نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(فقلت له اعيذك بالله يأبتاه من الصعف) (7)

الدعاء للمريض

مسألة: يستحب الدعاء للمريض[1]، حيث قالت (سلام الله عليها): (أعيذك بالله ياأبتاه) ولذلك كان دعاؤها[2] واستحبابه قد ورد في جملة من الروايات، سواء كان بحضرته أم غائباً، وسواء بهذه اللفظة الواردة في هذا الخبر أم بلفظ آخر، وسواء كان المرض مؤلماً أم لا. وهل من ذلك المرض القلبي؟ قال سبحانه: ((فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً))[3]؟ الظاهر ذلك[4]، ولذا كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون)[5]. و (لا يعلمون) يراد به على طبق الواقع عملاً[6]، وإن كانوا علموا، كما قال سبحانه: ((وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ))[7].

وهل يجوز الدعاء للمريض المؤذي للمسلمين كفراً أو نفاقاً أو ظلماً؟.

لا إشكال في جوازه في الهداية وكف الظلم. والكلام في جواز الدعاء له بالعمر الطويل والمال الكثير والعافية البدنية.

الظاهر العدم، لأنه بملاك الدعاء على المؤمن، وفي قول الصادق (عليه السلام) لإبراهيم الجمّال دلالة عليه.

ثم لا يخفى إن الأمور كلها بيد الله سبحانه، قال تعالى: ((وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ))[8] وإذا كان كذلك فما شأن الدواء؟ وإذا كان بالدواء فما شأن الدعاء؟.

والجواب: إن الأمور كلها بيده سبحانه، لكنه جعل الدنيا دار أسباب وأمر بالأخذ بها، فالدواء لما بأيدينا، والدعاء لما ليس بأيدينا، ولذا قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (اعقلها وتوكل)[9] وفي حديث: أنه تعالى قال لموسى (عليه السلام): (أتريد أن تبطل حكمتي في الأشياء)؟

الاستعاذة بالله تعالى

مسألة: يستحب الاستعاذة بالله سبحانه، حتى من مثل الضعف فكيف بالمرض.

أما الإستحباب فلأنه دعاء فيظهر منه ذلك، والضعف يسبب تأخر الإنسان عن حوائجه الدينية والدنيوية، ولا نعلم هل كان ضعف حوائجه الدينية والدنيوية؟ ولا نعلم هل كان ضعف جوع أو ضعف تعب، أو ضعف مشكلة أثرت على الجسد، إذ النفس إذا وقعت في المشكلة أثرت على الجسد أيضاً، إذ كل منهما يؤثر في الآخر صحةً وسقماً، ونشاطاً وخمولاً وقوة وضعفاً، ولذا ورد في الدعاء: (قوّ على خدمتك جوارحي واشدد على العزيمة جوانحي)[10] وكذلك في أدعية أخرى، وفي القرآن الحكيم: ((لا قوة إلاّ بالله))[11] إلى غير ذلك.

رفع الضعف الجسمي والنفسي

مسألة: ومنه يعلم إنه ينبغي أن لا يقوم الإنسان بما يسبب ضعف جسده، وإنه إذا ضعف استحب له رفعه.

وكذلك حال ضعف النفس وقوتها، فإن الشجاعة ممدوحة كما ورد في الحديث: (ان الله... يحب الشجاعة ولو على قتل حية)[12]. وكما أن الجسد يتقوى بالرياضة والمقويات وما أشبه، كذلك النفس تتقوى بالرياضة النفسية وهي ترويض النفس على القيام بما تكره، وكذلك تركيز الفكر في شيء خاص في أوقات كثيرة، فإن النفس حينئذ تكون كمثل المجهر، حيث إن مقدار كف منه تحت أشعة الشمس يحرق، بينما مقدار ألف فرسخ من أشعة الشمس ـ متشتتة ومتوزعة ـ لا يحرق. ثم إن التضعيف الموجب لعدم التمكن من القيام بالواجبات محرّم، لأنه مقدمة له فيجب رفعة.

وذلك فيما إذا علمنا من الشارع، إنه أراد ذلك الواجب ـ وكان شرطه شرط الوجود لا الوجوب ـ كما في ماء الغسل والوضوء، ولهذا فإن الفاقد للماء يجب عليه أن يمشي غلوة سهم أو سهمين، على تفصيل مذكور في الفقه، وأما إذا لم يعلم من الشارع ذلك لم يجب، كما إذا كان مريضاً قبل شهر رمضان وتمكن ـ قبل حلوله ـ من علاج نفسه بحيث يتمكن من الصوم مع حلول الشهر المبارك، فإنه لا دليل على وجوب العلاج حينئذ.

[1] راجع (الفقه: الآداب والسنن).

[2] العديد من كلماتها (عليها السلام)ـ ومنها هذه الكلمة ـ تصلح أن تكون مؤيداً أو دليلاً على الحكم في مرحلة الإثبات، كما تصلح أن تكون معلولاً لوجود الحكم في مرحلة الثبوت، وههنا (حيث) إشارة للقول و(لذلك) إشارة للثاني فليدقق.

[3] البقرة: 10.

[4] سيأتي تقييده بالدعاء بالهداية وشبهها.

[5] بحار الأنوار: 20/21 ب 11 غزوة أحد.

[6] قد يكون المراد (العلم المؤدي للعمل والمحرك للجوارح) وقد يكون المراد (علم اليقين). وقد يكون اشارة لمن لايعلم منهم، فتأمل.

[7] النمل: 14.

[8] الشعراء: 80.

[9] نهج الفصاحة: 69 ح 359 ط طهران.

[10] دعاء كميل.

[11] الكهف: 39.

[12] مستدرك الوسائل: 8/297 ب 39.