فهرس الباب الأول | المؤلفات |
بحث
في الجمعية |
الجمعية عبارة عن جماعة يرتبط
بعضهم ببعض، إما بسبب وحدة المحل، أو الوحدة
السياسية، أو الوحدة القومية، أو الوحدة
الدينية، أو الوحدة العرقية، أو غير ذلك،
والكلام فيها في نواحي متعددة: أ
ـ توزيع الجمعية. ب
ـ تركيب الجمعية. ج ـ حركة الجمعية. |
توزيع
الجمعية |
أ
ـ أما توزيع الجمعية فهو عبارة عن تقسيم
الجمعية باعتبار المكان، أو العمر، أو الجنس،
أو ما أشبه ذلك، وفائدة هذا التوزيع جعل خصائص
لكل جماعة جماعة، مثل بيان خصائص الأطفال، أو
الشباب، أو الكهول فإن ذلك يساعد لكشف
الأسباب والمسببات لحل المشاكل، فإن حلول
مشاكل الأطفال غير حلول مشاكل الشباب، وهكذا. ولذا
إذا قسمت الجمعية باعتبار المكان، لوحظ
المكان، ولم يلحظ العمر والمكان يشمل مختلف
الأعمار، بينما العمر يشمل العمر الخاص في
مختلف الأمكنة، وربما يلاحظ الأمران، مثل
نشاط الشباب منضماً إلى حرارة الطقس في منطقة
كذا، حيث أن حل المشكلة حينئذ غير حل المشكلة
للشباب في الطقس البارد، أو للشيوخ في الطقس
الحار وهكذا. |
تركيب
الجمعية |
ب
ـ وأما التركيب فهو الهيئة الناشئة من جميع
الأقسام، كالمجتمع الفلاني ـ مثلاً ـ مركب من
القوميات المختلفة، والأديان المختلفة،
فالحلول يجب أن تكون حلاً وحدوياً، أو
إشكالياً، مثلاً: قد يراد نجاة
إيران المسلمة من استعمار بريطانيا، وقد
يراد نجاة الهند التي يعيش فيها ثلثمائة دين،
فإن نجاة كل بلد منهما بشكل غير نجاة البلد
الآخر… وهكذا في سائر التراكيب. |
حركة
الجمعية |
ج
ـ أما حركة الجمعية، فهي على قسمين: 1 ـ الحركة الكمية، أي زيادة
ونقص الأفراد. 2
ـ
الحركة الكيفية، أي تبدل كيف الجمعية بدون
زيادة أو نقص الأفراد، وكلتا هاتين الحركتين،
وإن كانت ملازمة للأخرى، مثل حركة الثمرة،
حيث أنها كمية كيفية، إلا أن الملاحظ قد يلحظ
الكم، وقد يلحظ الكيف، ثم بعد ذلك يأتي دور
اللحاظ الثاني، مثلاً: زيادة أو نقص عدد
الجمعية تلازم تغير الكيفية أيضاً، وكذلك
العكس. |
الحركة
الكيفية |
فالحركة
الكيفية عبارة عن: 1
ـ
كثرة أو قلة الولادة، سواء كان السبب
الثقافة، مثل ثقافة تكثير النسل أو تقليله،
وثقافة تعدد الزوجات أو وحدتها، أو كان السبب
المناخ أو الاقتصاد، أو غير ذلك. 2 ـ وكثرة أو قلة الأموات، بنحو
من الأسباب المتقدمة. 3
ـ
وطول العمر أو قصره، وهذا غير الثاني فإن
بينهما عموماً من وجه إذ قد يكثر الأموات مع
طول العمر، وقد يكون مع قصر العمر، وقد يكثر
العمر مع قلة الأموات. |
الحركة
الكمية |
أما
الحركة الكمية، فهي: 1 ـ بالتبعثر، وهو ما لم يكن تحت
ضابط وهدف منظم. 2
ـ
بالهجرة، وهي ما كان تحت ضابط وهدف منظم، وكل
منهما إما بالمطاردة، أو بالاختيار، كما أن
كلاً من الاختيارين، إما لأجل دفع محل
السكنى، أو لأجل جذب المحل الجديد، ومن
الواضح، أن الهجرة توجب تقليل الحركة في
المحل الأول، وتكثيره في المهجر، كما أن من
الواضح تلازم قلة الكم لقلة الكيف في الأول،
وكثرته في الثاني. والهجرة
الاختيارية غالباً تكون: 1 ـ للعلم، حيث يوجد أو يكثر في
المهجر. 2 ـ أو للدين، كما هاجر المسلمون
إلى المدينة المنورة. 3 ـ أو للرزق، حيث تشح الأرزاق
في البلد الأول، وتكثر في الثاني. 4 ـ أو للكيان، كما فعلته
إسرائيل الغاصبة. 5 ـ أو للعدو، حيث يدهم ـ أو يخاف
دهمه ـ البلد الأول. 6 ـ أو للمرض، حيث يكون المحل
الأول موبوءاً. والغالب
أن يهاجر المهاجرون [إذا كانت الهجرة
اختيارية، وكان المهجر الممكن الوفود إليه
متعدداً] إلى المهجر المناسب لهم في المناخ،
ولا فرق في ما ذكرناه من الهجرة، أن تكون داخل
خريطة سياسية، أو خارجها، فالأول: كما إذا ذهب
إلى بلد آخر في داخل القطر، والثاني: كما إذا
ذهب إلى بلد أجنبي. ثم
الهجرة الاختيارية أحياناً تجب، كما إذا كانت
في طلب الإيمان، أو التخلص من بلد لا يتمكن
الإنسان فيه من إقامة شعائر الإسلام، أو في
طلب العلم الواجب، أو الرزق الواجب، أو الصحة
الواجبة، أو ما أشبه ذلك، كما أنها أحياناً
تحرم، كما إذا كانت عكس الصورة الأولى،
وأحياناً تكون حسب الأحكام الثلاثة الأخر. والهجرة
قد تطلق أيــضاً على الهــجرة عن الـــصفات السيئة
والمعاصي، كـــما ورد في الحديث: (والمهاجر لمن
هاجر السيئات)(1). وقال
علي عليه السلام: (والهجرة قائمة على حدها
الأول، ما كان لله في أهل الأرض حاجة، من
مستسر الأمة ومعلنها، لا يقع اسم الهجرة على
أحد بمعرفة الحجة في الأرض، فمن عرفها وأقر
بها فهو مهاجر، ولا يقع اسم الاستضعاف على من
بلغته الحجة فسمعتها أذنه ووعاها قلبه)(2). |
الهجرة
من الريف إلى المدينة |
ثم
إن الهجرة قد كثرت في العصر الحاضر، من القرية
إلى المدينة، وذلك لسهولة التنقل من ناحية،
ولتأخر القرية، ولكثرة المال والعلم
والصناعة في المدينة من ناحية ثانية، ولذا
أخذت المدن في التوسع والقرى في الانكماش بل
والاختفاء أحياناً، وقد تقدم الكلام في حسن
تخريب القرى، وتوسيع المدن وعكسه، لكن مما لا
كلام فيه أنه مادامت القرى متأخرة، يكون
الإقبال على المدن كثيراً. وحيث أن بعض المدن الصناعية، لا طاقة لها في استيعاب أكثر، وسهل المراودة إليها، أخذ أهل القرى يسعون إليها بمختلف وسائل النقل نهاراً، ويرجعون إلى قراهم ليلاً، حتى إن بعض تلك المدن يعد الوافدون إليها كل يوم بالملايين، وهذا الأمر وإن سبب تبعثر العائلة، وحرمان الإنسان عن التمتع بالتجمع العائلي المتين إلا أن السعي وراء المال ونحوه حال دون ذلك التمتع.
|
1 ـ مكارم
الأخلاق ص438. 2
ـ بحار
الأنوار ج/97 ص99. |