الفهرس

المؤلفات

 العلوم الاخرى

الصفحة الرئيسية

 

مدخل إلى الكتاب

البيئة أحكامها وأثرها في الإنسان:

البيئة: كلمة عربية مصدرها بَوَءَ، ومنه باء يبوء، وبوَّء بتضعيف الواو من باب التفعيل بمعنى سدّد، ولذا يقـولون بوَّء الرُّمح أي: سدده نحو هدفه وقابله به. ويقال: تبوّء بمعنى نـزل وأقام، وهو فعلٌ لازم، ويتعدّى بحرف الجرّ، فيُقال تصرّف في المال. هذا هـو الأصل، واستُعمل في القرآن الكريم واللغة العربية متعدياً، قال سبحانه: (أن تبوَّءا لقومكما بمصر بيوتاً)(1) أي: اتخذوا بيوتاً.

وقد يستعمل بباب الأفعال من أباءه منـزلاً، أي: هيّئ له وأنزله فيه. قال سبحانه: (والذين تَبَوَّءو الدَّارَ والإيمان …)(2) أي: الذين سكنوا في المدينـة واستقرّت قلوبهم علـى الإيمان بالله. فالدار منـزل مادي والإيمان منـزل معنوي. وفـي القرآن الحكيم: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوّئنهم من الجنّة غُرُفاً)(3) أي: نجعل مكانهم غُرفاً في الجنّة.

وقد استعمل متعدياً في جملة من الأحاديث، فعن النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (من كذَّب عليَّ متعمداً فليتبوّء مقعده من النار)(4) أي: لينـزل منـزله من النار، ويهيئ منـزله في النار.

والباءة التي بمعنى النكاح إنّمـا سمّي ب‍ـ(البـاءة) لأنّ الرجل يتبوء أهله فتستمكنهُ من نفسها في حال المباضعة ولكونه محلّ أُنسه، كما قال سبحانه: (هنَّ لباس لكم وأنتم لبـاس لهنّ)(5)، فإنّ هـذه الكلمة تصلح بالنسبة إلى الرجل كما تصلح بالنسبة إلى المرأة، لكنّها تستعمل في الرجل نظراً للفاعلية.

وفي الحديث الشريف: (من استطاع منكم الباءة فليتزوّج)(6)، والمراد بالباءة هنـا: النكاح والتزويج. واستباء أهله أي: اتخذها أهلاً لنفسه، كما يقال استباء المكان إذا اتخذ المكان محلاً لسكناه. وكلٌ من النـزول والحلول والمستقرّ يسمّى بذلك من باب السبب تارة ومن باب المُسبب تارة أخرى.

وفي الغالب تستعمل البيئة بما يكون في مرمى السمع أو البصر أو الشمّ أو الذوق أو اللمس من غير فرق أن يكون ظاهرة طبيعية من صنع الله سبحانه وتعالى كالسماء والأرض والبحار والجبال والأشجار والبراكين وما أشبه ذلك أو من صنع الإنسان كالمـدن التي فيها الدور والقصور والأشجار والأزهار ومـا أشبه ذلك، ولذا يصـح أن يقال بيئة طبيعية ومصطنعة كما يقال بيئة حضريّة وبيئة ريفية، كمـا يصح أن يقال باعتبار آخر بيئة اجتماعية أو بيئة اقتصادية أو بيئة سياسيـة أو بيئة دينيـة أو بيئـة تربوية إلـى غير ذلك من المصطلحات.

والاصطلاح العلمي للبيئة: يقصد ـ عادة ـ بـه كل ما هو خارج عن جلد الإنسان أو الحيوان أو ما أشبه ذلك مما يرتبط بجامع المعيشة والحياة. وقد تستعمل بمعنى البيئة الداخلية، وهي فـي الإنسان والحيوان تتمثل في السوائل المختلفة الموجودة داخل أجسامها.

وهكـذا يقال بيئـة النباتات لأنّ النبات أيضاً لـه خارج وله داخل، فالخارج واضح، وأمّا الداخـل فيضم السوائل والغازات الموجودة في الأوعية والأنسجة المختلفة.

 

1 ـ سورة يونس: الآية 87.

2 ـ سورة الحشر: الآية 9.

3 ـ سورة العنكبوت: الآية 58.

4 ـ الكافي (أصول): ج1 ص62 ح1.

5 ـ سورة البقرة: الآية 187.

6 ـ بحار الأنوار: ج103 ص220. وورد فـي مكارم الأخلاق: ص201 عن كتاب نوادر الحكمة الحديث الشريف، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من أراد الباءة فليتزوج.