نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(تحت الكساء) (24)

حق السبق[1]

مسألة: يستحب استئذان المتأخر من المتقدم في الاستفادة ممّا يعد حقاً للسابق، ومن صغرياته ما ورد ههنا حيث استأذنوا (عليهم السلام) من الرسول (صلى الله عليه وآله) في الدخول معه تحت الكساء.

وحق السبق قد تجب مراعاته وقد تستحب كل في موضعه.

فإذا تحقق الحق عرفاً، وجب المراعاة، لما في جملة من الروايات من أنه: (لا يبطل حق مسلم)[2] مثل حق التحجير وحق المسجد والمدرسة والسوق وما أشبه، مما ذكر في كتاب إحياء الموات[3].

وإلاّ[4] كان من الأفضل المراعاة، لأنه من الأدب والأخلاق، فيشمله دليلهما مثل حق الكلام وحق السؤال عن العالم وحق السوم وما أشبه ذلك.

ولو شك إنه من الحق الواجب أو المستحب، كان الأصل عدم الوجوب، لأنهما شريكان في الرجحان، فالزائد يحتاج إلى البراءة.

ولو لم يعلم أيهما السابق فالمحكَّم القرعة، لأنها لكل أمر مشكل.

نعم في الأمور المالية يجب الرجوع إلى قاعدة العدل المستفادة من مستفيض الروايات، على ما ذكره (الجواهر) وفي كتاب الخمس، كذلك ذكرناه في موارد متعددة من (الفقه) وخصوصاً في كتاب (القواعد الفقهيه).

ولا يخفى أنه في بعض الموارد، لا تجري القرعة ولا قاعدة الماليات، وإنما تجري قاعدة ثانوية، كما إذا لم يعلم الوالي أيهما قتل والده، حيث لا يجوز له قتلهما ولا قتل أحدهما على سبيل البدل لأن الحدود تدراً بالشبهات.

وكما إذا لم يعلم الزوج أيتهما زوجته، أو زوجها، لم يجز له ولها الإقتراع، ولا تجري قاعدة العدل بالتقسيم بينهما، إلى غير ذلك من الموارد التي ذكرت في الفقه.

لا يقال: التحاكم إلى القرعة تحكيم لغير العاقل على العاقل، أو ليس ذلك من عمل العاقل؟.

لأنه يقال: بل هو تحكيم للعقلاء، فإن العقلاء جعلوا القرعة حاكماً، عند التحيّر ـ في مواردها ـ.

لا يقال: يعود المحذور إذ العقلاء حكموا غير العاقل؟.

لأنه يقال: حيث لم يجد العقلاء أفضل من هذا الطريق لحل المنازعات، منحوه الاعتبار، فهو من ترجيح الراجح على المرجوح[5]. وعلى أي حال فحيث كان الحق خاصاً بالرسول (صلى الله عليه وآله) لم يستأذن ثالثهم (عليهم السلام) منهما بل من الرسول (صلى الله عليه وآله) وحده وهكذا بالنسبة إلى رابعهم وخامسهم (صلوات الله عليهم أجمعين).

[1] راجع لهذا الفصل (الفقه: القواعد الفقهية).

[2] بحار الأنوار: 104/397 ب 3 ح 44. رواه عن الاختصاص ص 455.

[3] موسوعة (الفقه): ح 80 كتاب إحياء الموات.

[4] بأن لم يكن حقاً عرفاً بحيث يتحقق معه موضوع الروايات، وإن أطلق عليه الحق لغة كحق الأسبق في السؤال وشبهه.

[5] إضافة إلى ما ورد من أن الله تعالى يجعل الرشد أو الخير في الاقتراع، وإن بدى في بادي النظر غير ذلك، فكثيراً ما يكون الخير عكس ما يتصوره الإنسان خيراً (ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبه الأمور) [دعاء الافتتاح] ((عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)) [البقرة: 216] وأما ((فساهم فكان من المدحضين)) [الصافات: 141] فلقد كان ذلك خيراً ليونس ((عليه السلام)) امتحاناً وترفيعاً للمكانة وللدرجات ولغير ذلك: كالاعتبار مثلاً.