نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(كأنها رائحة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)) (19)

عدم التسرّع في الحكم

مسألة: يرجح عدم التسرع في الحكم على شيء قبل استظهاره، كما في قول الحسن (عليه السلام) ثم الحسين (عليه السلام): (كأنها رائحة جدي) وقول علي (عليه السلام): (كأنها رائحة أخي وابن عمي).

والجاهل غالباً يتسرع في إصدار أحكامه بشكل قطعي، كما نشاهد ذلك في كثير من العوام والأطفال، بينما العاقل لا يقطع ثبوتاً، ولا يتسرع في ذكره إثباتا، إلاّ بعد التأكد والتفحص والتثبُّت، وحتى بالنسبة إلى القطعيات العرفية، فإن كثيراً منها يشك فيها لدى التأمل، فيلزم على الإنسان أن لا يقطع بها فوراً، بمعنى أن تكون له حالة من التساؤل والتردد وطرح شتى الاحتمالات، ولذا ذكروا: إن أخطاء الحواس ـ من العين والأذن وغيرهما ـ تصل إلى ثمانمائة قسم، ومن قرأ علم الفلسفة والفيزياء وما أشبه، ظهر له كثرة أخطائه حتى في القطعيات.[1]

وهل كانت رائحة الرسول (صلى اله عليه وآله) رائحته الذاتية المنبعثة من جسده المبارك أم رائحه طيبة مكتسبة؟

احتمالان، فإن كانت تلك الرائحة رائحة طيبة مكتسبة دل هذا الكلام ـ ونحوه ما ورد في الروايات ـ على أنه (صلى الله عليه وآله) كان يستعمل عطراً خاصاً، دائماً أو غالباً حتى عرف به.

الإتيان باللقب

مسألة: قد سبق أنه يستحب الإتيان باللقب، كما في قوله (عليه السلام): (جدي رسول الله) وكذلك في قول علي (عليه السلام): (أخي).

بحث في مؤاخاته (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام)

ثم لا يخفى إن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) آخى بين أهل مكة رجإلاّ ونساءاً، الرجال للرجال والنساء للنساء، مرة، وآخى بين المهاجرين والأنصار ـ رجإلاّ ونساءاً كذلك ـ في المدينة المنورة مرة ثانية[2] وفي كلتا المرتين اتخذ علياً (عليه السلام) أخاً لنفسه دون غيره.

أما في مكة فهو واضح[3] وأما في المدينةـ مع أن فلسفة الإخاء فيها كانت تقتضي أن تكون بين المهاجرين ومثله من الأنصار ـ فلإفادة أنه (صلى الله عليه وآله) لا يمكن أن يكون له أخ في مستواه، كما أن علياً (عليه السلام) لا يمكن أن يكون له أخ في مستواه، وإنما هما نور واحد وأحدهما أخ الآخر، وإن كان الرسول (صلى الله عليه وآله) في المرتبة الأولى وعلي في المرتبة الثانية.

ولعل من أسباب هذا التآخي إفادة أنه (صلى الله عليه وآله) مع علي (عليه السلام) كموسى وهارون (عليهما السلام) اعتباراً، وإن لم يكن أخاه حقيقة، كما كان هارون (عليه السلام) أخاً لموسى (عليه السلام) حقيقة.

ويدل عليه حديث المنزلة المشهور بين الشيعة والسنة، حيث قال (صلى الله عليه وآله): (يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي)[4].

[1] حول الجوانب المختلفة لهذا المبحث راجع (الفقه: العقل) و(الأصول: مبحث القطع).

[2] حول هذا المبحث راجع (لأول مرة في تاريخ العالم) للإمام المؤلف.

[3] لوجود المقتضى وانتفاء المانع، وأما في المدينة فلربما يتوهم أن فلسفة الإخاء فيها كانت مانعاً من اتخاذه أخاً وسبباً ليتخذ أحد الأنصار أخاً، ولذلك تصدى الإمام المؤلف (قدس سره) للإجابة عن ذلك.

[4] بحار الأنوار: 487/ 32 ب 12 ح 420.