الفهرس

المؤلفات

 العلوم الاخرى

الصفحة الرئيسية

 

الرجوع إلى أحضان الطبيعة

وكلّما رجعنا إلى الطبيعة في مختلف مجالات حياتنا وكلّما رجعنا إليها في التداوي بالأعشاب رجعت إلينا سلامتنا وسعدنا بحياتنا، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (بورك لمن أكثر أوانيهم الخزف)، وقال ابن سينا: (خير دواء الأمراض للإنسان هو الدواء الذي يكون من أرضه).

وكلّمـا رجعنا إلى الطب العُشبي، وكلما التزمنا بالأساليب الصحية الإسلامية كالكحل والنورة والعطر والحجامـة والفصد والسواك من شجر الأراك والالتحاء ـ الذي هو سبب لحفظ العين والأُذن والفم والحنجرة وما أشبه ذلك ـ وأكل الملح والخل مـع الطعام، وعدم الزيادة في أكل اللحم أو أكل الطعام أو ما أشبه ذلك رجعت إلينا صحتنا ووقينا أنفسنا شرّ الأمراض، وكلّمـا أسرعنا فـي تزويج أبنائنا عند بلوغهـم سن الرشد أوقفنا ابتلاءهم بالفحشاء وبمختلف الأمراض.

فكلّما اقتربنا إلى الإسلام اقتربنا إلى الصحة أيضاً.

وإني لأتذكر في مدينتنا كربلاء المقدسة حيث كان عدد سكانها آنذاك لا يتجاوز المائة وخمسين ألف نسمة(1) لم يكن فيها سوى شخص واحد يرتدي نظارات، وقد بلغ هذا الرجل السبعين من عمره وكان يتكئ على عصاه عند مشيه لوجع في رجله، أما مرض ضعف القلب والبروتستات وما أشبه ذلك، فإني لـم أجد حتى مصاباً واحداً. نعـم كان يكثـر الملاريا وسببه وجود المستنقعات فـي أطراف مدينة كربلاء، حيث تولّد البعوض التي هي سبب الملاريا مباشرة. وقـد جاء متصرِّف إلى لواء كربلاء فأمر بردم المستنقعات الكثيرة ولما رُدمت لم يزر هذا المرض كربلاء أكثر من 50 سنة.

الترويح عن النفس وتلوث البيئة

الإنسان بحاجة إلى ساعات يقضيها فـي الطبيعة بين الأشجار والزهور ومياه البحر والفراشات والغزلان ومـا أشبه ذلك وإن التلوث الذي أصبح يهدد الطبيعية بجمالها سيحرم الإنسان من هذه المتعة التي لا غنى عنها في عالم مملوء بالصخب والضوضاء والمشكلات المعقدة.

وعلى كل حال: فالملوثات للبيئة من أي قسم كانت سيجلب الضرر للإنسان صحيـاً وغذائيـاً جسمياً ونفسياً و…، فإنّ كثيراً من الأمراض خصوصاً في هذا النصف الثاني مـن القرن العشرين ازدادت أضعافاً مضاعفة نتيجة للملوثات البيئية، وقـد قال تعالى: (ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس)(2) ، وقـال سبحانه وتعالى: (نسوا الله فأنساهم أنفسهم)(3).

هذا وهناك مواضيع جديـرة بالبحث نحيـل القارئ فيها إلى الكتب الأخرى: التاريخ البيئي وأثره فـي أساليب الحياة. البيئة وعلاقتها بالثقافة. السياق التفاعلي بين المجتمعات البشريـة والبيئة المحيطة بها. تأثير الحروب على تلوّث البيئة. علاقة التربة والماء والحياة وتفاعلها فيما بينها.

آثار الإشعاعات الذرية

وفيما يلي نذكر بعض التقارير عن آثار الإشــعاعات الذرية بالرغم من تأكيد الدول الصناعية على الوقوف بوجهها والحدّ منها.

فقد دلّت الإحصاءات في اليابان على أن نسبة المصابين بسرطان الدم من بين سكان هيروشيما وناكازاكي الذين نجوا من خطر القنابل الذرية، هي أعلى بكثير من نسبة المصابين بسرطان الدم من السكان الذين لم يتعرضوا أبداً للإشعاعات النووية، وقد ظهرت أعراض سرطان الدم بعد مرور عدة سنوات من تاريخ الانفجار. وهذا إنما يدل على إن خطر الإشعاعات لا يبرز فوراً وإنما يظهر بعد فترة من تاريخ التعرض للإشعاع. وكان لهذه الأشعات تأثير مباشر على الزرع والضرع وعلى الحيوانات البحرية، فبعد سنوات والإنسان يستعمل هذه الأغذية بظنّ منه أنها سالمة، لكنه يصاب بما أصيبوا به مع تركيز أكبر، كما أشرنا إليه سابقاً.

ومـن أخطر تأثيرات الإشعاعات النووية الآثار الوراثية، والتي تتمثل بإنجاب أطفال مشوّهـين جسمياً أو عقلياً، والإشعاعات الذرية المنبعثة من انفجار القنابل الذرية والتي يمكـن اعتبارها جزئيات متناهية في الصغر تسير بسرعة كبيرة جداً وتتساقط على الأشخاص الذين يعترضون طريقها، وتنفذ مـن الجسم بسهولة وأعضاء الجسم ليست متساويـة الحساسية بالنسبة إلى أعضـاء الإشعاعات وأكثر أعضاء الجسم حساسية هي الأعضاء المكونة للــدم والجهاز الهضمـي والجلد والغُدد التناسلية، فالأعضاء المكونة للدم وهي مخّ العظام والعُقد البلغمية، والتي تشكل الكريات الحمراء والبيضاء والصُفــيحات التـــي تساعد الدم علـى التخثّر وتخريـم الأعضاء المكونة للدم يؤدي إلى قلّة كريات الدم الحمراء وتُحدث فقراً فـي الدم، وكذلك تقلّ الكريات البيضاء وتضعف مقاومة الجسم. كما وإن قلّة عدد الصُفيحات تقود إلى اضطراب في تخثّر الدم ويحدث نتيجة لذلك النـزيف مـن الأنف والفم والرئتين والمعدة والأمعاء وغيرها.

وبالنسبة إلى الجهاز الهضمي فتتركز هـذه الإشعاعات على طول هذا الجهاز وتُحدث تقرّحات في جدار المعدة والأمعاء وتحدث اضطرابات هضمية على شكل غثيان وقيء وفقدان تام للشهية وإسهالاً، وغالباً ما تكون مختلطة بالدم. وأما النسبة إلى الجلد فأول تأثير علـى الجلد من الإشعاعات الذرية يتمثل بسقوط الشعر الذي يلاحظ عادة بعد مضي أسبوعين من فترة التعرّض للإشعاعات ويستمر بعد ذلك لمدة أسبوعين أو ثلاثة.

وبالنسبة إلـى الغُدد التناسليـة فإن تعرّض الأعضـاء التناسلية للرجل للإشعاعات الذرية تسبب له العُقم الذي غالباً ما يكون موقتاً.

هذا ولا يؤثر العقم على القدرة الجنسية لدى الجنسين، وكذلك تصاب المرأة المتعرّضة للإشعاعات الذرية فـي العُقم الموقت كالرجل تماماً، ويترافق ذلك مع اضطرابات في العادة الشهرية. وقد يتوقف الطمث وترتفع الحرارة ؛ والمرأةٍ الحامل ـ كثيراً ما ـ تجهض في حال تعرضها للإشعاعات الذرية.

وهناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن الرجال والنساء الذين يصابون بالعُقم نتيجة تعرضهم إلى إشعاعات ذرية ينجبون أطفالاً مشوّهين جسمياً أو عقلياً أو مضطربين نفسياً أو من ذوي العاهات والعقد.

وكيف كـان، فالحضارة الحديثة علـى كثرة فوائدها لكنها حيث خرجت عـن مظلّة الأنبياء (عليهم السلام) ومـن خوف الله عز وجل واختلطت بالجشع والمادية والاستغـلال والاستعمار وجعلت محورية المادة بدل محورية الإنسان، فتنتج عن ذلك أمراض لا تُعدّ ولا تحصى.

فلا علاج مـن هذه الأمراض والأوبئة إلاّ بالعزوف عن هذه المظاهر والتوجه إلى مظلّة الأنبياء (عليهم السلام) والخشية مـن الله عز وجل والخشوع إليه وجعل الإنسان هو المحور لا المادة والمال والدنيا وما أشبه.

ففي الحديث القدسـي قـال الله سبحانه وتعالى للدنيا: (أتعبي مَن تَبِعَكِ)(4)، وهكذا نشاهـد انطباق هـذه الجملة الشريفة على بشرية اليوم. وصدق الله سبحانه وتعالـى حيث ذكر في القرآن: (ظَهَرَ الفَسادُ في البَرِّ وَالبَحرِ بِـما كَسَبَتْ أيْدي النـّاس لِيُذيقَهُم بَعضَ الذي عَمِلُـوا لَعَلَّهُم يَرجِعُونَ)(5)، فقد وضع الله للكـون والحياة نظاماً خاصاً والخروج عن هذا النظام يسبـب الفساد، ولذا قـال: (ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)(6)، وهذا البعض هو ما يذوقه الإنسان جزاء فساده.

النظم البيئية

مسألة: لابد مـن إيجاد نظم بيئية طبيعية، وتوفير الحماية الكافية لها، وبذلك يتمكن الإنسان أن يترك للأجيـال القادمة صـوراً حيّة للنظم البيئية المتنوعة.

وتشكل هـذه النظم البيئية منـاطق محميّة تعتبر أساساً لدراسة البيئة ومكافحة التلوث. وتطوَّر هـذه النظم، ودراسة تركيبهـا وطرق عملها، وكذلك بمقارنتها مع بقية النظم غير المحمية أو التي تخضع للاستثمار من قِبَل الإنسان مثل الغابات المستثمرة والأراضي الزراعية والمناطق العمرانية والصناعية وغيرها.

فمن الواضح إن المناطق المحميّة متنوعة من حيث الهدف ويمكن تقسيمها إلى قسمين:

الأول: الحدائق العامة، فهي مناطق طبيعية ومتنوعة تحتوي على عدة أنواع مـن النظم البيئية وتكون فيهـا الحيوانات والنباتات في مأمن من كل التعديات، كما وتعتبر المنتزهات العامة من النظم البيئية التي يجد فيها الأفراد فرصة العيش في الطبيعة مع الحفاظ على الحيوانات والنباتات التي فيها.

ويوضع لهذه الأماكن برنامجٌ خاصٌ لحمايتها مـن الحرائق والآفات أو الاعتداء الذي يواجه النباتات أو الحيوانات.

وفـي الحرب العالمية الثانية أصيب الكثير مـن هذه المواضع بالحرائق والغازات والملوثات والمبيدات وغير ذلك، بسبب جشع الذين كانوا يقومون بالحرب بعضهم ضد البعض الآخر وعدم خوفهم من الله عز وجل.

الثاني: المدّخرات، وأهم أهدافها حماية تنـوع المجتمعات الحية النباتية والحيوانية ضمن نظم بيئية طبيعية وتهيئـة مساحات مخصصة للأبحاث البيئية لدراسة كل ما يتعلق بالوسط المحيط، وخاصة فيما يتعلق بإجراء مقارنات بين المساحات المحمية ومساحـات أخرى مجاورة غير محميّة، والاستفادة منها في التدريس، فإنها مساحات محميّة تنتمي إلـى بيئات مختلفة أرضيّة وشاطئيّة، ويجب أن تحتوي على أمثلة معبّرة عن النظم البيئية المكوّنة.

كما يمكن أن تضم جماعات لنـوع نادر أو معرض للانقراض، وهذه المدّخرات يجب أن تغطي مساحـات بحيث تسمـح بتكوين وحدة متكاملة للحماية.

التوازن الطبيعي في البيئة

وتعيش الحشرات مع سائر الحيوانات والنباتات في توازن طبيعي تتحكم فيه وتسيطر عليه عدّة عوامل بيئيـة، مثـل الحرارة والرطوبـة وتوفر الغذاء وعوامل حيوية أخرى مثل افتـراس بعض الحشرات للبعض الآخر، وتطفّل بعضها على بعض، ولذلك يرى فـي البيئة الطبيعية أن الحشرات والحيوانات تعيش في حالة توازن طبيعي يحقق معيشـة متوازنة لهما معاً، فإذا اختلفت الظروف البيئية لسبب طارئ أو دائم وحلّت في المنطقة حشرات جديدة فإنّ التوازن القائم لابدّ أن يختل لصالح نوع أو عـدة أنواع منها، فتزداد أو تقــل الأعداد عن معدّلها الطبيعي، ويكون ذلك فـي غير صالح الإنسان أو عكس ذلك وفقاً لنوع الحشرات المتكاثرة وبسبب الإسراف فـي استخدام المبيدات الحشرية سواء كان إسرافاً في الكمية أو في الكيفية ممّا يؤدي إلى فقدان التوازن الطبيعي القائم بين الآفات وأعدائها الطبيعيين، ويؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة غير متوقعة في بعض أنواع الآفات.

ومن أمثلة ذلك انتشار العنكبوت الأحمـر ودودة اللوز فـي مصر في أعقاب استخدام بعض المبيدات الحشرية بإسراف شديد وبطريقة غير محسوبة. ولم تكن مثل هذه الآفات مصدر خطر للنباتات فيمـا مضى، ولكن قتل المبيدات لأعدائها الطبيعيين ترك لها حرية التكاثـر. كذلك أدى الإسراف في استخدام المبيدات الحشرية إلى القضاء تقريباً على الحدأة المصرية التي أصبحت نادرة الوجود في الريف المصري، كمـا أثّر ذلك علـى وجود الغراب وأبي قردان والثعلب والنمر والذئب، وأصبحت هذه الحيوانات مهددة بالانقراض.

كما أدى استعمال مركب (دي دي تي) في مصر إلى ظهور العنكبوت الأحمر بكثرة على الذرة، ومنذ بضع سنوات هجم مرض خطير على شجرة الكاكاو في غرب أفريقيا، واتضح أن هذا المرض يسببه فيروس يحمله النمل، وعندما استخدمت المبيدات ضـد النمـل انخفضت الإصابة بالمرض، ولكن اختل التوازن الطبيعي. وبعـد فترة تفشت الإصابات بما لا يقل عن أربعة حشرات جديدة.

وعلى أي حال: فإن قاعدة التوازن تحكم الكون بدقة متناهية مؤكدة على حكمة الخالق المتعالي حتى فـي كبر الحيوانات وصغرها، فالعصفور لا يصل في حجمه إلى الحمام، والحمام لا يصل في حجمه إلى العصفور صغراً. وفي الذكورة والأنوثة، فلا يخلو جيل من الحيوان عن الذكر أو الأنثى، فلا يزيد الثعلب على الدجاج ولا العكس، وهكذا بالنسبة إلى كل شيء بالقياس إلى نفسه وخواصّه ومزاياه أو بالقياس إلى أعدائه أو أصدقائه، وبالقياس إلـــى خصوصيات بيئته إلاّ بعارض طبيعي مثل الزلازل أو البراكين أو الفيضــانات أو الصواعق أو بعارض إنساني مثل تدخل الإنسان في إزالة الحيوان أو تضعيفه أو تقويته بسبب تلويث البيئة أو ما أشبه ذلك.

طبقة الأوزون

مسألة: لقد أشار القرآن الكريم إلى أن السماء سقف محفوظ بالنسبة إلى الأرض، حيث ورد في القرآن الكريـم: (وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون)(7)، وربما يكون قوله سبحانه وتعالى: (سقفاً محفوظاً) لاعتبارين، الأول: أنـه سبب لمنـع ارتطام سطح الأرض بملايين النيازك(8).

والإنسان الذي ينام فـي غرفـة مسقَّفة يكون مطمئناً من العواصف والأمطار وكثير من الأخطار كذلك الأرض المسقفة التي تجعل البشرية تعيش بمأمن وطمأنينة.

الثاني: منع أضرار أشعة الشمس من الوصول إلى سطح الأرض، فتأمل.

ومن بين المخاطر التي تنجم عن تدخل الإنسان في النظم الكونية وإخلاله بالتوازن لمكونات الغلاف الجوي للأرض واستنـزاف الأوزون في طبقة الجوّ العليا في المنطقة التي تقع على ارتفاع يتراوح بين (20 و40) كيلومتراً فوق منسوب سطح البحر، فإنه يحيط بكوكب الأرض غلاف جوّي سميك يشارك الأرض في دورانها الدائم حول نفسها وحول الشمس(9).

والغلاف الجوي يتكون فـي الأساس مـن ثلاث غازات: النيتروجين والأوكسجين والأرجـــون، ونسبة قليلة تمـــثل ثــاني أكسيـد الكــربون وتركيزات قليـــلة من غازات الهليوم والهيدروجـين والكلبتـون والميثان والنيون والزيون والأوزون. ويتجمع نحو (30%) مـن الغـازات السابقة في طبقة تعرف ب‍ـ(تروبوسفير) وهي الطبقة اللصيقة بسطـح الأرض وتعيش في وسط هذه الطبقة جميع الأحياء الأرضية، وتحدث فيها أغلب الظــواهر الجوية مثل تكون السحب والضباب والعواصف والرياح والثلوج والمطر.

وتوجد طبقة ثانية تعرف ب‍ـ(الأستراتوسفير) وفـي هذه الطبقة يوجد غاز الأوزون بنسبة ضئيلة جداً تتراوح بين (10 ـ 30) جزءً من كل مليون جزء من الهواء، ويتغير تركيز الأوزون بتأثير كبـير كلّما ارتفعنا عن سطح البحـر، ورغـم أن سُمـك طبقـة (الأستـراتوسفير) تصل إلى عشرات الكيلومترات إلاّ أن عدد ما بها من جزئيات الأوزون لا يتجاوز عدد جزئيات الهواء الموجود في طبقة سُمكها ثلاث مليمترات مـن الهواء الذي نتنفّسه على سطح الأرض، وذلك نظراً للانخفاض الشديد للضغط في طبقات الجوّ الأعلى، فنستطيع أن نتخيل طبقة الأوزون كبالونة هائلة تحيط بالكرة الأرضية على ارتفاع (30 كيلومتراً).

وغاز الأوزون سامّ للإنسان وللحيوان والنبات على السواء وهو أكثر سميّة من مختلف الغازات(10).

والتلوث الناجم عن حركة مرور السيارات في المدن المزدحمة يؤدي إلى زيادة تركيزه تزيد نسبة هذا الغـاز في المدن خصوصاً المدن الصناعية المزدحمة بالآليات والسيارات وما أشبه ذلك.

والأوزون ذو فعالية عالية في إبادة الجراثيم وقتل البكتيريا والفيروسات والطفيليات الضارة، ولهذا السبب فإن عدة مـن الدول تفضِّل استخدامه في معالجة مياه الشرب والمياه الصناعية ومياه المجاري وفي تعليب الأسماك وتعقيم المأكولات. إلاّ أن زيادة نسبة هذا الغاز عن الحدّ المقرّر حسب التقدير الإلهي تحولّه إلى عامل ضارّ ومُتلف حيث أنه يسبب في تدمير الحياة بشتى صورها، وفي الوقت نفسه الذي يتولَّد فيه غاز الأوزون فـي الغـلاف الجوي، فإنه يتعرَّض أيضاً لعملية تدمير طبيعية نتيجة لامتصاصه للأشعة فوق البنفسجية التي ترد إلينا من الفضاء فإن إخلال أي توازن في الأرض وبأجوائها يسبب اختلالاً في الأحياء وغير الأحياء، ولقد قال سبحانه: (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون)(11).

والأوزون كما أنه يسرع تكونه يسرع زواله أيضاً، وقد أدى الاختلال الصناعي إلى نشوء مشكلة الثقـب الأوزونـي فـوق منطقة القارة القطبية الجنوبية(12). أما الشمس فهي ترسل أشعتهـا، وترسل نوعاً من الأشعة فوق البنفسجية، وهذه الأشعة تستطيع إذا ما وصلت إلى الأرض أن تقتل الكائنات الحيّة من بشر ونبات وحيوان.

ويقوم الأوزون الموجود فـي طبقة الغلاف الجوّي بحجب تلك الأشعة ومنعها من الوصول إلينا، ويقوم الغـلاف الجوي بامتصاصها، وبذلك يحول دون تدفقها صوب سطح الأرض ويتسلل مقـدار قليل جداً من هذه الأشعة ليساعد على تكوين فيتامين (دي).

واكتشف جماعة مـن العلماء أنه انخفضت نسبة هذا الغاز (40% ) فوق خليج هالي، وأنه امتدّت فـي ارتفاعها مسافة تتراوح بين (12 ـ 24) كيلومتراً تقريباً، طاغية بذلك على قسم كبير من الجزء الأسفل.

ومعنى ذلك وجود ثُقب أوزونـي أي إنّ كثافة غاز الأوزون أصبحت منخفضة جداً عمّا يجب أن تكون عليه.

وقد أوضح العلماء: أنّ هناك عدداً كبيراً مـن الملوثات التي أدّت إلى استنـزاف الأوزون، ومن أهم هذه الملوثات:

أولاً: أكاسيد النيتروجـين الـتي تنطلق مـن الأسمدة الآزوتية، ومن الطائرات التي تسير بسرعة أكـبر مـن سرعـة الصـوت وعلى الخصوص الكونكورد(13)، ومن التفجيرات النووية، كمـا وتنطلق هذه الأكاسيد أيضاً بسبب حرق الوقود الصُلب المستخدم في إطلاق مركبات الفضاء.

ثانياً: مـن مركبات الإيروسولات المستخدمـة فـي بخّاخات الشعر ومزيلات رائحة العرق وفـي جوّ التبريد في الثلاجات وأجهزة التكييف، وفي إنتاج الثلج الصناعي وفي إنتاج الإسفنج الصناعـي، وفـي صناعة العطور، والمواد الرغويّة، ومـوادّ التغليف والمذيبات المستعملة فـي تنظيـف القطع الإلكترونية.

ثالثاً: الهالونات التي تستخدم في إطفاء حرائق الأجهزة الكهربائية(14).

ومن الواضح إن هذا الدرع الواقي لو ضعف لأي سبب من الأسباب، فإنّ عواقب ذلك ستكون سيئة على الأحياء التي تدبّ على سطح الأرض أو تسبح في مياه المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار، أو التي تتطاير في الجو، إذ يتسرب قدر كبير من الأشعة فوق البنفسجية على سطح الأرض، وبذلك يتزايد انتشار الأمراض السرطانية وخاصة سرطان الجلـد. وتقدِّر الوكالات الغربية لحماية البيئة أن الزيادة فـي عـدد حالات سرطان الجلد نتيجة الثقب الأوزوني الناتج عن تأثير مركبات الكلوروفلوروكربون وحدهـا سوف تبلغ (40 مليون) حالة في الولايات المتحـدة الأمريكيـة فقط قبل انقضاء أربعة قرون، كما أن زيادة تسرّب الأشعة فوق البنفسجية بسبب الثقب الأوزوني سيؤدي أيضاً إلى الإصابة بالحروق الشمسيـة والعمـى الجليدي والشيخوخة المبكرة وتجعّد الجلد وأمراض العيون(15) وبخاصة مرض السدّ العيني، وستؤدّي أيضاً إلى تشوّه الأجنّة وإضعاف جهاز المناعة فـي جسم الإنسـان، وبالتالي ستؤدي إلى هلاك مجموعات كبيرة من البشرية بالإضافة إلـى هلاك الحيوان والنبات وما أشبه ذلك(16).

ومن المعلوم إنّ الأشعة فوق البنفسجية إذا كانت متوازنة لها أهمية بالغة بالنسبة للإنسان والحيوان، بينما نقصها أو زيادتها تؤدي إلى الأضرار المختلفة. فإن نقصان كميتها يقود إلى زيادة أمـراض الكُساح والتشـوّهات العظمية وأمراض نقص الفيتامينات، كما وأن لـها خواص مضادّة للجراثيم وتحت تأثيرها يتشكل فيتامين (دي) الذي يعتبر مـن أهـم دعائم الصحة، وتقدر كمية الأشعة فوق البنفسجية الممتصة من الدخان والغبار فـي المدن بأكثر من (50% ) من كمياتها. وهناك علاقة مباشـرة بين أمراض الكُساح ونقصان كمية الأشعة فوق البنفسجية في المدن، كما في إنجلترا حيث يُسمى الكُساح في بعض الأحيان بالمرض الإنجليزي، إذ لا تزيـد نسبـة الأشعة الشمسية في لندن عن (82% ) من نسبتها في المناطق الريفية ؛ ومـن هنا جاءت توصية الأطباء لشعوب الدول الصناعية للذهاب ولو لشهر واحد إلى شواطئ البحار وشبهها لتلقّي الكمية اللازمة للجلد من الأشعة فوق البنفسجية.

وكما في المثل القديم كل إفراط وتفريط فـي أمر يؤدي إلى الخلل فيه، فاللازم أن يكون موزوناً بقدر جعله الله سبحانه وتعالى.

وعلـى أيّ حـال: فإنّ الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى سطح الأرض من الثقب الأوزوني تكون ذات طاقـة عالية تكفي لتحطيم جزئيات مهمة في جسم الإنسان، والتي منها الجزئيـات المسؤولة عـن نقل الصفات الوراثية(17)، وتحطيم مثل هذه الجزئيات سيؤدي إلى هلاك مجموعات كبيرة من البشرية(18)، بالإضافة إلى أن ازدياد الأشعة فـوق البنفسجية المارّة من الثقب الأوزوني من شأنه أن يزيد مـن خسائـر المحاصيـل الزراعية، فقد أجريت اختبارات على (200) نوع مـن أنواع النباتات لقياس حساسيتها نحو هذه الأشعة فتبيّن أن ثلثي هذا العدد تأثر بهـا حيث تباطأ معدل النمو(19) وفشلت حبوب اللقاح في إحداث الإنبات، كمـا وأن النباتـات والأعشاب سوف تتضرّر بشدة(20) من جرّاء ارتفاع مستويـات الأشعـة فوق البنفسجية التي تتسرّب من ثقب الأوزون.

وستؤدي الزيادة في هذه الأشعة إلى حدوث الضباب الدخاني والأمطار الحمضية على ما سيق تفصيل ذلك، وستؤدي إلى حدوث تغييرات كبيرة في مناخ الأرض وارتفاع درجة الحرارة في العالم، وكذلك ارتفاع مستوى مياه المحيطات، وهو أمر يهدّد بغرق عدة مدن ومناطق ساحلية في بقاع شتى من العالم. وقد عقدت لدرء هذا الخطر عدة مؤتمرات(21) في عدة دول تقرر فيها تخفيض (50% ) من استهـلاك المـواد التي تسبب مثل هذه الأمور. وهذا أيضاً لا يكفي بل يلزم أيضاً تخفيضها بنسبة (90% ) لتفادي المخاطر الناجمة عن تدمير الأوزون الموجود في طبقات الجوّ.

الحل الاسلامي

وعلى أي حال: فكما نرى إن الاستعمار لا يهتم بالإنسان، فالساسة والاقتصاديون أيضاً لا يهتمون بهذا الأمر الاهتمام الذي ينبغي، وإنما يريدون حفظ مصالحهم الخاصة وإن كان فيهـا ضـرر كثير للناس، كما يحدث في الحروب الكونية. وقد قـال سبحانه: (نسوا الله فأنساهم أنفسهم)(22)، فالإنسان الذي ينسى الله سبحانه وتعالى لا ينحصر ضرره على نفسه بل على غيره أيضاً.

وقد تحوّل الساسة فـي هذا النصف الثاني من هذا القرن إلى عمالقة في الاقتصاد والسياسة والسلاح والصناعـة، ولكن صاروا أقزاماً في الإيمان بالله والقيم والمبادئ والأخلاق ؛ والمسيحية لم تتمكن من الوقوف أمام ذلك بعد أن انحرفت عن مسيرها الصحيح، حيث قـال سبحانـه وتعالى: (يحرّفون الكَلِمَ عن مواضعه ونسوا حظّاً مما ذكِّروا به)(23)، أمـا اليهودية فلم تكن قابلة أصلاً للوقوف بجعل دينها قومياً واقتصادها أهم شيء عندها إضافة إلى عدم أهليتها. فلم يَبقَ إلاّ الالتجاء إلى أحضان الإسلام الذي يجعل لكل شيء قدراً ولكل شيء مخرجاً. وقـد قال سبحانه: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين)(24)، وقال سبحانه: (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)(25)، وفي آية ثالثة: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين)(26) فالإنسان هو المسؤول الأول والأخير عن كل إصلاح كما وإنه المسؤول عن كل إفساد، وقد قال سبحانه: (وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون)(27)، فصار الجوع فـي داخلهم والخوف في أنفسهم وكأنهما لباسان علـى البدن ملاصقان به ملازمان له.

وهذه حالة الدنيا في هذا الوقت، فالجـوع ينتشر ليعم مليار إنسان والخوف يتسلل إلى قلوب الجميع من صغار وكبار، من رؤساء الدول حتى الحفاة العراة.

ولا علاج إلاّ بالعودة إلى مناهج الله عز وجل الـتي وضعها للإنسان لبدنه ونفسه وروحه وأسرته ومجتمعه، والإيمان بالله الذي يدخـل إلـى أعماق الإنسان وأخلاقه الطيبة وصفاته النفسية الرفيعة.

أضف إلى ذلك المناهج العملية فـي كل مـن السياسـة والاقتصاد والاجتماع والتربية والعائلة والفرد وغير ذلك، حيث بيّنّا جملة من ذلك في بعض كتبنا الفقهية.

الإخلال بالتوازن

مسألة: لا يجوز الإخلال في التوازن الموجود في العالم كما قال سبحانه: (من كل شيء موزون)(28)، فإن الإخلال فـي التـوازن يسبّب خللاً عاماً وضرراً كبيراً في الإنسان والحيوان والنبات. فعلـى سبيل المثال زاد المحصول السمكي العالمي بما في ذلك النباتات الــبحرية مـن (60 مليون) طن فــي سنـــة 1390هـ (1970م) إلى (71 مليون) طن في سنة 1409هـ (1989م)، وهذا المعدل أيضاً زاد بعد ذلك إلـى يومنا هـذا، وتدعو تقريرات منظمة الأغذية والزراعة إلى عدم تجاوز المحصـول السمكـي العالمي بمقدار (100 مليون) طن في السنة لمنع استنفاذ المخزون السمكـي بشكل خطير فإنه في السابق كان يحصل على الأسماك البحرية والنهريـة بالطرق البدائية السليمة، بينما في الحال الحاضر يكون الصيد بالوسائل الحديثـة والتي تتمكن أن تجمع أكثر الأسماك حيث لا يبقى إلاّ جزء ضئيـل، بيـد إن الضغط على الموارد السمكية في بعض المناطق قد دخل بالفعـل دائـرة الإفراط في الصيد، ومن نتائج هذا الإفراط انخفاض المحصول السمكي بشكـل حـاد. وقد أدّى إلى فرض حصص على هذه الأنواع في شمال وشرق الأطلسي في سنة 1390هـ ثم فرض حظر تام على صيد بعض الأسماك ريثما تتجدد مخزوناتها.

ويعتبر الإفراط في صيد الحوت والدلفين وسبع البحر والدب القطبي من أوضح الأمثــلة على الاستغلال المفرط للـــمـوارد البحريـة، وسجلت صناعة الحيتان الذروة في الصيد بقتل (66 ألفاً) من الحيتان في سنة واحدة، وكادت أن تباد أنواع كثيرة، وفي سنة 1409هـ (1989م) أشارت الأرقام الجديدة الموقتة في اللجنة الدولية لصيد الحيتان أن مـن مجمـوع مليون حوت كانت تجوب البحار لم يبق منها سوى (10 آلاف) حـوت فقط، فانخفض عدد الحيتان من نوع الحوت الأحدب من (20 ألفاً) إلى (4 آلاف) فقط والحيتـــان ذات الزعانف مـــن أكثر مـن (100 ألف) حوت إلى (2000) حوت فقط، والحيتان الزرقاء مـن (250 ألف) إلى زهاء (500) حوت فقط وفي سنة 1405هـ (1985م) فرضت اللجنة الدولية لصيد الحيتان حظراً على الاتجار بالحيتان لمدة (5 سنـوات) ومع ذلك قتل منذ ذلك الحين ما يقرب من (11 ألف) من الحيتان. وإذا حسبنا هذا من جانب ومن جانب آخر التلوث الذي سبب موت كثير مـن الحيوانات سواء كان تلوثاً بسبب المعامل أو ما أشبه أو تلوثاً بسبب الحروب والأطماع كما حدث في الكويت جرّاء تلويث صدام المياه الخليجية أدركنا النقص الهائل فـي حيوانات البحر والنهر، مما يسبب زيادة ظاهرة الجوع، وقد قرأت في تقرير إنّ مليار إنسان في العالم يبيتونُ وهم جائعون.

وثالث الأثر فـي تلوّث البحار بسبب الأمطار الحمضية التي تقدمت الإشارة إليها. وهذه الأمور كلها تعد من عذاب الله سبحانه وتعالى للإنسان الذي انحرف عن سبيلـه حيث قال سبحانه: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم أو مـن تحـت أرجلكم أو يلبسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون)(29).

التلوث نتيجة الحروب

مسألة: من الملوثات الشديـدة، ملوثات الحروب فإنها تفسد البحار والأراضي والأجواء بالإضافة إلى قتلهـا الإنسان أو جرحـه وإعاقته، وإلى هدرها الهائل للطاقات والأموال والإمكانات. ثـم إنّ الحروب لها إمدادات حيث إنّ الألغام التي تزرع في الأراضي مـن جانبي الحرب تـــكون أيضاً هائلة التدمير والإفساد وهي ليست بشيء قليل. ففـي بولندا عثر سنة 1364هـ (1945م) على قرابة (15 مليون) لغم أرضي، وزهاء (74 مليون) قنبلة وقذيفة وقنبلة يدوية. والله سبحانه يعلم كم من ذلك اليوم إلى هذا اليوم من قنابل وألغام تم تفجيرها في وجه الإنسان سببت له موتاً أو مرضاً أو علةً. وفي فلندا تمت إزالة أكثر من (6 آلاف) قنبلة وزهاء مليون قذيفة و(66 ألف) لغم وما يقارب من (400 ألف) من قطع الذخيرة شديدة الانفجار الأخرى منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفـي الهند الصينية تركت دون تفجير بعد الحرب قرابة مليونين قنبلة، و(23 مليـون) قذيفة مدفعية وعشرات الملايين من قطع الذخيرة شديدة الانفجار الأخـرى. وفي مصر وفي أعقاب الحرب العربية الإسرائيليـة فـي سنـة 1393هـ (1973م) أزيلت قرابة 8 آلاف وخمسمائة قطعة لم تنفجر من قناة السويس، كما أزيل حوالي (700 ألف) لغم أرضي من الأراضي القريبة من القناة إلاّ أن أضعاف هذا الــعدد من الألغام الأرضية والقذائف التي لـم تنفجر ما زالت متناثرة حول خليج الـــسويس وفي شبه جزيرة سيناء وفي الحـدود العراقيـة ـ الإيرانية وفـي الحدود العراقية ـ الكويتية في حربيّ الخليج(30). هـذا بالإضافة إلى أنه أدت الحروب والمنازعات إلى وجود ملايين من المشردين واللاّجئين ولا يعرف العدد الصحيح للاجئين لكثرتهم وعدم دخولهم تحت إحصـاء دقيق، ويرجع ذلك جزئياً إلى الافتقار إلى تعريف مقبول دولي للاجئين ولإحصـاء أعدادهم في كل العالم، وتبين التقديرات إن عـدد اللاجئين زاد عن (3 ملايين) فـي سنة 1390هـ (1970م) إلى (15 مليوناً) في سنة 1410هـ (1990م) بـل إنّ بعض الإحصاءات دلت على أن عدد اللاجئين أكثر من (20 مليون)، ولم يعان هؤلاء اللاجئون من خسائر اقتصادية فحسب بـل تمزق نسيجهم الاجتماعي وحياتهم بالكامل، بالإضافة إلى موت الألوف منهـم خصوصاً من الرجال الكبـار السن والنساء الكبيرات السن والأطفال والمرضـى، فيعيش هؤلاء اللاجئون فـي معظم الحالات فـي مخيمات في مناطق الحدود حيث تقسو الظروف المعيشية وتنتشر الاضطرابات الاجتماعيـة وفي بعض الحالات تصبح عودة هؤلاء الناس إلى مواطنهم الأصليـة مستحيلـة مـن الناحية الفعلية، فيواصلون هم وذويهم العيش في بؤس لعدة عقود.

ومادامت حالة سحق حقوق الإنسان ونقص الإيمان بالله واليوم الآخر ومادام جشع الدول الكبيرة وظلم الحكام واستبدادهم فستستمر هذه الحالة، فقد حدثت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية إلى اليوم زهاء نصف قرن عشرات الحروب بكل كوارثها ولذا فمن الواجب على كل إنسان يشعر أو يخاف الله واليوم الآخر أن يشعر بمسؤوليته إزاء إنهاء الحروب من ناحية وبتنشيط الأمم المتحدة أو تنشيط بديل لها لتتدخل سريعاً إذا وقعت حرب بين دولتين أو في دولة واحدة بين طائفتين أو ظلم الحاكم لشعبه.

الجنوح إلى السلم

مسألة: من أهم الضروريات العقلية والشرعية والعرفية أن تهتم البشرية جمعاء بإنهاء الحروب الذرية وصنع القنابل الذرية فإنها من أكبر ملوّثات البيئة والتي تمتد إلى أكثر من قرن، فقد أضافت الأسلحة النووية إلى الحروب أبعاداً جديدة تماماً، فقد كانت القوة التدميريـة للقنبلتين الذريتين اللّتين ألقيتا في هيروشيما وناكازاكي فـي سنة 1374هـ (1954م) تعادل أكثر من (22 كيلو طن) من مادة (تي أن تي). فتمثل الأسلحة النووية التي استحدثت فيما بعد زيادة هائلة في القوة التدميرية ليس على أساس الكيلو طن بل الميجا طن.

ويقدّر عدد الرؤوس النووية فـي العالم بين (37 إلى 50) ألف رأس ويتفاوت إجمالي قوة تفجيرها من (11 إلى 20) ألف ميجا طن بما يعادل 846 إلى مليون ونصف قنبلة من نوع قنبلة هيروشيما.

وقد قرأت في تقرير إن الاتحاد السوفياتي قبل تفككه، يملك وحده ما يتمكن من إبادة العالم (7 مرات)، وبالرغـم من الإدانة الشاملة للأسلحة النووية فإن إنتاجها واختبارها مستمـران، فبين سنة 1374 ـ 1410هـ (1954 ـ 1990م) كان العدد الإجمالي للتجارب النووية (1818) تجربة منها (489) تجربة في الغلاف الجوي و(1329) تجربة تحت سطح الأرض.

وفي بداية القرن الخامس عشر الهجري(31) أجريت دراسات عديدة للتنبّؤ بآثار نشوب حرب نووية واسعة النطـاق. وبالرغم مـن أوجه عدم التيقن العديدة فإن الإحصاءات المختلفة للحـرب النوويـة تقدر أن ما بين (30 ـ 50%) من البشر يمكن أن يكونون ضحايا مباشرين للحرب النووية. كما إن (50 ـ 70%) من البشر الذين قد يجتازون الآثار المباشرة بحرب نووية واسعة النطاق يمكن أن يتأثرون بالشتاء النووي. ففي أعقاب حرب نووية ضخمة ستغطي السحب السوداء مساحات كبيرة من الأرض ربما لأسابيع أو شهور عديدة إذ إنّ ضوء الشمس تحجبه سحب كبيرة وكثيفة من الدخان الناتج من الحرائق وستنخفض درجات الحرارة إلـى ما دون درجة التجميد فقد يحدث سقوط الأمطار في أقاليم كثيرة، وستؤثـر مثـل هذه التغييرات المناخية في الزراعة وفي النظم الرئيسية وفي الأعشاب والنظـم البحرية مع حدوث آثار عميقة الأثر في إنتاج الأغذية وشبكات توزيعها.

وعليه فاللازم على البلاد الحرة وشبـه الحرّة أن تهتم بهذا الأمر كثيراً في مختلف الأبعاد كمّاً وكيفاً بالتظاهـرات والإضـرابات لكي لا تحدث تجربة جديدة، وأن تُفنى كل القنابل الذرية وأن تبدل معاملها إلى معامل بناء دون الهدم.

التلويث المعنوي

هذا ما أردنا بيانه في تلوث الهواء بالملوثــات المادية وهناك ملوثات أخرى معنوية حيث إنّ قسماً من المحاصيل تلوث الهواء مما يسبب مشكلات للإنسان والحيوان والنبات وسائر مكونات الأرض من ماء وهواء وغير ذلك حال تلك الملوثات المعنوية حال الجاذبية التي لا تشاهـد ولا تحس بسائر الحواس لكنها موجودة ولها آثار خارجية.

وفي قِبال الملوثات المعنوية المنظفات المعنويـة حيث إنها تنظف الأجواء المعنوية مما تسبب نمواً وبركة وخيراً للكائنات الحية وفي سائر الأمور الأرضية، فلو مثلنا ذلك بالجاذبية أيضاً لم يكن بعيداً، فالجاذبية كما تخرب أحياناً تعمر أحياناً. فالشـيء الساقط من فوق، إنساناً أو حيواناً أو إناءً أو غير ذلك يتكسر ويتحطـم، وربما أوجب حريقاً أو فيضاناً مدمراً وبالعكس في جانب الإيجابي، فإذا لـم تكن الجاذبية موجودة كان حال الإنسان وحال غيره حال من في الفضاء مـن انعدام الوزن وعـدم استقامة الأمور إلاّ بضغوط كبيرة صناعية حتى لا يمكن للإنسان من الأكل والشرب والجماع إلاّ بوسائل خاصة معدة لذلك. ومع ذلك لا يستقيم الولد الذي يكون في الفضاء بل يبقى جنيناً إلى غير ذلك، لكن الملوثات والمنظفات المعنويـة لا تُعرف إلاّ بالسماع من الأنبياء والأوصياء ومن إليهم واتباع منهجهم وطريقهم.

وقد أشار إلى ذلك القرآن الحكيم بقـوله: (ولو أنّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون)(32)، وفي الروايات الاستعاذة من الذنوب التي تظلم الهواء. وفي الحديث: (إذا ظهر الزنا مـن بعدي كثر موت الفجأة)(33). وكذلك إن صلة الأرحام تطوِّل العمر بينما إن قطيعة الرحم توجب نقصان العمر، فقد وردت روايات كثيرة في هذا الحقل منها: عن أبي جعفر (عليه السلام): (صلة الأرحام تزكّي الأعمال وتنمّي الأموال وتدفع البلوى وتيسّر الحساب وتنسيء في الأجل)(34).

وعـن أبـي عبد الله (عليه السلام) قال: (صلة الأرحام تحسّن الخلق وتسمح الكف وتطيّب النفس وتزيد في الرزق وتنسيء في الأجل)(35).

وعـن أبي جعفر (عليه السلام): (صلة الأرحام تزكّي الأعمال وتدفع البلوى وتنمّي الأمـوال وتنسيء له في عمره وتوسّع في رزقه وتحبّب في أهل بيته فليتق الله وليصل رحمه)(36).

فإن كلاًّ من القول والعلم والنية ـ كما في الأحاديث حيث قال (عليه السلام): (على نياتكـم ترزقون) وغيره ـ إذا كانت حسنة فإنها تؤثر تأثيرا معنوياً في تطهير البيئة وتنظيفها وفي التعمير والبناء سواء أحسّه الإنسان بإحدى الحواس أو لم يحسّها، كمـا لها تأثيراتها بالنسبة إلى الآخرة. ثم أنّ الفعل الحسن أو السيئ أو القول أو النية قد يوجب أثراً بالنسبة إلى الشخص أو الأشخاص كما قال سبحانه: (وليخش الذين لو تركوا مـــن خلفـــهم ذرّيةً ضعافــــاً خافوا عليـــهم فليتّقوا الله وليقولـوا قولاً سديداً)(37)، وقال سبحانه: (ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملِهم من شيء)(38) وقد يوجب أثراً حسناً أو سيئاً بالنسبة إلى شيء آخر أو أشياء أخرى. فكما إنّ الأمر في الماديات كذلك في المعنويات، صغيرها وكبيرهـا، فإن نويرة صغيرة توجب احتراق شيء قليل بينما ما حدث في تشر نوبيل في الاتحاد السوفياتي السابق أوجب مرض وموت الآلاف على ما ذكروه بالإضافة إلى سائر آثاره التخريبية بالنسبة إلى الحيوان والنبات وغير ذلك.

إهلاك الحرث والنسل

مسألة: من أشد المحرمات إهلاك الحرث والنسل. قال سبحانه وتعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحـــياة الدنيا ويشـــهد الله عـــلى مـــا في قلبه وهــــو ألد الخصام وإذا تولّى سعى في الأرض ليـــفسد فيها ويهلـــك الحرث والنسل والله لا يحـب الفساد)(39). وقد ذكر بعض المفسرين في تفسير الآية إنها نزلت في الأخنس بن شريق الذي أقبل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأظهر الإسلام لكنه كان خبيث النفس منحرف الذات منافق العقيدة، فلما خرج من عند النبي مرّ بزرع فأحرقه وحمر فعقرها فذكره الله سبحانه وتعالى ووصفه بأنه من ألدّ المخاصمـين للنبي وللإسلام لما قام به من فساد وإهلاك للحرث والنسل، كما أشرنا إلـى ذلك في بعض التفاسير(40) وقد ذكرنا إنه يفهم من هذه الآية عدم جواز إهـلاك نسل الحيوان مهما كان حيواناً عادياً سواء كان الإهلاك بالأكل أو بالإتـلاف، وهذا ما تعمله الحكومات من الحجر على صيد الحيوانات النادرة الوجود، والمفسد من عادته الإفساد في أَية صورة كانت كفساد فرعون أو قارون أو هامان أو الحجاج أو غيرهم كإدعاء كاذب للألوهية أو البغي في الأرض بغير حق أو إتيان الرجال أو اكتناز المال وعدم إعطائه للمحتاجين والفقراء بالقدر الشرعي.. إلى غير ذلك من صور الفساد والإفساد والتي منها ما ذكره سبحانه: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتَّلـوا أو يصلَّبوا أو تقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض)(41)، كما ذكر الفقهاء في كتاب الحدود.

وفي الحال الحاضر نجد الانحراف نفسـه موجوداً لكن بصورة أعجب وتصحبه مآسٍ وآلام رهيبة أحياناً عديـدة مثـل اتخاذ الحرب الجماعية التي بسببها يقتل الناس بالأسلحة الميكروبيـة والجرثومية والقنابل الذرية والقنابل النيتروجينية وما أشبه ذلك.

وقد رأينا في إيران كيف أنّ صدامـاً قتـل النـاس الآمنين بصواريخه الفتاكة، فأهلك حتى الأطفال الرضع والنساء والكبار سنـاً وأحرق المزارع والمصانع وما أشبه ذلك. وقد دكّ مدينة قم المقدسة بالقنابل، فقتل بها رجل الدين والرجل العادي وكبير السن وصغـير السن وغيرهـم، ولما قيل له إن هؤلاء رجال آمنون وليس في قم ثكنة عسكرية ولا مصنع عسكري ولا أيّ مرفق هام!

أجاب: قم هي بؤرة التخلّف العقلي.

نعم، من الخطوات التي يتبعها الاستعمار لأجل إذلال المسلمين وشق صفوفهم قيامه بحربهم من عدّة جهات: يحارب الإمام الحسين (عليه السلام) وشعائره لأن الإمام الحسين ثورة تتجدد فـي كـل زمان، ويحارب المراجع العظام والحوزات العلمية لأنّ هؤلاء هـم الذين يسببـون يقظة الناس وهدايتهم إلى العقيدة الصحيحة والأخلاق الصحيحة والعمل الصحيح وهم الذين يحضّون الناس ويحذرونهم من الرضوخ للظلم والظالم، ويحارب الاقتصاد والمال حتى يكون الناس فقراء فيكونون لقمة سائغة في يد المستعمرين، ويحارب الحريات حتى لا يكون هناك نور بل يعيـش الناس في ظلام دامس ولا يعرفوا كيف يتصرف عملاء المستعمرين أخـذاً وعطاءً ونهباً وإفساداً، ويحارب العلم لأن العلم نور ويسبب علو شأن النـاس، والمستعمرون لا يريدون رفعة الناس، فقد رأينا مثل ذلك كثيراً في العراق أيام صدام فإنه قطع نخيل العراق التي هي ثاني ثروة في البلاد بعد النفط وتقـدر الأشجار التي قطعها (29 مليوناً) من أصل (32 مليون) فلم يبق إلاّ (3 ملايين). فتراجع العراق من المرتبة الأولى في تصدير التمر إلى المرتبة السادسة، هذا وقد ورد في توحيد المفضَّل خلق الله الإنسان وخلق الأرض لسكنـاه، كمـا ورد في القرآن: (ألم نجعل الأرض مهاداً)(42)، (أحياءً وأمواتاً)(43) وجعلهـا مناسبة وملائمة لحياته بمختلف شعبها وأبعادها فأنبت له الشجر والزرع وأجـرى له الأنهار وسخر له الليل والنهار والشمس والقمر وزوده بنعمة العقل وجعل الطبيعة في خدمته وجعل له جميع حوائجه في حال صحته وحال مرضـه فـي مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه ومنكحه ومركبه، فقد قـال سبحانه: (لم نجعل الأرض مهاداً والجبال أوتاداً وخلقناكم أزواجـاً وجعلنا نومكم سباتاً جعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً وبنينا فوقكم سبعًا شداداً وجعلنا سراجاً وهّاجاً أنزلنا من المعصرات ماءً ثجاجاً لنخرج به حبّاً ونباتاً وجنات ألفافاً(44)، وقال في آية أخرى: (لقد جعلنا في السماء بروجاً وزيّناها للناظرين وحفظناها مـن كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع فاتبعه شهاب مبين والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها مـن كل شـيء موزون وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين وإن من شيء إلاّ عندنا خزائنه وما ننـزله إلاّ بقدر معلوم وأرسلنا الرياح لواقـح فأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين وإنا لنحن نحيي ونميت ونحـن الوارثون)(45)، ومن الواضح إن خزائن الأرض هي التي تولدها الماء والهـواء والأرض والنور والحرارة، ولذا كان عند الله سبحانه وتعالى خزائن كـل شيء، ولكنه لا ينـزله إلاّ بقدر معلوم يناسب البشر زيادة ونقيصة مـع سائر الملاحظات المذكورة في هذا الباب فالكون بمجموعه بيئة كبرى خلقها الله سبحانه وتعالى في حالة توازن واتزان، اتزان فـي الحركة والسكـون واتزان في الحرارة والبرودة واتزان في الجاذبية والقوة الطاردة، واتزان فـي ما فوق الهواء المحيط بالأرض واتزان في المجالات الكهربائية والمجالات المغناطيسيـة والمجـالات الأخرى في الحركة والسكون، ولذا قال سبحانه: (له ما سكن في الليل والنهار)(46)، وقال سبحانه: (م تر إلى ربك كيف مدّ الظل ولو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً ثم قبضناه إلينا قبضاً يسيراً)(47).

واتزان بين الماء والتراب واتزان حركة الموت والحياة وكل شيء وشيء.

وعلى أيّ حال فقبل ملوثات الصناعة الحديثـة كان الهواء والماء وكل شيء نقياً خالياً من التلوث والفساد، لكن امتدت يد الإنسان إلى مياه الأنهار والبحار والبحيرات والمحيطات والمياه الجوفيـة فراح يلوِّثها بما يلقيه فيها من مخلَّفات. وهناك بعض الأنهـار والبحـار التي فسدت تماماً ولم تعد صالحة للاستعمال شرباً أو صناعة أو ما أشبـه ذلك، ولا يقتصر خطر تلوث المياه على ذلك فحسب بل إنها تمتد لتكون سببـاً فـي إبادة الأسماك والحيوانات والأحياء البحرية بل والطيور وما أشبه ذلك مما تعيش على حيوانات البحر. بل شمل أيضاً فسـاد الغابات حيث قام الإنسان الصناعي الذي لا يراعي الله واليوم الآخر بتعرية الأرض مـن غاباتهـا الكـبرى. وقد ذكروا إنّ الحزام الاستوائي الأخضر الذي كان يمتد عبر القارات بمساحة تبلغ ستة عشر مليون كيلو متراً مربعاً تراجعت الآن إلى ثمانية ملايين كيلومتراً مربعاً فقط، وأخذ أيضاً هذا في التناقص مما أدى إلى جرف التربة وتصحرها بحيث أصبحت غير صالحة للزراعة بتاتاً. والغابات الاستوائية التي كانـت تعتبر بمثابة رئة العالم تعرَّضت للاستنزاف والتدمير من وجهة النظر البيئية والاقتصادية. وفي بعض التقريرات إن (14% ) من الغابات الاستوائية ستختفـي في نهاية هذا القرن نتيجة لزيادة معدل الاستنـزاف، أما إذا أضيف إلـى ذلك التغيرات المناخية والحرائق التي لا تفتأ تفتك بمساحـــات واسعة مـن الــغابات فتبيــدها عن بكـــرة أبيها، فيــــمكن أن تصل النســـبة إلى النصف ومـــا معدله تصحر أكــــثر من (20 مليون) هكتار سنوياً. وكـل ذلك سبب لانقراض (25 ألف) نوع من النبات و(1000) نوع من الحيوانات في غضون العشرة الأعوام القادمة أو أقل من ذلك، كما يحدِّثنا بذلك الخبراء.

الصيد غير المنظم

وإذا كان تلوث البيئة سبباً رئيسياً من أسباب إهلاك الحرث والنسل، فإن الصيد غير المنظَّم للحيوانـات البحرية والطيور والغزلان سبب آخر من أسباب إبادة أنواع شتى مـن النسـل، وقد تعرَّضت حيوانات كثيرة لخطر الانقراض بسبب عمليات الصيـد غـير المسؤول مثل حيوان وحيد القرن والضباع والغزلان وبعض الحيتان وبعض الفراشات والعصافير والطيور.

وقد أسهم التلوث بالمبيدات الحشرية في زيادة المشكلة وفي القضاء على عدد كبير من المخلوقات. ويتفنن الإنسان غير المؤمن بالله واليوم الآخر إيماناً كاملاً في طرق الصيد الجائر من استخـدام البنادق الأوتوماتيكية إلى الحراب المسمّمة والمفرقعات والسموم خاصة فـي صيـد الأسماك والأحياء البحرية الأخرى حيث يلجأ بعض هؤلاء إلى استخدام هـذه المواد نظراً لوفرة محصول الصيد الناتج عن استعمال هذه المواد. ولجأ بعـض الصيادين إلى استعمال المفرقعات في صيد الأسماك وينتج عن التفجير موجة تتخلل في مركز الانفجار، ثم موجة ضغط حول المركز وتستمر الموجة الأخيرة في انتقالها إلى مدى كبير، ويؤدي التخلخل والضغط الناتجين عن تلف الجهاز العصبي للأسماك بمختلف أنواعها وعدم قدرة هذه الأحياء البحرية في السيطرة على مثاناتها الهوائية التي تحافظ على توازنها في الماء فيؤدي إلى اضطراب حركتها وطفوها فوق سطح الماء أو غوصها إلى القاع وموتها، وقد شاهدت في مدينة سامراء قبل ثلاثة عقود من الزمن استعمال المواد السامة في نهر دجلـة فكانت الأسماك الكبيرة تطفو على الماء وهي في حالة شبه إغماء فيصيدهـا الصيادون، ويلاحظ بعد التفجير وجود كميات كبيرة من الأسماك مختلفة الأحجـام تطفو على سطح الماء وهي تقوم بحركات عشوائية وقد فقدت السيطرة تمامـاً على توازنها مما يسهل صيدها.

كما إنّ استعمـال السمـوم يؤدي إلـى استهلاك كمية كبيرة من الأوكسجين الذائب فـي الماء أثناء عملية الانفجار ويؤدي ذلك إلى نقص في كمية هذا العنصر الحيوي مما يسبب اختناق الكائنات البحرية.

كما إنّ التفجير يسبّـب ارتفاع درجة حرارة المياه بالإضافة إلى إن موجات الضغط التي تتجه صـوب قاع البحر بعد عملية التفجير تؤدي إلى تقليب الرواسب الموجودة في القـاع، وهذه الرواسب تحتوي على المعادن الثقيلة كالرصاص، وعندئذ تزداد نسبـة هذه المعادن السامة في الماء وبالتالي يزداد تأثيرها الضارّ على الكائنات البحرية، وهي لا تشمل الأسماك وحدها بل تشمل أيضاً بيوضها والأحياء البحرية الأخرى، وهذا ما يؤدي إلى تناقص أعدادها ويعرِّضها للاندثار والانقراض. والطيور التي تأكل أمثال هذه الأسماك الصغيرة أو غير الصغيرة أيضاً تصـاب بالأمراض المختلفة، والتي تنتقل إلى الإنسان بالنتيجة، وقد أشرنا سابقـاً إلى مخاطر المواد المبيدة مثل انتشار مادة (دي دي تي) وغيرها من المبيدات المؤلفـة مـن مواد الكلور العضوية التي تسبب تناقصاً غريباً في أقسام من الطيور الغواصـة، وأصنـاف عديدة من الطيور اللاقطة وطيور البحر وعدد كبير من أصناف الأسماك، فإن المحيطات هي المستودع النهائي الذي تتراكم فيه مادة (دي دي تي) أو مخلفاتها، وقد انتهى إلى هذه المحيطات ما يقرب من (25% ) من كل المبيدات التي أنتجت حتى هذا اليوم، فإنّ كمية هذه المادة في الأحياء المائية أقل بقليل من الناتج الكلّي.

وقـد أثرت هذه المادة في البيئة المائية، وبذلك تناقص أعداد السمك اللازم للغذاء، وتزايد تراكيب (دي دي تي) في لحمه مما يجعله غير مناسب للاستهلاك الإنساني ولابد وأن يتسارع إذا استمرت عملية رمي هذه المادة في البيئة. وحسب بعض الإحصاءات هناك ما يقارب من نصف مليون مركب صناعي فـي الاستخدام. وفي الوقت نفسه لا يمكن للإنسان التنبؤ بخواص معظم هـذه المركبات وتأثيراتها متى أطلقت إلى البيئة. وهي تهدد بقاء ما لا يقل عـن (180 نوعاً) من الحيوانات الولودة و(350 نوعاً) من أصناف الطيور و(20 ألف) نوعاً من أنماط النباتات، علماً أن هناك من يتأسّف على هذه النتيجة ولكنه يقول إن حياة الإنسان أهم من بقاء الصقر أو الأزهار أو النباتات الأخرى أو الأسماك. نعم إن حياة الإنسان أهم لكن اللازم أن يُذكَّروا أنّ بقاء الإنسان يعتمد على هذه الشبكة المرتبطة بالكائنات الحية ومقاومتها للفناء والتي يلعب فيها بقاء الصقور والأزهار والحيتان وما أشبه ذلك دوراً هاماً، فإنه ليس تدمير البيئة بالكامل هو الذي يجلب الكارثة للإنسان فحسب، بل إن استمـرار الإنسان على الوتيرة الحالية من قطع النباتات واستصلاح المستنقعات وطرح كميـات كبيرة من المبيدات والنظائر المشعّة والبلاستيك والفضلات البشرية والمخلَّفات الصناعية في الهواء والماء والتربة من أجل جعلها غير ملائمة للأصناف الحياتيـة التي تؤثر على استقرار هذه البيئة وبقائها، هو الآخر يدمر البيئة ويسبب الكارثة لكن بالتدريج.

إن دور الإنسان الصناعي الذي لا يلتزم بتعاليم السماء كحيوان هائج في دكان لبيع الخزف مع فارق واحد هو أن الثور إذا امتلك نصف المعلومات عن خصائص الخزف التي نمتلكها نحن عن النظام البيئي سيحاول تعديل تصرّفه بالنسبة إلى البيئة بدل أن يطلب العكس.

وعلى النقيض من ذلك إنّا نرى إنّ الرجل الصناعي اليوم مصمِّم على أن يكيّف الخزف الصيني المحيط به معـه. ولذلك فقد وضع نصب عينيه أنّ يحطم هذا النوع من الخزف ويدمِّره إلى قطع متناثرة في أقصر وقت.

وقد ذكر الأخصائيون أنه سـوف تنضب الاحتياطيات الحالية لغالبية المعادن خلال ال‍(50 عاماً) القادمة إذا بقي معدل الاستهلاك كما هو عليه الآن، ومن الواضح أنّ هناك اكتشافات جديدة وتطورات في عمليات التعليم لكن هـذا التطـور سيعطينـا فترة زمنيـة محدودة فقط ولن تساعدنا المواد الاصطناعية أو البديلة حيث إنها ستصنع من مواد هي في الأصل عرضة أيضاً للنضوب، بينمـا لن يحلّ المشكلة توفر الطاقة. وقد ذكرنا في السابق علاج أمثال هذه الأمور، وإذا لم تحل فستكون الكارثة والعياذ بالله.

ثم لا يخفى إنّ تلوث الغلاف الجوي مشكلة كبرى تواجه جميع دول العالم بشراً ونباتات وحيوانـات إذ تنبعث في الهواء مواد كيماوية عديدة من مصادر طبيعية من صنع الإنسـان وتشمـل الإنبعاثات من المصادر الطبيعية والمصادر الحية وغير الحيـة مثـل نباتـات تحلل الإشعاع وحرائق الأحراج والانفجـارات البركانيـة والإنبعاثـات مـن الأرض والمياه، وتؤدي هذه الإنبعاثات إلـى تركيـز طبيعي يختلف تبعاً للمصدر المحلي للانبعاث وأحوال الطقس السائدة، فقد تسبب الإنسان في تلوث الهواء من قديم الزمان بسبب استخدام النار، إلاّ أنه ازداد بسرعـة منذ بداية عصر التصنيع وخصوصاً في النصف الثاني من هذا القرن.

وكشفت البحـوث طوال العقدين الكاملين أنه بالإضافة إلى ملوثات الهواء الشائعة كأكسيد الكبريت والنتروجين والمواد الدقيقة والهيدروكربونات وأول أكسيد الكربون تنبعث من الغلاف الجوي مركبات عضوية متطائرة. وبالرغم من معرفتنا بطبيعـة الملوثات للهواء وكميتها وسلوكها وآثارها فقد ازداد استعمالها كثيراً في السنوات الأخيرة بسبب تدخل السياسة والاقتصاد في هذا الأمر.

ففـي سنـة 1411هـ (1991م) أطلـق فـي الهواء حسب بعض الإحصاءات (99 مليون) طن من أكاسيد الكبريت و(68 مليون) طن من أكاسيد النتروجين و(57 مليون) طن من المواد الدقيقة العالقة و(72 مليون) طن من أول أكسيد الكربون من مصادر ثابتة ومتنقلة، وتساهم بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بنسبة (40%) مـن أكاسيد الكبريت ونحو (52%) من أكاسيد النتروجين و(71% ) مـن أول أكسيد الكربون و(23%) من المواد الدقيقة العالقة المنبعثة فـي الغلاف الجوي ويساهم باقي العالم في النسبة الباقية.

وتوضح البيانات أنه بالرغـم مـن وصـول حجم انبعاثات أكاسيد الكبريت إلـى ذورتهـا الـتي قاربت (115 مليون) طن في سنة 1390هـ (1970م) إلاّ أنها انخفضت إلـى (99 مليون) طن فـي سنة 1410هـ (1990م) نتيجة الانخفاض الملحوظ في انبعاثات أكاسيد الكبريت في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. وبالمقابل فقد ارتفعت انبعاثات أكاسيد الكبريت في بقية العالم من (48 مليون) طن إلى (59 مليون) طن خلال الفترة نفسها.

وقـد خلص تقييم النظام العالمي للرصد البيئي إلى أن (900 مليون) شخص تقريباً. يعيشون فـي مناطـق حضارية في العالم يتعرضون الآن إلى مستويات غير صحية من ثاني أكسيد الكبريت، وإن مـا يزيـد عن مليار شخص يتعرَّضون لمستويات مفرطة من العوالق.

 

1 ـ وفق إحصاء أجراه السيّد محمّد الصدر رئيس الوزراء في العهد الملكي سنة 1367هـ (1948م).

2 ـ سورة الروم: الآية 41.

3 ـ سورة الحشر: الآية 19.

4 ـ من لا يحضره الفقيه: ج4 ص363 ح5762 ب2، بحار الأنوار: ج73 ص87 ح51 ب122 وج 87 ص137 ح4 ب6، وفي ج38 ص99 ح18 ب61، (إن الله عز وجل أوحى إلى الدنيا أن اتعبي من خدمك واخدمي من رفضك).

5 ـ سورة الروم: الآية 41.

6 ـ سورة الروم: الآية 41.

7 ـ سورة الأنبياء: الآية 32.

8 ـ فإن هذا السقف يجعلها كغازات كما نشاهد ذلك في أطراف الأفق أحياناً خصوصاً عند غروب الشمس. والنيازك هي أحجار أو كتل حديدية من النجوم تسقط من السماء وتصل سرعة بعض النيازك إلى 50 ميل في الثانية ثم ما تلبث مقاومة الهواء أن تقّلل من سرعتها، ويعتمد مدى ما تحدثه من ضرر على كمّية الطاقة الحركية المحتواة بداخلها. وأكبر نيزك حجري سقط عام 1948م وكان وزنه طن واحد. فعندما ينفجر النجم تظهر كتلة متّقدة في السماء، وهذا الذي نراه هو هواء مضغوط في الأمام زادت حرارته بفعل الاحتكاك مع حركة الصخرة، ويمكن أن يكون حجمه أكبر كثيراً من حجم الصخرة نفسها، وينصهر سطح الصخرة، ويتطاير الشرر من الذيل، وتظلّ ذيول الدخّان زمناً طويلاً بعد سقوط الصخرة. ثمّ إنّ الصخرة قد تنفسخ وتسقط وتحدث موجة صدمة، لها قعقعة وأصداء مثل صوت مدافع ترعد في معركة. راجع نهاية الكوارث الكونية وأثرها في مسار الكون: ص26 للمؤلّف مرانك كلور. هذا ويفرّق النيزك عن الشهاب إنّ الثانية عبارة عن قطع من الغبار ناجمة عن مذنّبات ماتت في الفضاء.

9 ـ يتألّف الغلاف الحوّي من ثلاث طبقات: الطبقة الأولى: وتسمّى التروبوسفير أو الطبقة السفلى وهي قريبة من سطح الأرض ويبلغ سمكها 12 ـ 15 كيلومتر فوق سطح الأرض، وهذه الطبقة لها صلة بحياة الإنسان وفيها تحدث تفاعلات الطقس والمناخ.

الطبقة الثانية: وتسمّى الاستراتوسفير أو الطبقة العليا وتمتد من 20 ـ 40 كيلومتر فوق سطح الأرض، وتوجد في هذه الطبقة نسبة من غاز الأوزون تقدّر بـ ‍(10) أجزاء في المليون، والذي يعتبر مصفات لمعظم الإشعاعات الشمسيّة الضارّة.

الطبقة الثالثة: وتسمّى التربوبور وهي تقع بين الطبقتين السابقتين. هذا وهناك تقسيم أكثر دقّة من هذا التقسيم، وهو ما تطرق إليه علماء الإرصاد حسب تغيير الحرارة ومستوى الارتفاع، وهي خمس طبقات أساسية بالإضافة إلى أربع طبقات فاصلة. والطبقات الأساسية هي: 1ـ تروبوسفير أو الطبقة السفلى وتبلغ حتّى ارتفاع وسطي قدره 11كم. 2ـ ستراتوسفير أو الطبقة العليا وتبلغ من 11 كم ـ 51 كم. 3ـ ميزوسفير وتبلغ من 51كم ـ 86 كم. 4ـ تيرموسفير وتبلغ من 86 كم ـ 800 كم. 5ـ اكزوسفير أو الفراغ الكوني وتبلغ من 800 كم ومافوق.

والطبقات الفاصلة عبارة عن: 1ـ تروبوبوز 2ـ ستراتوبوز 3ـ تيرموبوز 4ـ ميزوبوز. وهذه الطبقات تكون فاصلة بين الطبقات الأساسية وفق الترتيب.

10 ـ غاز الأوزون أزرق اللون وباهت وله رائحة مميّزة وحادّة، ورمزه O3وينتج طبيعياً عن طريق التفريغ الكهربائي، أو اصطناعي عن طريق الأجهزة الكهربائية العالية الفولتية وعن طريق التفاعلات الكيماوية لضوء الشمس مع التلوّث، ويتكون الأوزون من اتحاد ذرات الأوكسجين مع جزيئات الأوكسجين أي عندما يصطدم الإشعاع فوق البنفسجي المنبعث من الشمس مع جزيئات الأوكسجين في أعلى الغلاف الجوي، حيث يقوم فوتون ضوئي بشطر جزئي الأوكسجين إلى ذرتي أوكسجين عاليتي النشاط تقوم كل واحدة منهما بشكل سريع بالاتحاد مع جزيء آخر الأوكسجين لتشكل الأوزون O3، ويقوم هذا الغاز بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية ويتحلل إلى O2 وO ومن ثم تعود O لتشكل من جديد O3 مع جزيء أوكسجين آخر، وهكذا دواليك إلى أن تصطدم ذرتان حرتان من الأوكسجين مصادفة لتشكل O2. ومعيار الأوزون هو 12% جزء من الغاز في كلّ مليون جزء من الهواء كحدّ أدنى للتعرّض، فلا يجوز تجاوزه.

11 ـ سورة الحجر: الآية 19.

12 ـ ففي بداية الربيع القطبـــي من كلّ عام يهبط الأوزون وقد وصل إلى 50% بين أعوام 1979 ـ 1985م وفي عام 1989م أصبح ثقب الأوزون يغطي حوالي 19 مليون كيلو متر مربع أي ما يعادل 7.5% من مساحة نصف الكرة الجنوبية، وإن الثقب الأوزوني ينتج عن زيادة ذرّات الكلور في طبقة الاستراتوسفير، وإنّ ذرّات الكلور تنتج عن تحلّل جزئيّات الكلوروفلوروكربون الناتجة عن الأنشطة الصناعية والتي تستخدم في تصنيع رقائق الكمبيوتر وفي صناعة الرغوة في الكرتونات البلاستيكيّة وفي تجهيزات التبريد وتكييف الهواء وفي علب الرش بالايروسول. وتتحطم هذه الذرات تحت تأثير أشعة الشمس فوق البنفسجية وتحرر ذرات الكلور الحر ثم تتحد مع الأوزون وذرات الأوكسجين المنفردة ويتكون من هذا الاتحاد تحول الأوزون إلى جزيئات أوكسجين وتتحرر ذرات الكلور ثانية لتكرر هذا الاتحاد من جديد. وبناءً على هذا فإن ذرة الكلور الواحدة يمكن أن تحطم مئات الآلاف من جزيئات الأوزون.

13 ـ فعند ملامسة أكاسيد النيتروجين لطبقة الأوزون يحدث بينهما تفاعل كيماوي يؤدّي إلى تفكّك جزئيات الأوزون وتتحوّل إلى جزئيات الأوكسجين.

14 ـ كما إنّ إطلاق غازات الكلوروفلوروكربونية (ك ف ك)(CFC) تستنـزف الدرع الأوزوني بنسبة 10ـ 16% وأنه إذا استنـزف 1% من الأوزون في طبقة الستراتوسفير، فإنّ نسبة سرطان الجلد تزداد بنسبة 2%. وتقدّر كمّية مركّبات الكلوروفلوروكربون التي تنطلق إلى الجوّ كلّ عام بما يزيد على مليون طن، وتتركّز هذه المركبات في ارتفاع 18 كيلومتر من سطح الأرض عند خطّ الاستواء وعلى ارتفاع 7 كيلومتر فوق المناطق القطبية. وإنّ متوسّط عمر الكلوروفلوروكربونية 11 هو 75 عام ومتوسّط عمر الكلوروفلوروكربونية 12 هو 110 ـ 140 عام. علماً إن هذا الغاز عندما ينتقل إلى الغلاف الجوي يهاجمها الاشعاع الشمسي محرراً عنصر الكلور منها مما يؤدي إلى زوال طبقة الأوزون، وإنّ أمريكا تنتج أكثر من نصف ما ينتجه العالم من مواد الكلوروفلوروكربون، وقد دعت بعض الدول إلى إيقاف صناعة مركّبات الكلوروفلوروكربونية وإحلال مواد أخرى بدلها، كما دعت إلى تدوير الغاز الموجود في الأجهزة القديمة وفق مراقبة دقيقة.

15 ـ ككتراكت العيون والمياه البيضاء.

16 ـ كالتأثير على الثروة السمكية، فإنّ الأشعة فوق البنفسجية تقلّل من الطحالب والنباتات والحيوانات ذات الخلية الواحدة ـ المعروفة باسم البلانكتون ـ والكائنات الدقيقة الهائمة على سطح المياه والتي تتغذّى عليها الأسماك.

17 ـ حيث يتلف الحمض النووي ـ دي أن أَيْ ـ الموجود في نواة الخلية والمسؤول عن نقل الصفات الوراثية.

18 ـ وكذا يتلف الخلايا التي تحت البشرة الخارجية للجلد.

19 ـ ومن هذه النباتات الفاصوليا والبزاليا والقرع والبطيخ.

20 ـ وينعكس هذا التضرّر على نوعية البذور وعلى نمو النبات وزيادة استعداده للتأثّر بالأعشاب الضارّة وعلى الإصابة بالأمراض والآفات.

21 ـ ومن تلك المؤتمرات، مؤتمر اللجنة الدولية للأوزون والذي عقد عام 1980م في أمريكا. ومؤتمر فينا والذي عقد عام 1985م. ومؤتمر مونتريال والذي عقد عام 1987م لتحديد الالتزامات الدولية لمنع الاستخدامات الصناعيّة. ومؤتمر عام 1994م والذي اعتبر فيه يوم 16 أيلول من عام 1995م يوم مؤتمر عالمي لحماية طبقة الأوزون.

22 ـ سورة الحشر: الآية 19.

23 ـ سورة المائدة: الآية 13.

24 ـ سورة الأعراف: الآية 56.

25 ـ سورة البقرة: الآية 11 ـ 12.

26 ـ سورة الأعراف: الآية 85.

27 ـ سورة النحل: الآية 112.

28 ـ سورة الحجر: الآية 19.

29 ـ سورة الأنعـام: الآية 65. وهناك حــلول أخرى ينبغي مراعاتها منها:

أولاً: ـ التوفيق بين الاقتصاد والبــيئة، فيلزم إعادة حساب إجمال الناتج على أساس بيئي، لأنّ إجمال الناتج في الوقــت الحاضر يتكوّن من حسابات الدخل والحسابات الرأسمالية التي تتبع التغــيّرات في الثروة، وعندما تصبح المعامل قديمة يخصم مبلغ ما من الحسابات الرأســمالية ليظهر استهلاكها مقدّراً بقيمته، ولكن لا يتم إجراء خصم مماثــل نظير تدهور الغابات ونوعية الهواء والهباب الطبيعية الأخرى وتناقص الثروة الطبيعية وتدهور نوعية المياه وانخفاض حصيلة الصيد السمكي والانخفاض النوعي لأهمية الاستجمام والراحة وما أشبه ذلك.

ثانياً: ـ منح الشعوب ـ مؤسّسات ومراكز للدراسات ومنظمات بيئية ـ قدرة على التفكير وإيجاد الحلول للمشاكل.

ثالثاً: ـ تنشيط وسائل الإعلام والوكالات الدولية لاستعادة السيطرة على البيئة، وتنشيط وسائل الإعلام لممارسة دورها في تثقيف الناس بيئياً عبر تحليل الأخطار والتأثير عليهم لأن يهتموا بصحّتهم وبيئتهم.

رابعاً: ـ وضع جدول زمني لخفض انبعاثات الغازات السامّة وضبط الأفلاتوكسينات وتلويثها للمواد الخام التي تصنع منها الأطعمة.

خامساً: ـ التوفيق بين الإيكولوجيا والاقتصاد، فمثلاً يلزم التركيز على حثّ المصانع على تخفيض إنتاجهم للمواد الملوّثة أكثر من التفكير في معالجة النفايات. وبعبارة أخرى التشديد على ما هو إيجابي أكثر من التركيز على التخلّص ممّا هو سلبي.

سادساً: ـ تقليل الاعتماد على التكنولوجيا في الأمد البعيد والعودة إلى الآلية الطبيعية البيئية.

سابعاً: ـ توجيه الصناعات لحماية البيئة، مثلاً خفض صناعات أجهزة التكييف والثلاّجات التي تؤثّر على طبقة الأوزون.

ثامناً: ـ إيجاد صندوق دولي يهتم بالمعالجات البيئية خاصّة البلاد التي لا تستطيع معالجة وضعها البيئي بمفردها.

تاسعاً: ـ تعديل أولويات الإقراض للبنك الدولي وكذا برامج المعونات على أساس التنمية وحفظ البيئة دون الحسابات السياسية والأسواق التجارية، فإنّ الإقراض في الوقت الحاضر لا ينفق في الموارد التي تقلّل من الفقر والتدهور البيئي بل إنّ البنك الدولي يقرض من أجل المشروعات الكثيفة الاستخدام لرأس المال مثل إنشاء الطرق والسدود ومشروعات الري التي تجعلها شريكة في تلويث الأنهار وحرق الغابات المطرية والتعدين من المناجم السطحية بنـزع طبقة الراسب السطحي في مساحات شاسعة، وغالباً ما يكون في بلاد لا يمكنها رصد التلف. هذا وإنّ الدول النامية تحتاج إلى 125 مليار دولار سنوياً لتمويل مشاريع حماية البيئة. ويجب تعديل منح المعونات والهبات، فإنّ ثلثي المعونات تصرف بشراء السلع والحصول على الخدمات، وهذا في جوهره شكلٌ من أشكال ترويج التصدير.

عاشراً: ـ تخفيض الديون على العالم الثالث وفوائدها على أساس يسمح باستئناف التنمية البيئية الصحيحة، وهذا يقتضي تخفيض الديون إلى 60% وعلى مدى عدّة سنين، ويدخل في تخفيض الديون مقايضات الدين من أجل الطبيعة.

الحادي عشر: ـ فرض معوّقات على الأنشطة التي تلوّث النظم الطبيعية أو تستنـزفها أو تعمل على تدهورها، وتدخل في المعوّقات اللوائح التنظيمية وتدابير الحماية.

الثاني عشر: ـ استخدام الحوافز الاقتصادية للتشجيع على الاستثمار في صون الطاقة وكفاءتها بدلاً من الدعم المالي لاستخدامها.

الثالث عشر: ـ تعديل نظام الجات بما يتناسب والمعايير البيئية.

الرابع عشر: ـ وضع استراتيجيات تمنع التوسّع على حساب البيئة، وهذا يحول دون تنفيذ مشروعات تدمير الغابات أو زيادة بث الكربون في الجو. مثلاً لو تقدّمت شركة في بناء معمل ما في قطعة أرضٍ زراعية فتشجع على تشجير مساحة مساوية لما تطلبه في مكانٍ آخر، هذا إذا لم يمكن بناء المعمل في منطقة صحراوية.

الخامس عشر: ـ إلغاء الحوافز التي تحرّض على تدمير البيئة والابتعاد عن السياسات الخاطئة التي تمارسها بعض الدول من:

أ ـ دعم الملوّثات كالمبيدات بأنواعها عبر الإعفاء من الضرائب أو البيع بأسعار أقل من التكلفة، واستخدام المعالجة المتكاملة للآفات التي تستخدم فيها الأعداء الطبيعية للآفات وأنماط زراعية مختلفة وأصناف محصولية مقاومة للآفات.

ب ـ تحويل الغابات إلى مراعي ومحاصيل تسويقية قصيرة الأجل، فالبرازيل مثلاً: تفقد سنوياً قرابة المليار دولار بسبب هذه السياسات الخاطئة وكذا إندونيسيا والفليبين. وإنّ تناقص غابات الأمازون البرازيلية نابع من السياسة الخاطئة للحكومة من بناء مدن في هذه الغابات وتمليك أراضيها وإنشاء الطرق فيها.

السادس عشر: ـ إقرار غرامات مالية على الملوّثات وفق خطّة تدريجية. وهناك أكثر من خمسين رسم ضريبي بيئي مفروض في أربعة عشر دولة من أعضاء منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتشمل هذه الضرائب تلوّث الهواء والماء والنفايات والضوضاء والأسمدة والبطّاريات وما أشبه.

30 ـ ذكرت الإحصاءات إنّ الألغام المزروعة في العالم قرابة 50 مليون وأغلبها مزروعة في منطقة الخليج وفي شمال العراق، وقد ذهب ضحية هذه الألغام في شمال العراق (7883) بينهم (2061) طفل.

31 ـ عام 1980م.

32 ـ سورة الأعراف: الآية 96.

33 ـ الكافي (أصول): ج2 ص374 ح2.

34 ـ الكافي (أصول): ج2 ص150 ح4.

35 ـ الكافي (أصول): ج2 ص151 ح6، ص152 ح12.

36 ـ الكافي (أصول): ج2 ص152 ح13.

37 ـ سورة النساء: الآية 9.

38 ـ سورة الطور: الآية 21.

39 ـ سورة البقرة: الآيات 204 ـ 205.

40 ـ أنظر تقريب القرآن إلى الأذهان للإمام المؤلف (دام ظله).

41 ـ سورة المائدة: الآية 33.

42 ـ سورة النبأ: الآية 6.

43 ـ سورة المرسلات: الآية 26.

44 ـ سورة النبأ: الآيات 6 ـ 16.

45 ـ سورة الحجر: الآيات 16 ـ 23.

46 ـ سورة الأنعام: الآية 13.

47 ـ سورة الفرقان: الآيات 45 ـ 46.