نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(قد أذنت لك) (27)

الاستجابة للطفل ولغير المسلم

مسألة: يستحب الإجابة للطفل وقضاء حاجته.

فإنه يستحب ـ كما سبق ـ إجابة المؤمن، كبيراً كان أم صغيراً، رجلاً أم امرأة، بل قد ألمعنا في بعض المباحث السابقة، إلى أن هذا جار في غير المسلم أيضاً، وحتى في المحارب ـ إلاّ ما خرج بالدليل ـ كما سمح علي (عليه السلام) لأهل صفين أن يأخذوا حاجتهم من ماء الفرات، وأمر الحسين (عليه السلام) أصحابه بسقي الذين جاءوا لقتاله وقتلوه أخيراً.

ولا فرق بين أن تكون الحاجة معنوية أو مادية، فقد يسأل عن مسألة شرعية أو عقلية أوعرفية أو عادية أو غيرها، وقد يطلب حاجة، مثل أن يطلب ماءً أو خبزاً أو غير ذلك، فإن هذه الموارد تندرج في الأدلة العامة.

نعم إذا كانت الحاجة أو الإجابة محرمة لم يجز، لأن الإقتضائي مقدم على اللاإقتضائي، كما ذكره الفقهاء.

أما إذا كانت مستحبة أو واجبة أو مباحة، جاز بالمعنى الأعم، حيث إن قضاء الحاجة الواجبة واجب والمستحبة مستحب[1] والمباحة مستحب أيضاً باعتبار إنه قضاء الحاجة.

ولو طلب حاجة لا نعلم إنه من أيهما فإن أمكن حمل الفعل على الصحة جاز، بل استحب وإلاّ لم يجز.

نعم إذا دار الأمر بين الواجب والحرام، ولم يمكن الفحص أو فحص ولم يعرف الواقع، ولم يكن هناك ما يشخص الموضوع، ولو بإحدى الأصول، كان من موارد التخيير.

وفي المورد المشكوك، إنما يكون حراماً في ما يجب فيه الإحتياط مثل: الدماء والفروج والأموال الكثيرة، وأما إذا جرى أصل الحيلة كان جائزاً[2].

رجحان الـتأكيد

مسألة: التأكيد يرجح في مقام الإجابة على السؤال، ويتأكد في المسائل الهامة، كما قال النبي (صلى الله عليه وآله) للحسنين (عليهما السلام): (قد أذنت لك) بل يرجح مطلق التأكيد إذا كان فيه الفائدة.

فإنه لم تكن حاجة إلى أن يقول (صلى الله عليه وآله):) (قد) و (لك)

إذ (أذنت) معناها الإذن له، لكنه تأكيد ونوع احترام للطرف، مثل قوله سبحانه: ((رحمة منه))[3] إذ من الواضح أن الرحمة منه قطعاً كما في الآية الكريمة، وكذلك في الدعاء حينما نقول: (اللهم اهدني من عندك)[4]، إذ لا حاجة إلى (من عندك) وكذلك: (وأفض علي من فضلك وانشر علي من رحمتك)[5].

وهكذا في قوله سبحانه: ((وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ))[6] وهذا كثير، ومن المعلوم إنه في المورد الحسن يكون احتراماً، كما انه في المورد السيئ يسبب مزيداً من الإهانة، كما إذا خاطب مدمناً للخمر: أنت الخمّار، أو ما أشبه ذلك، وهذا باب من أبواب البلاغة.

ومن المعلوم إن التأكيد لا ينحصر في هاتين الفائدتين فقط، بل له فوائد كثيرة لا مجال لذكرها.

[1] لجهتين: كونه مقدمة لمستحب وانطباق عنوان قضاء الحاجة عليه.

[2] حول هذا المبحث راجع (الأصول: مبحث الأصول العملية).

[3] النساء: 175.

[4] بحار الأنوار: 86/20 ب 38 ح 18.

[5] بحار الأنوار: 86/20ب38ح 18.

[6] المجادلة: 22.