الفهرس

فهرس الفصل الثامن

المؤلفات

 السياسة والدولة

الصفحة الرئيسية

 

العامل الثاني عشر

التنافس السلبي

يلزم أن يكون بين الأحزاب والمنظمات والجمعيات والقوى الإسلامية تنافس إيجابي في العلم والعمل وبناء الحياة وجمع الكلمة ونحوها، لا أن يكون بينهم التنافس السلبي وتتبع عثرات الآخرين، وإظهار سيئاتهم بينما نجد في كثير من التجمعات الإسلامية التنافس السلبي وذلك مما يسبب تفرق الناس من أطرافهم ولا ينالون في النهاية بغيتهم من التحرير والتقدم إلى الأمام.

وقد ورد في أحاديث كثيرة الترغيب إلى ذم النفس وانتقادها، وعدم ذكر عيوب الآخرين، بل ذكر مدائحهم ومحامدهم.

كل ينفق مما عنده

وقد ورد عن عيسى (عليه السلام) أن جماعة من اليهود سبوه فقال فيهم خيراً فقال تلاميذه: يا روح الله إنهم يسبّوك فتقول فيهم خيراً؟

قال: (نعم كل ينفق مما عنده).

أما أنا فأرى أسنانه البيضاء!

ومر عيسى (عليه السلام) ذات مرة بكلب ميت قد تعفن جسمه فقال كل واحد من التلاميذ فيه كلاماً سيئاً، لكن عيسى (عليه السلام) قال: (أما أنا فأرى أسنانه البيضاء).

توحيد الكلمة؛ خلق الأنبياء

وفي قصة أن مسيحياً مرّ على المدينة المنورة في إبان زمان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لغرض له، ثم ذهب إلى الروم، وكان ملك الروم يتفحص عن الذين يأتون من المدينة حتى يسأل عن أحوال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلما سمع بقدوم هذا الرجل طلبه وقال له:

هل رأيت محمداً (صلّى الله عليه وآله) ؟

قال: لا.

قال: هل سمعت من أخباره شيئاً؟

قال: لا، إلا خبراً واحداً وهو: إنه كان بين الأوس والخزرج ـ وهما قبيلتان عربيتان كبيرتان أسلمتا لرسول الله ـ حرب دامت مائة سنة، ولما جاء محمد (صلّى الله عليه وآله) إلى المدينة جمع كلمتهما وآخى بينهما.

فلما سمع ملك الروم ذلك قال: إنه نبي، فإنه من أخلاق الأنبياء جمع الكلمة وإن من أخلاق الملوك تفريق الكلمة.

الإغماض عن عيوب الآخرين في الروايات

ولنذكر بعض الروايات الواردة بصدد أنه يلزم على الإنسان أن يحب لغيره ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه، وإن الإنسان يلزم عليه الاشتغال بعيب نفسه عن عيوب الناس، وانه يلزم عليه أن يذم نفسه عوض أن يذم الآخرين.

وفي الحديث: جاء أعرابي إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله علمني عملاً أدخل به الجنة فقال: (ما أحببت أن يأتيه الناس إليك فإتهُ إليهم، وما كرهت أن يأتيه الناس إليك فلا تأته إليهم)(1).

وفي حديث آخر، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (أوحى الله إلى آدم إني سأجمع لك الكلام في أربع كلمات ـ إلى أن قال ـ: وأما التي بينك وبين الناس فترضى للناس ما ترضى لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك)(2).

وفي حديث، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (ثلاث خصال من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش الله يوم لا ظل إلا ظله: رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم، ورجل لم يقدم رجلاً ولم يؤخر رجلاً حتى يعلم أن ذلك لله رضا، ورجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتى ينفي ذلك العيب من نفسه، فإنه لا ينفي منه عيباً إلا بدا له عيب، وكفى بالمرء شغلاً بنفسه عن الناس)(3).

وفي رواية عن جابر الأنصاري قال: إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مرّ بنا فوقف وسلم ثم قال: (مالي أرى حب الدنيا قد غلب على كثير من الناس؟ ـ إلى أن قال ـ: طوبى لمن شغله خوف الله عز وجل عن خوف الناس، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب المؤمنين من إخوانه)(4).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (كفى بالمرء عيباً أن يتعرف من عيوب الناس ما يعمى عليه من أمر نفسه، أو يعيب على الناس أمراً هو فيه لا يستطيع التحول عنه إلى غيره، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه)(5).

وعن أبي ذر، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في حديث قال: قلت يا رسول الله أوصني؟

قال: (أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله).

قلت: زدني.

قال: (عليك بتلاوة القرآن وذكر الله كثيراً).

قلت: زدني.

قال: (عليك بطول الصمت).

قلت: زدني.

قال: (إياك وكثرة الضحك).

قلت: زدني.

قال: (عليك بحب المساكين ومجالستهم).

قلت: زدني.

قال: (قل الحق وإن كان مرّاً).

قلت: زدني.

قال: (لا تخف في الله لومة لائم).

قلت: زدني.

قال: (ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تأتي مثله).

ثم قال: (كفى بالمرء عيباً أن يكون فيه ثلاث خصال: يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ويستحي لهم مما هو فيه، ويؤذي جليسه بما لا يعنيه).

ثم قال: (يا أبا ذر لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق)(6).

وعن الصادق (عليه السلام) قال: (إن موسى (عليه السلام) لما أراد أن يفارق الخضر (عليه السلام) قال: أوصني، فكان فيما أوصاه قال له: إياك واللجاجة، وأن تمشي في غير حاجة، وأن تضحك من غير عجب، واذكر خطيئتك، وإياك وخطايا الناس)(7).

وقال (عليه السلام): (أكبر العيب أن تعيب ما فيك مثله)(8).

وعن ابن عمر قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (كان بالمدينة أقوام لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فأسكت الله عن عيوبهم الناس فماتوا ولا عيوب لهم عند الناس، وكان بالمدينة أقوام لا عيوب لهم فتكلموا في عيوب الناس فأظهر الله لهم عيوباً لم يزالوا يعرفون بها إلى أن ماتوا)(9).

وعن الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إن أسرع الخير ثواباً البر، وإن أسرع الشر عقاباً البغي، وكفى بالمرء عيباً أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه، وأن يعير الناس بما لا يستطيع تركه وأن يؤذي بما لا يعنيه)(10).

وقد قال الشاعر:

لسانك لا تبدي به سوأة أمــــــرء          فــكلك سوآت وللنــــــاس ألســــــن

وعينك إن أهدت إليك معايـــــبـــاً          من الناس قل: يا عين للناس أعين

ويقول شاعر آخر:

ومــــن هاب الـــرجال تهيــــبــوه          ومن وهن الــــــرجال فلن يهـابــــــا

وفي رواية الآمدي، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (الكيس من كان غافلاً عن غيره، ولنفسه كثير التقاضي)(11).

وقال (عليه السلام): (أفضل الناس من شغلته معايبه عن عيوب الناس)(12).

وقال (عليه السلام): (أكبر العيب أن تعيب غيرك بما هو فيك)(13).

وقال (عليه السلام): (شر الناس من كان متتبعاً لعيوب الناس عمياً عن معايبه)(14).

وقال (عليه السلام): (عجبت لمن ينكر عيوب الناس، ونفسه أكثر شيء معاباً ولا يبصرها، عجبت لمن يتصدى لصلاح الناس ونفسه أشد شيء فساد أفلا يصلحها ويتعاطى إصلاح غيره)(15).

وقال (عليه السلام): (كفى بالمرء شغلاً بمعايبه عن معايب الناس)(16).

وقال (عليه السلام): (لا تتبعن عيوب الناس فإن لك من عيوبك ـ إن عقلت ـ ما يشغلك أن تعيب أحداً)(17).

أنصف الناس من نفسك

ومن الواجب على المنظمات الإسلامية أن ينصفوا الناس فلا يجوز أن يضخّموا حسنات أنفسهم ويصغ ـ روا حسنات الناس ولا أن يشتغلوا بعيوب الناس وينسوا عيوب أنفسهم.

وفي روايات أن من أصعب الأشياء إنصاف الناس.

فعن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (سيد الأعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الأخ في الله، وذكر الله تعالى في كل حال)(18).

وفي حديث آخر، عن الصادق (عليه السلام) قال: (ثلاثة من حقائق الإيمان: الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك، وبذل السلام لجميع العالم)(19).

وفي حديث آخر عنه (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (السابقون إلى ظل العرش طوبى لهم).

قلنا: يا رسول الله ومن هم؟

قال: (الذين يقـــبلون الحق إذا سمعــــوه، ويبذلونه إذا سألــــوه، ويحكمون للناس كحكمهم لأنفسهم هم السابقون إلى ظل العرش)(20).

وفي رواية عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (أنصف الناس من نفسك، وأنصح الأمة وارحمهم، فإذا كنت كذلك وغضب الله على أهل بلدة وأنت فيها وأراد أن يترك عليهم العذاب نظر إليك فرحمهم بك)(21).

وفي حديث: إن أحد الأئمة (عليهم السلام) ورد على أحد الحكام فقال له الحاكم: عظني، فقال له الإمام (عليه السلام): (الناس ثلاثة أصناف: فمنهم من هو أكبر منك سناً، ومنهم من هو في سنك، ومنهم من هو أصغر منك سناً، فاجعل الأكبر كأبيك، والأوسط كأخيك، والأصغر كابنك، فبرّ أباك، وارحم أخاك، وأحسن إلى ابنك).

تحريم إحصاء عثرات المؤمنين

وفي جملة من الأحاديث تحريم إحصاء عثرات المؤمنين وعوراتهم لأجل تعييرهم بها.

فقد روي زرارة قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: (أقرب ما يكون العبد إلى الكفر: أن يكون الرجل مؤاخياً للرجل على الدين ثم يحفظ زلاته وعثراته ليعنفه بها يوماً)(22).

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال: (من ستر عورة مؤمن ستر الله عز وجل عورته يوم القيامة، ومن هتك ستر مؤمن هتك الله ستره يوم القيامة)(23).

وعن الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه: لا تطلبوا عورات المؤمنين، ولا تتبعوا عثراتهم، فإن من اتبع عثرة أخيه اتبع الله عثرته ومن اتبع الله عثرته فضحه ولو في جوف بيته)(24).

وعن الصادق (عليه السلام) أنه قال: (من يتبع عثرات أحد من المؤمنين ليفضحه بذلك فضحه الله ولو في بيته)(25).

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (من أحصى على أخيه المؤمن عيباً ليعيبه به يوماً كان من أهل هذه الآية، قال الله عز وجل: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم) (النور: 19) )(26).

وعنه (عليه السلام) أنه قال: (من أحصى على أخيه المؤمن عيباً ليشينه به ويهدم مروته فقد تبوء مقعده من النار)(27).

وفي رواية أخرى، عنه (عليه السلام) قال النبي (صلّى الله عليه وآله): (من أذاع فاحشة كان كمبتدئها، ومن عير مؤمناً بشيء لم يمت حتى يرتكبه)(28).

عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليه السلام) قالا: (إن أبا ذر عيّر رجلاً على عهد النبي (صلّى الله عليه وآله) بأمه فقال: يا بن السوداء ـ وكانت أمه سوداء ـ فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (تعيره بأمه يا أبا ذر؟) قال: فلم يزل أبو ذر يمرغ وجهه في التراب ورأسه حتى رضي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عنه)(29).

الصفح المستمر

وفي حديث أن رجلاً سأل يعقوب (عليه السلام) لماذا تفضل ولدك يوسف على غيره من الأولاد مع أنهم أكبر منه سناً وأكثر قدرة؟

فقال يعقوب (عليه السلام): اصبر حتى يظهر ذلك لك، ثم دعا أحد الأخوة وقال له: إذا أساء إليك إنسان فماذا تفعل؟

قال: أقابله بالمثل، ثم دعا آخر وقال له مثل مقالته فأجاب كالأول، ثم دعا يوسف (عليه السلام) وقال له: إذا أساء إليك إنسان فماذا تفعل به؟

قال: أعفو عنه، قال: إذا أساء إليك مرة ثانية فماذا تعمل؟

قال: أعفو عنه.

قال: وإذا أساء إليك مرة ثالثة ماذا تعمل؟

قال: أعفو عنه.

فلما ذهب يوسف (عليه السلام) قال يعقوب (عليه السلام) لذلك الرجل:

لهذا السبب أفضله على غيره.

بل نجد في القرآن الحكيم أن الله سبحانه وتعالى يجعل القاتل أخاً لولي المقتول ويطلب منه العفو عنه فيقول سبحانه: (فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان) (البقرة: 178).

وفي النصوص تحريض على العفو، قال تعالى: (فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين) (المائدة: 13).

وفي آية أخرى: (فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره) (البقرة: 109).

وقال علي (عليه السلام) في عهده إلى مالك الأشتر: (ولا تندمنَّ على عفو، ولا تبجحن بعقوبة)(30).

وقال (عليه السلام): (أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة)(31).

بل ونجد في نهج البلاغة أن الإمام (عليه السلام) لما ضربه ابن ملجم أوصى به خيراً.

من رذائل الأخلاق: السفه وكون الإنسان يُـتّـقىشره

عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) في رجلين يتسابّان، فقال: (البادئ منهما أظلم ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يتعدّ المظلوم)(32).

وعن الحلبي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (لا تسفهوا فإن أئمتكم ليسوا بسفهاء)(33).

وقال أبو عبدالله (عليه السلام): (من كافأ السفيه بالسفه فقد رضى بمثل ما أتى إليه حيث احتذى مثاله)(34).

وعن أحمد بن محمد البرقي، عن بعض أصحابه رفعه قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا يكون السفه والغرة في قلب العالم)(35).

وعــــن الفضل بن أبـــي قرة، عـــن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن السفه خلق لئــــيم يستطيل على من دونه ويخضع من فوقه)(36).

وعن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال: (إن من شر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه)(37).

وعن عيص بن القاسم، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (إن أبغض خلق الله عبد اتقى الناس لسانه)(38).

وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (شر الناس يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم)(39).

وعن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): (من خاف الناس لسانه فهو في النار)(40).

تحريم الفحش ووجوب حفظ اللسان

عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (من علامات شرك الشيطان الذي لا يشك فيه أن يكون فحاشاً لا يبالي قال ولا ما قيل فيه)(41).

وعن أبي جميلة يرفعه، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن الله يبغض الفاحش المتفحش)(42).

وعن الحسن الصيقل قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): (إن الفحش والبذاء والسلاطة من النفاق)(43).

وعن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعائشة: (يا عائشة إن الفحش لو كان مثالاً لكان مثال سوء)(44).

وعن سماعة قال: دخلت على أبي عبدالله (عليه السلام) فقال لي مبتدئاً: (يا سماعة ما هذا الذي كان بينك وبين جمالك إياك أن تكون فحاشاً أو سخاباً أو لعاناً).

فقلت: والله لقد كان ذلك أنه ظلمني.

فقال: (إن كان ظلمك لقد أوتيت عليه، إن هذا ليس من فعالي ولا آمر به شيعتي، استغفر ربك ولا تعد).

قلت: استغفر الله ولا أعود(45).

وعن جابر، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (إن الله يحب الحيي الحليم الغني المتعفف، ألا وإن الله يبغض الفاحش البذيء السائل الملحف)(46).

وعن الحسن الصيقل، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (إن الحياء والعفاف والعي ـ أعني عي اللسان لا عي القلب ـ من الإيمان، والفحش والبذا والسلاطة من النفاق)(47).

وعن سليم بن قيس، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذيء قليل الحياء لا يبالي ما قال لا ما قيل له فإنك إن فتشته لم تجده إلا لغيه أو شرك شيطان).

قيل: يا رسول الله وفي الناس شرك الشيطان؟

فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أما تقرأ قول الله عز وجل: (وشاركهم في الأموال والأولاد)(48).

وعن أبي عبيدة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (البذاء من الجفا، والجفا في النار)(49).

تحريم القذف

عن عمرو بن نعمان الجعفي قال: كان لأبي عبدالله (عليه السلام) صديق يكاد لا يفارقه ـ إلى أن قال ـ فقال يوماً لغلامه: يا بن الفاعلة أين كنت؟

قال: فرفع أبو عبدالله (عليه السلام) يده فصك بها جبهة نفسه ثم قال: (سبحان الله تقذف أمه، قد كنت أرى أن لك ورعاً، فإذا ليس لك ورع).

فقال: جعلت فداك إن أمه سندية مشركة.

فقال: (أما علمت أن لكل أمة نكاحاً تنحّ عني).

فما رأيته يمشي معه حتى فرّق بينهما الموت(50).

وعن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قلت له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون من خالفهم، فقال: الكف عنهم أجمل)(51).

وعن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يفتري على الرجل من جاهلية العرب، فقال: (يضرب حدّا)، قلت: يضرب حدّا؟ قال: (نعم إن ذلك يدخل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) )(52).

أسرع الشرّ عقوبة: البغي

عن أبي يعقوب السراج، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أيها الناس إن البغي يقود أصحابه إلى النار)(53).

وعن مسمع أبي سيّار أن أبا عبد الله (عليه السلام) كتب إليه في كتاب: (انظر أن لا تكلّمن بكلمة بغي أبداً وإن أعجبتك نفسك وعشيرتك)(54).

وعن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: يقول إبليس لجنوده: (ألقوا بينهم الحسد والبغي فإنهما يعدلان عند الله الشرك)(55).

وعن ابن القداح، عن أبي عبدالله (عليه السلام): (إن أعجب الشر عقوبة البغي)(56).

وعن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن أسرع الخير ثواباً البر)(57).

وعن أبي عبدالله (عليه السلام) في وصيته لأصحابه قال: (وإياكم أن يبغي بعضكم على بعض فإنها ليست من خصال الصالحين فإنه من بغي صيَّر الله عليه بغيه على نفسه، وصارت نصرة الله لمن بغي عليه، ومن نصره الله غلب وأصاب الظفر من الله)(58).

وعن أنس بن محمد، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) في وصية النبي (صلّى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) قال: (يا علي أربعة أسرع شيء عقوبة: رجل أحسنت إليه فكافأك بالإحسان إساءة، ورجل لا تبغي عليه وهو يبغي، ورجل عاهدته على أمر فوفيت له وغدر بك، ورجل وصل قرابته فقطعوه)(59).

وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (لو بغى جبل على جبل لجعله الله دكاً، أعجل الشر عقوبة البغي، وأسرع الخير ثواباً البر)(60).

وفي رواية: دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه، فقال له علي (عليه السلام): ما منعك أن تبارزه؟

فقال: كان فـــــارس العرب وخشيت أن يــغـــلـبـــني، فقال: (إنه بغى عليك ولو بارزته لقتلته، ولو بغى جبل على جبل لهلك الباغي)(61).

التفاخر: من عمل الجاهلية

عن أبي حمزة الثمالي قال: قال علي بن الحسين (عليه السلام): (عجباً للمتكبر الفخور الذي كان بالأمس نطفة، ثم هو غداً جيفة)(62).

وعن السكوني، عــــن أبي عـــبدالله (عليه السلام) قال: قال رســــول الله (صلّى الله عليه وآله): (آفة الحسب الافتخار والعجب)(63).

وبهذا السند قال: أتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) رجل فقال: يا رسول الله أنا فلان ابن فلان حتى عدّ تسعة، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (أما أنك عاشرهم في النار)(64).

وعن محمد بن حمران، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: (ثلاثة من عمل الجاهلية: الفخر بالأنساب، والطعن بالأحساب، والاستسقاء بالأنواء)(65).

وعن إسماعيل بن ذبيان يرفعه إلى أبي عبدالله (عليه السلام) قال: افتخر رجلان عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: (أتفتخران بأجساد بالية، وأرواح في النار، إن يكن لك عقل فإن لك خلقاً، وإن يكن لك تقوى فإن لك كرماً، وإلا فالحمار خير منك، ولست بخير من أحد)(66).

وعن الحسين بن مختار رفعه إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (من وضع شيئاً لـلمفــــاخرة حشره اللــــه يوم القيـــــامة أسود)(67).

وفي (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (ما لابن آدم والفخر، أوله نطفة، وآخره جيفة، ولا يرزق نفسه ولا يدفع حتفه)(68).

لا للحسد نعم للغبطة

عن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): (إن الرجل ليأتي بأدنى بادرة فيكفر، وإن الحسد ليأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب)(69).

وعن جراح المدايني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (إن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب)(70).

وعن داود الرقي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (اتقوا الله ولا يحسد بعضكم بعضاً) (الحديث)(71).

وعن السكوني، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (كاد الفقر أن يكون كفراً، وكاد الحسد أن يغلب القدر)(72).

وعن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبدالله (عليه السلام): (آفة الدين الحسد والعجب والفخر)(73).

وعن الفضيل بن عياض، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (إن المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط)(74).

وعن أنس بن محمد، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن آبائه (عليهم السلام) في وصية النبي (صلّى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): (يا علي أنهاك عن ثلاث خصال: الحسد والحرص والكبر)(75).

وعن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: (أصول الكفر ثلاثة: الحرص والاستكبار والحسد) (الحديث)(76).

وعن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (دبّ إليكم داء الأمم قبلكم: البغضاء والحسد)(77).

قال: وقال (عليه السلام): (صحة الجسد من قلة الحسد)(78).

إلى غير ذلك مما يعطي درساً بليغاً لكل فرد فكيف بالمنظمة والتجمع والحزب ممن يريد أن يتقدّم الإسلام إلى الأمام؟

 

1 ـ الكافي: ج2، ص146.

2 ـ المصدر السابق.

3 ـ المصدر السابق: ص147.

4 ـ المصدر السابق: ج8، ص169.

5 ـ بحار الأنوار: ج68، ص150.

6 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص230.

7 ـ المصدر السابق.

8 ـ نهج البلاغة، شرح محمد عبدة: ج4، ص82.

9 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص232.

10 ـ المصدر السابق.

11 ـ مستدرك الوسائل: ج11، ص315.

12 ـ المصدر السابق.

13 ـ المصدر السابق.

14 ـ المصدر السابق.

15 ـ المصدر السابق.

16 ـ المصدر السابق.

17 ـ المصدر السابق: ص316.

18 ـ المصدر السابق: ص308.

19 ـ المصدر السابق.

20 ـ المصدر السابق.

21 ـ المصدر السابق: ص310.

22 ـ المصدر السابق: ج1، ص379.

23 ـ المصدر السابق: ج9، ص109.

24 ـ المصدر السابق.

25 ـ المصدر السابق.

26 ـ المصدر السابق: ص110.

27 ـ المصدر السابق.

28 ـ المصدر السابق: ص111.

29 ـ بحار الأنوار: ج22، ص411.

30 ـ نهج البلاغة، شرح محمد عبدة: ج3، ص84.

31 ـ بحار الأنوار: ج64، ص427.

32 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص325.

33 ـ المصدر السابق.

34 ـ المصدر السابق.

35 ـ المصدر السابق.

36 ـ المصدر السابق: ص326.

37 ـ المصدر السابق.

38 ـ المصدر السابق.

39 ـ المصدر السابق.

40 ـ المصدر السابق.

41 ـ المصدر السابق: ص327.

42 ـ المصدر السابق.

43 ـ المصدر السابق.

44 ـ المصدر السابق.

45 ـ المصدر السابق: ص328.

46 ـ المصدر السابق.

47 ـ المصدر السابق.

48 ـ المصدر السابق: ص329.

49 ـ بحار الأنوار: ج72، ص112.

50 ـ وسائل الشيعة: ج11، ص331.

51 ـ المصدر السابق.

52 ـ المصدر السابق.

53 ـ المصدر السابق: ص332.

54 ـ المصدر السابق.

55 ـ المصدر السابق.

56 ـ المصدر السابق.

57 ـ المصدر السابق: ص333.

58 ـ المصدر السابق.

59 ـ المصدر السابق.

60 ـ المصدر السابق.

61 ـ المصدر السابق: ص334.

62 ـ المصدر السابق.

63 ـ المصدر السابق.

64 ـ المصدر السابق.

65 ـ المصدر السابق: ص335.

66 ـ المصدر السابق.

67 ـ المصدر السابق.

68 ـ المصدر السابق: ص336.

69 ـ المصدر السابق: ص292.

70 ـ المصدر السابق.

71 ـ المصدر السابق.

72 ـ المصدر السابق: ص293.

73 ـ المصدر السابق.

74 ـ المصدر السابق.

75 ـ المصدر السابق.

76 ـ المصدر السابق.

77 ـ المصدر السابق: ص294.

78 ـ المصدر السابق.