الفهرس

المؤلفات

 العلوم الاخرى

الصفحة الرئيسية

 

2

استحباب الحجامة

مسألة: تستحب الحجامة استحباباً مؤكداً، خصوصاً لمن هاج به الدم، فان الحجامة تنقذ الإنسان من السكتة القلبية والدماغية أو ما أشبه ذلك.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «احتجموا إذا هاج بكم الدم فإن الدم ربما تبيغ بصاحبه فيقتله»[1].

وكذلك تكون الحجامة لكل عضوٍ من الأعضاء حسب المقرر في الطب، فيحتجم الإنسان على الرأس مما تسمى بالمنقذة، وعند النقرة وبين الكتفين وغير ذلك.

فعن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: في خبر المعراج، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) انه قال: «ثم صعدنا إلى السماء السابعة فما مررت بملك من الملائكة إلا قالوا: يا محمد احتجم، وأمر أمتك بالحجامة»[2].

وفي حديث قال (صلى الله عليه وآله): «في ليلة أسري بي إلى السماء ما مررت بملأٍ من الملائكة إلا قالوا يا محمد مُرّ أمتك بالحجامة»[3].

دواء الدم

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الداء ثلاثة والدواء ثلاثة فأما الداء فالدم والمرة والبلغم فدواء الدم الحجامة ودواء البلغم الحمام ودواء المرة المشي»[4].

خير الدواء

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «خير ما تداويتم به الحجامة والسعوط والحمام والحقنة»[5].

أقول: فان الحجامة للموضع، والسعوط لأمراض الرأس المرتبطة بالعين والأذن والحنجرة والأسنان وغيرها كما لا يخفى، وهذا من باب أظهر المصاديق.

الدواء أربعة

وعن جعفر بن محمد (عليهم السلام) قال: «الدواء أربعة الحجامة والطلي والقيء والحقنة»[6].

على تفصيل مذكور في الطب والطلي يوجب تنظيف الجسد ظاهراً وباطناً من الأمراض كما ذكر في الجملة.

طب العرب

وعن ابن مسكان وزرارة قالا قال: أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام) «طب العرب في ثلاث شرطة الحجامة والحقنة وآخر الدواء الكيّ»[7].

ومعنى (آخر الدواء) أن الكيّ هو آخر ما يستفيد منه الإنسان في الطب.

وفي خبر آخر عن الصادق (عليه السلام): «طب العرب في خمسة شرطة الحجام، والحقنة والسعوط والحمام وآخر الدواء الكي... »[8].

وفي خبر آخر عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «طب العرب في سبعة شرطة الحجامة، والحقنة، والحمام، والسعوط، والقيء وشربة عسل وآخر الدواء الكيّ»[9] وربما يزاد فيه النورة.

ولا يخفى أن اختلاف الروايات في العدد من ثلاثة وأربعة وخمسة وسبعة وما أشبه ذلك، باعتبار السائل أو الراوي أو السامع أو ما أشبه فقد كان الأئمة (عليهم السلام) يذكرون العدد حسب موارد الابتلاء وظروف المخاطب وما أشبه، كما ذكرنا ذلك في كتاب الصوم[10] ومن هنا ورد الاختلاف في العدد في بابه بالنسبة إلى المفطرات وهكذا في غيرها.

إنها وقاية وعلاج

مسألة: الحجامة تعتبر من الدواء وقاية وعلاجاً.

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نعم العيد الحجامة يعني العادة، تجلو البصر وتذهب بالداء»[11].

ويعني بالعيد: العادة.

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الدواء أربعة: الحجامة والسعوط والحقنة والقيء»[12].

ومن الواضح أن الحجامة توجب تخفيف الدم في بدن الإنسان، فان شدة الدم في بدنه يوجب السكتة عادة وأحياناً العمى وأمراض أخر كما ذكره الأطباء في الطب.

وهناك من يصاب بضعف أو فقد في بصره بسبب ذلك، فيأخذون الدم من طرف عينه الأيمن أو الأيسر فيكون نافعاً في العين التي في جانبه.

وأما السعوط، فانه ينفع المخّ.

والحقنة، تنفع الثقل في أسفل المعدة.

والقيء، ينفع الثقل في أعلى المعدة على ما ذكره الأطباء.

من فوائد الحجامة

مسألة: للحجامة فوائد كثيرة، منها لدفع الأوجاع.

عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «ما وجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجعاً قط إلا كان فزعه إلى الحجامة»[13].

أقول: من غير فرق بين أن يكون الوجع من الصفراء أو السوداء، أو البلغم أو الدم، أو ما أشبه، فإن الحجامة بما يقترن معها من سحب الهواء أو ما أشبه ذلك يكون نافعاً لكل الأمراض في الجملة، لكن الظاهر أن المراد بذلك أمراض ظاهر البدن لا مثل أمراض القلب والكبد وما أشبه ذلك.

الحجامة ودوران الرأس

مسألة: تستحب الحجامة لمن أصيب بدوران الرأس.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «إن أخذ الرجل الدوران فليحتجم»[14].

أقول: والظاهر أن (الرجل) لا خصوصية له وإنما هو من باب المثال، فيشمل الرجل والمرأة مثل الضمائر المذكورة في الآيات والروايات حيث لا يراد بها ـ عادة ـ الرجل فقط، بل الأعم، إلا إذا كان هناك دليل على الخصوصية.

والمراد بالدوران: دوران الرأس على الظاهر أي الصداع أو الغثيان.

الحجامة ووجع العنق

وفي رواية عبد الله بن موسى الطبري قال: حدثني إسحاق بن أبي الحسن عن أمه أم محمد قلت: قال سيدي (عليه السلام): من نظر إلى أول محجمة من دمه أمن الواهية إلى الحجامة الأخرى وسألت سيدي ما الواهية؟ فقال: وجع العنق[15].

أقول: وأما كون النظر موجباً للأمان من مرض، فان العين تأثيرها سلباً وإيجاباً على ما ذكر، وليس هذا الكتاب موضوعاً لتفصيله وإلا لذكرنا تفصيلاً حوله.

الحجامة والرمد

وفي رواية أخرى عن الباقر (عليه السلام) قال: «من احتجم فنظر إلى أول محجمة من دمه أمن من الرمد إلى الحجامة الأخرى»[16].

موضع الحجامة

مسألة: للحجامة مواضع خاصة وردت في الروايات وذكرها الأطباء.

عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عن أبيه (صلوات الله عليهما) قال: «احتجم النبي (صلى الله عليه وآله) في رأسه وبين كتفيه وفي قفاه ثلاثاً، سمى واحدة النافعة والأخرى المغيثة والثالثة المنقذة»[17].

ولا يخفى أن هذه المصطلحات هي تعبير من حيث اللفظ، وان كان الأمر من حيث المعنى واحداً.

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحتجم بثلاثة، واحدة منها في الرأس ويسميها المتقدمة، وواحدة بين الكتفين يسميها النافعة، وواحدة بين الوركين يسميها المغيثة»[18].

حجامة الرأس

مسألة: من مواضع الحجامة الرأس.

عن سالم بن مكرم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الحجامة على الرأس على شبر من طرف الأنف وفترٍ ما بين الحاجبين، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسميها المنقذة»[19].

والفتر: ما بين السبابة والإبهام.

وفي حديث آخر: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحتجم على رأسه ويسميها المغيثة أو المنقذة»[20].

أقول: لأنها تنقذ الإنسان وتحفظه من الهلاك والتلف.

وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «الحجامة في الرأس هي المغيثة تنفع من كل داء إلا السام، وشبر من الحاجبين إلى حيث بلغ إبهامه، ثم قال: ها هنا، وأشار إلى موضع من الرأس»[21].

أقول: المراد بالسام الموت، أي الموت المقدّر.

وعن زرارة قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «الحجامة من الرأس شفاء من كل داء إلا السام»[22].

وعن الصادق (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأشار بيده إلى رأسه: عليكم بالمغيثة، فإنها تنفع من الجنون والجذام والبرص والآكلة ووجع الأضراس»[23].

وعن عامر سمع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال في حديث: «والحجامة في الرأس شفاء من كل داء، والدواء في أربعة: الحجامة والحقنة والنورة والقيء، فإذا تبيغ الدم في أحدكم فليحتجم في أي الأيام، وليقرأ آية الكرسي وليستغفر الله عزوجل وليصل على النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: لا تعادوا الأيام فتعاديكم فإذا تبيغ الدم بأحدكم فليهرقه ولو بمشقص»[24].

أقول: (المشقص) نوع من نصال السهام والظاهر أن المراد بأية آلة تمكن من إخراج الدم بسببها.

حجامة الرجل

مسألة: من مواضع الحجامة الرجل.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يحتجم في باطن رجله من وجع أصابه»[25].

وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه شكى إليه رجل الحكّة، فقال: «احتجم ثلاث مرّات في الرجلين جميعاً فيما بين العرقوب والكعب» ففعل الرجل ذلك فذهب عنه، وشكى إليه آخر فقال: «احتجم في أحد عقبيك أومن الرجلين جميعاً ثلاث مرات تبرأ إن شاء الله»[26].

ولا يخفى أن العرقوب والعصب الغليظ الموتر فوق عقب الإنسان خلف الكعبين من مفصل القدم والساق كما ذكره أهل اللغة[27].

حجامة الكاهل والأخدعين

مسألة: من مواضع الحجامة الأخدعان والكاهل.

عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «كان النبي (صلى الله عليه وآله) يحتجم في الأخدعين فأتاه جبرائيل (عليه السلام) عن الله تبارك وتعالى بحجامة الكاهل»[28].

أقول: في الرواية: «إن الله أدب نبيه بآدابه ففوّض إليه دينه»[29].

ومعنى ذلك أن كلا الأمرين جائزان ويكون حجامة الكاهل أولى.

و (الأخدعان): عرقان خفيان في موضع الحجامة من العنق كما ذكره لسان العرب[30].

وقت الحجامة

مسألة: تجوز الحجامة في جميع الأوقات وإن كان الأفضل في الجملة أن تكون في أوقات خاصة.

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «اقرأ آية الكرسي واحتجم أي يوم شئت، وتصدق وأخرج أي يوم شئت»[31].

ولا يخفى أنه يستفاد من هذا الحديث بالملاك وما أشبه: جواز الزواج وغير ذلك هكذا أي في كل الأوقات وذلك بعد التصدق وما أشبه، ففي الرواية: «من سافر أو تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى»[32]، فإن الحديث السابق حاكم على هذا الحديث أيضاً.

أما أصل الكراهة في بعض الأوقات للحجامة أو السفر أو الزواج أو ما أشبه، فتلك لحقائق ترتبط بداخل بدن الإنسان أو لحقائق كونية أو ما أشبه ذلك مما ذكر في المفصلات.

وربما يقال: إن ما ورد في بعض روايات الحجامة من وقت خاص فإنه فضل لبعض الناس، أو لبعض الأحوال، أو لبعض الأماكن، أو لبعض الشرائط، أو ما أشبه.

قال (عليه السلام): «توقوا الحجامة والنورة يوم الأربعاء، فان يوم الأربعاء يوم نحس مستمر وفيه خلقت جهنم، وفي يوم الجمعة ساعة لا يحتجم فيها أحد إلا مات»[33].

وفي حديث: سأل طلحة بن زيد أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحجامة يوم السبت ويوم الأربعاء وحدّثته بالحديث الذي ترويه العامة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنكروه وقالوا: الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا تبيغ بأحدكم الدم فليحجم لا يقتله، ثم قال: «ما علمت أحد من أهل بيتي يرى به بأسا»[34].

وقوله (عليه السلام): (لا يقتله) أي التبيغ، وإلا فان زيادة الدم تسبب الأمراض المختلفة وآخرها الموت أي السكتة القلبية أو الدماغية.

الحجامة يوم السبت

عن طلحة بن زيد قال سألت ابا عبد الله (عليه السلام) عن الحجامة يوم السبت، قال: «يضعّف»[35].

ووجهه ما ذكرناه سابقاً من اختلاف الأشخاص والشرائط والأزمنة والأمكنة وسائر الخصوصيات.

وعن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كان منكم محتجماً فليحتجم يوم السبت»[36].

وفي رواية الدعائم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت فأصابه وضح فلا يلم إلا نفسه.. »[37].

وقد ذكرنا أن الأشياء تختلف بحسب اختلاف الزمان والمكان والشرائط والأشخاص وما أشبه ذلك، ومما ذكرناه وسبق ذكره يعرف وجه الاختلاف في الروايات.

الحجامة عشية الأحد

وفي رواية زريد مرّ جعفر بن محمد (عليه السلام) بقوم كانوا يحتجمون قال: «ما كان عليكم لو أخرّتموه إلى عشية الأحد فكان أنزل للداء»[38].

الحجامة يوم الأحد

قال الصادق (عليه السلام): «الحجامة يوم الأحد فيه شفاء من كل داء»[39].

الحجامة يوم الاثنين

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحتجم يوم الاثنين بعد العصر»[40].

وفي رواية أخرى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الحجامة يوم الاثنين من آخر النهار تسل الداء سلاً من البدن»[41].

وعنه (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «احتجموا يوم الاثنين بعد العصر»[42].

وعن الرضا (عليه السلام) أنه قال: «حجامة الاثنين لنا والثلاثاء لبني أمية»[43].

الحجامة يوم الثلاثاء

وفي رواية قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة أو تسع عشرة أو لإحدى وعشرين من الشهر كان له شفاءً من كل داء من أدواء السنة كلها وكانت لما سوى ذلك شفاء من وجع الرأس والأضراس والجنون والجذام والبرص»[44].

وفي رواية أخرى: «إن الحجامة يوم الثلاثاء لسبعة عشر من الهلال مصحة سنة»[45].

وقد سبق عن الرضا (عليه السلام) أنه قال: «حجامة الاثنين لنا والثلاثاء لبني أمية»[46].

وعن حمران قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «فيم يختلف الناس» قلت: يزعمون أن الحجامة في يوم الثلاثاء أصلح، قال: فقال: «والى ما يذهبون في ذلك» قلت: يزعمون أنه يوم الدم، قال: فقال: «صدقوا فأحرى أن لا يهيجوه في يومه، أما علموا أن في يوم الثلاثاء ساعة من وافقها لم يرقأ دمه حتى يموت أو ما شاء الله»[47].

الحجامة يوم الأربعاء

في الحديث: «أنه نُهي عن الحجامة في يوم الأربعاء إذا كانت الشمس في العقرب»[48].

والمراد عقرب السماء، وقد ذكرنا في الفقه أن العقرب لها برج وصورة أكبر من برجها، والمراد أعم من ذلك أي حسب الرؤية، كما ذكرنا تفصيله في الفقه.

وعن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من احتجم يوم الأربعاء فأصابه وضح فلا يلومنّ إلا نفسه»[49].

وعن أبي الحسن العسكري (عليه السلام) أنه دخل عليه يوم الأربعاء وهو يحتجم قال: فقلت له أن أهل الحرمين يروون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: من احتجم يوم الأربعاء فأصابه بياض فلا يلومنّ إلا نفسه، فقال: كذبوا، إنما يصيب ذلك من حملته أمة في طمث»[50].

أقول: والمشهور بين الأطباء أن المرأة لا تحمل في الطمث، لكن رأيت جماعة من الأطباء أنهم يقولون تحمل أحياناً، ولعل القائلون بعدم الحمل يريدون الغالب.

وعن حذيفة بن المنصور قال: (رأيت أبا عبد الله (عليه السلام) احتجم يوم الأربعاء بعد العصر) [51].

أما ما دل على أنه يوم الأربعاء يورث المرض فهو محمول على بعض الصور.

فعن عبد الرحمن بن عمر بن اسلم قال: «رأيت أبا الحسن موسى (عليه السلام) احتجم يوم الأربعاء وهو محموم فلم تتركه الحمى فاحتجم يوم الجمعة فتركته الحمى»[52].

وقوله (عليه السلام): «توقوا الحجامة والنورة يوم الأربعاء، فان يوم الأربعاء يوم نحس مستمر وفيه خلقت جهنم»[53].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «توقوا الحجامة يوم الأربعاء والنورة فان يوم الأربعاء يوم نحس مستمر وفيه خلقت جهنم»[54].

وعن الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث المناهي: «أنه نهى عن الحجامة يوم الأربعاء»[55].

وقد ذكرنا في بعض مباحث الفقه أن بعض الأوامر والنواهي شخصية وليست على نحو الكليّه والقضايا الحقيقية.

وروي عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نزل عليّ جبرائيل بالحجامة، واليمين مع الشاهد، ويوم الأربعاء نحس مستمر»[56].

ومع ذلك فإنه لا ينبغي فيه الحجامة حسب السياق فيها، بل نحس في كل الأمور من الزواج والحجامة والانتقال إلى دار أخرى والسفر وما أشبه ذلك، إلا إذا رفع نحوسته بالصدقة وقراءة آية الكرسي وما أشبه.

فقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «اقرأ آية الكرسي واحتجم أي يوم شئت وتصدق وأخرج أي يوم شئت»[57].

الحجامة يوم الخميس

وعن معتب ابن المبارك قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) في يوم الخميس وهو يحتجم، فقلت له: يا ابن رسول الله اتحتجم في يوم الخميس، فقال: «نعم من كان محتجماً فليحتجم في يوم الخميس، فان عشية كل جمعة يبتدر الدم فرقاً من القيامة ولا يرجع إلى وكره إلى غداة الخميس ـ إلى أن قال: ـ من احتجم في آخر خميس من الشهر في أول النهار سل منه الداء سلاً»[58].

وعنه (عليه السلام) قال: «إن الدم يجتمع في موضع الحجامة يوم الخميس فإذا زالت الشمس تفرق فخذ حظك من الحجامة قبل الزوال»[59].

ومن الواضح أن الأيام لها تأثير في الاجتماع والتفرق، كما أن للصبح والعصر والليل أولاً وأخيراً تأثيراً في أمثال هذه الأمور، كما يشاهد في جزر البحر ومدّه وغير ذلك.

الحجامة يوم الجمعة

وعن محمد بن رباح القلاء قال: رأيت أبا إبراهيم (عليه السلام) يحتجم يوم الجمعة، فقلت: جعلت فداك تحتجم يوم الجمعة، قال: «اقرأ آية الكرسي فإذا هاج الدم بك ليلاً كان أو نهاراً فاقرأ آية الكرسي واحتجم»[60].

وفي حديث الأربعمائة عن علي (عليه السلام) قال: «الحجامة تصحّ البدن، وتشدّ العقل»[61].

وفي حديث: «توقوا الحجامة والنورة يوم الأربعاء، فان يوم الأربعاء يوم نحس مستمر وفيه خلقت جهنم، وفي يوم الجمعة ساعة لا يحتجم فيها أحد إلا مات»[62].

وفي رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لا تحتجموا في يوم الجمعة مع الزوال فان من احتجم مع الزوال في يوم الجمعة فأصابه شيء فلا يلومنّ إلا نفسه»[63].

ولا يخفى أن الجمع بين الأحاديث حسب ما ذكرناه من الشرائط والأشخاص والأزمنة والأمكنة وهذا هو مقتضى الجمع بين الروايات المختلفة، مضافاً إلى دفع النحوسة بالصدقة وقراءة آية الكرسي على ما مر، فالظاهر أن إعطاء الصدقة أو قراءة آية الكرسي أو ما أشبه يرفع النحوسة والشؤم إذا كان ذلك اليوم مشئوماً أو نحساً أو ما أشبه ذلك.

وعن مفضل ابن عمر قال: دخلت على الصادق (عليه السلام) وهو يحتجم يوم الجمعة فقال: «أو ليس تقرأ آية الكرسي، ونهى عن الحجامة مع الزوال في يوم الجمعة»[64].

خلافاً لأهل الطيرة

مسألة: لا حجية لكلام أهل الطيرة إطلاقاً، وينبغي مخالفتهم على ما يستفاد من الروايات.

عن محمد بن أحمد الدقاق قال: كتبت إلى أبي الحسن الثاني (عليه السلام) أسأله عن الخروج يوم الأربعاء لا يدور، فكتب: من خرج يوم الأربعاء لا يدور خلافاً على أهل الطيرة وقي من كل آفة، وعوفي من كل داءٍ وعاهة، وقضى الله له حاجته، وكتبت إليه مرة أخرى أسأله عن الحجامة يوم الأربعاء لا يدور، فكتب (عليه السلام): من احتجم في يوم الأربعاء لا يدور خلافاً على أهل الطيرة وقي من كل آفة وعوفي من كل عاهة ولم تخضر محاجمه»[65].

وفي رواية أخرى عن أبي بصير قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن الحجامة يوم الأربعاء فقال: «من احتجم يوم الأربعاء لا يدور خلافاً على أهل الطير عوفي من كل عاهة ووقي من كل آفة»[66].

والمراد بـ (لا يدور) آخر الشهر كما في (مجمع البحرين) [67] حيث لا يدور في نفس الشهر، أي احتجم في أربعاء آخر الشهر.

الحجامة في شهر آذار

وعن أبي عبد الله (عليه السلام): «أن أول ثلاثاء تدخل في شهر آذار بالرومية الحجامة فيه مصحة سنة بإذن الله تعالى»[68].

الحجامة في أي الأيام

مسألة: ينبغي لمن تبيغ به الدم أن يحتجم، في أي الأيام كان، فعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تعادوا الأيام فتعاديكم، إذا تبيغ (تبغي خ ل) الدم بأحدكم فليحتجم في أي الأيام كان وليقرأ آية الكرسي ويستخير الله ثلاثاً ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم»[69].

أقول: والمراد بـ (تبيّغ) الدم هيجانه، أي غلبة الدم على الإنسان، وقيل: انه من المغلوب أي لا يبغى عليه الدم فيقتله أو ما أشبه ذلك من معانيه، وهذا ليس خاصاً بالدم حيث ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «كيلا يتبيّغ[70] بالفقير فقره»[71].

أما المعنى الظاهري لـ (لا تعادوا الأيام فتعاديكم) أي أن الإنسان إذا قال: هذا يوم حسن وذاك سيئ أو ما أشبه من الألفاظ، فان الأيام تعاكسه عكساً مستوياً فتؤثر في حسنه وسوءه في الجملة، وهكذا إذا قال: هذه ساعة حسنة، أو قال: هذا شهر حسن أو ما أشبه ذلك، فتكون تلك الأشياء حسنة، وإذا قال: سيئ أو سيئة أو ما أشبه تكون سيئة، فيكون من قبيل ما ورد (إذا يسّر الإنسان يُسّر له) وهكذا، وذلك أما بالنسبة إلى الواقع وأما بالنسبة إلى ما في الذهن، على تفصيل مذكور في محله.

وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يسّروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا»[72]، فمن يسّر الزواج أو البيع والشراء للدار وغيره، أو الحجامة وغيرها، يُسّر له ومن يُعسّر عُسّر عليه، وذلك من جهة النفس أو من جهة الواقع، حيث أن للقلب تأثيراً في الأمور.

وقوله «ويستخير الله ثلاثاً ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله) »[73]، المراد طلب الخير من الله تعالى، إذ هو معنى الاستخارة، فان الإنسان إذا طلب الخير من الله، جعل سبحانه الخير فيه، سواء في ما نحن فيه وهو الحجامة، أو في غيره، فالاستخارة هنا نوع من الدعاء، وقد ورد في الحديث «الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض»[74]، وقال الله سبحانه: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) [75]، وتفصيل الكلام مذكور في باب الدعاء[76].

[1] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص80 ب11 ح14819.

[2] ـ تفسير القمي: ج2 ص9 معراج رسول الله (صلى الله عليه وآله) سورة الإسراء.

[3] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص89 ب11 ح14851.

[4] ـ من لا يحضره الفقيه: ج1 ص126 باب غسل يوم الجمعة ح299.

[5] ـ طب الأئمة: ص54.

[6] ـ طب الأئمة: ص55.

[7] ـ طب الأئمة: ص55.

[8] ـ طب الأئمة: ص55.

[9] ـ طب الأئمة: ص55.

[10] ـ راجع موسوعة الفقه: كتاب الصوم.

[11] ـ معاني الأخبار: ص247 باب معنى قول النبي (صلى الله عليه وآله): »نعم العيد الحجامة« ح1.

[12] ـ وسائل الشيعة: ج17 ص117 ب13 ح22134.

[13] ـ الجعفريات: ص162 باب الحجامة.

[14] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص78 ب11 ح14807.

[15] ـ طب الأئمة: ص58.

[16] ـ طب الأئمة: ص58.

[17] ـ وسائل الشيعة: ج17 ص113 ب13 ح22120.

[18] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص81 ب11 ح14822.

[19] ـ معاني الأخبار: ص247 باب معنى الحجامة ح2.

[20] ـ معاني الأخبار: ص247 باب معنى الحجامة ح2.

[21] ـ وسائل الشيعة: ج17 ص112 ب13 ح22117.

[22] ـ طب الأئمة: ص57.

[23] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص85 ب11ج14845.

[24] ـ دعائم الإسلام: ج2 ص145 فصل ذكر العلاج والدواء ح512.

[25] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص78 ب11 ح14806.

[26] ـ مكارم الأخلاق: ص75 الفصل الرابع في الحجامة.

[27] ـ راجع كتاب العين: ج2 ص296، لسان العرب: ج1 ص594، مجمع البحرين: ج2 ص120. مادة عرقب.

[28] ـ طب الأئمة: ص58.

[29] ـ راجع بصائر الدرجات: ص379 باب التفويض بالرسول الله (صلى الله عليه وآله) ح4 وفيه عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: »إن الله أدب نبيه على أدبه، فلما انتهى به إلى ما أراد قال: له ((إنك لعلى خلق عظيم)) ففوض إليه دينه فقال: ((ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)) وإن الله فرض...

[30] ـ لسان العرب: ج8 ص66 مادة خدع.

[31] ـ فقه الرضا: ص394 ب113.

[32] ـ من لا يحضره الفقيه: ج2 ص267 باب الأيام والأوقات ح2401.

[33] ـ الخصال: ج2 ص637 باب علم أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب.

[34] ـ طب الأئمة: ص56.

[35] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص83 ب11 ح14830.

[36] ـ مكارم الأخلاق: ص74 الفصل الرابع في الحجامة.

[37] ـ دعائم الإسلام: ج2 ص145 فصل4 ح512.

[38] ـ الخصال: ج2 ص383 باب ما جاء في الأحد وما بعده ح60.

[39] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص84 ب11 ح14839.

[40] ـ الخصال: ج2 ص384 باب ما جاء في يوم الاثنين ح64.

[41] ـ وسائل الشيعة: ج17 ص115 ب13 ح22125.

[42] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص84 ب11 ح14840.

[43] ـ طب الأئمة: ص139 في الباذنجان.

[44] ـ الخصال: ج2 ص385 باب ما جاء في يوم الثلاثاء ح68.

[45] ـ طب الأئمة: ص56.

[46] ـ طب الأئمة: ص139 في الباذنجان.

[47] ـ الكافي: ج8 ص191 حديث قوم صالح (عليه السلام) ح223.

[48] ـ مكارم الأخلاق: ص75 الفصل الرابع في الحجامة.

[49] ـ مكارم الأخلاق: ص75 الفصل الرابع في الحجامة.

[50] ـ وسائل الشيعة: ج17 ص115 ب13 ح22127.

[51] ـ الخصال: ج2 ص387 باب ما جاء في يوم الأربعاء ح75.

[52] ـ قرب الإسناد: ص124 باب ما جاء في الشهادات.

[53] ـ الخصال: ج2 ص637 باب علم أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب.

[54] ـ الخصال: ج2 ص387 باب ما جاء في يوم الأربعاء ح76.

[55] ـ من لا يحضره الفقيه: ج4 ص8 باب ذكر جمل من مناهي النبي(صلى الله عليه وآله) ح4968.

[56] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص84 ب11 ح14841.

[57] ـ فقه الرضا (عليه السلام): ص394 ب113.

[58] ـ الخصال: ج2 ص389 باب ما جاء يوم الخميس ح79.

[59] ـ مكارم الأخلاق: ص75 الفصل الرابع في الحجامة.

[60] ـ الخصال: ج2 ص390 باب ما جاء في يوم الجمعة ح83.

[61] ـ تحف العقول: ص100 باب آداب أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه وهي أربعمائة باب.

[62] ـ الخصال: ج2 ص637 باب علم أمير المؤمنين (عليه السلام) أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب.

[63] ـ الكافي: ج8 ص192 حديث قوم صالح (عليه السلام) ح225.

[64] ـ مكارم الأخلاق: ص75 الفصل الرابع في الحجامة.

[65] ـ وسائل الشيعة: ج17 ص116 ب13 ح22130.

[66] ـ مستدرك الوسائل: ج13 ص82 ب11 ح14827.

[67] ـ مجمع البحرين: ج3 ص305 مادة دور.

[68] ـ طب الأئمة: ص56.

[69] ـ الجعفريات: ص162 باب الحجامة.

[70] ـ يَتَبَيّغ: يهيج به الألم فيهلكه.

[71] ـ نهج البلاغة: الخطبة 209 من كلام له (عليه السلام) بالبصرة وقد دخل على العلاء بن زياد الحارثي يعوده.

[72] ـ غوالي اللآلي: ج1 ص381 المسلك الثالث ح5.

[73] ـ الجعفريات: ص162 باب الحجامة.

[74] ـ الكافي: ج2 ص468 باب أن الدعاء سلاح المؤمن ح1.

[75] ـ سورة غافر: 60.

[76] ـ راجع شرح الدعاء والزيارة للإمام المؤلف (رحمه الله).