الاجتماع | المؤلفات | فهرس الفصل الثالث |
دعاة المساواة |
غالب الكلام في موضوع (الحرية والمساواة) في عالم اليوم يدور حول حرية المرأة وحقوقها، والمساواة بينها وبين الرجل.. ودعاة المساواة وحقوق المرأة الغربيون هم أول من ظلمها حقّها، ولتعاسة أغلب النساء في عالم اليوم تراهن يتمنين لو أنهن لو يسمعن بهذه الدعاوى ولم يستمعن إليها.. نعم، هناك من انتفع من هذه الدعاوى من النساء لكن ذلك اقتصر على شريحة معينة منهن، ويمكن أن نقول: أن الطبقة التي انتفعت من هذه الدعاوى هي بعض الطبقة (المترفة) أو قسم من الطبقة الغنية، أما الطبقات المسحوقة فكان نصيبها منها السحق والاضطهاد. فإن دعاة المساواة وحقوق المرأة لمّا دعوا إلى نزول المرأة إلى ميدان العمل لمشاركة أخيها الرجل ـ كما يدّعون ـ بحجة المشاركة في البناء، لم يحددوا نوع العمل الذي يجب أن يسند إليها ليتلاءم مع طبيعتها النسوية، مما دعا إلى ظهور إشكالات أخرى، فعندما تخرج المرأة للعمل وغالباً ما يكون عملها في الميادين التي لا يمكنها اصطحاب أولادها، فإنها تترك وراءها بيتاً فيه أطفال صغار بحاجة إلى خدمة ورعاية وليس هناك من يخدمهم ويرعاهم؛ لأن الأب هو الآخر يخرج كزوجته للعمل، فمن سيقوم برعاية هؤلاء الصغار إذن؟ ومن سيسد فراغ الأم؟! هنا يبرز الرّق مرة أخرى، لأن الذي سيقوم بخدمة ورعاية الأطفال بالإضافة إلى بقية الأشغال المنزلية هو أيضاً من نفس الجنس، أي أن من يسد مسدّ المرأة هي المرأة وبذلك ستبتلى امرأة أخرى باسم الـ(خادمة) أو ما أشبه، وستتنعم أخرى باسم الـ(سيدة)، إذن ما الذي فعله دعاة حقوق المرأة، أو هل أن الدعاوى تختص (بالسيدات) دون (الخادمات)؟! فإذا كان هدف الدعاة هو التحرر والخروج للعمل فلماذا تخرج واحدة، لتخنق واحدة أخرى أو أكثر؟! هذا من جانب، أما الجانب الآخر فهو ما يختص بالعمل نفسه، فلماذا تختص وتقتصر الميادين السهلة على شريحة معينة من (المترفات)، في حين أن الميادين الشاقة تكتظّ بالطبقات العامة من (المسحوقات)؟ فهل تتناسب هذه الأعمال الشاقة مع طبيعة المرأة؟ فإذا كان الجواب: نعم، فلماذا تستنكرون الأعمال التي تقوم بأدائها المرأة الريفية في بلادنا من حراثة ورعي وجمع حطب، وما يتطلبه ظرف الريف، وتدّعون بأن المرأة الشرقية مضطهدة من قبل الرجل؟ وأن وظيفتها شاقة ومرهقة؛ ولذلك تزعمون أنكم تطالبون بتحرّرها؟ فهل تحرّرها في نظركم هو جلوسها في البيت دون مشاركتها الرجل في العمل خارج البيت، أم تحررها في خروجها إلى الحقل للمشاركة في العمل الشاق الذي يشابه الأعمال الشاقة التي تؤديها نساء الطبقات (المسحوقة) في بلدان تدعي (تحرر المرأة)؟! هذا إذا كان الجواب: نعم، أي إذا كانت تلك الأعمال الشاقة تتناسب مع طبيعة المرأة. أما إذا كان الجواب (لا)، أي أن الأعمال الشاقة لا تتناسب مع طبيعة المرأة، فلماذا تكلفون المرأة بما لا تطيق بدعاواكم هذه؟ وتدعون أنكم تريدون إنصاف المرأة؟ كما تدعون المطالبة بحقوقها، فهل من الإنصاف أن تطالبوا برفع الحيف عنها بتكليفها بما لا يطاق لتصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار..؟ أم أن هناك شيئاً آخر دفعكم لمثل هذه الدعاوى؟! |