الفهرس

المؤلفات

 العقائد الاسلامية

الصفحة الرئيسية

 

حوار

محمد: الإنسان خلق لغاية مقصودة منه.. يدل على ذلك صنعه المتقن، وأجهزته المحيرة، وحواسه الظاهرة والباطنة..

كما أن من يصنع مصنوعاً لابد وأن تكون له غاية من هذا الصنع، فمن صنع ساعة أو سيارة أو طائرة أو ما أشبه.. لابد وأن يريد بها شيئاً..

ولا يمكن أن يكون خلق الإنسان عبثاً: إذ العبث يخالف الحكمة، وقد عرفت: إن الله تعالى حكيم..

باقر: فما هي الغاية من خلق الإنسان إذاً؟

محمد: لابد وأن تكون غاية شريفة، إذ رفعة الغاية تتبع رفعة المصنوع، والإنسان من أفضل الممكنات، فلابد وأن تكون غاية خلقته من أشرف الغايات.

باقر: ومن يبين هذه الغاية من الخلق؟

محمد: لابد وأن يهدي الله الإنسان إلى الغاية المتوخاة منه.. وإلا كان نقضاً للغرض، وذلك قبيح، لا يفعله الحكيم.

وقد نصب الله الأنبياء (ع) لبيان الغاية.. وهداية الناس إلى ما يراد منهم..

إذاً: فالأنبياء (ع) هم أفراد من البشر، بعثهم الله تعالى لهداية الناس إلى الحق وإنقاذهم من براثن الضلال.

هذا على الأغلب.. وهناك بعض الأنبياء (ع) كانوا أنبياء لأنفسهم، لم يؤمروا بالتبليغ، فكانوا كالزهاد الذين لا يقتحمون المجتمعات، وإنما يهذبون أنفسهم فحسب..

باقر: كيف كانت دعوة الأنبياء؟

محمد: بعض الأنبياء (عليهم السلام) كانت دعوتهم عامة، تعم جميع أهل الأرض، وهم خمسة:

1: إبراهيم (ع).

2: نوح (ع).

3: موسى (ع).

4: عيسى (ع).

5: محمد (ع).

وبعض الأنبياء (ع) كانت دعوتهم خاصة لبلد.. أو قبيلة.. أو قطر.. أو ما إلى ذلك.. مثلاً: كان يونس النبي (ص) دعوته خاصة لمائة ألف أو يزيدون..

وبعض الأنبياء كانوا ينجحون في الدعوة.. في حياتهم، كنبي الإسلام (ص).. أو بعدها كالمسيح (ع)..

وبعضهم كانوا يدعون إلى الله.. ولكن قومهم ما كانوا يلبون الطلب.. وهكذا..

باقر: كم هي الأديان العالمية؟

محمد: الأديان العالمية اليوم ثلاثة:

دين موسى (ع).

ودين عيسى (ع).

ودين محمد (ص) الذي يعتنقه المسلمون.

ولكن الإسلام هو الدين الوحيد الذي لا يقبل الله سواه، حيث قال عزوجل:

(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)(1).

دعوة الأنبياء (ع)

حسين: ما هي دعوة الأنبياء؟

محمود: الأنبياء يدعون إلى أمرين:

1: تنظيف العقيدة عن الأوهام والأباطيل والخرافة، ثم الاعتقاد بالحق والواقع.

2: تنظيف العمل عن الجور والرذيلة.. وما إليهما.. والتعويض عنهما بالأعمال الصالحة، والإرشاد نحو الحق والصراط المستقيم..

حسين: ما معنى تنظيف العقيدة عن الأوهام؟

محمود: إنا إذا نظرنا إلى العقائد التي تسود العالم، نراها من هذا القبيل:

ـ عبادة الأصنام والأوثان، الناشئة عن الاعتقاد بألوهيتها.

ـ عبادة الشمس والقمر والكواكب..

ـ عبادة النار..

ـ عبادة أفراد من البشر.. كفرعون ونمرود..

ـ عبادة بعض الحيوانات..

ـ الاعتقاد بالنفع والضرر من أشياء موهومة..

ـ الاعتقاد بعدم الإله.. والخالق..

ـ الاعتقاد بإلهين: إله للخير.. وإله للشر..

الاعتقاد بأن المسيح (ع) هو الله، أو ابن الله.. أو كون العزير ابن الله..

ـ الاعتقاد بكون الإله جسماً، أو متزوجاً للجنة، أو له بنات..

ـ وغيرها .. وغيرها.. وكلها خرافة وأوهام.

فالأنبياء (ع) كانوا يرشدون إلى الحق والواقع.

حسين: ما معنى تنظيف العمل عن الجور؟

محمود: إن بعض الأعمال التي تصدر عن الناس، فيها جور بالنسبة إلى المجتمع، أو إلى النفس، أو ما أشبه.. فمثلاً:

القتل.. والزنا.. والربا.. والرشوة.. وأكل مال الناس بالباطل.. والسرقة.. والاحتكار.. ونحوها.. جور بالنسبة إلى المجتمع..

وأكل لحم الخنزير.. وشرب الخمر.. والقمار.. والانتحار.. ونحوها.. جور بالنسبة إلى النفس..

وعدم العبادة لله تعالى.. وسوء الخلق.. وعدم الاستقامة في البيع والشراء والنكاح والطلاق والإرث والقضاء.. وغيرها.. كلها أعمال جائرة..

والأنبياء (ع) يدعون الناس إلى الحق في جميع ذلك.. حتى تستقيم أخلاق الناس.. وأعمالهم.. وعباداتهم.. وعقائدهم.

وبالجملة: يدعون الأنبياء (ع) الناس إلى ما فيه نظام صحيح للدنيا، وسعادة للآخرة..

ولذا إذا راجعنا التاريخ نرى: إن كل عصر ساد فيه تعاليم الأنبياء (ع) عاش الناس، في خير ورفاه، وأمن وسلام، وغنى وصحة وعلم.. وكل خير.. وكل خير..!

وبالعكس كل عصر ساد فيه قوانين الأرض، أو خرافة العقيدة.. فإنه أتعس عصور التاريخ، وأكثرها ظلماً وجوراً، واستعباداً واستغلالاً.

حسين: وهل سادت تعاليم الأنبياء في عصر من العصور؟

محمود: نعم.. في كثير من العصور، كما يتبين ذلك لمن راجع التاريخ..

من أين نعلم ؟

رشاد: من أين نعلم صدق مدعي النبوة؟

كاظم: نعلم صدقه من تصديق الله تعالى له، كما نعلم صدق مدعي كونه متصرفاً من قبل الوزير من إمضاء الوزير لقوله..

رشاد: كيف نعرف تصديق الله تعالى للنبي؟

كاظم: من إمضاء الله لنبوته.. كما نعرف صدق مقالة المتصرف من إمضاء الوزير.

رشاد: وما هو إمضاء الله تعالى؟

كاظم: إمضاؤه إجراء المعجزة على يديه..

رشاد: وما هي المعجزة؟

كاظم: المعجزة أمر لا يقدر البشر على الإتيان بمثله..

رشاد: مثّل للمعجزة!

كاظم: المعجزة: كإحياء الموتى، وإبراء الأعمى.. وإطاعة الجماد.

رشاد: وهل يمكن هذه الأمور؟

كاظم: نعم.. يمكن، فما المانع منها؟

رشاد: وكيف يتمكن شخص من هذه التصرفات؟

كاظم: هل تعتقد أن الله قادر على هذه الأمور؟

رشاد: نعم.. أعتقد..

كاظم: فإذا كان الله قادر عليها، وأراد إرسال نبي، أجراها على يديه، ليعلم الناس صدق دعواه: انه رسول من الله تعالى.

رشاد: هذا كلام معقول، ولكن هل أتى الأنبياء بالمعجزات؟

كاظم: نعم أتوا بها.

رشاد: اذكر لي بعضها!

كاظم: من معجزات الأنبياء:

1: اليد البيضاء.. العصا.. فلق البحر.. لموسى (ع).

رشاد: فسرها لي.

كاظم: كان موسى (ع) يدخل يده في جيبه، فإذا أخرجها كانت تشع نوراً كالشمس..

وكانت له عصا إذا ألقاها، انقلبت ثعباناً عظيماً، تأكل ما تجد، ثم إذا أخذها تنقلب عصا كما كانت وانعدمت تلك الأشياء التي ابتلعتها..

وأراد هو وبنو إسرائيل أن يعبروا البحر الأحمر فانحسر الماء عن البحر كسكك حتى عبر على أرض البحر موسى (ع) وبنو إسرائيل، وهم ليسوا أقل من نصف مليون.. إلى غير ذلك.

2: إحياء الموتى.. إبراء الأكمه والأبرص.. خلق الحيوان بإعطائه الروح.. لعيسى (ع)..

رشاد: وهل كان عيسى (ع) يقدر على هذه الأمور؟

كاظم: نعم كان يقدر عليها..

رشاد: أين الدليل على ذلك؟ ونحن لم نشاهدها.

كاظم: أين الدليل على الأمم الغابرة.. كالبابليين.. والكلدانيين.. والآريين.. وغيرهم.. وغيرهم؟

رشاد: التواريخ الصحيحة..

كاظم: وهذا أيضاً بالتواريخ الصحيحة، فإنها ذكرت هذه المعجزات، ولذا نصدق بها وإن لم نشاهدها..

3: الأخبار بالأمور المستقبلية.. وجري الماء من الأصابع.. وإشباع الجمع الكثير من طعام قليل.. وشق القمر.. والقرآن.. وغيرها.. لنبي الإسلام محمد (ص).

رشاد: أوضح!

كاظم: إن النبي محمد (ص) أخبر بأمور مستقبلية: ككون شانئه أبتر..

وأن الروم سيغلبون..

وأن اليهود لا تقوم لهم دولة إلا بحبل من الناس..

وأن أبا لهب لا يؤمن..

وغيرها.. وقد وقعت كما أخبر..

وجرى من أصابعه الماء حتى ارتوى خلق كثير ـ في قصة مفصلة ـ.

وأشبع جمعاً كثيراً من طعام قليل ـ في قصص مفصلة ـ .

وشق القمر، حتى رؤي نصفين في السماء(2)..

وأتى بالقرآن الكريم الذي لم يتمكن أحد من الإتيان بمثله، كل ذلك وعشرات المئات من أمثالها دليل على نبوته (ص).

رشاد: كيف يمكن هذه المعجزات التي ذكرتموها؟

كاظم: بسيطة جداً لله تعالى.. فما المانع من أن يخلق الله تعالى نوراً في يد موسى (ع)؟ أو يخلق حية عظيمة من عصاه؟ أو يزحزح الماء عن مقره؟

وما المانع من أن ينفخ الروح في ميت لعيسى (ع)؟ أو يبرئ الأكمه والأبرص؟ أو يعطي الروح لحيوان يصنعه نبيه؟

وما المانع: من أن يخبر الله النبي محمد (ص) بأمور مستقبلية؟ وأن يخلق الماء على أصابعه؟ وان يخلق الطعام على طعامه؟ وأن ينصف القمر ثم يرجعه كما كان؟ وأن يوحي إليه بكلام فوق قدرة سائر الناس؟(3).

 

1 ـ سورة آل عمران: 85.

2 ـ راجع (مدينة المعاجز) للسيد هاشم البحراني.

3 ـ وهذا آخر ما وجدناه من الكتاب وربما كانت له تتمة حول الامامة أو المعاد ضاعت بسبب الضغوطات المتوالية من قبل حكام الجور على الإمام المؤلف (الناشر).