

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عزوجل: ((ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً)) [75]، قال: «رضوان الله والجنة في الآخرة والسعة في الرزق والمعاش وحسن الخلق في الدنيا»[76].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «نعم العون الدنيا على الآخرة»[77].

وقال (عليه السلام): «ليس منا من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه»[78].

وروي عن العالم (عليه السلام) أنه قال: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً»[79].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نعم العون على تقوى الله الغنى»[80].

وروى عمر بن أذينة عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: «إن الله تبارك وتعالى ليحب الاغتراب في طلب الرزق»[81].

وقال (عليه السلام): «اشخص يشخص لك الرزق»[82].

وروى علي بن عبد العزيز عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إني لأحب أن أرى الرجل متحرفاً في طلب الرزق إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: اللهم بارك لأمتي في بكورها»[83].

وقال (صلى الله عليه وآله): «إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها فإني سألت ربي عز وجل أن يبارك لأمتي في بكورها»[84].

وقال (عليه السلام): «إذا أراد أحدكم الحاجة فليبكر إليها وليسرع المشي إليها»[85].

آداب البيع والشراء

مسألة: للبيع والشراء آداب مذكورة في الفقه ينبغي مراعاتها، مضافاً إلى إلزاميات المعاملات.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من باع واشترى فليحفظ خمس خصال وإلا فلا يشتر ولا يبع: الربا والحلف وكتمان العيب والحمد إذا باع والذم إذا اشترى»[86].

وكان أبو أمامة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: «أربع من كن فيه فقد طاب مكسبه، إذا اشترى لم يعب، وإذا باع لم يحمد، ولا يدلس، وفيما بين ذلك لا يحلف»[87].

وعن عبد الله بن القاسم الجعفري عن بعض أهل بيته قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارته حتى ضمن له: «إقالة النادم وإنظار المعسر وأخذ الحق وافياً وغير واف»[88].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «جاءت زينب العطارة الحولاء إلى نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبناته وكانت تبيع منهن العطر فدخل رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي عندهن فقال لها: «إذا أتيتنا طابت بيوتنا» فقالت: بيوتك بريحك أطيب يا رسول الله، قال: «إذا بعت فأحسني ولا تغشي فإنه أتقى لله وأبقى للمال»[89].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «غبن المسترسل سحت»[90].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «غبن المؤمن حرام»[91].

تعلم الأحكام

مسألة: يستحب تعلم كل أحكام التجارة والبيع والشراء، ويجب تعلم أحكام موارد الابتلاء والمقدار المحتاج إليه في تجارته ومعاملاته.

عن الإمام الصادق (عليه السلام): «من أراد التجارة فليتفقه في دينه، ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه، ومن لم يتفقه في دينه ثم اتجر تورط في الشبهات»[92].

وعنه (عليه السلام) أيضاً: «التاجر فاجر إلا من أخذ الحق وأعطى الحق»[93].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول لا يقعدن في السوق إلا من يعقل الشراء والبيع»[94].

وعن الأصبغ بن نباتة قال سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول على المنبر: «يا معشر التجار الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، الفقه ثم المتجر، والله للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا، شوبوا أيمانكم بالصدق التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق»[95].

السعر الواحد

مسألة: يستحب البيع بسعر واحد، وأن لا يفرق في القيمة بين مشتر وآخر ولا يميّز بينهم.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: في رجل عنده بيع فسعره سعراً معلوماً فمن سكت عنه ممن يشتري منه باعه بذلك السعر ومن ماكسه فأبى أن يبتاع منه زاده، قال: «لو كان يزيد الرجلين والثلاثة لم يكن بذلك بأس فأما أن يفعله بمن أبى عليه وكايسه ويمنعه من لم يفعل فلا يعجبني إلا أن يبيعه بيعاً واحداً»[96].

سهل البيع والشراء

مسألة: يستحب أن لا يستصعب في قيمة الشيء، وأن يتحلى الإنسان بالسهولة في جميع معاملاته، فيكون سهل البيع والشراء، وسهل القضاء والاقتضاء على ما في الروايات.

عن أبي عبد الله قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): السماحة من الرباح قال ذلك لرجل يوصيه ومعه سلعة يبيعها»[97].

وعن جابر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلا إذا باع، سهلا إذا اشترى، سهلا إذا قضى، سهلا إذا استقضى»[98].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن الله تبارك وتعالى يحب العبد يكون سهل البيع سهل الشراء سهل القضاء سهل الاقتضاء»[99].

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بارك الله على سهل البيع، سهل الشراء، سهل القضاء، سهل الاقتضاء»[100].

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة عندكم يغتدي كل يوم بكرةً من القصر فيطوف في أسواق الكوفة سوقاً سوقاً ومعه الدرة على عاتقه وكان لها طرفان وكانت تسمى السبينة فيقف على أهل كل سوق فينادي: يا معشر التجار اتقوا الله، فإذا سمعوا صوته (عليه السلام) ألقوا ما بأيديهم وأرعوا إليه بقلوبهم وسمعوا بآذانهم، فيقول (عليه السلام): قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة واقتربوا من المبتاعين وتزينوا بالحلم وتناهوا عن اليمين وجانبوا الكذب وتجافوا عن الظلم وأنصفوا المظلومين ولا تقربوا الربا وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، فيطوف (عليه السلام) في جميع أسواق الكوفة ثم يرجع فيقعد للناس»[101].

وعن أبي جعفر الفزاري قال: دعا أبو عبد الله (عليه السلام) مولى له يقال له مصادف، فأعطاه ألف دينار وقال له: «تجهز حتى تخرج إلى مصر، فإن عيالي قد كثروا».

قال: فتجهز بمتاع وخرج مع التجار إلى مصر، فلما دنوا من مصر استقبلتهم قافلة خارجة من مصر فسألوهم عن المتاع الذي معهم ما حاله في المدينة وكان متاع العامة، فأخبروهم أنه ليس بمصر منه شيء فتحالفوا وتعاقدوا على أن لا ينقصوا متاعهم من ربح الدينار ديناراً، فلما قبضوا أموالهم وانصرفوا إلى المدينة فدخل مصادف على أبي عبد الله (عليه السلام) ومعه كيسان في كل واحد ألف دينار فقال: جعلت فداك هذا رأس المال وهذا الآخر ربح.

فقال: «إن هذا الربح كثير ولكن ما صنعته في المتاع؟ ».

فحدثه كيف صنعوا وكيف تحالفوا.

فقال: «سبحان الله تحلفون على قوم مسلمين ألا تبيعوهم إلا ربح الدينار ديناراً، ثم أخذ أحد الكيسين فقال: هذا رأس مالي ولا حاجة لنا في هذا الربح» ثم قال: «يا مصادف مجادلة السيوف أهون من طلب الحلال»[102].

خذ ناقصاً وأعط زائداً

مسألة: يستحب للمشتري أن يأخذ ناقصاً ولا يستوفي فوق ما يستحقه عند الاشتراء، وللبايع أن يعطي زائداً، بأن يوفي فوق ما يجب عليه أداؤه عند البيع.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «مر أمير المؤمنين (عليه السلام) على جارية قد اشترت لحماً من قصاب وهي تقول زدني، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): زدها فإنه أعظم للبركة»[103].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا يكون الوفاء حتى يميل الميزان»[104].

وفي رواية أخرى: «لا يكون الوفاء حتى يرجح»[105].

إقالة النادم

مسألة: يستحب إقالة النادم في البيع والشراء، فيقبل فسخ المعاملة إذا أراد أحدهما الفسخ.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أيما مسلم أقال مسلماً بيع ندامة أقاله الله عز وجل عثرته يوم القيامة»[106].

وقال (عليه السلام): «أيما عبد أقال مسلماً في بيع أقاله الله تعالى عثرته يوم القيامة»[107].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «أربعة ينظر الله عزوجل إليهم يوم القيامة من أقال نادماً أو أغاث لهفان أو أعتق نسمةً أو زوج عزباً»[108].

وعن عبد الله بن القاسم الجعفري عن بعض أهل بيته قال: قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارته حتى ضمن له إقالة النادم وإنظار المعسر وأخذ الحق وافياً وغير واف[109].

المعاملات والمكاسب المكروهة

بيع العقار

مسألة: يكره بيع العقار.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لما دخل النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة خط دورها برجله ثم قال: اللهم من باع رباعه فلا تبارك له»[110].

وعن أبان بن عثمان قال: دعاني أبو جعفر (عليه السلام) فقال: «باع فلان أرضه» قلت: نعم، قال: «مكتوب في التوراة أن من باع أرضاً أو ماءً ولم يضع ثمنه في أرض وماء ذهب ثمنه محقاً»[111].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «مشتري العقدة مرزوق وبائعها ممحوق»[112].

وعن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: «ثمن العقار ممحوق إلا أن يجعل في عقار مثله»[113].

بيع الأكفان

مسألة: يكره بيع الأكفان.

عن إسحاق بن عمار قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فخبرته أنه ولد لي غلام، قال: «أ لا سميته محمداً» قال: قلت: قد فعلت، قال: «فلا تضرب محمداً ولا تشتمه، جعله الله قرة عين لك في حياتك وخلف صدق بعدك» قلت: جعلت فداك في أي الأعمال أضعه؟ قال: «إذا عدلته عن خمسة أشياء فضعه حيث شئت، لا تسلمه صيرفياً فإن الصيرفي لا يسلم من الربا، ولا تسلمه بياع الأكفان فإن صاحب الأكفان يسره الوباء إذا كان، ولا تسلمه بياع طعام فإنه لايسلم من الاحتكار، ولا تسلمه جزاراً فإن الجزار تسلب منه الرحمة، ولاتسلمه نخاساً فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: شر الناس من باع الناس»[114].

وعن أبي الحسن (عليه السلام) قال: «جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله قد علمت ابني هذا الكتابة ففي أي شيء أسلمه؟ فقال: أسلمه لله أبوك ولا تسلمه في خمس، لا تسلمه سباءً ولا صائغاً ولا قصاباً ولا حناطاً ولا نخاساً، قال: فقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن السباء؟ قال: الذي يبيع الأكفان ويتمنى موت أمتي، وللمولود من أمتي أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس، وأما الصائغ فإنه يعالج زين أمتي، وأما القصاب فإنه يذبح حتى تذهب الرحمة من قلبه، وأما الحناط فإنه يحتكر الطعام على أمتي، ولأن يلقى الله العبد سارقاً أحب إلي من أن يلقاه قد احتكر طعاماً أربعين يوماً، وأما النخاس فإنه أتاني جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد (صلى الله عليه وآله) إن شرار أمتك الذين يبيعون الناس»[115].

احتراف القصابة

مسألة: يكره احتراف القصابة.

عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إني أعطيت خالتي غلاماً ونهيتها أن تجعله حجاماً أو قصاباً أو صائغاً»[116].

وفي الحديث المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام): «فإن الجزار تسلب منه الرحمة»[117].

بيع الطعام

مسألة: يكره الاشتغال ببيع الحبوب من مثل القمح والشعير وما شابه ذلك.

حيث قال (عليه السلام): «إنه لا يسلم من الاحتكار»[118].

وقال (عليه السلام): «وأما الحناط فإنه يحتكر الطعام على أمتي، ولأن يلقى الله العبد سارقاً أحب إلي من أن يلقاه قد احتكر الطعام أربعين يوماً»[119].

معاملة الأرذال والدون

مسألة: يكره التعامل مع الأراذل والدون.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «من علامات الإدبار مقارنة الأرذال»[120].

وقال (عليه السلام): «إياك ومعاشرة الأشرار فإنهم كالنار مباشرتها تحرق»[121].

وقال (عليه السلام): «لا يأمن مجالسو الأشرار غوائل البلاء»[122].

وقال (عليه السلام): «ينبغي لمن عرف الأشرار أن يعتزلهم»[123].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا تخالطوا ولا تعاملوا إلا من نشأ في الخير»[124].

التعامل بين الطلوعين

مسألة: يكره التعامل بين الطلوعين: طلوع الفجر وطلوع الشمس.

عن علي بن أسباط رفعه قال: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس [125].

وعن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لجلوس الرجل في دبر صلاة الفجر إلى طلوع الشمس أنفذ في طلب الرزق من ركوب البحر» فقلت: يكون للرجل الحاجة يخاف فوتها، فقال: «يدلج فيها وليذكر الله عزوجل فإنه في تعقيب ما دام على وضوئه»[126].

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من جلس في مصلاه من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ستره الله من النار»[127].

الدخول في سوم الغير

مسألة: يكره الدخول في سوم الآخرين، يعني: التدخل في معاملة متبايعين لشراء ما يشريه الآخر.

وفي حديث المناهي: «ونهى أن يدخل الرجل في سوم أخيه المسلم»[128].

قال (صلى الله عليه وآله): «لا يبيع أحدكم على بيع بعض، ولا يخطب على خطبته»[129].

المعاملات المحرمة

مسألة: هناك أشياء يحرم التكسب بها، والتعامل فيها.

عن داود الصرمي قال: قال أبو الحسن (عليه السلام): «يا داود إن الحرام لا ينمي، وإن نمى لا يبارك له فيه، وما أنفقه لم يؤجر عليه وما خلفه كان زاده إلى النار»[130].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «إن أخوف ما أخاف على أمتي هذه المكاسب الحرام والشهوة الخفية والربا»[131].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا اكتسب الرجل مالاً من غير حله ثم حج فلبى نودي لا لبيك ولا سعديك، وإن كان من حله فلبى نودي لبيك وسعديك»[132].

وقال (عليه السلام): «كسب الحرام يبين في الذرية»[133].

ومن توقيعه (عليه السلام): «لا خير في شيء أصله حرام ولا يحل استعماله»[134].

الأعيان النجسة

مسألة: يحرم بيع وشراء الأعيان النجسة، كالخمر والخنزير، والدم والكلب، نعم ما كان منها فيه منفعة عقلائية محللة، كالدم لأجل إسعاف المرضى، أو الكلب المعلّم لغرض الحراسة وما أشبه فجائز.

علماً بأن ما ذكرناه هو حكم المسلمين، أما غيرهم فيعامل معهم حسب قانون الإلزام على ما فصلناه في «الفقه»[135].

في حديث المناهي عن أمير المؤمنين قال: «ونهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... عن بيع النرد ونهى أن يشترى الخمر وأن يسقى الخمر»[136].

وقال (صلى الله عليه وآله): «لعن الله الخمر وغارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه»[137].

وقال (عليه السلام): «من شربها لم يقبل الله له صلاةً أربعين يوماً فإن مات وفي بطنه شي‏ء من ذلك كان حقاً على الله عزوجل أن يسقيه من طينة خبال وهي صديد أهل النار وما يخرج من فروج الزناة فيجتمع ذلك في قدور جهنم فيشربه أهل النار فيصهر به ما في بطونهم والجلود»[138]. وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «ثمن العذرة من السحت»[139].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «السحت أنواع كثيرة منها... أجر الزانية وثمن الخمر»[140].

وعن علي بن جعفر عن أخيه (عليه السلام) قال: وسألته عن الماشية تكون للرجل فيموت بعضها يصلح له بيع جلودها ودباغها ولبسها، قال: «لا وإن لبسها فلا يصلي فيها»[141].

[1] علل الشرائع: ج2 ص283 ب236 ح4.

[2] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص567 باب معرفة الكبائر التي أوعد الله عزوجل عليها النار ح4937.

[3] سورة البقرة: 276.

[4] تهذيب الأحكام: ج7 ص15 ب1 ح65.

[5] وسائل الشيعة: ج18 ص119 ب1 ح23275.

[6] الكافي: ج5 ص144 باب الربا ح2.

[7] وسائل الشيعة: ج18 ص15 ب4 ح64.

[8] من لا يحضره الفقيه: ج4 ص8 باب ذكر جمل من مناهي النبي (صلى الله عليه وآله) ح4968.

[9] سورة البقرة: 275.

[10] سورة البقرة: 278-279.

[11] تفسير القمي: ج1 ص93 أحكام الربا.

[12] سورة البقرة: 275.

[13] بحار الأنوار: ج100 ص117 ب5 ح14.

[14] وسائل الشيعة: ج18 ص330 ب6 ح33785.

[15] وسائل الشيعة: ج18 ص331 ب6 ح23787.

[16] الكافي: ج4 ص34 باب القرض ح2.

[17] من لا يحضره الفقيه: ج2 ص58 باب ثواب القرض ح1697.

[18] وسائل الشيعة: ج16 ص318 ب11 ح21652.

[19] الكافي: ج4 ص34 باب القرض ح5.

[20] الكافي: ج4 ص34 باب القرض ح4.

[21] سورة الروم: 39.

[22] وسائل الشيعة: ج18 ص160-161 ب18 ح23389.

[23] مستدرك الوسائل: ج13 ص340-341 ب11 ح15543.

[24] سورة النساء: 114.

[25] فقه القرآن: ج1 ص384 باب القرض.

[26] الكافي: ج5 ص147 باب الربا ح12.

[27] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص278 باب الربا ح4003.

[28] سورة البقرة: 275.

[29] سورة غافر: 46.

[30] بحار الأنوار: ج100 ص116 ب5 ح11.

[31] وسائل الشيعة: ج15 ص324-325 ب46 ح20643.

[32] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص274 باب الربا ح3994.

[33] تهذيب الأحكام: ج10 ص151 ب10 ح36.

[34] الكافي: ج4 ص35 باب انظار المعسر ح1.

[35] وسائل الشيعة: ج16 ص319-320 ب12 ح21655.

[36] سورة البقرة: 280.

[37] من لا يحضره الفقيه: ج2 ص58-59 باب ثواب انظار المعسر ح1701.

[38] الكافي: ج4 ص35 باب انظار المعسر ح3.

[39] فقه القرآن: ج1 ص384 باب القرض.

[40] بحار الأنوار: ج75 ص218 ب23 ح23.

[41] تهذيب الأحكام: ج6 ص192-193 ب81 ح43.

[42] ثواب الأعمال: ص145 ثواب انظار المعسر.

[43] وسائل الشيعة: ج18 ص368 ب26 ح23869.

[44] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص182 باب الدين والقرض ح3683.

[45] فقه الرضا (عليه السلام): ص268 ب42.

[46] مجمع الفائدة: ج8 ص170.

[47] مجمع البحرين: ج2 ص200 مادة دست.

[48] مستند الشيعة: ج17 ص462.

[49] علل الشرائع: ج2 ص529 ب313 ح1.

[50] الكافي: ج5 ص97 باب قضاء الدين ح8.

[51] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص184-185 باب الدين والقرض ح3693.

[52] سورة الرعد: 21.

[53] تفسير القمي: ج1 ص364 سورة الرعد.

[54] فقه الرضا (عليه السلام): ص257 ب38.

[55] وسائل الشيعة: ج18 ص326-327 ب4 ح23775.

[56] تهذيب الأحكام: ج6 ص183 ب81 ح1.

[57] وسائل الشيعة: ج18 ص350 ب17 ح23825.

[58] تهذيب الأحكام: ج6 ص184-185 ب81 ح7.

[59] الخصال: ج1 ص12 باب الواحد ح42.

[60] وسائل الشيعة: ج17 ص67 ب23 ح22003.

[61] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص555 باب النوادر ح4907.

[62] بحار الأنوار: ج100 ص13 ب1 ح61.

[63] تهذيب الأحكام: ج6 ص184 ب81 ح6.

[64] مستدرك الوسائل: ج13 ص55 ب20 ح14729.

[65] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص168 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3631.

[66] الكافي: ج5 ص88 باب من كد على عياله ح2.

[67] سورة الأنعام: 141.

[68] وسائل الشيعة: ج9 ص461 ب42 ح12500.

[69] الكافي: ج4 ص26 باب فضل المعروف ح1.

[70] سورة الإنسان: 8.

[71] وسائل الشيعة: ج21 ص540 ب20 ح27805.

[72] تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص47.

[73] تحف العقول: ص442 وروي عنه (عليه السلام) في قصار هذه المعاني.

[74] من لا يحضره الفقيه: ج4 ص402 ومن ألفاظ رسول الله (صلى الله عليه وآله) الموجزة التي لم يسبق إليها ح5867.

[75] سورة البقرة: 201.

[76] معاني الأخبار: ص174-175 باب معنى حسنة الدنيا وحسنة الآخرة ح1.

[77] الكافي: ج5 ص72 باب الاستعانة بالدنيا على الآخرة ح8.

[78] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص156 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3568.

[79] وسائل الشيعة: ج17 ص76 ب28 ح22026.

[80] غوالي اللآلي: ج1 ص267 ف10 ح67.

[81] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص156 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3571.

[82] وسائل الشيعة: ج17 ص77 ب29 ح22030.

[83] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص157 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3573.

[84] وسائل الشيعة: ج17 ص78 ب29 ح22033.

[85] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص157 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3575.

[86] تهذيب الأحكام: ج7 ص6 ب1 ح18.

[87] الكافي: ج5 ص153 باب آداب التجارة ح18.

[88] وسائل الشيعة: ج17 ص385-386 ب3 ح22805.

[89] التوحيد: ص275-276 ب38 ح1.

[90] الكافي: ج5 ص153 باب آداب التجارة ح14.

[91] تهذيب الأحكام: ج7 ص7 ب1 ح22.

[92] المقنعة: ص591 كتاب التجارة ب2.

[93] مستدرك الوسائل: ج13 ص249 ب2 ح15270.

[94] الكافي: ج5 ص154 باب آداب التجارة ح23.

[95] وسائل الشيعة: ج17 ص381 ب1 ح22794.

[96] تهذيب الأحكام: ج7 ص8 ب1 ح25.

[97] الكافي: ج5 ص152 باب آداب التجارة ح7.

[98] وسائل الشيعة: ج17 ص450 ب42 ح22970.

[99] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص196 باب التجارة وآدابها وفضلها وفقهها ح3737.

[100] تهذيب الأحكام: ج7 ص18 ب1 ح79.

[101] وسائل الشيعة: ج17 ص382-383 ب2 ح22798.

[102] الكافي: ج5 ص161 باب الحلف في الشراء والبيع ح1.

[103] وسائل الشيعة: ج17 ص392 ب7 ح22820.

[104] تهذيب الأحكام: ج7 ص11 ب1 ح44.

[105] تهذيب الأحكام: ج7 ص110 ب8 ح81.

[106] وسائل الشيعة: ج17 ص387 ب3 ح22808.

[107] الكافي: ج5 ص153 باب آداب التجارة ح16.

[108] الخصال: ج1 ص224 باب الأربعة ح55.

[109] تهذيب الأحكام: ج7 ص5 ب1 ح15.

[110] بحار الأنوار: ج19 ص119-120 ب7 ح4.

[111] وسائل الشيعة: ج17 ص70 ب24 ح22013.

[112] الكافي: ج5 ص92 باب شراء العقارات وبيعها ح4.

[113] وسائل الشيعة: ج17 ص71 ب24 ح22015.

[114] تهذيب الأحكام: ج6 ص361-362 ب93 ح158.

[115] الاستبصار: ج3 ص63 ب37 ح2.

[116] علل الشرائع: ج2 ص530-531 ب314 ح3.

[117] تهذيب الأحكام: ج6 ص361-362 ب93 ح158.

[118] تهذيب الأحكام: ج6 ص361-362 ب93 ح158.

[119] الاستبصار: ج3 ص63 ب37 ح2.

[120] غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9844.

[121] غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9821.

[122] غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9835.

[123] غرر الحكم ودرر الكلم: ص431 ق6 ب3 ف2 ح9836.

[124] من لا يحضره الفقيه: ج3 ص164 باب المعايش والمكاسب والفوائد والصناعات ح3601.

[125] الكافي: ج5 ص152 باب آداب التجارة ح12.

[126] وسائل الشيعة: ج17 ص78 ب29 ح22035.

[127] من لا يحضره الفقيه: ج1 ص504 باب كراهية النوم بعد الغداة ح1452.

[128] تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص257 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله (صلى الله عليه وآله).

[129] غوالي اللآلي: ج1 ص133 ف8 ح22.

[130] الكافي: ج5 ص125 باب المكاسب الحرام ح7.

[131] وسائل الشيعة: ج17 ص81 ب1 ح22041.

[132] تهذيب الأحكام: ج6 ص368 ب93 ح185.

[133] الكافي: ج5 ص124-125 باب المكاسب الحرام ح4.

[134] الاستبصار: ج3 ص67 ب40 ح2.

[135] انظر موسوعة الفقه، كتاب القواعد الفقهية، قانون الإلزام، للإمام المؤلف (قدس سره الشريف).

[136] تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص258 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله (صلى الله عليه وآله).

[137] تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص258 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله (صلى الله عليه وآله).

[138] تنبيه الخواطر ونزهة النواظر: ج2 ص258 باب ذكر جمل من مناهي رسول الله (صلى الله عليه وآله).

[139] تهذيب الأحكام: ج6 ص372 ب93 ح201.

[140] مستدرك الوسائل: ج13 ص70 ب5 ح14776.

[141] قرب الإسناد: ص115 باب ما يحل من البيوع.

تتمة........  1  2  3