نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(ويا صاحب حوضي) (26)

إظهار العطف للسبط

مسألة: يستحب إظهار الجد: عطفه ومحبته وعنايته بأسباطه، كما قال النبي ((صلى الله عليه وآله وسلم): (يا ولدي ويا صاحب حوضي).

بحث عن حوض الكوثر

ولا يخفى أنه لا منافاة بين أن يكون الحوض للرسول (صلى الله عليه وآله) في المحشر، وبين أن يكون علي (عليه السلام) هو الساقي وبين أن يكون الحسن (عليه السلام) صاحبه، إذ قد تكون للشيء الواحد إضافات ونسب متعددة، وقد تختلف الأحكام بالاعتبارات المختلفة، فالله سبحانه وتعالى منح الحوض للرسول (صلى الله عليه وآله) وجعل الساقي العام عليه علياً (عليه الصلاة والسلام) وجعل الحسن (عليه السلام) صاحبه بمعنى: لاختصاصه به بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) طولياً، كما أن العبد مملوك لسيده في طول ملكية الله تعالى له.

كما أن الظاهر إنهم جميعاً (عليهم الصلاة والسلام) يسقون الناس من ذلك الحوض.

لا يقال: لما خص الحوض بالذكر في الأحاديث الشريفة ـ عادة ـ مع أن الإنسان بحاجة إلى الطعام أيضاً في يوم القيامة، إذ أنه خمسون ألف سنة؟

لأنه يقال: إن حاجة الإنسان إلى الماء أشد ـ يومئذ ـ منه إلى الطعام، وذلك نظراً إلى العطش الشديد الذي يستولي على الناس من الحر وغيره، ولذلك تركزت العناية على ذكره.

ولقد ورد في بعض الأحاديث: إن أرض المحشر تتحول ـ بإذن الله ـ إلى شيء من المأكول كالخبز يأكل منه الناس، كما أنه لا يستبعد أن يكون هناك مختلف أنواع الفواكه والمآكل والمشارب تحت ظل العرش للمؤمنين. وكذلك من المحتمل أن يكون هناك الزواج أيضاً لوضوح أن الإنسان يحتاج حسب طبيعته إلى الزوج والزوجة طيلة خمسين ألف سنة، ويؤيده ما ورد من وجود الحور العين في القبر وفي الجنة، فتأمل.

وربما يقال: إن القبر إذا كان كذلك، فالمحشر يكون بطريق أولى، وإن كانت هذه تقريبات لا يمكن القول بها، إلاّ بعد ورود الدليل بالنسبة إلى الزواج.

وكذلك لم ترد الإشارة إلى كثير من شؤون الإنسان في المحشر، وربما تكون قد ذكرت في الروايات ولم تصل إلينا[1].

توقير الطفل وذكر فضائله

مسألة: يستحب احترام الطفل وتوقيره وذكر فضائله، لطريقته ومقدميته، وقال تعالى: ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ))[2].

إن إعطاء الشخصية للطفل يوجد حالة معنوية في نفسه تنتهي بالنتيجة ـ في كثير من الأحيان ـ إلى تكوين شخصية أكثر تكاملية للطفل، كما ثبت ذلك في علم النفس، فإن ذكر فضائل الطفل يكرسها في نفسه، كما أن الإيحاء والإغراء له مقام في نفس المغرى ـ بالفتح ـ سواء كان الإغراء بالباطل أم بالحق، بالحرام أم بالحلال، بالكبر أم بالدناءة، وإن كان في طرف الفضائل أشد تأثيراً، لأن الإغراء بالفضائل فطري أيضاً، فتساعد الفضيلة الفطرة، وليس كذلك في جانب الرذائل إذ الرذائل ليست فطرية.

وما نجد في بعض الآيات من ذم الإنسان مثل قوله سبحانه: ((إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً))[3] وقوله سبحانه: ((إِنَّ الإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً))[4] وما أشبه ذلك فالظاهر إنها بالأمور العارضة[5]، وإنما الأصل قوله سبحانه: ((ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ))[6] وقوله سبحانه: ((فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها))[7] وقوله سبحانه: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ))[8] وما أشبه ذلك.

... والكبير أيضاً

وهذا ليس خاصاً بالطفل وإنما الكبير كذلك مع اختلافهما في أن الطفل أكثر تأثيراً بالإيحاء والإغراء، بينما الكبير ليس كذلك ولهذا قال الشاعر:

(إن الغصون إذا قوّمتها اعتدلت***وليس ينفعك التقويم للحطب)

مع إنا نرى إن كثيراً من الكبار، أيضاً يرضخون للحق أو للباطل، إذا حُرِّضوا عليهما أو أُغروا بهما، ولذا نجد كثيراً من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) دخلوا الإسلام طوعاً، مع أنهم كانوا في مرحلة الكهولة أو بعدها، وهكذا العكس في بعض الموارد الأخرى.

فالاحترام والإهانة والتربية والتعلم والتشجيع وما أشبه ذلك ـ مما يرد إلى النفس من الخارج ـ كلها مؤثرة في النفس، من غير فرق بين أن يكون كل ذلك عن طريق السمع أو البصر أو اللمس أو ما أشبه ذلك بل وحتى الفكر، ولذا كان اللازم التفكير بالخير دون الشر.

ولذا ورد: (تفكّر ساعة خير من عبادة سنة)[9] أو ستين سنة أو سبعين سنة [10].

وقال الله سبحانه وتعالى قبل ذلك: ((قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا))[11] فإن كان الإنسان بمفرده وتمكن من التفكر السليم فليتفكر هو بنفسه وإلاّ فليكونوا اثنين أو أكثر ويتفكروا، وقوله سبحانه: ((أَنْ تَقُومُوا للهِ مَثْنى وَفُرادى))[12] الظاهر فيه: إن مثنى من باب المثال، إذ لا خصوصية للعدد، فمن الممكن أن يكونوا ثلاثة وأربعة وخمسة وأكثر.

ذكر فضائل المعصومين (عليهم السلام)

مسألة: يستحب بيان فضائل الإمام الحسن (عليه السلام) كما يستحب ذكر فضائل أهل البيت (عليهم السلام) بصورة عامة، للروايات المتكاثرة، وقد جاء في الحديث: (أحيوا أمرنا، إن من أحيى أمرنا، لا يموت قلبه يوم تموت فيه القلوب، رحم الله من أحيا أمرنا)، إضافة إلى ما لذكر فضائلهم (عليهم السلام) من التأثير الإيجابي التربوي على الناس.

[1] حول هذه المباحث راجع (كفاية الموحدين) وكتاب (حق اليقين).

[2] الضحى: 11، واطلاقه يشمل النعمة للشخص ولغيره.

[3] الأحزاب: 72.

[4] المعارج: 19.

[5] ومقام الفعل وضمن دائرة الإدارة كما سبق فليراجع.

[6] تبارك: 3.

[7] الروم:30.

[8] الإسراء: 70.

[9] مستدرك الوسائل: 2/105 ب 17 ح 21.

[10] كنوز الحقائق للمناوي في هامش الجامع الصغير: 1/107 وفيه: (تفكر ساعة خير من عبادة سبعين سنة) وروى الطريحي في مجمع البحرين في لفظ (فكر) تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة).

[11] سبأ: 46.

[12] سبأ: 46.